الأربعاء، فبراير 21

''ما عشته في الحزب الواحد نسخة عن الماكارثية في أمريكا''

''السلطة في الجزائر تعلمت على الـ ''كي جي بي'' تفرقة كل تجمع لا ينتمي إليها''
المصدر: سعيد حمودي 2007-02-21




سجل الروائي الطاهر وطار، كعادته، وهو يرد على أسئلة الحضور الكبير الذي توافد على المكتبة الوطنية، متعة بما جهر به للناس في صراحة وجرأة رغم تأكيده بأن ما كتبه في المذكرات ليس مرده للشجاعة أو الجرأة كما يظن الكثيرون ''ما دفعني لكتابة المذكرات هو رغبتي في نفض الغبار عن التاريخ الموازي المجهول لمسيرتي، وأعتقد أن أحداث هذا التاريخ عظيمة واستثنائية ومهولة· وهي وحدها ما جعل كتاباتي جريئة·والأكيد أنني لم أحط بها جميعا لهولها وفداحتها''·وشدد الطاهر وطار في هذا السياق على أنه كان فعلا حزبا وحيد الخلية في تلك المرحلة وربما لا يزال· وقال موضحا ''رغم أنني كنت داخل النظام إلا أنني كنت أعتبر طرفا ثالثا لأنني لم أكن تابعا وكنت أجهر بآرائي، بل وأترجمها إلى سلوك· وعلى مدار الـ 24 سنة داخل الحزب لم أكن أخفي وجهة نظري،· ولذلك لم يعد مرغوبا فيّ داخل النظام''· وأطلق صاحب ''الولي الطاهر'' النار، وهو يعود إلى الواقع، على راهن الحياة الثقافية والسياسية اليوم· معترفا أنه ''لكل سلطة مثقفوها ولا يمكن للحياة أن تكون غير ذلك· وذلك منذ القديم· ولكن وضعية الـ''بين بين'' في هذا المقام ليست مطروحة أبدا''· واستدرك وطار في هذا الصدد قائلا ''غاية ما يجب فعله على المثقف في هذه الحال أن يلعب دوره''· ويسجل ذات المتحدث بمرارة أن الماء اختلط بالخشبة اليوم وسقطت الألقاب والأقنعة و''لم يبق شيء عندما تسمع بأن وزيرا تورط في فضيحة مالية كبيرة ليحصل على بطاقة لتدليك الظهر''، يقول وطار· وعزا ضيف المكتبة الوطنية في السياق نفسه المناوشات التي تحصل من حين لآخر بين المثقفين التي تصل أحيانا إلى الملاسنات إلى الخلفية السياسية، خاصة من أبناء جيله ومن بعدهم· وأوضح قائلا ''نحن جيل حكم عليه بالسياسة· ولذلك لم تخل كتابته من هذا الهاجس''· كما أرجع وطار ما يعيشه اتحاد الكتاب الجزائريين مثلا اليوم من صراع وصل إلى المحاكم إلى الصراع السياسي''· وكشف وطار أن المشهد الثقافي لم يخل أبدا في الجزائر من تأثير السياسي عليه· مذكرا بأن السلطة في الجزائر تعلمت على جهاز المخابرات السوفييتي ''كي جي بي'' تفرقة كل تجمع لا ينتمي إليه، سيما إذا كان ثقافيا· وهو ما حصل عندنا أكثر من مرة''· وانتقد وطار انصراف كتابات كثير من كتاب الجيل الجديد عن السياسة وقال ''الدعوة إلى اللاسياسة في الأدب غير سليمة''· وأوضخ ذلك بقوله ''السياسة في الجزائر هي الحدث الأكبر والمخيم على الحياة''· وتساءل وطار ''إذا كانت نشرة الأخبار عندنا تخصص وقتا كبيرا للتدشينات، فكيف لا تمارس ''البوليتيك''؟ وإذا كانت البلاد تعيش مشاكل لا حصر لها، فكيف يدير الكاتب ظهره لهذه المشاكل التي تصب في عمق السياسة؟'' ولم يخف رئيس الجاحظية أنه كتب في مذكراته مسلسل الإساءات التي لحقته من قيادة الحزب الواحد بتهمة الشيوعية· وهي التي ظلت تلاحقه لتتحول إلى إدانة حتى بلغ به الحال أنه ''بجرة قلم أحول من مراقب عام إلى محافظ جهوي ثم منشط اتحاد الفلاحين ثم العودة إلى الجهاز المركزي مع التهميش حتى أحلت على التقاعد وأنا في الـ 47 من عمري· وهو ما دفعني لشدة وقع الصدمة واليأس إلى التفكير في الانتحار''·

ليست هناك تعليقات: