الأربعاء، أبريل 29

وتحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية؟

وتحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية؟
2009.04.29
بقلم الدكتور أمين الزاوي
يا سبحان الله هذه إسرائيل، نعم هي إسرائيل، تحتفل على طريقتها الإسرائيلية بالقدس عاصمة الثقافة العربية 2009. وحين تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية فإنها "تعرف جيدا" كيف ولماذا ومتى تحتفل بهذا الحدث.
لكم، يا سبحان الله، تقدر إسرائيل الشعر والشعراء وهي التي حولت الشارع حيث يسكن شاعرها المدلل يوسف عجنون صاحب جائزة نوبل للآداب، حولته إلى شارع مشاة فقط وكتبت في مدخله "الصمت إن عجنون يكتب".
هي "الدولة" التي"تحب" الشعر ها هي تحتفل بالقدس عاصمة للثقافة العربية ولها في ذلك طقوسها.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية على طريقتها الإسرائيلية بفرض ثقافة الأمر الواقع.
تحتفل بالقدس عاصمة للثقافة بأن تمنع الاحتفالية عن الفلسطينيين وعن عربها أيضا.
تحتفل بالقدس بأن تهين المحتفلين عربا ومسلمين ومن دار في فلكهما.
تحتفل إسرائيل بالقدس بأن تصادر مزيدا من أملاك المقدسيين، بأن تقضم الأرض شبرا شبرا.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بهدم بيوت المقدسيين على رؤوسهم، بيتا بيتا، في محيط الحرم الشريف، وتغري آخرين وتضيق عليهم لكي يبيعوا أملاكهم لها ولزبائنها من المتطرفين.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بأن تنتخب "ليبرمان" وتنتخب رئيسا لحكومتها اسمه "نتنياهو".
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بأن تسحب الهويات من سكانها كي تطردهم خارج أسوارها.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بأن يصعد اليمين المتطرف، الذي لا يختلف عن اليسار أو الوسط، سدة السلطة.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بأن توسع الحفريات وتشدد الحصار حول بيت القدس والذي أذكر يسميه المسلمون "أول القبلتين وثالث الحرمين" وترتفع أصوات لها من اليهود المتشددين مطالبين استعمال المسجد الحرام وباحته لصلاة اليهود.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بأن تفرز ثقافة تدنيس بيت القدس والقبة والصخرة وتجريد المكان من كل رموزية ومن كل روحانيات ومن كل مخيال إسلامي.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بأن تعلن بيت المقدس مكانا مهجورا قابلا للاستيطان الديني.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بأن تربط أسفل الحرم الشريف بقطار يجول ويصول في أنفاق تحت أساسات المسجد الذي أصبح واقفا في الهواء معرضا في كل لحظة للتحطيم والسقوط.
تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بأن يعلن جناح متطرف في جيشها بأنه يدرب مجموعة من الشبان على الطيران ويعدهم لإطلاق صواريخ على المسجد الحرام.
هكذا تحتفل إسرائيل بالقدس عاصمة للثقافة العربية فعل وفعل وفعل وفاعل.
وكيف يا ترى يحتفل العرب العاربة والمستعربة بالقدس عاصمة للثقافة العربية 2009 من المشرق إلى المغرب؟
يحتفل العرب العاربة والمستعربة بالقدس عاصمة للثقافة العربية في صرف الأموال على الحفلات، حفلات الراي وحفلات الراب وحفلات الروك وحفلات التكنو والحفلات والحفلات والأنخاب. ويحسبون ذلك نضالا وثقافة وحبا في القدس الشريف.
يحتفل العرب العاربة والمستعربة بالقدس عاصمة للثقافة العربية بالكلام الكثير والتنديد العظيم.
يحتفل العرب العاربة والمستعربة بالقدس عاصمة للثقافة العربية 2009 برفع الشعارات الكبيرة المنفوخة كـ: "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية" أو "القدس قبل كل شيء" أو "سنعود" وتضحك إسرائيل منا كثيرا.
يحتفل العرب العاربة والمستعربة بتنظيم الأماسي الشعرية وكما في كل مرة، ومنذ ستين سنة، يقنعون بعضهم بعضا بأن القدس عربية.
والعرب العاربة والمستعربة مقتنعة منذ ستين عاما وأكثر بذلك. وحين يحاول العرب العاربة والمستعربة إقناع بعضهم بعضا بأن القدس عربية فكأن في هذا الأمر شكا.
يحتفل العرب العاربة والمستعربة بالقدس عاصمة الثقافة العربية بحفلات الغناء "الشجي" و"الثوري" و"الملتزم" و"الفصيح" و"الشعبي" و"الديني" و"الكردي" و"البربري" و... و... و.....
ويحتفل العرب العاربة والمستعربة بالقدس عاصمة للثقافة العربية بالرقص رقص الدبكة والعلاوي والشرقي والخليجي والسوداني والقبائلي والوحدة ونص ورقصة ستي، و... و... و..... لأن العرب العاربة والمستعربة شعب رومانسي فهو يحتفل بالقدس عاصمة للثقافة العربية بالبكاء أيضا والمواويل والآياي والآهات والعتابا.
يحتفل العرب العاربة بالقدس عاصمة للثقافة العربية 2009 وهم يقنعوننا بأن لهم فواتير تصرف وأموالا تشتت على هذا الاحتفال.
كل ما يبدد من أموال على احتفالات العرب بالقدس عاصمة للثقافة في بلد العرب عاربة ومستعربة تضييع مال وتضييع وقت
فالأجدى لو أن هؤلاء العرب، ما دامت إسرائيل قد منعت الاحتفال في القدس، نقلوا احتفالاتهم إلى دول أجنبية ونظموا في أمريكا أو أوروبا أو اليابان أو الصين أو أستراليا بعض التظاهرات لتحسيس الرأي العام الدولي وجلب انتباه بعض المتعاطفين مع القضية الفلسطينية على قاعدة ذلك التعاطف الكبير الذي حصل مع شعب غزة أثناء العدوان الهمجي عليه من قبل إسرائيل، لو أنهم استغلوا هذا التعاطف العالمي وهذا التجند في الرأي العام الدولي ونظموا أمسيات شعرية قرئ فيها شعر محمود درويش مثلا، أو نظموا أسبوعا للفيلم الفلسطيني مع ميشال خليفة وغيره، أو نظموا معارض حول أملاك القدس، مع خرائط وعقود ملكيات هتكت، ولو أنهم طالبوا من المقدسيين الذين هجروا غصبا من ديارهم بتجميع قطع رمزية للأماكن التي عاشوا فيها، فأقاموا منها معرضا للذاكرة، ضد النسيان، لو أنهم فعلوا هذا لكانت الاحتفالية أعظم وأكبر وأنفع وأشرف.
لو أنهم ترجموا كتبا في التاريخ والأدب الفلسطينيين إلى لغات العالم مثل الصينية واليابانية انتهاء بالإنجليزية لكان تسويق صورة فلسطين أعظم وأكثر حضارة.
أيها العرب العاربة والمستعربة إننا مقتنعون بأن القدس عربية فاقنعوا غيرنا.

ليست هناك تعليقات: