الأحد، سبتمبر 30

صور رمضانية من عاصمة >الزلابية< العربية


صور رمضانية من عاصمة >الزلابية< العربية

صورة أولى: لا أريد الحديث هذه المرة عن أحوال المثقفين والمتثاقفين والديناصورات التي ترفض الانقراض·· ببساطة·· اشتهيت - ورمضان الفضيل يعبق في كل الزوايا - أن أنقل صورة مصغرة عن هذا المجتمع المذبوح بالجوع والخوف والضياع·· إذ ترفض صورة تلك الطفلة الجميلة مغادرة خواطري·· كانت تفترش الحر نهارا والبرد والخوف ليلا·· تتوسد ذراع أمها الواهنة·· تقرأ أشكال المارة، ولا أحد يقرأ عيونها التي كانت ترسم ألف حاجة وحاجة··، > الحديقة< المجاورة للبريد المركزي بالعاصمة تحتضن أمثال تلك الطفلة وغيرها ممن ضيعتهم الأرصفة في انتظار وعود حكومة متهمة بانتاج الفشل··، أليس من العار أن يوجد في جزائر >العزة والكرامة< جياع وعراة لا يملكون حتى ثمن رغيف خبز في الوقت الذي تبذر فيه ملايير المقهورين على سنة أخرى من التهريج واستعراض العضلات الناعمة وقدراتها القتالية؟ ··
صورة ثانية: للجزائريين ثقافة خاصة في الأكل··، ولعل الزلابية أصبحت عبر سنوات خلت ثقافة جزائرية خاصة وخالصة·· لا أعرف حقيقة أصل هذه الحلوى المدهشة، رغم قول البعض إنها كانت تسمى زريابية نسبة إلى الموسيقار العربي زرياب الذي اختلف مع معلمه إسحاق الموصلي، فرحل زرياب للإقامة في بلدان المغرب العربي وتونس تحديدا كما يقال·· وهناك عمل على نشر هذه الحلوى العظيمة·· المهم أنا أؤمن في أعماقي أن الزلابية اختصاص جزائري، بل اختراع جزائري مهم جدا·· لأنها تحضى باحترام كبير وتوضع في الزوايا المهمة من الموائد الرمضانية، كم تمنيت أن يحترم الجزائريون الكتاب كما يحترمون الدكتورة زلابية ويتدافعون لشراء الكتاب كما يتدافعون لاختطاف الآنسة زلابية ··
صورة أخرى: دخلت إحدى المكتبات بالعاصمة·· كانت خالية إلا من كتبها وصاحبها الذي تفاجأ بزيارتي·· فقد علمت منه أن زائري المكتبة منذ بداية الشهر الكريم يعد على الأصابع·· أصابع القدم لأن العدد لا يستحق الذكر·· سألته: هل ستبقى المكتبة فاتحة أبوابها طيلة شهر رمضان·· فأجابني بسؤال:>ألا تعتقد أن بائع الزلابية وقلب اللوز أحسن حالا مني<·· سألته في نفسي·· هل أدركت ذلك الآن فقط؟ !··
صورة أخيرة: أحسن حل هو المحافظة على هذا الموروث الثقافي اللذيذ حتى لا ضيع هو الآخر ··

ليست هناك تعليقات: