الجمعة، يونيو 16

الإشارات اليهودية في رواية ذاكرة الجسد

الإشارات اليهودية في رواية ذاكرة الجسد
ميلاط نور العروبة
الإشارات اليهودية في رواية ذاكرة الجسدرواية ذاكرة الجسد المنسوبة لأحلام مستغانمي ليست بالرواية العادية سواء اتخذنا مقياس النجاح الخرافي الذي حققته و الذي فشل في الوصول إليه الكثير من عمالقة الأدب العربي ، أو اتخذنا مقياس الضجةالكبيرة التي رافقت صدورها و التي تضمنت إتهامات خطيرة للشاعرة السابقة بسرقة روايتها ، والعجيب هو أن كل المتهمين بأبوتها رجال: شاعران هما سعدي يوسف و نزار قباني، وروائيان هما حيدرحيدر و شاب مصري مغمورإضافة إلى والدهاالمجاهد. سؤال من كتب ذاكرة الجسد؟ كان محركا لدراسة معمقة و شاقة قمت بها منذ فترة ولقد توصلت إلى نتائج مثيرة للتساؤل. من بين الحقائق التي أثارت إنتباهي إنشاء أحلام مستغانمي جائزة دعتها جائزة مالك حداد تخليدا لذكرى الكاتب الجزائري مالك حداد ( و الذي تقدسه أحلام لدرجة إهدائه روايتها الأولى و تفضيله على والدها و الذي لم يذكر سوى في ذيل الإهداء ) كان أول الفائزين بها أديب جزائري يدعى إبراهيم سعدي و هذا الفوز ناله عن طريق روايتهبوح الرجل القادم من الظلامو هي رواية تحكي قصة شاب جزائري يهاجر إلى فرنسا و هنالك يتعرف إلى شابة يهودية فرنسية و يقع في حبها بكل جوارحه ، وهنالك ما هو أكثر إثارة ف :محيط خالد كله يهودي : خالد بطل رواية ذاكرة الجسد محاط من كل الجهات بأبناء اسرائيل ف :1- جيرانه : لم تذكر الرواية من جيران خالد ممن لعبوا دورا في أحداثها سوى جاران و كلاهما يهودي و هما الجارة اليهودية التي كانت حبه الأول و جاره حارس السجن اليهودي الذي ساعده فيما بعد أثناء سجنه.فهل كان خالد يسكن حيا يهوديا ؟ الإحتمال كبير إذا ما أخذنا بعين الإعتبار عادة اليهود في التجمع في أحياء خاصة بهم أو شوارع لا يساكنهم بها أحد من الأغيار ،كما أن خالد حسب الرواية يسكن بحي سيدي مبروك و هو حي بفسنطينة معروف بأنه كان خلال الفترة الإستعمارية يأوي جالية يهودية معتبرة متجمعة في قسم منه يدعى قرية اليهود village des juifs ، و هو قسم يسكنه اليهود وحدهم، فهل كان خالدقاطنا بقرية اليهود؟..ولماذا؟2- صديق طفولته: لم تذكر الرواية من أصدقاء طفولة خالد سوى الناقد الفني اليهودي روجيه نقاش وهو الذي ساعده فيما بعد أثناء هجرته إلى فرنسا.3- أول حبيبة له: الجارة اليهودية كانت أول حب لخالد ، وهو يتحدث عنها قائلا: منذ حبي الأول لتلك الجارة اليهودية التي أغريتها إلى تلك الممرضة التونسية التي أغرتني ، إلى نساء أخريات (ص363) ولاشك بأنكم لاحظتم بأن خالد وصف جارته اليهودية بالعفة بما أنه من قام بإغرائها ، ووصف الممرضة التونسية بالانحطاط الخلقي بما أنها من قام بإغرائه متجاوزة بذلك تقاليد العلاقات بين الجنسين والتي تجعل المرأة مطلوبة لا طالبة ، وكذلك أخلاقيات المهنة النبيلة التي تمارسها والتي تفرض عليها عدم استغلال مرضاها في أغراضها الخاصة، و لا يمكن في أي حال من الأحوال تصور أن يكون ذكر مهنة تلك التونسية مجرد مصادفة أو زلة قلم. هنالك إذن صورة مشرقة للمرأة اليهودية في مقابل صورة سيئة للمرأة العربية (ممثلة بالمرأة التونسية)، و كان يمكن اعتبار ذلك استثناء لولا أن تلميع صورة اليهود مقابل تسويد صورة العرب استمر من بداية الرواية إلى نهايتها، فلقد وصفت الرواية النساء التونسيات بالجوع الجنسي الرهيب و الرغبة في الخطيئة مع التظاهر الكاذب بالعفة (ص 126) و هو نفس الوصف الذي وصفت به نساء قسنطينة (ص 373) و إضافة إلى هذا فكون حبيبة خالد الأولى أي حبه الأول يهودية يدل على أن عواطفه كانت منذ البداية يهودية خالصة، و إذا أخذنا بقول الشاعر: ما الحب إلا للحبيب الأول فإن عواطفه المحبة لليهود ستستمر و تبقى.4- حارس السجن الذي ساعده: يتعرض خالد للتحقيق من طرف البوليس التونسي بعد تهليله لخطاب لكاتب ياسين ( وهو كاتب فرانكو شيوعي جزائري معادي لكل ما هو عربي و مسلم) يتهجم فيه على الأنظمة العربية و هنا يتذكر (و لابد و أن الأمر ليس مصادفة) حارس السجن اليهودي الذي ساعده أثناء حبسه عام 1945 بعد مشاركته في مظاهرات 8 ماي المناهضة للاستعمار الفرنسي و ذلك بأن يأتيه بين الحين و الآخر بقفة الأكل الذي تعده والدته (ص 387) و المقابلة هنا واضحة جدا فالعرب ممثلين في النظام التونسي يقهرون خالد و اليهود ممثلين في حارس السجن اليهودي يمدون له يد المساعدة. 5- اليهودي الفرنسي الذي ساعده: بعد تعرض خالد للاضطهاد يقرر الهجرة إلى فرنسا بحثا عن الحرية المفقودة، و هنالك يلقى مساعدة ناقد فني فرنسي يهودي يدعى روجيه نقاش، فروجيه يساعد خالد على الاستقرار بباريس بما كان يملكه من علاقات و وساطات، أكثر من هذا فقد ساعده دون أن يطلب منه المساعدة و هذا دليل على أريحيته الكبيرة و لقد كان صديقه الحميم خلال فترة غربته بفرنسا حيث بصفه خالد بقوله صديق طفولتي و صديق غربتي (ص 151)، و خالد يصف روجيه بكل الصفات الحسنة فهو شخص رقيق مرهف الإحساس كما يبدو من تعلقه بذكرى قسنطينة و حلمه بالعودة إليها أو أن يأتيه أحد على الأقل بفاكهة واحدة من شجرة التين التي كانت تطال نافذة غرفته في بيته بقسنطينة (ص 151) و حتى لهجته فهي لهجة قسنطينية محببة، و يمتدح أهله قائلا له: إن الناس مازالوا يعرفون أهلك في ذلك الحي و يذكرونهم بالخير (ص 152) و لا بد و أن روجيه نقاش هو الصديق الحميم لخالد أي أقرب أصدقائه إلى قلبه بما أنه صديق طفولته و صديق غربته معها، و المقابلة بين أفضال اليهود و حسناتهم و مظالم العرب و مساوئهم لا تتوقف عند هذا الحد فروجيه نقاش يكتب مقالا جيدا عن المعرض الفني الذي أقامه خالد بباريس فيما تجاهلته الصحافة الجزائرية و العربية تجاهلا واضحا و هكذا فإن اليهود ممثلين في روجيه اهتموا بمعرض خالد و أعطوه حقه من التقدير و العرب ممثلين في الصحافة العربية أهملوه و أهملوا صاحبه. باختصار شديد فإن جيران خالد يهود و حبيبته الأولى يهودية و صديق طفولته يهودي و الرجل الذي ساعده في السجن الإستعماري يهودي و الرجل الذي ساعده بعد هجرته من الجزائر للاستقرار في باريس يهودي أيضا، و صديق غربته يهودي، و الناقد الفني الذي اهتم بمعرضه و أعطاه حقه من التقدير يهودي... أكثر من كل هذا فإن الحي الذي كان يسكن به في قسنطينة يعتبر من أكبر التجمعات اليهودية بقسنطينة و به قسم يدعى قرية اليهود Village des Juifs كل سكانه من اليهود، و الحي الذي سكن فيه بباريس و هو الدائرة 16 معروف بفرنسا بأنه حي شبه يهودي لأن اليهود هم أغلب سكانه و أغلب ملاكه و لقد ثارت ثائرة فرنسا إعلاما و حكومة منذ فترة قصيرة لما تعرضت سيدة فرنسية لاعتداء عنصري من طرف مجموعة من الشباب المنحرفين لأنهم لما سألوها عن مكان سكنها أجابت بأنها تسكن في الدائرة 16 فقاموا بالاعتداء عليها لأنهم ظنوها يهودية باعتبار أن اليهود هم غالب سكان تلك الدائرة، و رغم أن قصة الاعتداء العنصري ظهر فيما بعد زيفها و أنها مختلقة من طرف تلك السيدة فإن القصة توضح إلى أي مدى ارتبطت الدائرة 16 في أذهان الفرنسيين باليهود... بعد كل ما سبق ذكره هنالك سؤال واحد يطرح نفسه... ما الذي ينقص خالد بطل الرواية ليكون يهوديا؟
رواية ذاكرة الجسد ...و الحسابات الغريبةقادتني دراستي إلى اكتشافات مثيرة أهمها استخدام الروايةللحسابات القبالية و اللغة الرمزية ، و القبالة هي فلسفة دينية يهودية صرفة و تعرف القبالة بأنها فلسفة القبول و مذهب القائلين بأن الإيمان هو قبول التراث فالقباليون هم السلفيون و هم نقيض العقليين ، و هم يذهبون إلى أن للنصوص روحا هي التأويلات التي يستخرجها الواصلون أي أن التأويلات السرية للنصوص و التي لا يستطيع الوصول إليها سوى العارفون بالقبالة هي أساس فهمها و تعتمد القبالة على التأويل القائم على :1- لغة رمزية شديدة التعقيد. 2- الحساب العددي للحروف و الكلمات و الجمل عن طريق حساب الجمل المبني على أبجدية أبجد هوز . 3- قد يتم استخلاص معاني العبارات بقراءتها عكسيا أو بتجميع الحروف الأولى لكلماتها ، إلى غير ذلك من الأساليب السرية المعقدة و لكي تكون الأمور أوضح نقول إن القباليين يستخدمون دائما رموزا للتعبير عن أشخاص أو أماكن أو حوادث معينة كما يستخدمون الحساب العددي للحروف و الكلمات و الجمل للإشارة إلى حوادث أو ظواهر معينة أيضا و الحساب العددي بالعربية يكون عن طريق أبجدية أبجد هوز و التي تعطي قيمة عددية لكل حرف فالألف يساوي 1 و الياء تساوي 5 و هكذا دواليك و كلمة ألم مثلا بالحساب العددي تساوي 71 لان أ = 1 ، ل = 30 ، م = 40 ( 1 + 30 + 40 = 71 ). هل استخدمت القبالة حقا في رواية ذاكرة الجسد ؟ نعم ، و لدي الأدلة علىذلك لكنني سأكتفي هنا بلمحات بسيطة الرموز : عنوان الرواية هو ذاكرة الجسد و كلمة جسد مكونة من الحروف ج ، س و د ، و حرف الجيم رمز لكلمة جنس و حرف السين رمز لكلمة سياسة و حرف الدال رمز لكلمة دين و السياسة ، الجنس و الدين تشكل الثالوث المحرمكما يسميه كاتب الرواية و الذي عبر عنه بقوله في الصفحة 400 سلاما أيتها المدينة التي تعيش مغلقة وسط ثالوثها المحرم ( الدين - الجنس – السياسة ) و خالد بطل الرواية يعيش قدرا تصادميا مع ( الثالوث المحرم ) كما يقول الكاتب في الخلاف الخلفي للرواية . و إضافة إلى الثالوث المحرم المشكل من ( الدين – الجنس – السياسة ) هناك ثالوث آخر سندعوه ثالوث الحب و الذي عبر عنه الكاتب الحب الثلاثي و هو الثالوث المشكل من أبطال الرواية الثلاثة خالد ، حياة و زياد ، فخالد و هو رسام أصله من مدينة قسنطينة و زياد هو شاعر فلسطيني يقعان في حب امرأة واحدة و هي الروائية الشابة حياة . الكاتب ذكر هذا الحب الثلاثي بوضوح في الصفحة 242 على لسان خالد و هو يتحدث عن علاقته بحياة : قبل أن يتحول حبنا من عشق ثنائي عنيف إلى حب مثلث الأطراف كل زواياه متساوية و هكذا فلقد وصف الحب الثلاثي بالمثلث و هذا الوصف هو أحسن تعبير عنه . لدينا إذن مثلثان: 1- مثلث الحب الثلاثي المكون من حياة ، خالد و زياد و الذي عبر عنه الكاتب في الصفحة 242 بقوله : لم يكن لأحدنا وعي كامل لينتبه أن العشق اسم ثنائي لا مكان فيه لطرف ثالث و لذا لما حولناه إلى مثلث ابتلعنا جميعا كما يبتلع مثلث برمودا كل البواخر التي تعبره خطأ و بقوله المذكور أنفا.2- المثلث المستحيل المكون من الدين الجنس السياسة و الذي قال عنه في الصفحة 400: سلاما أيها المثلث المستحيل .. سلاما أيتها المدينة التي تعيش مغلقة وسط ثالوثها المحرم ( الدين – الجنس – السياسة ). لكن ما هي العلاقة بين المثلثين ؟ ، الكاتب يقول في الغلاف الخلفي للرواية بان العلاقة بينهما هي علاقة تصادمية و ليتصادم مثلثان فلابد و إنها و إنها يسيران في اتجاهين متعاكسين و عندما يصطدم مثلثان يسيران في اتجاهين متعاكسين فان الناتج سيكون لا محالة نجمة سداسية و هو ما عبر عنه الشكل التالي :
هل هذا معقول ؟ هل أراد كاتب الرواية تشكيل نجمة سداسية عن طريق مثلثي الحب و المثلث المستحيل ؟ إن ما اكتشفناه ليس بالدليل الكافي و لكننا لن نكتفي بما سبق ذكره بل سنقدم أدلة أوثق. ذكرنا في بداية مقالنا شكوكنا حول هوية خالد بناءا على ما كشفناه من المحيط اليهودي الذي يؤطره و الذي يضم جيرانه و أصدقائه و حبيبته و الحي الذي سكن به في قسنطينة و الحي الذي سكن به في باريس فإذا افترضنا بان خالد يهودي و انتبهنا إلى تنافسه الحاد ضمن إطار الحب الثلاثي على قلب حياة بطلة الرواية مع الشاعر الفلسطيني زياد، ألا يمكننا الاستنتاج بان الحب الثلاثي هو في الحقيقة إشارة إلى حب اليهود ( ممثلين في خالد ) و العرب ( ممثلين في زياد) لفلسطين ( ممثلة في حياة ) ؟ إن هذا سيقودنا إلى اعتبار خالد و زياد و حياة مجرد رموز ، و هو ما يتلاءم مع طرق القبالة و التي تعتمد على لغة الرموز المعقدة .على كل فلقد توصلنا و باستخدام أساليب القبالة الحسابية إلى البرهنة على أن خالد و حياة و زياد مجرد رموز لليهود و الفلسطينيين و العرب و لكننا نبوح بما اكتشفناه حاليا و سنكتفي بدليل واضح على صدق ما ذهبنا إليه مأخوذ من الرواية نفسها ، فبعد موت زياد ( العرب ) يقرأ خالد ( اليهود ) بين أوراقه خاطرة يقول عنها أدهشتني بتطابقها مع أحاسيسي مما يدل على أنها تعبير أيضا عن أحاسيس خالد و ذكر الخاطرة السابقة هو تفسير للحب الثلاثي فقد وردت بعد الحديث عنه بإسهاب في الفقرات السابقة ( انظر ص 242 ) . يقول زياد في خاطرته : عشقنا جولة أخرى خسرناها في زمن المعارك الفاشلة، فأي الهزائم أكثر إيلاما إذن ... مقدرا كل الذي حصل. شعبين كنا لأرض واحدة. و نبيين لمدينة واحدة ... وها نحن قلبان لامرأة واحدة. كل شيء كان معدا للألم. ( هل سيسعنا العالم معا ؟) .إن من يقرأ خاطرة زياد المذكورة في الصفحة 243 سيفهم بسهولة بان المقصود بالحب الثلاثي حب اليهود و العرب لأرض واحدة و سعيهما كل واحد من جهته للحصول عليها و هذا ما عبر عنه بقوله شعبين كنا لأرض واحدة و أن الصراع هو صراع ديني أيضا بين الفلسطينيين المسلمين المؤمنين بمحمد (ص) و الاسرائليين اليهود المؤمنين بموسى أي المؤمنين بنيين مختلفين على مدينة واحدة و هي القدس ( لاحظ كيف أن الحرف الأول من اسم مدينة القدس هو القاف و هو أيضا الحرف الأول من اسم مدينة قسنطينة ) ، و هذا المفهوم عبر عنه زياد بقوله ونبيين لمدينة واحدة و في الختام يؤكد أن الحب الثلاثي بين خالد ، زياد و حياة هو تعبير عن الصراع العربي الإسرائيلي بقوله و ها نحن قلبان لامرأة واحدة و يتساءل عن نهاية هذا الصراع و هل من الممكن أن تسع فلسطين الشعبان العربي و اليهودي معا بقوله كل شيء كان معدا للألم (هل يسعنا العالم معا) ولا شك بأنك لاحظت بأن عبارة (هل يسعنا العالم معا) مفصولة عن العبارات السابقة و مميزة عنها بوضعها بين قوسين . فماذا يقصد الكاتب بذلك ؟. إذا استخدمنا الحساب العددي لحساب قيمة العبارة السابقة سنجد أنها تساوي 570 أي 57 ( لأن الأصفار يمكن إهمالها في الحساب العددي للحروف ) و 57 تمثل سنة ميلاد حياة بطلة القصة فلقد ولدت سنة 1957، و حياة ممثلة لفلسطين رمزيا في الرواية و كأن الكاتب أرخ العبارات السابقة الشارحة للحب الثلاثي بسنة 1957 سنة ميلاد حياة ( فلسطين) و هي نفسها حسابيا سنة 1948 لأن 1957 = 7 + 5 + 9 + 1 = 22 و 1948= 8 + 4 + 9 + 1 = 22 و بذلك فالخاطرة مؤرخة بسنة 1948 و التي تمثل بداية الصراع العربي الإسرائيلي و الذي انتهى آنذاك بهزيمة العرب تماما كما انتهى الصراع بين خالد و زياد على حياة بموت زياد و لقد عبر زياد عن هزيمة العرب بقوله عشقنا جولة أخرى خسرناها في زمن المعارك الفاشلة ، فأي الهزائم كانت أكثر إيلاما إذن . النجمة السداسية إذن تتشكل بتقاطع مثلث الحب الثلاثي مع المثلث المستحيل و كأن هذا المثلث الأخير المكون من (الدين- السياسة– الجنس) يقف حائلا أمام الحب الثلاثي و الدين هنا بنفس اللغة الرمزية رمز اليهودية و الإسلام و السياسة رمز للصهيونية و القومية العربية و الجنس رمز للجنسين اليهودي و العربي.
النجمة السداسية قباليا : إذا كان ما سبق ذكره غير كاف للبرهنة على ما ذهبنا إليه فإن الطرق الحسابية تمنحنا أدلة أقوى. لنفترض أننا حاولنا تمثيل محتوى الرواية هندسيا. يلزمنا إذن معلم متعامد يحتوي على محورين أحدهما للسينات و الآخر للعينات و سنحاول توقيع نقاط ممثلة لأهم محتويات الرواية على هذا المعلم مستخدمين الأساليب الحسابية. إن محتوى الرواية يتلخص في الحب الثلاثي الرابط بين خالد، حياة وزياد وثالوث الجنس، الدين، السياسة ولذلك فلدينا 6 نقاط مهمة ينبغي توقيعها على المعلم، لكن على أي أساس سنقوم بتوقيع تلك النقاط؟ لابد وأن أول ذكر لكل من العناصر الـ6 السابقة بالرواية أي لكلمات جنس،دين،سياسة،زياد،خالد،حياة هو الميزة الأهم ولذلك سنجعل محور السينات لترتيب الذكر حيث سنضع عليه 3 رتب (1، 2، 3) نرتب من خلالها عناصر كل مثلث على حدا حسب ترتيب ذكرها ، أما محور العينات فسنخصصه لمجموع أرقام صفحات أول ذكر لكل عنصر من العناصر ، وهكذا سنحصل على النتائج التالية: ( ملاحظة: لقد إستخدمنا في هذه الدراسة أول طبعة لرواية ذاكرة الجسد و هي الطبعة الصادرة عام 1993 بالجزائر ،و اختلاف الطبعات اللاحقة عن الطبعة الأولى في ما يخص ترقيم الصفحات ليس دليلا على خطىء استنتاجاتنا لأن الطبعة الاولى هي الأصل) 1-مثلث الحب الثلاثي: أول عنصر مذكور فيه هو خالد وقد ذكر لأول مرة في الصفحة 16(6+1=7). ثاني عنصر مذكور فيه هو حياة وقد ذكرت لأول مرة ص 48(8+4=12). ثالث عنصر مذكور فيه هو زياد وقد ذكر لأول مرة بإسمه الكامل زياد الخليل في صفحة 196 (6+9+1=16=6+1=7). 2- المثلث المستحيل: أول عنصر مذكور فيه هو السياسة وقد ذكرت لأول مرة ص 36 (6+3=9). ثاني عنصر مذكور فيه هو الجنس وقد ذكر لأول مرة في الصفحة 111 (1+1+1=3). ثالث عنصر مذكور فيه هو الدين وقد ذكر لأول مرة في الصفحة 279 (9+7+2=18=8+1=9). وبعد أن حصلنا على إحداثيات كل نقطة من النقاط الـ6 سنحاول تمثيلها على المعلم المتعامد السابق، ونتيجة هذا التمثيل يوضحه الشكل التالي:
لقد حصلنا إذن و باستخدام الطرق الرياضية على نفس النجمة السداسية التي إستنتجناها إعتمادا على محتوى الرواية نفسها. سر الرواية... سر الأحرف: لاستخراج سر رواية ذاكرة الجسد لن نعتمد عليها وحدها بل على الروايتين الأخريين أي روايتي فوضى الحواس وعابر سرير وتمثلان الجزئين الثاني والثالث على الترتيب من الثلاثية، نلاحظ من دراستنا لعناوين الروايات الثلاث عدة ملاحظات عجيبة: هنالك 4 حروف فقط تتكرر في أكثر من عنوان وهي حروف أ ( يتكرر 6 مرات) ر ( يتكرر 4 مرات) س (يتكرر ثلاث مرات)ل (يتكرر مرتان)، وهذه الحروف تشكل 6 من 7 حروف مكونة لكلمة إسرائيل ، بل هي كل حروف الكلمة إذا ما اعتبرنا الياء ألفا كما تستخدم في بعض المجالات (في لعبة الكلمات المتقاطعة مثلا) . عدد أحرف عناوين الروايات الثلاث الإجمالي هو 28 حرف وهو نفس عدد الحروف الهجائية .. أليس هذا دليلا على دقة الحساب؟ على كل فإن تكرار الحروف الأربع السابقة في عناوين الروايات الثلاث مثير للانتباه ولابد وأن له مغزى معين وربما كانت كلها أو أحدها مفتاحا للغز ودراستنا لرواية ذاكرة الجسد جعلتنا نصل إلى نتيجة مهمة وهي أن الإجابات على كل الأسئلة تقدم دائما في الختام فهل رواية عابر سرير هي الإجابة على كل ما طرحنا من أسئلة ؟ لنحاول إكتشاف أسرار عنوان هذه الرواية. إن عبارة عابر سرير يمكن كتابتها أيضا كما يلي (ع ا بر سر ي ر) ولابد وأنكم لاحظتم أن آخر 4 حروف هي سري ر.. أليس هذا معناه سر يساوي ر أي أن السر هو حرف الراء؟ إن ما يعزز هذا الاحتمال هو أننا يمكننا كتابة العنوان أيضا كما يلي (ع بر ي ا سر ر) وهذا بنقل مكان حرفين فقط هما الألف والياء ونلاحظ أن العبارة ستتحول إلى (عبري اسر ر) وكلمة عبري هنا واضحة المغزى أما كلمة اسر فتمثل الحروف الثلاث الأولى من كلمة إسرائيل وبذلك يكون المعنى المقصود (عبري إسرائيلي يساوي ر) أكثر من هذا يمكن كتابة العنوان أيضا كما يلي(ا ع بر سر ي ر) أي (أعبر سر ي ر) وهذا معناه أعبر (أي أفسر) : سر يساوي ر وكلمة تعبير تستخدم للدلالة على تفسير الأحلام و إسم بطلة الرواية الثاني وهو الاسم الذي تعرف به هو أحلام (كما هو واضح من الصفحة 42 من رواية ذاكرة الجسد). هل حرف الراء هو مفتاح اللغز؟ لا بد وأن الأمر كذلك لأن حرف الراء هو أكبر الحروف الأربعة المكررة قيمة عددية فهو يساوي 200 (أ=1، س= 60، ل=30) وهو الحرف الأخير في عنوان الرواية الثالثة أي في الثلاثية كلها والراء كذلك موجود تقريبا في كل الكلمات المفتاحية براوية ذاكرة الجسد فهو موجود في كلمة جسر وفي أسماء ثلاثة من الأربع جسور المذكورة فيها( وهي جسور القنطرة سيدي راشد ميرابو) وهو موجود في كلمات امرأة ، رجل، حرب، ثورة، ذاكرة، ذراع يسرى، غرب، رسم، شعر، رواية، سرير، فرنسا، باريس، سيرتا، (أول أسماء مدينة قسنطينة) محرم والأهم من كل هذا هو موجود في كلمات عبري ، إسرائيلي وعربي وموجود في عناوين رواية في الثلاثية وآخر رواية منها وكأنه الجسر بينها أي بين ضفتي الثلاثية ، وحرف الراء يتكرر بقوة في عنوان رواية عابر سرير حيث يتكرر ثلاث مرات (ورقم الثلاثة من الأرقام القبالية المقدسة عند اليهود) وإذا قمنا بحذف الأحرف المكررة أي ( الألف والراء والسين) منه نحصل على ثلاثة حروف متبقية هي ع ب ي وهي حروف لا تشكل كلمة مفيدة لكن إذا أضفنا لها حرف الراء تصبح عبري أو عربي وهكذا فإن عنوان الرواية مكون من 8 حروف، 5 حروف منها تنتمي إلى كلمة إسرائيل والثلاثة المتبقية تنتمي إلى كلمة عبري. إن حرف الراء إذن يملك سحرا خاصا في الثلاثية والعجيب في الأمر أنه يملك سحرا خاصا لدى اليهود فهو موجود في غالب ألقاب اليهود وإن لم تجده في ألقابهم ستجده حتما في أسمائهم، نذكر على سبيل المثال ألقاب الشخصيات السياسية اليهودية الكبرى كهرتزل مؤسس الحركة الصهيونية وبن غوريون مؤسس إسرائيل ورؤساء الوزراء رابين، مائير، شارون، باراك، بيريز، شامير، والعلماء اليهود الكبار كفرويد، داروين، دوركايم (آينشتاين إسمه روبرت) وكبار الفنانين اليهود كشارل غانزبورغ وباتريك بريال وفرانك سيناترا ( شابلن إسمه شارلي وماسياس إسمه أنريكو) وكبار أثرياء اليهود كروتشيلد، ميردوخ، أوبنهايمر، سيتروان، لازار، مورغانتو (داسو إسمه مارسيل) و إعتناء اليهود بوجود الراء في أسمائهم دليل على قدسيته لديهم ولاعجب في ذلك فهو موجود في كلمة رابي التي تعني الحاخام وهو رجل الدين لديهم، وإسرائيل وهي دولتهم والعبرية وهي لغتهم وأرشليم وهي عاصمتهم ومدينتهم المقدسة و الأزرق هو لون نهري النيل والفرات حدود دولتهم الدينية المنشودة والراء موجود أيضا في كلمات سر ورمز، فهل الراء مفتاح السر وأداة فهم الرموز؟ إنه لغز معقد جدا لكن الكاتب في الصفحة 51 يقدم إجابة واضحة فهو يقول: الرموز تحمل قيمتها في موتها والعجيب في الأمر هو أن كلمة موتها تساوي عدديا 40+6+400+5+1=452=20=11=2، وكلمة لغز تساوي عدديا 30+1000+7=1037=7+3+0+1=11=1+1=2 وكلمة حل تساوي 8+30=38=11=2 وهكذا فإن لغز =حل=رمز=2 قباليا و2 هي حل اللغز وتفسير الرموز، وبما أن ر=200=2 قباليا، فإن حرف الراء هو مفتاح حل الألغاز وفهم الرموز. لنعد الآن بعد أن برهنا على أن حرف الراء هو مفتاح حل الألغاز إلى رواية ذاكرة الجسد ونحاول تفكيك عنوانها (ذاكرة الجسد =ذاك ر ت الـ جسد =ذاك الـ ر تجسّد) وهكذا حصلنا على عبارة (ذاك الـ ر تجسّد) بنقل حرفي الـ فقط من مكانها والعبارة السابقة مفهومة المغزى فهي تؤكد بأن ذاكرة الجسد ليست في الحقيقة سوى تجسيد لحرف الراء والراء كما برهنا من رواية عابر سرير يساوي عبري إسرائيلي وبهذا فالقصد الصهيوني واضح جدا، وبعيدا عن كل الحسابات القبالية فإن حرف الراء أيضا هو رمز لكلمة رواية لأنه من المعهود الرمز للكلمات بحروفها الأولى وبهذا فإن سر الـ ر يمكن فهمه أيضا (سر الرواية). بعد أن توصلنا إلى سر حرف الراء بدأت أتساءل عن كيفية توظيفه لحل لغز الثلاثية، و استنتجت أن الحل يوجد في عناوين الروايات الثلاث المشكلة لها مادام كشف سر حرف الراء كان عن طريقها. كتبت عناوين الروايات في ورقة وبدأت أفكر.. كيف سيكون الحل؟ وبعد تفكير طويل توصلت إلى فرضية غريبة... ماذا لو كان الحل هو استخدام أحرف العناوين نفسها لتشكيل جمل ذات مغزى صهيوني وماذا لو كانت الإجابة على شاكلة إجابات منشطي الألعاب التلفزيونية: لقد وجدت الإجابة الصحيحة للسؤال. لهذا كتبت عبارة (وجدت سر ال ر) انطلاقا من حروف عناوين الروايات وهنا واجهتني مشكلة أخرى، ما هو سر الر؟. الإجابة هنا كانت أسهل فسر الر والرواية كما استنتجته وبرهنت عليه هو إسرائيل وبذلك أصبحت العبارة كالتالي: ( وجدت سر الر: إسرائيل) و بعد أن حذفت كل الحروف التي استخدمتها في تشكيل العبارة السابقة من عناوين الروايات ظلت في جعبتي الكثير من الحروف الغير مستعملة وهي بالضبط 12 حرفا، وهنا بدأت المشكلة الأعقد. لقد حاولت بكل الطرق الممكنة تشكيل جملة أو جمل ذات مغزى مفيد عن طريق هذه الأحرف ففشلت وكدت أرمي المنشفة وأعترف بأن كاتب الرواية أذكي مني بكثير لولا أنني انتبهت إلى حقيقة بسيطة لا أعرف كيف غابت عن ذهني وهي أن الحروف قد تكون استخدمت حسابيا أي عوض أن يتم استغلالها لتشكيل جمل ثم استغلال قيمتها العددية لتشكيل عدد معين. الحروف المتبقية هي ذ، ك، ع، ب، ر، ف، ض، ا، ح، و، ا، س وهي تساوي عدديا ذ+ك+ع+ب+ر+ف+ض+أ+ح+و+أ+س=700+20+70+2+200+80+800+1+8+6+1+60=1948، الحروف المتبقية إذن مجموعها الحسابي هو 1948 وحروف الروايات الثلاث تشكل العبارة التالية: (وجدت سر الـ ر: إسرائيل 1948) وهي عبارة تدل على أن الروايات ألفت في ذكرى ميلاد إسرائيل أو وفاءا لهذه الذكرى وإذا أخذنا بالاعتبار تاريخ تأليف الرواية الأولى وهو سنة 1988 فإن هذه الرواية ألفت في الذكرى الأربعين لإنشاء إسرائيل. إن كل ما ذكرته حتى الآن هو على أية حال جزء قليل مما اكتشفته من عجائب رواية ذاكرة الجسد ، أما بقية اكتشافاتي أي أهمها فقد تركتها خفية لتظهر فيما بعد في كتاب من كتب ذاكرة الجسد؟و الذي أسهر على تأليفه حاليا وأتمنى أن يجد فيه القارئ العربي حقائق و إجابات مقنعة .
?

ليست هناك تعليقات: