الخميس، نوفمبر 15

ويسالونك عن مدينة العقول المغلقة قل قسنطينة ام الحواضر

ملف طباعة إرسال إلى صديق
الأربعاء, 14 نوفمبر 2012
عدد القراءات: 348
تقييم المستخدمين: / 0
سيئجيد 
في انتظار  مشاريع كبرى  لتغيير وجهها
قسنطينة  تفقد روح  التمدن  وتتحول إلى  تجمع سكاني ضخم
قسنطينة أصبحت  مدينة مرهقة فلا يمكن لزائرها أن يصمد لساعات بسبب الفوضى المتفشية بأجزائها ومعالم اللاتجانس التي تظهر لزائرها من أول وهلة، المدينة اليوم  أصبحت مرادفة لمفهوم العشوائية التي لا تجدها في الجانب العمراني فقط بل في التصرفات الفردية والجماعية وفي طريقة العيش وحتى الكلام.
قسنطينة التي تنعت بأم الحواضر فقدت الكثير من وهجها ووقارها وتحولت إلى مجرد تجمع سكني ضخم يفتقر إلى النظام ولروح التمدن، لا هي بريف ولا بمدينة، تقع في منطقة وسطى تجعل العيش بها مشقة ترهق الأجساد والنفوس وتجعل الفرد في حالة صراع مع كل شيء.
لولا تلك الجسور الصامدة والتي تربط بين صخرتين تصنعان شموخ المدينة وسر سحرها ،لما وجد بسيرتا ما يستدعي الاهتمام، تبدو مكتظة  خانقة و صاخبة، وفي نفس الوقت هي راكدة  وبلا حياة،  المدينة التي تمتد بجذورها إلى ما يزيد عن 2500 سنة  من ينظر إلى واقعها يتخيلها قرية صغيرة تطورت إداريا لتنعت بالمدينة، جزؤها القديم يبدو مهملا والجديد يفتقد إلى الروح والذوق.  تبدو بلا نسق.. حالة من الفوضى الممتدة نهارا وخواء مسائي يعطي الانطباع بأن قسنطينة مدينة نهارية وفقط.
يجمع الكثيرون على أن قسنطينة فقدت الكثير خلال السنوات الأخيرة وما طرأ عليها من تغيير كان مشوها لروحها وخصوصيتها، فحتى وإن ظلت تلك البنايات الجميلة قائمة إلا أنها  تبقى محاطة بمعالم من التدهور لتزيدها تأثيرات الورشات تشوها، ويرتسم بذلك مشهد متناقض  يخترق فيه الجمال الطبيعي لسيرتا تلك الحواجز التي تحول دون إكتمال الصورة التي تستحقها المدينة الشامخة.
فوضى ، صخب تشوهات عمرانية، أرصفة محتلة وطرقات مختنقة، تلك هي الصورة الأولى التي يكونها أي زائر للمدينة يتوق إلى التمتع بجمال عاصمة الشرق التي طالما  تغنى  بها الشعراء وألهمت الأدباء، قسنطينة اليوم ليست قسنطينة الأمس  ويعد المشرفون على شؤونها بغد أكثر إشراقا  ببرمجة مشاريع “ضخمة” و “واعدة” تعيد لها بريقها وتحولها إلى قطب سياحي.
وتختلف آراء المختصين في أسباب التراجع منهم من يتحدث عن مخطط متعمد فيما يحمل آخرون المسؤولية للقادمين من الأرياف ،بينما يرى آخرون أن المسؤولية مشتركة مع إشتراك البعض في أن قسنطينة لا تزال مدينة مؤثرة ولها وزنها.

أعد الملف : نرجس كرميش

مدينة قديمة تحتضر  وجديدة بلا روح
يرى مختصون أن المدينة القديمة المصنفة تراث عالمي لم يعد لها وجود فيما يتحدث المشرفون على عملية الترميم بتفاؤل أكبر بينما  يوجد إجماع على أن المدينة الجديدة أبعد ما تكون عن بديل و أنها مجرد مربعات عمرانية تصلح مراقد وفقط.
قسنطينة اليوم لها وجهان قديم يتهاوى وآخر جديد بلا روح ولا نسق، فالمدينة القديمة ملف مفتوح منذ 1984 لكنه لم يخرج من دائرة الدراسات والمخططات الموصوفة بالإستعجالية، بعد أن عاينها خبراء محليون وعالميون قدموا مقترحات تم تجميعها في مجلدات بينما إشتدت أزمة سكن حولت البيوت القديمة إلى  معبر نحو السكن الاجتماعي لتفعل الأيدي المخربة من السكان فعلتها في التاريخ .
وتدريجيا تحولت السويقة وغيرها من الأحياء ذات الطابع العمراني التركي إلى ديكور من الخراب بعد أن أعيد احتلال بنايات مهجورة أدخلت عليها تعديلات بالقصدير والإسمنت، وتحول ما هو مهجور إلى وكر للمتعاطي المخدرات والباحثين عن اللذة المسروقة، لتكون النتيجة مدينة آيلة للسقوط.
وقد أثارت عمليات ترميم أمر بها الوالي السابق بما يعرف بشارع ملاح سليمان  وقبلها عمليات هدم طالت عشرات البنايات، جدلا كبيرا وكانت في تحريك برنامج توجيهي تطلب أربع سنوات من العمل رغم وجود وثيقة مرجعية سميت بمخطط ماستر أعدها خبراء إيطاليون بعد تنظيم ورشات وندوات استغرقت الوقت الكثير وقيل عنها الكثير.
المخطط التوجيهي لترميم المدينة القديمة عرض مؤخرا في نسخته النهائية على المجلس الولائي بأفكار أثارت ردود فعل متباينة في أوساط المنتخبين بينما يصر أساتذة على أن المكتب غير مؤهل لرسم معالم مشروع بهذه الأهمية  وبدى العرض تقنيا جدا ومجرد تصور عام بالنسبة للبعض، بينما يراه المكتب الدراسي وثيقة مرجعية لأي نوع  من الأشغال يتضمن شقا إستعجاليا وآخر طويل الأمد.
لكن الوثيقة تضمنت أرقاما خطيرة عن الوضع الحالي لنسيج عمراني يمتد على 84 هكتارا، حيث أنه ومن مجموع 1164 بناية تصنف 575 بناية في حالة متدهورة مقابل 133 بناية في وضعية جيدة و312 بناية في وضعية متوسطة، ويحذر التقرير من أن هناك 248 بناية في حالة تدهور متقدمة و136 بناية في حالة قصوى من التدهور بينما تظل 139 بناية شاغرة ومهدمة جزئيا  فيما تشكل أنقاض 88 بناية أخرى خطرا على سكان الجزء السفلي للسويقة  غير القابل للاسترجاع في كل الحالات كون ما هو قائم من المنازل محاط بالركام.
التصور الجديد مبني على خلق فضاءات للتوقف ونشاطات تجارية لها علاقة بطبيعة الحي أو الشارع  مع القيام بأشغال ترميم دقيقة وحماية متواصلة مع التأكيد على ضرورة ترحيل  مئات العائلات المقيمة وسط الأنقاض والمبرمجة ضمن المخطط السكني الجاري تنفيذه، وقد سبق لوالي الولاية وأن أكد للنصر أن حصة ب500 سكن خصصت للحالات الإستعجالية بالمدينة القديمة معترفا بوجود وضعيات لا إنسانية لا تحتمل الانتظار ولا يمكن أن تطبق عليها البرمجة.
علي منجلي التي تعتبر أول مشروع مدينة جديدة في الجزائر تعد من مفاتيح أزمة السكن بقسنطينة لكن الاهتمام بالجانب الكمي طغى على المشروع واختصره في مجرد تجمعي سكني ضخم لا يستلهم من روح  قسنطينة.  ما يعتبر متنفسا للمدينة القديمة مكون من 20 حيا كبيرا تحت مسمى وحدات جوارية،  يسكنها 200 ألف نسمة والعدد سيتضاعف حسب مدير السكن إلى 400 ألف نسمة في 2014.
لكن  هذه المدينة على شساعتها وامتدادها من حدود بلدية قسنطينة إلى الخروب وعين اسمارة تبقى دون مستوى كلمة مدينة أولا لأنها إداريا مجرد قطاع حضري يفوق عدد سكانه سكان البلدية الأم وهي الخروب و أيضا  لافتقارها للكثير من المرافق، فطرقاتها مهترئة  وشوارعها غارقة في القاذورات، حتى تلك العمارات المبنية حديثا تدهورت بشكل كبير، الفضاءات المخصصة للراحة والمساحات الخضراء أصبحت مزابل للركام ومرتعا للكلاب الضالة وتوحي تلك الأشواك والأعشاب التي نبتت على جوانب البنايات بوجود نقص في الاعتناء بالمحيط، زيادة على أن المدينة تفتقر للخضرة وتبدو في بعض أجزائها وكأنها صحراء قاحلة، زيادة على  حالة من سوء التوزيع لما توفر من المرافق التي بنيت سنوات بعد إعمار المدينة، واقتصرت على خدمات الصحة والبريد وملحق بلدي قبل أن تلتحق بعض البنوك و الإدارات في السنوات الأخيرة، عدا ذلك المدينة لا نجد بها مواقف للحافلات أو قاعات للسينما أو  ملعب يعكس تعدادها السكاني ولا حتى إشارات توجيه أو مرور، حتى الأحياء مجرد أرقام خلقت لبسا في الأذهان جعل السكان يحتفظون بأسماء أحياء قديمة كـ «باردو» و «الفوبور»  و «نيويورك» و «شارع رومانيا»  و «سوطراكو» وغيرها مع اتخاذ بعض البنايات  كالمساجد والأسواق كنقاط استدلالية للوصول إلى وجهة ما.
حال المدينة صدم الوالي الحالي الذي خصها بأول زيارة ميدانية له لما وجده من تدهور دفع إلى توجيه ملف إلى الحكومة لإعادة الاعتبار للمدينة في كل القطاعات بداية بالتهيئة وتوسعة وتجديد الطرقات إلى إعادة شبكات المياه و الصرف إلى الإنارة العمومية ومرافق متعددة قد تعطي المدينة ملامح بعد  حوالي 15 سنة من اعمارها.
العمليات رصد لها مبلغ ضخم يقدر  ب3700 مليار سنتيم منها 1400 مليار إعتمادات تم رصدها هذه السنة  على أن يصب المبلغ المتبقي سنة 2013 وتعد السلطات بتغيير وجه المدينة  في انتظار  ترقيتها إلى بلدية أو دائرة لأنها حالية تشكل عبء على ثاني أكبر البلديات وتحظى باهتمام ثانوي من طرف مسؤوليها تحت مبرر قلة الإمكانيات. ن/ك  /تصوير ش.قليب



والي الولاية نور الدين بدوي
قسنطينة ستتحول إلى متحف مفتوح
يجزم والي الولاية السيد نور الدين بدوي أن قسنطينة ستتغير ملامحها في ظرف ثلاث سنوات، إلا أنه يصف واقعها بالكارثي ما يتطلب برأيه عملا دقيقا و إستعجاليا بعيدا عن مفهموم العصرنة، مشيرا بأن الهدف هو تحويل المدينة إلى منطقة سياحية و متحف مفتوح بعد إنهاء عمليات الترحيل.
الوالي و في تصريح للنصر، أكد أنه  وبعد إنهاء عمليات الترحيل المكثفة التي تشمل عددا معتبرا من العائلات  سواء ضمن برامج العقود السارية منذ سنة أو مختلف الأنماط ،سيتحول وسط مدينة قسنطينة إلى متحف مفتوح  معترفا بأن قسنطينة في  حالة تدهور و  تتطلب العمل والكثير من الصبر ،إلا أنه يرى  بأن معالمها ستتغير في ظرف لا يتعدى ثلاث سنوات.
السيد نور الدين بدوي  يعتبر  بأن العمل الجاري  لا يمثل سوى 10 أو 15 بالمائة من طموحات قسنطينة، وقال أن المجمع الحضري قسنطينة لا يشمل المدينة العريقة فقط بل  يمتد إلى زواغي و علي منجلي والخروب وهو محور سيتم ربطه بترامواي  ما يسمح بخلق حركية اقتصادية وتجارية.
المسؤول يعترف بأن قسنطينة كانت أجمل  وهي بحاجة إلى عمل جبار وتطهير  ،قائلا أنه سبق وأن زار قسنطينة كطالب نهاية السبعينات و أحبها وتعلق بها لأنها مدينة مميزة ،وبعد أن عاد إليها كمسؤول أحس بوجود فرق وتراجع كارثي يتطلب التأهيل بالاستعانة  بمختصين  لأن الأمر لا علاقة له بمزاج المسؤولين مشيرا بأنه كوالي غير مؤهل لاختيار الألوان والأنماط التعميرية لأن ذلك من صميم عمل خبراء في المجال.
الوالي  يعتبر حضيرة  باردو المقرر إنجازها عوض مشروع التحديث على امتداد  140 هكتار كفضاء للاستجمام والترفيه مشروعا هاما  يفتح قسنطينة ويخلصها من حالة الاختناق و هو مشروع كما أضاف يدخل ضمن نسق التهيئة التي شرع فيها بالقرب من فندقي آكور بقلب المدينة  .
وقال بأن المرحلة الحالية تتطلب إجراءات وعملا استعجاليا  لإعادة قسنطينة إلى ما كانت عليه ،لكنه يرفض المقارنة بينها وبين سطيف لأن الأمر يتعلق ب"حالتين مختلفتين  ومن كل الجوانب كون قسنطينة مدينة تشكو من مشاكل المدن الكبرى"  وهي حاليا لم تتعد، برأيه، مرحلة إعادة التأهيل  لتعدد مشاكلها كالنظافة  والحفر والتحسين الحضري  و الإنزلاقات، ورفض بدوي الحديث عن العصرنة  في ظل المشاكل الحالية كالشاليهات  بالقول يجب أن نكون بسطاء في التفكير وفتح المجال للمتخصصين، متسائلا كيف لا تتوفر ولاية بهذا الحجم على فندق خمسة نجوم، وبدا رئيس الجهاز التنفيذي متفائلا بالقول أنه لو تم تنفيذ المشاريع الجارية يمكن القول أنه تم قطع أشواط كبيرة لإعادة الاعتبار للمدينة. ن/ك
الأحياء الراقية لم يعد لها وجود
"سيدي فكرون" وظاهرة البازارات غير المرخصة
تعرف الأحياء الراقية بالمدينة  تغيرا في ملامحها و اختفاء تدريجيا للفيلات المكونة من القرميد والحجر الأزرق لتعوضها عمارات وبازارات  تحجب الرؤيا في ثقافة جديدة قضت على جماليات تلك الأحياء.
الجميل في أحياء قسنطينة التي كانت تعرف بالراقية أنها كانت هادئة وذات نسق منتظم مكونة من بيوت صغيرة بحدائق تطل منها أغصان أشجار الليمون والبرتقال والورد التي تعبق هواءها وتنثر زهرا ووريقات تعبر عن روح مدينة ، الأزقة بداخلها كانت مقسمة بشكل يتيح التنقل بداخلها بشكل سلس يعكس المعنى الحقيقي للحي السكني.
لكن أحياء كسيدي مبروك بجزئيه العلوي والسفلي و المنظر الجميل و باب القنطرة  والمنصورة، عرفت في السنوات الأخيرة تحولات مسخت الصورة الجميلة لترسم وجها نجده في أي مدينة أخرى، بنايات شاهقة تشبه العمارات وحتى القصور ولا تعبر بأي شكل من الأشكال مهما كانت فخامتها عن قسنطينة، ويعتبر سيدي مبروك من أكثر الأحياء تعرضا لتلك التحولات التي صنعت روايات حول عودة اليهود وغيرها من الإشاعات التي تعبر عن ما يشبه الصدمة، فسيدي مبروك المعروف اليوم ب “سيدي فكرون" لا إنقاصا من قيمة المدينة الثانية التي تعد تجارية بامتياز وإنما كونها صورة مكررة  بأعالي شرق  قسنطينة فأعرق أحياء قسنطينة على الإطلاق يعرف تحولات كبيرة منذ سنوات جعلته حيا تجاريا شبه ، كون الرخص التي تمنح للبناء لا تتضمن بازارات وإنما محلات عادية كما أنها تتعلق ببنايات ذات طابقين على الأكثر بسطح.
وحسب مصدر تقني من البلدية فإن 90 بالمائة من البنايات مخالفة للرخص ومع ذلك يتزايد عدد الحالات وبطريقة متسارعة جدا، ويشهد الحي دخول سكان جدد كون أصحاب الفيلات والمنازل القديمة يبيعونها لأسباب لها علاقة بالإرث أو بسبب الأسعار المغرية بتلك الجهة، حيث يباع منزل بخمسة ملايير ويهدم لتبنى عوضه عمارة قد تكلف ضعف ثمنه في مسلسل تتجدد حلقاته يوميا أمام أعين سكان الحي ما أسال لعاب الكثيرين وجعلهم يعرضونها للبيع، وقال لنا مواطنون أن أغلب البنايات الجديدة  مهجورة كون السبب ليس السكن و إنما فتح بازار.
لم يعد خافيا على أحد أن سيدي مبروك قد أصبح أقرب إلى منطقة تجارية منها إلى  حي سكني في جزئيه العلوي والسفلي، حيث تبدو من بعيد تلك البنايات الفخمة التي تتشكل من عدة طوابق تجارية نجد خلفها سكنا  ولا نسمع عن حالة هدم واحدة طيلة الفترة السابقة، رغم أن مصالح البلدية تشكل محاضر مخالفة  وتوجه اعذارات، حيث  تفيد الأرقام المتحصل عليها أن  هناك 16 اعذارا وجهت منذ بداية السنة والعشرات من المخالفات.
وهي أرقام لا تعبر، حسب مصدرنا، على الوضع الحقيقي الذي يشهده الحي كون  البلدية لا تتوفر على ما يكفي من إمكانيات  لمسح المنطقة وتكتفي فرقها بما تلاحظه في حين أن أغلب الأشغال تتم ليلا أو في أيام العطل الأسبوعية وبوتيرة قال محدثنا أنها قياسية،  مستغربا سكوت الجهات الوصية على الأمر وتجاهلها لما يحدث بحي يفترض أن له طابع عمراني  معروف، و قد وجهت البلدية تقارير تتساءل فيها إذا كان سيدي مبروك قد حول إلى حي تجاري وتطالب بدفتر شروط يفرض على أصحاب الملفات عوض العشوائية التي تطبع عملية خلق فضاءات تجارية.
وقد أودع أصحاب البنايات التي يحترم فيها دفتر الشروط ملفات للتسوية رغم أن القانون الجديد لا يسري على أغلبهم لكن  الخطوة تعطل وفق ما صرح به التقني أي تدخل زيادة على انعدام متابعة من مديرية التعمير.       ن/ك
مدينة تسكنها الأشباح ليلا
تكاد الحياة أن تتوقف بداية من السادسة مساء بمدينة تنعت بعاصمة الشرق حيث يجد سكانها صعوبة في التنقل أو ممارسة حياتهم مساء لانعدام أماكن للترفيه أو الجلوس أو حتى شروط التنزه سيرا.
كل محاولات خلق حركية بالمدينة ليلا فشلت بداية بالنقل إلى الحركية التجارية وصولا إلى الحياة الثقافية، بينما انتعشت نوعا ما ببلديات مجاورة أو حي بوالصوف غرب قسنطينة، بسبب زبائن الشواء والمثلجات ومرتادي سوق بعينه يقع في علي منجلي،  عدا ذلك لا يخرج الناس للتنزه أو الاستمتاع بجمال مدينة تكون أجمل ليلا، فحتى تلك الأضواء التي تزين الجسور ومغارات الكورنيش و التي كانت فكرة جيدة ، رغم تأخرها، لم تحث على الخروج ليلا، حيث تهجر المدينة بداية من الساعة السادسة .
وقد اضطر المواطنون إلى الإلتزام بريتم أصحاب السيارات الأجرة الذين يتوقفون عن العمل في الأوقات الرسمية ويقتصر العمل مساء على حافلات القطاع العمومي بعدد محدود لانعدام المردودية  وخوفا من عصابات الحافلات التي اعترضت طريق الكثير من العربات، ما جعل العدد القليل من المواطنين الذين يجدون أنفسهم في الشارع ليلا اضطراريا لسبب أو لآخر يتنقلون بصعوبة.
والأغرب أن المحلات التجارية التي تخلق حركية و اكتظاظا نهاريا  بالشوارع الرئيسية خاصة شارع فرنسا تغلق قبل السادسة إلى درجة أن التسوق يكاد يكون مهمة مستحيلة ولا نجد سوى سلال الخبز الموضوعة أرضا وبعض الباعة الفوضويين بمحيط سوق بومزو وإمتدادات شارعي بوجريو والعربي بن مهيدي، حتى المطاعم نادرا ما تفتح بعد الثامنة مساء، لتسكن الوحشة أرجاء قسنطينة في مشهد مناقض لنهار يعمه الصخب و الإختناق.
يبرر إتحاد التجار صعوبة العمل بالمشكل الأمني و إنعدام زبائن، فيما يقول الناقلون أنهم غير مستعدين للمغامرة بعرباتهم وحياتهم  مطالبين بتوفير الأمن، ورغم أن المداومة ليلا كانت محل قرارات ولائية لولاة متعاقبين ،إلا أنها ظلت حلما للجميع بما في ذلك السلطات التي تعترف بأنها عاجزة عن خلق ليل قسنطيني، حتى التظاهرات الثقافية التي عادة ما تنظم مساء لم تكسر القاعدة رغم وجود تهافت معتبر على بعضها، حيث يكتفي الجمهور بالمشاهدة ولا يجد بمحيط المسرح أو دار الثقافة شيئا يستدعي البقاء لوقت أطول ليلا، كون تلك الساحة البائسة المسماة بـ «لابريش»  لا تعدو كونها مجرد مساحة تحوي طاولات تعلوها شمسيات تقدم مثلجات وفقط. ن/ك


الأستاذ عبد المجيد مرداسي باحث في علم الإجتماع
قسنطينة تعرضت إلى مخطط سياسي للتخلص من تأثيرها
يرى الباحث في علم الاجتماع وتطور المجتمعات أن قسنطينة تعرضت مباشرة بعد الاستقلال إلى مخطط  للتخلص من تأثيرها كمدينة لها ثقلها لتتحول من أكبر مدينة بالجزائر إلى أصغر ولاية مؤكدا أن الهجرة لم تكن عاملا سلبيا بل صنعت  الوظيفة القيادية لعاصمة الشرق التي تبقى برأيه ورغم تفكيكها مدينة مهمة إلا أنه يعتبر وصفها بمدينة العلم والعلماء مجرد وهم.
الأستاذ مرداسي  يؤكد أن هناك عدة مشاكل متعلقة بالتاريخ وأخرى لها علاقة بحركة المجتمع ومؤسسات الدولة وكذلك ديموغرافية المدينة وجذورها،  وتاريخيا قسنطينة  و عبر  مختلف المراحل كانت عاصمة تؤثر في المحيط، وقطبا فعالا في الإقليم سواء في السياسة أو الثقافة وخاصة في عهد الاستعمار.
فقد كانت أكبر ولاية فرنسية  في مساحة الإقليم ب17 ولاية  ، ومن بين خصوصيتها في منظوره  أنها كانت الولاية الأكثر ارتباطا  بالهوية الجزائرية  بحجم عدد السكان المسلمين بها،  مقارنة بالعاصمة ووهران، وهي أيضا المدينة الأكثر  تأثيرا  كونها عرفت بمركز انفتاح سياسي وثقافي وإعلامي قوي، ففي حركة المواطنة خلال الاستعمار شكلت قطبا للمنادين بالإصلاح الجمهوري والمساواة في الحقوق المدنية  حيث شكل  اتحادية  منتخبي الإدماج الدكتور بن جلول، «الإصلاح الديني أيضا كانت قسنطينة  مركزه»  وفي الحركة الوطنية اعتبرت،  كما  يضيف مركز إشعاع حيث نجد ضمن مجموعة  “21”  «»16 عنصرا من قسنطينة  وضواحيها كذلك في مجال الحركة الجمعوية حيث كانت  بها  في الثلاثينات 100 جمعية تنشط في مختلف المجالات.
الباحث يرى أن مشكلة قسنطينة بدأت بعد الاستقلال كون النظام المركزي آنذاك كان يخشى تأثيرها على الحراك السياسي، والنتيجة أنها الآن أصغر ولاية في الجزائر، لأن التقسيم الإداري كان يهدف ،حسبه ، إلى  تقليص مكانة قسنطينة في الحقل السياسي و الاجتماعي لتتحول إلى مدينة منكمشة  وبلا تأثير.
«المدينة عرفت حركة مجتمع وحركة هجرة لم تكن ظرفية بل كانت هيكلية.. من جاؤوا إليها كانت تحذوهم نوايا تكوين أو نوايا تنشيط بحثا عن موقع نخبوي،  كونها مثلت مركز إشعاع ومقصدا للعلم والتجارة والدين والسياسة ،  كانت بمثابة الختم بالنسبة للقادمين من مناطق تمتد حتى الحدود التونسية وعمق الصحراء» وهو ما يجعل  هذا المختص في تطور المجتمعات يعتبر حركة الهجر من المعطيات التي تصنع الوظيفة القيادية للمدينة الميتروبولية والتي تم  كسرها  على حد تعبيره بعد الإستقلال.
وبالعودة إلى بنية المدينة نجد أنها في بداية الاستقلال كانت مقسمة، قديمة وأوروبية و إمتداد، اليوم عندما نصف المدينة نجد 4 قسنطينات، الأصلية أي القديمة بأحيائها المعروفة، البديل أي كل ما هو أوروبي وينسب أساسا لرئيس البلدية مورينو الذي كان وراء العمران الأوروبي والجسور والمدارس والكازينو، وثالث مدينة هي الإمتداد أي  كل ما يدخل ضمن مشروع قسنطينة 58 ، ويصل  حتى السيلوك من بنايات H lm   ورابع جزء  يعد امتدادا لمشروع قسنطينة  ويشمل كل ما هو موجود داخل المدينة  كفيلالي، 20 أوت، دقسي وغيرها من الأحياء.
فحركة الهجرة  كما يواصل المتحدث ، لم تكن  في اتجاه واحد ، بل كانت هناك حركة معاكسة  بعد أن اختار  قسنطينيون وجهات أخرى،  «كما لا ننسى أنه سابقا كانت الناس تسكن إما بالمدينة القديمة أو الأوروبية أما اليوم  هناك ضواحي  أعادت للمدينة صفة المدينة الحاضرة «ميتروبول»» .
وإذا كان البعض ينظر للوافدين  من زاوية دخلاء لكن الأستاذ مرداسي يعتقد أن هذه الفئة صنعت تفاعلا إيجابيا ،لأن الناس يعطون قيمة إضافية للمدينة، متحدثا عن حالة من عدم التفاعل والتكامل حاليا بين مؤسسات الدولة  من مجالس منتخبة وجهاز تنفيذي  والمجتمع القسنطيني.
وعن الحركية الجديدة التي تعرفها الولاية أجاب المصدر أن المشاريع الضخمة  تفرض على قسنطينة ولا تعبر بالضرورة عن رغبة أو احتياجات سكانها،   متحدثا عن وجود جهاز تنفيذي يريد السيطرة على القرارات  ومنتخبون غائبون وبعيدون عن المجتمع ،  مؤكدا بأنه وفي بداية الاستقلال نصب شخص في وزن  سليم راشي و متسائلا «هل يوجد اليوم من يعرف من هو المير ؟»
ويرى محدثنا أن مشاكل قسنطينة لا تتلخص في النقل والحياة الصعبة بل هي و أبعد من ذلك  وتتعلق بروح المدينة وبمستقبلها على المدى البعيد،  وعلق الباحث «أن ما يقال عن أنها مدينة العلم والعلماء كذبة..  أين هو صدى هذه التسمية؟ مشيرا بأنه و  في الستينات كانت هناك نوادي ومقاهي وأماكن للنقاش تشهد حركية نخبوية وكان الطلبة يلتقون  ويتناقشون، وهو ما لا نجده اليوم  بولاية بها 100 ألف طالب .
و يرفض مرداسي سياسة البكاء على الماضي التي يعتبرها تشاؤما  ملحا على ضرورة احترام الوافد لأنه كما يقول ابن قسنطينة  ويساهم في ترقيتها،  مؤكدا أن الحل يجب أن يكون شاملا أي اجتماعيا و ثقافيا وسياسيا لرفع الضغوطات كي لا تبقى المدينة أسيرة حسابات سياسوية  كانت عائقا أمام تحرير الطاقات في المدينة .
«كل المدن العظمى هي مجرد مزيج و قسنطينة لها كل العناصر لتكون حقلا لمزيج عبقري هي مدينة ّأكبر من أن توصف بالكبرى وفقط.. هي مدينة مهمة  ولا يزال يحسب لها ألف حساب هي مدينة المستقبل» هكذا لخص الأستاذ مرداسي عبد المجيد تصوره  لقسنطينة واقعا ومستقبلا.  ن/ك


محمد الطاهر عرباوي رئيس بلدية سابق
نصف سكان قسنطينة في السبعينات من النازحين
يحمّل طاهر عرباوي  واحد من أكثر أميار بلدية قسنطينة  شعبية مسؤولية التدهور الحاصل بالمدينة للمواطنين والمسيرين على حد سواء ويرفض نعت النازحين بالعبء حتى وإن شكلوا أكثر من نصف عدد السكان في فترة السبعينات كما يطالب بالمزيد من الاستشارة والدقة فيما يتعلق بمشاريع القطب السياحي المقرر خلقه بقلب قسنطينة.
بصفتك رئيس بلدية سابق في العصر الذهبي للمدينة كيف تراها اليوم؟
قسنطينة اليوم أكبر  وعدد سكانها في تزايد مستمر مقارنة بفترة تسييري للبلدية( 1975ـ  1984) في تلك الفترة كنا نتكلم عن قسنطينة الكبرى كنا نتطلع للخروب و ديدوش مراد و حامة بوزيان وعين سمارة لانجاز مشاريع جديدة الدراسات توصلت إلى خلق مدينة جديدة على أراضي فلاحية ذات مردود ضعيف.
إعطاء رأي حول الراهن لا يمكن أن يكون بواسطة حكم عام بل حالة بحالة، مثلا الكدية حي تطبعه الايجابيات هو مهيأ و طرقاته معبدة  كما أن عملية رفع القمامة به منتظمة ومنظمة ، واجهة جميلة لكن داخل العمارات لا  يختلف عن باقي أرجاء المدينة،  حيث نجد حالة من انعدام نظام داخلي  يعتمد على روح التشارك بين السكان ما خلف نقصا في الصيانة والنظافة  ، الأرصفة في حالة  تدهور  كما لا توجد أماكن للعب .. هل هي نفس المعطيات بباقي الأحياء؟ مثلا  بوالصوف غير مجهز كما يجب وكذلك الزيادية و لابو م و سيدي مسيد، ومع ذلك أي حكم عام يكون ناقصا  وغير صحيح  سواء بهذه الأحياء أو بالمدينة ككل، كنا سابقا نعد  جداول بأسماء الأحياء واحتياجاتها تمكننا  من تكوين صورة  يومية  وتحديد الأولويات والتحرك وفق ما هو متاح من إمكانيات.
كثيرون من يحملون النازحين مسؤولية الترييف ، هل ترى أن الاستقطاب قد أضر بقسنطينة؟
النزوح الريفي هو حركة للسكان عرفتها كل جهات الوطن لأسباب معروفة قبل الاستقلال وبعده،سنة 1975 قسنطينة كان نصف عدد سكانها أو أكثر من هذه الفئة التي كانت تبحث عن حياة أحسن، نصفهم كان يقطن بأحياء قصديرية كانت تبنى في 24 ساعة.
المجهودات المبذولة في السنوات الأخيرة أنقذت الآلاف من تلك العائلات وما تبقى  في طريقه للاختفاء، لكن القول بأن قسنطينة كانت ضحية الظاهرة يعني مناقضة الحقيقة، لأن أغلب  أبناء النازحين يحملون شهادات جامعية واشتغلوا إطارات بالمدينة  وبكل جهات الجزائر التي تفتخر بهم، لذلك أرى إن التفكير بتلك الطريقة أمر تجاوزه الزمن.
يطلق على قسنطينة مدينة المزابل لماذا أصبحت البلدية عاجزة عن القيام بمهمتها الأولى؟
بالنسبة لمسألة النظافة  التي تعد مشكلة حقيقية أجد أن الطريقة الحكومية التي تجري على مستوى الوطن منذ فترة هي الأحسن لأنها تعتمد على وسائل تتجاوز  وسائل البلديات البسيطة نوعا ما ، كما أنها غير محدودة بالوقت وتخضع لمتابعة وتقييم ورقابة،  مثل هذا الأسلوب مكن قسنطينة  من  الحصول ولسنتين متتاليتين ( 83 و84)  على الجائزة الأولى  للمدينة الأنظف، إلا أن تلك الطريقة التنافسية التي أطلقتها وزارة الداخلية تم التخلي عنها رغم مزاياها.
كثر الحديث عن مشاريع عصرنة وإخلاء وسط المدينة أيمكن أن نخلق مدينة سياحية دون سكان؟
بالنسبة لمشروع تحويل وسط المدينة إلى قطب سياحي دون سكان اعتبر ذلك سابقة تتطلب المزيد من المعلومات ثم هل تم عرض الخطوط الكبرى على نطاق واسع للاستشارة والشرح،  كما أن المشروع يتطلب دراسة شاملة وتقديم مجسمات واضحة حتى تتضح الصورة،  وبالنسبة للكلفة أليس من الأجدى تسخير تلك الأموال في نفس الوقت لتحسين  ظروف الأحياء والتجمعات مع البقاء في الإطار السياحي، هذه الأموال يمكنها إنقاذ وترميم وتحسين كل ما وهبه الله لهذه المدينة العريقة.. إذا هو موضوع يتطلب التفكير أكثر واستشارة   تقنية أكبر زيادة على جمع تصورات المواطنين.
برأيك قسنطينة ضحية سكانها أم مسؤوليها؟
طرح مثل هذا التساؤل يعني أن قسنطينة لا تمثل سوى الجانب السلبي وهذا يبدو لي مبالغة،  أكيد أن المدينة تشكو نقصا في التحضر والتربية بصورة عامة ، فالمدرسة لها مسؤولية  لأنها مجال لنشر أفكار إيجابية حول النظافة واللباقة والاحترام، لذلك أرى أن السكان  والسلطات يقتسمون كل نجاح أو إخفاق في الحياة المشتركة، وفي بعض المجالات، كالنظافة مثلا،  تكون مسؤولية المواطن أكبر. ن/ك
مشاريع تصنع معالم أزمة نقل و ..مفاتيح حلها أيضا
من المفارقات التي تشهدها عاصمة الشرق أنها  ظلت دون مخطط نقل طيلة 15 سنة، وهي فترة عرفت بالعشوائية و الإرتجالية ما أوقعها تحت تأثير أزمة نقل حادة  وخلق حالة من الاختناق المزمن.
من الأشياء التي تسترعي الإهتمام بقسنطينة لأول وهلة،هو الإختناق في الطرقات وخاصة المنافذ والفوضى المرورية المتفشية بشكل يعطي الإنطباع بأنه لا يوجد أي ضابط لهذه الحركة، وما زاد الأمر تعقيدا تلك القرارات التي تتسم أحيانا بالعشوائية في ظل غياب مخطط نقل بثالث أكبر مدن الجزائر منذ 15 سنة، حيث كانت البداية بإخراج محطات الحافلات من وسط المدينة وإعادة توزيع مواقف سيارات الأجرة بشكل جعلها خالية تماما من المواطنين ودفع إلى الأرصفة والطرقات التي تصنع يوميا ديكورا من الفوضى وتتحول إلى محطات موازية في مشاهد تعبر عن ضعف في التحكم لا ينكره المشرفون عن النقل بالبلدية ويرجعونه لمحدودية البدائل بمدينة ضيقة وتشهد حركة عبور مكثفة يوميا في ظل محدودية منافذها، ما جعل الجميع يكتفون بتسيير واقع لا يخلو من التعقيدات التي أرقت حياة المواطنين وحولت التنقل إلى مشقة،  حيث تمت طوابير طويلة في ساعات الذروة وأحيانا كثيرة خارجها وتتشابك الحركة نتيجة حالة من اللاإحترام للقانون في ديكور يتجدد يوميا رغم المحاولات المتكرر لتدارك بعض القرارات.
وقد مكن قرار منع دخول شاحنات الوزن الثقيل من تخفيف الحركة بشكل كبير لكنه لم يقض على أزمة تبقى مرهونة بمشاريع كبرى تعد أيضا من أسباب إشتدادها، حيث أن الترامواي الذي يفترض أن يستلم ماي المقبل يعد من مفاتيح تخليص المدينة من الإختناق لكن صنع لثلاث سنوات معاناتها أيضا لما تطلبه من غلق للطرقات كطريق بن عبد المالك الذي يعد من أهم مداخل المدينة، وأيضا طريق السيلوك وتطلب المشروع تعديلات في الحركة أرهقت المواطن وجعلته يسخط على مشروع تتم المراهنة عليه كون هذه الوسيلة سلسة في الحركة فهو مكون من 27 عربة  حيث يبلغ طول العربة الواحدة 42 متر بطاقة تقدر ب400 شخص على أن تعمل بسرعة 20 كلم في الساعة بمعدل رحلة كل ثلاثة دقائق ذهابا وإيابا، وهو ما يمكن من نقل 6000  شخص  في الساعة.
مشروع الجسر العملاق الذي يعد بديلا مهما لجسر سيدي راشد المعرض للانهيار والذي أغلق لعدة مرات لأشغال صيانة استعجالية، تأثيراته كانت أقل وقعا لكنها ساهمت في تعطيل الحركة بأجزاء مهمة من المدينة سيما بالمخرج المؤدي إلى سكيكدة و عنابة وجنان الزيتون، وهو مشروع يهدف إلى خلق مدخل بديل للمدينة يكون مربوطا بالطريق السيار عبر جسر ضخم ينجز بآخر تكنولوجيات الهندسة المدنية، وإلى ان يتجسد المشروعان  تبقى المدينة تحت وطأة أزمة حيرت خبراء فرنسيين وجعلت السياقة فن لا يتقنه إلا من يحترف المراوغة ويعرف أزقة قسنطينة جيدا، حيث ورغم توفر  أكثر من ألف حافلة و3000 سيارة أجرة يجد الناس صعوبات في التنقل اليومي لغياب مخطط نقل كل مرة تقدم آجال لتنفيذه ويبقى معلقا إلى أجل غير مسمى. ن/ك

فاطمة الزهراء قشي أستاذة في تاريخ المدن
قسنطينة تريّفت لأنها مستقطبة لا مستوعبة
ترى الدكتورة فاطمة الزهراء قشي أستاذة وباحثة في تاريخ المدن أن قسنطينة تريّفت كونها استقطبت أعدادا من  الوافدين تفوق طاقتها على الاستيعاب، ما جعلها تخضع لنمط عيشهم  لغياب قنوات تساعد على الاندماج،  إلا أنها ترفض المقارنة مع مدن أخرى نظرا للثقل التاريخي للمدينة وترى أن الماضي لم يكن مشرقا دائما وأن المشاريع ستعيد بناء علاقة المواطن بالمدينة.
الباحثة أكدت أن المواطن أصبح يشعر أن نسق المدينة ناقص  و أنها لم تعد تلبي الحاجات وهو برأيها شعور يعكس الواقع لأن المدينة تحولت إلى مدن، و المشكل في نظرها  متعدد الأطراف كون  المدينة توسعت في ظرف قصير ولم تعد تستوعب الوافدين إليها ، بحيث طغى عدد الوافدين على المستقرين لدرجة أن المدينة «تريفت» وفقدت ما يعتبر بطابع المدينة الحاضرة، «شكل المدينة تدهور و اندثر والسلطات لم تستطع المواكبة بسبب الإهمال الذي طبع السنوات الأولى لغياب سياسة للحفاظ على المدن»، كما تسجل حالة من الاحتقار لنمط السكن القديم واللجوء إلى السكن الاجتماعي  بحيث أصبح الكل يبحث عن شقة .
المدينة كبرت و بدأ ذلك قبل الثورة وأثناءها بهروب الناس من الجبال والقرى و حشرهم في محتشدات بعد أن أخرجهم الاستعمار من دواويرهم  وبعد الاستقلال دخلت قوافل أخرى بغرض الدراسة أو العمل، ما جعل قسنطينة استقطبت عددا كبيرا من السكان في وقت قصير ، وعوض أن تستوعبهم استوعبوها، كون المدن كانت سابقا تستقطب  أفرادا موسميين وتدريجيا تجرفهم فيستقرون بها لأنها تجذب ثم تؤدي إلى النزوح ليبدأ الشخص في التكيف وفق قالب الدار فالحي فالمدينة  و التي تأخذ وقتا كافيا  لتربيته على سلوك حضاري، أما الآن  فنجد 90 بالمائة من الطلبة من خارج قسنطينة كل واحد يعيش بتقاليده الخاصة،وعندما نحلل تقول المختصة نجد أن الوافد لا ذنب له  لأنه لا توجد قنوات تسمح له بالاندماج  في المدينة لأن العدد يفوق طاقة المدينة.
الجانب الثاني في تحليل المتحدثة هو فكرة الترميم التي تعتبرها معقدة وتتطلب تصورا مسبقا لكن ما حصل  في نظرها يعد عملا متأخر وناقصا ، المشكل  وفق تصور الباحثة حضاري سياسي  و اقتصادي ، ففوضى السكن مثلا مترتبة عن أزمة،  في وقت يلجأ فيه الأفراد إلى أنماط معيشة يردون أن يقدمونها في غير محلها ،لكن الأستاذة قشي ترى أنه  لا يمكن مقارنة قسنطينة بمدن أخرى  تبدو لنا أحسن  لأنه ليس لها ثقل حضاري و نفس درجة الاستقطاب كقسنطينة،  كما أن الطبيعة الطوبوغرافية تلعب دورا كبيرا ولا تتيح التحكم في العمران مثلما هو الشأن بسطيف مثلا.
التدهور موجود في كل النواحي تقول المؤرخة مضيفة أن ما  نجده من سلوكات مشينة  تطبعها الفوضى لا يعد خاصية قسنطينية ، فالمدينة كانت «صغيرة وحاضرة محضية» العلاقات بين الأحياء بها  معروفة  و منظمة ،أما الآن فكل شي مفتوح حيث تشهد صعوبات في التنقل ومن الصعب جدا الوصول إلى وسط المدينة مثلا،  لكنها ترى أنه وفي ظرف سنتين أو ثلاثة سيعاد تركيب علاقة  السكان بوسط المدينة .
و في المقابل تشير الباحثة أنه لا يمكن القول بأن كل شيء سلبي «خرجنا من ضيق الصخر العتيق  ولم نعد نفكر في الصخر وفقط.. إنتقلنا إلى مدن متعددة الرؤوس، غيرنا مفهوم علاقة الساكنة بالموطن الأصلي» فلا يمكن في اعتقادها أن نظل نبكي على الماضي الذي لم يكن مشرقا كما يعتقد أغلبية الناس، ففي القرن الثامن عشر «كانوا يقولون المدينة تم اكتساحها  لأنها مدينة لطالما كانت مستقطبة» تضيف المتحدثة .
الإشكالية وفق وجهة نظر الأستاذ قشي  متعددة الأسباب وشائكة لأنها تشمل كل الجوانب لكن البدائل اليوم غير مدروسة   ومع ذلك  ومهما يكن  لا تزال قسنطينة تستقطب برأيها   كونها مدينة تجارية رغم الصعوبات في التنقل  وستساعد المشاريع على تحسينها في ظرف لا يتعدى 3 سنوات إلا أنها تحمل السكان مسؤولية بعض النقائص. ن/ك
 http://www.annasronline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=42439:2012-11-14-19-36-17&catid=35:2009-04-13-14-10-18&Itemid=2

أقسام خاصة منوعات
قراءات (14256)  تعليقات (136)

رغم عدم وجود نص يقضي بحظر المُحجبات من الشاشة

منع نصيرة مزهود من تقديم نشرة الخامسة بالحجاب وتعويضها بالصحفية وسيلة لبيض

رابح / ع
تلفزيون الجزائر المسلمة يحارب الحجاب !
تلفزيون الجزائر المسلمة يحارب الحجاب !
تصوير: (ح/م)

خلافات مهنية بين مزهود ومدير الجزائرية الثالثة فجاء الحجاب ليكون "شمٌاعة" إزاحتها عن النشرة

إيمان محجوبي، حورية حرٌاث وسوسن بن حبيب.. صحفيات كان الحجاب حجرة عثرة لاستمرارهن في التقديم

يبدو أن ارتداء الصحفية المعروفة نصيرة مزهود، للحجاب بعد أدائها لمناسك الحج، سيُعيد فتح ملف الصحفيات المُحجبات اللائي استُبعدن من تقديم نشرات الأخبار. وهذا على الرغم من عدم وجود تعليمة أو نص صريح يقضي بمنع المحجبات من تقديم الأخبار. هكذا تحوٌلت عديد الكفاءات الصحفية "النسوية" في التلفزيون الجزائري إلى ضحايا لمجرد قرارهن التحجب، لعل آخرهن مقدمة نشرة أخبار الخامسة على الجزائرية الثالثة السيدة مزهود.
بعد مُرور أيام من انفراد "الشروق" بخبر تحجب الصحفية نصيرة مزهود، كان الجمهور يترقب مشاهدة أول صحفية محجبة تقدم نشرة أخبار التلفزيون الجزائري. إلا أن شيئا من هذا لم يحدث والظاهر أنه لن يحدث. خصوصا في ظل تأكيد مصادر عليمة من مبنى اليتيمة لـ"الشروق" أن حجاب مزهود عجٌل باستبعادها من التقديم، إذ أن العام والخاص في "الجزائرية الثالثة" يعرف حجم الخلافات المهنية بين مزهود ومديرها، عبد الرحمان خلاٌص، الذي أتته الفرصة - وعلى ما يبدو- ليبعد الأولى ويزيحها من الشاشة. حيث سبق منع نصيرة مزهود، من تقديم النشرة لأزيد من أسبوع بسبب خلاف نشب بينها وبين رئيسة التحرير، مريم سخري، المقربة جدا من المدير.
والحقيقة أن تحجب السيدة مزهود، عاد ليؤكد مجددا أن التلفزيون الجزائري لا يزال يواصل سياسة منع ظهور الصحفيات المحجبات على مختلف قنواته. اللهم إلا إذا كان الأمر يعبر عن قناعات شخصية أو قرارات ارتجالية من كافة المديرين الذين تعاقبوا على إدارة "اليتيمة" التي تعد - للتذكير- المؤسسة العمومية الوحيدة التي لا تحتوي على مُصلى ما يضطر موظفيها للصلاة في المكاتب.
وإلى ذلك، يبدو أن مدير الجزائرية الثالثة، قد وجد البديلة الجاهزة لتعويض ابنة ديرته "عين الدفلى"، حيث تم تعويض مزهود بالصحفية وسيلة لبيض. لتنظم بذلك الأولى إلى قافلة الصحفيات المحجبات المستبعدات عن تقديم الأخبار، رغم خبرتهن على غرار إيمان محجوبي أو حورية حراث التي سبق لها تقديم حصة "المؤشر الاقتصادي" لكن بمجرد قرارها التحجب استبعدت. والأمر نفسه بالنسبة للصحفية سوسن بن حبيب، والأمثلة كثيرة لصحفيات مقتدرات وآية في الجمال وفصاحة اللسان كان الحجاب حجرة عثرة لوصولهن إلى مقعد تقديم نشرة الأخبار.
ومن المعروف أن نصيرة مزهود، تُعد من أقدم مقدمات الأخبار والحصص السياسية، حيث تربعت على عرش نشرة الثامنة لعدة سنوات، وشكلت ثنائيا ناجحا وبارزا مع الصحفي علي وجانة، وكانت من الرافضات لهجرة أرض الوطن في سنوات الدٌم والدمار. فهل يكون هذا جزاؤها؟ مع العلم أن قنوات رائدة مثل "الجزيرة" والـ"بي. بي. سي" يسمح فيهما لمقدمات الأخبار التحجب.. وحتى التلفزيون المصري بعد الثورة رفع الحظر عن الحجاب. والسؤال الذي يظل مطروحا: لماذا لا يزال الحجاب "محظورا" في التلفزيون الجزائري، رغم أنه لا توجد تعليمة بذلك؟.