السبت، نوفمبر 10

موقف يبحث عن قضية


إعداد :عبد اللطرف بلقايم
بوبكر بن بوزيد (وزير التربية الوطنية)
في الواقع كانت الأحداث التي وقعت في قطاعه منذ بداية الإصلاحات التربوية في ,2003 لا تغيّب الوزير بن بوزيد أسبوعا أو أكثـر عن حضوره في الصفحات الأولى لليوميات الوطنية· كما لا يفوت أعضاء البرلمان فرصة عرض مشروع قانون من المشاريع المتعلقة بالقطاع إلا وكان بن بوزيد مطالبا بالإجابة كل مرة تماما مثلما يحدث معه هذه الأيام، أي خلال الأسبوع الفارط، إلى درجة تأكيد بعض المصادر أن الرئيس بوتفليقة طلب منه استفسارات على خلفية تحريف النشيد الوطني بحذف مقطع ''يا فرنسا'' ثم مسألة الشريط السمعي الذي يحمل نفس التحريف·
الوزير بوبكر بن بوزيد فرض نفسه هذا الأسبوع بتصريحاته التي لبّدت سماء المنظومة التربوية وبقرارات الفصل وإحالة مؤلفا كتاب التربية المدنية للطور الخامس ابتدائي إلى مجلس التأديب·
يرى بعض المنتسبين للأسرة التربوية الجزائرية أن الوزير فشل في تسيير نفسه مع معطيات الأزمة وراح يرمي بالكرة في مرمى الآخرين عشوائيا، إذ فصل المؤلفان تحفظيا وأحالهما على مجلس التأديب، وأعلن عن وجوب محاكمتهما متهما إياهما بالعمالة حتى قبل أن يحمّل المسؤولية للجنة الاعتماد والمصادقة التي نصبها هو بنفسه، ليعود فيما بعد -حسب جهات إعلامية- ليفصل أربعة فقط من أعضاء هاته اللجنة، لكن دون نسيان أن وزير التربية أنكر عن وصايته إنتاج شريط سمعي في النشيد الوطني مبتورا أيضا من نفس المقطع، راميا هذه المرة ليس في مرمى الأستاذ البسيط الذي لا حول له ولا قوة له، كما دأب على فعله مع المؤلفين ثم مع أعضاء لجنة المصادقة إن صحت معلومات عنوان من عناوين الصحافة، بل في مرمى وزارة المجاهدين، قائلا بأن الأشرطة يتم اقتناؤها من لدنها، إلا أن بن بوزيد لم يثبت على موقفه وسرعان ما تراجع محمّلا كل الصحف الوطنية المسؤولية في تحريف كلامه، وهو يتهمها من دون الإشارة إلى ذلك مباشرة بأنها تستهدفه· وفي الوقت الذي ذكّر فيه بن بوزيد الرأي العام باستقالات الوزراء في الحكومات التي تحترم نفسها عندما يحدث لهم ما وقع له تماما أو من قبيل ذلك، إلاأن بن بوزيد لا يزال متشبثا بلقب عميد الوزراء وسط عاصفة هوجاء من الفضائح والانتقادات اللاذعة السياسية منها تحديدا·· فهل يفعلها بن بوزيد ويستقيل ليخرج من الباب الواسع··· الأيام القادمة كفيلة بالإجابة·
رقم الأسبوع
10أحكام الحكم بالإعدام في قضايا إرهاب
10 أحكام غيابية بالإعدام في حق إرهابيين متهمين باغتيال أعوان بدائرة بني دوالة، وهي أول مرة تصدر فيها المحاكم الجزائرية هذا القدر من الأحكام الغيابية بالإعدام دفعة واحدة، وفي قضية واحدة منذ الأزمة الأمنية·
حمد الصغير بابس رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي
محمد الصغير بابس رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، شخصية برزت خلال ندوة ورشة تسريع آلية التقييم من قبل النظراء، حيث دافع المعني عن حق الدول الإفريقية في التنمية، ودعا المنتظم الدولي إلى الوفاء بالتزاماته تجاه إفريقيا التي أطلقها خلال ملتقى الألفية·· وبذل بابس جهودا معتبرة لإدراج توصية مهمة في اختتام الورشة، تتعلق بإلزام الحكومات المنضوية تحت لواء مسار التقييم من قبل النظراء، بتنفيذ حوصلة التقارير التي يعدها خبراء الآلية·
أبو جرة سلطاني (رئيس حركة مجتمع السلم)
كان رئيس الحزب الوحيد هذا الأسبوع الذي اعتبر غياب اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات من شأنها ضرب مصداقية المحليات القادمة في 29 نوفمبر المقبل ، موضحا بهذا الموقف على خلاف الأحزاب الأخرى بطريقة مباشرة بأن وزارة الداخلية لا تزال لم توفر بعد كافة شروط الشفافية التي تعتبر مكسبا هاما لها من الناحية السياسية، كما تضفي بالمقابل شرعية أكبر على عملية التحضير وسريان الانتخابات·
عبدالعزيز زياري (رئيس المجلس الشعبي الوطني)
قام هذا الأخير، بحر الأسبوع الماضي، بمنح مكاتب بخطوطها الهاتفية مع تعيين إداريين لكتلة برلمانية غير معتمدة، ولا ينص على تشكيلها القانون الدستوري، من بين المنخرطين في الكتلة نواب منشقين عن أحزاب التحالف الرئاسي الذي ينتمي إليه الرجل الأول للفرقة السفلى في البرلمان، وهو ما يعني -ظاهرا- أن زياري لا يبالي بهذا التحالف حتى ولو أنه لم يعتمد الكتلة بعد·
خليدة تومي (وزيرة الثقافة)
يبدو أن الوزيرة لم تحفظ درس الانتقادات والنقائص التي طبعت سنة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، وها هي اليوم تواجه نفس الانتقادات بمناسبة تنظيم الجزائر الصالون الدولي للكتاب الذي اشتكى فيه مسؤولو بعض دور النشر تأخر السلطات الجزائرية، رغم إشراف وصايتها عليه، في الإفراج عن الكتب المحجوزة في الميناء ولدى خلايا المراقبة، حتى أن هذا التأخر حرّم الرئيس بوتفليقة من زيارة بعض أجنحة المعرض بسبب عدم تزويد عارضيها بكتبهم ومنتوجاتهم·
PH/ DjazairNews
الإخوان الجدد
يبيحون الغناء ويتحالفون مع الأقباط ويولون أمرهم امرأة
من الواضح أن جماعة ''الإخوان المسلمون'' في مصر تعرف حراكا داخليا هادئا، وهو الحراك الذي ظل راكدا - أو على الأقل حبيس الهياكل الداخلية للأخوان- قبل أن يكشفه البرنامج الحزبي المفترض الذي أعلنت عنه الجماعة في الصيف الماضي، حيث لا تزال تداعياته حاضرة على المستويين السياسي والتنظيمي، والتي كشفت بدورها عن التيارات الفكرية التي بقت متوارية خلف عباءة التنظيم السري·
محمود أبو بكر
ح
مثل حالة صراع
ففي حين يذهب الكثير من المحللين لظاهرة ''التيارات الدينية'' في مصر، إلى وصف هذه الحالة التي تشهدها ''الجماعة'' لأول مرة في تاريخها الطويل (على الأقل بهذا الشكل البارز) بأنها حالة صراع بين تياري ''الإصلاحيين والمحافظين'' داخل التنظيم، فإن التوصيف الأكثـر دقة في اعتقادي هو ''صراع الأجيال''، بحيث أن الجيل الشاب الذي يتطلع إلى استلام المشعل يبدو أنه مختلفا تماما في تعاطيه مع الأمور عن الأجيال السابقة التي بقيت مندثرة ومسكونة بأفكار جاوز عمرها الثمانية عقود، وبنصية مواقف تجاوزتها الأحداث المستجدة خاصة في ظل الأوضاع السياسية والاجتماعية المتلاطمة، لاسيما إثر الاكتساح الكبير الذي حققته ''الجماعة'' على مستوى المؤسسات التشريعية، حيث تملك أكثـر من 88 نائبا برلمانيا في مجلس الشعب، الأمر الذي يتطلب بناء مواقف تستوعب هذه المكاسب الجديدة، حسب تصور الجيل الجديد·
ج
مثل الجيل الجديد
إن هذا ''الجيل الحديث '' أو ما يمكن تسميته بالإخوان الجدد (إن صحت التسمية) يبدو أنه أقل تشبثا بقدسية ''النص ''، وأن تعاطيه مع ''المواثيق الأخوانية'' لا يختلف كثيرا عن تعاطيه مع كتب التاريخ والتراث التي يمكن الاختلاف حولها بكل يسر! بل إن ''الخط العام'' أو الإيديولوجية هي العروة الوحيدة التي يمكن أن تجمع تلك التيارات المختلفة داخل الجماعة - حسب تصور الإخوان الجدد - وعدا ذلك فهي أمور تخضع للنقاش والاختلاف، وفقا للمتغيرات والمواقف الراهنة·
والمفارقة أن إحصائية عامة قامت بها أحد الصحف أبانت أن معظم منتسبي هذا التيار في الجماعة يمثلون الجيل الثالث، وهم في الغالب أبناء قياديين ''محافظين'' لا يزالون يشغلون مناصبهم في هرم القيادة·
ا
مثل إرهاصات البروز
هناك تحليلات كثيرة تتناول هذه الظاهرة، يعتمد معظمها على عينات فردية لدراسة حالة عامة، وذلك نظرا لتعذر القيام بأبحاث موسعة عن هذه الجماعة التي لا تزال تمارس نشاطها في محيط من الكتمان التام·
ومما لاشك فيه أن هناك عوامل أساسية ساهمت بشكل جوهري في الدفع باتجاه تحفيز الأجيال الجديدة للمساهمة في مسيرة الجماعة بما تحمله من فكر مختلف وما تتميز به من قيم وقدرات حديثة· ولعل أحد أهم تلك العوامل هو تولي مهدي عاكف، الزعيم السابق للتنظيم العالمي للإخوان بألمانيا، منصب الإرشاد، حيث بدا أكثر تفهما لتطلعات الشباب، وأقل تشددا في تعاطيه مع الآخر، سواء كان ذلك مع النظام السياسي، أو الآخر الإيديولوجي، أو حتى المخالف للعقيدة الإسلامية، حيث أن التجربة الثرية التي خاضها في ألمانيا كزعيم للتنظيم العالمي قد ساهمت بشكل واضح في تكوينه الفكري والسياسي، الأمر الذي انعكس إيجابا في تجاه تعدد وثراء الرؤى داخل ''الجماعة'' من جهة، والمرونة في تعاطيها مع الآخر من جهة أخرى (يمكن العودة إلى الحوار الشامل الذي أجرته صحيفة الدستور المصرية مع عاكف)·
م
مثل مشكلات
إن أحدى المشكلات التي تعاني منها ''جماعة الإخوان'' في مصر هي عدم وحدة ''مركز الفتوى''، وإن كان لهذا الأمر جانبا إيجابيا من حيث أنها تتيح للمنتسبين إليها حرية الاختلاف حول قضايا فقهية أو مرحلية معينة، فإن فكرة الثنائية الحادة التي تحكم ذهنية الجماعة ككل (على غرار حلال وحرام) تشكل عائقا مزمنا في مسيرة هذا التنظيم التيوقراطي·
فأزمة ''تكفير الآخر '' على سبيل المثال وإن لم تكن ''قضية الجماعة''، فهي ظلت تصمم جوهر المواقف المتصلبة تجاه التيارات اليسارية والقومية، وذلك نتيجة الفتاوى الفقهية التي سبق إصدارها (في فترات تاريخية معينة) بخصوص تلك التيارات السياسية·
والواقع أن جيل ''الإخوان الجدد'' يتجاوز تلك التصنيفات ليتطلع إلى الخطوط العامة التي يمكن أن تتقاطع فيها مصالحه ورؤاه مع تلك الجماعات السياسية بصرف النظر عن معتقداتها الدينية أو قناعاتها الإيديولوجية·
عبد المنعم محمود، هو أحد أبرز ممثلي هذا التيار، ولا يرى أي غضاضة في إعلان علاقاته الممتدة مع الشيوعيين والأقباط وتقاطع الكثير من الرؤى والتصورات بينه وبين منتسبي تلك التيارات السياسية، بل إنه يدعو إلى ضرورة التنسيق بين كل تلك التيارات·
م
مثل منعم!
''منعم'' -كما يسميه رفاقه- يبذل جهدا كبيرا من خلال ''مدونته'' التي تحمل عنوان ''أنا إخواني'' لإقناع أبناء جيله بأن هناك ''إخوان جدد'' تختلف تصوراتهم ورؤاهم عن جيل المحافظين، فهو لا يتوانى عن الإعلان بأنه من عشاق أغاني الست ''فيروز''، وبأنه لا يمانع أبدا من أن يتقدم رجل قبطي (مسيحي) يحظى بالتأييد الشعبي للانتخابات الرئاسية المصرية·· كما لا يحرم أبدا إمكانية تولي ''المرأة'' لمنصب رئيس الجمهورية !
وكل تلك المواقف تمثل قضايا خلافية داخل ''قيادة الجماعة'' وهي أيضا مناقضة لبرنامجها ''الحزبي'' الذي تم الكشف عنه مؤخرا·
ز
مثل زهراء الشاطر
زهراء الشاطر (إبنة النائب الثاني لمرشد الإخوان خيرت الشاطر) أيضا تشاطر ''منعم'' في الكثير من النقاط، كما أنها تتناقض مع القيادة الحالية ''للجماعة'' في عدد من المواقف، لا سيما ما يتعلق بالأنشطة شبه العسكرية لشباب الإخوان -كما هو الحال بالنسبة للاستعراض الذي حدث في جامعة الأزهر - إلى آخره من المواقف التي تثير الفتنة، حسب رأيها·
وأخيرا، فإن ''الإخوان الجدد''، وفي ظل الثورة المعلوماتية الهائلة التي يشهدها العالم، اختاروا أن يناضلوا من خلال الإعلام الإلكتروني الذي أتاح لهم المساحة المتكافئة مع نظرائهم من التيارات الأخرى، حيث أصبحت ''المدونات '' ساحتهم الأولى، في التواصل مع أبناء جيلهم، يعبّرون من خلالها عن آرائهم وتصوراتهم في مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية وحتى الفنية!
كما أضحت مواقع ''التعارف''، من قبيل '' الفيس بوك، والهاي فايف، '' مساحة أخرى للتعبئة العامة بغرض استقطاب الشباب لصالح أفكارهم
PH/ DjazairNews

هل تلغي الحكومة قرار رفع رأسمال شركات الاستيراد و التصدير؟
تتعرّض الحكومة في الوقت الراهن إلى ضغوطات من المنظمة العالمية للتجارة لتدفعها إلى التراجع عن أحد أهم قرارين تضمنهما قانون المالية التكميلي لسنة ,2005 وهما رفع السقف الإجباري لرأسمال شركات الاستيراد والتصدير إلى 2 مليار سنتيم ومنع استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، وهو الأمر الذي تنظر إليه الحكومة بمحمل الجد· ومن المرتقب أن تلجأ الحكومة إلى إلغاء قراراتها هذه باعتماد إجراء سيدرج إما في مشروع قانون المالية لسنة 2008 أو لسنة 2009 كشرط جديد من الشروط التي تفرضها المنظمة العالمية لانضمام الجزائر إليها·
عرض: سميرة· س
يكون مشروع قانون المالية لسنة 2008 قد حمل قرارات إلغاء لأحد أهم إجراء تعتقد الحكومة أنها قد اتخذته لتنظيم قطاعات النشاط التي يتشكل اقتصادها منها، وهو نشاط شركات الاستيراد والتصدير ليضاف بذلك إلى قائمة الإجراءات التي تقرها وسرعان ما تعود بعد ذلك لإلغائها بحجة عدم نجاعتها·
ويتعلق الأمر هذه المرة بالقرار الذي تضمنه قانون المالية التكميلي لسنة 2005 ودخل حيز التنفيذ في 26 ديسمبر ,2005 وهو رفع السقف الإجباري لرأسمال شركات الاستيراد و التصدير إلى 2 مليار سنتيم، حيث تؤكد مصادر أن الحكومة قررت إلغاء هذا الشرط بطلب من المنظمة العالمية للتجارة التي ترى فيه عائقا أمام حرية حركة تنقل السلع بين الدول العضوة في المنظمة·
600 مستورد حقيقي واختفاء 11 ألف في ظرف 6 أشهر
تشير المعطيات التي قدمها المركز الوطني للسجل التجاري منتصف العام الفارط إلى تراجع عدد المستوردين الجزائريين بشكل محسوس تبعا لفرض إلزامية رفع رأسمال شركاتهم، فبعد ستة أشهر فقط من دخوله حيز التنفيذ أغلقت أكثـر من 11 ألف شركة تصدير واستيراد أبوابها بسبب إجراء رأت فيه الحكومة وقتها إجراء تنظيميا، في حين لم يشكل في نظر المنظمة العالمية سوى سدا إضافيا يحول دون تدفق السلع العالمية إلى السوق الجزائرية· وعلى ضوء ذلك وجب -حسبها- أن تكسر الحكومة الجزائرية تلك العراقيل إن أرادت الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، وهو الهدف الذي مازالت الدولة الجزائرية تعمل على تحقيقه وتحدد في كل مرة تاريخا له إلا أن لا شيء من ذلك تحقق·
وتفيد الأرقام التي قدمها مؤخرا وزير التجارة، الهاشمي جعبوب، أن 600 مصدر ومستورد حقيقي فقط ينشطون في هذا القطاع، منهم 60 مصدرا فقط للنفايات الحديدية وغير الحديدية· واعترف الوزير أن نشاط هؤلاء يرتكز بشكل كبير أو يقتصر فقط على نشاط الاستيراد بسبب عجز المؤسسات على الاستفادة من الإجراءات التسهيلية التي يوفرها اتفاق الشراكة الذي وقعته الجزائر مع الإتحاد الأوروبي لعدم تنافسية منتوجاتها، ليبقى بذلك حجم صادرات الجزائر خارج قطاع المحروقات ضعيفا جدا لم يتجاوز سقف المليار دولار، وهو ما يعيد إشكالية جودة ونوعية المنتوج إلى الواجهة في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن برامج لتأهيل وإعادة تأهيل المؤسسات الوطنية التي تعاني من ضيق مالي يحول دون تطورها وتحسين نوعية منتجاتها التي تظل عاجزة عن ولوج الأسواق الخارجية·
هل تلغي الحكومة قرار منع استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات؟
تضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2005 المادة 10 من الأمرية رقم 05-05 المؤرخة في 25 جويلية 2005 وهي المادة التي تمنع استيراد السيارات ذات العمر الأقل من 3 سنوات، لكن يبدو أن الحكومة قررت العدول عنه أيضا بطلب من المنظمة العالمية للتجارة التي تنادي برفع كل القيود الجمركية والقانونية لحركة السلع، ولا تحبذ أن تتبنى أية دولة، عضوة فيها أو تلك التي تريد الانضمام المستقبلي إليها، أي إجراء يسير في اتجاه معاكس لمنطق وجود المنظمة ذاتها، وهو حرية التجارة الخارجية للدول· وقد أصدر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، قانون المالية التكميلي لسنة 2005 بأمرية رئاسية، وهو القانون الذي حمل في طياته مادتين رفض أعضاء المجلس الشعبي الوطني المصادقة عليهما في قانون المالية الأولي لسنة ,2005 ويتعلق الأمر بمادة حظر استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات ومادة مرتبطة بإبطال منع استيراد الخمور المعتمد في قانون المالية لسنة 2004 بمبادرة من حركة الإصلاح الوطني، وهما إجراءان لطالما أثارا جدلا سياسيا واقتصاديا·
وقد تكررت محاولات الحكومة من أجل منع استيراد السيارات المذكورة في إطار مشاريع قوانين المالية الأولية للسنوات السابقة بعرض الإجراء على أعضاء البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه، لكن هؤلاء الأخيرين كانوا دائمي الرفض له·
إلا أن نواب الشعب فشلوا في فرض ''آرائهم'' مما رجح كف النجاح للموزعين الحصريين لعلامات السيارات العالمية في الجزائر الذين يكونون قد مارسوا ضغوطات على الحكومة أدت بها إلى اتخاذ قرارها عن طريق إدراجه في قانون مالية تكميلي أصدره الرئيس بوتفليقة بأمرية بعيدا عن مناقشة النواب له، وهي ضغوطات كانت مبنية على خلفية الاستحواذ على نصيب أكبر من السوق الوطنية للسيارات بإجبار الجزائريين على التعامل معهم من أجل شراء السيارات، وبذلك تحقيق مداخيل مالية خيالية خاصة مع توسع دائرة القروض الاستهلاكية التي توفرها مختلف المؤسسات المالية·
ويبدو أن الحكومة، ومن خلال إدراجها قرار يلغي ذلك المتعلق بإجبار الشركات الناشطة في مجال الاستيراد والتصدير على رفع سقف رأسمالها إلى 2 مليار سنتيم وإلغاء مادة منع حظر استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، تريد الإسراع في وتيرة انضمامها إلى ''omc'' التي تشترط على الجزائر تكييف قوانينها مع تلك المعمول بها دوليا ليضافا بذلك إلى قائمة القرارات التي تتخذها الحكومة لتعود وتتراجع بعد ذلك عنها من خلال إلغائها، وهو ما يطرح إشكالية تتعلق أساسا بالاستراتيجية الاقتصادية التي تتبعها الدولة وكذا العوامل والأسباب التي تدفع الحكومة إلى اتخاذ قرار لتلغيه بعد فترة قصيرة من اعتماده على غرار منع المؤسسات العمومية من إيداع أموالها لدى البنوك الخاصة على خلفية فضيحة الخليفة·
لم يستبعد الخبير الاقتصادي،عبد الرحمان تومي، أن تكون المنظمة العالمية للتجارة هي التي ضغطت على الحكومة الجزائرية قصد إلغاء قرار رفع سقف رأسمال مؤسسات الاستيراد والتصدير·
كما اعتبر تومي أن القرار الذي اتخذ سنة 2005 لم يكن سوى شكليا، وأنه لم يغير من الوضع الذي يوجد عليه ميدان الاستيراد والتصدير··
الخبير الاقتصادي ''عبد الرحمان تومي'':
إلغاء الحكومة لقرار رفع سقف رأسمال مؤسسات الاستيراد استدراك لخطأ أقرته
حاورته: سميرة· س
ألغت الحكومة في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2008 قرارا اتخذته في إطار مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2005 والمتعلق بإلزامية رفع السقف الإجباري لرأسمال شركات الاستيراد والتصدير إلى 2 مليار سنتيم، في نظركم لماذا تصدر الحكومة قرارات لتتراجع عنها بعد ذلك؟
القرار الذي أصدرته وزارة التجارة أو بالأحرى الحكومة في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2005 جاء بهدف التقليص من ظاهرة الاستيراد والتصدير الذي تجاوز عدد الناشطين في هذا القطاع خلال السنوات القليلة الماضية الآلاف، مما خلق حالة من الفوضى والنشاط غير القانوني الذي طبع هذا القطاع، خاصة وأن التقديرات تفيد بأن حجم المبالغ التي لا تدخل في حسابات الإيرادات الجبائية تصل 10 ملايير دولار سنويا، مما يتطلب اتخاذ تدابير لدرء مثل هذه الوضعية المعقدة·
كذلك من المعلوم أن الجزائر الآن تعيش مرحلة انتقالية من الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الحر، ومن الطبيعي أن تظهر العديد من المشاكل وفي مقدمتها التجارة الموازية التي ينتج عنها الاستيراد المغشوش، ومنه التهرب الضريبي وهو ما تفطنت له الحكومة، ولذلك أرادت القضاء على الطفيليين من المستوردين من خلال تقليص عددهم إلى 600 مستورد ومصدر، لكن يبقى السؤال مطروحا هل بعد تقليص عدد المستوردين استطاعت الحكومة بإجرائها الذي اتخذته في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2005 تحديد دائرة الناشطين في هذا القطاع، وهل كان المردود إيجابي بالنسبة لخزينة الدولة؟ النتائج أظهرت أن الوضع لا يزال على حاله ولم يتغير من الأمر، شيئا· وعلى ضوء هذا تبين أن الإجراء الذي اتخذته الحكومة لم يكن سوى إجراء شكليا أكثـر منه عمليا·
هناك من يقول إن الحكومة الجزائرية تتعرّض لضغوطات من طرف المنظمة العالمية للتجارة بهذا الخصوص، ما رأيكم؟
هذا الأمر وارد جدا، ولن تعلن الحكومة عنه، فالجزائر قطعت أشواطا كبيرة في مفاوضاتها مع المنظمة العالمية للتجارة ولم يبق لها الكثير، وهي بذلك ليست مستعدة للتنازل عن كل ما قامت به خلال سنوات· ومن بين المؤاخذات التي عبّرت عنها هذه المنظمة هي حرية التجارة بمعنى أن القرار القاضي بإلزامية رفع سقف رأسمال مؤسسات الاستيراد والتصدير يقيد حرية التجارة، وبالتالي يمس بمبدأ مبادئ هذه التجارة، ولذلك تكون المنظمة قد طلبت من الجزائر إلغاءه وهو ما سيكون في إطار قانون المالية لسنة 2008 لتلغي الحكومة بذلك أحد القرارات التقييدية لاقتصادها، خاصة وأن قرارها وقتها صائبا·
لكن كيف تقيم أداء مؤسسات الاستيراد والتصدير منذ رفع حجم رأسمال الشركات إلى 200 مليون دينار وكيف تتوقع مردوديتها في حال إلغائه؟
من الصعب الحديث عن نشاط مؤسسات استيراد وتصدير، وعن نتائجها في ظل بقاء حجم صادرات خارج قطاع المحروقات في حدود المليار دولار· لكن يبقى مؤكدا أن الحكومة وفي حال إلغاء تحديد سقف رأسمال الشركات الناشطة في هذا القطاع يتوجب عليها متابعة نشاط هذه الشركات في الدائرة الرسمية والعمل على الرفع من قدرتها التنافسية وكذا نوعية منتوجاتها حتى تتمكن من دخول الأسواق الخارجية·
هناك مصادر تحدثت أيضا عن رفع الحكومة الحظر عن استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات بالموازاة مع إصدار مرسوم تنفيذي ينظم القطاع، هل هذا الأمر وارد؟
الجزائر فتحت المجال أمام ممثلي المؤسسات العالمية لصناعة السيارات للمجيء للجزائر وفتح وحدات بها، إلا أن لا شيء من ذلك تحقق ولا أعتقد أن المنظمة العالمية للتجارة تكون قد فرضت على الجزائر أو طلبت منها رفع الحظر عن استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، وإن كانت الحكومة -حسب المعلومات التي أتوفر عليها- تفيد أن الجزائر في طريق إزالة هذا العائق، ومن الممكن جدا أن يكون ذلك في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2008 إن كان في إطار قانون المالية لسنة .2009
وأريد أن أشير إلى أن الجزائر لم تهيئ نفسها بعد في العديد من المجالات المتعلقة بسوق السيارات وفي مقدمتها ضبط المعاملات التجارية المتعلقة بنقاط البيع، وهو ما تحرص على استدراكه من خلال مشروع المرسوم التنفيذي الذي تقدمت به وزارة التجارة وصادقت عليه الحكومة مؤخرا يحدد شروط وكيفيات ممارسة نشاط تسويق السيارات الجديدة من طرف المستوردين والوكلاء والموزعين ومعيدي البيع المعتمدين، ومنه تنظيم تجارة السيارات التي لن تعود بعد المصادقة النهائية عليه نشاطا حرا بعد أن كان في السابق يعاني من فراغ قانوني في هذا المجال أدى إلى تسجيل اختلالات وصلت إلى حد تعسف الوكلاء في الشروط المفروضة على الزبائن لاسيما الخاصة بالمبلغ المدفوع مسبقا والذي يتراوح حاليا بين 15 و20 بالمائة·
كما تم تسجيل اختلالات عديدة أخرى تتعلق بمنح ضمانات أقل من تلك المفروضة عالميا، وعدم توفير خدمات ما بعد البيع من طرف البعض، وعدم ضمان قطع الغيار، إضافة إلى عدم احترام آجال تسليم السيارات وطلبات الزبون الخاصة بالخيارات·
كخبير اقتصادي، كيف تفسر إقرار الحكومة لقرارات ثم ألفائها بعد ذلك في ظرف زمني قصير؟
الحكومة غالبا ما تصدر قرارات يمكن أن تكون ناجعة، كما يمكن أن تكون خاطئة حتى لا نقول دون فائدة، لكن المهم أن تتفطن الحكومة لها سواء من خلال إدخال تعديلات عليها أو إلغائها لِمَ لا·
PH/ DjazairNews

''أفريكوم'' قبعة المحافظين الجدد لغزو القارة السمراء
ظلت القارة الإفريقية رغم اتساع رقعتها الجغرافية وباطنها الغني بالموارد الطبيعية تحتل ذيل قائمة اهتمام النفوذ الأمريكي لفترة طويلة من الزمن، غير أن بروز الاهتمام الأمريكي بشكل مفاجئ بالقارة السمراء لا يمكن اعتباره مجرد نزعة استعمارية لواشنطن أو رغبة في مزاحمة الدول ذات النفوذ التقليدي على غرار فرنسا، بريطانيا، بلجيكا وإسبانيا· فقد استمر التجاهل الأمريكي لإفريقيا حتى بعد تفكك المنظومة الاشتراكية، واكتفت الولايات المتحدة بالاعتماد على نفوذ حليفتيها التاريخيتين (فرنسا وبريطانيا) لتأمين ما تحتاجه من موارد وثروات وتأمين الإسناد اللوجيستي لقواتها··
إعداد:ب· القاضي
بقيت القارة السمراء مقسمة في الخارطة العسكرية الاستراتيجية الأمريكية بين قيادات ثلاث مناطق، حيث كانت مصر ودول القرن الإفريقي تنتمي إلى القيادة العسكرية الوسطى، والتي تشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أما جزيرة مدغشقر، فكانت وحدها تنتمي إلى قيادة منطقة المحيط الهادي، بينما وضعت باقي دول القارة تحت لواء قيادة المنطقة الأوربية· لكن التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي شهدتها إفريقيا، والتحولات الجذرية التي عرفتها السياسة الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر، جعلت من النظرة الأمريكية السياسية والاستراتيجية للقارة الأكثـر فقراً وتأزماً في العالم تأخذ بعدا آخر·
القرن الإفريقي موطئ القدم الأولى لبسط النفوذ
أعلن كاتب الدولة للدفاع، روبرتس غيتس، في السادس من فيفري 2007 أمام لجنة التسلح في مجلس الشيوخ الأمريكي عن قرار الرئيس بوش إنشاء قيادة عسكرية أمريكية جديدة للقارة الإفريقية كبديل عن النظام الراهن الذي يقسم القارة إلى ثلاث قيادات عسكرية، وهي القيادة التي عُرفت باسم ''أفريكوم'' AFRICOM كاختصار لعبارة .Africa Command
إن الاهتمام بتعزيز الولايات المتحدة لتواجدها العسكري ليس وليد اليوم بل يعود إلى؟ رغم أنه لم يكن بالشمولية التي يبديها المشروع الجديد ''أفريكوم''، فقد تفطنت واشنطن لأهمية القرن الإفريقي ليس على اعتبارات الموقع فحسب، وإنما تتعداها للموارد الطبيعية، خاصة البترول الذي بدأ يظهر في الآونة الأخيرة في السودان، وهو ما يعد أحد أسباب سعي واشنطن تحديدا لإيجاد حل لقضية الجنوب، وكذلك في الصومال·
وبرز اهتمام أمريكا بالمنطقة في أول ظهور عسكري في المنطقة عندما تدخّل المارينز في الأزمة الصومالية بعد نشوبها عام ,1990 وهو بداية ظهور البترول في الأراضي الصومالية·
واكتست المنطقة القرن الإفريقية أهمية أخرى بعد بروز القوى الإسلامية في العديد من دول المنطقة وسعيها إلى تأسيس دول إسلامية على شاكلة النموذج الإيراني، كما هو الحال في السودان أو الصومال (المحاكم الإسلامية)، أو حتى في إقليم الأوجادين الصومالي المحتل من قبل إثيوبيا·
ويفسر ذلك إلى حد بعيد رغبة وعمل الولايات المتحدة على تحقيق نوع من النفوذ في القرن الإفريقي، حيث قامت وزيرة الخارجية السابقة، مادلين أولبرايت، بعدة زيارات للمنطقة، وكذا الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون،، في إطار التنافس مع التواجد الفرنسي والإيطالي هناك والحلول محل نفوذ القوى التقليدية في المنطقة، وفي إطار جعل تلك المنطقة منطقة نفوذ وقواعد عسكرية، وفي إطار الرغبة الأمريكية في حصار مصر والسودان والشمال العربي والإفريقي، بل الدول العربية المطلة على البحر الأحمر عموما، وعليه أصبح القرن الإفريقي يحتل موقعا مهما في النظرة الاستراتيجية العسكرية الأمريكية ليس الإقليمية فحسب بل تشمل العالم بأسره من حيث ارتباط المنطقة بنقاط أخرى تقع في قلب دائرة اهتمام الولايات المتحدة، وتضم أربع مناطق تدخل القيادة المركزية الأمريكية، وهي مسؤولة عن الأمن في المنطقة الواقعة من كازاخستان شمالا وكينيا جنوبا، ومن مصر غربا حتى باكستان شرقا، وفي مقدمتها شبه الجزيرة العربية والعراق، وتضم دول الخليج العربي، إضافة إلى العراق· منطقة شمال البحر الأحمر، وتضم مصر والأردن· ثم منطقة القرن الإفريقي نفسه، وتضم جيبوتي وإثيوبيا وإريتريا والصومال وكينيا والسودان وجزر سيشل، وفي الأخير منطقة جنوب ووسط آسيا، أفغانستان وإيران وباكستان وجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية (كازاخستان وفرغيزيا وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان)·
''أفريكوم'' مشروع استراتيجي للمحافظين الجدد
بناء على ما سبق يمكننا تفسير إعلان الرئيس الأمريكي، جورج بوش، في فيفري 2007 عن تأسيس قوة عسكرية جديدة خاصة بالقارة الإفريقية تحت اسم ''أفريكوم''، بموجبها تصبح القارة الإفريقية بأكملها - باستثناء دولة واحدة هي مصر - ابتداء من 30 سبتمبر عام 2008 تحت قيادة عسكرية أمريكية واحدة، وسوف تدار هذه القيادة مؤقتا من قاعدة عسكرية أمريكية في مدينة شتوتغارت الألمانية·
وقد تحدثت تعاليق وتحليلات صحفية عقب تصريح الرئيس بوش أن قوة أفريكوم هي سادس قوة أمريكية للتدخل الإقليمي السريع في العالم، وجاء تأسيسها تنفيذا لخطة وضعها المعهد الإسرائيلي الأمريكي للدراسات السياسية والاستراتيجيات المتقدمة التابع للمحافظين الجدد·
وتتمثل القوى الخمسة الأخرى في ''نوردكوم'' لأمريكا الشمالية، ''ثاوثكوم'' التي تضم دول أمريكا الجنوبية والوسط ثم ''أويكوم'' لأوروبا وروسيا، إلى جانب ''سنتكوم'' للشرقين الأدنى والأوسط وأفغانستان وآسيا الوسطى وجمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق، ''باكوم'' للمحيط الهادي والصين· وأشارت ذات التقارير إلى أن الأنشطة العسكرية الأمريكية في إفريقيا تم توزيعها في السابق على ثلاث قوى هي: ''سنتكوم'' وتشمل: مصر والسودان ومنطقة القرن الإفريقي، و''باكوم'' وتشمل مدغشقر والجزر الصغيرة في شرق إفريقيا، و''أيكوم'' لباقي الدول الإفريقية· ويجهل لحد الساعة حجم وتعداد قوة ''أفريكوم'' الجديدة باستثناء التصريح الرسمي بجاهزيتها للتحرك في سبتمبر من العام 2008 وأن مجال عملها سيشمل جميع الدول الإفريقية باستثناء مصر·
ويعتبر المختصون في الشأن الاستراتيجي أن الدور الموكل لـ ''أفريكوم'' هو تأمين واردات النفط الأمريكية القادمة من نيجيريا، والسيطرة على منابع النفط في منطقة خليج غينيا الممتدة من ليبيريا إلى أنغولا· ويرجع الاهتمام الأمريكي بهذه المنطقة إلى اكتشاف النفط بها مؤخرا بكميات هائلة لم يسبق اكتشافها في أي مكان آخر من العالم·
حجة براءة المشروع لتبديد القلق!
بعد إعلان الولايات المتحدة عن نيتها في إنشاء قوة ''أفريكوم'' سارعت العديد من الدول الإفريقية إلى التعبير عن قلقها من الخطوة الجديدة للإدارة الأمريكية، غير أن هذه الأخيرة بادرت بحملة ''تحسيسة'' لتبديد المخاوف وإقناع القادة الأفارقة بـ ''براءة'' المشروع من خلال الإعلان عن مجموعة من الأهداف الظاهرة لـ ''أفريكوم''، حيث ذكر المسؤولون في البنتاغون ابتداء من أفريل 2007 أن مقرّ القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا ''أفريكوم'' سيسهر على إرساء الأمن والاستقرار الإقليميين، فيما يقوم بتنسيق الدعم الأمريكي لقادة أفارقة·
وفي ذات السياق، قال مسؤول الشؤون السياسية في وزارة الدفاع، ريان هنري، بتاريخ 23 أفريل ,2007 إن هدف ''أفريكوم'' هو أن لا تمارس دورا قياديا في القارة الإفريقية، بل دورا داعما لجهود الزعامات الإفريقية، مضيفا:''سنتطلع إلى أن نكمّل، بدلاً من أن ننافس، أية جهود قيادية جارية حاليا''· وأوفدت الإدارة الأمريكية في نفس الشهر مسؤولين عسكريين في جولات قادتهم إلى 6 دول إفريقية في مهمة محددة ''تصحيح المفاهيم الخاطئة عن القيادة الجديدة'' حسب ادعائهم، وقد زار المسؤولون في سياق ذلك عدة دول مثل إثيبوبيا، وغانا، وكينيا، ونيجيريا، والسينغال، وجنوب إفريقيا، إضافة الى أديس أبابا، مقّر الإتحاد الإفريقي· وأطلق القادة العسكريون جملة من الأفكار لدعم ما أسموه ''تصحيحا للمفاهيم'' من ضمنها أن ''أفريكوما لن تؤدي إلى نشر قوات أمريكية على نطاق واسع في القارة''، وحالياً يتوجه عدة آلاف من الجنود الأمريكيين إلى القارة كجزء من مناورات منتظمة وبرامج تدريب، ومن المقرر أن يستمر ذلك الترتيب مع تغييرات طفيفة·
وأن ''أفريكوم'' لن تساهم في رفع الموارد والاعتمادات المالية التي تخصصها وزارة الدفاع أو غيرها من هيئات الحكومة الفدرالية لإفريقيا· إلى جانب كون ''أفريكوم'' في مراحل المشروع أو التخطيط المبكرة· وأخيرا، قال موفدو الإدارة الأمريكية إن تأسيس ''أفريكوم'' ليس استجابة لتهديد محدد أو تحت ذريعة قلق استراتيجي، كما أن ''أفريكوم'' لم تشكّل رداً على الوجود الصيني في القارة، ولا لغرض مجهود إضافي لمكافحة الإرهاب، ولا لتأمين الموارد أو المواد الخام مثل النفط·
وقال المسؤولون الأمريكيون: ''في حين أن هذه قد تكون جزءا من التركيبة، فإن السبب وراء تشكيل أفريكوم في إفريقيا هو أن إفريقيا بدأت تظهر على الصعيد العالمي كلاعب استراتيجي ونحن بحاجة للتعامل معها كقارة''·
النفط الإفريقي وتحجيم ''الغزو'' الصيني·· النوايا الحقيقية
ويعتبر المختصون في الشأن الاستراتيجي أن الدور الموكل لـ ''أفريكوم'' هو تأمين واردات النفط الأمريكية القادمة من نيجيريا، والسيطرة على منابع النفط في منطقة خليج غينيا الممتدة من ليبيريا إلى أنغولا· ويرجع الاهتمام الأمريكي بهذه المنطقة إلى اكتشاف النفط هناك مؤخرا بكميات هائلة لم يسبق اكتشافها في أي مكان آخر في العالم·
ومن ثم السيطرة على منابع البترول الإفريقي الذي يشكل حوالي 25% من المخزون العالمي خصوصا مع استمرار التوتر في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تحجيم النفوذ الصيني والهندي اللذين يسعيان إلى الاستفادة من البترول الإفريقي· فضلا عن هدف آخر مرتبط باحتواء أي تصاعد أو وجود للقوى المعادية لأمريكا سواء من جانب بعض الدول الإفريقية أو المنظمات الإرهابية بالمنظور الأمريكي· كما يرى المحللون أن يكون الهدف من ''القوة الإفريقية'' الحيلولة دون التواجد العربي والإسلامي في قيادة الإتحاد الإفريقي· ويتضح هذا الهدف من الإصرار الأمريكي على تحجيم الدور المصري في إفريقيا وإبقاء مصر تحت قيادة المنطقة الوسطى على الرغم من أهمية العمق الإفريقي للأمن القومي المصري·
مشروع ''أفريكوم'' مجسد على أرض الواقع؟!
''لسنا بحاحة إلى أي تواجد عسكري أجنبي على أراضينا، أما عن مكافحة الإرهاب فالجزائر تملك من القدرة والخبرة ما يكفل مواجهة التهديد الإرهابي بمفردها'' كان هذا تصريح وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين يزيد زرهوني، شهر أوت الفارط، وهو رد صريح على رغبة الولايات المتحدة من الجزائر استضافة القيادة المركزية لأفريكوم وتبعته تصريحات لمسؤولين بالمنطقة كموريتانيا التي نفى وزير خارجيتها أمام البرلمان أي وجود لقواعد عسكرية أمريكية سرية على التراب الموريتاني ردا عن ما روّج له من احتضان موريتانيا لمراكز تدريب للمارينز، غير أن الواقع يشير إلى معطيات أخرى قد تناقض التصريحات الرسمية، إذ تذهب تحاليل المختصين إلى أن التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة لا يستدعي الإثبات بدليل المناورات المشتركة بين القوات الأمريكية وجيوش دول المنطقة· ولعل الحدث الذي مرّ مرور الكرام في الساحة الإعلامية ولم يثر انتباه الملاحظين هو تدخل سلاح الجو الأمريكي في الصراع القائم بين المتمردين التوارف والحكومة المالية في الشمال، حيث أغارت طائرة حربية على مواقع المتمردين لحملهم على التراجع إلى معاقلهم في أقصى الشمال· ويعتبر هذا الفعل التواجد الفعلي للجيش الأمريكي في القارة السمراء، فضلا عن أن الفعل مؤشر على أن مشروع ''أفريكوم'' أصبح عمليا بالمفهوم المجسد على أرض الواقع رغم أن مركز القيادة العامة يقع بشتوتغارت الألمانية إلا أن القوات الأمريكية أصبح بمقدورها التحرك وضرب أي موقع بدون عناء·
PH/ DjazairNews
إعادة تنظيم المنظومة الأمنية
فرنســا على طريق الولايات المتحدة
في آخر اجتماع له مع سفراء فرنسا في الخارج، أفصح الرئيس ''نيكولا ساركوزي'' عن نيته في إنشاء مجلس وطني للأمن (م·و·أ) على نمط مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية·· وقد أوكل مهمة استحداث هذه المؤسسة الأمنية الوطنية لدبلوماسي محنك هو السيد ''جان دافيد ليفيت'' الرئيس الحالي للخلية الدبلوماسية في قصر الإيليزي والمستشار السابق للرئيس ''جاك شيراك''،وسفير فرنسا سابقا في الولايات المتحدة·
إسماعيل كتامة
ومن المفارقة الإعلامية أن وسائل الإعلام الفرنسية لم تعط هذا الموضوع حق قدره، حين إفصاح رئيس الجمهورية الفرنسية عن إرادته في إحداث ثورة فلسفية في مجال أمركة أساليب التفكير والنشاط الأمني في دولة تتنوع وتتداخل وتتضارب فيها الهياكل المكلفة بالأمن الوطني وبدعم سياسة الدولة الخارجية، غير أن هذه ''الثورة الأمنية'' ليست وليدة اللحظة ولم تنبع من قريحة الرئيس ''نيكولا ساركوزي'' في أواخر الصائفة الماضية، عندما قدم أمام السفراء الخطوط العريضة لدبلوماسيته الجديدة بما فيها مشروع اتحاد دول حوض البحر الأبيض المتوسط·· وما هذا التصور الجديد للفعل الأمني إلا حوصلة لفكرة تبلورت خلال السنوات الأخيرة في عالم السياسة وفي الأوساط الجامعية والدبلوماسية، والأمنية المعنية بالبحوث والتفكير الإستراتيجي·
فكرة إنشاء هيكل فوقي ذي قيمة إستراتيجية عالية مضافة يخصص لدعم عملية اتخاذ القرار الرئاسي، كانت تتخمر في عقول بعض الساسة في الحكم والمعارضة، ولدى بعض الجامعيين والخبراء والموظفين السامين·· ففي شهر فبراير من هذا العام، نشرت يومية ''الفيغارو'' المقربة من الأغلبية اليمينية الحاكمة، منبرا يتضمن نداء من أجل انشاء مجلس أمن قومي، وقد أمضته نخبة من أولي الرأي تتضمن سياسيين كفرانسوا ليوتار، وزير دفاع سابق، و''وبيار لولوش'' خبير اليمين في البرلمان في شؤون الأمن والدفاع، و''جاك أتالي'' المستشار الخاص السابق للرئيس ''فرانسوا ميتران''، وكذا مسؤولين أمنيين سابقين ''كريمي بوترا'' (مديرية أمن الإقليم)، و''بيار ماريون'' (المديرية العامة للأمن الخارجي)، و''كلود سيلبرزان'' (المديرية العامة للأمن الخارجي)، وأيضا، الأميرال ''بيار لانكصاد'' الرئيس السابق لهيئة أركان الجيوش الفرنسية·
من وجهة النظر هذه، يكشف إنشاء مجلس أمن قومي عن وجود حاجة ماسة إليه تم تحديدها من طرف أطراف اللعبة الأمنية على تعدد مشاربهم، وهم الذين ما انفكوا خلال الأعوام الأخيرة يؤكدون على ضرورة عقلنة مسار اتخاذ القرار في مجال السياسة الخارجية والأمن القومي·· وفي حال ما إذا تم إنشاء هذه الهيئة، سيعني ذلك دعم الطابع الرئاسي للحكم الساركوزي المبني إلى حد الآن، على التواجد الطاغي على الساحة السياسية والإعلامية وعلى الحركية الإرادية الجامحة·
ويتميز الحقل الأمني الفرنسي إلى اليوم، بالتنوع الذي يمكن اعتباره تشرذما للهياكل والطاقات· ومن دون الخوض في تعداد جميع الأسس الأمنية في فرنسا، يمكن الإشارة إلى أن هذه الأخيرة تتوزع بين رأسي الحكم التنفيذي، الوزير الأول ورئيس الدولة، وبين وزيري الدفاع والداخلية·· فمن جهة، يمتلك قصر الإيليزي خلية دبلوماسية وهيئة أركان عسكرية خاصة، الشيء الذي يسمح له بالنفاذ المباشر إلى جميع المصالح الأمنية في البلاد، ومن جهة أخرى، يتمتع رئيس الحكومة بدور التنسيق بين جميع المصالح الاستعلاماتية وتحضير الحوصلة الاستخباراتية الوطنية عن طريق ''الأمانة العامة للدفاع الوطني'' التي يشرف عليها منذ إنشائها·· غير أن هنالك متدخلون آخرون كوزارة الخارجية التي تحتوي على ''مديرية للشؤون السياسية والأمن''·· كذلك شأن وزارة الدفاع التي لها هيئة أركان خاصة وتتربع على مجرة من المصالح الأمنية والاستعلاماتية كـ''المديرية العامة للأمن الخارجي''، و''مديرية المخابرات العسكرية'' التي أنشئت عام ,1990 وكذا ''هيئة الأركان العامة للجيوش الفرنسية''، و''مديرية الشؤون الإستراتيجية''، و''مديرية حماية سر الدفاع''·· تضاف إلى كل هذه المصالح العسكرية، الهيئات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية كـ''المديرية العامة للدفاع عن أمن الإقليم''، و''المديرية الوطنية لمكافحة الإرهاب''، وأخيرا، ''مديرية المخابرات العامة، وهي أعتق المصالح الاستعلاماتية في فرنسا· وتجدر الإشارة في هذا الباب، إلى أن الرئيس ''نيكولا ساركوزي'' قد حقق إلى حد الآن مشروع إنشاء مصلحة واحدة للأمن الداخلي، بحيث أن جميع المصالح الأمنية المنضوية تحت لواء وزارة الداخلية، تم جمعها منذ أسابيع في إطار جهاز واحد يوجد مقره في الضاحية الغربية للعاصمة الفرنسية·
ويدخل مشروع الدمج الأمني في إطار ما يسميه خبراء الأمن في العالم، بـ ''مدرسة كوينهاقن'' التي تؤكد على العلاقة العضوية غير المنفصلة بين الأمن الداخلي والأمن الخارجي (إرهاب، هجرة غير شرعية، مخدرات···)، وتوسيع هذه العلاقة الهيكلية إلى قطاعات أخرى للتهديد الأمني كالطاقة والمشاكل البيئية· ويرى الخبراء أن من مزايا إحداث مجلس أمن قومي، ترك تناول القضايا الأمنية على قاعدة جغرافية محضة مبنية على تحديد مناطق التدخل (افريقيا، أوروبا···)، وتفضيل الطرح الأمني على أساس تحديد قطاعات ومواضيع التدخل والتحليل (الاستقلال الطاقوي، الاقتصاد، التجارة الدولية···)· ويسمح هذا التناول الأمني الجديد لرئيس الجمهورية، بعدم التمسك بالطرح الأمني التقليدي والإلمام بصورة أدق وأشمل بجميع الملفات الحساسة·
وإذا ما قارنا ما يسمى في الولايات المتحدة بـ ''غرفة دراسة الأوضاع''، التي اشتهر بها مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية بما هو موجود على صعيد فرنسا، فسنلاحظ وجود هيئة مشابهة نوعا ما، هي ''خلية الأزمة'' التي تعرفت عليها الصحافة الفرنسية لأول مرة خلال أزمة الكوسوفو عام .1999 كما تجدر الإشارة إلى أن ''الأمانة العامة للدفاع الوطني''، تشكل الحجر الأساس في المنظومة الأمنية الفرنسية، من خلال مهام تنسيق التحضير الأمني وتطبيق ومتابعة نتائج سياسة الدفاع العامة في فرنسا· ويشار كذلك إلى أن هذه الهيئة التنسيقية تمارس في الواقع وصاية إدارية على نشاط إنتاج الخبرة في مجال الدفاع والأمن، بالتحديد، تشرف هذه الأمانة العامة على اجتماعات التحضير الأمني وتوزيع المهام بين مختلف الأجهزة الأمنية (هيئة أركان الجيش، المديرية العامة للأمن الخارجي، وزارة الخارجية، مديرية الشؤون الإستراتيجية، الخ···)·· ومن صلاحياتها في هذا الباب، تحضير الملفات الأمنية بناء على دراسة الأوضاع واقتراح سيناريوهات وقرارات، تقدم إلى رئيس الحكومة ورئيس الدولة قبل اتخاذ القرار·· فضلا عن ذلك، توضع الأمانة العامة للدفاع الوطني تحت تصرف رئيس الجمهورية في الفترات المتسمة بالأزمات الداخلية والخارجية·
ويلاحظ الخبراء، أن هذه الأمانة العامة كثيرا ما لعبت دورا فعالا في فترات التأزم على الصعيدين الخارجي والداخلي، مما يجعلهم يعتقدون اليوم أن هذه الأمانة، بالإضافة إلى خلية الأزمة، ستشكل القاعدة الأساسية لمجلس الأمن القومي مستقبلا· ويعتقد أيضا أن وزير الدفاع الذي تقلص نفوذه شيئا ما بفعل توسيع صلاحيات رئيس هيئة الأركان العامة للجيوش الفرنسية سنة ,2005 سيكون المتضرر الأول من وجود مجلس أمن وطني·
مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة
أنشئ مجلس الأمن القومي الأمريكي عام ,1947 بقرار من الرئيس ''ترومان''·· وكان الغرض منه تقديم الاستشارة الأمنية لرئيس الجمهورية والتنسيق الناجع بين مختلف الوزارات والأقسام ووكالات الاستخبارات الحكومية·· والهدف الرئيسي كان تحديد السياسات الأمنية الوطنية·
وإذا كان مجلس الأمن القومي قد عرف في الولايات المتحدة نجاحات نسبية ومتفاوتة التقدير، فإن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ,2001 كشفت ''عن ضرورة إتمام عملية إرشاد وعقلنة النشاط الأمني الأمريكي، الذي يرتكز أساسا على العقل الإلكتروني أكثر مما يثق في العقل البشري، أساس كل نشاط أمني واستعلاماتي، منذ أن نظرت له عقول إنسانية عبقرية كالصيني ''سون تزو''، والمسلم ''نظام الملك'' والإيطالي ''ماكيافيل''·
هيئة الأمن القومي قدوة عالمية
هذه الصيغة الأمنية التنسيقية التي ظهرت في الولايات المتحدة مع بداية الحرب الباردة مع المعسكر الشيوعي، أصبحت اليوم صيغة عالمية·· فرغم أنها لم تكن دائما محل إجماع وطني في الولايات المتحدة الامريكية، إلا أنها وجدت لها أسسا مشابهة في عدة دول أجنبية ككوريا الجنوبية وبولندا وإسرائيل، وقد أصبحت مثالا عالميا يحتذى لإدارة المسائل الاستراتيجية، ومن مزاياها أنها شاهد هيكلي حيّ على أن شؤون الدفاع والأمن والدبلوماسية، ملفات مترافقة ومتكاملة كأصابع اليد الواحدة كما تدل على ذلك أزمات لبنان وكوت ديفوار وأفغانستان والعراق·
PH/ DjazairNews
بوتو تتحدى الاقامة الجبرية
لاتزال الأوضاع في باكستان تشهد تدهورا مضطربا منذ أن أعلن الرئيس الباكستاني تعليق الدستور، وأعلان حالة الطوارئ ، حيث دعت أحزاب المعارضة إلى مظاهرات حاشدة لرفض الأحكام الجديدة والمطالبة بعودة الحياة الديمقراطية للبلاد· وقد تحدت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو قرار السلطات وضعها رهن الإقامة الجبرية أمس، فيما اتخذت قوات الأمن سلسلة إجراءات للحيلولة دون مشاركة أنصارها في تجمع حاشد في راولبندي احتجاجا على الأزمة التي تشهدها البلاد خاصة بعد إعلان حالة الطوارئ· وقال شهود عيان إن بوتو حاولت الخروج من منزلها، لكن قوات الأمن المحيطة بمنزلها في إسلام آباد منعتها من الخروج· وقالت مصادر أن السلطات نجحت حتى الآن في منع إقامة الحشد بسبب الحواجز الأمنية المكثفة وتشديد الإجراءات بالقرب من راولبندي، بالإضافة إلى إغلاق قوات الأمن كل الطرق المؤدية إلى منزل بوتو وسط إسلام آباد· لكن وزير السكك الحديدية شيخ رشيد أحمد قال إن وضع بوتو تحت الإقامة الجبرية بمنزلها مؤقت لمنعها من الذهاب إلى الاجتماع الذي دعت له أمس· كما صرح ضابط كبير بالشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية بأن السلطات حاولت إقناع المرأة بإلغاء مظاهرة راولبندي لكنها رفضت ولم يكن لدينا خيار آخر غير فرض احترام بنود قانون الطوارئ· أما قائد شرطة راولبندي سعود عزيز فقال إن أكثر من ستة آلاف شرطي انتشروا في المدينة، مستبعدا انعقاد التجمع اليوم وسط الإجراءات المشددة · في هذه الأثناء تواصلت حملة الاعتقالات التي طالت أعضاء حزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه بوتو· وقال الأمين العام راجا برويز أشرف إن أكثر من أربعة آلاف نشط من حزبه اعتقلوا الليلة الماضية في إقليم البنجاب في محاولة من السلطات لإحباط مظاهرة اليوم في راولبندي· وفي بيشاور فرقت الشرطة بالقوة مظاهرة لأنصار المعارضة الدينية، فيما استمر المحامون في إضرابهم داخل قاعات المحكمة العليا· وأفادت الشرطة أن لديها معلومات تفيد بأن ثمانية انتحاريين تسللوا إلى المدينة بهدف تنفيذ هجمات أثناء المظاهرة· وأكدت أنه تم إبلاغ بوتو بهذه المعلومات، مشددة على أن السلطات لن تتهاون في تنفيذ القانون في حال الإصرار على انتهاكه· وكانت بينظير قد عبرت عن عدم ثقتها بتعهد أطلقه رئيس البلاد برويز مشرف الخميس بإجراء الانتخابات قبل 15 فيفري المقبل ووصفته بأنه ضبابي، وطالبته بتحديد موعد محدد·
ق· د
باكستان
الوجه الآخر للمأساة الأفغانية
يستغرب المحللون الغربيون كيف للسيدة بينازير بوتو أن تروح وتغدو بين مدن الباكستان، وتتجول في شوارع اسلام أباد، بكل حرية، دون أن يعترضها عساكر الرئيس الجنرال بيرفيز مشرف، القائمون على تطبيق حالة الطوارىء منذ بضعة أيام·
عبد اللطيف أمين
امرأة باكستان الحديدية، التي عادت إلى العاصمة الباكستانية من كاراتشي للمشاركة في اجتماع للمعارضة رافضة الحديث إلى الرئيس، قبل أن يتراجع عن قرار حالة الطوارىء·
ما الذي يدفعها إلى مثل هذا الانقلاب وهي التي سمح لها بالعودة من المنفى على أساس اتفاق، أصبح من المؤكد الآن أنه أبرم برعاية امريكية، يقضي باقتسام السلطة مع مشرف؟ لعلها اصطدمت بحقيقة أخرى لم تكن تحسب لها حسابا· من ناحية حقيقة النظام، كما يقوده الجنرال، في بعده عن الديمقراطية، ومن ناحية ثانية حقيقة الجنرال في أعماق أعماقها·
بيرفيز مشرف كان قد قبل تنحيه عن قيادة الجيش كشرط لبقائه على رأس الدولة· ووجدت البلاد بذلك متنفسا إلى السلم المدني، ولقي من المعارضة نوعا من الاستحسان· ورأى فيه الجنرال طريقا إلى ربح الوقت، وسندا في شخص المرأة الكاريزماتية بينازير بوتو، بعد توريطها بشهادة الامريكيين·
وأحداث الأسبوع الماضي: حالة الطوارىء، تعطيل الدستور، منع الصحافة الحرة، اعتقال المعارضين بالالاف تبين أن التزامات الرئيس، كانت مجرد مناورات· كما تبين أن مشرف لا يتصرف من تلقاء نفسه، وإنما يعكس موقف مؤسسة عسكرية شديدة الغموض والتعقيد فوق أنها تعادي المعارضة الديمقراطية وتعادي بوتو بصفة استثنائية، وبذلك يمكن القول أن مشرف وجد نفسه سجين ''الثكنة'' التي رفعته ذات يوم من سنة 1999 على رأس السلطة في البلاد· ولذلك، وعندما جد الجد، لم يجد بدا من اختيار أولياء أمره على حلفائه الظرفيين: بوتو والولايات المتحدة الامريكية· وفي حالات كهذه لا يهم كثيرا التفكير في المستقبل الشخصي لبزفير مشرف، أيبقى على رأس السلطة أم لا؟ أينجح في صراعه مع السيد افتخار محمد شودري، رئيس المحكمة العليا، والذي يبدو أنه يعيش آخر المراحل التي يتحول فيها انسان عادي، إلى زعيم سياسي، ومن زعيم سياسي إلى بطل وطني؟
ويعرف مشرف نفسه، أن وسيلة البطش التي يستعملها العسكر ضد الجميع، من أجل تمديد الآجال، قبل تحضير طبخة جديدة من المحتمل أن تأتي في صورة انقلاب عسكري آخر يحيل مشرف إلى ''مزبلة التاريخ'' ويعد الباكستانيين، مرة أخرى، بالعودة إلى الديمقراطية·
وكان من السهل على المؤسسة العسكرية، دائما، تليين الموقف الأمريكي، والعودة به إلى النقطة التي توقف عندها منذ عقود: باكستان الحليف، الضروري، والمحوري للمشاريع الأمريكية في المنطقة·
ما وراء المطبخ الباكستاني:
مع العراق وافغانستان، أكثر بلاد العالم انتشارا مخيفا للعنف والإرهاب· وقد يصح في بعض الحالات الحديث عن حرب حقيقية، كتلك التي قادها الجيش في منطقة وزير ستان·
ولا يتردد معلقون صحفيون باكستانيون في وصف ما يقوم به الجيش بعمليات شبيهة بتلك التي يقوم بها المارينز ضد الشعب العراقي، والجيش الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ومنهم من يسرد الأدلة على أن الهجوم على المسجد الأحمر لم يكن سوى اعتداء عسكريا سافرا على مدنيين عزل من السلاح·
والمعتدلون من المعلقين يرون في ذلك نوعا من المزايدة يقوم بها مشرف ليظهر (لحلفائه) الأمريكيين أنه يفعل أكثر مما في وسعه لمطاردة القاعدة، وخاصة بعد ما شاع من اتفاق سري بينه وبين زعماء القبائل المرابطة على طول الحدود مع افغانستان والقاضية بتبادل المنافع بين الجيش وبين عناصر القاعدة المتسللين عبر حدود وعرة متداخلة لم يعترف بها قادة الحرب في كابول·
والواقع أنه من الصعب على السلطة المركزية في اسلام أباد مراقبة هذه الحدود، ولا التمييز بين سكانها بين من هو باكستاني ومن هو أفغاني، وخاصة في هذه الظروف المضطربة للحرب التي لاتزال قائمة في أفغانستان منذ عقود· وقد تشابكت العلاقات والمصالح ووصل التداخل إلى درجة يمكن معها الحديث عن منطقة لاهي بالأفغانية ولاهي بالباكستانية، قانوها الوحيد هو المدفع والرشاش والتهريب وتجارة المخدرات·
ولكن هذا الوضع لم يكن طبيعيا مائة في المائة منذ البداية، بل هو أيضا ومن نواحي صناعة السياسات الباكستانية ومصالح الاستخبارات الأمريكية والباكستانية· أما المخابرات الأمريكية فالأسباب المعروفة عن الحرب التي خاضها الأفغان ضد الوجود السوفياتي، وأما الباكستانيون فإنهم كانوا دائما يتصرفون وأنظارهم شاخصة إلى الهند· فقد دعموا الباشتوني، قلب الدين حكمتيار، ضد الرائد مسعود المتحالف مع الهند· وهو نفسه السبب الذي جعلهم يقفون، بل ويعترفون رسميا بنظام طالبان·
ومع تراكم الآثار الجانبية لكل ذلك لم يعد من السهل لا على الأمريكيين ولا على رجل مثل برويز مشرف، الفصل بين ما يقع في أفغانستان وما يقع في باكستان· ذلك أن التطاحن لم يكن أبدا غريزة عند الأفغانيين، على رغم تعدد القبائل والاتنيات، إلا أن تأتي السياسة وتداخل المصالح الأجنبية لتحول التنوع الثقافي واللغوي والاتني إلى عوامل صراع دموي·· وهذا ما حدث بالفعل· وبالنسبة للباكستان فإن تواطؤ السياسيين مع مصالح الاستخبارات المحلية وأجنبية، يضاف إليه الفرق الشاسع بين مختلف مقاطعات في مجالات التربية وتقسيم الثروة والحريات، دون أن ننسى أنها بلاد لم تعرف الاستقرار السياسي الا قليلا منذ انفصالها عن الهند سنة 1947·· كل ذلك أدى بالوضع الباكستاني إلى أن يصبح امتدادا مأساويا للمستنقع الأفغاني·
وكما يقول أحد المحللين أن هذه البلاد تزحف شبرا شبرا إلى الأفغنة· واذا استمرت الأمور على ماهي عليه، فسوف لن يمر وقت طويل حتى يجد العالم نفسه في مواجهة مشكلة واحدة ذات وجهين: الباكستان ـ أوفغانسان·
الفرق الوحيد بينهما هو أن باكستان ينام على ترسانة نووية مريعة·· وهو فرق ليس بالبسيط وزعزعة استقرار الباكستان ليست مسألة سهلة· أو لنقل ليست بتلك التي يمكن حلها عن طريق حملة للحلف الأطلسي تقودها الولايات المتحدة إنها تعني أشياء كثيرة بالنسبة إلى دولة أخرى مجاورة وهي الصين، التي اعتبرت باكستان دوما بمثابة رادع الصواعق الذي يحميها من ازدياد الطموح الهندي على حده· وزعزعة استقرار الباكستان يعني زرع الرعب في نيودلهي· ويعني أيضا وصول هزاته إلى روسيا وايران وكل الجمهوريات الإسلامية المنفصلة عن الاتحاد السوفياتي، بل وحتى تركيا·
ولذلك فمن مصلحة هذه الدول جميعا العمل على مساعدة الباكستان على تلمس طريقه إلى الاستقرار·
القنبلة النووية الإسلامية
''إذا صنعت الهند قنبلتها، فسنأكل الحشيش وأوراق الشجر، وسنجوع، ولكن ستكون لنا قنبلتنا، ليس هناك خيار أخر: قنبلة نووية مقابل قنبلة نووية'' هذا ما صرح به ذو الفقار علي بوتو في ماي 1974، أربعة أشهر بعد أول تفجير نووي هندي وهذا ما وقع بالفعل بعد أربع وعشرين سنة من ذلك التاريخ ففي شهر ماي 1998 أقدمت الباكستان على تنفيذ ست تجارب نووية·
عبد اللطيف أمين
لانزال نذكر صور المظاهرات الشعبية في كل أنحاء العالم الإسلامي لتعبير عن الفرحة بتحقق الحلم: العالم الإسلامي يملك الآن قنبلته ولانزال إلى اليوم نذكر زغاريد النساء الجزائريات···كيف لا؟ أوليست الباكستان دولة اسلامية مائة في المائة؟ أوليست هي الدولة الوحيدة، في العالم المعاصر، التي تحملت ويلات الإنفصال لتستقل بنفسها حفاظا على دينها؟
ولكن مالبثت الحقيقة أن تكشف· وهي أن مشكلة باكستان الأولى هي الهند وليست إسرائيل، ولذلك فإن الصوارخ الباكستانية مصوبة نحو نيودلهي، لا تل أبيب، بل لعله من المستحيل تصويبها نحو إسرائيل، شيئا فشيئا تيقنا أن القنبلة النووية الباكستانية إنما هي سلاح جهوي محدود، له وظيفة محدودة في المكان، لا يتجاوز ما يمسى بتوازن الرعب بين بلدين جارين يتنازعان منطقة جغرافية هي الكشمير، كما أن بينهما عداء له أصل في التاريخ·
ولا يمنع ذلك أن يعم الطبقة السياسية والعسكرية في باكستان من يفكر بطريقة مختلفة ذلك أنه يمكن اعتبار القنبلة الجهوية المحدودة، مرحلة أولى تعقبها مراحل أخرى تجعل من هذه البلاد زعيمة العالم الإسلامي لتقوده إلى مجده الأول، ما الذي يمنع باكستان اليوم من دون تركيا الأمس ( الدولة العثمانية)؟ ما الذي يمنعها وهي الوحيد، من كل بلاد المسلمين، من يملك تكنولوجيات السلاح النووي؟ وهل نعتبر تسريبات الدكتور خان في هذا الإطار؟ و يبقى هذا التفكير امكانية قائمة واحتمالا من الإحتمالات، على الرغم من عوامل عديدة تضغط بشدة على باكستان لتبقيها في مكانها·
الصين مثلا تشكل أحد هذه العوامل الضاغطة، وهي وإن كانت من الدول التي تساعد الباكستان في تطويره برنامجها النووي، فإنها لم تفعل ذلك إلا لأنها تريد إضعاف الهند، لاتقوية الباكستان وقد فعلت الصين دائما المستيحل من أجل فصيل هذه الدورة على مقاس باكستان أو تفصيل باكستان على مقاس هذا الدور·
والضاغط الثاني هو الولايات المتحدة الأمريكية، وإننا لانستطيع تصور حجم التأثير الأمريكي على مختلف المؤسسات الباكستانية وخاصة في الجيش، يضاف إلى ذلك ورقة المساعدات الإقتصادية وهذا يقودنا إلى العامل الإقتصادي فبكستان تملك القنبلة النووية وما يتعلق بها من تكنولوجيا ولكن ضمن إطار اقتصادي مهلهل، وكما يقال فإنها دولة لا تملك وسائل سياستها·
ومع تطور الأحداث في المنطقة وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بدأ نوع من الخطاب الجديد يعرف طريقه إلى الصحافة مؤداه أن الخطورة الكبيرة تكمن في الباكستان، لا في أفغانستان، ولا في العراق ولا في إيران إلى حد الآن، بل باكستان، لماذا؟
لأنها الدولة الإسلامية ( وباكستان رسميا جمهورية إسلامية) الوحيدة التي تملك أسحلة الدمار الشامل، هذه واحدة، والثانية أن نشاطات الجماعات الأصولية في باكستان، أكبر منها في أية دولة إسلامية أخرى، فما الذي يحدث لو وصل أصوليون متطرفون تطرف الطالبان إلى الحكم في باكستان، وأصبحت أزرار القنبلة النووية بين أصابعهم؟ ويعيب هذا الاتجاه في التفكير الغربي، على الولايات المتحدة، ليونتها تجاه باكستان، وبالتالي، تساهلها تجاه هذا الخطر، وعند رجل مثل الكاتب الفرنسي بيرنار أونري ليفي، فإن العمل على تفكيك الترسانة النووية الباكستانية، أولوية الأولويات قبل أن يفوت الأوان·· والذي يتجاهله أنري ليفي، أن القنبلة الباكستانية، هي أيضا وبصورة من الصور، إنتاج غربي، فالغرب هو الذي أمد باكستان بكل ما يحتاج في هذا المجال، وهو الذي مهد له الطريق، وقد فعلت المؤسسات الأوروبية والأمريكية كل ما في وسعها أن تعمله، لتسهيل وصول باكستان إلى هذا السلاح، تماما مثلما فعلت الصين·· وإلا فكيف يتصور وصول بلد فقير ذي نسبة أمية عالية وبنظام تربوي متخلف، إلى هذه النتيجة بهذه السهولة؟ صحيح أن هناك أجوبة جاهزة، منها أن الجيش هو من يتحكم في جميع المخابر، وأنه يتوفر على إمكانيات كبيرة نتيجة سيطرته على جميع قطاعات الاقتصاد الوطني، وأنه وحده يتصرف في أكثر من سعبين بالمائة من الميزانية الوطنية مقابل 10 بالمائة فقط موجهة للتعليم، وهذا يعني أن صب أكثرية خيرات البلاد في تكوين مجموعة من المهندسين والخبراء، كافية للوصول إلى النتيجة التي نعرفها، أو ليست هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي حاز فها عالم مسلم جائزة نوبل للفيزياء؟
كل هذا ممكن، ولكن معروف أيضا تلك الشبكة من الجوسسة الصناعية (المكشوفة) والمعروفة في وقتها بالتفصيل لوكالات الاستخبارات الغربية، ولكنها سكتت عنها، ولم تندد بها إلا بعد اعترافات الدكتور خان·
باكستان في سطور
باكستان كلمة منحوتة من الحروف الأولى لأسماء المقاطعات التي كانت تريد الإستقلال عن الهند، وهي: البنجاب وأفغانستان، والكشمير، والسند والبلاشستان (طبعا حسب طريقة النطق الأوردية) ومن المعرف أن باكستان انفصلت عن الهند سنة ,1947 وقد مثل ذلك أحداثا جسيمة جعلت منها أضخم عمليات الهجرات الجماعية بين منطقة وأخرى، وكان تباعدا المناطق يقاس بمئات الكليومترات، وهكذا وجد الملايين من المسلمين المقمين في الهند الحالية أنفسهم مضطرين إلى الهجرة إلى بلدهم الجديد باكستان، وتضيف الكتب التي أرخت لهذه العملية، مآسي مرعبة تعرض لها المهاجرون في الطريق أدت إلى مئات الآلآف من الضحايا في الجانبين مسلمين ومغير مسلمين· ومن المعروف أيضا أن البنغلاديش عرفت انفصالا آخر بعد ذلك بسنوات، وأن كان أقل مأساوية من سابقه، وحسب العديد من المراقبين، فإن عمليات مماثلة قد تحدث في المستقبل، ذلك أن بذور الشقاق بين مختلف الإثنيات التي تشكل باسكتان لاتزال حية، بل وتدعمت مع مرور الزمن· ويمكن اعتبار مقاطعتي البنجاب ( قرابة 54% من مجموع السكان) ثم السند أهم المقاطعات المرشحة للإنفصال ···· وبإستثناء فرض اللغة الأردية مع الأنكليزية لغة رسمية في البلا د، لم تفعل السلطات المركزية شيئا لتسوية الفوارق الإجتماعية بين مختلف طبقات الشعب وبين مختلف المناطق والإثنيات· إلا أن هناك ثلاثة عوامل تبقى إلى الآن تؤثر في كل الحركات السياسة وتجعل من الوحدة الوطنية أمرا ذا أهمية بالغة: العامل الأول هو الإسلام الذي يشكل دين الأغلبية الساحقة للسكان، والثاني هو الإفتخار القومي بامتلاك القنبلة النووية، والثالث هو تنامي العداوة الجماعية للهند وحسب احصائيات عام 2004 فإن عدد سكان باكستان تجاوز 163 مليون نسمة مما يضعها في مصاف الدول التي تتوافر على قوة سكانية لايستهان بها·
ولكنها قوة سكانية تسبب مشكلات اقتصادية عويصة جعلت باكستان من الدول التي ينتشر فيها الفقر بصورة مخيفة فإذا أضافنا إلى قلة الموارد ( يعتمد باكستان بنسة 70 في المائة على صادرات القطن، ويمثل الإنتاج 10في المائة من الإنتاج العالمي)· وبتزايد النفقات العسكرية، مقارنة بما يخصص للصحة والتربية والمنشآت القاعدية قليل جدا وهذا أدى إلى إشعال فتيل الفتن والقلاقل الإجتماعية في بلد تتعايش فيه عدد كبير من الأثنيات يتكلمون أكثر من 80 لغة·
باكستان بين قبضة الجنرال وحيل المعارضة
بدت الأحداث المتسارعة في باكستان منذ الثاني من أكتوبر الماضي وكأنها خطة مدروسة ومحكمة، لنظام الجنرال برويز مشرف المتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بمحاربة ما يسمى بالإرهاب، حيث في التاريخ المذكور أعلن مشرف عن ترشحه للرئاسة مرة أخرى تحت لواء الرابطة الإسلامية، الأمر الذي دفع الكثير من نواب المعارضة إلى تقديم استقالاتهم من المجالس التشريعية في البلاد·
محمود أبو بكر
ولا شك أن حزب الشعب الذي تقوده بناظير بوتو من منفاها في دبي ، كان له الأثر الأكبر في تحريك الشارع السياسي الباكستاني، نظرا للتمثيل النسبي الكبير الذي يشغله الحزب في البرلمان من جهة وللقواعد الجماهيرية الواسعة التي يتمتع بها من جهة أخرى، فضلا عن مصداقية زعيمته التي بقيت بعيدة عن البلاد وعن السلطة لأكثر من ثمانية أعوام·
وهو الأمر الذي سعى مشرف قبل ترشحه على استثماره بشكل جيد، حيث شرع في اتصالات غير مباشرة مع بوتو إلى أن تمكن من جلبها لساحته التي حرص على أن يحقق فيها الحد الأقصى من المصلحة المشتركة والمتمثلة في دعم بوتو لترشحه كرئيس للجمهورية والعدول عن قرار الاستقالات التي شرع فيها نواب حزبها من المجالس التشريعية، مقابل إصدار عفو تام يسقط المتابعات القضائية التي تستهدف بوتو وأقطاب حزبها في المحاكم الباكستانية، بالإضافة إلى اقتسام السلطة بينهما، وفق مشروع شامل عرف بمسودة اتفاق المصالحة·
وبصرف النظر عن مدى قانونية مثل هذه االصفقات التي اعترضت عليها ليس فقط أحزاب المعارضة وعلى رأسها الجماعة الإسلامية، وحزب نواز شريف، بل عدد لا بأس به من قيادي الحزب الحاكم، الذين يرون في إسقاط الدعاوي القضائية التي تلاحق بوتو تجاوزا قانونيا، لا سيما وأن معظم تلك القضايا تتعلق بتهم الفساد والرشوة وتبديد الأموال العامة واستغلال النفوذ - حسبما يدعون على الأقل-·
ووفقا لهذا الوعد المكتوب من مشرف والذي تم حسبما يبدوا برعاية إمريكية أوروبية - وإن لم تكن معلنة- فهي لا تخفى عن العين لا سيما بعد تمعن ردود الافعال التي صدرت عن تلك الدول في الفترة الاخيرة بعد تخلي مشرف عن وعده وتنصله من الشروط المدونة في الاتفاقية الثنائية لاقتسام السلطة ·
ويبدوا أن العودة القوية لبوتو قد قلبت الأمور رأساً على عقب· حيث أن ثمانية أعوام من الغياب لم تنسي الباكستانيين كارزيمية زعيمتهم السابقة وابنة رئيسهم السابق ذو الفقار بوتو الذي رحل في ظرف مأساوي إثر الانقلاب الدامي الذي قاده الجنرال ضياء الحق ·
كان مشهد العودة وحده كفيلا لأن يزلزل الأرض تحت عرش الجنرال، حيث أن قرابة المليون شخص الذين كانوا في استقبال بوتو في كراتشي صمموا مشهدا لإستفتاء حر، ليس لاثبات شعبية بوتو فحسب بل لإدانة حكم العسكر والمطالبة باستعادة الحياة الديمقراطية·
ولا غرو من التأكيد أن بوتو التي اتت عبر اتفاق تقاسم الحكم ، هي الأخرى كانت تخفي رغبة ملحة في إحداث إنقلاب أبيض على الجنرال، وهو الأمر الذي لم تكن لتتمكن من تحقيقه من على البعد ( أي من المنفي)، أو دون أن تجد طريقة مناسبة للعودة الى الداخل بلا متاعب تحول دون تحقيقها للهدف المنشود ·· لذلك فهي عادت على حصان االاتفاق الطروادي، لتحقيق مآرب كثيرة، ليس أقلها قيادة انتفاضة شعبية سلمية تتطيح بحكم العسكر، وهو ما يبرر تمسكها بضرورة اشتراط الأتفاق الموقع على تخلي مشرف عن قيادة الجيش، وليس مصادفة أن طالبت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية اليوم بضرورة تحقيقه لهذا الشرط مقابل احتفاظه بمنصب رئيس الجمهورية ·
كل تلك العوامل المهمة وغيرها وضعت الجنرال مشرف في زاوية ضيقة لم يكن أمامه سوى الهروب نحو المجهول وذلك من خلال إعلان حالة الطوارئ، في انتكاسة جديدة لأركان حكمه، خاصة إثر تردد معلومات شبه مؤكدة عن نية قضاة المحكمة العليا رفض الاعتراف بشرعيته للبقاء على رئاسة الجمهورية، الأمر الذي دفع االجنرال وحزبه ومؤسسته العسكرية إلى ممارسة أقصى درجات التأهب لإبطال الخطة المحكمة للإطاحة برأسه - حسبما يتصور-، وبالتالي فإن إعلان حالة الطوارئ وتحكيم القوانين العرفية لم يكن سوى لضمان عدم مضي المعارضة قدما (لا سيما بوتو ) في اتجاه سحب الاعتراف عن حقه في العهدة الجديدة· وليس للتهديدات الإرهابية التي تذرع بها مشرف لإعلان الطوارئ دور جوهري في تطبيق الاحكام العرفية السائدة الآن·
ولأن التطورات ذهبت حسبما أرادت سفن المعارضة، من حيث أنها اسقطت آخر أوراق التوت عن الجنرال، فإن التحرك الفعلي لبوتو تمثل في محاولة تزعم أحزاب المعارضة، إلا أن تلك القوى لم تكن لتمنح لبينظير -التي عادت على أكتاف الجنرال -،فرصة أخرى للعوم في اتجاه التيار المناقض لتيار عودتها التي تصفها المعارضة بالمشبوهة·
وبالرغم من التأكيدات التي ظل يقدمها أقطاب الحزب الحاكم، بخصوص رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسين، فإن البلاد لا محالة قد دخلت في نفق دامس من التطورات لا سيما إثر وضع، بوتو وزعيم المعارضة الإسلامي فضل الرحمن قاضي حسين وغيرهم تحت الاقامة الجبرية، فضلا عن اعتقال أكثر من 5 آلالاف شخص من مختلف الاطياف السياسية بباكستان·
يبقى التأكيد على أن هناك دور واضح للقوى الدولية والإقليمية في هذه الأزمة المستجدة سواء عبر التغاضي عن الخرق الكبير للدستور وتعطيله من قبل الرئيس الباكستاني أو للخرق الكبير الذي تشهده منظومة حقوق الانسان، أو عبر التصريحات المحتشمة التي لا تعني سوى التشجيع والمساندة لإجراءات مشرف، كما هو الحال بالنسبة لبيان البنتاغون حول الحالة المستجدة في إسلام آباد·
بروفيــــــــــــــــــل بنازير بوتو
-- ولدت بيناظير ذو الفقار علي بوتو في مدينة كراتشي 21 جوان عام .1953
-- قررت الدخول عالم السياسية للدفاع عن سمعة والدها الرئيس الباكستاني الذي أعدم بعد عامين من انقلاب الجنرال ضياء الحق·
-- درست بناظير بوتو العلوم السياسية والاقتصاد في جامعتي هارفارد وأكسفورد·
-- تزوجت بينازير عام 1987 من السياسي وعضو البرلمان آصف علي زارداري·
-- تأثرت بيناظير بوالدها ذو الفقار علي بوتو، وبالحياة الغربية التي عاشت فيها سنوات طويلة من عمرها وأفردت ذلك على صفحات الكتاب الذي ألفته عام 1989 عن حياتها الخاصة والعامة وأسمته ''ابنة القدر''·
-- عادت بيناظير إلى باكستان عام 1977 قبيل الانقلاب الذي قاده الجنرال ضياء الحق والذي انتهى بإلقاء القبض على والدها ثم إعدامه عام .1979
-- بقيت بيناظير تحت الإقامة الجبرية إلى أن استطاعت الخروج من باكستان ولم تعد إليها مرة أخرى إلا بعد ثلاثة أشهر من وفاة ضياء الحق في حادث طائرة عام .1988
-- تولت قيادة حزب الشعب الباكستاني الذي كان قد أسسه والدها عام .1967
-- فاز تحالف بوتو بأغلبية قليلة في الانتخابات البرلمانية عام 1988 مما مكنها من تولي منصب رئيسة الوزراء وكان عمرها وقتئذ 35 عاما·
-- تعتبر أول وأصغر رئيسة وزراء لدولة إسلامية في العصر الحديث·
-- في أوت 1990 تم إسقاط حكومتها من قبل الرئيس الباكستاني غلام إسحق خان، بعد تصاعد المعارضة ضدها·
-- في أكتوبر 1993 تمكنت من العودة لرئاسة الوزراء بعد فوز حزبها في الانتخابات، لكن بقاءها لم يدم طويلا، ففي عام 1996 أصدر الرئيس فاروق ليغاري قرارا بإسقاط حكومتها للمرة الثانية، على خلفية اتهامات بالفساد طالت زوجها·
-- منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال مشرف في أكتوبر 1999 ظلت بوتو في المنفى متنقلة بين بريطانيا والإمارات العربية المتحدة·
-- في 19 أكتوبر الماضي عادت بيناظير بوتو إلى باكستان وسط استقبال كبير من أنصارها واتهامات من خصومها بعقد صفقة مع مشرف·
-- تعتبر داعية من دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتؤمن بدور فعال لمؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها البرلمان، وتدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإصدار عفو عام عنهم· وتظهر عدم تحمسها لبعض التيارات السياسية داخل المجتمع الباكستاني وبخاصة تلك التي لها توجهات إسلامية·
-- في الأزمة الحالية بعد إعلان حالة الطوارئ سعت بوتو إلى تزعم المعارضة الباكستانية إلا أن الجماعة الإسلامية وحزب برويز مشرف رفضا الانضمام إليها·
-- في التاسع من نوفمبر تم وضعها في الإقامة الجبرية بعد سعيها لقيادة مسيرة حاشدة ضد الإجراءات التي اتخذدها الرئيس برويز مشرف·
PH/ DjazairNews
ديوان الوراقين
''ألي شاف سيدي عبد الرحمان يترك لمرابطين''
مهدي براشد
في الوقت الذي كان ينتظر أن يبدأ الأمين العام للأفلان حملته الانتخابية بخطب ود المواطنين ومغازلتهم من أجل أن يجددوا الثقة في الأميار القدامى الذين سيروا شؤون بلدياتهم على أحسن ما يرام وربما أكثـر مما يحلم المواطن السويدي، خرج عبد بلخادم ليلة انطلاق الحملة الانتخابية خاطبا ود رئيس الجمهورية ومغازلا إياه بأن أعاد إلى الواجهة ودون أن يطلب منه ذلك تأكيده بأن الأفلان مع عهدة رئاسية ثالثة ورابعة وربما أكثـر لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مجددا التأكيد أيضا على أن ضرورة تعديل الدستور، لأن عبد العزيز بلخادم يعرف جيدا أن ''ألي شاف سيدي عبد الرحمان يترك لمرابطين''·
ومن غريب مبررات السيد بلخادم في غزله هذا أن ''المطالبة بدستور جديد يجعل العهدة الرئاسية مفتوحة أمر جد حيوي بالنسبة إلى الأفلان من أجل أن يكون المواطن حرا في اختيار رئيسه''، حسب ما نقلته الزميلة ليبيرتي، لأن الدول التي حددت الفترة الرئاسية بعهدتين فقط مثل سائر الدول الغربية، دول متخلفة، تماما مثل التي حددتها في ثلاث عهدات فقط·
في سياق منفصل على الصعيد الإعلامي متصل على صعيد ثقافة الحكم عندنا قالت يومية ''الشروق'' أن وزارة التربية الوطنية اتخذت إجراءات عقابية جديدة في أربعة أعضاء لجنة المصادقة التي رخصت بنشر النشيد الوطني مبتورا بداية بفصلهم من مناصبهم في المعهد الوطني للبحث في التربية، كإجراء عقابي ضدهم لأنهم سمحوا بنشر النشيد الوطني مبتورا في كتاب التربية المدنية الخاص بالسنة الخامسة، يأتي هذا بعد أن تأكد بن بوزيد الذي يظهر أنه لا يقرأ المقررات المدرسية التي تصدرها وزارته، حتى من باب حب الاطلاع، أن معاقبة المفتشين اللذين أعدا هذا الكتاب لا يمكنها أن تدرأ الفضيحة والخطأ، فلجأ إلى معاقبة آخرين· ويمكن أن تتسع قائمة المعاقبين إلى كامل المسؤولين وغير المسؤولين دون أن يذهب الوزير الذي لا يزول بزوال الحكومات·
هكذا هي مصلحة المواطن وحريته، على المسؤول ألا يتغير، وأن يظل بقاؤه على رأس المسؤولية مفتوحا على الإطلاق، ولعل السيد بلخادم لن يرضى حتى يصل يوم نغير فيه الدستور الرئيس هو الذي ينتخب الشعب وأن يطرد كل التلاميذ والأساتذة وتغلق المدارس حين يصدر كتاب مدرسي من أجل أن يبقى الوزير والأخطاء في الكتب المدرسية·
رفيق الرأي
أسلوب محاكمات الجماعات الإسلامية في إسبانيا
رفيق زناز
مقاضاة الجماعات الإسلامية في المحاكم الإسبانية منذ أحداث الـ 11 مارس بمدريد قد أثارت جدلا واسعا حول التخصص النيابي في قضايا الإرهاب وكيفية مراجعة الأدلة المادية والمسموعة أمام محاكمة الجماعات الجهادية أو ما يشاع تسميتها هنا بمحاكمات الإسلاميين، وذلك اعتمادا على تحقيقات رجال الأمن وشهادات مواطنين وضحايا، إضافة إلى الدور الأساسي والحساس الذي يلعبه المترجم المحلف أو غير المحلف الذي يستنجد به مجلس القضاء في تحرير الأدلة من مراسلات مكتوبة ووثائق محررة باللغة العربية على وجه الخصوص أو متابعة المكالمات الهاتفية للأعضاء أو الأفراد المشتبه في تورطهم الإرهابي أو التطرفي· فخطأ في الترجمة من العربية إلى الإسبانية قد يورط شخصا لأعوام من السجن بتهمة الإرهاب أو الانضمام إلى جماعة متطرفة، وهذا ما حدث في شأن المتهم الرئيسي في تفجيرات مدريد المدعو ''المصري'' الذي تم ترجمة كلامه خطأ من العربية إلى الإسبانية عن طريق أحد المترجمين العرب المقيمين بإيطاليا ''مكان اعتقاله''، غير أن القضاء عاد ليبرئه في الأخير قبل أن يلقي على عاتقه تهمة تنظيم تفجيرات الـ 11 مارس؟؟
محاكمة المتورطين في تفجيرات مدريد قد كشفت فراغات قانونية وقراءات غير صحيحة في نظر رجال القانون من متتبعين ومحامين حول الأدلة التي طرحت في المحكمة في قضية كان فيها ضحايا وخسائر مادية، غير أن متاهاتها وتشابك خيوطها قد أخل بأسلوب المحاكمة وكيفية الوصول إلى الحقيقة والمتورطين الفعليين في هذه القضية، وحتى في تفاصيل المحاكمة· فقد تمحور استجواب رئيس المحكمة حول لماذا تصلي، كم مرة تذهب إلى المسجد، حدّثنا عن لحيتك وعلامات السجود··· إلخ ·
الأمر المطروح أمام العدالة الإسبانية اليوم يتمثل في إيجاد الصيغة القانونية والأسلوب الصحيح لإجراء هذه المحاكمات في ضوء احترام حقوق الإنسان دون التعدي على الحريات الشخصية، وهذا هو حلم أي محكمة أو عدالة في دول الديمقراطية واحترام الحريات الفردية والمعتقد· كما قال أحدهم لا نغذي الإرهاب بالعنف، ولا نحاكم كل من يرتدي قميصا أو يحمل لحية أو يتردد على المسجد أو قد اتصل بصديق قد ثبت تورطه في قضية إرهابية، وذلك تجنبا للوقوع في فخ وأخطاء الشبهات التي ارتكبت في محاكمنا العربية على وجه الخصوص عند تطرقها لمثل هذه القضايا، فبحجة مكافحة الإرهاب يمكن أن يستعان بكل الأساليب القمعية وحتى تحريف أدلة من أجل توريط أشخاص قد تكون أو لا تكون لهم علاقة بالأمر أو الجريمة·
العدالة الإسبانية اليوم وبعد ختمها لمحاكمة المتورطين في تفجيرات مدريد قد عكفت وركزت نشاط محكمتها العليا على مقاضاة 30 عضوا من أفراد يشتبه تورطهم في التخطيط لتفجير المحكمة العليا عام .2004 هذه القضية التي أغلب المحاكمين فيها هم من جنسية جزائرية، قد تشابكت خيوط الأدلة فيها نظرا لعدم توفر الأدلة المادية المدينة لهم، فهم لم ينفذوا مخططهم الإرهابي ولم يحدثوا خسائر مادية، فالأدلة الموضوعة أمام العدالة لا تتعدى اتصالات مكتوبة حررت في حوالي 600 رسالة بين أعضاء ما أطلق عليه بالتنظيم الجهادي خلال فترات تواجدهم بالسجون الإسبانية وأعضاء آخرين كانوا قد خرجوا من السجن·
الحقيقة، أن العدالة الإسبانية أمام أدلة عسيرة البرهنة، خاصة وأن بعض المشتبه في تورطهم قد نفوا إطلاقا انتمائهم لأي تنظيم إرهابي على غرار البعض الذين سبق وأن كان متورطا في قضايا إرهابية منذ خروجه من الجزائر أو المغرب على وجه الخصوص، غير أنه يبدو أن المحكمة العليا قد استفادت من تجربة أربعة أشهر شهدتها محاكمة المتورطين في أحداث الـ 11 مارس، وقد يحاول رئيس المحكمة، ألفونسو جيفارا، أن يركز أكثـر على فحوى ومضمون الأدلة الموضوعة أمامه، خاصة بعد أن صرح محمد أشرف المغربي الأصل، والمتهم بإمارته لتنظيم هذا الفوج الإرهابي من أجل تفجير المحكمة العليا· محمد أشرف نفى إطلاقا إشرافه على أي تنظيم، كما تراجع المدعو إسماعيل لطرش (جزائري الأصل) و''أحد مخبري رجال الأمن'' عن تصريحاته، حيث نفى تورطه مع أفراد الجماعة المحاكمة، وللحديث بقية·

-

ليست هناك تعليقات: