السفارة الفرنسية في الجزائر تهدد مدير ''الجزائر نيوز''
الخير·ش
هددت السفارة الفرنسية في الجزائر مدير نشر ''الجزائر نيوز'' احميدة عياشي بأنها تحتفظ ''بحق الرد بطرق أخرى''، في حال لم يعتذر صراحة لبعض العاملين في السفارة الفرنسية الذين وردت أسماؤهم في الرواية ''السياسية الخيالية'' ''ملائكة وشياطين'' التي تنشر على حلقات في يوميتي ''الجزائر نيوز'' و''ألجيري نيوز'' الصادرتين بالعربية والفرنسية على التوالي، فبعد نشر ما يقارب الثلاثين حلقة من تلك الرواية بدون أي احتجاج من أي شخصية جزائرية ورد اسمها صراحة في أحداث الرواية، تلقى مدير نشر ''الجزائر نيوز'' رسالة احتجاج وتهديد وطلب اعتذار من السفارة الفرنسية بالجزائر موقعة باسم كريستوف بوشارد القائم بأعمال السفارة يقول فيها: ''أجد نفسي جد مندهش وجد مصدوم من نسختي جريدة الجزائر نيوز الصادرتين يومي 28 و 29 أوت والتي تضمنت النصين رقمي 25 و26 المعنونين ''ملائكة وشياطين'' اللذان يشيران إلى أعوان عاملين حاليا بالسفارة الفرنسية تم انتهاك بعض شرفهم وكرامتهم دونما التماس موافقتهم''، وطالب المعني في تلك الرسالة الشديدة اللهجة كاتب الرواية بالاعتذار و''عدم معاودة مثل هذه التحرشات'' كما وصفها، وإلا يقول: ''فإنني سأحتفظ بحق الرد بطرق أخرى'' وهي العبارة الغامضة التي تحمل أكثر من تهديد·
وفي رده أكد احميدة عياشي أنه جد متفاجئ لتلك الرسالة التي جاءته من ممثل دولة اشتهرت بـ''مسرح الأخبار'' على قناة كانال بلوس، وأكد في معرض رده أنه تناول شخصيات سياسة مثل رئيس الحكومة السابق والأمين العام لجبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم والكثير من الشخصيات الأخرى دون أي رد فعل سلبي من أحد، وأن المراد من تلك الحلقات هو المتعة والسخرية السياسية وهي ليست غريبة عن الثقافة الفرنسية، فلماذا جاء ذلك التهديد يا ترى؟
وفي تعليقهم على تهديد ممثل السفارة الفرنسية في الجزائر، أكد بعض الشخصيات الإعلامية والسياسية من الذين وردت أسماؤهم في تلك القصة ''السياسية الخيالية'' أنهم مندهشون فعلا من رد فعل السفارة الفرنسية وأبدوا تضامنهم مع كاتب الرواية مدير نشر ''الجزائر نيوز''·
نص الرسالة التي بعثها القائم بأعمال السفارة الفرنسية بالجزائر إلى مدير نشر ''الجزائر نيوز''
سيدي
لقد صدمت بعمق واندهشت لما نشر في نسختي جريدة ''الجزائر نيوز'' الصادرتين يومي 28 و29 أوت، والتي تضمنت النصين رقمي 25 و26 المعنونين بـ ''ملائكة وشياطين'' اللذان يصوران أعوان عاملين حاليا بالسفارة الفرنسية في وضعيات خيالية تمسّ بشرفهم وكرامتهم دونما التماس موافقتهم·
وبتعيينكم لهؤلاء الأعوان بأسمائهم، فإنكم أيضا قد تعرّضون أمنهم للخطر·
أعلمكم بأنني أستهجن نشر تلك النصوص التي تبدو لي منافية تماما لأخلاقيات مهنة الصحافة التي أحترمها كثيرا· ومما زاد في اندهاشي أن السفارة كانت تتمتع إلى حد الآن بعلاقات طيبة مع شخصكم ومع جريدتكم أيضا التي، حسبنا، كانت تبدو أنها تتمتع بكثير من الثقة والمصداقية· إنني بانتظار أن تقدموا اعتذاراتكم للمعنيين، وبالطبع عدم تجديد هذا المساس، وإن حصل العكس، فإنني سأحتفظ بحق الرد بطرق أخرى·
تقبل سيدي احتراماتي كريستوف بوشارد
رد مدير نشر ''الجزائر نيوز'' على رسالة القائم بأعمال السفارة الفرنسية بالجزائر
سيدي:
اسمحوا لي أن أخبركم بأنني جد متفاجئ بمحتوى ونبرة رسالتكم أيضا··· لم أكن أتنبأ بهذا التأويل الشاذ لـ''ملائكة وشياطين''، هذه السلسلة الصيفية الخيالية التي تمزج بين كوميديا السلوكيات وسخرية الحياة اليومية·
كما تعرفون، توظيف الأسماء الحقيقية في هذا النوع من الكتابة يُعد ممارسة متعارفا عليها، وليس استحداثا إنما هو حق متأصل في هذا الشكل الكتابي الذي يجمع بين السخرية والنقد· أؤكد لكم بأني لم أفهم سبب حدة نبرتكم الواردة في نص الرسالة·
أجد أنه من المفاجئ التأكيد بأنني، من خلال ذكر الأسماء في هذه الكوميديا الساخرة، أضع حياة موظفي السفارة في خطر، ثم الإشارة إلى أنني أمس بشرفهم· يبدو لي أن هذا التأكيد يطغى عليه الخيال أكثر من المشاهد أين وردت أسماء الدبلوماسيين ولا تهدف بتاتا المساس بشخصهم·
لم أكن أتوقع أن يقوم ممثل دولة، أين تبث حصة ''مسرح الأخبار'' على قناة كانال بلوس، التي تُظهر شخصيات وطنية، دونما إثارة حرج، بلومي على توظيف أسماء حقيقية في نص مستوحى من الخيال·
أعيد تذكيركم بأن توظيف الأسماء لا يُعد استحداثا وليس هرطقة· لست أدري لماذا ما هو مسموح ومتاح، في الفضاء الثقافي والإعلامي بفرنسا، ليس متاحا بالجزائر·
أليس من حقنا التطرق إلى السخرية والمزاح في الجزائر؟
وظفت، عبر حلقات هذه القصة، أسماء مسؤولين سياسيين جزائريين، خاصة اسم الأمين العام لجبهة التحرير الوطنية، أسماء صحفيين - من بينهم أنا شخصيا - شخصيات، موظفين وصانعي القرار، دونما نثير ردة فعل أو نتعرض إلى إساءة·
كان بودنا تلقّي ردة فعل ساخرة، تتفق مع التقليد الفرنسي المتميز بالانفتاح الفكري، بدل الخوض في خطاب الشك غير المؤسس· نحن نتأسف على هذا الرد لا سيما أنها تربط الجريدة وتربطني شخصيا مع موظفي السفارة علاقات جيدة تميّزها الثقة والاحترام المتبادل·
عياشي احميدة
ردود الأفعال على تهديد السفارة الفرنسية
أحزاب سياسية
الناطق باسم حركة مجتمع السلم محمد جمعة:
نحن نتضامن كلية مع ''الجزائر نيوز'' ومن حق الجريدة أن تبدي رأيها وتعلق وتكتب بكل حرية عن ما تراه، تماما مثلما تكتب وتعلق الصحافة الفرنسية على الشخصيات السياسية والعمومية في بلادها، وعلى السياسيين في العالم· وفي الحقيقة طلب الاعتذار الذي تتمسك به السفارة من احميدة عياشي مدير نشر ''الجزائر نيوز'' وكاتب رواية ''ملائكة وشياطين''، ليس موقفا مفاجئا من لدن هذه الأخيرة، بل من قيمها الإساءة إلى الآخرين، وقد تجلى ذلك في شكل التعاطي مع ملف الذاكرة التاريخية، ونقول أن التهديد الذي مارسته السفارة على الجريدة، إنما هو تجاوز في حق الحرية الإعلامية في الجزائر، التي نعتبرها من أهم المكاسب الديمقراطية والتعددية، وهذه التصرفات التي نستهجنها نحن متعودون على مثلها من قبل فرنسا، فالرواية الخيالية هي طفرة نوعية في الكتابة الإعلامية وجريئة ونحترمها كثيرا·
رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي:
أنا شخصيا كنت ضحية لكتابات ''الجزائرنيوز'' فيما يخص الحركة التصحيحية المزعومة، لكن لم أكن أبدا من الذين يطلبون الاعتذار، وهذا احتراما لسيادة الصحيفة التي من حقها التعبير عن رأيها كما ترى الواقع وتعلق عليه، لكن ليس هذا ما احترمته السفارة الفرنسية، التي كان عليها أن لا تعتمد لغة التهديد، بل إذا كانت على قناعة مما تقول، فأمامها القضاء فهذا تجاوز على الإعلام الجزائري ككل، وأظن أن ''الجزائر نيوز'' جريدة معتدلة جدا وذات مصداقية، وهذا لا يعني أنها لا تعرف بعض الهفوات من حين لآخر مثلها مثل الجرائد·
المكلف بالإعلام في جبهة التحرير الوطني، سعيد بوحجة:
كان بإمكان السفارة أن تلجأ إلى القضاء لو أرادت أن يكون موقفها أكثر وضوحا، لكن لا نفهم لماذا فضلت الضبابية في موقفها مادامت تعتبر ما جاء في رواية احميدة عياشي مساسا بالسفارة وكذا بالموظفين العاملين بها، فأظن أن المساس بحرية التعبير في أي دولة من قبل جهات أجنبية هو خط أحمر لدى كل الأنظمة، خاصة وأن الحرية الإعلامية في الجزائر من المكاسب التي أحرزتها الديمقراطية·
الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، ميلود شرفي:
إننا في الجمهورية الجزائرية التي تتميز بترسانتها في المنظومة القانونية، ومنها قانون الإعلام الذي نعتز به كمكسب من التعددية والديمقراطية، ونحن مع حرية التعبير والصحافة، والإعلام الجزائري له ضوابطه، والتجمع الوطني يفتخر بالقفزة النوعية التي أحدثها الإعلام الجزائري، و''الجزائر نيوز'' جزء منها، وهي متمسكة بقوانين بلادها وتدعم الحريات، ولذلك فنحن نقدرها جدا·
جمعها: عبد اللطيف بلقايم
رجال الإعلام
عمر بلهوشات (مدير جريدة الوطن):
طز في السفارة الفرنسية! احميدة عياشي فنان، مثقف، روائي ويحمل كثيرا من بذور النبوغ في الكتابة الأدبية··· أعتقد أنه ليس من حق السفارة الفرنسية بالجزائر طلب تقديم اعتذارات من حميدة عياشي، أظن أن السفارة تجاوزت بعض حدودها، وأنا أتساءل هل تتجرأ إحدى المؤسسات الحكومية على إرسال رسالة مماثلة، تتضمن طلب اعتذارات إلى إحدى الجرائد الفرنسية؟ لم يسبق أن صادفنا مثل هذه الحالة سابقا·· أنا فعلا جدا متفاجئ برد فعل السفارة الفرنسية، التي عاودت، سابقا، عبر مختلف تقاريرها، بكثير من الاحترام والتقدير للصحافة الفرنسية· أعتقد أنه من غير المقبول أن تتجرأ السفارة الفرنسية على توقيع رسالة مماثلة إلى صحفي جزائري·· هذه سابقة·· لن نرضى بها لأنها تمس بحرية الصحافة الوطنية·· طز في السفارة الفرنسية·
عمر أومالو (رئيس اتحاد الصحافة الفرانكفونية ـ فرع الجزائر):
هذا تدخل في مجال حرية التعبير في اعتقادي أن رسالة طلب الاعتذار التي وجهتها السفارة الفرنسية إلى جريدة الجزائر نيوز، تُعد شكلا من أشكال التدخل الأجنبي في حقل حريات التعبير في الجزائر·· كان يتوجب على السفير الفرنسي العامل بالجزائر، طلب توضيحات، أو تقديم بيان تكذيب لما ورد في عمود الصحفي احميدة عياشي، لكن ليس من حقه التجرؤ على طلب تقديم اعتذار رسمي، لأنه، في هذا السياق، يُعد تدخلا في مجال حريات التعبير، و مسعى لا تقبله أخلاقيات مهنة الصحافة· يجب آن يدرك المكلفون في السفارة الفرنسية، بأننا نعيش ضمن دولة ديمقراطية و مثقفة، لا تعترف بالتدخل الأجنبي في المسائل الداخلية·
علي رحايلية (صحفي):
السفير الفرنسي الجديد لا يفقه خصوصية المشهد الصحفي والسياسي الجزائري، تفاجئنا جدا برد فعل السفارة الفرنسية·· كنا نتوقع ردود فعل صحفيين، سياسيين، أو ربما من طرف السفارة الأميركية، إلا أننا لم نتوقع بتاتا رد فعل من طرف السفارة الفرنسية· بحسب بعض المصادر الخاصة، تلقينا كثيرا من ردود الفعل من طرف الأشخاص الذين تطرقت إليهم قصة ''ملائكة و شياطين''، إلا أنهم فضلوا التزام الصمت، بدل الخوض في المساس بحرية التعبير الصحفية·· أنا حقيقة، لما بلغني نبأ رد فعل السفارة الفرنسية، ورد الى ذهني انطباع آني مفاده· أن السفير الفرنسي الجديد لا يفقه بعد الذهنية وغير مطلع ربما عن خصوصية المشهد الصحفي والسياسي الجزائري·
سعد بوعقبة (صحفي):
لست ادري ما أقول·· لا أجد ما أدلي به تعليقا على هذا الموضوع···!
جمعها: سعيد· خ
مثقفون
أمين الزاوي :
ما يكتبه احميدة عياشي كما هو واضح معنون بـ''قصة سياسية خيالية''، وبالتالي فإن الشخصيات أو الشخوص الواردة فيه وإن اقتبست بعض الأسماء الحقيقية، فهي لا تحيل بالضرورة إلى وقائع واقعية· وفي اعتقادي أن للروائي الحق في اقتباس بعض الظلال من بعض الشخوص التي يعايشها، دون أن يؤدي ذلك الى المساس بالكرامة الشخصية أو ينتهك حريتها بأي شكل كان· وأتصور أن ''ملائكة وشياطين''، هي كتابة جنونية علينا أن نقرأها من ذات المنظار الذي كتبت وفقه· بعيدا عن ''التسيس'' وسوء الفهم، الذي يبدو أن سفارة فرنسا قد وقعت فيه، ففرنسا التي تكفل الحريات الديمقراطية، لا سيما حرية التعبير والإبداع، لا يمكن أن تضيق بهذه الكتابة·· وبالتالي في تصوري الشخصي، أن حديثاً مباشرا بين الكاتب وبين هذه الجهة الفرنسية يمكن ان يزيل ''سوء الفهم'' القائم·
الحبيب السائح:
في اعتقادي أن موقف السفارة الفرنسية تجاه رواية الزميل احميد عياشي ''ملائكة وشياطين''، لا يعدو أن يكون سوى استمرار لخط انتهجته فرنسا تجاه الجزائر منذ عام 1930 إلى وقتنا هذا·· وهذا الخط تمثله دوائر لا تزال تعتقد أن الجزائر لا تزال دائرة من دوائر باريس، وهو أمر مؤسف جدا، لأن التضحيات الكبيرة التي دفعها الشعب الجزائري من أجل تأكيد استقلاله وكرامته الإنسانية، لم يدفعها حتى الشعب الفرنسي من أجل تحرير بلاده؛ وبالتالي أعتقد أن بيان ''السفارة الفرنسية'' يعبر عن موقف متعجل ومتسرع، ولا يخضع لما تفرضه اللياقة والضيافة الدبلوماسية·· لاسيما وأنه يهدد ويتوعد صحفيا جزائريا مستقلا في بلده، فضلا عن أن هذا الموقف ''يحد من حرية التعبير'' ويتناقض مع الثوابت الأساسية التي قامت عليها الحضارة الفرنسية''، وأنا واثق أن هناك العدد الأكبر من الفرنسيين من ذوي النيات الطيبة والحسنة، والمدافعين عن حق التعبير والإبداع، يرفضون مثل هذا الموقف الغريب·
محمد بوعزارة (برلماني):
تابعت شخصيا معظم أجزاء رواية ملائكة و شياطين، ولدي كمثقف وكسياسي أيضا، كثير من التحفظات مما ورد فيها من إسقاطات على الواقع، وكذا الجرأة في التطرق إلى أسماء كثير من الشخصيات الفاعلة في الشهد السياسي·· مع دلك، احترام لمبدأ حق حرية التعبير و استقلالية الصحافة الجزائرية، لم يحتج أي من الإطراف التي ورد ذكرها·· أعتقد أن إقدام السفارة الفرنسية على طلب تقديم اعتذارات، يعد نوعا من الإهانة وأحد أشكال التجاوزات التعسفية· كان يفترض على السفارة الفرنسية اللجوء إلى القضاء أو الرد الكتابي، كشكل من أشكال التعبير الحضاري، بدل الإسراع في إصدار رسالة تتضمن نوعا من التهديد·
عمر أزراج :
من حق أي كاتب أن يعبر عن موقفه أو مشاعره إزاء أية قضية، بكل حرية ودون أي قيد، وأعتقد أن ما كتبه عياشي يعد شكل من أشكال العمل الأدبي التخيلي، ولم يكن عملا تقريريا واقعيا·· ومن هنا لا يحق لأي جهة كانت أن تهدد الكاتب، سواء بالمتابعات القضائية أو الوسائل الأخرى، التي تحاول محاكمة الإبداع، وإن أخذ هذا العمل لبوس وأسماء واقعية، يكفي أنه عمل إبداعي·· ولذلك لا يمكن قبول مطالب السفارة الفرنسية المتعلقة بالحصول على ''اعتذار'' من الزميل احميدة، وهي سابقة خطيرة من سفارة جاءت كي تقوي العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية، ولتساعد في الجهود القائمة من أجل بناء ونشر الديمقراطية وحرية التعبير، اللتين تحققتا بفضل تضحيات الأدباء والمثقفين والصحفيين الجزائريين·
جمعها : محمود أبو بكر
رواية تقرأها شخصياتها
''ملائكة وشياطين''·· خيال كأنه الواقع
الخير شوار
حرارة هذا الصيف وعلى غير العادة صنعتها رواية غير عادية داوم ''أبطالها'' على قراءتها أكثر من غيرهم من الجمهور العام، وفيها زال الحاجز بين المفرنسين والمعربين، بل اضطرت الكثير من الشخصيات المتداولة على أحداث الرواية على قراءتها بالعربية أولا لأن الحلقة تنشر في ''الجزائر نيوز'' قبل ''ألجيري نيوز''، وعنوان الرواية (ملائكة وشياطين) يحيل إلى رواية بنفس العنوان للكاتب الأمريكي الشهير دان براون، تلك الرواية التي أثارت ضجة كبيرة فور صدورها سنة ,2000 وفيها تتواصل مغامرة بطل روايته الأولى دفينتشي كود داخل أحد أقبية الفاتيكان، بحثا عن تنظيم سري والصراع من أجل اختيار بابا جديد للفاتيكان، ويغتال الكرادلة المرشحين لمنصب البابوية بطريقة غريبة· ولئن تقاطعت أجواء الروايتين، فإن الشيء الذي تميزت به رواية ''ملائكة وشياطين'' في صيغتها الجزائرية، زيادة على أجواء النوادي السرية حيث يلتقي مختلف الفاعلين من الذين يبدو ظاهريا أنهم لا يلتقون، فأسماء الشخصيات مألوفة عند القارئ العام، وهي شخصيات عمومية في كل الأحوال من رجال أمن سابقين ومدراء جرائد واسعة الانتشار ووزراء وسياسيين فاعلين في المشهد الجزائري من مختلف التوجهات، فما أشبه ظلمات دهاليز الفاتيكان، بكواليس النوادي الليلية حيث تلتقي مختلف شخصيات رواية ''ملائكة وشياطين'' بصيغتها الجزائرية، فالأجواء تكاد تكون واحدة و''رهبان التخلاط السياسي'' يشبهون إلى حد التطابق شخصيات الفاتيكان بعقلياتهم التآمرية، بل أن شخصيات رواية الصيف هذه انتزعت منها تلك القدسية التي اكتسبتها مع الرأي العام وهي تتصدر الصفحات الأولى من الجرائد وأوقات الذروة في التلفزيون، وظهروا عرايا إلا من حقائقهم·· يحقدون ويحلمون ويتوهمون، ويحاولون الحفاظ على مناصبهم وبعضهم يطمح إلى منصب ''البابوية الكبرى''، ويستعجل الوصول إلى الكرسي المقدس على حساب كل شيء، بل ويذهب مثل أي ''ولية'' لا حول لها ولا قوة إلى المشعوذات لتقرأ له ما كتب في كتاب مستقبله، وطلبا ''للبركة''، بل وأن تلك الشوّافة، تذكّره بشبابه الأول عندما كان يأتي إليها وكان يشتغل في وظيفة حقيرة قبل أن يرتقي في سلم المناصب ويصبح من ''كرادلة'' السياسة الجزائرية في هذا العهد الجديد، ويطمح إلى ما هو أهم من ذلك المنصب· لقد بدأت تلك القصة ''الخيالية السياسية'' دون سابق إنذار في الشطر الثاني من هذا الصيف، ولا أحد يدري متى ستنتهي، واتخذت من الواقع السياسي والإعلامي منطلقا لها، لكن كاتبها استعان بخيال جامح، يروي الأشياء الحقيقية كأنها خيالية، ويرسم ملامح البعض من الإعلاميين كأنك تراها أمامك، وهي مكمن قوة الرواية التي مع تعدد شخصياتها فقد استطاعت المسك بخيوط اللعبة السردية إلى النهاية، والأخطر من هذا ومع انفتاحها على إقامة شخصيات واقعية جديدة في كل حلقة، يتلهف الكثير من العاملين في ''المطبخ السياسي'' على تلقف كل حلقة جديدة لعل بعضهم ممن كان في سابق الحلقات يدخل فجأة ويتعرى من الوقار الرسمي الذي اكتسبه وظهر أمام الرأي العام درويشا من دروايش معبد ''التخلاط السياسي'' بأقذر طرقه· ولئن اتخذت الرواية من الملائكة والشياطين عنوانا لها، فقد علّق بعض القراء قائلا، إنه وبعد هذا الكم الهائل من الحلقات لم ير في الأحداث المتلاحقة إلا الشياطين، ولا وجود للملائكة، مع أن شطرا معتبرا من الحلقات ينشر في شهر رمضان حيث تصفد الشياطين، ويطلق العنان للملائكة، لكن هذا التساؤل قد يجابه بسؤال مفاده: وهل هناك ملائكة في الملعب السياسي؟
http://www.djazairnews.info/afak.htm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق