الاثنين، أبريل 9

الكاتب والصحفي إبراهيم قارعلي لـِ>المحقق <








الكاتب والصحفي إبراهيم قارعلي لـِ>المحقق <
يشرفني وصفي بأني كبير على الجرائد

اشتغل في 01 صحف طيلة مشواره المهني الذي بلغ 51 سنة، استقال الأسبوع الماضي من منصب نائب رئيس تحرير >الشروق اليومي<، ولم يحدد وجهته بعد· في هذا الحوار يتحدث قارعلي عن كل شيء يخصه ·
حاوره: بوطالب شبوب
استقلت الأسبوع الماضي من الشروق اليومي لماذا؟
يؤسفني أن أغادر صحيفة الشروق اليومي، فهي كانت وستبقى من أهم المحطات الرئيسية في مسيرتي المهنية، ويؤسفني أن هذه الجريدة الرائدة في الساحة الإعلامية الجزائرية تعرف نزيفا حادا لأقلامها المتميّزة· تسألني عن السبب، أقول لك قد يكون السبب نفسه الذي جعلك أنت تنسحب منها قبلي وأيضا رئيس تحريرك ·
هل صحيح أنك ستلتحق بـِ >أخبار اليوم<، >أم البلاد<، أم >الحـوار<؟
تلقيت عدة دعوات من قبل ومن بعد، من الأخ بشير حمادي ومن الأخ نصر الدين قاسم ومن الأخ محمد عماري، وحتى دعوات أخرى في الصحافة السمعية والبصرية، بما في ذلك قنوات فضائية أجنبية· وسيعرف القراء أو المستمعون أو المشاهدون ذلك في الوقت المناسب ·
قضيت نصف مشوارك المهني في الشروق اليومي، ماذا قدمت لك؟
أنا لا أنكر الجميل، أعتز أن هذه الصحيفة قدمت لي كتابا هو >كلمات عابرة< وهو بمثابة مولود· وكذلك قدمت لي امرأة، حيث أنّني تزوجت في مرحلة الشروق اليومي !
وأنت ماذا قدمت لها؟
قدمت لها قلمي، وهذا أعز ما أملك !
وما هي الذكرى التي تحتفظ بها في صحيفة الشروق اليومي؟
أحتفظ بذكرى دخولي إليها أول مرة وهي في شارع محمد خميستي، وبذكرى خروجي منها وهي في شارع فريد زيوش
ابتدأت شاعرا وانتهيت رئيس تحرير، لماذا هذا الإنحراف في حياتك؟
لا أعتقد أن الأمر يتعلق بإنحراف في حياتي المهنية، ففي الأمر تكامل، فإذا كان الشعر جوهر الأدب، فإنّ الصحافة قد وُلدت من الأدب· غير أنني أرى العكس مما تظن، حيث أنني أزعم بأني انتهيت شاعرا وبدأت رئيس تحرير ·
عشر صحف في خمسة عشر (51) سنة، لماذا هذا التغيير؟
كان الأستاذ عبد العالي رزافي قد لاحظ، أنّني لا أغادر جريدة، إلاّ لأكون رئيس تحرير في الجريدة التالية· وقد وصفني الشاعر أبو القاسم خمار بالبدو الرّحل، مثلما وصفني الشاعر سليمان جوادي بالفراشة، وحين التحقت برئاسة تحرير صحيفة الشروق اليومي بشارع خميستي قال لي لو تغادر هذه المرة سأقيم عليك الحد !··
تسألني لماذا هذا التغيير، أقول لك أنني أغادر الجريدة التي أشتغل فيها إذا لم يعد هناك أي مبرر لبقائي، وعندما أشعر بتلوث المحيط المهني، فتراني أبحث عن هواء نقي في مكان ما· ويشرفني أن يصفني بعضهم بأنني أكبر من الجريدة التي أشتغل فيها !
كنت من بين أصغر رؤساء التحرير في الجزائر، كيف نلت هذا المنصب؟
لن أجيبك عن هذا السؤال، ولكن أقول لك يمكنك أن تطرح هذا السؤال على الأستاذ مصطفى هميسي والأستاذ بشير حمادي والصديق مختار بوروينة والأخ نذير بولقرون والأخ محمد بوجلطي· كل هؤلاء يكمن عندهم السرّ المكنون ·
كيف قبلت المنصب أصلا لأن هذا لا يمكن تصنيفه إلا في خانة الغرور؟
لا، رئاسة التحرير بالنسبة إليّ ليست منصبا، هي وظيفة أمارسها حتى أصبحت لصيقة بي، وباختصار هي لعنة! قد تفهم من هذا أنّني مغرور ولكنّها هي الحقيقة· طبعا هناك الكثير من الثقة بالنفس والقليل من التهوّر ولكن لا أثر للغرور ·
أنت مناضل في حزب جبهة التحرير الوطني وهذا ما يتعارض هذا مع مهنيتك حينما تكتب عنها؟
لقد كتبت الكثير عن جبهة التحرير، حتى أنّ الكثير من المسؤولين في الحزب يعترفوني لي أنّني أكتب ما لم يستطيعوا قوله· هل تصدق أنّنا في الكثير من المرات كنّا نسبق الحزب في التعبير عن مواقفنا تجاه القضايا الوطنية· وعلى ما أعتقد فإنّ المهنية الحقيقية هي أن ندافع عن قناعاتنا الفكرية والسياسية بطريقة علمية أو احترافية ·
كيف تقيم العمل في صحيفة حزبية؟
لقد اشتغلنا في ثلاث صحف أصدرتها جبهة التحرير الوطني، وهي صحيفة الحوار ثم صحيفة المجاهد الأسبوعي، وكذلك صحيفة صوت الأحرار· وهي كلها تجارب إعلامية لم تكن تختلف عن بقية التجارب الإعلامية الأخرى، حيث أنّنا كنا نمارس الصحافة بمهنية وباحترافية ·
ولكن العمل في صحيفة حزبية ممارسة الدعاية أكثـر من ممارسة المهنة الإعلامية؟
كانت جبهة التحرير الحزب الوحيد في الساحة السياسية بعد إقرار التعددية الحزبية، الذي اقتحم الساحة الإعلامية بإصدار صحيفة الحوار ثم صحيفة صوت الأحرار· بينما الأحزاب الأخرى تجدها تختفي وراء بعض الواجهات الإعلامية وتحركها من خلف الستار لتصفية بعض الحسابات السياسوية ·
أشهد أننا قد كنّا أكثر مهنية من الصحف التي تدّعي الإحترافية· هؤلاء الذين يدعون الإحترافية هم الذين كانوا يروّجون للدعاية الحزبية لأحزاب لا وجود لها إلا على الورق· وفي أسوإ الأحوال فإن مثل هذه الأحزاب لا أثر لها في الساحة السياسية ولكنّها موجودة فقط في المشهد الإعلامي ·
أنت الشخص الوحيد الذي يؤمن بأن الصحافة الحزبية خاصة والوطنية عامة مهنية تماما؟
لا·الصحافة جزء من محيط عام، ولا يمكن أن نفصلها عن محيطها ·
ألم تكونوا تتعرّضون إلى التضييق في صحيفة الحوار من طرف الأمين العام للحزب الأستاذ عبد الحميد مهري؟
إلتقيت بالأستاذ عبد الحميد مهري ثلاث مرات خلال هذه الفترة· المرة الأولى قبل أن تصدر صحيفة الحوار، ثم بعدما صدرت وحينها لمست فيه رجل الإعلام· وفي المرة الثالثة بعدما أجريت معه حوارا صحفيا في بيته رفقة الصحفي القدير مصطفى هميسي ·
لقد كانت صحيفة الحوار منبرا للرأي والرأي الآخر، وقد استغرب المرحوم الهاشمي شريف الأمين العام لحزب الطليعة الإشتراكية كيف ننشر له حديثا يهاجم فيه عبد الحميد مهري الأمين العام لحزب جبهة التحرير التي تعود إليها جريدة الحوار ·
كيف قضيت سنوات الإرهاب؟
مثل بقية المواطنين ولم أهاجر مثل بعض الصحفيين ولم أكن من المحظوظين بالسكنات الأمنية، فلقد قُطعت أرزاقنا وكادت تُقطع أعناقنا· ولكنّنا الحمد لله قد تجاوزنا معسكر الرعب إلى الأمن والأمان والإطمئنان بفضل المصالحة الوطنية التي كانت وما تزال بالنسبة إلينا خطا افتتاحيا وقناعة سياسية ·
أعلى أجر نلته؟ !
تأكد أنه بعيد جدا عن مرتب الجنرال محمد العماري الذي اضطر أن يُظهر
كشف راتبه الشهري أمام الصحفيين ·
ما الذي ينقص الصحف الجزائرية أو الصحفي الجزائري؟
إن الذي ينقص الصحفيين الجزائريين هو الدفاع عن كرامتهم المهنية وتطهير صفوفهم من الإنتهازيين والمندسّين وتحرير أقلامهم من قبضة بارونات الزيت والحديد والإسمنت وحتى من مربّي الأبقار المزيّفين الذين يريدون احتكار حليب الأطفال الصغار !
هل أرادت السلطة سابقا خنق كل صوت معارض؟
للأسف ذلك ما حدث، رغم أنّنا كنا نمارس الإعلام ولم نكن نمارس السياسة ·
لماذا لم نجد صحيفة معرّبة اخترقت الحصار وصنعت نفسها بعيدا عن الأخبار الأمنية؟
لا، هذا غير صحيح، كانت هناك صحيفة الجزائر اليوم ثم صحيفة الحوار ثم صحيفة صوت الأحرار ثم صحيفة الشروق اليومي· لقد كانت هناك صحف تتاجر بالأخبار الأمنية ولكن مع المصالحة الوطنية تحولت هذه الصحف إلى سلع كاسدة في الأكشاك !
ولكن كنت تعمل في جريدة تركّز على الأخبار الأمنية، لماذا سرت ضد قناعاتك أثناء عملك بها؟
لكن لم أكن مدير التحرير و لا مسؤولا عن القسم السياسي ·
كنت جزء من المؤسسة، كيف وافقت على هذا الرأي، هل أعجبك التحول؟
بالطبع هناك كثيرون لم يعجبهم التحول من القراء والمتابعين، و هناك من أعجبهم ·
أنت تتهرب، سؤالي واضح: لو كنت مدير تحرير هل تقبل بهذا الأمر؟
لو كنت مدير تحرير···لا أظن ذلك··يؤسفني أن صحيفة الشروق اليومي قد تحولت إلى نشرية أمنية تتعاطى مع المعطى الأمني بعيدا عن المهنية والاحترافية، وهذا ما يجعلني اعتقد أن هذا التعاطي الاستعلاماتي هو الذي تسبب للصحيفة في مشكلات مع العدالة متاعب كانت الجزائر في غنى عنها ·
أنت تناقض نفسك للمرة الثانية، لقد رفعت الشروق سحبها مرتين بتركيزها على الخبر الأمني
لا أظن ذلك،ارتفاع السحب بعود إلى الرصيد التاريخي للجريدة، فهي كانت في تصاعد لأن عدد القراء يتزايد باستمرار،كما أن خريطة السحب لم تكن مضبوطة ، فالجريدة لم تكن موزعة على أحسن ما يرام،وهناك الكثير من نقاط البيع لم تكن تصل إليها،و أنا أراهن على أن الشروق اليومي سوف تتجاوز المليون نسخة لو عرفت كيف تحافظ على مقروئيتها ·
قلّة من الصحفيين من كتبوا كتبا، هل نحن بصدد صحفيين تموت مقالاتهم لحظة ولادتها، أم أن ما نكتبه غير صالح لكتابة التاريخ؟
إن الصحفي مؤرخ الحاضر واللحظة الراهنة، لكن تأكد أن الذين تموت مقالاتهم لحظة ولادتها هم أولئك الذين يكتبون تحت الطلب· إن بعض المقالات الصحفية مثل بعض العمليات القيصرية ·
لماذا فشلت الصحف المعرّبة في بناء كتلة واحدة، على عكس نظريتها المفرنسة ·
نحن في كل مرة نقول المفرنسون ناجحون، وفي كل مرة نقول المعرّبون فاشلون· أعتقد أن الأمر في ذلك يعود إلى حركية المفرنسين· وها أنت تقول كتلة هل تعلم أن من الخواص الفيزيائية للكتلة هي الجمود والسكون ·
إن المعرّبين في حاجة إلى زلزال يحركهم أو إلى بركان يثوّرهم ·
فمتى نخرج من هذه القطبي

ليست هناك تعليقات: