الخميس، يونيو 14

الاخبار العاجلة لتوافد الجزائريين على السجون الجزائرية انتظارا لقرار الافراج على شياطين 48ولاية جزائرية بعد سجنهم لمدة شهر بسبب رمضان يدكر ان الجزائرين دخلوا في اضراب عنالطعاملمدة شهر من اجل اطلاق سراح 48شيطان جزائري والاسباب مجهولة




اخر خبر
الاخبار  العاجلة  لتوافد الجزائريين على السجون  الجزائرية انتظارا لقرار الافراج على شياطين  48ولاية  جزائرية   بعد سجنهم لمدة شهر  بسبب  رمضان يدكر ان  الجزائرين دخلوا في اضراب عنالطعاملمدة شهر من اجل اطلاق سراح  48شيطان  جزائري والاسباب  مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة  لاكتشاف  نساء الجزائر  انهن خسرن جمالهن  بسبب  اختفاء صباغة  الماكياج من وجوههن وافواههن ورجالالجزئار يكتشفون فراغ جيوبهن  الاقتصادية بسبب  الغيرة  والتوحم النسائي ويدكر ان  الجزئارين يحلمون اكياس  المواد  الغدائية الصغيرة ورجال المافيا   الجزائريين يحملون  اكياس الاموال  الجزائرية  في الاكياس السوداء لرمي  القمامة   العمومية وشر البلية مايبكي
اخر خبر
الاخبار العاجلة لحنين  بنت قسنطينة من  مدينة برج بوعرييج  الى اداعة قسنطينة  حيث اتصلت هاتفيا لتقدم  نبراتحنانها على مدينة قسنطينة والاسباب  مجهولة
اخر خبر
الاخبار   العاجلة   لمطالبة اخصائية غدائية  سكان قسنطينة بعدم تناول اكلة الكسرة   الجزائرية   لكونها  مواد سكرية  باامتياز كما طالبت باكل   اللوبيا والعدس  صبيحة  عيد الفطر السعيد  ويدكر ان  الجزائري  يحضر للاعتكاف في المنازل   لاداء صلاة  كاس  العالم في المنازل   والاسباب  مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة لالغاء رؤية هلال  العيد السعيد في  السعودية  بسسبب مقابلة كاس العالم  بين السعودية ودولة اوروربية ويدكر  ان  ائمة  السعودية شاهدوا   هلال  شوال لكاس العالم لكنهملم يشاهدوا  هلال  عيد الفطر السعيد والاسباب  مجهولة



قسنطينة في رمضان



شاهدوا فيلم  كلمة السر



شاهدوا طعام  اثرياء  قسنطينة  الزلابية



شاهدوا سوق شراء  العبيد في  االفرق الرياضية



شاهدوا الاشهار التجاري  لحفل رمضاني ساهر







شاهدوا اخبار  اطفال الجزائر





شاهدوا  فضائح  رمضان  اداعة قسنطينة




شاهدوا  سوق  شرااء العبيد  في كرة القدم بقسنطينة


شاهدوا  الحصار الاقتصادي العالمي على  الجزائر 2018




شاهدوا  افتخار الفقراء بكرامات رؤساء الجزائر






شاهدوا  اغنية  الجاز   على طريقة البوغي




شاهدوا  اجيال  المخنثين في قسنطينة



شاهدوا   الاشهار  التجاري   الاحتيالي  على سكان قسنطينة













سيّـدات يستغنيـن عن الـمكسرات و صناع حلويـات يتحايلـون


سجلت أسعار مختلف أنواع المكسرات انخفاضا ملحوظا قبيل العيد، ما جعل الإقبال عليها يعود بشكل ملفت، ليكسر مقاطعة تجاوزت 4 أشهر بسبب اشتعال لهيبها، خاصة على مستوى الشرق الجزائري، فيما يبقى الإنخفاض في الأسعار نسبيا بولايات الوسط التي لا يزال العزوف عنها سيد الموقف، وقد لجأ سيدات إلى بدائل أخرى تجنبا للتكاليف فيما استعان صناع حلويات بأساليب تحايلية لتسويق حلويات بمنكهات بديلة عن المكسرات.
إ.زيـــاري
بعد أن تربع الجوز و اللوز و الفستق على عرش أغلى أنواع المكسرات ببلوغ معدلات قياسية بلغت سقف  6 آلاف و 500 دينار بالنسبة للجوز و 4آلاف  دينار للوز منذ بداية العام الجاري، جاء الفرج لعشاق هذا النوع من المكسرات و لصانعي الحلويات، الذين استبشروا بما وصفوه ب»انهيار في بورصة المكسرات» مقارنة بالسابق، إذ انخفضت الأسعار بشكل ملفت بلغ النصف عبر الأسواق المنتشرة بالشرق الجزائري بشكل خاص.
أسواق الشرق الجزائري الأكثر استقرارا
بينت جولة عبر بعض أسواق مدينة قسنطينة، تراجعا حقيقيا في الأسعار، إذ يتراوح سعر الكيلو غرام الواحد من مادة الجوز بين ألفين و 500 دينار، و ألفين و 700 دينار ، حسب الأنواع، فيما استقر سعر اللوز عبر أغلب المحلات عند عتبة ألفين و 200 دينار، و هي الأسعار التي يؤكد التجار و الزبائن بأنها أعادت بعث الحياة مجددا في سوق المكسرات التي عاشت ركودا كبيرا بسبب عزوف المواطنين عن اقتنائها نتيجة غلاء الأسعار.
المواطنون وإن كانوا قد صالحوا الجوز واللوز بعد المقاطعة، فإن التركيز بالنسبة لمواد صناعة الحلويات، لا يزال منصبا حول الفول السوداني الذي يتراوح سعره بين 300 و 400 دينار، فضلا عن مختلف أنواع الشوكولاطة و مواد التزيين و التغليف التي تحولت إلى مواد ضرورية تستثمر فيها ربات البيوت، قصد إبهار زوارهن وتزيين صينية العيد.
« الجوز واللوز مهما كان الثمن»
تراجع الأسعار الذي شكل متنفسا للأسر الجزائرية عاشقة البقلاوة و القطايف الأصلية ، دون اللجوء لاستبدال الجوز و اللوز بالكاوكاو، جعلها تقبل على شرائها بشكل عادي، لكي لا تغيب عن موائد العيد، و إن كانت أغلب المحلات قد عاشت ركودا كبيرا أثر على مردودها لقلة الإقبال، فإن بعض التجار خاصة بمنطقة السويقة العريقة  بقسنطينة، أكدوا  بأنهم وبالرغم من ارتفاع الأسعار في وقت سابق، إلا أن القسنطينيين لم يقاطعوها، مؤكدا استمرار الإقبال على الأقل بمحله، ما يرسخ مقولة أن الفرد الجزائري قد تعود على غلاء الأسعار التي باتت بالنسبة إليه أمرا عاديا، و قد يلجأ للاستدانة من أجل شراء مستلزمات الحلويات دون التخلي عنها.
الجوز و اللوز و إن كانت أسعارهما اليوم تعد منخفضة مقارنة بالسابق، إلا أن البعض لا يزال يرى بأنها تعد غالية بالنظر إلى القدرة الشرائية للمواطن البسيط، خاصة في هذه الفترة التي أنهكت ميزانيات الأسر بسبب مستلزمات شهر رمضان و كسوة العيد التي أحرقت جيوبها، مما دفع البعض للتقليص من فاتورة المواد الخاصة بصناعة الحلويات.
نقص إقبال بأسواق الوسط
يبدو أن الانخفاض الذي أصاب بورصة المكسرات بالجزائر، لم يبلغ أغلب محلات ولايات الوسط الجزائري، خاصة العاصمة و بومرداس، أين استمر بعض التجار بهما في عرض الجوز و اللوز بأسعار و إن شهدت انخفاضا طفيفا، إلا أنها تبقى غالية جدا بالنسبة للمواطن، حسب ما تبين لنا خلال جولة بين بعض الأسواق، حيث يعرض الجوز بـ 4آلاف دينار و اللوز بـألفين و 200 دينار، ما أعاد الإقبال بصورة نسبية إلى هذه المواد قبل أيام من حلول عيد الفطر.
و عن أسباب العزوف الذي لا يزال سيد الموقف خاصة بالنسبة لمادة الجوز، أكد أحد التجار بأن أغلب زملائه في المهنة و نتيجة الإرتفاع السابق للأسعار، لم يتمكنوا من تسويق منتوجاتهم، ما جعلهم يستمرون في بيع السلعة القديمة بنفس السعر، لكونهم اشتروها بثمن غال، مشيرا في ذات السياق إلا أن بعض التجار يتحججون بذلك في هذا الوقت بالرغم من أنهم اشتروها بالسعر الحالي بسوق الجملة، سعيا منهم للربح السريع على حساب المواطن.
و أكد التاجر بأن انخفاض سعر اللوز أعاد الإقبال عليه بشكل لافت من قبل  العاصميين و سكان الوسط بشكل عام، لاعتماده كمادة أساسية في صناعة حلوياتهم، فيما يبقى الإقبال أقل بالنسبة للجوز و باقي أنواع المكسرات، و هو ما قد يفسر استمرار ارتفاع أسعارها، رغم انخفاضها بشكل عام، و أوضح التاجر بأن تراجع الأسعار، قد أعاد الحركية للسوق، مشيرا إلى إقبال وصفه بالمعقول بالرغم من أنه يبقى قليلا، مقارنة بما كان عليه الوضع عندما كان يباع اللوز بـألف و 200 دينار و الجوز بـألف و600 دينار.
هكذا استغل صناع حلويات الفرصة
غلاء أسعار المكسرات، لم يؤثر فقط على المستهلك العادي، بل خلق إشكالا في تجارة بعينها، إذ انقلبت الأوضاع بالنسبة لصناعة الحلويات التقليدية، حسبما تؤكده السيدة فيروز المتخصصة في هذه الحلويات، إذ تقول بأن غلاء الأسعار خلق عزوفا كبيرا لدى الزبائن، خاصة و أن ذلك نتج عنه ارتفاع في أسعار الحلويات بالضرورة، إذ بلغ إلى الضعف، مما غير من طلبات الزبائن خاصة أصحاب الأعراس الذين غيروا توجههم إلى حلويات الفول السوداني، كاشفة في سياق ذي صلة، عن تحايل بعض المتخصصين في المجال ، حيث أنهم يوهمون الزبائن بأن الحلويات مصنوعة من مادتي الجوز واللوز، في حين هي مجرد فول سوداني تغير نكهته بالمعطرات الاصطناعية، مستغلين في ذلك شتى الطرق سواء كانت عبر البخار أو خلط المكونات.
و تضيف السيدة فيروز، بأن استمرار ارتفاع الأسعار لا يزال يشكل عائقا لدى المواطن، ما جعل  الصناع يغيرون توجههم في هذا العيد، إذ انصب تركيزهم على صناعة أنواع جديدة من الحلويات المتكونة من مادة الفرينة و الفول السوداني، الشوكولاطة و أنواع المربى ، مستغلين في ذلك تنوع المنتجات الإصطناعية التي شكلت بدائل إيجابية نوعت من الحلويات وإن غاب عنها الجوز و اللوز.
«الكابة» للإفلات من تقلبات الأسعار
راهن الكثير من تجار المكسرات بالأسواق الجزائرية و حتى المستوردين على انهيار بورصة المكسرات قبل نهاية السنة، غير أن آمالهم تلاشت، بعد أن أعلنت الحكومة رفع حظر الاستيراد على المكسرات الذي سبق و أن أقرته في إطار قانون المالية للسنة الجارية، لتأتي بمواد جديدة لم تجعل الأسعار تتهاوى إلى مستوياتها المعقولة كالسابق،  مثلما كان متوقعا.
و تؤكد مصادر مطلعة، بأن الحكومة و إن كانت قد رفعت قرار منع استيراد هذه المواد، التي ظلت لقرابة 6 أشهر تباع بأسعار خيالية لم تبلغها من قبل، إلا أنها جاءت بقرار جديد لم يغير كثيرا من الأوضاع، يتمثل في رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى الضعف، حيث ارتفعت من 30 إلى 60 بالمئة على المواد المستوردة ، مما يبقي تكاليف استيرادها مرتفعة على عكس السابق، و يجعل الأسعار بالضرورة كذلك، و ذكرت ذات المصادر بأن القرارين يفتحان المجال أمام التهريب أو ما يعرف بتجارة "الكابة" القادمة مع المغتربين الذين أصبحوا ممونا رئيسيا للعائلات سيما في الأعراس والمناسبات.                 
إ.ز

حضور قوي لديكور و موسيقى الصحراء


ممثلات من الجنوب يكسرن الاحتكار ويبرزن في أعمال رمضانية
تمكنت ممثلات من الجنوب الجزائري من تغيير الصورة النمطية، التي عهدناها في الإنتاج التلفزيوني الرمضاني، و ذلك باحتكار فناني الشمال لأغلب الأعمال، غير أن هذا الموسم ارتبط ببروز عديد الفنانات الشابات بلهجاتهن و حضورهن المميز في مسلسلات فكاهية كوميدية ، على غرار « بنات الثلاثين « و « ميسي» و « الطريق» .
لقد تمكنت ابنة الأغواط حنان بكار من الظفر بدور البطولة في سلسلة « ميسي»، و أدت أغنية جنيريك العمل بالطابع النايلي، كما أبرزت خلال  حلقات العمل الديكور الصحراوي و الأكلات التي تشتهر بها مناطق الجنوب للتعريف بالموروث الثقافي للمنطقة.
في مقدمة الأعمال التلفزيونية التي  برزت فيها حنان بكار،  السلسلة الفكاهية  «ميسي» ، حيث أدت فيها دور « مسعودة ميسي» ، الفتاة البدوية ذات الشخصية العنيدة و الفوضوية ، كثيرة الحركة و ثقيلة الفهم، التي قدمت من دائرة حد الصحاري بولاية الجلفة، إلى العاصمة لتعلم فن الطبخ و العمل في مطبخ فخم، و أحضرت معها «مهراس زفيطي» لإعداد الأكلات التقليدية ، غير أنها تقابل بالسخرية و التهكم من قبل الطاهيات اللائي تلتقي بهن في مخبر مختص في إعداد طلبيات الأفراح من حلويات و مأكولات، وفق الشروط المعمول بها في المطابخ العالمية ، حيث تتوفر كل شروط النظافة و كذا النوعية الجيدة و التقديم الجذاب.
تشترط صاحبة المخبر على المتخصصات تعليم مسعودة الطبخ، غير أنها تحرص على التعريف بأكلات منطقتها كالزفيطي و سفيرية و المختومة ، و تؤثر على الزبائن الذين يحضرون لتقديم طلبيات لإحياء أفراحهم ، حيث تنصحهم بإعداد أطباق تقليدية، و تعرفهم بعادات منطقة الجنوب في الأفراح، ومن بينها إحياء العرس على إيقاع الغيطة .
أداء «مسعودة ميسي» العفوي و إبرازها للمقومات الثقافية لمنطقة الجنوب عموما و ولاية الجلفة على وجه الخصوص، رافقه أداءها لأغان ذات الطابع النايلي و الصحراوي كأغنية «حيزية» و « رحالة»، في إحدى حلقات السلسلة بصوت جميل، لكونها درست الموسيقى و تدربت على يد كبار الفنانين، ما جعلها تخطف الأضواء، بالرغم من أنها لأول مرة تشارك في عمل تلفزيوني و بدور رئيسي .
«مسعودة» تمكنت من إبراز شخصية ابنة الجنوب في سلسلة «ميسي» للمخرج نزيم قايدي التي تبث على القناة الثالثة للتلفزيون الجزائري ،  كما صنعت الفرجة بخفة دمها و لهجتها الجلفاوية الممزوجة بلكنة الأغواط  المميزة، و تفاعل معها الجمهور كثيرا عبر صفحتها الرسمية على فايسبوك التي أطلقت عليها» يوميات ميسي» ، حيث أثنوا على دورها و أجمعوا بأنها نجحت في تقمص الشخصية ، غير أن بعض أبناء مدينة الجلفة عبروا عن استيائهم من الصورة التي روجت لها عن بنات المنطقة و إظهارهن  بأنهن متخلفات و محل سخرية ،حيث علق أحدهم « هذا تشويه لمنطقة أولاد نايل و المرأة النايلية الأصيلة، و جعلها محل سخرية وأضحوكة في التلفزة في السهرة الرمضانية «.
و يحاول من جهته سيت كوم «بنات الثلاثين» الذي يبثه التلفزيون الجزائري ، إبراز عادات و تقاليد الجهات الأربع من الوطن و كذا خصائص كل منطقة، و ذلك من خلال انتقال أربع شابات للإقامة في العاصمة ببيت واحد ، حيث تتقمص ممثلة الجنوب الجزائري خيلولي تنو دور تينهينان، الفتاة التي تعشق الكتابة و التي تفر إلى العاصمة بعد أن أرغمها والدها على الزواج من شخص لا تحبه ، و   تسعى هناك لتحقيق طموحها في مجال الكتابة، محافظة على مبادئها و لباسها و عاداتها .
أما في السلسلة الفكاهية «الطريق»، فقد أدت ابنة الجنوب الممثلة ريمة دخيل دور  زينب،  المرأة التي تتزوج و تأخذ إخوتها الثلاثة للعيش معها في بيت زوجها لأن والدها منح سيارة لزوجها ذي الشخصية الضعيفة الذي  ينساق لأوامرها .                  
أسماء بوقرن

زلابية وادي الزناتي.. قصة بدأت بمواجهة بومنجل لفرنسا و تحوّلت إلى علامة مسجلة

لا تزال زلابية بومنجل العريقة بوادي الزناتي محافظة على شهرتها التي اكتسبتها قبل 80 عاما تقريبا، عندما بدأ بوعاب بومنجل تجربة صناعة الحلويات التقليدية بالمدينة التاريخية، التي كانت تحت حكم المعمرين آنذاك، و كانت فرص العيش فيها قليلة، بعد أن سيطر الكولون على الأراضي الزراعية و التجارة، و وجد الكثير من أبناء وادي الزناتي أنفسهم في مواجهة وضع اجتماعي و اقتصادي صعب، دفع بهم إلى البحث عن مصادر الرزق بحقول القمح، أو حرفيين، و كان بومنجل الذي تربى يتيم الأب و الأم أحد شباب ذلك الزمن الذين قرروا رفع التحدي و رفض الاستسلام للواقع المتردي.
فريد.غ           اختار تحضير الزلابية لتوفير مصدر العيش للعائلة التي فقدت الأب و الأم، و لم يكن يعلم بأن التجربة البسيطة للهروب من البطالة و الفقر، ستتحول يوما إلى معلم من معالم وادي الزناتي، عاصمة التاريخ و القمح و الأساطير بسهل الجنوب الكبير.
الوفاء  و  الإتقان ...سر شهرة  زلابية  بومنجل
كانت الإرادة و التميز مفتاحين للنجاح و الشهرة التي تواصلت دون تأثر بالتحولات الاجتماعية التي تعرفها المنطقة على مر الزمن، و لم تتمكن الحلويات العصرية و أنواع أخرى من الزلابية المحلية، من النيل من مكانة زلابية بومنجل ذات المذاق المثير، والنكهة المميزة التي تبقى سرا من أسرار الصناعة العريقة التي توارثها الأبناء و الأحفاد، و لا يزالون يحافطون عليها حتى الآن، احتراما لروح الحاج بومنجل و تخليدا لذكراه فهو لا يزال يحرس مملكته عبر صورة تذكارية علقت على جدار المحل المتواجد بقلب مدينة وادي الزناتي موطن الزلابية بشرق البلاد بلا منازع.
  بوعاب بومنجل..تاريخ  و شهرة تعدت حدود الوطن
يقول وجيه بوعاب، حفيد بومنجل، الذي يشرف على الصناعة التقليدية الضاربة في أعماق التاريخ، رفقة أفراد من العائلة و مجموعة من العمال، متحدثا للنصر   «ولد جدي بومنجل سنة 1910 و هو من سكان مدينة وادي الزناتي القدامى، بدأ ممارسة حرف صناعة الحلويات التقليدية عندما كان عمره 14 سنة، بعد أن مات والده ثم والدته في ظرف أسبوع، و وجد الفتى الصغير نفسه وجها لوجه مع واقع صعب، و مسؤولية عائلية ثقيلة، أحب حرفته و تفانى فيها ، حتى تمكن منها  و طورها و اكتسبت قدرا كبيرا من الشهرة بوادي الزناتي و قالمة، و ولايات أخرى بالشرق الجزائري، كان الناس يأتونه من كل مكان و حتى من خارج الوطن، مرت سنوات طويلة و بقي جدي محافظا على المهنة التي أحبها و قضى كل حياته أمام المقلاة العملاقة التي يبلغ قطرها المتر، و هي أكبر مقلاة لتحضير الزلابية بالمنطقة آنذاك، مات جدي لكن حرفته لم تمت، بقينا نتوارثها جيلا بعد جيل، و نحافظ على تقاليد إعداد العجينة و نوعية الوسائل المستعملة، و هي كلها وسائل تقليدية، لا مكان فيها للخلاطات الكهربائية، كل شيء يتم هنا بالطريقة اليدوية حتى تبقى الزلابية محافظة على نكهتها المميزة، حتى المقلاة العملاقة مصنوعة من النحاس الخالص الذي يحفظ درجة الحرارة و لا يؤثر على النكهة، نحن نحب مهنة جدنا بومنجل، و سنبقى محافظين عليها لأنها لم تعد مصدر رزق لنا فقطـ، بل إرثا تاريخيا يميز عائلة بوعاب بمدينة وادي الزناتي».  
و يبدأ العمل بالمتجر الصغير في ساعة مبكرة من الصباح لإعداد العجينة و تشغيل المواقد، و تحضير أكبر كمية ممكنة من الزلابية المختلفة الأشكال و الأنواع، قبل قدوم الزبائن من قالمة و ولايات أخرى بينها قسنطينة التي جاء منها عمور أحسن، وبوسنة مولود لشراء زلابية بومنجل، مؤكدين بأنهما تعودا على زيارة وادي الزناتي مرات عديدة في رمضان من أجل زلابية بومنجل التي تتميز بنكهة خاصة، كما قالا للنصر.
«رائحة البلاد» في أوروبا و الخليج
و قد وصلت زلابية بومنجل الشهيرة إلى روسيا و بريطانيا و دول الخليج، عن طريق الجالية الجزائرية في المهجر، عائلات كثيرة تأتي إلى وادي الزناتي في رمضان لشراء زلابية بومنجل و العودة بها إلى ديار الغربة، فهي بالنسبة إليهم تمثل «ريحة البلاد» التي لا يمكن نسيانها، مهما ابتعدت المسافات و تغيرت العادات و التقاليد.
و يرفض أبناء بومنجل بيع الزلابية للتجار الذين يسعون للحصول على هذه العلامة المميزة، و بيعها بأسعار مربحة، فهم يفضلون أن يأتي الزبائن إليهم، ليشاهدوا بأعينهم كيف تصنع القطع الذهبية، ثم تخرج ساخنة من المقلاة العملاقة، محافظة على جودتها.
بالنسبة لأبناء و أحفاد بومنجل السمعة و الثقة هي الأهم، فلا يمكن التهاون و تغيير نظام العمل و طريقة إعداد عجينة الزلابية، و تحضير القطع و وضعها في المقلاة، حتى العمال الذين يساعدون أحفاد بومنجل يعرفون كيف يتعاملون من المقلاة و الزبائن، كل شيء هنا مرتبط بالتاريخ و سمعة الحاج بومنجل، و حرفته التي تحولت إلى علامة مسجلة في تاريخ المدينة العريقة، التي كانت قطبا تجاريا كبيرا و موطن القمح البليوني الشهير، قبل أن تنال منها متغيرات البشر و الزمن.  
فريد غربية




































































































































قلـب اللـوز يُخـرج قرية بوطالـب بجيجــل من عزلتهـــا

تعد منطقة بوطالب، التابعة إقليميا لبلدية الشقفة الواقعة شرق عاصمة الكورنيش الجيجلي بحوالي 25 كلم، الأكثر استقطابا للصائمين، لأنها تشتهر بمحلاتها الكثيرة التي تتنافس في تحضير و بيع أشهى حلوى قلب اللوز في الولاية، و ربما في الوطن.
كـ طويل
لمحاولة الكشف عن سر إقبال المواطنين على قلب اللوز من جيجل و ولايات أخرى، تنقلت النصر إلى المنطقة عبر محور الطريق الوطني رقم 43 شرق الولاية، وصولا إلى مفترق الطرق المتواجد بمنطقة القنار، و هناك علقت لافتة تدل السائق على اتجاه منطقة جيمار، و إذا حدث و أن سأل أحدهم عن الطريق المؤدية إلى بوطالب يجيب بسرعة  “تبحث عن قلب اللوز بوطالب؟”.
الزائر يجد حركة كبيرة للسيارات من مختلف الأصناف بترقيم عديد الولايات، و هو أول مؤشر بأنه وصل إلى منطقة بوطالب ذات الطبيعة الريفية، و أول ما يثير الأسف أن منطقة ذاع صيتها عبر مختلف الولايات، تعاني العزلة لدرجة كبيرة، و أخبرنا أحد المواطنين، بأن قلب اللوز هو الذي أضفى الحيوية على بوطالب، و لولاه لكانت في طي النسيان، فرغم ما تقدمه للزوار، إلا أن التهميش لا يزال يطالها،  مشيرا إلى أن  المنطقة تشهد في رمضان توافد المئات من عشاق الحلوى، من بلديات ولاية جيجل ، و كذا من ولايات مجاورة  مثل بجاية ، قسنطينة، و ميلة.
وأكثر ما يجذب انتباه  الزوار هو  لافتات إشهارية كبيرة ،   كتب عليها  “ قلب اللوز بوطالب...15 دج “، و عن سر الإقبال الكبير على شراء هذه الحلوى الشعبية، ذكر مواطنون بأنها ذات مذاق ساحر لا يقاوم ، و “تبقى حلاوتها في الحلق” ، على حد تعبيرهم .
حلوى تقليدية ذات جذور تركية
 و ذكر لنا بعض من تحدثنا إليهم أن قلب اللوز  “حلوى تقليدية التركية الأصل”،ما دفعنا إلى البحث عن صحة أصولها و انتشارها بمنطقة بوطالب تحديدا.
لم نجد الإجابة الشافية لدى شباب المنطقة، لكن بعض شيوخ المنطقة لا يزالون يتذكرون بعض الروايات القديمة بخصوصها،  حيث أكد لنا عمي أحمد بأن الحلوى، تركية الأصل، لكن طريقة وصولها إلى المنطقة غير واضحة، مشيرا إلى أنها صنعت لأول مرة بمدينة رأس مولي الشقفة، و ذلك بعدما حصل أهل المنطقة على فرن تقليدي لطهي الخبز و مختلف الحلويات من قبل الأتراك، في حقبة التواجد العثماني بالمنطقة.
و أضاف عمي أحمد، بأن بعض الروايات تشير إلى أن تاريخ صنعها بالشقفة، يعود إلى عهد غير بعيد، بعد أن  قام أحد أبناء المنطقة بجلب وصفة تحضيرها من العاصمة، أين فتح محلا لصنع الحلويات، و من بينها الحلوى الشعبية قلب اللوز، فاهتم بها الشباب كحرفة جديدة و تعلموها و فتحوا  العديد من المحلات بالولاية و حتى خارجها.
حرفيون يحتفظون بسر مذاقها اللذيذ
و تعتبر طريقة إعداد قلب اللوز من بين الأسرار التي يرفض الكثير من أصحاب الحرفة الكشف عنها، في حين قال لنا حرفيون في هذا المجال بأن السر الأول يكمن في الطريقة التقليدية التي تحضر بها، حيث تضاف إليها مكونات تختلف بعض الشيء عن مكونات قلب اللوز العادي، و الذي تستعمل فيه مادة السميد.
أما سر مذاق الحلوى الساحر فيكمن في “ الشربات” التي تضاف إليها، والتي يتم إعدادها  بطريقة خاصة، فتجعلها حلوة  لدرجة لا توصف، ليبقى السر وراء تحضيرها لغزا يحتفظ به الحرفيون بالمنطقة، لكنه جعل أفواجا من الصائمين يحجون إلى المنطقة.
و أوضح بعض السكان بأن التوافد الكبير للصائمين لاقتناء قلب لوز بوطالب، دفع بأصحاب المحلات، إلى توظيف عدد معتبر من البائعين ، و ذكر يعقوب بأن عدد الوافدين يوميا، يقدر بالمئات، مشيرا إلى  أنه في السنوات الأخيرة تضاعف عدد الزوار بشكل كبير.
و أشار المتحدث إلى أن سعر القطعة الواحدة ، يتراوح بين 15 إلى 35 دج، و يختلف حسب نوعية كل حلوى  و طريقة إعدادها، مؤكدا بأنه لا يوجد اختلاف كبير في مكونات الحلوى، و إنما السعر يتغير حسب القدرات الشرائية للوافدين، لتبقى بذلك بوطالب عاصمة حلوى قلب اللوز بدون منازع في  شهر رمضان.                                   
كـ .ط

"دار عـرب" بـقسنطينـــة تـفقـد " اللمـة " في رمضــان

لا تزال البيوت العتيقة في المدينة القديمة بقسنطينة أو كما تعرف «بدار عرب» تحافظ على بعض خصوصياتها في شهر رمضان، رغم التغيير الذي شمل أغلب ملامح الحياة في المجتمع القسنطيني، إلا أنه تبقى لهذه البيوت هالتها الاجتماعية ووقعها الرمضاني الخاص الذي لم تطمسه ظروف الزمن، وامتزجت فيها ذكريات الماضي بما تبقى منها في خضم المتغيرات التي محت كثيرا من ملامحها، لتغدو الذاكرة الشاهد على وجودها في زمن مضى، فعند مرورك في أمسية رمضانية بالأحياء العتيقة كالسويقة، رحبة الصوف، سيدي الجليس، سيدي بوعنابة، السيدة، القصبة وغيرها يجذبك عبق خاص ممزوج برائحة الأكلات التقليدية.
زين العابدين فوغالي
وكانت للنصر زيارة لبيتين قديمين بالمدينة القديمة بسيدي بوعنابة والبطحة، لنقل الطقوس الرمضانية  التي بقيت هذه العائلات محافظة عليها رغم ما لحق بهذه البيوت من تغييرات بفعل الزمن.
الجدة «براكة» الدار و حلقة الوصل بين الماضي والحاضر
وتعتبر الجدة هي الركيزة الأساسية في «ديار عرب» وهي حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، فأغلب البيوت العتيقة في قسنطينة التي فقدت «الجدة» فقدت  فيها أيضا موائد الإفطار طعمها، وخسرت السهرات العائلية دفئها، وتفرق شمل الأسرة، بالإضافة للترحيلات التي شملت سكان العديد من البيوت القديمة وتنقلهم لسكنات جديدة، وأثناء جولتنا دخلنا إلى واحد من أقدم البيوت بنهج ابن الشيخ لفقون بالبطحة أين استقبلتنا الحاجة فاطمة.ح (من مواليد 1932) وهي تسير بثبات رغم عامل السن تحدثت إلينا بحسرة وهي تتذكر رمضان أيام زمان وكيف كانت تقضيه أيام الطفولة مع أسرتها الكبيرة أو عندما أصبحت ربة أسرة قبل وفاة زوجها منذ 35 سنة وتفرق شمل أولادها التسعة في ظل زواج بناتها وتنقل أحد أبنائها للعيش في الخارج، واليوم هي تعيش رفقة ما تبقى من أبنائها و أحفادها، ورغم أن عامل السن والمرض أقعدها عن تحضير العديد من الأطباق التقليدية مثل السابق، إلا أنها تعطي لمتها الخاصة أو «البراكة» على حد وصف ابنتها.
 من جهته، حسن قادري أو «بابا حسن» كما يناديه سكان المنطقة وهو باحث في تاريخ المدينة، وأثناء استقباله للنصر ببيته العائلي بسيدي بوعنابة ضرب مثلا شعبيا حول أهمية تواجد الأم أو الجدة بالبيت العتيق وقال بهذا الخصوص:» الدار بلا كبير كي الجنان بلا بئر و اللي خطاه كبيرو خطاه دبيرو»، مضيفا أن والدته التي تجاوزت الثمانين، ورغم مرضها إلا أنها تشارك دائما كناتها في إعداد الفطور وتحضير «الكسرة» و»الجاري».
تفاصيل صغيرة تصنع الفارق بين الأمس واليوم
وقبل الحديث عن أجواء رمضان في ديار العرب لابد من التطرق إلى مرحلة التحضير الخاص لاستقبال الشهر الكريم، رغم أن أغلب هذه الطقوس بدأت تندثر مع مرور الزمن باستثناء بعض العائلات التي لا تزال محافظة عليها، ومن بينها إعادة تبييض النحاس والأواني، حيث يتم أخذ «الكروانة» و»الكافاتيرة» و»المحبس» و»الطفال»و»السينية» وباقي الأواني إلى مبيض النحاس، وكانت المدينة القديمة في الماضي  تعج بمبيضي النحاس ونذكر منهم أمين خوجة  بحي سيدي بوعنابة و «الزقوقو» الذي كان له محل صغير أمام الزاوية الطيبية بجوار ابتدائية مولود بلعابد، وعمي حسان بساباط البوشايبي و عمي محمد بن عبد الحفيظ بالرومبلي وهو آخ علاوة «الحمامصي» وغيرهم.
ومن بين عادات استقبال رمضان أيضا، إعادة طلاء جدران المنزل بدهان الجير أين يتم وضع الجير في برميل ويوضع فيه الملح و»النيلا»، وكانت في السابق ربة البيت هي من تقوم بنفسها بطلاء جدران «السقيفة» ووسط الدار وصولا إلى الغرف العلوية، وتعاد العملية كل سنة قبل حلول شهر رمضان.
و»الفريك» أيضا كان له تحضير خاص بعد جلبه من المطحنة، ومن بينها مطحنة «بلحي» بالشط لصاحبها عمي رابح رحمه الله، والتي افتتحت عام 1950 و أصبحت على مر السنين رمزا للمدينة، بالإضافة لشريفي وبن جغر اللذين كانا أيضا يطحنان الفريك في الماضي، وبعد اقتناء الفريك تقوم النساء بتنقيته ووضعه في الماء والملح، ثم ينشر لمدة أربعة أيام تحت أشعة الشمس، وبعد طحنه يتم غربلته للتخلص من النخالة والغبرة كمرحلة أخيرة قبل استعماله في «الجاري» الذي يعد الطبق الرمضاني الرئيسي للعائلات القسنطينية.
وعن أغلب هذه المراحل تقول «الحاجة فاطمة» أنها لم تعد في يومنا هذا تقريبا في»دار عرب» سواء بالنسبة لتبييض النحاس أو إعادة دهن البيوت وحتى الفريك أصبح يشترى جاهزا، بالإضافة لعادة أصبحت هي الأخرى من الماضي كذهاب نساء الدار برفقة جيرانهن إلى الحمام ليلة رمضان.
لكل ركن  قصة جميلة لا تنسى..
يرتبط كل ركن من أركان البيوت القسنطينية العتيقة بأسطورة جميلة تروي حكاية جميلة تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل، منذ أن تطرق» الطرطايبة» وهي اليد الحديدية الصغيرة التي يطرق بها الأبواب الخشبية، رغم أن الكثير من البيوت القديمة اليوم استبدلتها بأبواب حديدية في سنوات التسعينات، أما المنزل الذي زرناه في نهج ابن الشيخ الفقون فتم وضع باب حديدي مع الاحتفاظ بالباب القديم.
وعند الدخول إلى «السقيفة» تجذبك منذ الوهلة الأولى رائحة «الكسرة» و»الجاري»، أما «وسط الدار» فلديه الكثير من الحكايات، وتقول الحاجة فطيمة:» في الماضي لما كانت  العديد من العائلات تقطن بالدار كانت النسوة يجتمعن في «وسط الدار» حول سينية القهوة بعد ذهاب الرجال إلى صلاة التراويح».
وقبل الصعود إلى الأعلى يلفت انتباهك» الدهليز» أو كما يسميه البعض «الخربة»  أو «الدخشوشة» وهي عبارة عن غرفة توضع فيها كل الأدوات القديمة والمنتهية الصلاحية بالإضافة للفحم ومستلزمات أخرى، أما في بيوت أخرى فيوجد عندهم «دار الصابون» وهي غرفة كانت مخصصة لغسل الملابس قبل ظهور الآلات الحديثة، مع العلم أن بعض «ديار عرب» في قسنطينة كانت تحتوي على «الماجل» في وسط الدار وهو عبارة عن بئر صغيرة، أما بالنسبة «للدرابزي» فأخبرتنا صاحبة البيت أنه كان في السابق مصنوعا من الخشب قبل أن يستبدل هو الأخر بالحديد.
وعند صعود الدرج اخبرنا «بابا حسن» الذي يقطن ب»دار عرب» بسيدي بوعنابة أن الكثير من البيوت القديمة كانت تحتوي على الزلايج في الجدران والرخام في الدرج لكن مع مرور الزمن تدهورت حالته خصوصا أن الكثير من قاطني هذه البيوت وبالأخص في السويقة السفلى قاموا بتحطيمها للحصول على سكنات جديدة أو الاستفادة من ميزانية للترميم في وقت مضى كما تحدث بحسرة عن «ديار عرب « المشهورة في المدينة القديمة وذكر لنا دار خروطو، بن طرشة، بن الشيخ الفقون، بن حمادي(باشاغا مزيان)، بلبجاوي والتي تهدمت كليا، بلمعطي، بن تشيكو ودار بن خليل وغيرهم.
ورغم تقدمها في السن مازلت الحاجة فاطيمة إلى يومنا هذا تعد «الكسرة» بالطريقة التقليدية أين تجلس في الكوزينة على «طابوري» صغير وهو مقعد خشبي بدون مسند وتعد»الكسرة «على الطابونة يوميا، كما تساهم أيضا في إعداد «الجاري بالفريك» و»الحميص» أما الأطباق الأخرى فلم تعد قادرة على إعدادها بحكم السن(85 سنة)، وهو نفس الشيء تقريبا بالنسبة لوالدة حسن قادري التي تبلغ من العمر 83 سنة لكنها لا تزال تعد الكسرة والجاري.
أما باقي أركان «دار عرب» فهي الأخرى كانت تحمل العديد من الذكريات وبالأخص في شهر رمضان أين كانت تجتمع العائلات والضيوف بالمجلس الذي يحتوي على «دكانة»، أما «السرايا» في دار عرب فهي تعادل الصالون في السكنات الحديثة، ويتم فيها أيضا استقبال الضيوف والتجمع في سهرات رمضان حول سينية القهوة والحلويات التقليدية، واليوم تتحسر»ما فطيمة» كما يناديها الجيران على تلك الأيام بعد أن أصبح اليوم كل واحد منشغل بحاله وانقطعت الزيارات إلا نادرا.
رائحة الأكلات التقليدية لا تزال تعبق  المدينة
ورغم كل التغيرات التي طرأت على المدينة القديمة وهجرة نسبة معتبرة من سكانها وتدهور حالة الكثير من البيوت وتهدم أخرى، إلا أن المتجول في رمضان في تلك الأحياء يعيش «نوستالجيا» خاصة تعيد له الحنين إلى الماضي، وما يميزها أكثر هي رائحة الأكلات الشعبية التي لا يزال سكان»دار عرب» محافظين عليها وحتى على تقاليد تقديمها، مثل»شباح الصفرة» التي تعد في بداية رمضان وفي نهايته أما باقي الأيام فيفضل الكثيرون» طاجين العين»، بالإضافة للبوراك أو البريك رغم أن الحاجة عبلة(73 سنة) والتي تقطن بالسويقة انتقدت بشدة طاولات إعداد البوراك في الشوارع في ظل عجز الكثيرات من بنات هذا الجيل على حد قولها على إعداد الأطباق التقليدية.
كما لا تخلو أيضا مائدة الإفطار في بيوت المدينة القديمة من الأطباق التقليدية الأخرى التي تكون كطبق ثالث بعد الجاري والبوراك و «الحميص» وغيرها أما سينية القهوة فهي الأخرى لا تخلو من  «حلوى الترك» و»النوغا»  و «الجوزية» و»الزلابية» وهذا قبل الدخول القوي  «للهريسة الحلوة» أواخر الثمانينات.
عادات اندثرت وأخرى مهددة بالزوال
ولا شك أن كبار السن  من سكان المدينة القديمة بدون استثناء يتذكرون العادات والتقاليد التي كانت تتميز بها تلك الأحياء في رمضان رغم اندثار الكثير منها مدفع رمضان الذي كان متواجدا في منطقة المنصورة، بالإضافة «لبوطبيلة» والمعروف عند سكان المشرق العربي بالمسحراتي، وكان يجوب الأزقة القديمة منادياً أهل الحي الواحد تلو الآخر قائلا «نوض تتسحر يا فلان» كما كان يستعمل الدف، وكانت العائلات تقدم له الحلويات ومبلغا من المال يوم العيد.
ومن بين العادات القديمة أيضا هي السهرات الموسيقية في المقاهي، أين كان يجتمع شيوخ المالوف في مقاهي المدينة القديمة في السهرات الرمضانية كمقهى ولد العيد، مقهى الجمة أو «القفلة»»وهو الاسم المستعار للحاج خوجة لعجابي، مقهى الشوافنية، مقهى بن يمينة، مقهى بولقمح أو كما تسمى مقهى عيسى الفرطاس وغيرها.
التقاليد المتبقية يرى الكثيرون أن مصيرها الزوال مع مرور الوقت في ظل تسارع عجلة التكنولوجيا ونفور الأجيال الجديدة عن كل ما هو تقليدي، بالإضافة لقرب ترحيل عدد كبير من سكان «ديار عرب» نحو سكنات جديدة.
ف.ز

هكذا صمدت زلابية رحبة الصوف في وجه الحلويات التركية و الشامية

لا تزال شوارع وأزقة المدينة العتيقة بقسنطينة في شهر رمضان تحتفظ ببعض خصوصياتها وسحرها لدى أهالي المدينة مهما تغير الزمن وتوالت الأحداث، وبعيدا عن محلات الحلويات الغريبة عن التقاليد القسنطينية سواء التركية أو السورية والتي غزت المدينة في العشرية الأخيرة، تبقى محلات الزلابية صامدة في وجه الزمن وتصارع التغيير، ومن بينها محل «عمي رابح الزلابجي» الواقع بوسط المدينة القديمة وبالتحديد بحي رحبة الصوف العتيق، ورغم تجليات الحداثة التي شملت شتى ملامح الحياة في المجتمع القسنطيني، إلا أنه يبقى لهذا المحل الصغير وقعه الرمضاني الخاص عند السكان، حيث يعتبر من أقدم محلات صنع  الزلابية وتعود جذوره إلى سنوات طويلة مضت.
إعداد: زين العابدين فوغالي
النصر زارت أقدم محل لصنع الزلابية برحبة الصوف و نقلت صورا حية في أمسية رمضانية دافئة، حيث يمتد طابور أمامه طويل من الزبائن من مختلف أنحاء الولاية وحتى من خارجها، ينتظرون دورهم لاقتناء الزلابية و الاستمتاع برؤية « عمي رابح»  رفقة مساعديه وهو  يتفنن  في  إعداد الحلوي التقليدية التي لا تخلو مائدة قسنطينية خصوصا وجزائرية عموما منها وبالأخص في شهر رمضان.
ورث الصنعة آبا عن جد وحمل المشعل
 سنة 1982
ويعد محل»حباطي» الأقدم في صناعة الزلابية في قسنطينة منذ زمن طويل، وتعتبر مدرسة عائلة «زعير» الأشهر في صناعة هذه الحلوي بالمنطقة، وتوارثتها جيلا بعد جيل حتى وصل المشعل إلى «رابح زعير» الذي بقي محافظا على الصنعة منذ 36 سنة، ويقول عمي رابح:» بدأت المهنة سنة 1982، أين تعلمتها من والدي رحمه الله، الذي يعتبر من أقدم صناع الزلابية في قسنطينة منذ 1948، وعملت معه في محل أخر بسيدي بوعنابة قبل أن ننتقل لهذا المحل برحبة الصوف، وكنا في الماضي نعدها بإشعال الحطب تحت قدر الزيت المغلى، وكنا نجلب الحطب من «الشالي» يوميا، ومع مرور السنين أصبحنا نعدها بالغاز»، كما أكد محدثنا تصميمه على البقاء على درب والده الذي أوصاه بالحفاظ عليها وعدم التفريط فيها مهما كلفه الأمر إلى غاية آخر يوم في حياته.
و تحدث عمي رابح بإسهاب عن علاقته بالزلابية وسر ارتباطه بها وعدم تغييره المهنة في ظل المتغيرات التي طرأت على المجتمع وتخلي الكثير على صناع الزلابية، وقال بهذا الخصوص:» من الصعب أن أتخلى عن هذه الصنعة فهي تسري في عروقي وهي بمثابة إرث عائلي من الصعب التخلي عنه بسهولة، كما أن والدي قبل وفاته أوصاني بالحفاظ عليها ما حييت».
وتتجلى للعيان الصعوبات  الكبيرة التي يواجهها عمي رابح ومساعدوه يوميا في المحل وخصوصا في فترة الصيف، أين تنبعث الحرارة الكبيرة من قدر الزيت المغلي الذي تصنع فيه الزلابية، وهو ما يضطره لغلق المحل طيلة أشهر الصيف باستثناء شهر الصيام، كما أن المهنة لم تعد مربحة كما في السابق على حد قوله، في ظل عزوف المواطنين على اقتنائها خارج شهر رمضان.
طوابير تبدأ عند التاسعة صباحا
و يبدأ  عمي رابح في تحضير المكونات من سميد وزيت وعسل ويعد العجينة البيضاء في وقت مبكر من الصباح، ثم يبدأ العمل على مدار اليوم ، وتبدأ طوابير الزبائن تتوافد على محله الصغير برحبة الصوف بداية من التاسعة صباحا إلى قرب موعد الإفطار، كما يستعمل وسائل بسيطة في عمله كمقص لفصل قطع الزلابية وهي في قدر الزيت، و»سفود» لتقليب القطع قبل نضجها وحملها نحو قدر العسل، و»كسكاس» الذي يعد المرحلة الثالثة في العملية، أين توضع فيه قطع الزلابية بعد غطسها في العسل، وهذا حتى تنزل الكميات الزائدة منه، وتستمر العملية طيلة اليوم، ثم بعدها يقوم بإعداد «المقرقشات»، كما أكد صاحب المحل أنه لا يتلاعب أبدا في مسألة النظافة والتي يعتبرها رأس ماله ولولاها لما كسب ثقة الزبائن لسنوات طويلة.
شهرة تعدت حدود «رحبة الصوف» ومغتربون يروجون لها
ولم يكتسب محل عمي رابح الزلابجي برحبة الصوف سمعته بالصدفة، بل كانت نتيجة سنوات من العمل والوفاء لهذه المهنة مما جعل  شهرته تتعدى رحبة الصوف وأصبحت مطلوبة من مختلف أنحاء الولاية، وحتى من زوار خارج قسنطينة، كما أن هناك مغتربون من أبناء المنطقة كانوا يأخذون معهم كميات كبيرة قبل عودتهم إلى فرنسا و كندا وحتى الولايات المتحدة، كما حدثنا أحد الزبائن أن شقيقه المغترب بفرنسا طلب منه أن يصور له فيديو للمحل وطريقة إعداد الزلابية ويرسلها له حتى يستعيد ذكريات زمان على حد قوله، ويضيف رابح زعير:» من بين الأسباب التي جعلتني أتمسك بالزلابية هي حب الناس لها، رغم أننا لا نكسب منها شيئا بالمقارنة مع محلات الحلويات الأخرى، والأكل السريع، وفي الكثير من الأحيان لما يقصدنا مسكين لا يملك ثمنها نمنحها إياه دون مقابل»، وعن سبب عدم توسعة النشاط وصناعة أنواع أخرى مثلما يفعل صناع الزلابية الآخرون في قسنطينة، فأرجع عمي رابح السبب إلى ضيق المحل، كما انتقد من يصنعون الزلابية الصفراء التي اعتبرها دخيلة على العادات القسنطينية، أما بالنسبة للزبائن من مرضى السكرى فتترك لهم كمية صغيرة على جنب لا يتم غطسها في العسل.
وتصادف وجودنا بالمكان مع قدوم اللاعب السابق لشباب ومولودية قسنطينة سمير بلعمري الذي أكد للنصر أن محل عمي رابح هو «البنة» التي بقت من شهر رمضان مقارنة بالماضي، بعد أن تغير كل شيء وانتقل أغلب السكان الأصليين لرحبة الصوف نحو مناطق أخرى، ورغم هذا هم يلتقون في كل أمسية رمضانية ويأخذون معهم الزلابية إلى بيوتهم.
مخاوف من اندثار الصنعة
ولم يخف  عمي رابح تخوفه من اندثار صناعة الزلابية مع مرور الوقت، وأرجع هذا لعدة عوامل أبرزها، وفاة أغلب كبار صناع الزلابية في قسنطينة وعدم حمل أبنائهم المشعل وغلق محلاتهم  مثل محل «الرصيف» وتحولها لمحلات بيع الألبسة أو المأكولات السريعة، بالإضافة لعزوف الشباب والجيل الجديد عن تعلمها نظرا لصعوبتها وبحثهم عن الربح السريع السهل دون تعب على حد قول محدثنا، كما استرجع ذكريات قسنطينة في الماضي وبالأخص قبل الثورة أين كانت المدينة تعج بمحلات صناعة الزلابية بمن فيهم توانسة قدموا إلى قسنطينة ، وكان وقتها المواطن القسنطيني في شهر رمضان يقوم بجولة طويلة في جميع المحلات ليقتني الزلابية الأفضل.
ولم يكن اقتناء الزلابية في السابق مقتصرا على شهر الصيام فقط، بل كان القسنطينيون يفضلون تزيين مائدتهم بها في العديد من المناسبات والأفراح وكانوا يعتبرونها «فال» على حد تعبيرهم، وبالأخص في فترة تقطير الزهور أين كانت الزلابية الأكثر طلبا في هذه الفترة وكانت بمثابة الجائزة بعد الانتهاء من عملية التقطير، بالإضافة لأفراح العائلات القسنطينية كالخطوبة و ثقب أذن البنت قبل بلوغها، والنجاح في الشهادات الدراسية، وأول حلاقة للطفل الصغير و الحصول على شهادة السياقة ومناسبات أخرى، أما اليوم فيقول عمي رابح لم تبق  إلا القليل من العائلات المحافظة على هذه العادات، أما الأغلبية فأصبحت اليوم تقتني الحلويات الغربية في أفراحها.          
فوغالي.ز

يقصدها الساسة و مشاهير الفن والرياضة لتذوق أطباقها

اليشير.. مدينة الشواء التي لا تنام  تنحني للأطباق التقليدية
استقبلتنا بلدية اليشير وغيوم الدخان تتصاعد من مشاوي مطاعمها، وسط حركية كثيفة بشارعها الرئيسي، وازدحام للمركبات المركونة بالحظائر والساحات المجاورة للمشاوي والمطاعم التي تتراص على طول الشارع المجاور للطريق الوطني رقم 05، فهذه المدينة الواقعة غرب ولاية برج بوعريريج،لا تزال تحتفظ بمكانة بارزة بين المدن الجزائرية، باعتبارها واحدة من بين المدن الشهيرة بمطاعمها وأطباقها، خاصة ما تعلق منها باللحوم والشواء، لدرجة أنها تستقطب كبار السياسيين ومشاهير الفن والرياضة والمسافرين العابرين لمحاور الطرقات الكبرى. بالرغم من افتتاح شطر الطريق السيار العابر بجوار هذه المدينة منذ سنوات، إلا أنها تحافظ على زبائنها القادمين من مختلف ولايات الوطن لتذوق أطباقها، رغم تكبّدهم لمشقة تحويل المسار من الطريق السيار إلى الطريق الوطني رقم 05.
روبورتاج و تصوير: عثمان بوعبدالله
يكتظ الطريق العابر وسط مدينة اليشير بحركة المسافرين، و تتراص مختلف المركبات مشكلة طوابير طويلة بجوار الطريق الوطني رقم 05، ليقصد ركابها المطاعم المنتشرة كالفطريات على طول الطريق، فيما ينتشر عشرات الشبان بجوار الطريق لجلب انتباه المسافرين والمارة والترحيب بهم، و دعوتهم للدخول إلى الساحات المجاورة لمطاعمهم، فلم تعد حرفة الشواء و فتح المطاعم كافية بهذه المدينة التي لا تنام، بل أصحبت بحاجة إلى ترويج و تنويع لتستقطب أكبر عدد من الزبائن.
النصر قصدت المدينة التي لا تزال تصارع من أجل البقاء كأيقونة جزائرية خالصة، متخصصة في خدمات الإطعام و استقبال المسافرين، رغم التغييرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة، على رأسها السيولة الكبيرة لحركة السير على الطريق السيار المحاذي لهذه المدينة، مقارنة بحالة الاكتظاظ و الزحام على الوطني رقم 05 في الجزء العابر بها.
الأطباق التقليدية تزاحم الشواء و تستقطب المسافرين
 إن الانتشار الكبير للمطاعم على طول الطريق، أفرز حالة من التنافس بين أصحابها، حيث لم تعد اليشير مدينة تشتهر بالشواء فقط، بل أصبحت تتنافس على تقديم ألذ الأطباق التقليدية والعصرية، بديكورات تجمع بين الأصالة والمعاصرة، لتوفير الظروف المناسبة لراحة المسافرين و قاصدي هذه المطاعم، فأصبح بإمكانك أن تجد في المحل الواحد، جناحا مخصصا للأطباق التقليدية بديكور تقليدي، يحتفظ بأدق تفاصيل أيام زمان، من الخيمة المنصوبة وسط المحلات، إلى الأدوات المستعملة في النسيج وتقديم المأكولات و المياه و الحليب ومشتقاتها، منها الأواني الفخارية والنحاسية و الأكواب و الصحون المصنوعة من الطين والملاعق الخشبية.
ناهيك عن تهيئة أجنحة أخرى عصرية، تحت شعار «كل شيء موجود» ، حتى الأطباق العصرية، فأصبحت المطاعم توفر مختلف الأطباق وأنواع اللحوم والفواكه، خلافا لما كانت عليه قبل سنوات، أين كان التركيز منصبا على شواء اللحم و تقديم الأطباق العادية.
إن زائر مطاعم اليشير حاليا، لا يكاد يخرج منها دون أن تلبى له جميع طلباته، بما فيها توفير  أنواع و أصناف مختلفة من اللحوم كلحوم الأرانب و السمان و البوزلوف والدجاج البلدي ولحم الماعز، ناهيك عن تنويع الأطباق تقليدية منها، ما هو محلي وأخرى من الولايات المجاورة ، على غرار أطباق الزفيطي و الشخشوخة التي تتميز بها منطقة بوسعادة بولاية المسيلة، فضلا عن الأطباق العصرية الأخرى.
إلى جانب المطاعم العصرية و طاولات الشواء التي تنتشر بكثرة في المدخل الغربي لمدينة اليشير، على طول الشارع الرئيسي، لاحظنا بـأن بعض أصحاب المطاعم، بحكم المنافسة الشديدة، و خوفا من الإفلاس، لجأوا إلى أساليب جديدة أكثر تميزا، كصاحب مطعم خيمة الأصالة الذي اهتدى إلى التركيز على الأطباق التقليدية و اعتماد ديكور تقليدي على شكل خيمة، داخل المطعم و بالفناء، ما جلب إليه اهتمام المسافرين العابرين عبر الوطني رقم 05 ، و خاصة  عشاق الأطباق التقليدية.
أكد لنا مسير المطعم استقبال الخيمة لمواطنين من مختلف ولايات الوطن وحتى من الخارج، ناهيك عن تعود وجوه سياسية بارزة و نجوم الفن والرياضة والإعلام، النزول بالخيمة خلال سفرياتهم، على غرار الفنانين الشاب كادير الجابوني،أمين تي جي في و الشاب خلاص و مقدم برامج المنوعات و الترفيه سفيان داني و اللاعب الدولي ايسعد بورحلي  و اللاعب الدولي السابق عصاد و  سرار عبد الحكيم و غيرهم، بالإضافة إلى الفرق الرياضية وفرق كرة القدم خلال تنقلها بلاعبيها و مسيريها، ناهيك عن المسؤولين والمشاهير الذين يقصدونها خلال تنقلاتهم عبر الطريق الوطني رقم 05.
إيريك.. سائح فرنسي يستهويه طبق «الزفيطي»  و الشيشة
تصادف تواجدنا بالخيمة بقدوم سائح فرنسي مع شاب مغترب، و خلال تحدثنا معهما ، أكد الفرنسي إيريك ديرايسو القادم من منطقة «ماكرون»، حوالي 10 كيلومتر عن ضاحية ليون بفرنسا ، في مهمة عمل بمصنع « أوكزو»، أنه انبهر بجمال الجزائر، التي تتوفر على مناظر و امكانيات سياحية هائلة ، تجمع فيها بين الساحل والصحراء وأجواء الربيع، مشيرا إلى تعوده منذ مجيئه على التنقل لبلدية اليشير لتناول وجبات العشاء، و وقع اختياره على خيمة الأصالة، لأنها تقدم أطباقا تقليدية مختلفة راقته، مثل الزفيطي  الشخشوخة، مضيفا بأن هذه الأطباق صحية و طبيعية، تبتعد في تحضيرها عن المصبرات و المواد الكيمائية،  ناهيك عن مذاقها الرائع، و زيادة على ذلك يوفر الديكور التقليدي للخيمة و الأواني النحاسية وأطباق الطين و الفخار، راحة نفسية وأجواء بديلة عن تلك التي توفرها المطاعم العصرية بفرنسا ، و حتى بالجزائر، مشيدا بحفاوة الاستقبال و إعجابه بالشيشية التي يختتم بها السهرة داخل الخيمة.
و قال مرافقه و هو شاب مغترب، بأنه سمع الكثير عن اليشير وعن اشتهارها بالشواء و مطاعمها، ما جعله يقصدها خلال فترة تواجده بولاية البرج في مهمة عمل، مضيفا بأن أصوله من ولاية البليدة التي تشتهر هي الأخرى بأطباقها التقليدية، غير أنه اكتشف المطبخ التقليدي لولاية البرج والمناطق المجاورة لها، خاصة ما تعلق منها بطبق الزفيطي الذي يبدو في الوهلة الأول أنه من الأطباق الحارة، غير أن تذوق الأكلة  والتعود عليها، يجعلك تتمتع بمذاقها و فوائدها الصحية .
كما وجدنا بالخيمة مجموعة من الشباب : الصالح، سعيد، حليم و غيرهم، و كذا عائلات،  قالوا لنا أنهم اختاروا هذه الخيمة، لأنها توفر لهم ميزة تغيير الأجواء و تبعدهم عن الروتين اليومي، و الجدران الملونة والمساحات المغلقة لتحتضنهم الخيم و الديكور التقليدي، مؤكدين أن الأطباق العصرية لم تعد تستهويهم، خاصة بالنسبة لمستعملي الطرق، لعدم معرفة مكوناتها و استعمال الزيوت ومواد غير صحية في تحضيرها، لكن الأطباق التقليدية يكون فيها صاحب المطعم مجبرا على استعمال المواد الطبيعية للحصول على المذاق المرغوب.
افتتاح شطر الطريق السيار منذ سنوات لم يطفئ نور المدينة
تعتبر مدينة اليشير من المدن الحيوية ليل نهار، حيث يشهد شارعها الرئيسي حركة دؤوب طوال فترات اليوم، و تبقى خدمات المطاعم والمقاهي بها متواصلة، حتى خلال ساعات الليل المتأخرة، ما يجعلها قبلة لأصحاب الحافلات و سيارات الأجرة و سائقي مركبات الوزن الثقيل، القادمين من مختلف ولايات الوطن.
بالرغم من الفوائد العديدة لمشروع الطريق السيار، الذي مكن المسافرين من اختصار الوقت و المسافة من عاصمة الولاية، إلى حمام البيبان دون المرور بمدينة اليشير، في أقل من نصف ساعة، فضلا عن الانخفاض الملفت لحوادث المرور، و وجود صعوبة بالغة لمستعملي الطريق الوطني رقم 05، لاسيما بالشارع الرئيسي لمدينة اليشير المزدحم بحركة المرور، غير أنها لم تفقد حركيتها، وبقيت تحافظ على زوارها من مختلف أرجاء الوطن، حيث ساهم في ذلك اشتهارها بتجارة اللحوم ومطاعمها، خصوصا بعد انتباه أصحاب المطاعم إلى ضرورة التغيير و تحسين الخدمات، بعد مرورهم بفترة عصيبة استمرت لأشهر عقب افتتاح الطريق السيار قبل حوالي 08 سنوات، كادوا فيها أن يرفعوا الراية البيضاء و الاستسلام للأمر الواقع، بعد تدني مداخليهم، التي بقيت لا تغطي حجم المصاريف ، حسبهم لعدة أشهر، و تعتمد في خدماتها على زبائنها من داخل الولاية فقط.
حنين و علاقة حميمية تربط المسافرين و النجوم بمطاعم اليشير
هذه الوضعية لم تدم طويلا، حيث عاد الوهج لمدينة اليشير، بعودة الناقلين والمسافرين بالحافلات والزبائن الأوفياء من مستعملي الطريق، وهو ما لمسناه في حديثنا مع البعض منهم ،خاصة لدى العائلات وبعض العمال الذين ينحدر معظمهم من ولايات الشرق والعاصمة، المتعودين على السفر في كل أسبوع، حيث أكدوا على وجود علاقة حميمية تربطهم بهذه المدينة الصغيرة، و ذكريات تعود إلى سنوات لا يمكن فيها لمسافة قصيرة، أن تحرمهم من استحضارها، فضلا عن الخدمات المقدمة التي يستحسنها الكثير من الزوار، خصوصا من العائلات،  وهو ما لفت انتباهنا بالقرب من المطاعم الواقعة في المخرج الغربي لبلدية اليشير التي تزين واجهاتها بصور لنجوم الرياضة الذين قصدوها، على غرار المدرب الوطني السابق رابح سعدان و ثعلب المساحات اللاعب ايسعد بورحلي و الممثل الشهير عثمان عريوات، و وجوه فنية ورياضية كثيرة.
وأوضح أحد الزوار و هو من الجزائر العاصمة، كان مرفوقا بأفراد عائلته على متن مركبته الخاصة، بأنه تعود على دخول  بلدية الياشير عبر المحول القريب، للاستمتاع بالوجبات المقدمة في مطاعمها، خصوصا الشواء، إلى جانب أخذ قسطا من الراحة مع أولاده و أفراد عائلته، معتبرا أن  فتح الطريق السيار، زاد من تعلقه بهذه المطاعم، كون حركة السير أصبحت أكثر سهولة مما ساعد على تجنب شلل الحركة و الازدحام، و كذا اختصار الوقت بحوالي ثلاث ساعات كاملة، مقارنة بما كانت عليه، ما يعطيه أريحية في أخذ قسط من الراحة بالمطعم مع أفراد عائلته، قبل مواصلتهم الرحلة، كما يمنحه المكان فرصة لاستعادة أرشيف الذاكرة ، ليروي لأولاده وأفراد عائلته ذكريات نزوله بهذه المطاعم مع والديه وأصدقائه .
غادرنا بلدية اليشير في ساعة متأخرة من الليل وحركة المرور لا تزال تملأ شوارعها، و كأنها تبعث برسالة تتحدى فيها متغيرات الزمن، بأنها ستبقى ولا تزال وفية لتقاليدها، و ثرية  بخدماتها ومطاعمها للمسافرين وزوارها الأوفياء،  ممن تجمعهم بها ذكريات الصبا و سفريات العمر التي لا تنتهي و لا تحلو، إلا بالمرور بشارعها الرئيسي وتذوق أطباقها الشهيرة ومغادرتها جسدا، دون التفريط في رائحة شوائها، و تخليد ذكريات مرت عليها عقود و سنين.    
ع/ب

ليست هناك تعليقات: