السبت، أكتوبر 27

الجزائر عاصمة الثقافة العربية ''


الجزائر عاصمة الثقافة العربية ''
إلى مــرمى الخيــب ··
استطلاع / نـوّارة لـحـرش
بعد أكثر من 8 أشهر على انطلاق فعاليات الجزائر عاصمة الثقافة العربية، ماذا يمكن أن يقوله الآن الكتاب والأدباء الجزائريون الذين يرى بعضهم أنهم وجدوا أنفسهم منذ البداية خارج أضواء السنة، خارج دوائر الاهتمام، وكأن الأمر لا يعنيهم ولا يعدو أن يكون مجرد تظاهرات فلكلورية تتقاسم زبد موائدها الوجوه الرسمية في الدوائر الرسمية بكل عنجهية وبلاهة وبكل أصناف أمراض الحضور والأضواء والاحتكار والسيادة والريادة لمجرد الوجاهة المرضية الكسيحة·· هنا آراء بعض الكتاب الجزائريين الذين تحدثنا معهم بشأن عاصمة الثقافة وعن رؤيتهم لها لحد الآن فكانت هذه الآراء / الوقفات ·
كمال قرور / كاتب
سنة الخيبة الثقافية ··
المطلوب محاسبة كل من أخذ أموال التظاهرة
مرت ستة شهور على انطلاق سنة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، مثلما مرت بقية الشهور والسنوات، لا شيء يميز هذه التظاهرة العربية التي تجرى فعالياتها على أرض بلادنا .
ولكن من يقيم من؟ إذا كان أصحاب العرس للدف ضاربين وعن التقييم معرضين .
التظاهرة ضحية الانطلاقة الخاطئة التي عرفت صراعات واستقالات ومؤامرات، للأسف، ككل مرة تسقط الجزائر في الاستعجالية و>البريكولاج< والرداءة .
من سلبيات هذه التظاهرة الثقافية أن النشاط متمركز في العاصمة، والعاصمة منشغلة عن ذلك بمساحيقها وأحلامها الوردية، في انتظار >غودو< الذي لن يأتي حتما، لذا يجب على المسؤولين التفكير، اليوم قبل الغد، في عاصمة ثقافية بديلة للخيبات، تحتضن الفعاليات الثقافية القادمة ولتكن: سطيف أو عنابة أو مستغانم .
أموال السينما والمسرح سيطر عليها >المشامشية< صائدو الفرص.. لن ننتظر منها إلا القليل من أصحاب النوايا الطيبة والضمائر الحية .
وإذا استطاعت الوزارة أن تحقق طبع ألف كتاب ولو في طبعات معادة، فإنها تنقذ ما يمكن إنقاذه من سمعة هذه التظاهرة .
لا يمكن أن تكون الجزائر عاصمة الثقافة العربية، وجمعيات ثقافية تقاطع التظاهرة ومؤسسات ثقافية تحت الوصاية مخاصمة الوزارة، واتحاد النخبة منقسم إلى نصفين، ومبدعون حقيقيون يتفرجون على الهامش .
نطالب الوزارة أن تحاسب كل من أخذ سنتيما على عمله، فإن أحسن يُكرّم وإن أساء يُوبّخ وإن لم ينجز عمله عليه بإرجاع أموال الثقافة .
وعلى المجتمع المدني والنخبة المستنيرة أن يدعو للمحاسبة .
أحمد عبد الكريم / شاعر
ارحمونا من حبكم ··
كم كنت أتمنى في قرارة نفسي أن يكون اختيار الجزائر، عاصمة للثقافة العربية لعام ,2007 اختيارا مؤسّسا على معايير ثقافية بحتة، بالنظر إلى إسهاماتها في إثراء الثقافة العربية والعالمية، وتاريخها الثقافي المشرق منذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا، وما أجمل أن تكون هذه التظاهرة فرصة للتعريف به وإضاءته بما يكفي لتصديره إلى الوطن العربي الذي يجهل بلا شك الكثير عن هذا الإرث الحضاري الزاخر .
كنت أتمنى ألا يكون هذا الاختيار حركة مجاملة دبلوماسية لبلد ارتبط في مخيلة العالم بأعظم ثورة شهدها القرن العشرون، ثورة تحولت إلى تاج على جبين العروبة، أو تكون هذه التظاهرة تشريفا لبلد شهد أجمل معركة قادها شعب ضد الظلامية وأعداء الحياة والفرح خلال العشرية الأخيرة الدامية .
ولكن على الرغم من اعتزازي كجزائري بهاته وتلك، وعلى الرغم من التداخل الكبير بين ما هو تاريخي وما هو ثقافي، لأن الجزائر حينذاك تكون جديرة بعاصمة التاريخ الإنساني كله، ولأن الأمر يتعلق بالثقافة والإبداع الذي يحيل على الحرية والحق والجمال، بعيدا عن كل ما من شأنه أن يكون إملاء خارجا عن شروط الإبداع الخلاّق والثقافة المنزهة عن كل إكراه .
هذا هو السبب الوحيد الذي يجعلني أفكر في أن أستعير في هذه اللحظة بالذات، تلك الصرخة التي أطلقها الشاعر محمود درويش ذات يوم في وجه النقاد العرب الذين كانوا يقرؤونه بتعاطف نقدي وجمالي، تضامنا مع فلسطين السليبة ..
هل يجوز لي أن أكرر صرخته تلك في وجه اخوتنا العرب >ارحمونا من حبكم<. وقد آن لكم أن تصغوا إلينا لا لأنفسكم، لأننا نحب الحياة، ونحن محترفو ثورة وحب وجمال وكتابة. ألم يقل أحدهم: >كي تنتصر على الموت يجب أن تكون عاشقا أو ثائرا أو شاعرا< ونحن كل أولئك .
أتمنى ما أتمنى، ولكنني لا أتمنى أن يحدث فتح عربي جديد للجزائر دون أن يحدث بالمقابل فتح جزائري للثقافة العربية، ودون أن يتمكن أدباؤنا وفنانونا من اختراق حاجز الصوت الذي يفصلنا عن الفضاء العربي، فضاؤنا الطبيعي الجدير بنا ..
ماذا يعني أن تكون الجزائر عاصمة للثقافة العربية؟
لعل أبسط ما يعنيه هذا العنوان هو أن الجزائر كجغرافيا ستكون مسرحا تتفاعل فيه عناصر الثقافة العربية بأفكارها واتجاهاتها المتعددة وأشكالها التعبيرية المتنوعة، ولكن الشيء الأهم في اعتقادي هو أن الجزائر ستكون نقطة التقاء لجناحي الوطن العربي: المشرق والمغرب، فقد درج الكثيرون على القول بتمايز العالمين واختلافهما في الأنساق الفكرية والحياتية، لكن ذلك لا يعني انفصالهما انفصالا تاما، غير أن القول أيضا بتماهيهما تماهيا تاما ضرب من الخرافة، ذلك أن صراعا خفيا كان يشوب تاريخ الثقافة العربية. يحدث أن يعلن عن نفسه لكن الأواصر السياسية القومية تحول دون تجاوزه للحدود المسموح بها، وقد أثبتت بعض السجالات هذه الفكرة، بل إن الإمتداد والجذور التاريخية لهذه الحساسية تعود ربما إلى زمن ابن رشد وابن حزم ..
في حالة الثقافة العربية العالمية يجب القول بأن العلاقة لم تكن ندية متكافئة بين مشرق منتج للثقافة والأدب والفن، ومغرب يراد له أن يكون متلقيا مستهلكا لهذه الثقافة فقط، دون أن يكون له إسهام حقيقي في إثراء المدونة العربية بإبداعاته الخلاقة .
إن مركزية الثقافة العربية هي مركزية مشرقية، تمارس أبوتها وتعاليها ونرجسيتها على مغرب تراه مستلبا وهشّا في عروبته. ولا مناص أمامه إلا الإنصات لصوتها والولاء لها .
قليل من الأسماء الأدبية المغاربية استطاعت أن تنتزع اعتراف الجميع وتخترق بحضورها المشهد الثقافي العربي، ولم يتأتّ لها ذلك إلا بعد جهد خرافي، وتقديم تنازلات من نوع ما، بل إن الأمر يكاد يتحول إلى كوجيتو جديد >إذا مررت على بيروت فأنت كاتب حقيقي، أو إذا مررت على القاهرة فأنت مطرب حقيقي ..<
الواقع يثبت أن الجزائر >عكاظ< قديم للثقافة العربية بدليل النجاحات المنقطعة النظير للتظاهرات التي تروج للمنتج الثقافي العربي سواء تعلق الأمر بالأدب أو بالغناء ومن الطبيعي أن تمتلئ القاعات إذا جيء بمطرب أو بشاعر عربي، ونفس الشيء ينطبق على الكتاب والسينما والمسرح ..
بمعنى هل ستكون تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية فرصة لترسيخ الثقافة العربية المستهلكة أصلا أم أنها ستكون فرصة للإصغاء لصوتنا العربي الصافي والناضح بالجمال والمتوهج بالضاد المقدسة .
رغم انتمائي الوجداني العميق للعروبة واعتزازي الراسخ بها، إلا أنّني، لا أريد أن تحدثني نفسي بأنّني منفي داخل العربية ذاتها ..
عزوز عقيل / شاعر
ماذا شاهد المتتبع العربي من السنة الثقافية الجزائرية
سعدت كثيرا لاختيار الجزائر عاصمة للثقافة العربية، هذا الحلم الكبير الذي راود كل المبدعين الجزائريين والفنانين بمختلف إبداعاتهم، بل والمبدعين العرب جميعا وكانت نبضات القلب تزداد كلّما اقتربنا خطوة من هذا الموعد المنتظر لكن للأسف الشديد، حلم كل مبدع جزائري تبخر ساعة انطلاق الموعد الثقافي والإعلان عن افتتاح السنة الثقافية الجزائرية التي كانت كالصاعقة بالنسبة لكل المبدعين الجزائريين والمثقفين، ولم يقتصر هذا على المبدع والفنان الجزائري فحسب، بل الكثير من المبدعين العرب الذين شعروا بالانتكاسة خاصة في افتتاح السنة الثقافية التي كانت ربما لكل شيء سوى الإبداع الجيد، وكان المشاهد الجزائري والعربي عموما أمام تغريبية كبيرة في افتتاحية غاب عنها التراث الجزائري الجميل، وكأنك لست في جزائر حررها العقيد عميروش والعربي بن مهيدي، وتحدى ابن باديسها المستدمر الفرنسي، بشعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب من قال عاد على أصله عفوا، بل من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب، شعرت حقيقة بخيبة رجاء كبرى وتبخرت كل الآمال التي كنت أحلم بها كأي جزائري يحلم بجزائر الانتصار في المجالات جميعها خاصة المجال الثقافي الذي نملك منه الكثير، ولعل الأسماء الأدبية والثقافية التي تزخر بها الجزائر على جميع الأصعدة كفيلة بأن تصنع المشهد الثقافي الجميل،، سؤال ليس بريئا أطرحه على كل الذين أشرفوا على السنة الثقافية الجزائرية، ماذا شاهد المتتبع العربي من السنة الثقافية الجزائرية، ماذا عرف عن مبدعيها، ماذا شاهد من لوحات تشكيلية، ماذا وماذا وماذا وكثير من الماذات يمكن طرحها بمرارة المبدع والفنان الحساس الذي اعتقد أنه تألم بكثير من الوجع والصمت في انتظار عشرات الأعوام لانطلاق سنة ثقافية يمكن للجراح التي أثخنتها سنوات الدم وسنوات التهميش للمبدع بكل أصنافه· أتمنى أن تكون الجزائر ومبدعيها وفنانيها بكل خير .
عبد الكريم قذيفة / شاعر
مديريات الثقافة تتعامل مع الحدث بمنطق الزردة أو الوعدة
سنة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، ومن قبلها سنة الجزائر بفرنسا، تظاهرتان على مستوى دولي فضحتا تمزق العلاقات بين المثقف ومختلف الأجهزة القائمة على الثقافة والإعلام ببلادنا، التغييب ليس وليد اللحظة، التغييب مستمر ومتواصل ومتزايد منذ عشرات السنين، معظم القائمين على الثقافة لا علاقة لهم بما يحدث في الساحة، بل يتعاملون معه بمنطق أنه لا يعنيهم، ما يعنيهم فقط هو ما يتطابق مع أجندة جاء بها كل واحد منهم، أبسط مثال حفل الافتتاح الذي غيبت فيه كل الأسماء الأدبية الثقيلة، الوفد المصري جاء، ولم يجد ولا كاتبا بارزا في استقباله، وكما تقول كلمات الأغنية: هذي البداية.. ومازال مازال ..
شخصيا، خارج المجموعتين اللتين ستصدران ضمن هذه السنة، لا أعتقد أن ما يحدث يعنيني أو يضيف إلي، فحتى الآن يكاد معظم الجزائريين لا يشعرون بكون بلادهم عاصمة للثقافة العربية، ولا يبدو واضحا أن هناك برنامجا إعلاميا في مستوى الحدث، مديريات الثقافة تتعامل مع الحدث بمنطق الزردة أو الوعدة، ما قيمة أن تتباهى بطبع مئات الكتب إن ظل مؤلفوها مغيبين تماما عن الساحة، مقصيين من الحدث، وما قيمة أن يأتي شاعر عربي إلى بلدي، دون أن يلتقي ويحتك مع الشعراء الجزائريين المجيدين، والأمر ذاته ينطبق على بقية الفنون .
ما زلنا نراهن على الكم وليس الكيف، ونراهن على المشاركة وليس على المنافسة، ونراهن على التنشيط وليس على العمل الثقافي الجاد المتأصل .
وما دمنا كذلك، فلا يمكن التفكير أو التساؤل عن الحل، ذلك أن المشكلة تتجاوز سنة الجزائر، لتمتد إلى جذور سياسية وإدارية، للمشكلة أكبر من تشريحها في هذا المقام .
رابح بلطرش/ شاعر ومدير مجلة أصوات الشمال الإلكترونية
لا نـدري كيـف تسيــر أمــور هــاته السنـة !
الأمور غير جلّية بالنسبة لأكثرنا متخيلي أن الجزائر عاصمة للثقافة العربية، حدث كان من المفروض أن يستغل بإيجابية لإستفزاز الفعل الثقافي ببلادنا، الجزائر عاصمة للثقافة العربية تعني أول ما تعني التلامس المباشر بين مبدعي الوطن العربي من خلال التقارب والإحتكاك المباشر فيما بين الفعاليات الثقافية في شتى الفنون، كان أملنا كبيرا في أن تستقطب الجزائر باحتضانها هذا الحدث وجوها ساهمت وتساهم في إثراء الفعل الثقافي وذلك بتنشيط الأمسيات الشعرية والقصصية، لأدباء من الوطن العربي حتى تتاح لنا كجزائريين الإطلاع على تجارب الآخرين، خاصة وأنّ أمتنا لا تفتقد لنضارة الإبداع الذي تجلى في أسماء رسمت معالم التوهج من حيث الكم والكيف في مجالات عديدة، ولا أدل على ذلك من استحقاق الأدب العربي لجائزة نوبل، لكن للأسف ما نلاحظه على الأقل في وسائل الإعلام لا يلبي كل ما رجوناه من السنة الثقافية العربية الذي كان عنوانا كبيرا، ولا ندري حتى الآن كيف تسير أمور هاته السنة· برأيي المفروض أن تقام ورشات على مستوى مديريات الثقافة للخروج بمفهوم مازلنا نجهله عن سنة ثقافية في عاصمة ما؟ لا نرى لها إثراء، اللهم إلا التغطية التلفزيونية المحتشمة، والتي ركزت على معرض القاهرة الدولي للكتاب أكثر مما ركزت على الجزائر عاصمة للثقافة العربية .
على مستوى مديريات الثقافة، لا شيء يذكر وكأن الأمر لا يعنيها، توجيه الدعوات لثلة من المبدعين لتمثيل أسبوع الولاية في عاصمة الثقافة العربية، لكن يبدو أن السنة الثقافية فتحت جحيما آخر على هاته المديريات، بحيث أصبحت تجتمع لاختيار من يمثلها، وكل واحد يريد أن يكون له شرف التمثيل، ولا أحد يعترف بالآخر لتمثيله، ثم ما دور إتحاد الكتاب الجزائريين في هذا الحدث؟ ما دور وزارة الثقافة ؟ ما دور مديريات الثقافة ؟ ما دور المراكز الثقافية التي تنتشر في بلداننا والتي أصبحت هياكل فارغة بدون روح؟ لذلك نتمنى من الجهات الوصية على تفعيل هذا الحدث أن تجعل من الجزائر عاصمة الثقافة العربية عامل استفادة وإفادة، بحيث نتمنى أن نلتقي بأدباء وطننا العربي في أمسيات شعرية وقصصية، وكذلك بالنسبة للفرق المسرحية، لكي نفيد ونستفيد بنفس اللحظة .
زكية علال / قاصة
نسمع جعجعـة في نشرة الثامنة ولا نرى طحينا في ولاياتنا
الثقافة في الجزائر كما في كل الدول العربية أصبحت مرتبطة بالغناء أكثر من أي نشاط أو إنتاج فكري وأدبي، فالشاب خالد أصبح وحده رمز الثقافة الجزائرية في كل دول العالم، ونانسي وشيرين وهيفا و.... كل واحدة منهن سفيرة لثقافة بلادها. بعد الغناء تأتي السينما ومعها الممثلون كسفراء لثقافة بلادهم... أما المفكر فلم يعد يشغل من ثقافة بلاده إلا الهامش الذي لا يتسع إلا لكلمة واحدة... والمبدع لم يعد يصلح ليكون سفيرا ووجها لثقافة بلاده .
إنه واقع نعيشه ونجتره بألم... ومع ذلك كنت متفائلة بالجزائر وهي عاصمة للثقافة العربية، كنت أنتظر بشوق وصول وجوه كثيرة من الشعراء والكتاب والمفكرين العرب إلى الجزائر لنلتقيهم فيسمعون منا ونسمع منهم، لكن صدمتي الأولى كانت عند الحفل الافتتاحي الذي أساء تصوير الوجه الثقافي للجزائر أمام الوفود العربية .
إلى حد الآن، تمضي الأيام وتسحب معها الشهور ونحن نسمع جعجعة في نشرة الثامنة ولا نرى طحينا في ولاياتنا... الأسابيع الثقافية العربية تتوالى والوفود من الأدباء تأتي إلى العاصمة وترحل منها دون أن يكون لنا حظ لقائها، فمن غير المنطقي أن يترك الأديب عمله الذي يقتات منه ويرابط في العاصمة ليعيش عرس الثقافة، وإنما كان من المفروض أن تبرمج لهذه الوفود زيارات للشرق والغرب والجنوب حتى تعم الثقافة في الجزائر كلها إن دقيقة واحدة في نشرة الثامنة لا تكفي لتحيط بأسبوع ثقافة عربية... كان يجب أن تبرمج حصص خاصة تقف على كل الأنشطة الثقافية التي تعرضها كل دولة عربية في الجزائر· الإحباط بدأ يسكننا ونحن نعيش الشهر العاشر ولا شيء تغير في وجه الجزائر ولا فينا، قد تأتي الشهور الباقية بما فيه الخير .
رضا ديداني / شاعر
سنة الثقــافة العربية أم مشهـد ثقـافي !
المشهد الثقافي في الجزائر يائس لعدة اعتبارات يجب أن نقف عليها لأنها أساس نجاح أي تجربة ثقافية، وأظن احتضان السنة الثقافية أو الجزائر عاصمة للثقافة العربية تحتاج إلى عمل سنوات، أولها حال الثقافة الوطنية التي تحتاج إلى إعادة القراءة والتأسيس والتحريك لإنجاح أي تجربة، ومنه أن التأسيس الرصين والواعي لخلق حركة ثقافية ينبع من استقرار الهيئات الثقافية وتعمل وفق منظور ثقافي هادف وأن توضع الإمكانيات في متناول المثقف المدرك لأبعاد العمل الثقافي، والجازم أنه لا يمكن لوزارة الثقافة ولا إدارة الثقافة أن تعمل بمفردها وضمن عمل إداري صرف على تأسيس عمل ثقافي بكل أبعاده الحضارية، إن لم تشرك المثقف، ففي السنوات الأخيرة عمت الارتجالية، حتى ارتهنت الثقافة في أيدي من يكرسون البلاغات الثقافية ويؤسسون لما عُرِف بـ: >ثقافة المشهد< لا أعتقد أن تقـزيم مسمّى الثقافة بهذا الاحتقار، لثقافة جزائرية أصيلة زعزعت فلسفة الاستعمار وأسكتت احتفالية الفرد، لا يمكن رهن التاريخ الثقافي الجزائري في مشاهد يومية أو مناسباتية، أو حتى سنوية، يرهنها الإعلام لغايات اليأس، وإذا كان لا بد من الحديث عن الثقافة فيجب مراجعة الكثير من المحظورات، ووضعها على المحك، وإبداء نوع من مصارحة الذات والذاكرة وقراءة واعية لما نقوم به، من هذا المنطلق الذهاب إلى تكريس فلسفة جديدة تعيد للثقافة عناصرها المحصنة، وللمثقف هيبته، وللمبدع قيمته، وأظن الكثير من الإنجازات المادية كفيلة بخلق وعي تحترم فيها مقاييس جديدة لإنقاذ ثقافتنا من راهن الثقافة إلى فلسفة الراهن

ليست هناك تعليقات: