السبت، أكتوبر 27

أخبار


نيكولا ساركوزي ( الرئيس الفرنسي)
في الوقت الذي كان يتوقع فيه المجتمع الدولي بأن القضية الصحراوية تحرز فيه تقدما إيجابيا نظرا لجولات المفاوضات المباشرة مع ممثلي القصر الملكي المغربي، أعاد الرئيس الفرنسي المنتخب منذ أشهر القضية إلى نقطة تراجع خطيرة بسبب إعلانه عن إيجابية مخطط الحكم الذاتي المقترح من قبل الرباط للشعب الصحراوي، وضرب بذلك ساركوزي كل الجهود الدولية والاتفاقيات العالمية وكفاح المنظمات الإنسانية والحقوقية عرض الحائط طعنا في تأييد المجتمع الدولي لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم عبر استفتاء شعبي·
ويأتي التصريح الذي أدلى به رجل فرنسا الأول خلال الزيارة التي دامت ثلاثة أيام للمملكة المغربية، مخالفا لكافة التوقعات، خاصة وأن الرئيس سبق وأن أعرب عن نيته في الجزائر بعد اعتلائه عرش الإيليزي في بناء علاقات اقتصادية وسياسية وأمنية وطيدة مع الضفة الجنوبية للمتوسط، على قاعدة تسودها الشفافية والعدالة في القضايا المشتركة، وهو ما يناقض تماماً موقفه الذي أبداه في المغرب الذي كان يبحث عن يد مغيثة لدى واشنطن لانتشاله من أمواج وتيارات تقرير المصير باستفتاء الشعب الصحراوي، وهو مالم تجده الرباط ملموسا وفوريا من خلال افتكاك موقف أو تصريح أو إجراء صريح من قبل واشنطن، لكنها وجدته لدى أحد أكبر القوى التي تتمتع بفيتو دائم لدى هيئة الأمم المتحدة·
وتعني تصريحات ساركوزي أن مسألة الصحراء ليست مسألة تصفية استعمار، وتعني كذلك بأن فرنسا تؤيد بشكل ''رسمي'' الانتهاكات وهضم حقوق الإنسان في هذه المنطقة، وهو ما من شأنه إجهاض ونسف كل الجهود تجاه بناء علاقة شراكة مميزة بين فرنسا وكافة دول المنطقة·
رقم الأسبوع
2400''حرّاف'' جزائري··
هو عدد الأشخاص الذين تمكنوا من ركوب الأمواج والخروج عن الحدود الإقليمية للجزائر بشكل غير شرعي، كما أورد ذلك الرئيس بوتفليقة خلال لقاء الحكومة والولاة، حيث جعله الرقم يحذر من سياسات غير ناجعة تجعله مضاعفا ويضاعف معه عدد الانتحاريين·

عبد الرشيد بوكرزازة(وزير الاتصال)
لأنه أنهى الجدل القائم حول موضوع استقالة حكومة بلخادم من عدمها إثر تأكيده بأن رئيس الحكومة لايزال في منصبه يزاول مهامه رفقة كافة أعضاء الجهاز التنفيذي، ولأنه كشف أيضاً وبوضوح للصحافة الوطنية بأن ،عبد العزيز بلخادم، سينهي الصمت المطبق على ما يحدث فعلاً في الأفلان والحكومة مباشرة بعد 30 أكتوبر· كما يواصل الوزير نسج علاقة أكثر صلابة ومكانة بأسلوبه الجديد في تنظيم الندوات وعدم تحفظه على أي مواضيع في الإجابة·
عبد المالك سلال(وزير الموارد المائية)
أعلن الوزير سلال أن 70 بالمائة من مجموع بلديات الوطن تستقبل الماء يومياً بحجم ساعي مابين 3 و7 ساعات، بمعدل 155 لتر يومياً، بينما المعدل الدولي المقبول هو 122 لتر يومياً، مع وضع استراتيجية لسياسة توزيع المياه عن طريق الاستثمار من قبل شركات لها خبرة وتجربة في المجال، وهي إجراءات وأرقام تستحق التشجيع ولو أن قطاع المياه لايزال يحتاج لجهود إضافية·
أبو بكر بن بوزيد(وزير التربية الوطنية)
فضيحتين في أسبوع واحد، الأولى بتر النشيد الوطني من مقطع ''يا فرنسا''، والثانية في كتب التاريخ لسنوات الرابعة والخامسة اللذان جاء فيهما وصف غير طبيعي للمجاهدين الجزائريين بالمتطرفين· وذكر بأن فرنسا جاءت إلى الجزائر بغرض تخليصها من العثمانيين وليس الاستعمار·
شريف رحماني(وزير البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة)
نال هذا الأخير انتقادا لاذعا من الخبير الألماني في المجال البيئي خلال الملتقى الدولي حول آفاق التشغيل في مهن البيئة، واعتبر استراتيجية الوزير لا تولي أهمية للأمور الثانوية في مجال التلوث البيئي مثل مظاهر القمامة في المدينة التي ستسمح بمحاربة النفايات الصناعية بعد التفرغ من إرجاع الوجه الجميل للمدن، هي سياسة فاقدة لبعض الجدية·
PH/ DjazairNews
المــســــــألة الكـــردية·· جـــــذور المشــكلة
تعيش تركيا والعراق هذه الأيام على وقع أزمة حزب العمال الكردستاني الذي أحيا مقاتلوه الملف الكردي في أعقاب هجومات شنوها على الجيش التركي وهي هجمات أثارت النقاش مجدد حول قضية الأكراد وصراعهم من اجل إقامة دولة يبدوا تحقيقها مستحيلا·· وهنا رصد مختصر للقضية الكردية وتعريف ببعض أعلامها ·
إعداد: خ· شوار
كردستان أو كوردستان تعني أرض الكرد، وهي المنطقة الجغرافية التي يقيم فيها الأكراد في المنطقة موزعة على خمس دول هي: العراق، إيران، سوريا، و تركيا وجزء من إرمينيا التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي السابق·
من الصعب تحديد المنطقة الجغرافية لكردستان لعدم اعتراف الدول آنفة الذكر بهذا الكيان، والأكراد هم مجموعة عرقية تقدر بأكثر من 25 مليون نسمة يعيشون في مناطق الجبال التي تغطي شرق تركيا و شمال العراق، وشمال سورية وشمال غرب إيران، وما يقرب من 12 مليون كردي يعيشون في تركيا و5,3 مليون في العراق، والباقون موزعون في إيران وسورية·
والمنطقة التي يعيش فيها الأكراد تعرف بكردستان تم تقسيمها بواسطة القوى الاستعمارية بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى وأصبح الأكراد أقلية في العراق وتركيا وإيران، وأصبحت طموحاتهم في دولة مستقلة تضمهم تمثل تهديدا للدول التي يقيمون على أقاليمها، وصار الأكراد الذين يدافعون عن قضيتهم القومية هدفا للاضطهاد على مدار عقود، ويعتقد الأكراد أنه تم تقسيم كردستان على الدول الأربع كرها في اتفاقية لوزان المبرمة بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى·
تعترف إيران والعراق بمنطقة كردية على أراضيهم· أما سوريا التي تحتوي على أقل عدد من الأكراد بين الدول الأربع ونظيرتها تركيا فترفضان ذلك·
وقد عرفت المنطقة منذ زمن بأرض الكرد أو الأكراد، في عصر حضارة ما بين النهرين، وكان السومريون يسمون المنطقة بكورا، قوتيوم، أو أرض كاردا· أما الأشوريون فكانوا يسمونها بكورتي، والبابليون بقاردو، والإغريق بقاردوتشوي، والرومان بكوردرين، والعرب بأرض الأكراد· أما عن ''ستان'' فهي كلمة إيرانية تعني أرض· أما كردستان بالكوردي فتعني ''كوردواري''·
يعتقد أن أول من استخدم مصطلح ''كردستان'' كان سلطان سانجار الملك الكردي في القرن الـ.12
وتعود جذور المشكلة الكردية إلى ما قبل الميلاد بفترة طويلة، وإن لم تعرف بهذا الوصف، فقد تسبب سقوط الإمبراطورية الميدية التي أسسها الكرد على يد الفرس الأخمينيين وتعرضهم لاستعباد الأقوام الهندوأوروبية التي نزحت لمنطقة كردستان الحالية، في ظهور شعور مبكر بالظلم واغتصاب الهوية، لم يتخذ ذلك مظاهر قومية في حينه لكنه أسس للمشكلة التي مرت عليها فترات هدوء بعد الفتح الإسلامي الذي أنقذ الكرد ومنحهم حقوقا قومية وحرية تأسيس إمارات عديدة تحكم نفسها بنفسها في إطار الدولة الإسلامية، وذلك قبل أن تبدأ المعالم الحديثة للمشكلة الكردية بالتشكل منذ بدايات القرن السادس عشر·
بدأت المشكلة الكردية بصورة واضحة في العصر الحديث عند اصطدام الدولتين الصفوية الفارسية والعثمانية التركية عام (1514م) في معركة جالديران التي كانت كبيرة وغير حاسمة، كان من نتائجها تقسيم كردستان عملياً بين الدولتين الصفوية والعثمانية·
كانت كردستان قبل سنة (1514م) تسود فيها إمارات مستقلة مشغولة بتنظيم شؤونها الداخلية، لكن سوء معاملة الشاه إسماعيل الصفوي، إضافةً إلى الاختلاف المذهبي أدى إلى انضمام أكثرية الإمارات إلى جانب الدولة العثمانية، فضلاً عن جهود العلامة ملا إدريس البدليسي الذي لعب دوراً كبيراً في استمالة الكرد إلى جانب الدولة العثمانية، وجاءت المعركة المذكورة لتضع أغلبية أراضي كردستان تحت سيطرة العثمانيين·
في عام (1515م) قام العلامة إدريس، بعد تفويضه من قبل السلطان العثماني، بعقد اتفاقية مع الأمراء الكرد، يتضمن اعتراف الدولة العثمانية بسيادة تلك الإمارات على كردستان وبقاء الحكم الوراثي فيها ومساندة الأستانة لها عند تعرضها للغزو أو الاعتداء مقابل أن تدفع الإمارات الكردية رسومات سنوية كرمز لتبعيتها للدولة العثمانية وأن تشارك إلى جانب الجيش العثماني في أية معارك تخوضها الإمبراطورية، إضافة إلى ذكر اسم السلطان والدعاء له من على المنابر في خطبة الجمعة· تضمن هذا الاتفاق اعترافا من الدولة العثمانية بالسلطات الكردية، وهذا الأمر ليس شيئا هيناً، حيث يقدم اعترافاً واضحاً بوجود المشكلة الكردية، يقتضي حلها، حتى لو كان الحل وقتياً!!
وفي عام (1555م) عقدت الدولتان الصفوية والعثمانية اتفاقية ثنائية عرفت بـ''أماسيا'' وهي أول معاهدة رسمية بين الدولتين· وتم بموجبها تكريس تقسيم كردستان رسمياً وفق وثيقة رسمية نصت على تعيين الحدود بين الدولتين، وخاصة في مناطق شهرزور، وقارص، وبايزيد(وهي مناطق كردية صرفة)· وتبعت تلك المعاهدة، معاهدات واتفاقيات لاحقة منها: معاهدة ''زهاو'' أو تنظيم الحدود عام (1639م) بين الشاه عباس والسلطان مراد الرابع، وتم التأكيد على معاهدة أماسيا بالنسبة لتعيين الحدود، وهذا زاد من تعميق المشكلة الكردية، ثم عقدت بعد ذلك معاهدات أخرى مثل ''أرضروم الأولى'' (1823م) و''أرضروم الثانية''(1847م) واتفاقية طهران (1911م) واتفاقية تخطيط الحدود بين الدولتين: الإيرانية والعثمانية عام (1913م) في الأستانة، وكذلك بروتوكول الأستانة في العام نفسه· وكرست جميع هذه المعاهدات تقسيم كردستان وشعبها بشكل مجحف، وبسبب ذلك تعقدت المشكلة الكردية يوماً بعد آخر، ولا سيما بعد بدء انتشار الأفكار القومية في الشرق، وبالأخص منذ بداية القرن التاسع عشر، حيث بدأت الدول الأوروبية تحتك بكردستان عن طريق الرحالة الأجانب والإرساليات التبشيرية، وكذلك عن طريق بعض القنصليات وأهمها البريطانية والروسية والفرنسية ثم الأمريكية·
أوروبا·· الشتات الكردي
عادت أزمة الأقلية الكردية لتفجر اختلاف المواقف الدبلوماسية والعسكرية، غير أن هذه المرة تبتعد عن مطاردة زعماء حزب العمال الكردي في مختلف أنحاء العالم و الدول الأوروبية، لتقترب من أزمة داخل أزمة في ضوء احتقان النزاع بين تركيا وأكراد شمال العراق الذين صاروا العدو الأول لتركيا، أمام صمت الولايات المتحدة الأمريكية وليونة النظام العراقي الذي توعد بالقضاء على حزب العمال، لتبقى الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا في مجلس المشاهد.
يقطن ألمانيا قرابة المليون كردي، قدموا إليها من تركيا ومن مختلف أنحاء الكردستان عبر إيطاليا وفرنسا، هذه البلدان الأوروبية الثلاثة كان قد انتشر فيها نشاط حزب العمال الكردي خلال سنوات الثمانينات والتسعينات، قبل أن يصنف في خانة الإرهاب الدولي من قبل الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، بعد اعتقال زعيم الحزب عبد الله ووجلان في كينيا عام 1999 في عملية قيل أن الموصاد قد قاد تفاصيلها ·
الأكراد ورحلة التجار والسياسة في ألمانيا
المانيا كانت ومازالت وجهة الأقلية الكردية حيث يستقر في ترابها قرابة المليون كردي وصلوها من إيطاليا وفرنسا على وجه الخصوص، لينتشرون في عدة مناطق من البلاد أهمها إقليم فافاريا، كما يعيش فيها أزيد عن 10 آلاف كردي بصفة غير شرعية، و صلوا إليها عبر قوارب وسفن نقلتهم إلى إيطاليا من تركيا وأرمينيا واليونان ···ليصلوا إلى ألمانيا وليشكلوا أكبر جالية كردية في أوروبا ارتبط تاريخها بالتجارة في النسيج واللحوم ''الكباب''، حيث يسيطرون على محلات تصدير لحم الحلال إلى دول أوروبا، كما ارتبط تاريخهم بالتجارة في المخضرات وتشكيل عصابات خطيرة، حسب ما تناقلته بعض الجهات، من أجل تدعيم نشاطهم السياسي، إلى جانب ذلك نشاط حزب العمال الكردي قد تمركز في ألمانيا التي لم تمنعه حكوماتها من النشاط إلى غاية صدوره ضمن لائحة المنظمات الإرهابية الدولية بعد أحداث الـ 11 سبتمبر، وفي ذات الوقت لم تتوقف الحكومة الألمانية في مد تركيا بأجهزة عسكرية حديثة لمواجهة خطر الإرهاب والتمرد الكردي، غير أن اعتقال الزعيم الكردي عبد الله أوكلان في كينيا عام 1999 تحت قيادة جهاز الموصاد الإسرائيلي، كان قد فجر مظاهرات كردية عبر أنحاء مختلفة من العالم، لكن مقتل ثلاثة أكراد في باب السفارة الإسرائيلية ببرلين على يد حراس السفارة أثار موجة احتجاج عارمة في مختلف أنحاء ألمانيا، وتعد المرة الأولى التي يواجه فيها الأكراد الحكومة الألمانية التي وفرت لهم اللجوء السياسي والإنساني.
ردع حزب العمال الكردي في فرنسا وإيطاليا
حزب العمال الكردي كان قد زرع قواعده في إيطاليا التي قدمت اللجوء السياسي لزعيمه عبد الله أوكلان الذي رفضت الحكومة الإيطالية وقتها تسليمه أو طرده إلى تركيا بسبب ضغط الرأي العام الداخلي والخارجي وضغط منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ·
وقد شكلت إيطاليا معبرا لهجرة أو فرار الأكراد من مختلف أنحاء تركيا وآسيا بعد اضطهادهم وتشتيتهم لفك مطلبهم الإستقلالي، وقد استقبلت الشواطى الإيطالية آلاف الأكراد الفارين من هذه المناطق.
إسبانيا ··غير معنية بالقضية
تنتشر الجالية التركية والكردية في إسبانيا بشكل بات مثيرا للإنتباه خلال السنوات القليلة الماضية، في ضوء موجة الهجرة التي يعرفها هذا البلد، غير أن انحصار النشاط الكردي لا يعرف لونا سياسيا معلوما، ليبقى مرهونا على التجارة التي يحركها رجال أعمال أكراد قدم أغلبهم من ألمانيا ··ليستقروا بإسبانيا، حيث قاموا بتفجير ما يعرف هنا بموضة مطاعم لحم الكباب الذي يتم تسويقه من مجازر تركية وكردية منتشرة في ألمانيا، لكن وراء هذا النشاط التجاري حركة سياسية ومالية من أجل خدمة القضية الكردية·
رفيق زناز
سوريا، العراق، ايران، تركيا·· عدو واحد اسمه الأكرادئ؟
باستثناء الدولة الفيديرالية الكردية التي تمثل أمرا واقعا في شمال العراق منذ أكتوبر 1992، يبدو أن قدر الأكراد هو العيش في ظل حكومات تتنكر لحقوقهم الخاصة·
ب ـ القاضي
سوريا مأساة ''المكتومين''
يحتل الأكراد مرتبة ثاني أكبر جماعة عرقية في سوريا بعد العرب، من مجموع السكان الذي يبلغ زهاء 20 مليون نسمة، بينما يتراوح عدد الأكراد بين 1.5 و 2 مليون نسمة، أي ما يعادل نحو 10% من مجموع السكان· وتنتشر أغلبية الأكراد في المناطق المحيطة بمدينة حلب في شمال البلاد، وفي منطقة الجزيرة في الشمال الشرقي· حيث تعاني هذه المناطق، التي تقطنها أغلبية كردية، متخلفة عن بقية أنحاء البلاد من حيث المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية· وتتفاقم هذه الأوضاع من جراء التمييز المباشر وغير المباشر الذي يمارس ضد السكان الأكراد·
يتميز تعامل دمشق مع الملف الكردي بالشدة والحزم في كسر شوكة الأكراد والتضييق عليهم بشتى الوسائل حتى أكثرها قسوة، سواء بلجم حرية الأكراد في ممارسة حقوقهم السياسية و الفردية و حتى إصدار نشريات أو تعليم اللغة الكردية، ففي العام 1962 بدأت الحكومة السورية بتنفيذ سياسة تعريب المناطق المأهولة بالأكراد، حيث نُقل زهاء مائة ألف كردي قسراً من نحو 300 قرية وحل محلهم عرب، بهدف استراتيجي يتمثل في خلق حزام عرب بين الأكراد السوريين، وعزلهم عن بني جلدتهم في تركيا والعراق· كما امتد هذا التضييق إلى اللغة الكردية غير المعترف بها في سوريا، ويمنع تدريسها في المدارس· في الوقت الذي يُسمح فيه لأبناء الأقليات الأخرى في سوريا، ومنهم الأرمن والشركس والآشوريون واليهود بفتح مدارس خاصة، فإن الأكراد محرومون من ذلك·
وتضاف إلى هذه المعاناة مأساة أكبر، تتمثل في وجود عدد كبير من الأكراد السوريين الذين لا يحق لهم الحصول على الجنسية السورية، يُقدر حسب منظمات لحقوق الإنسان بين 200 و 360 ألف شخص· ومنذ العام 1962 جرى تصنيف هؤلاء الأكراد الذين لا يحملون جنسية إلى فئتين: أجانب ومكتومين (أي غير مسجلين)، وهم الذين يتمتعون بحقوق أقل حتى من حقوق الأجانب· وفرض القانون رقم 93 لعام 1962 والإحصاء السكاني الذي رافقه، فقد جُرد زهاء 120.000 كردي من جنسيتهم السورية وفرض عليهم إثبات إقامتهم في سوريا منذ العام 1945 أو قبل ذلك·
أما بخصوص الممارسة السياسية أو سماح السلطة السورية للأكراد بإنشاء جمعيات و أحزاب سياسية
والمشاركة في الإنتخابات لتمثيل الأكراد والدفاع عن حقوقهم فيعد أمرا بعيد المنال، وعليه فالأحزاب الكردية غير مرخص لها قانونا مثل الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي عضو اللجنة العليا للتحالف الديمقراطي الكردي في سوريا، ويمارس نشاطه منذ 14 جويلية 1957على الرغم من ظروفه الصعبة في العقود السابقة، إلا أن الحزب يعمل حاليا بشيء من العلنية شأن غيره من الأحزاب الكردية.
أكراد العراق ، الإبادة بالكيماوي ثم الحكم الذاتي
تعتبر مسألة أكراد العراق الأكثر جدلا والأكثر تعقيدا في القضية الكردية لكونها نشأت مع بدايات إقامة المملكة العراقية عقب الحرب العالمية الأولى، وكان الطابع المسلح متغلبا على الصراع منذ بداياته ولكون العراق دولة ذات خليط عرقي وديني وطائفي معقد، فإن الأكراد العراقيين غالبا ما وصفوا بكونهم أصحاب نزعات انفصالية وإنهم لم يشعروا بالإنتماء إلى العراق بحدوده الحالية· نشأت نتيجة هذا الصراع الطويل تيارات تؤمن بأن الأكراد الذين يستوطنون العراق قد قدموا من خارج العراق· وقد واجه الأكراد طوال عقود من الزمن حملة إبادة و تطهير عرقي، مطاردة وقمع شرس على يد النظام العراقي الذي استعمل أبشع الوسائل في قمع الأكراد العراقيين الذين لم يكن لديهم أي وجود علني على الساحة السياسية، وأجبر المناضلون من أجل القضية الكردية الأكراد على العمل تحت غطاء السرية، وكانت أسوأ مرحلة في تاريخ هذا الشعب تحت نظام الراحل صدام حسين، حيث اجتهد هذا الأخير على وأد كل المحاولات والانتفاضات ضده من قبل المناضلين من أجل القضية الكردية، إذ عمل على سجن واعتقال وتعذيب كل رموز التنظيمات السياسية الكردية وملاحقتهم حتى خارج تراب العراق· فبالإضافة إلى التنكيل بمواطنين العراقيين الأكراد والتضييق على تحركاتهم، حاول صدام من خلال سياسة تشجيع هجرة العرب إلى الشمال، خاصة باتجاه مدينة كركوك الغنية بالنفط، ولم يتردد صدام في استخدام أبشع الأدوات في إسكات أصوات الأكراد من دعاة الحكم الذاتي، بما فيها استخدام الأسلحة الكيمياوية ضدهم. وتشهد حادثة إبادة سكان حلبجا عام 1988 في شمال العراق التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء العزل، من شيوخ وأطفال ونساء، حين استخدم النظام العراقي السابق المواد الكيماوية المحظورة في إخماد ما كانوا يرونه فتنة آنذاك· على فضاعة ما تعرض له الأكراد طوال فترة حكم العراق قبل الغزو الأمريكي، والذي استغل الورقة الكردية للضغط على النظام العراقي ووضع حقوق الإنسان لتبرير اجتياح العراق في حرب الخليج الثانية، وقد رضخ صدام للضغوط قبيل قرار واشنطن شن حربها والإطاحة به سنة 2003·
إيران·· من تشدد الخميني إلى اعتدال خاتمي :
بعد قيام الجمهورية الإسلامية في إيران في شتاء عام 1979 اجتاح المناطق الكردية في إيران غضب عارم بعد عدم السماح لممثليين عن الأكراد بالمشاركة في كتابة الدستور الإيراني الجديد، وكان عبد الرحمن قاسملو (1930 - 1989) من أبرز الشخصيات الكردية في ذلك الوقت، إلا أن آية الله الخميني منع قاسملو من المشاركة في كتابة الدستور، ويكون مرد رفض الخميني مساهمة الأكراد في كتابة الدستور إلى دواع دينية بالإضافة إلى البعد القومي. كون أغلبية أكراد إيران من السنة· في ربيع عام 1980 قامت القوات المسلحة الإيرانية بأمر من الرئيس الإيراني أبو الحسن بن صدر بحملة تمشيط واسعة على المناطق الكردية في إيران وخاصة في مدن مهاباد وسنندج و باوه و مريوان ·
عند اشتعال فتيل حرب الخليج الأولى، تمركز أعضاء الحزبين الكرديين الإيرانيين في العراق وكانوا مدعومين من العراق، وأثناء الصراع المسلح بين الأكراد والحكومة الإيرانية دمر ما يربو عن 271 قرية كردية·
وشهد النزاع بين الأكراد والحكومة ونظام طهران نوعا من الإنفراج بعد وصول محمد خاتمي للحكم، حيث قام هذا الأخير بتنصيب أول محافظ كردي لمحافظة كردستان، وكان اسمه عبدالله رمضان زاده، وقام بتعيين بعض السنة والأكراد في مناصب حكومية رفيعة، وسمح بتشكيل حزب الإصلاح الكردي ومنظمة الدفاع عن حقوق الأكراد برئاسة محمد صادق كابودواند عام ,2005 وتلقى هذه الحركات المسالمة رواجا لدى معظم الأكراد الإيرانيين·
في 9 جوان 2005 تم قتل الناشط الكردي شوان قدري من قبل قوات الأمن الإيرانية في مدينة مهاباد، وأدت عملية قتل قدري إلى موجة عارمة من أعمال العنف دامت 6 أسابيع في المدن الكردية، مهاباد وسنندج وبوكان وسقز وبأنه وشنو وسردش·
النار و الحديد ضد الملف الكردي في تركيا
لعل الملف الكردي يطرح نفسه بحدة وتعقيد بالغين في تركيا نظرا للكثافة السكانية المرتفعة وإجبار هؤلاء لحمل السلاح ضد حكومة أنقرة واستنادا إلى تقديرات حديثة، فإن ما يناهز30 إلى 40% من مجموع أكثر من70 مليون نسمة تقطن تركيا هم من الأكراد، ويقدر عددهم بحوالي 5,20 مليون نسمة، مما تجعل تركيا من الدول التي يستوطنها معظم الأكراد· يعيش معظم الأكراد في الجنوب الشرقي لتركيا ·
بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وإقامة الجمهورية التركية الحديثة، تبنى مصطفى كمال أتاتورك نهجا سياسيا يتمحور حول إلزام انتماء الأقليات العرقية المختلفة في تركيا باللغة والثقافة التركية، وكانت من نتائج هذه السياسة منع الأقليات العرقية في تركيا ومنهم الأكراد من ممارسة لغاتهم في الميادين الأدبية والتعليمية
والثقافية، وحضر على الأكراد تشكيل أحزاب سياسية وكان مجرد التحدث باللغة الكردية عملا جنائيا حتى عام .1991 قوبلت محاولات مصطفى كمال أتاتورك بمسح الانتماء القومي للأكراد بمواجهة عنيفة من قبل أكراد تركيا وقرر الأكراد والأقليات الأخرى بقيادة الزعيم الكردي سعيد بيران (1865 -1925) القيام بانتفاضة شاملة لإنتزاع الحقوق القومية للأكراد والأقليات الأخرى، على أن تبدأ الانتفاضة في يوم العيد القومي الكردي عيد نوروز 21 مارس .1925 وفرضوا حصارا على مدينة ديار بكر ولكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على المدينة، وفي منتصف أبريل 1925 تم اعتقال سعيد بيران مع عدد من قادة الانتفاضة ونفذ حكم الإعدام فيه في 30 مايو .1925 بعد انتكاسة ثورة سعيد بيران شنت الحكومة التركية حملة اعتقالات وملاحقة
وتصفيات واسعة في المناطق الكردية في تركيا، وحسب بعض الروايات، فقد بلغ عدد الضحايا الأكراد في تلك الأحداث مليوناً ونصف مليون· تمسكت الحكومات التركية المتعاقبة بنفس الأسلوب في تسيير الملف الكردي وهو الصرامة والشدة، ولكن الاهتمام العالمي بأكراد تركيا ازداد بعد العمليات المسلحة التي شنها حزب العمال الكردستاني في الثمانينيات، مما دفع برئيس الوزراء التركي آنذاك توركت أوزال ولأول مرة أن يستعمل رسميا كلمة الأكراد لوصف الشعب الكردي في تركيا وفي عام 1991 رفع أوزال الحظر الكلي باستعمال اللغة الكردية واستبداله بحظر جزئي· أثناء صراع الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني تم تدمير 3000 قرية كردية في تركيا وتسبب في تشريد ما يقارب 378.335 كردي من ديارهم· في عام 1991 تم انتخاب ليلى زانا في البرلمان التركي، وكانت أولى سيدة كردية في كردستان تصل إلى هذا المنصب·
واشنطن وملف القضية الكردية :رهان المصالح ، النفط وأشياء أخرى
تفطنت واشنطن لأهمية الورقة الكردية في المنطقة وارتباطها بعدد من الدول في المنطقة، ما حذا بالولايات المتحدة للعمل على استغلالها خدمة لمصالحها وكانت أول خطوة بعد حرب الخليج الأولى، حيث أدركت الإدارة الأمريكية الدور الذي يمكن للأكراد لعبه في قلب نظام صدام حسين، وكانت العلاقات الأمريكية مع القيادات الكردية قد شهدت بعد احتلال أمريكا للعراق علاقات وثيقة ووطيدة وراسخة، وقد كانت الخلفية هي مساعدة الأكراد للقوات الأمريكية لدخول العراق من شمالها، بعدما رفض البرلمان التركي دخول تلك القوات لاحتلال العراق من أراضيها ··
غير أن ما تجدر الإشارة إليه، هو مبدأ الثابت والمتغير في السياسة الأمريكية، وهو ما ينسحب على الملف الكردي
ومدى استمرار واشنطن بمنطق الحليف مع الشريك الكردي، وربما يكون الأكراد لم يستوعبوا دروس الماضي.
لو عدنا قليلا إلى الوراء وتذكرنا المعونة اللوجستية التي كانت تقدمها أمريكا للعراق أثناء حربه مع إيران، فالتكتيك الأمريكي، كان يهدف لإطالة عمر الحرب بين المتصارعين، ولكن سرعان ما تغيرت الموازين وانتبه الأمريكان إلى الصيغة الكردية في مواجهة نظام صدام،
وكثفت الولايات المتحد من اهتمامها بكردستان العراق
وأجزلت الإعانات للأحزاب الكردية قصد كسب ودهم،
وعملت الأجهزة الأمريكية على تسويق مغرض لصورة شعب مضطهد واستغلال الأكراد كورقة ضغط على العراق بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان·
ولكن بعد تغير الظروف وزوال خطر النظام العراقي في نظر الأمريكان، تحولت القضية الكردية لتوظيفها في توازنات جديدة، من بينها تحديد موقع جديد داخل العراق الجديد، ليصبح أكراد العراق حليفا ذا قيمة جوهرية في إدارة الملف العراق، وعندما نتذكر الاستعدادات التي قامت بها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا للغزو في ,2003 بعد رفض البرلمان التركي السماح للقوات البرية الأمريكية باستخدام الأراضي التركية كنقطة عبور·
الخصم اللدود للحكومة التركية يمتلك الآن قوة أكبر مما كان في السابق بسبب سيطرته العسكرية على المنطقة الكردية التقليدية في شمال العراق· هذه هي القوة هي التي تثير أعصاب الأتراك، حيث أنهم يخشون أن تكون هذه هي بدايات دولة كردية حقيقية·
لقد قام الفصيلان الرئيسيان في الوسط الكردي الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني- بعقد الصفقات مسبقاً مع الشركات النفطية الأمريكية والأوروبية بخصوص حقول نفط كركوك والموصل· ولا يمكن أن تجري هذه العقود إلاّ إذا ما وافقت عليها سلطات الاحتلال الأمريكية· هذا هو أحد الأسباب الذي يقف وراء سعي الزعيمين الكرديين المذكورين للقيام بكل ما من شأنه الحفاظ على علاقات طيبة مع الجانب الأمريكي· إن علاقات الولايات المتحدة مع هذين الرجلين ليست علاقة جديدة· لقد تلقى الحزبان أموالاً ومساعدات من المخابرات المركزية الأمريكية بعد حرب الخليج الأولى، تحت ذريعة إدارة منطقة آمنة للشعب الكردي· وفي النتيجة، كانت هذه المنطقة الآمنة، في الواقع، هي منطقة الاستعداد للهجوم الأمريكي على الدولة العراقية·
غير أنه و بعد هذه المسيرة التي قطعها الأكراد مع أمريكا، تشوبها اليوم شكوك حول مستقبلها خاصة مع التحرك التركي لكسر شوكة الأكراد في الجنوب التركي، أين يتحصن المسلحون المناوؤون لنظام أنقرة، وهو ما يفسر إلى حد ما قيام الكنغرس الأمريكي بإعادة طرح الورقة الأرمينية من جديد بدافع الضغط على تركيا بالتراجع على التدخل العسكري في كردستان العراق، منعا لإذكاء النار المتقدة في العراق، وهو ما قد يدفع بالملف العراقي نحو المزيد من التعقيد في حال اشتعال الحرب بشماله الآمن حتى الآن، والأهم من ذلك من مصلحة أمريكا الإبقاء على هذا الوضع بالنظر إلى الآبار المتخمة بالنفط في كركوك وأي انقطاع قد يؤدي إلى وضع غير محمود العواقب·
ب ـ القاضي
المقاومة الكردية·· وجوه ورموز
جلال طالباني
اسمه مام جلال الطالباني، سياسي عراقي كردي، أختير كرئيس للحكومة العراقية الانتقالية في 2005 عقب انتخابات جانفي 2005 من قبل مجلس النواب العراقي المؤقت· ثم ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية في 22 أفريل 2006 بعد أشهر من المحادثات بين الجوانب الحائزة على أغلبية الأصوات، أسس الاتحاد الوطني الكردستاني في سوريا عام ,1975 وبدأ حركته المسلحة في ,77 دخل إثرها في مفاوضات مع الحكومة العراقية عام 84 لإقرار قانون الحكم الذاتي، لكن الغضوطات التركية حالت دون تطبيق الاتفاق، وهو الحادث الذي جعل أنقرة تهدد العراق بقطع أنبوب النفط الذي يمر عبر أراضيها إذا وافق العراق على مطالب الأكراد· ولقمع المطالب حدثت مأساة حلبجة التي راح ضحيتها 5 آلاف مدني.
ولد الطلباني سنة 33 في قرية كلكان قرب بحيرة دوكان، انضم إلى الحزب الديمقراطي بزعامة أكلا مصطفى البرزاني سنة 47 وعمره 14 سنة، هو يدين بالإسلام وينتمي للمذهب السني، بدأ نظاله سنة 1950 كعفو مؤسس لإتحاد الطلبة في الحزب الديمقراطي الكردستاني، درس الحقوق عام 53 بعد فشله في الالتحاق بالطب، التحق بالخدمة العسكرية بعد تخرجه وشارك في انتفاضة الأكراد سنة 61 ضد حكومة عبد الكريم قاسم العراقية،
كان لاجئا في إيران بعد انتكاسة حلبجة، كان دعا للإفراج عن برزان التكريتي الأخ غير الشقيق، ويعد هذا من أبرز مواققفه·
مصطفى البرزاني
تزامن اسمه مع بروز أول دولة كردية في اعتقادهم اسمها ماهاباد في إيران، إلا أنها فشلت في شمال العراق وبعد الانتكاسة، فرَّ إلى الخارج ومعه بضع مئات من المقاتلين وعوائلهم وأطفالهم (550 شخص)، دخلوا الى أرض السوفييت مثلما جاء في خطاب له عام 1948 في مدينة باكو الأذربيجانية، ثم عاد ومعه الأكراد إثر الحركة التي قامت في العراق مابين 1943 و.1945
كان من بين أوائل المنتقضين الأكراد، وكانت قيادته تعتمد على الاقطاعية والعشائرية والتي حاولت العديد من المرات رفع السلاح ضد القوات العراقية أبرزها سنة 1961 ، كما عمل مصطفى البرزاني على الاستقواء بحلف السنتو وعرف بقربه من الحكومة البريطانية، وشكل حلقة هامة وآلية نافذة في دعم ضعف المقاومة البريطانية وشكل ثورته. إنهارت هذه الثورة بعد اتفاق الجزائر خلال 24 ساعة فقط من إبرامه وكانت هاته المقاومة آخر تحركات ميدانية له، حيث لجأ بعدها إلى طهران العاصمة الإيرانية، ومنها نقلته السلطات الأمريكية إلى واشنطن حيث توفي هناك سنة .1979
هناك من الأوساط الكردية من يعتبرونه من أكبر المؤسسين للنزعة التسلطية والانفرادية في الحكم، حيث بدأ ''آل برزان'' في التغلغل في الحكم منذ توليه زمام الحركات المتمردة ضد بلاد العراق·
مسعود البرزاني
يعتبر رجل مهم في المشهد الكردي وهو من أوائل الشخصيات التي نادت بضرورة نقل كركوك للإقليم الكردستاني جغرافيا، بالرغم من معرفة كل المتتبعين للشأن، أنه استنجد بالرئيس العراقي صدام حسين من جحافل الطلباني، ويومها كان التهديد العسكري الداخلي بين الأكراد في أوجه، ويومها كذلك بث التلفزيون العراقي الرسمي في أربيل، وبالعودة إلى مسألة ''كردسة'' كركوك يقول، مسعود البرزاني، أنه أرتكب خطأ تاريخيا جغرافيا يتطلب التصحيح·
حاليا هو زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، كان قبل سنوات أحد قيادات المقاتلين في جبال كردستان العراق، لجأ إلى دمشق سنة 1982 بعد انتكاسة المقاومة الكردية·
ينحدر مسعود من عائلة عريقة، كردية قحة، إسم قبيلتها ''برزان'' في شمال العراق، ناضل جده ووالده لاستقلال الإقليم قبل مجيئه للسياسة، وهو من المنادين بالديمقراطية عبر كافة العراق وليس عبر كردستان فقط، وربط ذلك بضمان حكم ذاتي كردي في العراق على موطن الأكراد بالصيغة الفيدرالية،
يصفه الكثير من الأكراد المتطرفين بأنه عميل داخل كردستان، إذ يسلم بعضا من المحافظين الأكراد بأن لا همَّ لهذا الأخير بالديمقراطية كما يظهر ذلك، بل إنه يبطن المحافظة على العرش العائلي لآل برزان، ويشاع عنه بأنه يتسبب في حروب ومواجهات للأكراد لا ناقة ولاجمل لهم فيها، ويتم الاستدلال على ذلك بكونه رئيس للإقليم، وإبنه مسرور البرزاني رئي سجهاز المخابرات الكردية، وابن شقيقه نيجرفان البرزاني رئيس الوزراء، ومعروف عليه كذلك باستقوائه بالأمريكان·
عبد الله أوجالان
منذ اعتقاله سنة 1999 بالعاصمة الكينية نيروبي أطلق عليه في تركيا من قبل الأكراد ''سجين الفكر والتحرر''· قامت إثر اعتقاله حوادث مؤلمة عبر أوروبا خرج فيها آلاف الأكراد عبر شوارع وعواصم البلدان لحمل الاتحاد الأوروبي للتدخل لدى أنقرة من أجل إطلاق سراحه، حيث بدأ الأكراد يحرقون أنفسهم أمام كاميرات العالم تضحية له ولمبادئه، كان في زمانه خاطف الأضواء من كل زعمات الكرد التاريخيين الايرانيين أو العراقيين أو السوريين·
ولد أوجالان في قرية أومرلي الإرمينية، تأثر كثيرا بانقلاب 1960 وهو لايزال طفلا، وتسبب له ذلك الحدث في تغذية وعيه واهتمامه السياسيين بالقضية الكردية، قال بأن أهله كان أن يصبح يوماً قائداً للقوات الجوية المسلحة·
درس الحقوق والعلوم السياسية في جامعتي اسطنبول وأنقرة، وانخرط خلال مساره الجامعي بالجمعية الشرقية الثورية للثقافة سنة ,70 تعرضت العديد من الشخصيات التي كانت ترافقه في النضال إلى السجن والتصفية الجسدية، كان متعاطفاً بشكل طبيعي مع جبهة حزب التحرير للشعب التركي، لكنه لم يجد ضالته فيه، فبدأ يركز جهوده على القضية الكردية وترأس جمعية التعليم العالي الديمقراطي في أنقرة كقاعدة لإطلاق نضاله، وبها كرر هذا الأخير إشهار قضيته للعالم وشن حملة كبيرة ضد الحكومة التركية لحق الأقلية الكردية.
زواجه كان محطة هامة في حياته بالمناضلة التي كانت رافقته ''كسيرة يلدرم''، توجه معها إلى ديار بكر، ومنها أعلن عن قيام حزب العمال الكردستاني سنة 78 في 27 نوفمبر، كان من أكبر المؤمنين باستعمال الأكراد كورقة ضغط في العلاقات الدولية وكان من دعاة وجوب تصفي الخونة من الأكراد·
عن النضال، تمكنت المخابرات التركية رفقة ''أسي آي آي'' المخابرات الأمريكية من اعتقاله في نيروبي العاصمة الكينية بعدما وصلت تركيا بأن خطر إنشاء وطن قومي للأكراد وصل مع أوجلان إلى مرحلة متقدمة جدا تعتبر، تركيا، وواشنطن، وسوريا، والعراق ومعهم الاتحاد الأوربي حزبه إرهابيا، فحكم عليه بالاعدام لكنه وبعد مراجعاته وطلب الهدنة والمصالحة مع تركيا، خفضت العقوبة إلى المؤبد في .200
الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية·· سالم كواكبي لـ ''الجزائر نيوز''
الجيش التركي رغم قوته لن يقضي على حزب العمل الكردي
يقول الباحث السياسي، سالم كواكبي: ''الصدفة جعلتني أكون بإسطنبول في هذا الظرف من أجل ندوة، وكذا الوقوف على الوضع عن قرب، الشعور الوطني إلى درجة الشوفينية غزا شوارع هذه المدينة··· يبدو أن للنزاع أثر مزدوج، إعادة تلحيم المجتمع التركي بعد الانشقاقات التي أحدثتها الانتخابات الأخيرة، كما أنه يحذر الرئيس الجديد ويحتم عليه اتخاذ إجراءات شعبية إن لم نقل شعبوية''· في هذا الحوار، يقول بأن الجيش التركي لن يستطيع القضاء على عناصر ال ''بي· كا· كا''المدربين جيدا والمسلحين بتكوين إيديولوجي قوي·· كما يستبعد وجود إرادة فتح جبهة في شمال العراق، رغم تشديد اللهجة لدى القيادات العسكرية والسياسية التركية···
أجرى الحوار: حسان وعلي
أكثـر من 100 ألف جندي من الجيش التركي مجندون على الحدود التركية ـ العراقية، هل الأوضاع تتجه نحو اختراق لامحالة للأراضي العراقية، ومواجهة بين الأتراك والأكراد على التراب العراقي، علما أن الرئيس التركي عبد الله غول صرح مؤخرا أن الصبر استنفد؟
أعتقد أن الصبر لم يستنفد بعد، لأنه لو كان العكس لوقعت هجمات واسعة النطاق، بالنظر إلى الجو العام المشحون الذي يسود حاليا تركيا على ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة· هذا، ورغم الخطابات النارية والداعية إلى التعبئة وتشديد اللهجة، فإن إرادة فتح جبهة جديدة في المنطقة محدودة وغير مطروحة بشكل قوي· إن ضغوطات العسكريين الأتراك المدعمة من طرف أقطاب واسعة من الرأي العام، يجب أن تثير انتباه أصحاب القرار بالخارج حول الملف العراقي·
ألا تعتقدون بأن التصعيد الذي تعرفه المنطقة في هذا الظرف، سيؤدي إلى مواجهة مفتوحة بين تركيا والعراق، أم أن الرئيس العراقي جلال الطالباني سيخضع لضغوطات تركيا ويساعدها في دحر معاقل حزب العمل التركي في العراق؟
إن الرئيس العراقي، إن أمكن تسميته كذلك، ليس لديه سلطة في اتخاذ أي قرار، فهو في الظرف الراهن لا يقوم إلا بتطبيق التعليمات التي يتلقاها من الولايات المتحدة الأمريكية·· الأمريكان هم الذين يقررون في ما يجب القيام به وعمله على خلفية التطورات الأخيرة بين تركيا و الأكراد·· فهو قد صرح بأنه يدين العمليات ''الإرهابية'' ضد تركيا وتحدث عن سلطته في ''نصح'' عناصر حزب العمل الكردي بالتوقف عن عملياتهم··· وللإجابة عن سؤالك، أعتقد أن نزاعا عسكريا بين تركيا والعراق مستبعد جدا·، ولكن هذا لا يعني استبعاد حدوث مناوشات، التي لا تستهدف حزب العمل الكردي فحسب، بل بعث إشارات قوية من طرف تركيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومضمونها، إذا أردتم ''اللعب'' بالملف الكردي، عليكم إشراكنا لأننا لن نقبل في أي حال من الأحوال، بالاستقلال الذاتي في المنطقة، والذي يشجع الجيران·· فسوريا التي لديها نفس التصور، ما عليها إلا أن تراقب وتدعم ضمنيا تركيا·
هل يمكن تجنب الحل العسكري، علما أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد الحل الدبلوماسي؟
لا أعتقد، فهم لا يبحثون عن حل دبلوماسي في العراق لكي يؤيدوا هذا الحل فيما يتعلق بالملف الكردي·· بالمقابل، الولايات المتحدة الأمريكية ليس من صالحها في هذا الظرف، بروز أزمة أخرى تضاف إلى القائمة الطويلة من الأزمات·· ففي باخرة مخروقة، ليس من الحكمة أن تضيف خرقا آخر لها·
من وجهة نظر عسكرية محضة، هل باستطاعة الجيش التركي تصفية والقضاء على عناصر حزب العمل الكردي؟
إن الجيش التركي قوي جدا ومسلح بعتاد عصري، لكن هذا لم يمكنه من التوصل إلى القضاء على حزب العمل الكردي منذ الثمانينيات·· ورغم ما يفوق عن 25 محاولة اختراق الجيش التركي في شمال العراق، يظل الـ''بي· كا· كا'' يقلق ويلحق أضرارا باسطنبول، جيش كبير وجد نفسه ضعيفا أمام ثوار مدربين جيدا ومكونين إيديولوجيا·· و لدينا مثل عن ذلك مع حزب الله في جنوب لبنان·
هل يمكن تصور تحالف بين أكراد العراق ومناضلي حزب العمل الكردي، في حالة اختراق الجيش التركي التراب العراقي؟
لا أعتقد، فالأكراد الموالون لجلال الطلباني والبرزاني، نصبتهم الولايات المتحدة ويخضعون لأجندة صممها هؤلاء·· لكن في المقابل، موقف السكان الأكراد مخالف، فهناك إمكانية كبيرة لتحالف شعبي واجتماعي، إن لم يكن موجودا حاليا بالفعل·
الأحداث الأخيرة في المنطقة أعادت المسالة الكردية إلى الواجهة، في اعتقادكم، ألا يساهم هذا في طرح مسألة المطالبة بقيام الدولة الوطنية الكردية تضم أكراد تركيا، العراق، سوريا وإيران؟
في الحقيقة هو حلم شرعي بالنسبة لجزء كبير من الأكراد، لكن هل يمكن تحقيقه، وما هي حدود هذه الدولة، و كيف تسير علاقاتها مع الجيران، وهل يقبل جيرانهم بتأسيس هذه الدولة؟ العناصر جد معقدة·· فالمنطقة تعيش على وقع أزمات دون انقطاع والزعماء الأكراد أذكياء وقادرون على إبعاد مثل هذه الفكرة·
كيف تفسرون مطلب أكراد تركيا (حزب العمل الكردي) بالاستقلال، بخلاف أكراد العراق، رغم ما عانوه من نظام صدام حسين؟
عناصر حزب العمل الكردي، ليسوا أتراكا فقط، ثم أنهم بعد اعتقال عبد الله أوجلان، يطالبون الحكومة المركزية بالاعتراف بحقوقهم الثقافية والاجتماعية·· نفس الشيء بالنسبة لأكراد العراق، لكن دون أن يعبروا عن ذلك صراحة·
هل ستكون الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى، الدولة التي ستحسم النزاع؟
يمكن جدا أنها تلعب دور رجل المطافئ الذي أوقد النار·
PH/ DjazairNews

انفراد
الجزائر نيوز تنفرد بحوار مع إبراهيم آغ باهانغا قائد متمردين التوارف في شمال مالي
أجرت الحوار بـ '' أبايبرا'' شمال كيدال: مبعوثة ''الجزائر نيوز'' نعيمة شكشاك
ثلاث سنوات بعد استقلال جمهورية مالي سنة 1960، تكونت أول حركة تمردية في الشمال، رئيس البلاد في تلك الفترة كان موديبو كايتا· سنة بعد اندلاع المواجهات بين الحكومة المركزية و حركة التمرد في الشمال يرى النور بشرق ''كيدال'' الذي يصبح أربعة عقود من بعد، قائد حركة التمرد، على رأس حركة شمال مالي من أجل التغيير، إنه، إبراهيم آغ باهانغا، رجل يجمع بين النضال السياسي و العمل العسكري· كل اتفاقيات السلام التي أمضيت بين الحكومة المركزية و مختلف الحركات التمردية خيبت ظنه، وضعية دفعته إلى الثوران مرة أخرى ضد حكومة باماكو، كان ذلك في أواخر شهر أوت المنصرم، بعدما أمضى على اتفاقية سلام في جويلية من السنة الماضية بالجزائر· اتفاقية، كباقي الاتفاقيات السابقة، كان لها نفس المصير على رأس جيش، قادر على إلحاق ضربات قوية في صفوف الجيش الرسمي المالي، إبراهيم أغ باهانغا، يتحدث لأول مرة للصحافة· ''الجزائر نيوز'' أول صحيفة تلتقي به وتنفرد بحوار معه، كان ذلك بمنطقة ''أبايبرا'' بشمال ''كيدال''·
مبعوثة '' الجزائر نيوز''، نعيمة تتوسط القائدين السياسي والعسكري لشمال مالي
جمهورية مالي تشهد التمرد الرابع في تاريخها منذ الاستقلال سنة 1963، أنتم تقودون منذ شهر ماي الفارط التمرد الرابع، لماذا؟
التمرد الذي أقوده سببه عدم تطبيق مختلف اتفاقيات السلام التي أمضيناها في السابق، بيننا وبين الحكومة المركزية برعاية الجزائر· اتفاقيات 1991، 1992، 2001، 2002 و2006 والتي هي في الحقيقة لم تقبل ولم تطبق من طرف السلطات المركزية· هذه الأخيرة تمضي معنا على اتفاقيات وتنساها بسرعة،
لهذه الأسباب أثارت السلطات المالية عدة حركات تمردية ومشاكل أخرى· السلطة المركزية تتماطل في كل مرة، تمضي على اتفاقيات وتمارس ضغوطات ثم تعود إلى طاولة المفاوضات لتمضي اتفاق آخر -تحت ضغط حركتنا- لكن سرعان ما تتنكر لها·
تريدون القول بأن السلطات المالية لها خطاب مزدوج وأنها تعتمد سياسة الكيل بمكيالين؟
بالطبع، فهي متمسكة بموقف زور منذ تاريخ الإمضاء على أولى اتفاقيات السلام سنة 1991 بتمنراست، مرورا بالعقد الوطني للسلام الممضي عليه سنة من بعد ومختلف الاتفاقيات الأخرى· وتتعامل بنفس منطق الكذب مع اتفاقيات السلام الأخيرة بالجزائر في جويلية 2006، التي جاءت بعد تمرد 23 ماي من نفس السنة بقيادة ''حسان فغاغا'' الذي التحق بصفوفي في الحركة التمردية· وأكثر من ذلك، فالحكومة المركزية وبعد كل اتفاقية، تعزز من تواجدها العسكري، عكس ما تنص عليه مختلف الاتفاقيات، ويقوم بعدة عمليات عسكرية بالصحراء بشمال مالي، حيث تتموقع التجمعات السكانية للتوارف·
كل يدل على أن السلطات المركزية تضرب عرض الحائط اتفاقيات الجزائر لجويلية .2006 وكل هذا تسبب في عدة مشاكل وأثار حركة التمرد والمعارك الأخيرة·
تمرد ومعارك منذ أوت الفارط، خاصة كمائن نصبتموها للجيش المالي، في البداية كان عدد المتمردين جد ضئيل قبل أن يلتحق آخرون، كم بلغ عددهم إلى حد الساعة؟
في البداية خرجنا بعدد قليل، كنا ثلاثين شخصا، منهم محاربين قدامى وشباب، لكن استمرت الحكومة في الأكاذيب وادعائها بأنها متمسكة باتفاقيات السلام، لكنها في الحقيقة كانت تمارس ''لعبة مزدوجة'' بقولها إنها لها إرادة في تطبيقها في فترة معينة، وهذا ربحا للوقت ليس إلا· محاربون قدامى وشباب -فهموا أن الحكومة ليس لديها النية والإرادة في تطبيق الاتفاقيات، بل تسعى لتضييع الوقت- والتحقوا بنا بأعداد كبيرة، خاصة منهم الشباب في الشمال· وحتى سكاننا بالمنطقة هم يؤيدوننا في حركتنا التمردية وهم مستعدون للالتحاق بنا بأعداد كبيرة· وإن رفضت الحكومة المالية أن تأتي بحلول مناسبة في أقرب الآجال فذلك يؤدي إلى إثارة حركة تمردية شاملة تمس كل شمال المالي بسكانها، وهذه الاتهامات غير مؤسسة وغير صحيحة، بل هي ورقة تستعملها السلطات المالية لتشويه صورتنا· الاضطرابات تساهم في نسيان مسألة تنمية وتطوير منطقة ''كيدال'' وشمال مالي، وكذا الحصول على مساعدات من طرف الدول المجاورة وبعض الدول الأجنبية·
ورقة الإرهاب التي تستعملها الحكومة المالية هي أكبر أكذوبة· نحن الطوارق ليس لدينا أية علاقة لا مع الإرهاب ولا مع مهربي المخدرات، بل لدينا قضية طرحناها على الساحة المالية، والتي تدوم منذ استقلال البلاد سنة 1960، عندما اندلعت أولى الحركات التمردية· نحن حاليا في نفس الوضع، منذ 1992، نفس الرفض يقابله نفس التمرد المتواصل في الشمال·
حركة تمردية، امتداد للحركات السابقة؟
نعم، نعم ، يمكن القول ذلك· الحركة التي أقودها حاليا تكمّل الحركات التمردية السالفة بنفس الوضع ونفس لغة الخطاب وبنفس المواقف والسيناريو·
كل الاتفاقيات الممضى عليها منذ 1992 إلى غاية 2006 بعقد من أجل السلام والتنمية الوطنية تعني فقط ''كيدال'' هل هذا يعني أن مناطق التوارف الأخرى بالشمال، مثل ''طومبوكتو'' و''غاو'' غير معنية بمسألة التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟
إن مسألة التنمية التي نطالب بها لا تخص ''كيدال''، التي نعيش فيها والتي عانت ويلات المجازر منذ الاستقلال إلى الآن من طرف كل الحكومات المتعاقبة فحسب، بل كل منطقة شمال مالي· وحتى ''طومبوكتو'' و''غاو'' وشمال مالي كلها مناطق بحاجة ماسة إلى التنمية وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية من طرف السلطة المركزية·
دعوتم إلى هدنة وحيدة الطرف خلال شهر رمضان بطلب من الجزائر، ومباشرة بعد انقضاء شهر رمضان أعلنتم على انتهاء الهدنة، فهل هناك إمكانية لهدنة أخرى؟
فعلا، خلال شهر رمضان أعلنا هدنة دون الإمضاء على اتفاقية ولا وثيقة مدونة، قمنا بذلك لأننا كنا في شهر ''مبارك''· وكانت هدنة قبِلتها الحكومة المالية شفويا من دون أي وثيقة رسمية، وكان ذلك عن طريق السفير الجزائري ببماكو· كنا المبادرين بالهدنة التي تبعها إطلاق سراح ثمانية معتقلين، خمسة منهم أجانب بسياراتهم من فرق مكافحة الجراد، الذين يمولون الجيش المالي، الشيء الذي لا نتقبله، وثلاثة آخرون هم جنود، واحد منهم متقدم في السن وكان جريحا· في الجهة المقابلة، كان على الجيش المالي أن يطلق سراح معتقلين من التوارف، أحدهم مقاتل وآخر مدني، وكذا سحب قواتها إلى ضواحي ''تنزاواتين'' ومناطق ''كيدال''·
لكن الجيش المالي لم يحترم الهدنة وأكثر من ذلك عزز تواجده في العديد من مناطق الشمال· كما أنه لم يفي بوعوده، حيث لم يطلق سراح المعتقلين، بل اعتقل مدنيين توارف آخرين من ''كيدال'' بتهمة أنهم ذو بشرة بيضاء· وسعينا من أجل تجديد الهدنة وقمنا بكل الجهود لكن لم نتوصل إلى ذلك، واشترطنا أن تكون الهدنة متفق وممضي عليها من طرف الحكومة المالية وأن تنسحب قواتها إلى ما كانت عليه قبل شهر رمضان وكذا إطلاق سراح الرهينتين· حاليا الوضع أضحى جد معقد·
هناك أيضا عقال توارف جاءوا إليكم إلى هنا بـ ''أبايبرا'' وطلبوا منكم الإعلان عن هدنة؟
فعلا، هناك بعض العقال اتصلوا بنا، ثم نحن لا نرغب في القيام بعمليات عسكرية في شهر رمضان·
من هم هؤلاء العقال؟
أحدهم هو محمد أخرايب، من قدامى الحركة التمردية سنة 1992، رفقة الادي آغ آلا، الذي كان من بين المتمردين الأوائل من ضمن الحركة التمردية الأولى سنة 1963، وكان معهم بعض نواب ''كيدال''·
إنشاء ''تحالف توارف النيجر - مالي'' نهاية شهر جويلية الفارط، كذبه بعض قدامى المتمردين، حاليا هذا التحالف أصبح حقيقة بوجود تنسيق بين الحركة التمردية، ''الحركة النيجيرية من أجل العدالة'' وحركتكم؟
''تحالف توارف النيجر - مالي''، هي حقيقة فرضت نفسها وهناك تنسيق على الميدان بين الحركات في شمالي مالي والنيجر· لها حركات متقاربة لها نفس المطالب، تناضل من أجل تنمية مناطق شمال البلدين، هما حركتان تعيشان نفس الوضع والضغوطات وتطرح نفس المسألة·
شهران بعد العمليات العسكرية، وبالضبط نهاية شهر جويلية سميتم حركتكم بـ ''حركة شمال مالي من أجل التغيير''، ما هو التغيير الذي تكافحون من أجله؟
نحن نطالب بالتغيير خاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، فلا شيء يقام من أجل تنمية وتطوير شمال مالي ومناطق كيدال· فيوميات سكان التوارف عسير جدا، فلابد من الاهتمام بهذه المناطق التي تعاني الإقصاء والتهميش·
هناك حديث عن مؤتمر دولي لتوارف الساحل و الصحراء من أجل التباحث حول وضعية توارف مالي و نيجر بشكل أوسع من اقتراح ابراهيم آغ وانسند، أحد فاعلي الحركة في التسعينيات، ما هو موقفكم من هذا الاقتراح؟
ممكن جدا، السكان لهم نفس المطالب سواء في شمال مالي أو في شمال النيجر، لهم أيضا نفس الأحلام· المهم ان مسألتنا مطروحة منذ .1992 نطالب من الدول المجاورة، مثل الجزائر، ليبيا ودول أخرى مثل فرنسا والدول الأوربية الأخرى مساعدتنا من أجل إيجاد حل نهائي عادل ومطابقة للقانون، نطالب منهم المساعدة قصد تحقيق التغيير الذي نسعى إليه، تنمية شمالي مالي والنيجر·
إبراهيم، نحن هنا معكم، بـ ''أبايبرا'' بالقرب من مرتفع ''طوكسيمين'' الذي يذكرنا بمعركة 1992، بماذا تفكركم هذه المعركة؟
هي معركة وقعت خلال تمرد 1992 عرفت سقوط 17 من عناصر التوارف والعديد من الجرحى وحوالي خمسين من الماليين قتلوا· معركة ضارية جاءت بعدها اتفاقيات السلام سنتي 1993 و.1994 الحكومة المالية التزمت و أمضت على برنامج شامل يمس كيدال و شمال مالي· لكن هذا البرنامج لم يتبعه تطبيق على أرض الواقع وبقي رسالة ميتة، وهكذا توالت الأوضاع·
هل لديكم أمل بأن تنتهي هذه الأزمة بالتوصل إلى حل نهائي؟
المقاتلون هم في حالة نفسية جيدة وبمعنويات مرتفعة وكله أمل في تغيير الأوضاع في البلاد· نحن ننادي الحكومة المالية إلى التعقل للتوصل إلى حل دائم·
هل لديك رسالة إلى رئيس الجمهورية المالية، أمادو توماني توري؟
الرسالة التي أريد أن أبلغها للرئيس توري هي : ما هو تصوره للوضع الحالي وللمسألة المطروحة، كيف يمكن له أن يقترح حلا من دون أن يؤزم الوضع ويعقده أكثر، وهو مطالب بالتحرك فورا لأنه إذا استمر الوضع على حاله، ازداد تأزما وخاب ظن التوارف، فهو مطالب بالتفكير في حل منطقي وعقلاني، قبل فوات الآوان·
هل الجزائر مطالبة بمواصلة جهودها في إيجاد حل للملف؟
بالطبع، فهي قادرة على لعب دور محوري في هذا الملف، باعتبار أنها تعرفه جيدا ولها تجربة طويلة، فهي تعاطت مع الملف بشكل إيجابي منذ .1963 في الماضي كان دورها رئيسي، ويمكن أن تواصل في لعب هذا الدور في المرحلة الحالية للتوصل إلى تسوية نهائية ودائمة·
إبراهيم آغ باهانغا
كان شابا عمره 26 سنة، إبراهيم آغ باهانغا، شارك في 1990 لأول مرة في حركة تمرد التوارق الماليين، تحت زعامة إياد آغ غالي، ليكون بعد ذلك إطارا عسكريا في كامل حركات التمرد التي ظهرت لاحقا، وأحد الفاعلين في اتفاقات السلام الموقعة·· وبرز مرة أخرى في 2001 في الهجوم على ثكنة عسكرية شرق كيدال، عندما اشترط بوساطة السلطات الجزائرية، ترقية قريته ''إن تجدّيت'' إلى بلدية، وهو ما قامت به السلطات المالية لاحقا·· مبديا انزعاجه من عدم تنفيذ مختلف الاتفاقيات المبرمة، عاد إلى المشهد في 11 ماي 2007 بقيامه بعمليات في كيدال ضد نقطتين عسكريتين، وكان ذلك انطلاقا لحركة التمرد التي لا تزال متواصلة إلى حد الساعة·
حسن آغ فغاغا
أحد البارزين مع إياد آغ غالي في تمرد ,1990 الذي خاب أمله أيضا لعدم تطبيق اتفاقيات السلام، حسن آغ فغاغا كان المحرض على تمرد 2 ماي .2006 بعد لقاء بالجزائر العاصمة، حيث لعبت الوساطة الجزائرية دورها، أنشأ مع رفقائه ''تحالف 23 ماي ,''2006 الذي كان قائد أركانه، والذي تبعه اتفاق الجزائر الموقع في 4 جويلية ,.2006
هذا الأخير كان أيضا محل ازعاجه بسبب عدم تطبيقه من طرف الحكومة المالية، حيث طلب مع إبراهيم آغ باهانغا وعدد آخر من المتمردين مراجعته·· ولهذه الأسباب، قرر الالتحاق بتمرد إبراهيم آغ باهانغا يوم 30 أوت الماضي، عندما فرّ للمرة الثانية من الجيش المالي الذي أدمج فيه·
حركات التمرد التوارق شمال مالي:
:1963 أول حركة كانت تحت نظام ''موديبو كايتا'' بقيادة زيداغ الطاهير، المسؤول التقليدي ''لأدغاغ الإيفوغاس'' مع اللاّدي آغ آلّة وأجهضت بعنف شديد·
28 جوان :1990 حركة تمرد ثانية تحت نظام الجنرال موسى تراوري، بقيادة إياد آغ غالي، تبعها في 1991 اتفاق سلام أول موقع في تمنراست بين متمردي التوارق والحكومة المالية·· الاتفاق الذي تم استكماله بالتوقيع على ''عقد وطني'' يتضمن برنامجا كاملا لتنمية شمال مالي، مناطق التوارق·
2 ماي 2006: ثالث حركة تمرد تحت نظام أمادو توماني توري، بقيادة المقدم حسن آغ فغاغا، تم عقبها التوقيع على اتفاق تحت زعامة ''تحالف 23 ماي'' بتاريخ 23 ماي .2006
ماي :2007 رابع حركة تمرد بقيادة إبراهيم آغ بهانغا·
PH/ DjazairNews

بعد إعلان برنامجهم الحزبي وتصريحات العريان
الإخوان المسلمون في مفترق طرق
لا شك أن ''جماعة الإخوان المسلمين'' تمثل في حد ذاتها ''ظاهرة'' تستحق الدراسة سواء من حيث تكوينها العقدي والفكري أو منهجها ومنظومتها السياسية بجانب امتداداتها الجغرافية لأكثـر من قطر، فضلا عن قدرتها الخارقة في البقاء على خارطة التأثير السياسي الاجتماعي بالرغم من الحظر المفروض عليها تنظيميا كجماعة ''محلة'' وفقا لقرار قضائي مصري·
محمود أبو بكر - القاهرة ؟
الواقع أننا هنا لسنا بصدد دراسة تاريخ هذه ''الجماعة الفريدة'' بقدر ما نحاول دراسة المستجدات التي تعصف بالجماعة محليا وإقليميا ودوليا لا سيما بعد ''التصريحات'' الساخنة التي أدلى بها الدكتور عصام العريان (عضو المكتب السياسي للإخوان) لصحيفة ''الحياة اللندنية'' والتي أثارت عاصفة هوجاء من ردود الفعل في الشارع السياسي المصري·
وكادت أن تؤدي إلى تحطيم البنية القوية لهذا التنظيم الذي بقي متماسكا طوال الخمسين عام الماضية رغم ما واجهه من عثرات في الطريق·
القوة السياسية الأكثـر قدرة على الفعل
وبعيدا عن الديماغوجية التي غالبا ما تصاحب التحليلات المتعلقة بجماعة الإخوان، فإن مما لا شك فيه أن هذه ''الجماعة'' نجحت في البقاء على ساحة التأثير والوجود الفعلي من خلف ''حجاب اللاشرعية'' أكثر من كل الأحزاب السياسية المصرية الشرعية مجتمعة والتي لا يتعدى تأثيرها الفعلي حدود إصدار بيانات مشتركة أو منفردة، حول حالات وقضايا سياسية معينة (بالطبع باستثناء الحزب الوطني الحاكم) ولعل الانتخابات التشريعية الأخيرة هي خير برهان لهذا الواقع·
إلا أن تلك الحقيقة لا تعني -بأي شكل كان- أن هذه الجماعة التي تعمل بشكل سري دؤوب ''وغير مشروع '' - على الأقل بالصفة القانونية له - أنها القوة الوحيدة القادرة على الفعل أو أنها يمكن أن تشكل بديلا حقيقيا للحزب الحاكم في مصر - إن لم نقل أن تشكل نظاما سياسيا مغايرا - ذلك لأن كل (أو معظم) المكاسب التي حققتها في الاستحقاقات الانتخابية لم تكن - حسب رأي المراقبين - نتيجة تبني جمهور الناخبين لبرنامج الإخوان أو اقتناعهم التنظيمي والفكري مع الرؤية السياسية المطروحة من قبلهم، بقدر ما هو إبراز ''صوت الرفض'' للكثير من السياسات المتبعة في ظل النظام السياسي القائم، لا سيما في جانبه الاقتصادي الذي يتجه نحو خصخصة شاملة للقطاع العام، وهو الأمر الذي يفرز بالضرورة تبعات وخسائر فادحة في الجبهتين الاجتماعية والاقتصادية لدى الطبقة التي ينتمي إليها أغلبية ''الناخبين''·
وهذه الرؤية أيضا يمكن إسقاطها على الحالة الفلسطينية وحركة حماس الإخوانية التي حققت - هي الأخرى - فوزا ساحقا على حساب ''حركة فتح'' في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وللأسف، فإن غياب ''المعارضة المدنية الفاعلة'' والقادرة على طرح البديل هي التي تحمل الحركات الراديكالية على كتوفها ليس للوصول إلى مقاعد البرلمانات فحسب، بل لأنها تمثل ''القوة الأكثر قدرة على الفعل''، وبالتالي فإن الحديث عن الإصلاح السياسي والدمقرطة غالبا ما يشوبه هاجس البديل الراديكالي الذي يمكن أن يقضي على الدولة المدنية، ويبشر بالدول الدينية، حسبما تحذر منه الكثير من الأنظمة السياسية العربية والأجنبية، لحاجة في نفسها، ويتخوف منه الكثير من الباحثين للحالة العربية البائسة، مستشعرين خطر قيام نظام تيوقراطي يمكن أن يمثل انتكاسة للمسار الديمقراطي المحدود الذي تمضي فيه بعض الدول العربية·
بين الخطاب الديني والاضطهاد السياسي
ولا شك أن المناخ السياسي المحتقن قد فتح الباب واسعا أمام الإخوان للاستفادة من المساحات الشاغرة التي تركتها الأنظمة السياسية، وأبلغ مثال على ذلك هي الحالة المصرية التي لا يزال الإخوان هم ''الفاعل الأول'' القادر على استقطاب الجماهير واستجداء مشاعرها· والواقع أن عناصر الاستقطاب لا تقتصر على تبني خطاب ديني عاطفي فحسب بل تتجاوز ذلك لتلامس قضايا ذات وقع خاص لدى المواطنين سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي والثقافي والسياسي، فضلا عن أن خاصية ''الحظر والحجر'' في حد ذاتها تساهم في تحقيق نتائج عكسية لصالح الجماعة بإعتبارها ''أنهم يمثلون تيارا محظورا يعاني من اضطهاد رسمي''!
بالإضافة إلى طرح جملة من ''القضايا الكلاسيكية'' المتعلقة بنبذ التعاطي مع الولايات المتحدة الأمريكية وإلغاء اتفاقيات ''كامب ديفيد'' والدفاع عن فلسطين والعراق···الخ، وغيرها من القضايا التي أضحت تستغل للاستهلاك المحلي أكثر منها لتطوير مواقف حقيقية من الأزمات المزمنة والقائمة بالشرق الأوسط!
ويجب التأكيد على أن استخدام الخطاب الديني يعد أحد ركائز نجاح ''الإخوان'' في تحقيق نسب تأييد مناسبة في هذا المجتمع الشرقي المحافظ الذي لا يزال الدين يمثل مكونا أساسيا من مكونات شخصيته الوطنية·· وبالرغم من خطورة إلباس السياسة تلك الهالة من القداسة الإلهية، فإن تلك السمة في حد ذاتها قد ساهمت في صمود مناضلي الجماعة ضمن خنادق الدفاع عن قناعاتهم والتضحية بالغالي والنفيس من أجل ذلك، كما أنها أعطت السلم القيادي للجماعة -ذات البعد- وبالتالي ضمنت تماسك التنظيم وخلقت لحمة غير معهودة في بنيته وهياكله المختلفة· كما أفرزت نوعا من التراتيبية الصارمة بين مختلف مستويات العمل داخل هذا الجسد الأقرب إلى التنظيم السري أكثر منه أي شيء آخر!
وبالرغم من المحاولات الرسمية وغير الرسمية لاختراقه ولانتزاع الاعترافات من قيادييه الذين يقتادون إلى السجون في كل مرة، فإن ''تنظيم الإخوان'' قد صمد أمام الكثير من المواقف ضاربا بذلك مثالا في القدرة على الاستمرار على ذات الطريق الذي خطه ''حسن البنا'' مؤسس الجماعة، وإن اختلفت المعالجات والظروف التي تواجهها الجماعة بعد سنة من رحيل البنا·
كما أن بروز تيارات دينية أكثر تطرفا من الإخوان قد خففت من حدة الضغوط التي كانت تواجهها الجماعة، وبالتالي أصبح الإخوان يطرحون أنفسهم ''كجماعة وسطية'' تتعاطى مع الشأن العام بمرونة وحنكة وموضوعية، بعيدا عن ثنائية الحلال والحرام، أو ثقافة الكفر والإيمان·· وهو أمر يمكن ملاحظته من خلال قراءة أدبيات الجماعة في تحليلها للكثير من القضايا المعاصرة!
مناورة مشروع الحزب والمكاسب المحققة
إلا أن الحدث الأبرز في هذا الشأن هو ''مشروع المسودة'' التي تقدمت بها قيادة الجماعة للرأي العام بغرض إثرائها ومناقشتها - كما ورد في تصريحات المرشد ونوابه - والمتعلقة ببرنامج حزب ''الإخوان المسلمون''، حيث تسعى الجماعة إلى استكمال الشروط اللازمة للإعلان عن حزب سياسي دون اللجوء إلى طلب اعتماد من لجنة الأحزاب السياسة التي تحظر تشكيل أحزاب على خلفية دينية أو عرقية!
وبالتالي فإن مناورة الإخوان فيما يتعلق بالحزب لم تكن سوى محاولة لتجاوز ''الكليشيهات'' التي تصنف فيها الجماعة في الساحة السياسية ولتأكيد حقيقة أن '' الإخوان لا يختلفون في الرؤية والمنهج والهدف مع الأحزاب المدنية الأخرى'' بالرغم من عدم اعترافهم بلجنة الأحزاب التي يصفونها بالتحامل ضدهم، وقناعتهم في أن الدولة لن تسمح لهم بأي شكل كان بالنشاط تحت لافتة حزب سياسي!
بل إن بعض المراقبين يرون في أن ''الإخوان'' هم أكثر الجهات السياسية استفادة من عدم اعتمادهم كحزب سياسي وعملهم خارج الشرعية لا سيما وأنهم يملكون أكثر من 88 من مقاعد البرلمان المصري دون أن يكونوا بحاجة إلى اعتراف الداخلية أو يضطروا إلى قبول الشروط التي تفرضها الوزارة ولجنة الأحزاب· إلا أن ''الوثيقة'' المطروحة للنقاش قد كشفت عن تباين في الآراء بين أجنحة الجماعة، حيث بدا الخلاف في الرؤى واضحا بين تيار المحافظين وتيار الإصلاحيين· التيار الأول المطالب بالحفاظ على التراث الطويل للجماعة وعدم الانجرار خلف دعوات الإصلاح التي تسعى إلى انفتاح الجماعة على التيارات السياسية والاشتباك مع القضايا المعاصرة، وبين التيار الثاني المطالب بالانفتاح وبتطوير مواقف الجماعة من عدة قضايا محورية كولاية المرأة، وحق الأقباط في الوصول إلى منصب الرئاسة باعتبارهم مواطنين متساويين في الحقوق والواجبات·
وقد كانت الغلبة للتيار الأول في معظم بنود الوثيقة التي أثارت لغطا وجدلا واسعين في الشارع السياسي والفكري، وهو ما تطلب سحبها وإعادة مناقشتها بين قيادات الجماعة، خاصة في الجانب المتعلق ''بمجلس الفقهاء'' الذي شبهه البعض بحكم ولاية الفقيه القائم في إيران، بينما سعت قيادات معروفة من الإخوان إلى تبرير ذلك بأن المجلس يتمتع فقط بمهام استشارية ولا يملك أي صلاحيات تنفيذية·
وحسب مصادر مطلعة، فإن التيار الغالب الآن يذهب إلى تعديل الشروط الأربعة الخاصة بمنصب رئيس الجمهورية، على أن يشمل التعديل البند الذي ينص على ضرروة أن يكون المرشح ''مسلما ذكر''!
وتعديل هذه الفقرة كفيل بإزالة الحجر المفترض (وفق الوثيقة) على الأقباط والمرأة من منصب الرئاسة، لينهي الكثير من اللغط الذي أثير حول نظرة الإخوان تجاه الفئتين السابقتين، وهو أمر يكشف الحراك الحقيقي القائم داخل التنظيم الذي ظل منغلقا على ذاته، يعمل في سرية تامة، وبمنطق غيبي لا يحتمل الاختلاف أو المناقشة حول المواقف التي تتخذها القيادات العليا للتنظيم·
''العريان'' لا ينطق عن الهوى
وبصرف النظر عن المدى الذي يمكن أن يبلغه ''تيار الإصلاحيين'' داخل الجماعة في طرحه ومطالبه التي تتقاطع مع الكثير من المستجدات والجهات السياسية، فإن تصريحات عضو المجلس السياسي للجماعة، عصام العريان، الأخيرة قد أثارت بلا شك عاصفة من الغضب كانت الجماعة في غنى عنها، حيث قال العريان لمراسل صحيفة ''الحياة'' اللندنية إن ''الجماعة في حالة وصولها للحكم فإنها ستتعاطى بواقعية سياسية·· وأنها يمكن أن تعترف بإسرائيل·· ولكنها ستطالب بتعديل بعض مواد اتفاقية ''كامب ديفيد''!· ولا ندري لماذا أوقع العريان تنظيمه في هذا المأزق الذي تراجع عنه لاحقا بعد حملة شرسة تعرّض لها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وبالرغم من تبرؤ المرشد العام للإخوان المسلمين، مهدي عاكف، ونوابه وبعض القيادات العليا للجماعة عن التصريح، فإن حديث العريان لم يأت ''اعتباطيا'' وحتما لم يكن ''صنيع الصدف'' بل هو أمر يتم تداوله داخل الجماعة ولو بسرية تامة· كما أنه يمكن أن يكون مدروسا بدقة خاصة إذا لاحظنا توقيت وموقع إطلاقه تحديدا، حيث تم اختيار صحيفة خارجية محدودة التوزيع داخل مصر ولا تقرأها إلا النخب وفي إطار محدود، كما أن للتوقيت دلالاته حيث تم أثناء الاحتفال بعيد الفطر المبارك، حيث لا أحد يمكن أن يلاحظ مثل تلك التصريحات النارية التي تطلق في الصحف·· وبالتالي فإن بعض التحليلات تذهب الى اعتبار أن الأمر لم يكن من ''لدن العريان'' بقدر ما كان من ''مختبر الجماعة'' لقياس الرأي العام أو بعبارة أخرى أنه بمثابة ''بالون اختبار'' دفعت الجماعة ثمنه، حتى لو أقسمت بأغلظ الأيمان أنها بريئة منه كالذئب من دم إبن يعقوب· ولا غرور إن هلل بعض المتحمسين للتطبيع بتصريح العريان واعتبروه ''رجلا تقدميا داخل جماعة رجعية'' في محاولة لإيقاعه (ومن خلفه الجماعة) في شراك التطبيع الذي يقف على مسافة يبدو أن الوصول إليها لم يعد بعيدا أو مستحيلا، وذلك بالرغم من التاريخ الحافل بالمواجهات بين الطرفين على الأقل في المستوى الفكري والعقدي، حيث تعتبر الجماعة أن ''الجهاد من أجل فلسطين فرض عين وأحد الركائز الثابتة للجماعة متى ما توفرت الوسيلة والظرف المناسبين''، وبالتالي فإن ''التطبيع '' بهذا المنطق يعد جرما واضحا وكفرا صريحا·· وبين الطرحين يقف الإخوان في مفترق طرق!
البرنامج السياسي لحزب الإخوان في مصر·· تمخض الجبل فولد··
يثير البرنامج السياسي للإخوان أسئلة عديدة أهمها ماذا كان الإخوان يفعلون طيلة الـ 80 سنة الماضية، وإذا كانت الجماعة قد فشلت في إعداد برنامج سياسي شامل خلال 80 سنة، فبأي حق تترشح للانتخابات وأي مجد ستعيد للأمة؟
سمير حميطوش
بالكاد تمكن الإخوان المسلمون في مصر من أن يرتاحوا من مشكل القيادة الذي انفجر عقب وفاة المرشد العام الخامس، مصطفى مشهور، ثم ظهر إلى السطح في شكل صراع أجيال بعد وفاة المرشد السادس مؤمون الهضيبي وقبيل تولي مهدي عاكف لتسيير شؤون منظمة يحلو لقادتها وأتباعها أن يسموها ''أم حركات الإسلام السياسي في المنطقة''· لم يكد الإخوان أن يرتاحوا من مناقشة هذا الموضوع حتى جاء تسريب البرنامج السياسي للحزب الذي يعتزم الإخوان المسلمون في مصر تأسيسه، وشكل مشروع صدمة ودهشة للمتتبعين للمشهد السياسي في العالم العربي والإسلامي، كما كان ذات البرنامج مفاجأ لخصوم حركة الإخوان ومنافسيها الذين كانوا يصورون أتباع وورثة حسن البنا وكأنهم غول سياسي سيقضي على كل الكيانات السياسية الأخرى خاصة بعد تمكن إسلاميين آخرين في منطقة الشرق الأوسط من الوصول إلى السلطة وتحقيق نتائج إيجابية أقنعت الجماهير بمواصلة تأييدها، على غرار ما وقع في ماليزيا وتركيا، لكن برنامج حزب الإخوان السياسي بدا وأن ما يسميه مختار الشنقيطي وعمر عبيد حسنة بـ ''المأزق القيادي في حركة الإخوان المسلمين'' إنما هو جزء من مأزق سياسي شامل تعيشه وتعاني منه حركة الإخوان المسلمين التي ورغم أنها كانت منذ البداية تعرف نفسها بأنها حركة شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية تسعى إلى إقامة حكومة إسلامية· وقال مؤسس الجماعة حسن البنا في رسالته إلى المؤتمر الخامس لجماعة الإخوان المسلمون: ''إن الإخوان يسيرون في جميع خطواتهم وآمالهم وأعمالهم على هدى الإسلام الحنيف كما فهموه، وهذا الإسلام يجعل الحكومة ركنا من أركانه''·
ورغم ذلك فإن البرنامج السياسي الذي أعلن لا يوضح أن حركة الإخوان المسلمين تقدم شيئا مميزا ولم يقترح حلولا أو نظرة تكون في مستوى الحركة التي يقارب عمرها أن يصل 80 عاما وتضم في صفوفها عددا هائلا من الإطارات، وهو ما يؤكد صحة ما كان يقوله الباحث الموريطاني المختص في شؤون الحركات الإسلامية مختار الشنقيطي الذي يتحدث ويقول إن حركة الإخوان المسلمين اهتمت بصناعة الأتباع فقط خلال السنوات الماضية·
كما أن برنامج حزب الإخوان المقترح ترك انطباعا أن التطور الوحيد الذي وجد في تفكير الحركة هو أنها أصبحت تؤمن بالحزبية بعد أن كان مؤسس الجماعة حسن البنا من أشد الكافرين بها لأنه كان يرى فيها تفريقا لأبناء الحزب الوطن الواحد· وباستثناء ذلك بدا أن جماعة الإخوان لم تكلف نفسها حتى عناء البحث والنظر في البرامج وتجارب الأحزاب والحركات الإسلامية الأخرى التي يفترض أنها فرع من فروع حركة الإخوان المسلمين، فمسودة مشروع الإخوان خاصة في ما يتعلق بقضية ''مجلس الفقهاء'' بينت أن جماعة الإخوان جماعة تميل إلى تطبيق نظام دكتاتوري تكون فيه السلطة القضائية - الفقهاء يصدرون ويستنبطون أحكام وبالتالي هم يشكلون سلطة قضائية- هي السيدة بما يعني إلغاء للشورى والديمقراطية التي يطالب بها الإخوان في الوقت الحالي· وبمعنى آخر، فإن الإخوان ينحازون إلى الرأي الذي يقول بأن الشورى ملزمة لكن حكم الفقهاء لا يعتمد على التشاور وإنما على إصدار أوامر وتعليمات، وهذا ما يجعل الإخوان يؤكدون أن خصومهم يملكون الحق في التضييق عليهم باعتبار أنهم إذا وصلوا إلى الحكم فلن يكون أي مجال لغيرهم، ثم إن حكم الفقيه يعني أن الإخوان في مصر ورغم تنوع تجارب الإسلاميين في المنطقة، فإنهم يميلون إلى نظام الحكم في إيران وهو النظام الذي أدانه الإخوان أنفسهم وكتب مفكر جماعة الإخوان في سوريا، سعيد حوى، كتابا ينتقد فيه النظام الإيراني وأسماه ''الثورة التي يسمونها إسلامية''·
وفي جانب آخر، أقحم البرنامج السياسي الذي يطرحه الإخوان في مصر أنفسهم في صراع سياسي لا مبرر له ولا حاجة لهم به حين يقولون إن رئاسة الجمهورية يجب أن يتولاها مسلم ذكر، وفي الحقيقة لم يكونوا محتاجين إلى مثل هذا النص باعتبار أن أغلبية المصريين مسلمين ثم إن النص يناقض سلوك مارسه الإخوان حين تنازلوا في انتخابات التشريعية الماضية عن الترشح لصالح إبنة مكرم عبيد·
كما أن برنامج حركة الإخوان المسلمين فجر الصراع بين الأجيال في الجماعة، في حين يصر الحرص القديم -وهم محررو البرنامج- على رفض التعامل مع الولايات المتحدة· ذهب عصام العريان إلى نقيض ذلك حين تحدث عن اعتراف بوجود إسرائيل نفسها مقابل بعض التعديلات في اتفاقية كامب دايفد· ويأتي هذا التصريح من عصام العريان أحد الوجوه القيادية الصغيرة -مقارنة مع الحرص القديم للإخوان- ليؤكد أن حركة الإخوان في تفكيرها لم تعد حركة واحدة وإنما هي حركات عديدة، وهو ما يؤكد كذلك تواصل المأزق القيادي داخل جماعة الإخوان المسلمين· وطبيعي فإن عدم قدرة تكتل سياسي على إيجاد قيادات جديدة متواصلة ومتناغمة مع سابقتها يؤدي إلى ضعفه أمام خصومه وفي هذا الإطار لاحظ هرير دكميجيان -وهو من أوسع الخبراء الأمريكيين اطلاعا على مسيرة الإخوان المسلمين- أن ''تطور الحركة الأصولية الإسلامية سيتوقف على نوعية قيادتها السياسية والثقافية· وفي الظروف الحالية، تعاني الحركة بشكل جدي من القصور في قيادتها الفكرية والسياسية والتكتيكية''· وفي مقارنته لميزان القوى بين السلطة والإخوان في عدد من الدول العربية، توصل إلى النتيجة المنطقية المترتبة على القصور القيادي السائد، فقال ''بغياب طليعة منظمة، فإن الصراع الذي لا محيد عنه بين الحركات الأصولية والدولة ستميل كفته لصالح الدولة في المستقبل القريب على الأقل''· والمشكل أن قيادات الإخوان المسلمين لا تبالي بهذا الموضوع، ويبدو كأنها اغترَّت بالتعاظم الكمي للصحوة، وانتشار روح التدين في المجتمع، فدفعها ذلك إلى التفاؤل المفرط المبني على حتمية الانتصار، ونسوا -كما لاحظ الدكتور حسن مكي- أنه ''قد تصح القابلية في المجتمع، ولا يوجد الاستعداد في الحركة، كما قد تنضج الظروف (في الحركة) ثم لا توجد القيادة''·
القيادي في حماس فلسطين أسامة حمدان لـ ''الجزائر نيوز'':
تجربة حماس في السلطة هي نجاح للإسلاميين في العالم
تشكل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية نموذجا سياسيا مهما لدراسة تسير الإخوان المسلمين للشأن العام، حيث يعد حكم حماس لفلسطين أعلى ما وصل إليه الإخوان المسلمون في العالم، ويرى معارضو جماعة الإخوان أن تجربة حماس فشلت ومعها انتهى بعبع ''الإسلام هو الحل'' الذي يرفعه الإخوان، ولكن أسامة حمدان ممثل حركة حماس في لبنان وأحد أهم قياديها وفي إجابة على سؤال طرحته ''الجزائر نيوز'' عليه حول تقييمه لأداء حكومة حماس قال: إذا أردنا أن نتحدث عن فشل ونجاح الحكومات فيجب أن يكون حديثنا عن معايير محددة للنجاح والفشل، عن معاير التنمية الاقتصادية والتنمية السياسية والقدرة في الدفاع عن مصالح الوطن وحماية المجتمع عن الأخطار وما إلى ذلك أنا أعتقد أن أي تجربة يخوضها اي تنظيم هي تجربة بشرية من حيث المبدأ -بغض النظر عن الحديث عن تجربة حماس- وهي بذلك تجربة يعتريها الخلل وفيها انجازات، نحن في حماس تولينا الحكومة لمدة عام قمنا بخلاف غيرنا بتقييم لأداء الحكومة وأداء الوزراء وأنا أتحدى أنه في تاريخ الحكومات الفلسطينية السابقة حدث مثل هذا التقييم وهو لم يأت لشعورنا بأن هناك كارثة وإنما من منطلق شعورنا بالمسؤولية تجاه شعبنا·
ثم لما سألناه عن ما قدمت حماس للإسلاميين قال: ''بالمجمل حماس وصلنا إلى نتيجة أساسية هي أننا تمكنا في تقديم إضافة نوعية في الأداء السياسي الإسلامي''·
وأضاف ''في الظروف التي قدنا الحكومة فيها والمكاسب التي حققناها ندعوا الإسلاميين في العالم إلى الافتخار بمكاسب حكومة حماس التي أثبتت قدرة هذا التيار على تبني طموحات وأمال الشعوب ولو في ظروف استثنائية''·
س·ح
PH/ DjazairNews
رسالة الدكتور وليد الطبطبائي إلى قائد القاعدة
السلفية العلمية تسأل بن لادن حول العمليات الانتحارية التي شهدتها الجزائر
وجه زعيم السلفية العلمية في الكويت النائب البرلماني، الدكتور وليد مساعد الطبطبائي، رسالة إلى أسامة بن لادن قائد تنظيم القاعدة، احتوت انتقادات الطبطبائي ومن ورائه السلفية العلمية لأسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، إلى ذلك دعا الطبطبائي بن لادن إلى الإجابة عن موقع الجماعة السلفية في الجزائر من تنظيم القاعدة وسأله عن هدف العمليات الانتحارية التي وقعت خلال الشهور الماضية في الجزائر، ما مبرّرها وما هدفها؟ وهذا نص الرسالة:
إلى الشيخ أسامة بن لادن: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد··
فهذه الرسالة أرسلها إليكم عبر جريدة سيارة لعلها تصل إليكم أينما كنتم إبراء للذمة، ونصحاً لله ورسوله·
وكاتب هذه الرسالة من الناس الذين يقدرون ويحترمون جهادكم السابق في تحرير أفغانستان من الغزو الشيوعي الروسي، وما بذلتموه وقتها من مال وجهد وبذلتم أرواحكم رخيصة في سبيل الله عز وجل، نسأل الله أن لا يضيع ذلك العمل·· وأيضا فإن كاتب هذه الرسالة من الناس المحبين للعمل الإسلامي والدعوة إلى الله عزوجل، ومن المناهضين للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة سيما ما تفعله إسرائيل بإخواننا المسلمين في أرض فلسطين بدعم مباشر من الإدارة المتصهينة في البيت الأبيض·
الشيخ أسامة··
إن خطابكم الأخير الذي تم بثه قبل أيام عبر وسائل الإعلام أثار في نفسي الكثير من التساؤلات العديدة حول التأثيرات السلبية التي تسبب بها هذا الخطاب نظراً لغياب البعد السياسي في هذا الخطاب، فمع الأسف كان هذا الخطاب بمثابة طوق النجاة للرئيس الأمريكي والذي يواجه ضغوطا داخلية كبيرة لسحب قواته من العراق، ولذلك قال المراقبون إن الرئيس بوش وجد ضالته في هذا الخطاب، وأعطاه حجة قاطعة لإلجام خصومه بأن وجود واستمرار الجيش الأمريكي في العراق هو من أجل حماية الشعب الأمريكي بأسره من التهديد المستمر الذي تمثله القاعدة للشعب الأمريكي·· وعليه فإن خطابكم قد أضر بكل الجهود المبذولة لتسريع خروج الجيش الأمريكي من العراق·· إلا إذا كنتم لا ترغبون بذلك!!
ثم قبل هذا يا شيخ أسامة كيف يصلح أن تدعو الشعب الأمريكي للإسلام وأنت تعترف بجرأة كبيرة بأنك وراء قتل الآلاف منهم في أحداث 11 سبتمبر ,2001 ألا تعتقد ويعتقد كل عاقل بأن هذا تنفير لهم عن الإسلام؟! فأنت إما أن تدعوهم للإسلام بالترغيب وألطف العبارة، وأما أن تحاربهم وتقاتلهم ولكن أن تعلن الحرب عليهم وتقاتلهم وتدعوهم للإسلام في الوقت نفسه، فهذان الأمران لا يجتمعان بل يزيد من حقدهم على المسلمين وكراهيتهم للإسلام ونفورهم منه·
ثم يا شيخ أسامة ''لا تعتقد ويعتقد العقلاء أن ما فعله ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين من خلط الجهاد ضد الاحتلال بعمليات الخطف والذبح والتفجير في الأماكن العامة واستهداف دور العبادة والمدنيين من الشيعة والسنة على السواء بل حتى أئمة الجوامع والخطباء لم يسلموا من أفعال المحسوبين على تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين·· وقتل عدد من رموز أهل السنة على يدهم من أمثال الدكتور الراوي وغيره·· وقد أدت مثل هذه العمليات التي استهدفت المدنيين إلى تشويه صورة الجهاد والمقاومة في العراق ضد الاحتلال وإلى تأليب الناس على المجاهدين الذين يجاهدون قوات الاحتلال مباشرة·
ولقد أدى تخويف الناس من الانضمام إلى الشرطة إلى قوى الأمن إلى جعل هذه القوات من لون مذهبي واحد، وهو خطر يهدد الآخرين الآن، وحتى بعد زوال الاحتلال·· فلم يعد يأمن الناس هناك على أموالهم وأعراضهم وأرواحهم·
وإذا عدنا إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فإن الغرب وأعوانهم في الدول العربية والإسلامية وجدوا فيها ضالتهم لمحاربة العمل الإسلامي بشكل عام، والعمل الخيري بشكل خاص، فتم غلق كبريات الجمعيات الإسلامية الخيرية، وتم التضييق على الجمعيات والمؤسسات الأخرى تضييقا شديدا أضر بملايين المسلمين المستفيدين من عمل هذه المؤسسات الإسلامية، برغم أن هذه المؤسسات لا علاقة لها بشكل مباشر ولا غير مباشر بهذه الأحداث، إلا أن هذه المؤسسات والجمعيات والملايين من المستفيدين منها أضحوا ضحايا بريئين للحرب على ما يسمى بالإرهاب· إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها أدت بشكل مباشر وغير مباشر إلى ضياع أفغانستان وضياع العراق، واستفراد إسرائيل بالفلسطينيين وإجهاض الانتفاضة المباركة التي كانت في أوج قمتها قبيل الأحداث، ولم تعد أحوال الأمة كما كانت عليه قبل هذه الأحداث!
وعليه، فإنني أسأل الشيخ أسامة وإقول له: إن الخط الذي تسيرون عليه أضر بالعمل الإسلامي والدعوة الإسلامية في شتى أنحاء العالم، فلماذا لا تعيدون النظر في سياستكم وفي خططكم؟! ولماذا لا يتم استشارة العلماء الثقاة وأهل الرأي والحكمة في العالم الإسلامي؟! إن نتائج ما تقومون به لا تنعكس فقط عليكم وعلى أتباعكم وأنصاركم وإنما تمتد آثارها إلى الفقير المسكين في نيامي عاصمة النيجر، وإلى المسلمين في قازان عاصمة تتارستان في روسيا، وتمتد من غانا إلى فرغانة ·· فلماذا تستبدون برأيكم وتجرون الأمة الإسلامية إلى مصير مجهول بسبب انفرادكم بالرأي والتصرف!!، ولماذا لا يكون مثل هذا الأمر شورى بين قادة الرأي وساسة الفكر في العالم الإسلامي حتى تعلموا هل ما قمتم به صواب أم خطأ؟ وكيف السبيل إلى تصحيح الأخطاء والنهوض من جديد بالأمة؟!
وأخيرا أود أن أسأل الشيخ أسامة عن رأيه فيما تقوم به بعض الجماعات التي تنتسب للقاعدة والتي تقوم بتفجيرات عشوائية يروح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم وبعضهم مسلمون، فهل هذه الجماعات لها علاقة بكم؟ وهل ترضون عن تصرفاتها وأعمالها؟
كما أود من الشيخ أسامة أن يفيدنا مشكورا عن جماعة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي والتي تقوم أيضا بتفجيرات متفرقة يروح ضحيتها أبرياء وغيرهم، جميعهم أو معظمهم من المسلمين· وهذه التفجيرات فضلا عن إزهاقها لأرواح الأبرياء فهي تنتشر الخوف، فهل أيضا هذه الجماعة محسوبة أيضا عليكم؟ أم أنها تنتحل اسم تنظيمكم؟ وهل عملها مرضى عليه من قبلكم أم لا؟ ولو كان الأمر بالإيجاب فما وجه الحكمة من تفجير هنا وقتل هناك؟ وما الأهداف السياسية من وراء مثل هذه الأعمال؟ وما النتائج القريبة والبعيدة لمثل هذه الأفعال؟ أفيدونا مشكورين لأننا نعجز عجزا مطلقا عن فهم دوافع وأهداف ونتائج مثل هذه العمليات في الوقت الذي نراها مضرة ضررا شديدا بالعمل الإسلامي، وهو ما نلمسه جليا على أرض الواقع·· فماذا ترون أنتم؟
أسأل الله أن يحفظ أهل الجهاد الصادق، وأن يعز الإسلام وأهله، وأن يبعد عنا الفتن والمحن والبلايا·· آمين·
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم
د·وليد مساعد الطبطبائي
ديوان الوراقين
بلاد ''التدراح''
مهدي براشد
كل يوم يمر يؤكد لنا أن مسؤولينا يغشوننا في أكثـر الأمور حيوية وحساسية، يغشون ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، فهذا وزير التربية الذي أعطى أبناءنا كتبا شواهَوا فيها النشيد الوطني، يسلم لأبنائنا كتبا زوروا فيها التاريخ، وقالوا فيها لأبنائنا أن فرنسا لم تدخل إلى الجزائر إلا بعد أن استفادت من الثورة الصناعية في بداية القرن ما قبل الماضي وطورت أسلحتها لتشكل قوة عسكرية مكنتها من تحرير الجزائر من الأتراك·
ومن يدرى ربما في العام المقبل، إذا استمر الوزير الذي لا يزول بزوال الحكومات في منصبه، وهو الأرجح، وجعلنا الله من المخطئين، فليس بعيدا أن نقرأ في كتب التاريخ المدرسية أن الماريشال بيجو كان مناضلا وأن الأمير عبد القادر والمقراني وبوعمامة كانوا ضد مصلحة الوطن، ليس الأمر بعيدا، ما دام أبو بكر بن بوزيد سلم لأبنائنا كتبا في التاريخ هذا العام تقول، أن حزب مصالي الحاج كان يضم المتطرفين·
الغش و''التدراح'' لم يطل ماضينا فقط، بل سبق في حاضرنا، فديوان وزارة الصناعة وترقية الاستثمار، يؤكد أن معظم المنتوجات المسوقة في الجزائر لا تخضع لأي معيار من القياسة، وأن الغش مس سعة أكياس الحليب ووزن الخبز والخضر والفواكه وحتى سعة البنزين، كلها مواد لا يحترم مسوقوها أدنى شرط من شروط القياسة والميزان، والمواطن مغشوش على طول الخط·
التدراح في الجزائر أصبح صفة تشتهر بها الجزائر ووصل صداها إلى خارج الحدود، والمجموعة الفرنسية لصناعة مشتقات الحليب يوبلي رفعت دعوى قضائية ضد إحدى الشركات الخاصة بالجزائر وغرَّمتها بتهمة التقليد·
لهذه الأسباب قال وزير الإعلام والناطق الرسمي للحكومة أن رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم بصدد البحث عن مفاتيح أبواب الصمت كي يفتحها ويخرج عن صمته بعد 30 أكتوبر المقبل، ليوضح أمام الجميع أن التدراح لم يمس عملية التحضير للانتخابات ولا قوائمها وأنه على الرغم مما قيل عنه وقلناه في ديوان الوراقين لن يستقيل·
رفيق الرأي
عسكرة المملكة
رفيق زناز
الحديث عن سباق التسلح عاد لطرح ثقله على منطقة المغرب العربي، وبالضبط بين الجزائر والمملكة المغربية، وقضية التوازن العسكري التي يبدو أن المغرب لا يريد تضييع الوقت فيها لكسب رهانها من خلال تركيز
وتكثيف حملة شراء الأسلحة الثقيلة والدقيقة عبر تمويل خاص من قبل الولايات المتحدة الأمريكية الممول التقليدي وفرنسا التي نجح رئيسها ساركوزي في عقد أوالتمهيد لأول صفقاته العسكرية في شمال إفريقيا منذ توليه الحكم، إلى جانب ذلك تقطع أخبار العسكرة المغربية بصفقات أخرى عقدت مع إسبانيا ·
أزمة الصحراء الغربية وأهمية تركيز التوازن العسكري في منطقة المغرب العربي بين الجزائر والمغرب مراعاة لجذور الاختلاف الدبلوماسي بين البلدين، هي معالم تشد اهتمام الدول الغربية لتحديد كيفية وطريقة وزمن تزويد المنطقة وعسكرتها·
الأسبوع الماضي كان الحديث في الدار البيضاء بين ساركوزي والملك محمد السادس حول صفقات عسكرية لتزويد الجيش الملكي عسكريا وخاصة في مجال سلاح الجو، في الوقت الذي تتفوق القدرات الجزائرية في هذا النوع من الأسلحة بالضعف على الجارة المغرب التي تعاني أزمة تجديد سلاح الجو لقدمه، حيث يعود عمره إلى نهاية الستينات·
فرنسا تحاول أن تبرم العقد النهائي مع المغرب من أجل تزويدها بطائرات مطاردة من نوعب رافال، غير أن المملكة ترى بأن عقد الصفقة مع الشريك العسكري التقليدي ''الولايات المتحدة الأمريكية'' قد يكون أفضل لاعتبارات اقتصادية، حيث قد جرى الحديث سابقا عن صفقة أمريكية للمغرب من أجل بيعها طائرات ''أف ''16، في الوقت الذي يحاول فيه الصانع الفرنسي للمطاردات ''الرافال'' تمرير صفقة للمغرب بقيمة 3,2 مليار دولار، حيث قدرة هذه الطائرات تفوق تلك التي هي من نوع ''ميغ ''29 التي تمتلكها الجزائر، غير أن ''لوكشيد'' صانع طائرات الـ''أف''16 الأمريكي يعرض على المغرب صفقة بقيمة 2 مليار دولار لتزويده بـ 24 طائرة··''عرض مثير للإهتمام !
و على جانب آخر، سبق أن تناقلت بعض الأوساط الدبلوماسية و العسكرية أخبار حول ترحاب المغرب بفتح أبوابها لمشروع ''أفريكوم'' الذي سيكون قاعدة للولايات المتحدة الأمريكية في إفريقيا عام 2009، من أجل مكافحة الإرهاب ··كما قيل!! ···و هذا ما قد يخلط أوراق الثقل العسكري في المنطقة·
ومن باب آخر المغرب كان قد كثف استيراده ، و شرائه لأسلحة ذات صنع إسباني، حيث تعد المملكة الزبون السابع لإسبانيا في مجال استيراد الأسلحة منذ عام 2000، حيث بلغ رقم هذه الصفقات 6 مليون دولار ··ليصل عام 2005 إلى 8 ملايين دولار، وقد تركز حول مدرعات ''م ,''60 وأجهزة مراقبة عسكرية دقيقة كانت قد أحدثت ضجة على مستوى حكومة ثاباتيرو، ارتبطت بالقضية الصحراوية، وجاءت في أعقاب أزمة جزيرة البريخيل الذي احتلها المغرب لمدة 24 ساعة·· وقالت الصحافة الإسبانية وقتها بأن على المغرب ألا يوجه هذه المدرعات إلى سبتة وميليا·
لب الموضوع أن الملك المغربي محمد السادس قد أدرك استراتيجية عسكرة بلاده على بساط العلاقات التقليدية التي نجح والده الملك الحسن الثاني في مدها مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا، دون النسيان بأن آخر العمليات التجارية العسكرية كان قد أبرمها مع روسيا البيضاء في إطار صفقة شراء مدرعات ''ت ''72 مستعملة لكن ما تزال صالحة ···
أمام هذه الحركة المغربية المعلنة وغير المعلنة بحجة عسكرة المملكة لمواجهة الإرهاب و الدفاع الذاتي لماذا هذا التحرك المغربي، وما المرجو منه في المنطقة المغاربية التي ارتبطت بتحرك مكثف لبؤر الإرهاب الدولي وقضية الصحراء الغربية العالقة الامل ·

ليست هناك تعليقات: