الثلاثاء، ديسمبر 8

الاخبار العاجلة لاكتشاف الجزائريين ان بايات الجزائر في العهد التركي من الشواد جنسيا ويدكر ان صالح باي كان يعاشر الشواد جنسيا في ثكنة رحبة الجمال وكان يعاشر العاهرات فيبيته العائلي في سوق العاصر ويدجكران اغلب المناصب السياسية في الجزائر اصبحت تمنح للشواد جنسيا وشر البلية مايبكي


اخر خبر
الاخبار  العاجلة  لاكتشاف  الجزائريين ان  بايات  الجزائر في العهد  التركي من الشواد  جنسيا  ويدكر ان صالح باي  كان يعاشر  الشواد  جنسيا في ثكنة  رحبة الجمال  وكان يعاشر العاهرات فيبيته العائلي في  سوق العاصر ويدجكران  اغلب  المناصب السياسية في الجزائر اصبحت تمنح للشواد جنسيا وشر البلية مايبكي



تاريخ الدعارة في الجزائر من العهد العثماني إلى الفرنسي



https://www.youtube.com/watch?v=2V7D71IPmeY
شاهدوا  شهادة  الوزيرة منية مسلم  حول تاريخ  الدعارة في  الجزائر

http://ghafri.over-blog.com/2013/12/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%8A.html
http://ghafri.over-blog.com/2013/12/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%89-%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%A3%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%8420.html

الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20

ب أوائل القرن ال20

Mis à jour : il y a environ 7 mois
مجموعة صور لعدد من الجوارى بالمغرب ..
إلتقطها مصور فرنسى عام 1912م ..






شريعة الفقهاء المخالفة للقرآن بتمييزها بين المرأة الحرة والامة :
عقول فطاحل فقهاء بعض المذاهب الاسلامية أفتت بعدم وجوب الحجاب على الإماء والجواري , وأن عورتهن كعورة الرجل من السرة الى الركبة ؟,بتعبير أخر أن كشف صدورهن ليس حراماً.


سأورد بعض من أراء المذاهب و العلماء المشهورين من كتبهم :


- رأي المالكية: ..وعلى هذا فيرى الرجل من المرأة - إذا كانت أمة - أكثر مما ترى منه لأنها ترى منه الوجه والأطراف فقط، وهو يرى منها ما عدا ما بين السرة والركبة، لأن عورة الأمة مع كل واحد ما بين السرة والركبة.(1)


- رأي الحنابلة: عورة الرجل .. والآمة .. من السرة إلى الركبة . (2)


- رأي الحنفية: وينظر من ذوات محارمه وأمة الغير إلى الوجه والرأس والصدر والساقين والعضدين والشعر. (3)


- رأي الشافعية: وأما الأمة ففيها وجهان: أحدهما أن جميع بدنها عورة إلا موضع التقليب وهي الرأس والذراع لأن ذلك تدعو الحاجة إلى كشفه وما سواه لا تدعو الحاجة إلى كشفه، والثاني وهو المذهب أن عورتها ما بين السرة والركبة (4)


- رأي إبن تيمية: «والحجابُ مختصٌّ بالحرائر دون الإماء، كما كانت سُنّةُ المؤمنين في زمن النبي وخلفائه: أن الحُرَّةَ تحتَجِبُ، والأَمَة تبرُز. وكان عمر إذا رأى أَمَةُ مُختَمِرة، ضرَبها وقال: "أتتشبهين بالحرائر؟"»(5) , "كن إماء عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخدمننا كاشفات عن شعورهن تضطرب ثديهن، وسنده جيد. (6)


- رأي أبو حامد الغزالي: وأجمع العلماء على أن رأس الأمة ليس بعورة مزوجة كانت أو غيرها إلا رواية عن الحسن البصري أن الأمة المزوجة التي أسكنها الزوج منزله كالحرة والله أعلم . (7)
-    قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع المجلد الثاني
الأَمَةُ - ولو بالغة - وهي المملوكة، فعورتها من السُّرَّة إلى الرُّكبة، فلو صلَّت الأَمَةُ مكشوفة البدن ما عدا ما بين السُّرَّة والرُّكبة، فصلاتها صحيحة، لأنَّها سترت ما يجب عليها سَتْرُه في الصَّلاة.


-    قال الإمام النووي ( وعورة الرجل حرا كان أو عبدا ما بين السرة والركبة على الصحيح ...... إلى قوله .... وأما المرأة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين ولنا قول وقيل أن وجه باطن قدمها ليس بعورة وقال المزني ليس القدمان بعورة. وإن كانت أمة أو مكاتبة أو مستولدة أو مدبرة أو بعضها رقيقا ففيها ثلاثة أوجه أصحها عورتها كعورة الرجل.
والثاني كعورة الحرة إلا رأسها فإنه ليس بعورة والثالث ما ينكشف في حال خدمتها وتصرفها كالرأس والرقبة والساعد وطرف الساق فليس بعورة (9)


ما تعرضت له النسوة المملوكات بين المسلمين تاريخياً , هو بمثابة وصمة عار في جبين فقهاء الإسلام و تشويه ليس بعده تشويه للاسلام و دليل على المستوى الفكري المتخلف الذي كانوا يحملونه لدرجة أنهم يفرقون بين عورة امرأة وأخرى لأسباب طبقية , و يجيزون كشف أجزاء مثيرة للشهوة من جسادها و بالمقابل يدعون النساء الحرائر الى الحجاب و العفة و الحشمة, هذه المسألة من الفضائح التي تطال فقه المذاهب المخالف للقرآن الذي لم يذكر أي شيء ليبرر للفقهاء فتاويهم العنصرية تلك, لا بل أن القرآن يؤكد على كرامة الانسان (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ), ولم يميز بين البشر .


كما أن أن التراث ينقل أنه كان يجري معاقبة الاماء اللائي يتشبهن بالحرائر ويرتدين الحجاب فينقل أن عمر بن الخطاب إذا رأى أَمَةُ مُختَمِرة، ضرَبها وقال: "أتتشبهين بالحرائر؟"(10)


فلست أدري كيف كان يمكنهم الحديث عن الحجاب والنقاب كوسيلة أخلاقية تنمي العفاف وبين عدم وجوب الحجاب على الإماء والجواري في مجتمعات المسلمين آنذاك


المصادر:
1.    الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك , أبي البركات الدردير، الجزء الأول، ص 290.
2. الروض المربع ,منصور بن يونس بن صلاح، باب شروط الصلاة.
3. الاختيار لتعليل المختار ,عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي، الجزء الرابع، صفحة 155
4. المهذب في فقه الإمام الشافعي ,أبي اسحق الشيرازي، ص 96.
5. ابن تيمية ,الفتاوى (15|372).
6. ابن تيمية ,حجاب المرأة المسلمة ولباسها في الصلاة,ص43
7. المجموع شرح المهذب » كتاب الصلاة » باب ستر العورة » عورة الرجل، ص .175
8 . روضة الطالبين وعمدة المفتين ص 104 كتاب الصلاة - الباب الخامس - فرع في صفة الستر .
9- إرشاد الأذهان ج 1 ص 247 المقصد الرابع ما يصلى فيه وفيه مطلبان الأول اللباس.
10- سنن البيهقي: 3305

42
 
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20
الجوارى فى المغرب أوائل القرن ال20

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/0f/Turkish_Bathscape.png/800px-Turkish_Bathscape.pnghttps://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/0f/Turkish_Bathscape.png/800px-Turkish_Bathscape.png

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/7/7f/Geromeslavemarket.jpg

http://www.vetogate.com/1646421

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e1/The_White_Slave_statue.jpg/509px-The_White_Slave_statue.jpg


http://www.rosaelyoussef.com/articles/12726/%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3-%D9%88%D9%88%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A-2
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?5115-%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D9%91%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8F%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8A%D9%91%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%88%D9%83%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D9%8E%D8%A7%D9%86%D9%8A

http://www.best-b2b.com/userimg/606/647-1/menorah-246.jpg


http://www.wata.cc/forums/showthread.php?5115-%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D9%91%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8F%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8A%D9%91%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%88%D9%83%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D9%8E%D8%A7%D9%86%D9%8A
http://vb.elmstba.com/t49338.html

فلسفة الجنس ووحدة الوجود الإنساني -2-

13 ديسمبر 2014



د. عصمت نصار
بقلم : د. عصمت نصار
إذا ما انتقلنا من الحديث عن تطور الدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية والنفسية عن الجنس إلى الوقوف على المعنى الاصطلاحي (Philosophy of Sexuality) في الموسوعات والكتابات المتخصصة فإننا سوف ندرك أن جميعها يتفق على أن مبحث فلسفة الجنس هو المعني بدراسة الوجود الإنساني من حيث بشريته ذكر وأنثى ومناقشة المعارف المباشرة للحديث عن أصله (وجد الإنسان ذكر وأنثى، أو ذكر ومنه الأنثى، أو أنثى وخرج منها الذكر). ثم الحديث عن مفهوم الجنس باعتباره نشاط إنساني يجمع بين الإرادة الإنسانية والذوق والتفكير واللذة الحسية والحاجة الطبيعية وسلوك للإنجاب والتكاثر، ومن ثم يتعرض إلى دراسة العديد من البنيات الثقافية والنفسية والاجتماعية والفسيولوجية ... عند تحليله لأشكال الممارسة الجنسية (الزواج، البغاء، المثلية الجنسية، الشذوذ والمجون)، وذلك للكشف عن العلل والأسباب والظواهر والآثار المصاحبة لهذه الأشكال، وانعكاس ذلك كله على طرائق التفكير، وتطرق مبحث فلسفة الجنس كذلك إلى مناقشة القضايا ذات الصلة مثل: الحب، السعادة، التفكير الإبداعي، التفاؤل والتشاؤم، العنف، الإيمان والإلحاد، الرهبنة والتبتل. فتعرفه Internet Encyclopedia of Philosophy بأنه المعني بدراسة الجنس باعتباره سلوك بشري نابع من إرادة حرة ومدفوع بلذة ورغبة حسية، الأمر الذي جعل من فلسفة الجنس سبيلا لتحليل المفاهيم والقضايا والمعارف ذات الصلة بكل أشكالها ونقد تطبيقاتها قياساً على ما وضعه الفلاسفة من مبادئ حاكمة وقيم ضابطة لممارسة الجنس بين الذكر والأنثى، وإلى مثل ذلك ذهبت موسوعة          (Routledge Encyclopedia of Philosophy ) فهي تؤكد أن فلسفة الجنس من الفلسفات التطبيقية التي تعنى بتحليل المفاهيم والمصطلحات ذات الصلة المباشرة عنايتها بالوقوف على دلالتها في الممارسة شأنها في ذلك شأن فلسفة العلم والفن والقانون.
ومن أهم الكتب المعاصرة التي تناولت فلسفة الجنس بالتعريف السابق كتاب (The Philosophy of Sex) لنيكولاس باور، ووراجا حلواني، وآلان سوبل، وكتاب (Philosophy of Sexuality) لدون ماريتا.
وحري بنا  في هذا السياق أن نؤكد على القضية الرئيسة التي طالما ناقشتها الكتابات المعنية بالجنس بوجه عام ألا وهي أخلاقيات الجنس، فإذا كان الجنس سلوكاً إنسانياً لا تدفعه الغريزة -كما زعم فرويد- فإن هناك قيم ومبادئ وأعراف حاكمة له، وفي هذا السبيل تنزع معظم الدراسات التاريخية فتوضح أن الآداب والأخلاقيات الحاكمة لممارسة الجنس في الحضارات القديمة كان جميعها يخضع للأعراف والعادات والتقاليد الطبقية الاجتماعية الصارمة وذلك قبل ظهور الأديان السماوية وما صاحبها من ضوابط شرعية، فالحاكم كان يرغب في معاشرة الأميرات لإنجاب نسل يحافظ على نبل العصب ونقاء العرق ويجوز له أن يستمتع بالجواري الفاتنات أو من يشعر تجاههن برغبة من عوام الشعب، وكان يحظر ذلك على الأميرات فهن لا يطلبن المتعة إلا من أزواجهن تبعاً للأعراف والتقاليد، ودون ذلك يعد خيانة تستوجب العقاب، أما الجنس عند العوام والطبقات الدنيا فكان يحكمه المال والاقتصاد، فالرجل له حق الاستمتاع بالمرأة نظير إنفاقه عليها، والعكس صحيح، وقد تولد عن ذلك الوضع العديد من الممارسات منها: تعدد الزوجات، وانتخاب المرأة للفحول من الرجال القادرين على إشباعها جنسياً، وظهور تجارة الرقيق الأبيض والبغاء (المتعة لمن يدفع الثمن)، والخيانات الزوجية التي كانت تستوجب القتل للنساء فقط.
وعلى النقيض من ذلك كله كانت العلاقات الجنسية بين طبقة المعدمين وجماعات العبيد لا يحكمها سوى الرغبة والمتعة والإرادة، فلا أعراف ولا قيود ولا ضوابط تمنع شيوعها، ولا سيما في الثقافة الهندية والصينية والقبائل الأفريقية والفارسية والرومانية وخصوصاً في مصر قبل عام 2000ق.م، وذلك تبعاً لذيوع الفكر الديني وعقيدة الثواب والعقاب في العقل الجمعي المصري.
 ولم تطرح في هذه الآونة قضية ممارسة الجنس مع المحارم (الأب والابنة والأخت، الأم والابن والأخ) ولم تحرم هذه العلاقة إلا في الثقافة الهندية، ولم يذكر المؤرخون أو علماء الاجتماع علة وجود هذه الظاهرة في سائر الثقافات ثم تحريمها وعودتها في أحقاب تاريخية مختلفة، وكان الكنعانيون والسريان والأراميون يحرمون زواج الإخوة من الأم فقط، وتعد قوانين حمورابي من أقدم الشرائع الوضعية التي تناولت القضايا الجنسية ولا سيما علاقة الزواج وضوابطها وشروطها والطلاق وحقوق المرأة في الاستمتاع وإباحة استمتاع الرجل بالجواري مع عدم الاعتراف له إلا بزوجة واحدة، ويكمن الظلم في هاتيك القوانين فيما ورد من عقوبات على جريمة الخيانة الزوجية والبغاء، فلا يعاقب الرجل إذا خان زوجته إلا بتعويض مالي يدفعه لها إذا ما اكتشفت خيانته، أما الأنثى إذا خانت فجزاؤها الإلقاء في الماء مع عشيقها، إذا ما اعترفت عليه وثبت قيامه بممارسة الجنس معها، كما يجوز للرجل رهن زوجته عند دائنيه، الأمر الذي فتح الباب لتجارة النساء. وإذا ما انتقلنا إلى الدعارة وهي تلك التي تختلف بطبيعة الحال عن الإتجار في الجواري أو استئجارهن، فالدعارة هي الوطأ والجماع مقابل المال بغض النظر عن التوافق الذوقي والمشاعر والرغبة والشهوة، فكانت المرأة تمارس الجنس جسداً فقط وكل ما يصدر منها من أقوال وأفعال مجرد أداء حرفي مصطنع، أما عن تاريخ البغاء فقد عجزت الكتابات التاريخية عن تحديد بداية ظهوره، فقيل أنه يرجع إلى تاريخ سحيق في عصر نبي الله نوح ؟! في غرب آسيا، وترجع علة ظهوره إلى فساد الأخلاق وكثرة النساء وقلة الرجال والفقر وظهور عصابات السبي واسترقاق القبائل         الضعيفة على يد الأقوى، وقد انتقل إلى شتى أنحاء العالم بعد أن تفرق الناجون من الطوفان أولئك الذين أخذهم نوح في سفينته، إذ انطلق ابنه سام وذريته إلى آسيا، ويافث إلى أوروبا، وحام إلى إفريقيا.
ويحدثنا هيرودوت عن تاريخ الدعارة مؤكداً أنها بدأت في معية كهنة المعابد الذين اخترعوا الطقوس وأسسوا الكثير من المعتقدات في الحضارات التليدة، فكانت العذارى في بابل لا يصح زواجهن إلا بعد وطأهن من أحد عابري السبيل خلف المعبد نظير قطعة من الفضة، ذلك فضلاً عن العذراوات المصطفات فقد دأب الكاهن الأكبر في بابل اصطحاب من تروق له إلى المخدع الذهبي في أعلى برج بابل ليباركها الإله الذي حل في جسده، وكانت الفتاة تسعد بهذا الجماع طمعاً في فوزها بالبركة والجماع المقدس، غير أن الكتابات التاريخية الحديثة تشكك في رواية هيرودوت وحجتها في ذلك أن قوانين بابل كانت أقرب إلى المحافظة منها إلى الإباحية، الأمر الذي يبرر توقيعها أشد العقوبات على الغانيات والزانيات، كما أن سلوك الكهنة مع النساء كان محاطاً بالسرية بالقدر الذي يحول بين رحالة مثل هيرودوت والاطلاع على ما كان يحدث في مخدع كبير الكهنة. وأغلب الظن أن حديث هيرودوت عن الدعارة في بابل يرجع إلى مشاهداته لما كان يحدث بين العوام في بيوت الهوى التي كان يخصصها كبار التجار والأثرياء من الإقطاعيين للبغاء، وذلك لاستثمار جواريهم وعبيدهم.
ولم يعرف البغاء في مصر القديمة، فالأنثى المصرية كانت تتخذ من الربة (إيزيس) العفيفة مثالاً وقدوة، ومن ثم لم ينتشر البغاء إلا بين الغرباء والعبيد، أما الحرائر فكانت تقطع أنوفهن إذا ما ارتكبن جريمة الزنا، وكان يقطع العضو الذكري للرجل إذا ما اغتصب أو وطأ إحداهن عنوة، فالرابطة الزوجية عند المصريين -بمختلف طبقاتهم- كانت تدرج ضمن الطقوس المقدسة
وإذا ما انتقلنا إلى بلاد اليونان فسوف نجد أن الإرهاصات الأولى لظاهرة البغاء كانت متفشية بين العبيد والفقراء والمدينين والغرباء، فقد أباحت قوانين اسبرطة لنسائها تعدد الأزواج، وفي أثينا كان الرجال يتسرون بالنساء ويتخذون خليلات من البغايا ويمارسون الجنس الجماعي ولا سيما في الأعياد حيث الخمر والرقص واللهو الماجن (عيد يونسيوس)، وعرفت أثينا البغاء الرسمي منذ القرن الخامس قبل الميلاد وكانت تخصص له بيوتاً يعلق عليها نموذج للعضو الذكري من الخشب أو الجلد أو القماش، وكانت النسوة يجلسن عاريات بالداخل ينتظرن الزبائن وكانت تستأجر الأنثى لمدة معينة مقابل مبلغ يدفع مقدماً لمن يدير البيت، وللبغايا في أثينا طبقات تتحدد بمقتضاها أجورهن، أدناها (البروناي أي العاريات) من طبقة العبيد والخدم، وأوسطها (عازفات القيثارة) الراقصات المغنيات ، وأعلاها (الهتايراي أي الرفيقات) اللواتي يمارسن الدعارة في بيوتهن وكان معظمهن من الأثينيات والأرامل أو اللواتي فشلن في حبهن أو خدعن من قبل عشاقهن، ومنهن مثقفات وفيلسوفات من أمثال سافو -صاحبة أكبر مدرسة لتثقيف الغانيات- واسبازيا وتارجليا وتاييس وأركيانسا معشوقة أفلاطون وثيوريس خليلة سوفوكليز وداني وليونتيوم اللتان علمتا أبيقور فلسفة اللذة، وفريني معشوقة المثالين اللذين صوروها عارية لتعبر عن جسد أفروديت ربة العشق واللذة الجنسية عند اليونان، ولئيس التي كانت تعرف بين الغانيات بالفتنة والثراء، ورغم ذلك كانت  تفترش لديوجين بلا أجر وذلك لولعها بالفلسفة، وقد أرخ بلوتارخ لسير الشهيرات منهن، ذلك على الرغم من نظرة الازدراء التي كانت توجه إليهن من قبل المحافظين الأثينيين، فقد حرموهن من حقوق المواطنة والصلاة في المعابد باستثناء معبد أفروديت، وكانت الفقيرات  والجواري والإماء في بلاد فارس يمارسن الدعارة تبعاً لإرادة من يملكهن من الأثرياء أو يدفعهن أزواجهن إلى ممارسة البغاء طمعاً في المال، وعلى النقيض من ذلك نجد المرأة الزرادشتية التي كان لا يسمح لها الخروج من بيتها إلا للمعبد أو القبر وكان يحكم على الخائنات منهن بالانتحار أو بالسجن والجلد، أما الرجال فكان لهم مطلق الحرية في ممارسة الجنس مع البغايا والعبيد، وحرمت المانوية الجنس عن طريق البغاء أو الزواج بحجة أن النساء هن أصل الشرور ، وأن الاختلاط بهن عن طريق الملامسة ينقل إلى أجسادهم الدنس والشياطين، وعلى النقيض من ذلك ذهبت الديانة المزدكية إلى الإباحية ومشاع الجنس فلا بغاء ولا زواج، فممارسة الجنس لذة ومتعة فلا ينبغي أن يفرض عليها قيود سوى الإرادة والاتفاق، الأمر الذي جعل مزدك يوقع عقوبة القتل على من يرتكب جريمة الاغتصاب أو الإكراه أو الإتجار أو الاستئثار في الجنس لأن مثل هذه الأفعال يحرض عليها إله الظلمة والشرور، ولم تكن المرأة الهندوسية أفضل حالاً من سابقتها، إذ كان الرجال ينظرون إليها على أنها مكمن الشرور وهي الفتنة المتجسدة لإغراء الرجال ودفعهم إلى وطأهن لسلبهما الفضيلة والعقل وإضعاف قوتهم البدنية، وكان الرجال يمارسون الجنس مع زوجاتهم بغير إسراف حتى لا تلهيهم شهوة الجماع عن قراءة الفيدا وأداء الصلوات المقدسة تلك التي كانت محرمة تماماً على الهندوسيات،  وللعذرية شأن كبير في الثقافة الهندوسية، فالعذراوات فقط هن اللواتي يعقد لهن الزواج فور بلوغهن ويحرم عليهن ممارسة الجنس مع غير أزواجهن حتى بعد ترملهن، وظلت عادة حرق المرأة مع جثمان زوجها حتى عام 1830م، الأمر الذي يقطع بعدم وجود ظاهرة البغاء بين الهندوسيات، وجاءت تعاليم بوذا ومهافيرا تؤكد على أن الإسراف في ممارسة الجنس يفسد العقل ويدنس الروح، وعلى العكس من ذلك ذهب حكيم الصين لاو تسي فالجنس عنده بلا قذف يزيد الجسد قوة ويدخل على النفس السعادة ويهيأ العقل للتفكير المستقيم والإبداع، وذلك لأن في العلمية الجنسية تطبيق للطبيعة الإنسانية (التاو) القانون الأزلي الوجودي، ومن أقواله في ذلك: (أن الإنسان هو أعظم الخلائق التي فطرتها السماء، ومن بين كل الأشياء التي حققت ازدهارا للإنسان، لا شيء يضاهي الممارسة الجنسية)، وقد اتسمت الأخلاق الصينية بإعلائها لفضيلة العفة، فيرى كونفشيوس أن العلاقة الجنسية المستقيمة هي التي تجمع بين ذكر وأنثى متحابين في فراش الزوجية، فهذا التناغم الجنسي إذا ما تحقق في الأسرة والمجتمع بات الأمل في تحقق السلام على الأرض وشيكاً، وعلى الرغم من قسوة العادات والتقاليد الصينية تجاه المرأة بشكل عام، إلا أن القيم الأخلاقية التي دعى إليها لاو تسي وكونفشيوس في هذا السياق تعلي من شأن كرامة المرأة وتجرم التحرش بها وكذا الخيانة الزوجية والمثلية الجنسية، أما الدعارة فكانت محصورة –شأن معظم الحضارات السابقة- في طبقة العبيد والغرباء، وكان الصينيون يميزون بين البغايا الداعرات والفاتنات المثقفات اللواتي يجدن العزف على الآلات الموسيقية والغناء ويتحدثن في الثقافة العامة والفلسفة، وفرق الصينيون كذلك بين المحظيات والسراري من جهة، والزوجات (بنات العائلات) من جهة أخرى، وبالجملة كان الجنس في التراث الصيني وسيلة للإنجاب فحسب.
 كما أباح الرومان تسري النساء بالرجال والعكس (boy friend\ girl friend).
وتذهب معظم الكتابات الماركسية إلى أنه من العسير تحديد نشأة الدعارة من حيث المكان أو الزمان وذلك لأن هذه المهنة ما زالت مرتبطة بعاملين:
أولهما: العوز والفقر الذي يدفع الأنثى إلى الإتجار بجسدها، وذلك لأنها مهنة لا تحتاج إلى خبرات أو مهارات خاصة.
وثانيهما: رغبة وشهوة الرجال وعدم قناعتهم بأنثى واحدة، وعلى الرغم من وجود نظام شيوع النساء في بعض المجتمعات البدائية، فلم تختف هذه المهنة من تلك المجتمعات.
غير أن بعض الدراسات المعاصرة ترفض هذا التفسير الاقتصادي لظاهرة الدعارة بحجة أن أول من امتهن هذه المهنة إناث طبقة العبيد والرقيق وكن يكرهن على ذلك من قبل سادتهن التجار، كما أن بعض الغانيات كن يمارسن البغاء طمعاً في الثراء من جهة، والانتقام من الرجال باعتبارهم الذين دفعوهن إلى بيع أجسادهن من جهة أخرى، ذلك فضلاً عن  وجود الدعارة بين الطبقات الوسطى، وكذا بين المثقفين وكبار رجال السياسة، فالدعارة لم تعد مجرد وطأ بأجر، بل استثارة الغرائز للسيطرة على العقول وجلب المعلومات والتجسس وتسهيل الصفقات وإبرام الاتفاقيات، وصفوة القول أنها أصبحت آلية من آليات التوجيه الذهني وتفريغ الطاقات المكبوتة ومعالجة الفشل واليأس وذلك على حد تعبير علماء النفس.
أما الدعارة المقننة فلم تظهر إلا في القوانين الرومانية في عصر الإمبراطور جستنيان، وكذا في كتابات القديس توما الإكويني الذي وصف البغاء بأنه (شر لا بد منه لمنع الاغتصاب والتحرش الجنسي)، وعلى الرغم من تحريم الإسلام للبغاء إلا أن دور الدعارة التي كانت تجمع بين الجواري والعبيد والمحظيات كانت منتشرة في شتى أنحاء الولايات الإسلامية، غير أن البغاء لم يقنن إلا في عهد العثمانيين الأتراك، الذين جعلوا له شرطة خاصة بتنظيمه وتحصيل ضرائبه والإشراف على المواخير، وقد أطلقوا على دور الدعارة (كارخانات)، وأصبح البغاء في انجلترا منذ بداية القرن السادس عشر مهنة تمارس رسمياً تحت إشراف الحكومة، وقد أباحت القوانين للرجل بيع زوجته واشترطت موافقتها على المشتري، أما القرن الثامن عشر فيعد العصر الذهبي لتقنين الدعارة في انجلترا وفرنسا وفي بلاد المغرب العربي وألمانيا وهولندا وكندا، وكانت الدعارة تمارس في مصر مع دخول الفرنسيين المدن الكبرى واستمر حال دور الدعارة حتى منتصف القرن التاسع عشر، وفي مطلع الثمانينات من نفس القرن ومع دخول الإنجليز حاولت الحكومة ضبط أو تنظيم هذه المهنة ومنح رخص وشهادات صحية لمن يمارسن الدعارة، ولم يقنن البغاء في مصر إلا عام 1905م لأسباب صحية وتم إلغاؤه عام 1949م، أما في السويد فقد كافحت الحكومة هذه المهنة واجتهدت في إعادة تأهيل الغانيات ومعالجة اللواتي يعانون من اضطرابات نفسية أو أمراض فسيولوجية وذلك في تسعينيات القرن العشرين.

     ويمكننا أن نثبت مما سبق ثلاث حقائق:
أولها: أن الجنس الإنساني سلوك إرادي يخضع في أدائه إلى البنية الثقافية التي يعيش فيها الإنسان، شأنه شأن طريقة تناول الطعام والشراب.
وثانيها: أن البغاء سلوك منحرف دفعت إليه المرأة، بل وأجبرت عليه بفعل الفقر أو القهر أو الجهل أو الانحراف الأخلاقي، مثله مثل العادات المرذولة والسلوك الماجن، أي لا يرتبط بطبيعة المرأة ولا دخل للأرواح الشريرة ولا لوسوسة الشيطان ولا الشره الجنسي فيه.
وثالثها: أن هناك علاقة لزومية واضحة بين الممارسات الجنسية السليمة والنضج الحضاري والارتقاء الثقافي والاستقامة الأخلاقية.
 وبذلك نؤكد  ما أشرنا إليه في المقال السابق، ألا وهو أن الجنس سلوك أخلاقي عند البشر، ودون ذلك من انحرافات يعد انحطاطاً خلقياً أو مرضاً عضوياً، وعليه فنحن في حاجة إلى دراسة فلسفية للكشف عن الممارسات الجنسية المنحرفة في مجتمعاتنا ليسهل على التطبيقيين معالجتها بعد ذلك.
وللحديث بقية في المقال القادم
http://ghafri.over-blog.com/2013/12/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%8A.html

 http://ghafri.over-blog.com/2013/12/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%8A.html


http://www.aksalser.com/index.php?page=view_articles&id=7c5fd974f31593ce3c14e19c35c18bff&ar=609951591

بالصور النادرة ..بحسيتا ..حكاية بيوت المتعة في حلب ..( ج 1من 2 ).بقلم المحامي علاء السيد
الخميس - 10 شباط - 2011 - 10:28 بتوقيت دمشق

التفاصيل
إعلانات
ما ذُُكرت بحسيتا أمام حلبي ، إلا و ابتسم .
أثار هذا الأمر فضولي . و بما أن جيلنا لم يعرفها ، و الجيل السابق الذي أدركها يتجنب الحديث عنها ، و كلما سألت كبار السن عنها ينفون - في البداية و بشدة - معرفتهم المباشرة بها ، ثم - تدريجيا - يتبسطون و يسترسلون في الحديث عنها ، و يشيرون بحذر أنهم ربما زاروها مرة او مرتين للإطلاع على ما فيها فقط ، ثم و بصوت منخفض - مع تحذيري من نقل ما يحكونه على لسانهم - يروون مغامراتهم فيها .
و بما أنها تعد جزءا من تاريخ بلدنا ، و التاريخ تاريخ ،سواء كان سلبيا او ايجابيا ، و لم أجد في أي مرجع دراسة وافية لتاريخ هذا المكان ، الذي قل من امتنع عن زيارته في ذلك الزمان ، حسبما تبين لي ، و لأهمية المؤشرات الأخلاقية و الاجتماعية التي يكشفها تاريخه ، و التي أترك تقديرها للقراء ،  قمت بجمع المعلومات عنه من شفاه من عاصروه ، و ها أنا أقدمها لكم في مقالتي هذه   :
منطقة باب الفرج ..الحارة يسار الصورة مدخل بحسيتا
في عام 1901 م  قرر والي حلب العثماني رائف باشا  افتتاح دار دعارة مرخصة في حلب ، أسوة بباقي مدن السلطنة العثمانية ،كما ذكر الطباخ في كتابه إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ، و كان الهدف منها حصر و تنظيم عمل المومسات في هذا المجال منعا من تواجدهن في مختلف الأحياء و فرض رقابة صحية عليهن ، و انقسم الناس حينها بين مؤيد لفكرة  حصر الدعارة في أماكن محدودة ، و معارض بشدة للترخيص الرسمي لها ..
يقول الطباخ في كتابه إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء الصادر في العشرينيات من القرن الماضي : (بعد ان كانت المومسات قلائل أصبح عددهن يناهز خمسمائة ، و أصبح زائرو هذه الأماكن مئات من الناس بل ألوفا ، و تهافت الشباب على هذه المواخير لسهولة الوصول إليها و فشا فيهم داء الزهري و التعقيبة) .
لكن ترخيص الدعارة في أماكن محددة محصورة لم يمنع  انتشار هذه الظاهرة بشكل سري، و المرأة التي كانت تمارس الدعارة بدون رخصة خارج البيوت الرسمية المخصصة لها،  كانت تعاقب بالحبس ، فإذا ضبطت مرة ثانية او ثالثة  تجبرها السلطات المختصة على الإقامة الإجبارية في دور الدعارة المرخصة.
و تقرر على إقامة بيوت الدعارة المرخصة في حلب -  التي أطلق عليها اسم المحل العمومي - في  حي بحسيتا ،التابع لحارة القلة ، قرب ساعة باب الفرج الحالية .
كان أغلب سكان حارة القلة و بحسيتا قبل افتتاح المحل العمومي من العائلات  اليهودية ، و قد حدد مؤرخ حلب كامل الغزي في كتابه نهر الذهب  عدد سكانها اليهود بحوالي أربعة ألاف شخص في العشرينيات ، و اشهرهم آل جدّاع , آل نحمات , آل ساسون , وآل دويك ، الذين انتقل الأغنياء منهم  للإقامة في محلة الجميلية تجنبا للإقامة قرب بيوت الدعارة  .
شارع بحسيتا في عشرينات القرن الماضي
شارع بحسيتا هو شارع مستقيم بطول ثلاثمائة متر تقريبا ، على جانبيه كانت توجد الدكاكين و اغلبها بقاليات ، و منها دكان يبيع  المشروبات الروحية ، و في منتصف الشارع جهة اليمين يوجد مدخل صغير يؤدي الى زقاق المحل العمومي .
و سابقا كان في الزقاق  الذي أقيم فيه  المحل العمومي قبل ترخيصه  ، مضافة للعموم ، و يطلق العامة على بيوت الضيافة اسم المنزول ، و هي من كلمة ( نزل ) الفصحى  ، فيقال مثلا : (حللت أهلا و نزلت سهلا )  ، و عادة كان الأثرياء و الباشاوات و الآغوات ينشئون مكانا مخصصا لإقامة الأغراب و ضيافتهم مجانا ،هو المنزول ،و يسمى في الأرياف ( الاوضة ) .
و بعدما تحول هذا الزقاق  الى  مكان للدعارة ، صار اسم المنزول لدى الحلبيين مرتبطا ببيوت الدعارة ، بينما يستخدم أبناء بقية المحافظات هذا الاسم للإشارة الى المضافات .
كما يستعمل الحلبيون كلمة كراخانة للدلالة على بيوت الدعارة ، و هي كلمة تركية تعني ( البيت الاسود )  ، فالكرا هو  اللون الاسود بالتركية  و الخانة هي المكان  .
كان المحل العمومي الذي تم ترخيصه للدعارة  ، مؤلف من مدخل ضيق  يحمل رقم 142 في لوحة معلقة على جداره ، و لذلك اشتهر هذا الرقم كرمز للمنزول .
و  تنفذ من المدخل الى زقاق ضيق  ، على طرفيه  مجموعة من الدور العربية، لكل دار حوش  و عدة غرف موزعة  في أطرافه ،  لبعضها غرف علوية ( مربع ) .
و في نهاية الزقاق منفذ آخر له باب مغلق لا يفتح إلا في أحوال خاصة كاستقبال الجنود الفرنسيين و  المليس ( و هي كلمة مشتقة من ميليشيا ) او لدخول الأطباء و موظفي الصحة .
قرب المحل العمومي كانت توجد حمام عامة تحمل اسم حمام الهنا ، و قد خصصت أوقات محددة فيها لفتيات الكراخانة  ، و قد هدمت الآن .
و قرب  المنزول مشفى خصصته  البلدية  لفحص الفتيات و لمعالجة الأمراض التناسلية .
شارع بحسيتا في الأربعينات
في الأربعاء من كل أسبوع ، تخرج الفتيات من الباب الخلفي للزقاق المخصص لهذا الأمر ، ليقمن بزيارة الطبابة الشرعية - التي كانت قريبة من المنزول - لإجراء الفحص الدوري ، و في حال تبين إصابة أي منهن بمرض ما ، تعزل و تحجر حتى تتماثل للشفاء   في المستوصف القريب من المنزول . و توجد في المستوصف غرف تشبه الزنزانات  ، كما تحجر الفتيات فيه طوال فترتهن النسائية الشهرية ، لمنعهن من العمل خلالها  .
كانت الفتيات تلجأن لكيّ الرحم منعا من حصول الحمل ، و الى الإجهاض في حال تم حدوثه ، فقد كانت تربية الأطفال ممنوعة داخل المحل العمومي .
في مدخل المحل العمومي  غرفة صغيرة تتواجد فيها دائما مفرزة مؤلفة من عنصرين من رجال الشرطة  ،  لمنع دخول الأحداث  و للتفتيش عن الاسلحة منعا من استعمالها من قبل أقرباء الفتيات اللذين يرغبون بقتلهن لغسل عارهم  .
للشرطي في المنزول  أهمية عظمى ، فهو يمنع إدخال الأسلحة والسكاكين والمشروبات ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة .
و يصدف أحيانا أن يعين شرطي متساهل ، فيتقاضى مبلغ  بحدود الربع ليرة سورية - ارتفعت لاحقا الى ليرة واحدة - لغض النظر عن الشبان القاصرين الذين دون السن القانونية و الراغبين في دخول المنزول .
اللوحة الحجرية أعلى قهوة السلام في بحسيتا التي تحولت لاحقا الى مسرح غازي
أمام مدخل المنزول مباشرة يوجد مسرح ضخم لتقديم العروض الفنية ، مؤلف من ثلاث طوابق ،  على واجهته الحجرية كتابة قديمة  هي ( قهوة السلام ) ، و قد اشتهر آخر أيام عمل المنزول باسم ( مسرح غازي )، و كانت الفتيات اللواتي يملكن مواهب فنية يقدمن عروضا فيه، و يسمين حينها الخوجات و مفردها خوجة و هي كلمة تركية الأصل تعني المعلمة ، و لا يشترط بالخوجة ان تمتهن الدعارة .
في  المنزول تقيم عشرات الفتيات البالغات من مختلف الأعمار و الجنسيات، و كلهن غريبات من خارج المدينة ، فلا تضع السلطة  فتاة من ذات المدينة في منزول المدينة ، لأنها تتعرض للقتل فورا من قبل أفراد عائلتها .
السبب الأكبر الذي كان يدفع الفتيات للدعارة ، و من ثم الإقامة الجبرية في المحل العمومي بعد القبض عليهن ، هو الفقر و الظروف الاجتماعية و الأسرية السيئة ، و أغلب المومسات  لسن جميلات .
كانت المشروبات الروحية ممنوعة بشكل رسمي تجنبا للمشاكل التي يثيرها السكارى ، و لكن بعض الزجاجات كانت تتسرب للداخل ، كما تقدم المطاعم المحيطة بالمحل العمومي أنواع اللحوم المشوية الى داخل المحل .
لا يجوز أبدا إخراج الفتيات من المحل العمومي الى منازل المدينة .
و يحق للفتاة يوم إجازة أسبوعي هو يوم الاثنين فكانت الفتيات - في فترة بعد الظهر - ترتدين لباسا محتشما  ، و يركبن الحنتور مع رجال مفضلين لديهن لحضور السينما .
و في حال كبرن في السن ينقلن الى منزل قريب يسمى  المنزول العتيق ، حيث يمضين ما تبقى من حياتهن في عوز و فاقة بالغين.
مدخل المنزول العتيق حاليا و الذي أغلق في بداية السبعينات
كان أغلب رواد المحل العمومي من الشباب العازبين و المراهقين و من العساكر و الوافدين الغرباء عن المدينة.
كان للعساكر يوم خاص هو الخميس مساء، من الساعة السابعة حتى التاسعة مساء ، و تم تغييره لاحقاً الى يوم الجمعة ، و لهم تخفيض خاص في السعر يصل حتى النصف ، و يأتون برفقة عريف و يصطفون بالدور برتل عسكري ،  قد يصل الدور الى العشرات  ، و تستبدل يومها مفرزة الشرطة التي تحرس مدخل المنزول بعناصر من الشرطة العسكرية.
في الأربعينات كانت هناك ثلاث تسعيرات متعارف عليها ، و هي ليرتين ، و ثلاث ليرات ، و خمس ليرات ،  تبعا لعمر الفتاة و مستوى جمالها ، و قد زادت هذه التسعيرة لتصل الى إحدى عشر ليرة في أواخر أيام المحل العمومي بداية السبعينات .
يمضي الشاب مع الفتاة  فترة قصيرة لقاء هذا المبلغ لا تزيد عن ربع ساعة ، في حال رغب بتمديدها لمدة ساعة كان عليه ان يطلب فنجان قهوة و يدفع ثمنا له ليرة كاملة،  أما إذا رغب بتمضية ليلة كاملة فيدفع تسعيرة مرتفعة و يسمى هذا الأمر  الأنكاجيه ( و هي كلمة من اصل لاتيني يستعملها الفرنسيون و الإنكليز و تفيد التعليق و الانشغال )  .
بعد وصول الكهرباء للمنطقة في الثلاثينات ، وضُع في أرض حوش كل دار آلة كهربائية تسمى ( بيك آب ) لإذاعة تسجيلات الاسطوانات ، فيضع الرجل ربع ليرة سورية فيها ، و ينتقي الاسطوانة التي تحمل الأغنية التي يفضلها ، لتدار آليا .
صورة نادرة للمومسات أمام مدخل المحل العمومي
ومن أشهر الفتيات اللواتي أقمن فيه في العشرينيات الفنانة ( بديعة ) اللبنانية الأصل ، و التي حملت لاحقا لقبٌ مشتق من حي المصابن القريب من بحسيتا ، هي الفنانة الشهيرة ( بديعة مصابني ) ، و  كانت تقوم بالرقص و الغناء في المسرح المقابل للمحل العمومي،  ثم رحلت الى لبنان ثم  مصر حيث أقامت كازينو شهير جدا و هو كازينو بديعة مصابني ، و قد صدر فيلم مصري شهير بطولة نادية لطفي حول حياتها ، و في آخر حياتها عادت بديعة مصابني الى  شتورة في لبنان ، حيث فتحت  مخزنا صغيرا بالقرب من مزرعة عائدة لها ، تبيع فيه الألبان على الطريق العام باتجاه الحدود السورية  .
تدير بيت الدعارة  في المحل العمومي القوادة التي تسمى بالعامية البترونة ( و هو مشتق من الكلمة الفرنسية باترون التي يطلقها الفرنسيون باحترام على السيد او السيدة التي تتولى إدارة مكان ما) ، و تقوم القوادة باستئجار الدار ، و تشرف على تأمين مفروشات و متطلبات مكان عمل و مبيت الفتيات ، لقاء الجزء الأكبر من الأجور ، و يقع على الفتاة مصاريف أكلها و كسائها ، و تقبض الباترونة المال مباشرة من الرجال و لا تقبضه الفتاة ، و غالبا ما تمضي الفتاة حياتها و هي مدينة لهذه القوادة التي تستنزف مالها بشتى الوسائل و السبل ..
أشهر القوادات في ذلك الزمان هي حميدة  ، و التي  تابت في آخر حياتها ، و قررت التبرع بكامل أموالها لعمل الخير ، في عمل نبيل قل من يقومون به ،رجالا و نساءا  ممن امضوا حياتهم في جني المال الحرام ، و توجهت الى أحد رجال الدين  ، و طلبت منه ان يقبل تبرعها بعدما رفض البقية  قبوله ، و فعلا بُني منزل من أموالها خصص للتائبات الراغبات في تمضية بقية حياتهن فيه ،و يقمن فيه ببعض الأعمال اليدوية لكسب العيش الشريف .
خارج المحل العمومي في البناء الذي أزيل و أقيمت مكانه المكتبة الوطنية ، كان منزل سيرانوش الشهيرة و هي يونانية الأصل  ، و لديها مجموعة من الفتيات ، و كان لها الكثير من المشاكل و الدعاوي في المحاكم .
كما يتعاون مع القوادة في  خدمة الدار رجل يسمى بالعامية - عذرا من القارىء - ( العرصة )، و كلمة عرصة هذه  لها تصحيف و معان مختلفة ، فحاليا يقال لقطعة الأرض غير المبنية (عرَصة ) بفتح الراء ، و قد اعتاد العرب ان  يبدلوا حرف الصاد بحرف السين ، فكلمة ( سراطا ) مثلا تأتي أيضا  ( صراطا ) ، و نقول أيضا سنارة و صنارة .
و قد تأتي كلمة عرّص عند العرب مطابقة لكلمة عرسّ ، و تعني انه نزل أرضا او مقاما للاستراحة ،أو قد تكون اشارة الى المقعد المهيب الذي يشبه العرش ( لان الشين تقلب أحيانا سيناً )و منها العريس و العروس اللذين يأخذان مكانا خاصا ليلة العرس يشبه العرش كما فسرها الاصفهاني في كتابه الأغاني .
و بذلك تكون مهمة ( العرصة ) في المنزول تأمين مستلزمات مكان الاستراحة ، و مهمته أيضا القيام بمهمة صلة الوصل  بين القوادة و السلطة ، و في حال قدم أي زبون شكوى بحق الدار  يتحمل العرصة المسؤولية التي تصل للحبس .

يتبع 
مصدر الصور : كتاب تاريخ حلب المصور ، المحامي علاء السيد ، الصادر حديثاً عن دار شعاع 2011
المحامي علاء السيد – عكس السير
http://aljsad.org/showthread.php?t=93310
بيت دعارة المشرق في ألف عام وعام

يا مشرق , لقد فتحت بيت دعارتك ولأول مرة في تاريخك منذ ألف سنة تقريبا , أغلق أبوابها أو سحقا لك .. .

صدقت أيها العظيم , الحكيم , المبجل فولتير إنك فعلا نبي التسامح , لقد ناديت بحرية الإنسان وحرية المعتقدات , أيها النبيل أرى أنك سكرت من نشوة الفرح عندما إنتصر ابن جلدتك الغربي الجنرال أوجين على الأتراك وقلت حرفيا " هلموا الى الحرب ضد المسلمين , ضعوا عمائمهم ورؤوسهم تحت أقدامكم , حطموا الحواجز , عُضّوا هؤلاء المختونين الوقحين السفهاء , حولوا سكان المشرق الى عبيد , ضع هؤلاء الكفرة في مكانهم "

إننا فعلا عبيد ,وقحاء وسفهة أيها العظيم فولتير : ( قصيدة فولتير سنة 1716 حول الجنرال أوجان الذي ضرب الأتراك سنة 1697 ب Zenta

إنك فعلا إنسان متسامح , وقلبك طاهر وتحب الآخر يا فولتيرمثلما يقول لنا الآن" المفكرون " العرب وستكون المثل الأعلى لنا في المستقبل .

كرر فولتير في الحقيقة ما قاله أجداده القدامى وما يقوله بنو جلدته حتى هذه الثانية , سواء كان إسمه أرسطو أو هيرودوتوس أو فرجيليوس أو دنتي أو شكسبير أو ماركس أو هايننغتون , كلهم قالوا نفس الكلمات تقريبا , سواء كان ديننا الإسلام أو عبدنا الحجارة أو الشياطين ...

لقد أصاب الشيب عقولكم العاهرة أيها العبيد .

صنع الهراطقة أسطورة " العقل الغربي الحكيم العظيم " منذ حوالي ألف سنة تقريبا , ومنذ ذلك العهد ونحن نخبط الأرض بأقدامنا الحافية, في نفس المكان , وننادي بالعقل الغربي الذي سينقذنا ويحررنا من قيود عنصريته .

حوالي ألف سنة تقريبا ونحن نمجد العقل الغربي وكأننا كائنات بدون عقول .

منذ قرون وقرون ونحن نسمع نفس الكلمات " يا أهل المشرق , لقد أصابكم مرض عضال, العقل الغربي سيفتح مشاكلكم الدنيوية والروحية " .

سواء كان إسمه إبن رشد أو إبن سينا أو الكندي .. الخ من القدامى أو ثرارة اليوم الذين ينادون بالحداثة والتمدن والتغيير والتنوير , كلهم نادوا بنفس الشيء , ما عدا التسميات تغيرت , كلهم مجدوا العقل الغربي , الفرق الوحيد بين ثرارة اليوم وعُبّاد الغرب القدامى هو أن البعض من القدامى إستفاد الإنسان من إنتاجهم العلمي الملموس , لكن ثرارة اليوم الذين صعدتهم وسائل الإعلام " الغرعربية " لم يقدموا لنا الا كلمات فارغة وجمل غير مفيدة .

هناك وجه شبه كبير بين عُبّاد الغرب القدامى والذين يعبدونه اليوم , هو أن أكثرهم عملوا في حاشية السلطان والسلطة . ( هناك الكثير من الذين يعبدونه من يعمل مباشرة مع السلطان الغربي )
هل بنى الأهرام العقل الغربي !! هل بنى حضارة اليمن وبلاد الرافدين عقل الغربي !! , هل إكتشف الكتابة وعلمها الإنسان العقل الغربي !! هل الذين إكتشفوا الزراعة وطوروها وبنوا المدينة وشرعوا قوانينها إلهكم الغربي !! وهل وهل وهل !!!

المنطقة المعروفة الان جغرافيا باسم المنطقة العربية عاشت منذ صعود الإغريق إما في حالة يقظة كاملة , منتجة , تساهم في تطوير عقل الكون و أهلها أحرار , أو في حالة سبات عميق , مستهلكة , وأهلها عبيد .

بعد صعود الإغريق وتوسعات الإسكندر الأكبر دخلت المنطقة الى عصر الظلام وتحول أهلها الى عبيد .

بقيت قرطاج القلعة الوحيدة المتحررة بالمنطقة , جمعت قرطاج بين جدرانها الحكمة المشراقية وعملت بها , نظام الحكم ونمطه بقرطاج كان قمة المثالية , وحسب أشد أعدائها مثل أرسطو وغيره كانت قرطاجا نموذجا للمدينة الفاضلة .

لم تستورد قرطاج أفكارا أجنبية لتتطور , وإدعاء بعض المتهورين الذين لقبوهم بمفكرين بأن قرطاج إستوردت الفكر الإغريقي أراه مجرد هراء وثرثرة , ما بقي لنا من أثر مكتوب حول فكر قرطاج نجده عند ترنتي الإفريقي وأظن أن ما تركه لنا في رواياته الست أراهم من زاويتي يجسدون العقلية الشرقية القديمة , النقية , الإنسانية , الخالية من النظرة العبودية للآخر , وعندنا كتب ماغون القرطاجي ( 28 مجلد ) حول الزراعة والريّ , وأظن أن المعقدين في زمننا هذا من عابدي الغرب كلامهم لا يستحق حتى الرد عليه , كـُـتب ماغون حول الزراعة تم ترجمتها للإغريقية من طرف كاسي
التونسي ( من مدينة أوتيكا ) وبعدها بعث بهم الى الملك ديجوراتوس وعنما إكتشف الرومان أهميتها العلمية قرر البرلمان الروماني ( سينات ) ترجمتهم الى اللغة اللاتينية (المعروفة بإسم قرار كاتون ) .

لم يكن الإغريق أو الرومان وراء تطوير الزراعة وتحسين حياة الإنسان في المنطقة مثلما تدعون أيها المتفكرنون , بل العكس هو الصحيح !!

قرطاج كآخر قلعة في العهد القديم كانت شرقية بحتة .

سقطت قرطاج وصعدت روما بمساعدة الخونة ودخلت المنطقة كلها من المشرق الى المغرب في عصر الظلام والعبودية الغربية العنصرية العمياء .

لم تقبل المنطقة الإستعمار وقامت ثورات هنا وهناك .

صعدت المسيحية وانتشرت بالمنطقة . حاول الإغريق إعطاء المسيحية طابعا إغريقيا ولنا باولوس كمثال .

إستغل مُفكرو ذلك العهد من سكان منطقتنا الدين لضرب روما ولتحريك العامة ونشر الوعي حول القيم الإنسانية حسب مفهومها الشرقي , وكل الوطنيين في ذلك العهد سواء كانوا من مدرسة بلاد مصر أو قرطاج أو بلاد الشام ..الخ حاربوا كل ما هو فكر هلليني , وأعطوا للنصرانية مفهومها الشرقي العقلاني ورفضوا كل ما هو غريب .

وأظن أن مدرسة الإسكندرية ببلاد مصر دليل على أن المشرق رفض الفكر الهلليني قلبا وقالبا , فإدعاء الغرب وبيادقه بالداخل من أنصار العولمة أن الفكر الهلليني إنتشر بالعالم مع الإسكندر الأكبر , أراه مجرّد كلام صادر عن مجموعة مصابة بمرض الأنوية , وعن عرب مرتزقة ثمنهم لا يساوي نعل جزمة .

يدعي الغرب ان الإسكندرية ومعهدها للحكمة museion ومكتبتها المشهورة كانت قد نشرت الفكر الهلليني بالمنطقة .

لا أحد ينكر أن بطليموس الأول جدّ كليوبترا الذي حكم مصر بعد موت الإسكندر الأكبر وبعد تقسيم المنطقة بين جنرالاته , هو الذي بنى المدينة العلمية في ساحة قصر المدينة . ولا أحد ينكر أنه بساحة قصر المدينة كانت الأقسام تحمل أسماء إغريقية مثل مركز أرسطو lyceum ومركز إفلاطون ( أكاديمية ) وحديقة ل Epikuros ومركز لزينوس ( الرواقيين ) .

ولا أحد ينكر أن المدرسة أنجبت عمالقة مثل اقليدس في الرياضيات وهيرو الذي صنع أول محرك بخاري بالتاريخ وأرخميدس ومفهومه للآلة وهيريفولوس الذي قام بدراسة خلايا المخ البشري وكان يقوم بتشريح الجثث , ولنا علم الفلك الذي تطور كثيرا بالمدرسة عن طريق هيباركوس وغيرهم , ولا أحد ينكر أن الإسكندرية كانت عاصمة العالم في العلوم في ذلك العهد ..

ولا أحد ينكر أن مدرسة الإسكندرية نشرت في العالم ما وصلت اليه من نتائج في الميادين العلمية الطبية والفلكية وقياس الأراضي وكل ما له علاقة بالبحر .. الخ

لكن هناك فرق شاسع بين مدرسة الإسكندرية وأثينا ولا يمكن المقارنة بينهما ..

مدرسة الإسكندرية كانت علمية بحتة وأهتمت بالعلم وورثت ذلك عن الفراعنة , وكانت بعيدة عن التساؤلات الوجودية , أي كانت معهدا للأبحاث العلمية والتجارب فقط , والجانب الأنوسي بها كان محدودا جدا.

ولو نظرنا الى عمالقة الفكرالمصري في ذلك العهد مثل إفلوطين وآري وأوريغن وكليمانس وغيرهم , نجد أن أفكارهم ونظرتهم الروحية للوجود كانت شرقية بحتة . فإفلوطين كان وثنيا شرقيا بحتا , وآري وأوريغن كانا من النصارى الشرقيين وحاربا الكنيسة الغربية , وقد طردهما البابوات من قائمة المسيحيين ... الخ




سقطت روما أم الأمم مثلما كان يلقبها خونة المشرق ودُفن الفكر الهلليني معها .

عندما نزلت الرسالة على النبي (صلعم ) كانت المنطقة شبه عذراء من الأفكار الدخيلة الهدامة , فقبلت الأكثرية الدين الجديد وصعدت المنطقة وساهمت في تطوير العقل البشري .

كل شيء يخضع لقانون الطبيعة , أي شيء كان , سواء كان دين أو فكرة أو كائن حي . إننا نولد ونتعلم ونتطور ونمر بسنوات المراهقة ثم بعدها نشعر بالقوة والحيوية والهيجان في عهد الشباب ثم نكبر ونمر ببعض الوعكات والأمراض ونضعف ثم نصير عواجيز و نموت .

تلتحم الناس وراء شيء ما , وأي شيء كان يقنعهم ويبعث فيهم الأمل ليعيشوا حياة أفضل ويتطوروا ويعملوا من أجل ذلك المثال الأعلى .. فتقوم مجموعة صغيرة لتستغل الفكرة وتستغل أيضا سذاجة العامة وتحول كل شيء لقضاء مصالحها الدنيوية ... تكتشف العامة الخدعة وتحدث عملية الطلاق بينها وبين ذلك المثال الأعلى الذي آمنت به .

تهجر العامة ذلك المثال الأعلى الذي صنع منها مجموعة قوية ويتحولون الى أفراد كل منهم يدافع عن مصالحه الفردية In order to survive

وتزول الدولة أو المؤسسة التي كانت تربطهم بعضهم ببعض لتحمي الضعفاء منهم , وبعدها تنتشر الفوضى وتنهار الدولة مثلما نشاهده حاليا بعدة دول بالعالم العربي بعد الإستقلال من الغرب , ويصير سكان هذه المنطقة لقمة سهلة في يد الأعداء ويتم إستعمارهم وإذلالهم .

يدخل المستعمر , وتقوم مجموعة تنادي بإحياء القيم القديمة لأجدادهم ويعطونها ثيابا بلون جديد يتماشى مع ما تعلموه من تجاربهم في الوجود ويحاربون المستعمر ويتحررون ثم يتطورون .. الخ .


عن أي تنوير تتكلمون يا أهل المشرق !! وماذا فهمتم من عصر التنوير !! التنوير الغربي بناه رجاله على فكرة واحدة وهي " العقل الغربي متفوق على كل العقول " هذه الأسطورة صنعها الهراطقة العرب من أنصار الفكر الهلليني .

عن أي تنوير تتكلمون وأنتم تقولون لنا بأننا كائنات بلا عقول وغير قادرين على التمييز بين الخير والشر !!

عن أي تنوير تتكلمون وأنتم تقولون لنا أنبطحوا أمام الغربي , إنكم أقل منه مقاما !!!!

اسيادكم الحداثيون والتنويريون الغربيون صنعوا من الغربي إنسانا يثق بنفسه ويفتخر بما أنتجه أجداده وكانوا أعداءا للسلطة وحاربوا الفساد في الدولة , وانتم نشرتم بيننا عقدة تفوق عقل الغربي وسخرتم من كل ما أنتجه أجدادنا .

فولتير ليس الوحيد الذي طلب من بني جلدته ضرب المشرق . الغربيون منذ عصر النهضة وحتى قبله طلبوا من حكامهم توجيه أسلحتهم ضدنا , ألم يطلب ليبنيتز سنة 1670 من لويس الرابع عشر شن حرب مقدسة ضد مصر !! ألم يطلب ماركس احتلال الجزائر !! .. الخ



لقد صدق الغزالي عندما قال :

" أما بعد فإني رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء بمزيد الفطنة والذكاء ... ولا مستند لكفرهم غير تقليد سماعي، ألفي كتقليد اليهود و النصارى ... بل تقليد صادر عن التعثر بأذيال الشبه الصارفة عن صوب الصواب والانخداع بالخيالات المزخرفة كلا مع السراب. كما اتفق لطوائف من النظار في البحث عن العقائد والآراء من أهل البدع والأهواء. لما بلغهم عن الفلاسفة من حسن السمعة وإنما مصدر كفرهم سماعهم أسامي هائلة كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وأمثالهم وإطناب طوائف من متبعيهم وضلالهم في وصف عقولهم، وحسن أصولهم، ودقة علومهم الهندسية، والمنطقية، والطبيعية، والإلهية "

لن تتحرر المنطقة ولن تصعد وستبقى ألف سنة أخرى وألف سنة بعدها على نفس الحالة مادامت تنادي بعبادة عقل الغربي العنصري.

لن نتحرر من قيود العنصرية الغربية بدون الرجوع الى منبعنا .

المنطقة ولدت الأفكار منذ القدم ونشرتها بين الأمم الأخرى .

البقاء للأقوى .
__________________
[

.


Abdesslem Zayane
Tunisie





ليست هناك تعليقات: