الأربعاء، أبريل 17

الاخبار العاجلة لاعلان الشخصيات السياسية الجزائرية مقاطعة مراسيم جنائز مقبرة العالية خوفا من قبور فقراء الشعب الجزائري والاسباب مجهولة

الاخبار العاجلة لاعلان الشخصيات السياسية الجزائرية مقاطعة مراسيم جنائز مقبرة العالية خوفا من قبور فقراء الشعب الجزائري والاسباب مجهولة

''الخبر'' تزور بيت الرجل الذي سار على نهج ابن باديس وأغفله التاريخ
محمد شونان ساهم في تأسيس جمعية العلماء المسلمين


 
مواقفه السياسية وآراؤه زجّت به في السجن
تحاول ''الخبر''، في ذكرى وفاة العلامة ابن باديس ويوم العلم، أن تنفض الغبار عن تلامذته وخلفه الصالح، على غرار الشيخ محمد شونان، أحد أبرز أعضاء جمعية العلماء المسلمين، إن لم نقل واحدا من مؤسسيها، والذي رافق ابن باديس وسار على نهجه وكان شاهدا على محاولة اغتياله. زارت ''الخبر'' عائلته وابنه الأكبر فرحات عباس في بيته، فقدّم ما يعرفه من معلومات ومخطوطات وصور خص بها ''الخبر'' وكانت هذه الشهادات حوله.
 من النادر جدا أن تجتمع ثلاثية ''العلم والسياسة والكفاح المسلح'' في شخص واحد، وقليلون الذين نجحوا في التوفيق بين هذه الأمور الثلاثة، لأنها تحتاج إلى جهد كبير وقوّة خارقة وكفاح طويل وتجربة دؤوبة. وهذه الفئة من النّاس تعيش لمجتمعاتها وشعوبها وللإنسانية جمعاء، ولهذا تجتهد أممها وشعوبها في تكريمها وتمجيدها، والعار حين تجد شخصا بهذه المواصفات في الجزائر، لم ينل حظه من التكريم أو على الأقل من البحث في حياته ومؤلفاته ومواقفه وأعماله، رغم ما قدمه من أعمال ومواقف، بل هو الجزائري الوحيد الذي أطلق على أبنائه وأحفاده أسماء الزعماء الكبار من عباس فرحات إلى جمال الدين الأفغاني إلى غاندي ومصالي الحاج، لكن اسمه مازال مغمورا ولا يعرف عنه حتى أبناء بلدته وولايته، إلا الاسم الذي يتردد في بعض المناسبات القليلة النادرة.
عايش ابن باديس وشهد على محاولة اغتياله
يبقى اسم العالم المجاهد والسياسي، محمد شونان، مغمورا إن لم نقل مجهولا لدى الجزائريين عامة، وحتى الكثير من أبناء ولاية الجلفة التي ولد بها في بلدية حاسي بحبح سنة 1900، رغم أنه واحد من مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الذين كانوا في اتصال دائم مع الشيخ عبد الحميد بن باديس منذ سنة 1922،  وكانوا يفكرون في تأسيس صرح يضم الجزائريين. وكان حاضرا وشاهد عيان على محاولة اغتيال ابن باديس بطعنة خنجر جاءت من أحد عملاء المحتل بمسجد في ''فيالار''، تيسمسيلت حاليا، وقت صلاة الفجر، وكان وقتها شابا في العشرينيات، حيث تنبّه في اللحظة الأخيرة للعميل وهبّ يجري وراءه للقبض عليه. وبعد التعرف على الجاني، طلب الشيخ محمد شونان من ابن باديس رفع شكوى ضده، لكن ابن باديس رفض وقال له: ''نتركه لله''. نزل محمد شونان، منذ تلك الواقعة، منزلة خاصة عند الشيخ ابن باديس، فكانا يتبادلان الأفكار من خلال الرسائل والمقالات التي نشرتها له جريدتا البصائر والشهاب، وزاره الشيخ ابن باديس بالجلفة سنة 1927،  من أجل التحضير والإعداد لتأسيس الجمعية وكيفية العمل فيها، إدراكا منه لقيمة الشيخ محمد شونان وما يحمله من علم زاخر ورؤية نافذة وشجاعة كبيرة، فهو الذي حفظ القرآن في مسقط رأسه بحاسي بحبح، ثم درس الفقه وأصول الشريعة بزاوية ''سي المختار'' بقصر الشلالة، ثم التحق بجامعة القرويين بالمغرب الأقصى، ليواصل تحصيل العلم، حيث التقى بالأمير ''خالد '' حفيد الأمير عبد القادر ونسّق معه في المقاومة، ولم يتوقف نشاطه في التأسيس بل عيّنته الجمعية رئيسا لشعبتها بولاية الجلفة.
نشاطه المكثف عرّضه للسجن مرات
سار محمد شونان على نهج ابن باديس، فأسس ''مدرسة الإخلاص'' وقام ببنائها وتوسعتها وجلب المعلمين لها، وكان يعبّر عن أفكاره بصراحة ووضوح أمام المحتل، ما جرّه إلى المراقبة والمتابعة والتضييق على نشاطه في المدرسة التي ظل يناضل من أجل استمرار عملها طيلة سنوات الثلاثينيات. عمل شونان في الجانب السياسي مع حزب نجم شمال إفريقيا، ثم مناضلا نشيطا مع حزب الشعب الجزائري، بعد لقاءات عديدة مع الزعيم مصالي الحاج، ليلتحق بحركة انتصار الحريات الديمقراطية، وكانت له لقاءات ومراسلات مع فرحات عباس، كما كان بالجلفة رئيسا لشباب المؤتمر الإسلامي سنة 1936 ورئيسا للجنة الدفاع عن بيان مظالم الاستعمار الفرنسي في نفس السنة ورئيسا للنادي الإسلامي سنة 1937 ورئيسا لحزب الشعب وحركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1944،  ما عرضه للسجن عدة مرات. يقول في هذا الإطار ''سجنت في قصر الشلالة والجلفة وتيسمسيلت والمنيعة وبشار وأدرار''، مثلما سجنه الخائن ''بلونيس'' عدة مرات، ولعل في بعضها كان سجنا وبعضها كان نفيا أو إقامة جبرية وإبعادا.   يعتبر الشيخ محمد شونان أول من قام بمظاهرة بالجلفة، لمساندة مظاهرات 08 ماي 1945،  ما جعل السلطات الفرنسية تلقي عليه القبض وتنفيه إلى ولاية ''أدرار''، لكن في ولاية أدرار اتصل بزاويتها هناك، وواصل دراسته وتدريسه ونضاله السياسي مدة عام كامل. كما كان أول من قام بتلبية النداء بمجرد أن اندلعت الثورة، حيث عُيّن مسؤولا في لجنة التنسيق والتنفيذ بالولاية السادسة مع أحمد فخار. ويروي عنه كل من عرفوه بأنه يتمتع بالشجاعتين الأدبية والبدنية، وكان لا يبالي حين يلقى عليه القبض ويسجن ويعذب، ليبعد مع السنوات الأخيرة في الثورة إلى المغرب، وهناك واصل كفاحه وعمله السياسي والحربي.
اعتزل الحياة السياسية بعد الاستقلال بسبب مواقفه
كان حلم الشيخ محمد بعد الاستقلال، أن يسود القانون، فكان يردد قولته الشهيرة التي حفظها عنه أبناء جيله: ''إن الاستقلال لا يعني استبدال (علي) بـ(موريس)، ولا يحق لأي مواطن جزائري أن يستغل جزائريا مثله، ولا أن يسجنه ولا أن يضربه، إنما الحكم للقانون فهو فوق كل اعتبار''. لكن دوام الحال من المحال، فقد جنت عليه هذه المقولة كثيرا، إلى جانب مقولة شهيرة ردّدها دائما لأنه اختار لأبنائه وأحفاده أسماء الزعماء ورواد النهضة، منهم جمال الدين الأفغاني وفرحات عباس أو مصالي الحاج، واختار لآخر مولود له اسم الزعيم الهندي ''غاندي''، فكان يردد دائما: ''ها أنذا سمّيت حفيدي مصالي الحاج في ظرف حرج، يعزّ على أنصاره أن يتفوهوا حتى باسمه، فمن منكم يسمي ابنه عباسا ولا يخشى لومة لائم؟''. ولعل تلك الشجاعة سببت له السجن بعد الاستقلال، بعد أن عرضت عليه المناصب ورفضها، وفضّل العمل في مقاولة بناء، لكنه لم يبن لنفسه بيتا، كما قال عنه الدكتور ''سالم علوي'' أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر، وظل مقيما بين أولاده، خاصة الأكبر ''فرحات عباس''، إلى أن وافته المنية فجأة في 16 جويلية من سنة 1993، تاركا بعض الكتابات في الحديث والسيرة النبوية والتفسير، والتي ما تزال مغمورة كاسم صاحبها الذي رغم ما قدمه من جليل الأعمال، يكاد ذكره يطوى وينسى، كما طوي ذكر الكثير من الجزائريين والجزائريات، ممن قدموا مثله أو أفضل منه، وهو الأمر الذي يحزّ في نفوس أبنائه
 
البرلمانية وربطة العنق!


 
كنت جالسة في مكتبي، منكبة على دراسة مجموعة من الملفات، فإذا بالكاتبة تطرق الباب لتضع بين يدي مغلفا جميلا، تقول إنه هدية من صاحب إحدى الشركات بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال، فأشرت عليها بفتحه، فإذا بالهدية ربطتي عنق رجالية، فاستغربنا أنا والكاتبة وتساءلنا ما القصة؟ وما هي إلا أيام قليلة حتى علمت أن الزميلات من النواب قد تلقين نفس الهدية مع زملائهن من الرجال، وعندها احترت مرتين، الأولى منهما تتعلق بالسبب الذي جعل صاحب الشركة غافلا أو متغافلا عن وجود عدد بقدر مائة وستة وأربعين نائب امرأة في المجلس، حيث لا يفرق بين الهدية الرجالية والنسائية، لاسيما أنه رجل أعمال من المفترض أن يكون مستوعبا لما يحدث في الدولة ومؤسساتها من تحوّلات، والثانية ترتبط بكون ربطة العنق رمزا ذكوريا بحتا، في حين أن المرأة النائب حريصة على أن تجعل من مسألة إدراج وإدماج منظور المرأة ضمن الرؤية السياسية للكثير من القضايا أحد أهم أسباب تواجدها في المؤسسات ذات العلاقة بعملية صنع القرار، وإذا بالبعض من الرجال يغفل عن أهمية تواجدها أصلا في مجالات العمل السياسي، إلى الدرجة التي لا يجد بأسا من تسليمها ربطة عنق كهدية بعد خمسين سنة من تحرّرهما، كرجال ونساء! مضافا إلى ذلك اهتمام بالبحث في موقف النساء اللواتي لم يعتبرن توجيه هذا النوع من الهدية تجاوزا لكيانهن الفكري والمعنوي، وطبيعتهن الأنثوية المركبة بكل أبعادها!
وفي ظل التأمل في موضوع الرمزية هذه، تذكّرت ذلك التساؤل الذي كان يشغلني كلما مرّت عليّ عبارة ''المرأة الحديدية''، ذلك اللقب الذي أطلق على الراحلة    ''مارغريت تاتشر''، والمتمثل في حديدية بالنسبة إلى من؟ هل بالنسبة إلى معايير الرجولة للامتياز على مستوى الأداء السياسي؟ ألا تملك المرأة معاييرها الخاصة للنجاح، حتى تضطر للالتزام الحرفي بالمعايير الذكورية؟ وتكرّرت هذه الأسئلة مرة أخرى، عندما عرضت وزيرة الخارجية السابقة، ميشال آليو ماري، المساعدة الأمنية على الرئيس التونسي السابق، هل كانت ضحية لتلك المعايير المكتسبة والمفروضة وهي التي كانت من قبل وزيرة للداخلية وللدفاع، الأمر الذي جعلها تحاكي الرجل ليس فقط في المتطلبات المهنية المشتركة، ولكن من حيث طبيعته كرجل، والتي كان من المفترض أن تثـريها من حيث طبيعتها كامرأة، فالجيش وما يرافقه من معاني القوة والنفوذ والطاعة والانتظام من اختراع الرجل، وآلة الحرب من البندقية إلى الصاروخ من صنع الرجل، واتخاذ قرار الحرب بيد الرجل، بينما تنحى المرأة بطبيعتها منذ بلقيس نحو السلم ضد الحرب. كما نجد النساء تشكلن غالبية أعضاء أحزاب الخضر، وليس اعتباطا تأكيد السيد الرئيس في خطابه الشهير (أفريل 2011) على أنه (لولا المرأة، لما بقي هذا المجتمع واقفا خلال العشرية السوداء)، وهي مقولة نتاج لرؤية فلسفية ومعرفية عميقة، ذات علاقة بطبيعة المرأة التي لا تتحمّل بموجبها الصراع والصدام بين أبنائها في حالة الحرب الأهلية، في حين تضحي بهم جميعا وتحثهم على ذلك إذا تعلق الأمر بالعدو الخارجي.
إن صفة القوة، بمفهومها التقليدي، خاصية مفروضة، بحكم العرف، على أي امرأة تكون على علاقة بدوائر صنع القرار، بينما المفترض أن تواجد المرأة في تلك الدوائر يقوم ابتداء على قاعدة مشتركة من المؤهلات بينها وبين الرجل، وهي تمثل منطقة تقاطع مشتركة ومتداخلة بينهما، مضافا إليها خاصية أساسية غاية في  الأهمية، وتتمثل في القيم الأنثوية الإيجابية التي تمثل مصدر إثـراء كبير للرؤية السياسية في مجالاتها التشريعية والتنفيذية... إلخ. فتواجد المرأة في المؤسسة التشريعية والتنفيذية، من حيث طبيعتها كامرأة، يعني أنها مختلفة، ولأنها مختلفة، ينبغي أن تكون متواجدة في كل موقع، من منطلق المساواة في المواطنة ابتداء، وكي تكون الرؤية المشتركة بين الرجل والمرأة أكثـر توازنا ونضجا وتناغما وإثـراء متبادلا بحكم الطبيعيتين المختلفتين لكليهما، وما يمكن أن يحققه تمازج خصائصهما الأنثوية والذكورية في مجال اتخاذ القرار الذي يكون في هذه الحالة لصالح المرأة والرجل والمجتمع والدولة.
من منطلق هذه الرؤية المعرفية، يمكن القول إن المؤسسات الذكورية البحتة هي مؤسسات ناقصة تسود فيها رؤية أحادية للنوع البشري، بينما يقوم مبدأ الخلق والكون على مبدأ الزوجية (وخلقنا من كل شيء زوجين) الذي وحده يحقق التناغم، فالعملية على المستوى الإنساني يمكن تشبيهها بالتوازن البيئي أو الإيكولوجي، فالمرأة أكثـر تعلقا بالأرض، وأكثـر اقترابا من البيئة، والأكثـر تردّدا حسبما أثبتته الدراسات في التعامل مع الرشوة والفساد، على اعتبار أن الجرأة المفعمة بروح الاقتحام والاستيلاء، كما يؤكد علماء النفس، عوامل مساعدة لدى من يملكون هذا النوع من الاستعداد لدى الرجال. وربما لهذا السبب سعى المستشار الألماني، هلموت كول، إلى منح حقيبة وزارة البيئة إلى فتاته أنجيلا ميركل، كما كان يحلو له أن يناديها، تفعيلا لطبيعتها تجاه كل مقوّمات الرعاية، استعدادا لأمر آخر كان يراه ويدركه جيّدا في هذه السيدة التي انتقلت بعد ذلك من رعاية البيئة إلى رعاية الشعب! الأمر الذي يؤكد بأن أي غياب للمرأة عن دوائر القرار يعدّ إفقارا للإنسانية، من منطلق أن للمرأة أسلوبا ورؤية وطريقة معالجة مختصة بالنساء تجاه كل مسألة.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو ضروريا تحقيق توازن بين أعداد النساء والرجال في كافة المؤسسات الهامة في الدولة عند توافر الكفاءة، توافقا مع الرؤية الفلسفية والمعرفية الرشيدة للدولة، فإشراكهن يعكس استشعارا استراتيجيا للافتقار إلى تواجدهن من حيث الكفاءة والطبيعة أيضا، بعيدا عن ربطة العنق التي تحول دون تأنيث أو بالأحرى أنسنة المكان والفكرة والقرار!
على لسان ابنه قاسم بإقامته في سيدي فرج.. “الجزائر نيوز” تروي الـ 24 ساعة الأخيرة لعلي كافي PDF طباعة إرسال إلى صديق
الثلاثاء, 16 أبريل 2013 22:04
-علي كافي كان يكتب مذكراته من 62 إلى اليوم فتركها ورحل
حول رمزية هذه التواريخ تجاذبنا أطراف الحديث، أمس، مع قاسم كافي، نجل المرحوم علي كافي، ببيت والده بإقامة الدولة في زرالدة، بعدما قدمنا له العزاء. وقال قاسم لـ”الجزائر نيوز” إن “علي كافي كان يقدس العلم بشكل مثير للانتباه ويحترم العلماء ويبجلهم كثيرا، حتى أنه عمل بهذا المنهج المقدس للعلم أيام وجوده على رأس المجلس الأعلى للدولة”. ويذكر قاسم الذي كان يجلس على الأريكة التي جلس عليها والده أول أمس سليما معافى، يتفرج على مقابلة ريال مدريد وأتليتيكو بيلباو الخاصة بالبطولة الإسبانية. يذكر أن والده قام بإنشاء لجنة من العلماء الجزائريين تتكون من عصارة المادة الرمادية الجزائرية سنة 93، لتكليفها بصياغة تصور تنموي للجزائر آنذاك في كل المجالات. وحسب قاسم كافي، فإن والده كان يحترم كثيرا العلماء والمختصين كل في مجاله، إذ كان لا يستغني على أهل الاختصاص والعلم في منهجيته واستراتيجيته في إدارة شؤون ما كان يُشرف عليه. وبمجرد أن ذكّرنا قاسم أن والده رحل في ذكرى إحياء يوم العلم التي تخلد ذكرى رحيل العلامة بن باديس، حتى انتبه الرجل مبطنا سرّة لوالده، لكنه أعقبها بأن طأطأ رأسه ذارفا الدموع لدقائق.
لعلي كافي ثلاثة أولاد.. قاسم وهشام وحسام. يقول أكبرهم إن علي كافي رفض أن يدخل إلى مدارس فرنسا وأبدى مقاومة شديدة لوالده تجاه هذا الأمر، كونه أراد أن ينهل من الثقافة الجزائرية على يد جزائريين، “ومن كثرة تقديره للعلم، كان ألزمنا بدخول المدارس العربية والأجنبية لنتعلم، بعد أن أدرك أن العالم الجديد والمتحول الذي لم يحيا فيه لما كان صغيرا، يلزمه أن يدفع بأولاده إلى التعلم بكل أنواع المدارس لمواجهة الحياة الحديثة.. بينما كان يكلمنا قاسم عن والده لم يتوقف هاتفه عن الرنين لدقيقة واحدة، بينما نحن نكلمه. كان يتلقى سيلا من المكالمات على هاتفه الشخصي، ولم يكن هاتف البيت يرن طيلة المدة التي مكثنا فيها ببيت الرئيس الراحل بإقامة الدولة بزرالدة. وكان يبدو أن قاسم بمفرده في البيت، إذ غادرت الأسرة لتلتحـــق بالوالد أول أمس بسويسرا التي حُوّل إليها على جناح السرعة من مســتشفى عين النعجة الجــامعي.. لقد أصيب الراحل بتمدد ثم تمزق في الأوعية الدموية ( rupture d’anévrisme ). تقول إحصائيات فرنسية أنه يوجد بين 5 و6 آلاف حالة إصابة بهذه الحالة سنويا بفرنسا، وكثيرا ما تكون الإصابات بها قاتلة، ومن أهم أعراضها أن تكون فجائية ولا تدع كثيرا من الوقت لصحابها كي يقاومها.
يروي لنا قاسم كيف عاش مع والده الـ 24 ساعة الأخيرة.. لقد كان والده أول أمس في حالة عادية، بل استمتعا معا بمقابلة في البطولة الإسبانية التي كان يحبها والده، إذ كانت المواجهة بين الفريق الملكي ريال مدريد وأتلتيكو بيلباو.. يضيف قاسم أن علي كافي كان يعلق بحماسة على بعض التدخلات واللقطات الحاسمة، خاصة تلك التي يكون وراءها اللاعب البرتغالي رونالدو، وينزعج من التدخلات غير الموفقة لحكم المباراة، وانتهت الليلة “على كل خير”، يردف قاسم..”في الصبح نادتني والدتي تطلب مني إعانتها على مساعدة الوالد على النهوض من فراشه، لأنه لم يكن يقوى على ذلك، إذ نزل ضغط دمه بشدة وبرد جسمه بشكل غير عادي، فما كان أمامي سوى أن طلبت له الطبيب الذي حوّله على مستشفى عين النعجة العسكري لمزيد من الفحوصات والتحاليل، ليتبيّن فيما بعد أن حالته تستدعي نقلا عاجلا إلى الخارج، وبالضبط إلى سويسرا”، يقول قاسم.. “لقد لحقت به زوجته وأولاده إلى هناك أول أمس، في حدود الحادية عشر ليلا، لكنه أسلم الروح لبارئها في صباح الثلاثاء رحمة الله عليه”.
بورڤيبة وعبد الناصر وزيعود وآخرون.. بيت كافي ذاكرة حية من الصور
يقول قاسم إن والده كان في الأيام الأخيرة يتردد كثيرا على إقامته بزرالدة، ولكنه في  الواقع كان يقيم بأعالي المرادية ببيته الأصلي..”قبل أن ندخل إلى الإقامة الواقعة على بعد بضعة كيلومترات معدودة عن الموقع التاريخي الذي ولجت منه فرنسا إلى الجزائر. لم نلحظ حركية كبيرة للتعازي، ماعدا بعض السيارات التي كان على متنها عدد من الضباط السامين بالسلك الأمني. الذين سبقوا المعزين إلى ابنه ببيت الإقامة.
لقد كنا الفوج الإعلامي الثالث الذي زار بيت الراحل بعد التلفزيون الرسمي وتلفزيون “النهار”. وكانت أولى المعطيات تشير إلى أن جثمان علي كافي سيُحول مباشرة إلى بيته بالمرادية بعد حلوله بمطار هواري بومدين.
لقد كنا نسترق النظر بين الفينة والأخرى، خلال حديثنا مع قاسم، إلى المعلّقات والمعروضات التجميلية الماثلة على الرفوف والطاولات ودعامات التزيين. بيت علي كافي بإقامة الدولة يبدو أنه كان ملجأ للمرحوم عندما يريد أن يقلب ذكرياته، ففضلا عن حديقتيه الجميلتين ومنظر أشجار الصنوبر الخلابة المحيطة بالبيت، كانت الصور التذكارية تملأ البيت. فهذا كافي يصافح جمال عبد الناصر، وهذا الرئيس الحبيب بورڤيبة، وهذه صورة نادرة معلقة لزيغود يوسف بلا قبعة على مكتب يخط على بعض الأوراق المبعثرة، وذاك علي كافي مع قيادات الولاية الثانية، وصور أخرى لوالد المرحوم، وله حاملا بندقيته على كتفه مطلا من إحدى المرتفعات الجبلية حيث كان ثائرا من الثوار ضد فرنسا. لقد سقط نظري على مذكرات علي كافي، فسمح لي قاسم أن القي نظرة أعمق بلا حرج على مكتبة والده لمعرفة ما كان توجهه في المطالعة. لقد كان المرحوم، حسب العناوين التي قرأناها، ميالا للتاريخ والأدب والشعر، فهذا كتاب أكتوبر 73 لمحمد حسنين هيكل، وهذا كتاب بعنوان “العلاقات الجزائرية الفرنسية” لجمال ڤنان، وعنوان “اشهدي ياجزائر” لأحمد بن نعمان، فالمرجعيات التاريخية لعبد الحميد زوزو. كما ذهب نظري أيضا إلى عنوان “السياسة بين الدول” لآلان بلانتي و«تاريخ الجزائر القديم والحديث”، و«عميروش بين الأسطورة والتاريخ” لجودي التومي.. كانت تلك الكتب لاتزال تخبر بوضعياتها أنها كانت مزارا ليس بعيدا زمنيا، عن أنامل علي كافي وهي تقلب صفحاتها. كانت أجندات الرجل وبعض الأقلام موضوعة جانبا مع نظاراته في إحدى زوايا الطاولة الخشبية الجميلة التي كانت تتوسط القاعة، قبالة التلفاز، الذي يعلوه نسر جميل ومحنط.. وكانت تنتشر في أرجاء الغرفة أشياء جميلة من النحاس والرخام تزين الأرجاء التي تميل كثيرا إلى مكتبة بديكور عصري.
وكان من بين ما يقرأ كافي من الشعر لمصطفى السقا “مختارات الشعر الجاهلي” ولابن قتيبة “الشعر والشعراء” و«نهج البلاغة” للإمام علي. يقول قاسم إن والده كان مولعا بالأدب العربي. كما كانت الشهادة الأبرز التي كان يعلقها المرحوم بجدار من جدران بيته، وسام مصف الاستحقاق الوطني الذي قدمه له بوتفليقة بمناسبة ذكرى الاستقلال في 1999.
أنهينا جلستنا مع قاسم، بالحصول على معلومة مهمة هي أن علي كافي كان يكتب مذكراته عن الجزائر بعد 62 ولكنه تركها دون أن يستطيع إكمالها.. ورحل وامتنع ابنه عن الإفصاح إذا كانت تلك الكتابات قابلة للنشر لاحقا أم لا..
الرئيس بوتفليقة يعلن الحداد الوطني لمدة 8 أيام
قرر رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، إعلان الحداد الوطني لمدة ثمانية (8) أيام عبر كامل أرجاء التراب الوطني، ابتداء من أمس الثلاثاء، إثر وفاة الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة على كافي، حسبما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية. وانتقل الفقيد علي كافي إلى جوار ربه صبيحة أمس الثلاثاء بجنيف (سويسرا)، بعد مرض عن عمر يناهز 85 سنة




كان يعكف على تأريخ مسيرته بين 62 إلى اليوم.. كافي.. رئيس احترق قلبه على “الحراڤة” PDF طباعة إرسال إلى صديق
الثلاثاء, 16 أبريل 2013 22:09
بين المناضل السياسي والقائد العسكري، كما ورد في مذكرات علي كافي، مسافة طويلة من الأسرار، لكن نهاية عهده مسافة طويلة أيضا من التساؤلات والحسرات.. منها لماذا بلادي تعيش كل هذه التناقضات؟.. عمر كافي لم يكفه ليعرف الإجابة الشافية والكاملة..
يقول قاسم كافي، ابن علي كافي، إن من أهم ما حزّ في نفس والده في سنواته الأخيرة ظاهرة الحراڤة.. كان يردد دوما لعائلته الصغيرة أنه لم يتخيّل يوما أن الجزائر ستصير إلى مثل هذا. كان علي كافي يتذكر دوما اللجنة التي شكلها من الأخصائيين والعلماء لبحث مصير الجزائر ، لينتهي تقريرها إلى وجهة غير معلومة. وكان علي كافي يتحسر أيضا على أن تنام الجزائر على قانون لتنهض في الغد على قانون آخر يُراجع أو يتراجع عما سًنّ بالأمس. كانت هذه “فلاشات” فقط من بضعة حسرات كان يأمل الرئيس الراحل وقائد الولاية الثانية التاريخية، أن يجد لها شباب الجزائر حلا أو إجابة. لقد كان علي كافي متابعا جديا لتطورات الساحة السياسية الجزائرية، كان مهتما بالكتابات التاريخية التي كثيرا ما صنعت الجدل تارة والنقاش في الجزائر، والتي كان في قلب إحداها لمّا وقع الجدل الاعلامي حول عبان رمضان.
يعد من كبار ضباط جيش التحرير الوطني وقادته التاريخيين في الولايات، حيث خلف لخضر بن طوبال على رأس الولاية الثانية وكان برتبة عقيد، رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق من جويلية 1992 إلى جوان 1994، مناضل من الرعيل الأول في الحركة الوطنية.
ولد علي كافي في 17 أكتوبر 1928 بمسونة بالحروش (سكيكدة) ودرس القرآن بمدرسة الكتانية بقسنطينة، حيث تحصل على شهادة “الأهلية” (اللغة العربية) قبل أن يسجل بجامع الزيتونة في تونس. وانضم الفقيد لحزب الشعب الجزائري في سن مبكرة، وبفضل نضاله تمكن من اعتلاء المسؤوليات في حزب الشعب بشرق الوطن، حيث رقي من مسؤول خلية إلى مسؤول مجموعة. وعيّن من قبل حزب الشعب الجزائري كمعلم بمدرسة حرة بسكيكدة سنة 1953، قبل أن يتصل به ديدوش مراد قبيل اندلاع الثورة التحريرية. وناضل الفقيد في سكيكدة أولا ثم التحق بصفوف جيش التحرير بالشمال القسنطيني، المنطقة الثانية التي أصبحت الولاية الثانية بعد مؤتمر الصومام. وشارك علي كافي في هجومات 20 أوت 1955 التي قادها زيغود يوسف، وكان سنة بعد ذلك ضمن وفد المنطقة الثانية التي شاركت في مؤتمر الصومام، ليصبح بعدها قائدا للمنطقة الثانية (1957-1959) بعد أن توجه لخضر بن طوبال إلى تونس. في ماي 1959 استدعي علي كافي إلى تونس ليصبح أحد العقداء العشرة الذين أعادوا تنظيم الهيئات القيادية للثورة (الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية والمجلس الوطني للثورة الجزائرية). وخلال أزمة 1962 كان علي كافي إلى جانب الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية. وبعد الاستقلال عين الفقيد سفيرا في العديد من البلدان وهي سوريا ولبنان وليبيا وتونس ومصر والعراق وإيطاليا. كما عين أمينا عاما للمنظمة الوطنية للمجاهدين سنة 1990.
وفي 11 جانفي 1992 عين رئيسا للمجلس الأعلى للدولة الذي نصب بعد استقالة الرئيس الشاذلى بن جديد. وفي 2 جويلية 1992 خلف محمد بوضياف - الذي اغتيل في 29 جوان من نفس السنة - على رأس المجلس الأعلى للدولة. وأشرف الفقيد من 1994 إلى 1996 من جديد على المنظمة الوطنية للمجاهدين، قبل أن يتفرغ لكتابة مذكراته. كان كثير الظهور بجانب الرئيس بوتفليقة وأحمد بن بلة في المناسبات الوطنية، عكس الرئيس اليامين زروال.
عبد اللطيف. ب/الوكالات

ليست هناك تعليقات: