الخميس، فبراير 15

ما‮ ‬لا‮ ‬يقال‮




ما‮ ‬لا‮ ‬يقال‮ ‬: ما بعد الخليفة؟

تاريخ المقال 28/01/2007عبد العالي رزاقي يتساءل الكثير عن "الحدود" الموضوعة لما يسمى ـ "محاكمة القرن"، وهل تنتهي المحاكمة بملفات "بنك الخليفة" أم أنها تتواصل بفتح ملفات شركات الخليفة البقية؟ وهل تبقى في حدود القطر الجزائري أم أن إطارات الدولة ستستمع إليها عدالة دول أخرى؟. صحيح أن فضيحة "الجنرال خالد نزار" في عدالة فرنسا كانت درسا لأصحاب القرار، ولهذا لا يستطيعون المغامرة خارج الجزائر بغير المطالبة بـ "رأس عبد المؤمن". ولكن ما هي حدود "الممكن" و"المستحيل في الفضائح المالية المحالة على العدالة الجزائرية"؟. الملفات‮ ‬المخفية؟‮!‬ يقول‮ ‬العارفون‮ ‬بـ‮ "‬خفايا‮ ‬الخليفة" ‬إن‮ ‬العدالة‮ ‬وضعت‮ ‬استراتيجية‮ ‬تستند‮ ‬إلى‮ ‬ثلاثة‮ ‬محاور‮ ‬وهي‮: ‬ أولا: "التأسيس للبنك"، وقد تبين من استجواب رئيسة المحكمة للمتهمين والشهود بأن عبد المؤمن خليفة لم يقم بالتأسيس القانوني للبنك، وهو ما جعل الثير يتساءل، هل يعود ذلك لـ "ذكائه" أو "غبائه" أو أن هناك أطرافا كانت تسعى لتوريط عبد المؤمن وطاقمه في "التزوير"، ويحاول‮ ‬البعض‮ ‬تبرير‮ ‬ذلك‮ ‬بالمستوى‮ ‬المتدنى‮ "‬لمحيطه‮ ‬البنكي‮". ‬ ثانيا‮: ‬الاعتماد،‮ ‬وسيبقى‮ ‬سرا‮ ‬في‮ ‬ملف‮ ‬عبد‮ ‬الوهاب‮ ‬كرمان‮ ‬أو‮ ‬وزارة‮ ‬المالية‮. ‬وتبقى‮ ‬مسؤولية‮ ‬وزارة‮ ‬المالية‮ ‬كبيرة‮ ‬كهيئات‮ ‬رقابة‮.‬ ثالثا: كيفية الحصول على الأموال وكيف تم صرفها. وإذا استثنينا القرض الذي سلّمه بنك التنمية المحلية لعبد المؤمن لاستيراد عتاد أدوية، فإن السؤال يبقى من أعطى الأوامر بصب أموال الدولة والشعب في بنوك الخليفة. المؤكد أن وزارتي السكن ممثلة في الدواوين العقارية الوصية عنها، ووزارة العمل والضمان الاجتماعي الممثلة في الصناديق التابعة لها، وبقية الشركات العمومية والقطاع الخاص هي التي شكلت "ميزانية البنك"، لكن السؤال يكمن في "الثغرة المالية"، وفي اختفاء المال، والعدالة ستتابع كل من أعطى الأوامر لصب المال في خزينة الخليفة لقاء امتيازات، لكنها يصعب أن تصل إلى "الرؤوس الحقيقية"، ما لم تفتح ملفات شركات الخليفة السبعة، وتستمع إلى الوزراء والشخصيات المعنية بالملف. أربع‮ ‬حكومات‮ ‬وفضيحة‮ ‬مالية‮!‬ بدأ ملف الخليفة في عهد أحمد أويحيى، حيث تأسّس البنك وأخذ الاعتماد، وجاء بعده اسماعيل حمداني، وبالرغم من أن مهمته هي انتخابية، إلا أنه يصعب إلغاء فترته، وخلفه أحمد بن بيتور، ولا أعرف كيف لم ينتبه إلى ذلك، وهو الذي سلمت له قائمة بأسماء الوزراء، دون أخذ رأيه فيهم،‮ ‬وقبل‮ ‬بذلك؟‮.‬ أما علي بن فليس فإنه هو الآخر يتحمل المسؤولية، خاصة إذا أدركنا أن بوتفليقة صرّح في مطار باتنة عام 2002 بما معناه بأن "طائرة الخليفة... طائرة بندية"، وعودة أحمد أويحيى إلى رئاسة الحكومة دون فتح الملف والانشغال بتجديد عهدة الرئيس دون حماية المال العام يؤكد حقيقة‮ ‬واحدة‮ ‬أن‮ ‬الفضائح‮ ‬المالية‮ ‬لا‮ ‬يتحمل‮ ‬أصحابها‮ ‬المسؤولية‮ ‬وحدهم،‮ ‬وعلى‭ ‬الجهات‮ ‬الوصية‮ ‬الوزراء‮ ‬ورؤساء‮ ‬الحكومات‮ ‬ومديري‮ ‬المؤسسات‮ ‬تحمل‮ ‬مسؤولياتهم‮ ‬كاملة‮. ‬ والمؤكد أيضا أن هذا الأسبوع سيعرف مفاجآت كبيرة لأن العدالة ستستمع إلى أصحاب الأوزان الثقيلة من السياسيين والنجوم. ويبدو لي أن الكفاءة العالية التي تتمتع بها رئيسية المحكمة من خلال الاستراتيجية التي اتبعتها في المراحل الثلاث من محاكمة المتورطين في »البنك« ستمكّنها‮ ‬من‮ ‬التعامل‮ ‬بقوة‮ ‬مع‮ ‬بقية‮ ‬الملفات‮ ‬المتعلقة‮ ‬بشركات‮ ‬الخليفة‮.‬ ويقول المقربون من "الائتلاف الحكومي" إن قادة الأحزاب الثلاثة، جبهة التحرير، الأرندي وحمس، يكونون قد اطلعوا على ملف الخليفة قبل إحالته على العدالة، وأن تصريحات أبو جرة سلطاني التي أثارت غضب الرئيس بوتفليقة هي ناجمة عن "خيانة ثقة" بين أحزاب الائتلاف. ولا تستبعد أطراف مطلعة بأن عبد المؤمن الذي يعيش حاليا »حالة إدمان متواصلة« قد يفاجئنا بتصريحات ومعلومات قد تعقد القضية. ما نستطيع تأكيده أن الجزائر سارعت إلى فتح ملفات الفساد والفضائح المالية في الجزائر حتى لا يتم فتحها في الخارج، ويتوقع المراقبون أن يكون ملف‮ "‬بي‮. ‬أر‮. ‬سي‮" ‬أكثر‮ ‬الملفات‮ ‬غرابة،‮ ‬لأنه‮ ‬يحمل‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬المفاجآت‮ ‬خاصة‮ ‬وأن‮ ‬الشركة‮ ‬مختلطة،‮ ‬و‮"‬رائحة‮ ‬الفساد" ‬تطال‮ ‬مسؤولين‮ ‬كبارا‮.‬ التلاعب‮ ‬بالأرقام؟ أكثر من 16 ألف متهم في قضية العقار الفلاحي على مستوى العاصمة فقط، وأكثر من 3000 ملف جمركي لتصريحات مزورة في القيمة والكمية والنوعية، وأكثر من 1323 مليار سنتيم ما تزال في انتظار فضيحة البنك التجاري الصناعي، إلى جانب عشرات ملفات البنوك الجزائرية ومؤسسات الدولة وقطاعات المال العام، وفضيحة »القرن الثانية بي. أر. سي« أو شركة »براون روث أندر كوندور« ما تزال لغزا، لأن حلها يقتضي موافقة الطرفين، ومتابعتها قضائيا تقتضي »مراعاة« موقعها الدولي، فهي تمس بـ »مستقبل ديك شينى« نائب الرئيس الأمريكي. ومع ذلك، فرئيس الحكومتين السابقتين، في عهدي اليامين زروال وبوتفليقة، والذي بدأت في عهده »امبراطورية الخليفة« يقول »إن قضية الخليفة عادته وتحدث في كل بلدان العالم«، ويحاول تحميل مسؤوليتها مولود حمروش الذي قاد إصلاحات اقتصادية قبل أن يولد أو يحيى على أيدي رضا مالك، ويلتحق برئاسة الجمهورية‮ ‬ويفشل‮ ‬أول‮ ‬خطوة‮ ‬نحو‮ ‬المصالحة‮ ‬الوطنية‮ ‬عام‮ ‬1995‮.‬ وأذكر أن وزيرا في حكومة سابقة، تعلّم لغة الأرقام من أحمد أويحيى، التقى مدير شركة اتصالات عربية، وحين حدثه عن وجود 35 ألف خط سريع لمتعاملي الأنترنت، لم يجد طريقة للتباهي عليه سوى القول بأن في الجزائر 45 ألف خط، وهو يدرك أن الشركة الجزائرية المتعاملة بهذه الطريقة تتعامل مع وزارته ولا يوجد عندها أكثر من 3500 خط! والحق يقال إن الحديث بالأرقام في الجزائر، باستثناء في مجال تسديد الديون، هو مجرد تضليل إعلامي، فهل يعقل أن تتقلّص البطالة في الجزائر من 30٪ عام 1999 إلى 15٪ عام 2005، وإلى 9٪ عام 2009، والجامعات الجزائرية‮ ‬تدفع‮ ‬سنويا‮ ‬بـ‮ ‬200‮ ‬ألف‮ ‬حامل‮ ‬شهادة‮ ‬جامعية‮ ‬إلى‭ ‬الشارع؟‮.‬ يخيّل لي أن من يتحدثون بالأرقام عن "الواقع الجزائري" هو كمن "يبيع الماء في حارة السقائين"، وأذكر هنا تصريحا لأحد "الحراڤة" الناجي من الموت في الإذاعة الوطنية حول سؤال: هل تكرر المغامرة؟، قال بالحرف الواحد "سأكررها، فالأفضل أن يأكلني الحوت على أن يأكلني الدود"،‮ ‬فإذا‮ ‬كانت‮ ‬الأرقام‮ ‬الرسمية‮ ‬تشير‮ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‮ ‬نسبة‮ ‬من‮ ‬هم‮ ‬أدنى‭ ‬من‮ ‬خط‮ ‬الفقر‮ ‬في‮ ‬الجزائر‮ ‬خلال‮ ‬فترة‮ (‬1999‮ ‬‭-‬‮ ‬2005‮)‬،‮ ‬فهل‮ ‬يعقل‮ ‬أن‮ ‬تنخفض‮ ‬نسبة‮ ‬البطالة؟‮!‬ الاعتقاد السائد عندي أن هناك أطرافا في السلطة وخارجها »تتلاعب بالأرقام«، بهدف »ذر الرماد في العيون«، وإخفاء الحقائق، وأولها هي الفساد الذي صار عملة يتداولها كل من يلتحق بالمسؤوليات على جميع المستويات. والسيارات‮ ‬التي‮ ‬منحها‮ »‬بنك‮ ‬الخليفة‮« ‬لمن‮ ‬أمروا‮ ‬بإيداع‮ ‬الأموال‮ ‬عنده،‮ ‬ستبقى‮ ‬شاهدا‮ ‬على‭ ‬تورط‮ ‬الكثير،‮ ‬إلى‭ ‬جانب‮ ‬المشاركين‮ ‬في‮ ‬حفلات‮ ‬الخليفة‮ ‬داخل‮ ‬وخارج‮ ‬الجزائر‮.‬ لقد قضى مسلسل الخليفة على »الجزائر عاصمة الثقافية العربية«، وترك سؤالا محيّرا: ماذا لو نفتح الملفات المتعلقة بالحفلات الاستعراضية التي أقيمت في القاعة البيضوية وملعب 5 جويلية؟ وماذا لو نفتح ملفات المعارض والمناسبات؟ المؤكد أن »الثغرة المالية« الموجودة في ملف‮ ‬بنك‮ ‬الخليفة‮ ‬ستصير‮ »‬قطرة‮ ‬في‮ ‬بحر‮« !‬؟‮ ‬ وللحديث‮ ‬بقية‮.‬ ‮ ‬

ما لا يقال.. شحاذو تذاكر!تاريخ المقال 04/02/2007عبد‮ ‬العالي‮ ‬رزاقي ‮ هل يكرر التاريخ نفسه؟ وما الفرق بين حكام الوطن العربي من عهد الخلفاء الراشدين إلى اليوم؟ ولماذا يتجدد الصراع بين الأمويين والعباسيين، في كل عصر، وأي مستقبل لوطن عربي يتمسك بسنّة أزلية وهي كلما دخلت أمةٌ لعنت أختَها حتى يداركوا فيها جميعا دينا وآخرة، وما علاقة‮ ‬صورة‮ ‬الماضي‮ ‬الدموي‮ ‬بالحاضر‮ ‬الأكثر‮ ‬دموية‮ ‬وانهزاما؟ البويهيون‮ ‬قادمون‮!‬؟ حافظ الأمويون خلال تسعين سنة (660 - 749) على أصولهم العربية، فقد تداول على الخلاقة 14 حاكما من أب وأم عربيتين، وتراوح حكم الخلفاء ما بين 20 سنة (معاوية بن سفيان) وأربعين يوما (معاوية الثانية) وأربعة خلفاء فقط قتلوا، في حين أن خامسهم مات حزنا على جارية أحبّها‮ ‬وهو‮ ‬يزيد‮ ‬بن‮ ‬عبد‮ ‬المالك‮.‬ ومع ذلك انتزع العباسيون منهم الخلافة ودام حكمهم 196سنة (750 ـ 946)، تداول على الخلافة 22 خليفة قتل منهم 12 خليفة بطرق مختلفة. والمفارقة، كما يقول سليمان فياض في كتابه "الوجه الآخر للخلافة الإسلامية"، "ومثلما كان خلفاء بني أمية يلعنون عليًّا والعلويين من فوق‮ ‬المنابر،‮ ‬راح‮ ‬العباسيون‮ ‬يلعنون‮ ‬معاوية‮ ‬والأمويين‮ ‬على‭ ‬المنابر"‬،‮ ‬والمفارقة‮ ‬الأكثر‮ ‬غرابة‮ ‬هي‮ ‬أن‮ ‬روح‮ ‬الانتقام‮ ‬العباسي‮ ‬دامت‮ ‬تسعين‮ ‬سنة‮ ‬وهي‮ ‬الفترة‮ ‬نفسها‮ ‬التي‮ ‬دام‮ ‬فيها‮ ‬حكم‮ ‬الأمويين‮.‬ والأمويون‮ ‬والعباسيون،‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬الراهن،‮ ‬يمثلان‮ ‬المعارضة‮ ‬والسلطة‮ ‬أو‮ ‬التداول‮ "غير‮ ‬السلمي" ‬على‮ ‬السلطة‮ ‬في‮ ‬الوطن‮ ‬العربي‮. ‬ وإذا كان البعض يعتقد أن الخلفاء الراشدين كانوا يؤسسون لمفهوم الشورى، وأن الأصل العربي حافظ عليه الأمويون، فإن هناك من يعتقد أن العباسيين أكثر تمسكا بـ"الخلافة داخل البيت الهاشمي" وأكثر انفتاحا على بقية الأعراق والثقافات.‮ ‬والخلافة‮ ‬منذ‮ ‬ميلادها‮ ‬لغاية‮ ‬سقوطها‮ ‬على‮ ‬ أيدي‮ ‬العثمانيين‮ ‬كان‮ ‬أبو‮ ‬جعفر‮ ‬المنصور‮ ‬الأكثر‮ ‬فهما‮ ‬لها‮ ‬حين‮ ‬قال‮:‬ "‬إنما‮ ‬أنا‮ ‬سلطان‮ ‬الله‮ ‬في‮ ‬أرضه".‬ والنظام العربي بشتى أشكاله وألوانه، كان له شبيه في تاريخ الخلافة وهو "العهد البويهي" خلال الخلافة العباسية، حيث صار الخلفاء في أيدي "ملوك بني بويه" يجلسونهم على العرش متى شاءوا ويعزلونهم متى شاءوا، ويلبسونهم "بردة الرسول"، ويخاطبونهم بـ(لقب أمير المؤمنين) ويضعون‮ ‬أمامهم‮ ‬مصحف‮ ‬عثمان‮.‬ ويبدو‮ ‬لي‮ ‬أن‮ ‬الإمبراطورية‮ ‬الأمريكية‮ ‬تمثل‮ ‬حاليا‮ ‬صورة‮ »‬العهد‮ ‬البويهي‮«‬،‮ ‬فهي‮ ‬التي‮ ‬تعيّن‮ ‬الرؤساء‮ ‬والملوك‮ ‬والسلاطين‮ ‬والأمراء‮ ‬والزعماء‮.‬ الوجه‮ ‬الآخر‮ ‬لـ"‬النظام‮ ‬السياسي‮ ‬العربي"‬ هل‮ ‬يستطيع‮ ‬وال‮ ‬أو‮ ‬وزير‮ ‬فشل‮ ‬في‮ ‬تأسيس‮ »‬بيت‮ ‬عائلي‮« ‬أن‮ ‬يسيّر‮ ‬شؤون‮ ‬غيره؟‮ ‬وكيف‮ ‬يستطيع‮ ‬من‮ ‬لم‮ ‬يتحمل‮ ‬مسؤولية‮ ‬أسرة‮ ‬أو‮ ‬عائلة‮ ‬أن‮ ‬يتحمل‮ ‬مسؤولية‮ ‬مجتمع‮. ‬ حين واجهت "الصين الشعبية" الكثافة السكانية سنّت قانون تحديد النسل، يلزم الزوجين بوضع مولود واحد سواء كان ذكرا أو أنثى، فاختفت ظاهرة الأخ والأخت والعمومة والخؤولة، وحين أرادت أمريكا إشراك المجتمع في اتخاذ القرار فتحت المجال أمام "ربّ أو ربة الأسرة" الصالحة لتولى المسؤوليات، ولكننا في الجزائر تجاهلنا شروط قيام الأسرة، وبناء العائلة، وتأسيس المجتمع. فالرئيس الأسبق أحمد بن بلة تزوج في السجن والرئيس الراحل هواري بومدين تزوج بعد أن فرض عليه "الأمر الواقع" ذلك. وعباسي مدني كاد أن يشرد عائلته، لأن السجن فرض عليه زوجة‮ ‬جديدة‮.‬ ولأن المسؤول الجزائري تعوّد العيش في الفنادق، أو السجون أو الثكنات أو المنافي، فإنه بمجرد أن تسلم زمام السلطة اختار "إقامات الدولة"، والبعض حوّلها باسمه حين قام بتأسيس أسرة، وحتى الذين كان لهم الحظ في بناء أسرة ودخلوا معترك السياسة فضلوا الإبقاء على زوجاتهم‮ ‬في‮ ‬البيوت،‮ ‬بحيث‮ ‬تساوى‮ ‬اللائكي‮ ‬مع‮ ‬الوطني‮ ‬والإسلامي‮. ‬ وعندما‮ ‬حاول‮ ‬نورالدين‮ ‬بوكروح‮ ‬بناء‭ ‬صورة‮ ‬لـ"‬السياسي‮ ‬الجزائري" ‬باصطحاب‮ ‬زوجته‮ ‬في‮ ‬حملته‮ ‬الرئاسية‮ ‬1995‮ ‬فإن‮ ‬رد‮ ‬الفعل‮ ‬الشعبي‮ ‬كان‮ ‬سلبيا‮.‬ وإذا‮ ‬استثنينا‮ ‬الشاذلي‮ ‬بن‮ ‬جديد،‮ ‬فإن‮ ‬بقية‮ ‬رؤساء‮ ‬الجزائر‮ ‬كانوا‮ ‬يفضلون‮ ‬عدم‮ ‬ظهور‮ ‬زوجاتهم‮ ‬في‮ ‬المواعيد‮ ‬الرسمية‮ ‬والأماكن‮ ‬العمومية‮.‬ والمفارقة‮ ‬أن‮ ‬زوجات‮ ‬الرؤساء‮ ‬والوزراء‮ ‬تفضّلن‮ ‬الظهور‮ ‬بعد‮ ‬رحيل‮ ‬أزواجهن‮.‬ المطلوب‮: ‬إقامات‮ ‬دولة‮ ‬لا‮ ‬دولة‮ ‬إقامات‮!‬؟ لو أن السلطات الجزائرية قامت ببناء إقامات دولة بمرافقها، لما تم الاستيلاء على الأملاك العمومية. فلو كان للرئيس إقامة رسمية يسمح للمواطنين بزيارة مرافقها، مثلما هو الحال بالنسبة للإقامات في الدول الديمقراطية الغربية. ولو‮ ‬كان‮ ‬لوزراء‮ ‬السيادة‮ ‬مثل‮ ‬العدل‮ ‬والخارجية‮ ‬إقامات‮ ‬أو‮ ‬لرئيس‮ ‬الحكومة،‮ ‬لأصبح‮ ‬التداول‮ ‬على‭ ‬السلطة‮ ‬والإقامة‮ ‬واضحين‮.‬ لكن ما حدث هو اختفاء الأملاك العمومية التابعة لكثير من الوزارات، ولو أن كل وزير يسلم في محضر رسمي ممتلكات وزارته لمن يخلفه، لما بيعت مكتبات وزارة الثقافة ومقرات ديوان السينما فوغرافية وتحولت قاعات السينما إلى "قاعات أعراس". وحين تسمع بعض الندوات التي يقيمها بعض الوزراء تتأكد أنهم يصلحون لكل شيء إلا لأن يكونوا وزراء "الدولة اليتيمة" التي حولها جاهل عبر شركات مزيفة إلى حظيرة له، بحيث صارت وزارة الثقافة تستجدي به ليدفع أتعاب الفنانين، وفي مقدمتهم النجم العربي عادل إمام، ويتحول كتابها‮ ‬إلى‮ "قطيع‮" ‬تسافر‮ ‬به‮ ‬إلى‮ ‬الأقطار‮ ‬العربية‮ ‬إحدى‭ ‬تاجرات‮ ‬العقار‮.‬ لو اقتدى الرؤساء عندنا بما فعله الرئيس علي كافي حين طلب تقريرا مفصلا لكل أملاك الرئاسة، ولو احترمت الحكومات الجزائرية ما تعهدت به وهو التصريح بممتلكات أعضائها، لما صار وزراؤها "شحاذي تذاكر" في مكتب عبد المؤمن خليفة. يبدو لي أن إصلاح الدولة يبدأ بشراء طائرات رئاسية، وسيارات حتى لا يتكرر ما حدث في القمة الإفريقية الـ35 التي لجأت فيها الرئاسة إلى "الاستنجاد" بسيارات الخواص، وحتى لا تحجز بعض الطائرات بضعة أسابيع من أجل تهيئتها لسفر الرئيس. وحين‮ ‬ترى‭ ‬سيارة‮ ‬رئيس‮ ‬دولة‮ ‬غير‮ ‬بترولية‮ ‬أفضل‮ ‬من‮ ‬سيارة‮ ‬رئيس‮ ‬دولة‮ ‬مثل‮ ‬الجزائر‮ ‬تتساءل‮: "‬هل‮ ‬هو‮ ‬التقشف‮ ‬أو‮ ‬عدم‮ ‬التقدير‮ ‬للمنصب‮".‬ وحين‮ ‬ترى‮ ‬الوفد‮ ‬المرافق‮ ‬للرئيس‮ ‬وهو‮ ‬يركب‮ ‬طائرة‮ ‬شبيهة‮ ‬بطائرات‮ ‬الشحن،‮ ‬تتساءل‮: ‬هل‮ ‬هؤلاء‮ ‬جنود‮ ‬أم‮ ‬إطارات؟‮.‬ أعتقد‮ ‬أنه‮ ‬آن‮ ‬الوقت‮ ‬للاهتمام‮ ‬بتجهيزات‮ ‬الرئاسة‮ ‬من‮ ‬طائرات‮ ‬وسيارات‮ ‬وأنه‮ ‬من‮ ‬حق‮ ‬بوتفليقة،‮ ‬كمواطن،‮ ‬أن‮ ‬يسكن‮ ‬الشقة‮ ‬التي‮ ‬هي‮ ‬ملك‮ ‬له،‮ ‬ولكنه‮ ‬كرئيس‮ ‬جمهورية‮ ‬مجبر‮ ‬على‭ ‬الإقامة‮ ‬في‮ ‬المكان‮ ‬الذي‮ ‬يليق‮ ‬بالمنصب‮.‬ وبناء‭ ‬إقامات‮ ‬لرئيس‮ ‬الحكومة‮ ‬ووزراء‮ ‬السيادة‮ ‬يوفر‮ ‬للدولة‮ ‬الاستقرار،‮ ‬ويعيد‮ ‬الاعتبار‮ ‬للمنصب،‮ ‬ويطوي‮ "‬صورة‮ ‬الماضي‮ ‬البئيس‮" ‬لنظام‮ ‬الحكم‮ ‬في‭ ‬الجزائر‮.‬

ما لا يقال: هل كان بوتفليقة منفيا في مالي؟تاريخ المقال 11/02/2007عندما‮ ‬يجرؤ‮ ‬شاب‮ ‬مثل‮ ‬رفيق‮ ‬عبد‮ ‬المؤمن‮ ‬خليفة‮ ‬على‭ ‬الكذب‮ ‬على‭ ‬المباشر،‮ ‬بطريقة‮ ‬المعوقين‮ ‬لغويا،‮ ‬ويتطاول‮ ‬على‭ ‬تزوير‮ ‬تاريخ‮ ‬الجزائر،‮ ‬ولا‮ ‬يحرك‮ ‬أحد‮ ‬ساكنا،‮ ‬فهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن‮ ‬التزوير‮ ‬صار‮ "‬عملة‮ ‬وطنية". من‮ ‬وراء‮ "‬هذا‮ ‬المحتال"‬؟ من يقرأ تصريحات رفيق عبد المؤمن في أسبوعية "المحقق" أو يومية "لوفيغارو" الفرنسية، يخيّل له أنه "رجل أعمال ذكي"، ومن استمع أو شاهد لقاءه مع قناة "الجزيرة"، يشعر بالغثيان، لـ"عاهته الاتصالية" و"لغته السوقية" و"سلوك المدمنين". المؤكد أن من يقف وراءه يمثل جهازا داخل السلطة الجزائرية، يريد "تشويه" صورة الرئيس بوتفليقة، بعد أن فشل في »فرض البديل«. فهذا عبد المؤمن يقول حرفيا: »بوتفليقة كان مع جماعة شبان من الجيش في الثورة، والدي كان في المخابرات، بوتفليقة وبلعيد عبد السلام حاولا الفرار‮ ‬عام‮ ‬1958،‮ ‬وتم‮ ‬توقيفهما‮ ‬من‮ ‬طرف‮ ‬المخابرات‮ ‬المغربية‮. ‬وصدر‮ ‬ضدهما‮ ‬حكم‮ ‬بالإعدام،‮ ‬لكن‮ ‬بومدين‮ ‬اتصل‮ ‬بالمخابرات‮ ‬وتم‮ ‬نفي‮ ‬بوتفليقة‮ ‬إلى‭ ‬مالي‮ ‬وظل‮ ‬هناك‮ ‬4‮ ‬سنوات‮«.‬ وهذا الكلام متناقض، فقصة بلعيد عبد السلام مع المرحوم لعروسي خليفة (أنظر مقالي في الشروق 21 / 1 / 2007 - مسلسل الرئيس والخليفة) ملخّصها أن عبد السلام بلعيد رفض الالتحاق بمدرسة إطارات الثورة التي كان يديرها والد رفيق عبد المؤمن. وفضل تسليم نفسه للجنود المغاربة‮ ‬عوض‮ ‬جماعة‮ ‬بوصوف‮ ‬ولم‮ ‬تصدر‮ ‬الثورة‮ ‬حكما‮ ‬بالإعدام‮ ‬في‮ ‬حقه‮. ‬ووجهة‮ ‬نظره‮ ‬هي‮ ‬أنه‮ ‬لا‮ ‬يثق‮ ‬في‮ ‬لعروسي،‮ ‬لأنه‮ ‬كان‮ ‬رئيس‮ ‬دائرة‮ ‬لدى‮ ‬السلطات‮ ‬الفرنسية‮ ‬ولم‮ ‬تتم‮ ‬محاكمته‮ ‬أو‮ ‬نفيه،‮ ‬كما‮ ‬يزعم‮ ‬رفيق‮ ‬عبد‮ ‬المؤمن‮.‬ أما قصة ما يسمى بنفي بوتفليقة ومساعدية وغيرهما إلى مالي فهي مرتبطة بالحكومة المؤقتة التي ألقت القبض على »مجموعة لعموري« بتهمة التخطيط للانقلاب عليها، وجاءت بالعقيد هواري بومدين ليرأس المحاكمة، ووضعت العقيد أحمد بن شريف وكيل جمهورية (مغرقا). وقد تم إعدام المتورطين‮ ‬مباشرة‮ ‬في‮ ‬الانقلاب،‮ ‬بينما‮ ‬تم‮ ‬نفي‮ ‬بعض‮ ‬المتهمين‮ ‬ومنهم‮ ‬محمد‮ ‬الشريف،‮ ‬مساعدية‮ ‬وعبد‮ ‬العزيز‮ ‬بوتفليقة،‮ ‬كما‮ ‬يقول‮ ‬البعض. ‬ وهناك رواية أخرى تفيد بأن بوتفليقة عيّن سنة 1960 على رأس مجموعة في »الحدود الجنوبية لقيادة جبهة مالي التي تم إنشاؤها في إطار الإجراءات الهادفة إلى إفشال مخطط القوى الاستعمارية لتقسيم البلاد«. وقد وردت هذه الرواية في كتاب (التحدي) لخالد شايب. وإذا سلّمنا بهذه الرواية، فهذا يعني أن الولاية السادسة التي حاول جماعة عبان »تكريس وجودها« في مؤتمر الصومام، ووقعت وزارة المجاهدين في الخطإ حين أدرجتها ضمن الولايات المشاركة في مؤتمر الصومام 1956، هي مجرد »أكذوبة«. والرواية الكاملة لعملية الانقلاب يعود الفضل فيها إلى »المناضل الليبي سالم شلبك الذي كان يحسن البربرية، وكان لعموري في ضيافته... وأن لعموري عندما كلم جماعته بالهاتف في الكاف بتونس باللهجة الشاوية فهم ما قاله لهم«. ويضيف الرئيس علي كافي في مذكراته ص(218): »وعندما‮ ‬لاحظ‮ ‬وجود‮ ‬شيء‮ ‬يحضر‮ ‬قد‮ ‬يمس‮ ‬بالثورة‮ ‬تحرّك‮ ‬وأبلغ‮ ‬القيادات‮ ‬بما‮ ‬سمع،‮ ‬مما‮ ‬جعل‮ ‬القيادة‮ ‬في‮ ‬تونس‮ ‬تتبع‮ ‬اتصالات‮ ‬لعموري،‮ ‬وتلقي‮ ‬القبض‮ ‬عليهم‮«.‬ وباعتبار أن العقيد أحمد بن شريف ما يزال حيّا، وسبق لي وأن انتزعت منه اعترافا منشورا في منبر أكتوبر، وأن عقيلة الرئيس هواري بومدين رفعت دعوى لدى القضاء الفرنسي ضد مضمون الحوار، فأعتقد أن قصة جماعة لعموري لا تحتاج إلى الخلط مع قصة بلعيد مع لعروسي، والنفي كان‮ ‬عام‮ ‬1959،‮ ‬وقضاء‮ ‬أربع‮ ‬سنوات‮ ‬في‮ ‬المالي‮ ‬يعني‮ ‬أنه‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬في‮ ‬الجزائر‮ ‬بعد‮ ‬استرجاعها‮ ‬للاستقلال‮ ‬ولم‮ ‬يكن‮ ‬وزيرا‮ ‬للشباب‮ ‬وهذه‮ ‬أكذوبة‮ ‬على‭ ‬المباشر‮.‬ يبدو‮ ‬لي‮ ‬أن‮ »‬الإبن‮ ‬الضال‮« ‬يجهل‮ ‬تاريخ‮ ‬والده،‮ ‬ولهذا‮ ‬وصفه‮ ‬بـ‮»‬الشيوعي‮«‬،‮ ‬اللهم‮ ‬إذا‮ ‬اعتبر‮ ‬زواج‮ ‬لعروسي‮ ‬من‮ ‬فرنسية‮ ‬قبل‮ ‬أمه‮ ‬البجاوية‮ ‬يضعه‮ ‬في‮ ‬خانة‮ ‬الشيوعيين؟‮!‬ وما‮ ‬استغربته‮ ‬أكثر‮ ‬أن‮ ‬بعض‮ »‬لجان‮ ‬المساندة‮« ‬لبوتفليقة‮ ‬تبرأت‮ ‬من‮ ‬انتماء‮ »‬الإبن‮ ‬الضال‮« ‬إلى‮ ‬ولايتهم،‮ ‬وكأن‮ ‬بوتفليقة‮ ‬رئيسا‮ ‬لفئة‮ ‬دون‮ ‬أخرى.‬ لو كانت اللجان المكلفة بـ»تسويق صورة الرئيس« تحترم نفسها، ولو كان هناك من حاشية الرئيس من الكتاب والمفكرين والمؤرخين من يحترم نفسه، لاستقال لأنه لم يحرك ساكنا إزاء تزوير مفضوح لتاريخ مايزال رجاله أحياء. ولو‮ ‬حدثني‮ ‬المرحوم‮ ‬لعروسي‮ ‬عن‮ ‬وجود‮ ‬بوتفليقة‮ ‬إلى‭ ‬جانب‮ ‬بلعيد‮ ‬عبد‮ ‬السلام،‮ ‬أثناء‮ ‬جلساتي‮ ‬المطولة‮ ‬معه،‮ ‬لنشرت‮ ‬ذلك‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬يصرح‮ ‬به‮ ‬ابنه‮.‬ وأعتقد‮ ‬أن‮ ‬من‮ ‬يزوّر‮ ‬التاريخ‮ ‬إنما‮ ‬يقتل‮ ‬في‮ ‬نفسه‮ ‬انتماءه‮ ‬لوطنه‮ ‬فالتاريخ‮ ‬لا‮ ‬يستطيع‮ ‬أحد‮ ‬أن‮ ‬يخفيه‮.‬ ولهذا،‮ ‬أتعجب‮ ‬من‮ ‬محاولة‮ ‬تشويه‮ ‬بوتفليقة‮ ‬تاريخيا‮ ‬وممن‮ ‬يقفون‮ ‬وراء‮ ‬ذلك،‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬قاموا‮ ‬عبر‮ ‬امبراطورية‮ ‬الخليفة‮ ‬بتبييض‮ ‬أموالهم؟ بوصوف‮ ‬ولعروسي‮ ‬و"‬رجال‮ ‬المالغ"!‬ لماذا‮ ‬عيّن‮ ‬عبد‮ ‬الحفيظ‮ ‬بوصوف‮ ‬لعروسي‮ ‬خليفة‮ ‬مديرا‮ ‬لمكتبه‮ ‬وهو‮ ‬القادم‮ ‬من‮ ‬أهم‮ »‬وظيفة‮« ‬في‮ ‬السلك‮ ‬الإداري‮ ‬الفرنسي؟ المؤكد‮ ‬أن‮ ‬لعروسي‮ ‬ليس‮ ‬من‮ ‬الـ40‮ ‬ضابطا‮ ‬جزائريا‮ ‬القادمين‮ ‬إلى‭ ‬الثورة‮ ‬من‮ ‬القوات‮ ‬الفرنسية‮ ‬من‮ ‬فرنسا‮ ‬وألمانيا،‮ ‬وليس‮ ‬من‮ ‬دفعة‮ »‬سوستال‮« ‬ولا‮ »‬لاكوست‮« ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬تخطط‮ ‬لإجهاض‮ ‬الثورة‮ ‬من‮ ‬الداخل‮.‬ والأكثر تأكيدا، هو أن بوصوف لم يخطئ في الاختيار، لأن لعروسي وفيّ لقائده، مثلما كان »هذا الشبل من فصيلة والده« وفيّا لمن يقفون خلفه، في القيام بدوره في »إلصاق التهم وإطلاق الأوصاف« على غيره. لقد‮ ‬رأى‮ ‬بوصوف‮ ‬في‮ ‬لعروسي‮ »‬الطاعة‮ ‬العمياء‮ ‬لأوامره‮« ‬وهو‮ ‬منطق‮ »‬المالغ‮« ‬خلال‮ ‬الثورة،‮ »‬الغاية‮ ‬تبرر‮ ‬الوسيلة‮« ‬أو‮ ‬كما‮ ‬جاء‮ ‬على‭ ‬لسان‮ »‬الأمير‮« ‬المكيافيلي‮.‬ والأهداف المحددة هي كيفية الوصول إلى »قلب العدو« دون خسائر، ولأنّ فرنسا كانت تعتبر الجزائريين فرنسيين، وأكثر مواطنة من المغاربة في المغرب العربي، فقد جاء تعيين لعروسي على رأس مدرسة إطارات الثورة، فهو خريج المدرسة الفرنسية وآلاف الطلبة ممن التحقوا بالثورة تلبية‮ ‬لنداء‮ ‬19‮ ‬ماي‮ ‬1956‮ ‬كانوا‮ ‬في‮ ‬حاجة‮ ‬إلى‭ ‬أضواء،‮ ‬خاصة‮ ‬وأن‮ ‬أغلبهم‮ ‬ليسوا‮ ‬من‮ ‬مدرسة‮ »‬حزب‮ ‬الشعب‮«.‬ ولما‮ ‬كانت‮ ‬شخصية‮ ‬بوصوف‮ »‬متفرّدة‮« ‬فهو‮ ‬يفضل‮ ‬التعامل‮ ‬مع‮ ‬الجميع‮ ‬دون‮ ‬تمييز،‮ ‬فإنه‮ ‬اختار‮ ‬لعروسي‮ ‬ليكون‮ ‬مقرّبا‮ ‬منه‮.‬ أذكر‮ ‬أن‮ ‬بوصوف‮ ‬سُئِلَ‮ ‬ذات‮ ‬مرة‮ ‬عن‮ ‬سبب‮ ‬إجبار‮ ‬شيوخ‮ ‬جمعية‮ ‬العلماء‮ ‬المسلمين‮ ‬ورؤساء‮ ‬الأحزاب‮ ‬ممن‮ ‬التحقوا‮ ‬بالثورة‮ ‬عن‮ ‬طريقه،‮ ‬بارتداء‮ »‬اللباس‮ ‬العسكري‮«‬،‮ ‬فأجاب‮: »...‬حتى‮ ‬يدخلوها‮ ‬كما‮ ‬خلقتهم‮ ‬أمهاتهم‮«.‬ ولعروسي‮ ‬لم‮ ‬يلبس‮ ‬في‮ ‬حياته‮ ‬اللباس‮ ‬العسكري،‮ ‬بالرغم‮ ‬من‮ ‬أنه‮ ‬كان‮ ‬مدير‮ »‬مدرسة‮ ‬عسكرية‮«‬،‮ ‬لأنه‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يملك‮ ‬رتبة‮ ‬عسكرية،‮ ‬ولكنه‮ ‬لبسه‮ ‬عام‮ ‬1962‮ ‬في‮ ‬تونس،‮ ‬كما‮ ‬روى‮ ‬لي‮ ‬شهود‮ ‬عيان‮ ‬مايزالون‮ ‬أحياء‮.‬ عندما‮ ‬ترفض‮ ‬توقيعات‮ ‬رئيس‮!‬ الكثير ينتظر رد فعل الرئيس إزاء تصريحات رفيق عبد المؤمن، كما ينتظر الكثير »التغيير الحكومي«. والواقع أن الكثيرون يخطئون حين يراهنون على التغيير في الحكومة، لأن الحكومة لا وجود لها في منطق الرئيس وأغلب الوزراء استمع إليهم، والبعض كان المفروض أن يستقيلوا بعد‮ ‬أن‮ »‬بهدلهم‮« ‬أمام‮ ‬الرأى‮ ‬العام‮ ‬الوطني‮. ‬والبعض‮ ‬الآخر،‮ ‬كان‮ ‬المفروض‮ ‬أن‮ ‬يقدموا‮ ‬استقالتهم‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬تحولوا‮ ‬شهودا‮ ‬في‮ »‬مسلسل‮ ‬البليدة‮« ‬أو‮ ‬يتوقع‮ ‬أن‮ ‬يصيروا‮ ‬متهمين‮.‬ المؤكد أن عدم اعتراف الرئيس بالغرفتين له ما يبرره، والدليل أنه حتى الآن لم يكمل تعيين طاقمه من »الشيوخ« من مجلس الأمة. والاعتقاد السائد عندي، أنه فضل عدم مخاطبة النواب أو اللقاء مع الصحافة الجزائرية، لأنه لا يؤمن بوجود »نواب« ولا »صحافة«، لأن بطاقات الحصانة‮ ‬لدى‮ ‬نواب‮ ‬الغرفتين‮ ‬مرفوضة‮ ‬في‮ ‬البنوك‮ ‬الجزائرية،‮ ‬والكثير‮ ‬من‮ ‬المؤسسات‮ ‬العمومية‮ ‬مثلها‮ ‬مثل‮ ‬جواز‮ ‬السفر‮ ‬الجزائري‮.‬ وإذا لم تستمع العدالة إلى من تسلم السيارات المصفحة، التي يقول عبد المؤمن إنها في حظيرة الرئاسة، وإذا لم يتم استدعاء »وكالة القليعة« وجميع وكالات القطر الجزائري التابعة لبنك الخليفة، فإن ملف الخليفة سيكون ورقة في أيدي »الأجانب« لتوظيفها لصالحهم في الابتزاز،‮ ‬والتطاول‮ ‬على‭ ‬الدولة‮ ‬الجزائرية‮.‬

ليست هناك تعليقات: