• بوتفليقة اقتنى "سينية".. وكل هدايا الشاذلي من ورشتي
  • نوري أهدى هولوند "إبريقا" وبوضياف اقتنى لساركوزي ديكور مكتب
  • الدكالي ومستغانمي طلبا لقائي وماجدة الرومي اقتنت
author-picture

icon-writer حاوره بقسنطينة: حسان مرابط

محمد الصالح فيلالي بن براهيم نحات على النحاس، ابن مدينة قسنطينة، بدأ هذه الحرفة منذ 45 سنة، وقدم طوال نصف قرن مجموعة من المشاريع وأغلبها موجود في المتاحف، استقبل "الشروق" في ورشته وكشف تفاصيل مهمة عن مسيرته وبعضا من أسرار ما باع لرؤساء فرنسا وملوك الخليج والسفراء ووزراء الداخلية عبر العالم.
عن المادة المستعملة قال الصالح فيلالي بأنّها مادة النحاس الخالصة، التي يتم تشكيل منها عديد النسخ والأشكال وتكون مختلفة تماما عن بعضها، وعلى سبيل المثال لا الحصر أنجزنا "ثريا" لمدينة تلمسان في إطار عاصمة الثقافة الإسلامية 2011، وأؤكدّ بأنّها تدخل ضمن تاريخ النحاس على المستوى العالمي بناء على حجمها الكبير وطولها الذي يتعدى 7 أمتار على 90 سنتيمتر، وبالنسبة لقطرها فيقدر بـ 4.80 متر، تمت صناعتها يدويا مائة بالمائة ومن النحاس الخالص بلا شوائب، ولا وجود لذرة من مادة الحديد فيها أو لمادة معدنية أخرى. وبالنسبة لزخرفتها يوضح بأنّها زخرفة خاصة وأنيقة من خلال النحت على النحاس، عكس ما ينجز في بعض الدول على غرار المغرب وتركيا، بحيث يغلف الحرفيون الشكل الخارجي بالنحاس وأمّا الداخل فيكون من مادة بالحديد.

النحاس نستورده ونحاس بلادنا بلا استغلال
وفيما يتعلق بمصدر مادة النحاس، أوضح الصالح فيلالي بأنّه يتم استيرادها من الخارج رغم توفرها في بلادنا لأنها غير مستغلة بشكل كبير، وبالتالي الاستيراد هو الحلّ لصناعة القطع النحاسية المختلفة، كما أن النحاس المستورد يخضع لبعض المقاييس. وحسب فيلالي، فإنه يستورد النحاس ذي السمك من 7  إلى 25 سنتيمتر، وفي ورشته يعتمد على النحاس ذو سمك 15، لتميزه بالقوة والصلابة، وهو يستعمل كثيرا في صناعة "السينيات" وغيرها، التي تتطلب مادة النحاس و"الصنعة" فقط ولا شيء آخر، أمّا "الثريا" أو المواد المشكلة فتطلب مواد كثيرة مثل "لابرازير دارجون" المكونة من الفضة والبرونز، وعندما يتم تلحيمها فإنها لو تعرضت إلى سقوط واعوجت، لا تتحطم،  وهذا هو الأساس، فضلا عن استخدام مادة "الكاوية" التي تستعمل لغرض ملأ فراغات التلحيم.

أولّ متحف لي سيضم 1400 قطعة ويفتتح يوم 8 جوان
عن مشروعه الكبير الذي يضاهي مشاريع الحكومة، فإنّه محمد الصالح فيلالي يسعى لأن يفتتح متحفا خاصا به في منزله الواقع بحي بوالصوف وسيضم حوالي 1400 قطعة نحاسية قديمة مختلفة تماما تنتمي إلى مراحل زمنية عديدة على غرار ما قبل العهد العثماني والأتراك إلى غاية الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830، وبنسبة 99 بالمائة، وما يميز هذه المعروضات المرتقبة أنها مصنوعة من مادة النحاس بنسبة 99 بالمائة، بينما 1 بالمائة يمثل مادة الجديد في بعض القطع فقط.
وبخصوص أقدم قطعة سيحتويها هذا المتحف العملاق فيعود تاريخها إلى 2500 سنة بعمر قسنطينة، وهي قطعة جزائرية أصلية، بالإضافة إلى قطع اشتراها من فرنسا لأن الغرب على حد تعبيره لا يهتم بالمنتجات النحاسية الإسلامية كما أنّه لا يعرفونها ويحبذون منتجات بلادهم، وبالتالي تعرض للبيع في المتحف الغربية والأوربية. مشيرا إلى أنه اقتنى عديد الأغراض النحاسية الجزائرية والعربية الإسلامية من متاحف فرنسا فبعدما سرقها الاستعمار من الجزائر قام باستعادتها ولا يزال يعمل على ذلك، وبالتحديد من فرنسا اشترى حولي 70 قطعة من المتاحف وأعادها إلى وطنها الجزائر.
استرجاعه للقطع وشراؤها لم يقتصر على البلدان الأوربية فقط، بل اشترى قطعا من إيران ودول أخرى والعملية سهلة لما تقوم بإدخالها للجزائر، لكن لما تخرجها صعب جدا بل وممنوع، ولذلك يدعو النحات فيلالي إلى ضرورة تشديد الرقابة على المهربين ومن يريدون تهريب القطع الأثرية والنحاسية العتيقة إلى الخارج لبيعها بأثمان باهظة، باعتبار أن هذه الأغراض تتعلق بهوية وتاريخ وتراث الجزائر على مر العصور ووجب الحفاظ عليها من كل يد تريد أن تطالها.
ولم يخف بأن المتحف فردي وسينجز بإمكاناته الخاصة، بحيث سيفتح أبوابه يوم الـ8 جوان المصادف لعيد الفنان إذا سارت الأمور على ما يرام، أو في الخامس جويلية  إذا حدث تأخير.

42 رئيس و13 ملك اشتروا منتوجاتي
وعن الشخصيات الدبلوماسية والفنية والثقافية التي تعامل معها، كشف فيلالي أنه تعامل مع شخصيات من الوزن الثقيل، وذكر بيعه منتوجاته لـ42 رئيس دولة و13 ملك، اشتروا منتجاته النحاسية، ففي الثمانيات باع لملوك وأمراء الخليج وكلهم اقتنوا من عنده لوحات نحاسية مزخرفة، ومنهم الملك الفهد، ورؤساء فرنسا فرانسوا ميتيران وساركوزي وفرانسوا هولوند، ونوه بأن شراء هؤلاء الرؤساء لأعماله لم يكن مباشرا بل بواسطة الدولة التي تقتني من عنده وتهديهم إياها.

هولوند أخذ "إبريق" وساركوزي "أثاث مكتب" وشيراك" اشترى سينية بـ 75 ألف دينار
بالتفصيل، يتحدث الصالح فيلالي عن الرؤساء وعلاقتهم بمنتجاته النحاسية فيقول: "الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولوند أهداه والي تلمسان السابق والوزير الحالي نوري عبد الوهاب عملا أصليا من ورشتي متمثلا في إبريق "نحاسي، أما نيكولا ساركوزي خلال زيارته لقسنطينة فأهداه الوالي السابق عبد المالك بوضياف ووزيرالصحة الحالي أثاث مكتب مشكل من "طاولة وأشياء أخرى خاصة بالديكور"، وبالنسبة للرئيس جاك شيراك فقدمت له هدية يوم زيارته لوهران تمثلت في "سينية" يقدر ثمنها بـ 75 ألف دينار جزائري، واليوم تتجاوز قيمتها عتبة الـ 40 مليون سنتيم "لأنّها تتطلب مجهودا كبيرا ويستغرق انجازها وقتا طويلا يصل إلى بضعة أشهر، وتعتبر تحفا فنية وليست أغراض سوقية وبالتالي لم تحصل على واحدة منها تأكد أنّك الوحيد الذي يملكها".

وزير الداخلية البلجيكي اشترى طاقم مكتب بـ3000 فرنك فرنسي
بروز صالح فيلالي في هذه الحرفة اليدوية استثنائي بحيث لم يكن من عائلته من يمارس هذه المهنة، باعتبار أن والده الشهيد كان تاجرا وفلاحا. وفي السياق، يؤكد تعامله مع السفير الأمريكي كريستوف الذي بعث له رسالة شكر وصلته عن طريق البريد العادي وشكره على ما اشتراه منه ووجده قيّما للغاية وفريدا من نوعه في عالم النحت على النحاس". إضافة إلى بيعه لوزير الداخلية البلجيكي في مدينة "غون" الصناعية طاقم مكتب، حيث سرّه كثيرا وكان ذلك سنة 1992، وقيمة بيعه قدرت بـ3000  فرنك فرنسي. وعن ميزة معارضه أجاب: "أي معرض أنظمه في الجزائر لا يخلو من السفراء والدبلوماسيين، فآخر معرض لي بطهران  في 2012 حضره سفراء أجانب و9 سفراء منهم 3 عرب، وأتذكر من العرب سفراء اليمن والإمارات وليبيا الذين اقتنوا معروضاتي".

بعت لبوتفليقة "سينية" وكلّ هدايا الشاذلي من ورشتي
في الجزائر، باع للرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، بحيث كانت كل هداياه تخرج من ورشته ببوالصوف، وصحيح أنّه لم يزره كما قال لكن التقاه بالعاصمة وعنابة وشكره على ما قدمه لهذه الحرفة اليدوية. أما الرئيس بوتفليقة فجميع الهدايا التي قدمت له بصفته رئيسا الجمهورية كانت من ورشته عن طريق بيعها للولاية ومنها هدايا أهديت له خلال زيارته لوهران وتلمسان وقسنطينة، أين أهدي "سينية"، فقد التقاه بقصر الشعب. وحسب الأصداء التي وصلته، فإن بوتفليقة أعجب كثيرا بأعماله، إلى جانب هدايا للرئيسين المالي والموريتاني.
"عندما يأتي بوتفليقة إلى قسنطينة، فكل الهدايا التي تقدم له من ورشتي وخلال زيارته لوهران وتلمسان كانت هداياه من عندي، ورئيسا موريتانيا ومالي أهديت لهما هدايا من ورشتي.

بعت لكاظم الساهر "ثريا" وماجدة "سينية" والدكالي طلب التقاط صورة معي
بخصوص منزله الذي يحوي "الورشة" وسيكون جزء مكنه "متحفا" يشهد احتضان برنامج "سهرات المدينة"، لذا فمنزله زاره فنانون كل من فرنسا والمغرب ومصر ولبنان وسوريا وغيرها، كمل مثلّت به أطوار من مسلسل "ذاكرة الجسد" لكاتبه أحلام مستغانمي، التي مرت في أول حصة لـ "سهرات المدنية"، إلى جانب عبد الوهاب الدكالي الذي طلب رفقة مستغانمي لقاء النحات محمد الصالح فيلالي لفرحهم بالمستوى الجمالي والفني لمنزله وأعماله، ويتذكر المتحدث أن الدكالي طلب أخذ صورة معه، كما أن والدة الفنان كاظم الساهر طلبت "ثريا" وقدمت لابنها كهدية من قبل الوالي آنذاك محمد الغازي، وأمّا اللبنانية ماجدة الرومي فباع لها "سينية" تحمل صورتها ومنحوتة وتحيط بها الورود تقدر بـ 55 ألف دينار، في ذاك الوقت، أمّا أحلام ونبيلة عبيد فقد أهدي لهما "طاقم حلي".