الثلاثاء، أغسطس 18

كايات من جيجل


الشيخ احمد الحبيباتني
الشيخ احمد مرزوق الحبيباتني هو شيخ صوفي و فقيه مالكي، وُلد في منطقة بني حبيبي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ثم انتقل إلى مدينة قسنطينة حيث التحق بالمدرسة الكتانية و تتلمذ على يد مشايخ الطريقة التيجانية التى أصبح بعد ذلك أحد أقطابها، فكانت له مكانة مرموقة و احترام كبير بين سكان مدينة قسنطينة و الشرق الجزائري كله، لكن للإشارة فقط يُقال أنه كان في خلاف مع الشيخ عبد الحميد بن باديس في كثير من المسائل، حتى قيل أن بعض أتباعه و تلامذته أرادوا إبعاد ابن باديس عندما تقدم للصلاة عليه يوم جنازته.
قصة البرنوس
يحكى أنه في أحد الأيام دخل الشيخ الحبيباتني المسجد للصلاة، فنزع البرنوس الذي كان يرتديه و ألقاه على الحصير و ذهب للوضوء. في أثناء ذلك تسلل لص إلى المسجد و سرق البرنوس و فر به، و عندما عاد الشيخ إلى المكان الذي ألقى فيه برنوسه لم يجده، فما كان منه إلا أن قال “لا حول و لا قوة إلى بالله”. لما كان يوم الغد و عندما كان أحدهم يتجول في سوق “رحبة الجمال”، أحد أزقة قسنطينة، و جد بالمصادفة سارق البرنوس يبيع في مسروقه، فأعجبه ذلك البرنوس و اشتراه و هو يقول “لا يليق هذا إلا بسيدي احمد لحبيباتني”، و بالفعل ذهب باحثا عن شيخنا ليعطيه هديته، فقيل له أنه في المسجد، فدخل المسجد لكن الشيخ كان حينها في بيت الوضوء، فطرح البرنوس على الحصير الذي اعتاد شيخنا الجلوس عليه و جلس هو مقابل المكان يترقب عودة الشيخ، و ما هي إلا هنيهة حتى أقبل شيخنا متمايلا نحو برنوسه و التقطه بيده و هو يقول “سبحان الذي لا تضيع ودائعه”. و هكذا يكون برنوس الشيخ قد عاد بقدرة قادر إلى المكان و في نفس الزمان الذي اختفى فيه بالأمس.
قصة الشيخ الغاضب
يُحكى كذلك أن يوما جاء الشيخ الحبيباتني من قسنطينة التي ذاع سيطه فيها و أصبح من كبار شيوخها إلى مسقط رأسه زائرا، فنزل في “العنصر” ثم أكمل مسيرته راجلا حتى بلغ حدود قبييلته بني حبيبي التي تبدأ أراضيها بسهلها الزراعي الفسيح، و كان رجالٌ و نسوة ٌ من عشيرته يخدمون الأرض. و بينما هو سائر بين الحقول إذ لمحته امرأة من بعيد، فرفعت رأسها و قالت بأعلى صوتها و بلهجتها الدارجة “على السلامة يا احميود”، و كان من عادة أهل المنطقة قلب و تشويه الأسماء (أعتقد أن ذلك عن جهل و ليس عن قصد) إلى درجة أن إسم عبد الله يُقـْـلـَبُ إلى عبدِاللوش (غفر الله للجميع). فما كان من شيخنا إلا أن وقف برهة ساكنا ثم استدار و عاد من حيث جاء دون أن يلفظ ببنت شفة. و يقال أنه لم يرجع إلى مسقط رأسه منذ ذلك الحين حتى توفي.
بني فتح
كانت القبائل تجتهد في البحث عن عيوب القبائل الأخرى و تتفنن في وسم و وصف بعضها البعض بالأوصاف المخجلة و المضحكة، فإذا صدر مثلا عن فرد من قبيلة ما سلوكا أحمقا فإن أفراد القبيلة كلهم سَـيَحْمِلون تلك السمة و ستلتصق بهم فترة طويلة من الزمن. يُروى عن قبيلة بني فتح أن أحد أفرادها يوما صعد شجرة و في يده فأس قاصدا قطع أغصانها، لكنه و لحماقته و بلاهته جلس على الغصن من جهة الأوراق بدل أن يجلس عليه من جهة الجدع، و كان لا يدري إن بدأ في قطع الغصن فسيسقطا معا، لهذا يُقال “البهلي دي بني فتح” أي أحمق بني فتح.
قصة المخطوف
يُحكى أنه في أحد الأيام في قبيلة بني فتح، أحضر أحد المعمرين دراجة و اخذ يتجول بها في ضواحي الغابة، فمر على رجل ٍ من السكان المحليين و هو جالس إلى جانب بقراته يرعاهن، فاندهش هذا الأخير من المشهد الذي لم يره من قبل، و انطلق مسرعا تاركا بقراته و متوجها نحو مجموعة من المزارعين في حقل قريب و يصرخ بأعلى صوته طالبا النجدة “ا َجْريوْ حَاحْدِيدْ آوْ هْـرَبْ بْـحَرَّاجل” و معنى ذلك “أسرعوا، قطعة حديد هربت برَجُل”.
بني حبيبي
كان أفراد القبائل في ذلك الوقت يُرسِّمون الحدود بين أراضيهم بواسطة الأحجار. يُغرَسُ حَجرٌ هنا و آخر هناك، و الخط المستقيم الذي ينشأ عن الحجرين هو الحد الفاصل بين قطعتي الأرض، و يـُستعمل عادة في الترسيم نوع معين من الأحجار كي يكون مميزا عن باقي الأنواع الأخرى، كالنوع المسمى محليا “لحجر دي العيساني” أي حجر العيساني، (لا أدري للأسف أي نوع هو، و لكن سمعتهم يقولون هذا). من جهة أخرى يستوجب أن يكون حاضرا أثناء الترسيم عادة شيوخ القبيلة و أعيانها و حتى صغارها كشهود لفض أي خلافات مستقبلية محتملة. في هذا الإطار كانت القبائل تستهزئ بقبيلة بني حبيبي و تصفها بأن أفرادها يُرسِّمون حدودهم بالسلاحف، و يقولون عنهم باللهجة العامية “بني حبيبي يْرَسّـْمُو بَـلـْـفـَـتشْـرون” أي يُرسِّمون حدود أراضيهم بالسلحفاة، و ذلك لأن هذا الحيوان يشبه الأحجار لكن يستطيع التنقل و تغيير الحدود. هذا يدل على صراعات كبيرة على الأراضي كانت تنشأ بين سكان بني حبيبي أو كما تقول القبائل الأخرى.
بني يدر
أما قبيلة بني يدر فيُقال عنها أن أفرادها كانوا لا يتقبلون النصح و يتمادون في الأخطاء، إذ يُـقال عنهم باللهجة المحلية “أنا ننهي فـَـلـْـيَدري و الفوحة تطلع لـَـسَدْري”، و معنى ذلك “أنا أنصح في اليدري و هو يتمادى في أخطائه”.
بني مسلم
قبيلة بني مسلم هي الأخرى لها حظها من اتهامات و سخرية القبائل الأخرى، بل إن وسمتها تعتبر صفة مذمومة، إذ يوصف أفراد قبيلة بني مسلم بأنهم حسادا، أو بالأحرى أو كما يقال بالعامية “مَعيانين” أي “يضربون بالعين”، إلى درجة أنه إذا كان شخص ما في نزاع و خصام مع جاره مثلا، فيذهب و يستأجر شخصا أو أشخاصا من بني مسلم ممن يتصفون بهذه الصفة، و يحضرهم إلى حيث بقرات جاره و يوجهون أعينهم نحو البقرات المسكينات آملا إصابتهم بالأذى أو القضاء عليهم نهائيا انتقاما من جاره.
سذاجة القبائل
صفة أخرى كان يتميز بها سكان القبائل و لا يزال بعضهم على ذلك إلى الآن، ألا و هي اعتقادهم الشديد بالخرافات، و منها إمانهم برِؤية الجن و خروجهم إلى عالم الإنس، و الإلتقاء بهم و حديثهم إليهم، بل و تأثيرهم عليهم كضربهم و رفعهم و الذهاب بهم إلى أماكن بعيدة إلى غير ذلك، و في هذا قصص كثيرة لا تنتهي.
قصة صاحب اليد الطويلة
في أحد الأيام في قبيلة بني حبيبي، كان أحد الشيوخ المعلمين قد عقد عزمه على سرقة بعض الألواح الخشبية الملقات على جانب الطريق، و التي كانت تستعملها الشركة الاستعمارية في أشغالها أثناء شقها لطريق جبلية. لكن و لخوفه على مكانته في القبيلة كشيخ محترم و مدرس للقرآن الكريم قرر القيام بعمليته في ظلمة الليل. و بالفعل، لما كان الليل و تحت ضوء القمر الخافت، توجه صاحبنا إلى مقصده و شاشه (عمامته) ملفوف على وجهه، و عندما وصل إلى حيث يبتغى همَّ برفع قطعة خشبية على كتفه و توكل على متوكله متوجها نحو منزله بحذر خشية أن يراه أو يعلم به أحد. لكن يبدو أن قدر شيخنا المسكين يخفي له ما لا يعجبه، إذ و هو راجع إلى بيته حاملا قطعته الخشبية الطويلة على كتفه لمح شخصا يعرفه قادما نحوه في نفس الطريق، و من شدة خوفه من أن يعرفه ذلك الشخص وقف جامدا بما يحمل في سكون تام. أخذ المقبل بالإقتراب شيئا فشيئا حتى لم يبق بينهما إلا خطوات، و فجأة توقف ذلك الشخص في صمت يتمعن في شيخنا كأنه يريد التعرف عليه، لكن و في لحظة ما صرخ ذلك الشخص صرخة و انطلق هاربا لا يلتفت و لا يستدير. تمتم شيخنا بشفتيه مستغربا مما حدث و أكمل خطواته نحو بيته و في قلبه خوف من أن يكون ذلك الشخص قد تعرف عليه. لما كان صباح يوم الغد توجه الشيخ كعادته إلى حيث يلتقى كل رجال الدشرة، و هي مقهى تقليدية في كوخ خشبي جدرانه سيقان “اليفش” و سقفه “الديس”، أرضيته الحصائر و أوانيه الفناجين و الجزاوي المصففة على الكانون المشتعل. وقف الشيخ الخائف عند باب المقهى و كانت المفاجأة. لقد وجد صاحب الأمس جالسا على حصير و جَمْعٌ من الرجال و الولدان يحيطون به و هو مستغرق في سرد قصته “لقد ظهر لي ليلة أمس في المكان الفلاني جني غريب الشكل، له يد طويلة جدا…إلخ”. تبسم شيخنا ابتسامة عميقة، و شكر ربه على حسن حظه و عدم تعرف ذلك الشخص عليه، ثم جلس يستمع كغيره للقصة التي كان هو فيها الجني ذو اليد الطويلة.
Mots-clefs : , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , ,





Hani Ben dit : 20/06/2009 à 01:33 | Répondre
I didn’t know you could be this creative Malek!.. Thank you for this outstanding piece of work, I really loved it. we should consider ourselves to be very lucky to have someone from our beautiful region who’s got the will to open up JIJEL to the world. Keep it up!
azzedine dit : 14/07/2009 à 10:31 | Répondre
bonjour;je suis un des merazka et je porte une question prq la famille merazka n’existe pas parmi les famille de beni hbibi.et d’aprés mes parents et tous les anciens issue de beni hbibi ahmed lahbibetni est merazka et non pas merzouke
Malek dit : 14/07/2009 à 14:41 | Répondre
Merci pour le commentaire.Je ne connais pas trop la généalogie des familles de Beni habibi, mais je suis vraiment étonné de ce que vous avez dit ! Il est connu que la famille Merazka est l’une des grandes familles de Beni habibi, d’ailleurs « Tisbilène » portait le nom “Le douar des Merazka”. Ils sont également appelé les Beldjoudi (Pas les Beldjoudi d’Ezzaouia).Sid Ahmed Merzouk Lehbibatni est tout simplement l’arrière-grand-père des Merazka.
Boudjemaa dit : 14/07/2009 à 15:24 | Répondre
Le nom de famille MERAZKA est un dérivé du nom MERZOUK

ليست هناك تعليقات: