الثلاثاء، يوليو 29

مقالات




الإشهار.. وصحافة التاكسي فون؟!
ما قاله الرئيس بوتفليقة أمام رؤساء البلديات أخذت منه صحافة الرضاعات الإشهارية قضية شجاعة اعتراف الرئيس بوجود نقائص في تنفيذ برامج التنمية، وبسرعة تلقفت وسائل الإعلام المغربية ما قالته الصحف الجزائرية بخصوص فشل الرئيس في تنفيذ برنامجه. وأوردت كل قنوات الإعلام المغربي عدة مرات ما اتفقت كل صحف الجزائر على أنه فشل للرئيس وبرنامجه!ولعل ما قالته الصحف الجزائرية هو رد بطريقة أخرى على ما قاله الرئيس من أن بعض الصحافة تهاجم الحكومة والرئيس من أجل زيادة الإشهار والمبيعات..! ومعنى هذا الكلام أن صحافة الجزائر تشبه ''تاكسي فون'' وزارة البريد لا تمشي إلا بالتغذية بالرصيد!ما يؤسف له أن صحافة الجزائر تعاني من ظاهرة استخدام ''بيبرون'' الإشهار في التوجه العام.. وأن هذه الصحافة تخرج في بعض الأحيان مثل أبناء الشهداء في الستينيات ببذلة واحدة وزي واحد وموضوع واحد.. حتى يخيل إلى القارئ أن رئيس تحرير هذه الصحافة هو شخص واحد!ما قاله الرئيس حول موضوع الصحافة أمام رؤساء البلديات ينبغي أن لا يمر هكذا.. لأنه هناك بالفعل وجود صحافة تَرضع من خزينة الدولة.. وهناك صحافة أخرى تُرضع خزينة الدولة بالضرائب.. وخلط الاثنين في كيس واحد لا يجوز..وقد يقول قائل: إن الرئيس لا يقصد بما قاله الصحافة الوطنية بل يقصد الصحافة الأجنبية.. والقضية هنا تكون أخطر لو صح ذلك! لأنه لا يعقل أن تشترى البلاد مواقف الصحف الأجنبية بالإشهار والمبيعات! لأن في ذلك خطورة قد تتجاوز خطورة ما تكتبه هذه الصحف!

:يكتبها: سعد بوعقبة


ملوك أكثـر من الملك
بغض النظر عن الموقف إن كان سلبيا أم إيجابيا من محتوى الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية خلال لقائه برؤساء المجالس المحلية المنتخبة، فإن الخطاب تضمن محطات لا يمكن إلا أن يتوقف عندها كل قارئ ومتأمل ومحلل للأوضاع التي تمر بها الجزائر، وهذا شيء طبيعي، لأن اعتراف رئيس بفشل مشروعه بعد قرابة العشر سنوات من الحكم وهو على أبواب الإعلان عن ترشحه لعهدة ثالثة ليس بالأمر الهين ولا البسيط، وعليه فقد كان منتظرا من الإعلاميين الجزائريين قبل غيرهم من الساسة والمتابعين تسليط الأضواء وليس الضوء على كل جوانب هذا الخطاب، غير أن الذي حدث كان العكس تماما، إذ غابت الفقرات والمحطات الحادة من الخطاب من معظم الصحف الوطنية... وهنا لابد من التساؤل عن مبرر تجنب هذه الصحف الخوض في الجوانب السلبية من الخطاب، بالرغم من أن ''المتضرر'' الأول من الإعلان عن فشل السياسة المنتهجة، وهو رئيس الجمهورية باعتباره واضع هذه السياسة، وهو من اختار الأدوات التنفيذية التي هي مختلف المسؤولين الذي كلفوا بتطبيق مشاريعه ومتابعتها ميدانيا، كان صريحا وواضحا إلى أبعد الحدود، بل وكانت له الشجاعة المطلوبة لوضع النقاط على الحروف، والإعلان بأسلوب صريح وواضح وحاد أن الطريق التي اعتقد أنها ستوصل البلد إلى الجنة لم تؤد إليها... هذا إن لم يكن قد أخطأ التسديد، خاصة أن بعض الفقرات الحادة من الخطاب جاءت ارتجالية ومن خارج النص المكتوب. فأي منطق هذا الذي يمنع جريدة ما أو صحفيا من تأدية دوره الإعلامي المعروف والمنوط به، وبدل ذلك يتعمد إخفاء ما لم يخفه المعني، فهل يعقل أن يمارس صحفي التعتيم وفي حق رئيس الجمهورية؟ بالرغم من أن واجبه المهني يفرض عليه محاربة التعتيم لتناقضه مع أخلاقه المهنية.لو لم أكن أعرف صحفيينا جيدا لقلت أن هناك شيئا ما قد حدث... وإلا ما معنى أن يتخلفوا عن شن حملة ضارية شارحة ومطنبة لما جاء في خطاب الرئيس، ومهاجمين بلا رحمة ولا شفقة الملفات التي هاجمها وسلط عليها نقده الحاد؟بقي أن نشير إلى أن هناك صحفا لم تشر في صفحاتها الأولى بالمرة إلى خطاب بوتفليقة، وهذا بالرغم من أنها من الصحف المعنية بصفة ''الصديقة'' التي وردت في الخطاب الرئاسي... لكن تعودها على السلبية واجترار لغة الخشب ألجمها عن مسايرة محتوى الخطاب.


المصدر :العربي زواق


محمد عبد الوهاب كمال الدين صاحب البرنامج الإذاعي "مغرب الشعوب" للنصربومدين مدحني و الإعلام نساني
التقيناه بمدينة معسكر كان يرتدي قشابية لا تميزه عن باقي مواطني هذه المدينة المضيافة. تحت نظارتين كان يخفي عينين شهدتا على كل شيء، على مسيرة الجزائر الإشتراكية و على بناء وطن كبير. كان يقدم برنامجا يوميا بالإذاعة عنوانه "مغرب الشعوب" و كنت واحدا من المستمعين الأوفياء لنبرة صوت القارئ و لثراء محتوى الحصة. بحزن في العينين و ابتسامة مجاملة رد على أسئلتنا. محمد عبد الوهاب كمال الدين، هذا هو الإسم الكامل؟و الحقيقي.هل هو إسم لحكاية مكتملة أو لحكاية لم تكتمل بعد؟هي الحكايات لا تكتمل إذا لم أقل لن تكتمل أبدا في هذه الحياة لأن الإكتمال من قبيل الكلمات المتمردة شيئا ما.محمد عبد الوهاب كمال الدين، حينما ننطق بهذا الإسم و يحدث أن يكون هناك مواطن في هذا الوطن جاهل بهذا و لم يسمعه من قبل إلى ماذا يعود السبب في رأيك؟بصراحة و أقولها بمرارة مع الأسف الشديد السبب الرئيسي هي وسائل الإعلام التي عملت على تهميشي و هذا ما يقودني إلى طرح سؤال جوهري: هل كل من يعمل لصالح هذه البلاد مصيره التهميش؟ كجزائري أديت واجبي دون فخر كي أستحق المواطنة و هذه سنة الحياة المعاصرة، واجب وجوب الهواء و الماء بالنسبة للجسم. قدمت نصف حياتي للإذاعة الجزائرية حتى أنني كنت أنسى أموري الشخصية و دراستي بالجامعة آنذاك بالجزائر العاصمة بحيث كنت أقدم ثلاثة عشر برنامجا في الأسبوع ما بين تنسيق و تقديم و إخراج و تصحيح بالإضافة إلى كتابة التمثيليات و ملكي الآن 54 تمثيلية مسجلة الآن بأرشيف الإذاعة الوطنية. هناك برامج ثقافية أخرى كثيرة و متنوعة، في الأدب، في التاريخ و ما كان همي الأساسي سوى خدمة المواطن.و ذاك كان هم كل الجزائريين آنذاك.طبعا، بعدما خرجنا من ليل استعماري طويل و ممارسات بغيضة دامت 130 سنة أخذت على عاتقي مسؤولية فكانت كل ثقافتي و لساني و الصوت الذي حباني به الله تعالى و الذي راح يخبو الآن.ما زالت البركة.يبارك فيك. الصوت و بعض الثقافة العربية التي وجهتها لخدمة هذا الوطن إلى غاية 1987 تاريخ التقاعد و لهذا فإن الكثيرين من الشباب لا يعرفون هذا الإسم. هذه مجرد فذلكة تاريخية.تكملة لهذه الفذلكة أقول أنني كمواطن جزائري كنت شابا في السبعينيات و عشت تلك السنوات بحماس ثوري كبير باعتبار أن المرحلة كانت للبناء و التشييد و كان هناك إيمان بأن هذا الوطن سوف يقفز إلى الأعالي و كانت تتوفر نيات طيبة هنا و هناك من أجل بناء ليس وطنا فقط بل عالما مغاربيا و عربيا يقوم على أسس و قواعد صحيحة و من بين الأشياء التي كانت تناضل في هذا الإتجاه برنامج إذاعي إسمه "مغرب الشعوب". كيف ناضلت أنت داخل هذه المساحة؟كان البرنامج في بدايته يذاع من الساعة السادسة إلى الثامنة مساء ثم تحول من التاسعة إلى الحادية عشرة ليلا ثم من الحادية عشرة إلى منتصف الليل ثم توقف.و متى كانت أول حصة بالضبط؟15 نوفمبر 1976.و متى كانت آخر حصة؟لقد توقفت أنا عن العمل في البرنامج و عدت إلى العاصمة للعمل في الإنتاج العام و أعتقد أن البرنامج توقف نهائيا في بداية الثمانينيات و تغير حتى المذيعين و كذا الأسلوب بسبب وجود إتصالات سياسية بين الجزائر و المغرب. كان البرنامج سياسيا محضا حين كنت أقدمه و لكنه أصبح بعدها ثقافيا و صار مساحة لاستضافة الطلبة و غيرهم و لن أكون مسؤولا عنه يوم القيامة ...جميل هذا "يوم القيامة".يضحك ثم يواصل قائلا: لا أكون مسؤولا لأنني لم أجرح أحدا.كيف تم التخطيط لهذا البرنامج الذي كان يعد قبلة يومية للكثير من المواطنين؟يجب أن أقول أن البرنامج سياسي قبل كل شيء و حاولت أنا أن أفرغه في قالب ثقافي و سادت فلسفة سياسية آنذاك ترى أن المغرب العربي هو مغرب شعوب و ليس مغرب دول، كانت قيادة بلادي تؤمن بهذا إيمانا راسخا و كنت تلك هي السياسة الرسمية. بدأت جماعات تقول أن الجزائر حادت عن خط ثورة التحرير و بدأت تتخلى عن العروبة و الإسلام و تبنيها للإشتراكية و هو تيار لا يخدم الثقافة الجزائرية الأصيلية و من هنا جاءت فكرة الدفاع عن الجزائر و عن العلم الجزائري. الحقيقة أنني لم أدافع عن الجزائر في بداية البرنامج لأنني و الحمد لله إنطلقت منذ البداية بالهجوم.ما هي قدراتك في ذلك؟هي موهبة حباني بها الله سبحانه و تعالى و هي الصوت، فحينما كان إخواننا، أنا لا أقول الخصم، في المغرب يقولون أن الجزائر حادت عن طريق الثورة و تخلت عن الدين الإسلامي باعتناقها للشيوعية رأيت أنا أن أدخل الموضوع من هذه الزاوية الحساسة، لهذا و حتى أبدأ بالهجوم أقول بالحرف الواحد "أنا لست شيوعيا و لست كافرا" و أخذت لذلك آية قرآنية لأثبت أن الجزائر ليست شيوعية و لا مارقة وضعتها في الجينيريك أو اللحن المميز و الذي يعتبر صورة وواجهة البرنامج. الآية تقول "باسم الله الرحمان الرحيم، و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون، صدق الله العظيم". كانت تلك ضربة قوية في المواجهة آنذاك.كيف كان موقف السياسيين من البرنامج و هل كانت هناك اتصالات مع السلطات العليا بالبلاد؟كان المدير العام للإعلام برئاسة الجمهورية رفيق السلاح و أخونا في اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين الدكتور محي الدين عميمور أطال الله في عمره الذي قدمني للسلطات العليا بالبلاد كمجاهد و طالب و كان البرنامج يذاع آنذاك من إذاعة وهران الجهوية و ليس العاصمة و لذا لم نكن نعلن عن الإذاعة بل نقول فقط "إذاعة مغرب الشعوب" ككلمة توجيهية تأتي مباشرة بعد الآية القرآنية.لكن يقال أنك كنت تنطق حرف الغين في كلمة "مغرب" بطريقة خاصة جدا.الكثير من العرب تساءلوا حول هذه القضية و هي نطق الغين مع السكون و هناك شخص كنت أقلد صوته و أحترمه جدا كان يقدم حرب التحرير بمصر و هو أحمد سعيد الذي حين إلتقيته سألني مبتسما "أنت تشبهني كثيرا في نبرات صوتك لكن تلك الغين بحثنا عنها في الشام و العراق و مصر و لم نجدها فمن أين أتيت بها؟".هل تقولها لنا الآن؟(ينطقها بشكل جميل). مغرب الشعوب. أنا لا أقولها بحماس بل بالدرجة الثالثة من الإلقاء و ذاك شيء مهم. اليوم أستمع من حين لآخر للإذاعة و لا أجد أي احترام لأدنى قواعد الإلقاء من طرف المذيعين الشباب.هل هناك اتصالات بينك و بين الإذاعة من أجل الإستفادة من خبرتك في مجال تدريب هؤلاء الشباب على النطق مثلا؟لا أبدا، أقولها بمرارة و أنا لي محاضرة ألقيتها تحت عنوان "رجل الإذاعة" تلخص الفكرة بأن التلفزة تتوفر على الصورة أما المذيع فهو الشخص المسؤول على جعلك تراه بأذنيك و لهذا يجب أن يتوفر على كثير من الخصائص و منها الحبال الصوتية المتينة.من يوضب تفاصيل برنامج "مغرب الشعوب"، أي من كان يختار المقاطع الموسيقية مثلا؟هذا العبد الضعيف الذي أمامك هو الذي كان يختارها و يضعها في أماكنها. أحكي لك حادثة خاصة. كات الأغاني المغربية ممنوعة بالإذاعة آنذاك لكن بهدف جلب الإخوان المغاربة، و ذاك هدف البرنامج، أذعت بعض أغاني المطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي و من جملتها أغنية "أديني معاك". في اليوم الموالي ظن الجميع أن هناك تصالح بين الجزائر و المغرب قد حصل و الدليل على ذلك الأغاني.و هل كان المغاربة يستمعون للبرنامج؟الرسائل التي كانت ترد على البرنامج هي أحسن دليل بحيث وصل عددها إلى 15000 رسالة أسبوعيا تأتي من مختلف دول العالم.هل كنت تقرأ كل الرسائل؟لا، هذا مستحيل لكن كان لي قسم يختار بعض الرسائل الجيدة حتى نذيعها مركزا في ذلك على رسائل المواطنين المغاربة.أين رجل السياسة من هذا؟يقال أن البرنامج بقوته و رزانته و بعده أثر في الرئيس هواري بومدين كثيرا. كان البرنامج في مستوى سياسي و أكاديمي أقول فيه: "أيها الإخوة في المغرب العربي من فزال إلى مراكش نحن إخوة، إن بلادنا يقودها رجال كانوا يقولون بالأمس الله أكبر و هم الآن ما زالوا أحياء و يقودون الجزائر بالله أكبر". قال لي بعض المقربين من الرئيس أنه بعد هذه الجملة أشعل سيجارا و قال: "وين كان عبد الوهاب هذا راقد؟". أردد في البرنامج أيضا بعض الجمل للرئيس فأقول مثلا: "نحن شعب لا نسجد و لا نركع إلا لخالق السجود و الركوع" و كذا كلمة "مغرب الشعوب" التي هي تسمية البرنامج أخذتها من إحدى الخطب "نحن نريد مغربا تسيره الشعوب و ليس مغربا تسيره الحكومات و الدول"، نفس الجملة أخذها أحمد وهبي الفنان الجزائري العظيم الذي مات منسيا و حولها إلى أغنية خالدة. كنت طالبا و مناضلا منذ زمن، كيف كان ذلك؟جاء أمر التعبئة عام 1961 لكل الطلبة الجزائريين الذين كانوا بالخارج للإلتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني فلبيت النداء في بداية فيفري 1961 بوحدة الألغام أو "الجيني" و تخصصنا في الأسلاك الشائكة التي هي ليست ما نراه أو نسمعه في التلفزة. الأسلاك الحقيقية تشبه نار جهنم التي وعد الله بها الكافرين. هي خطوط من ستة صفوف من الأسلاك بستة أمتار عرضا و مترين طولا و بين كل خط و آخر توجد الألغام. كل الأسلاك مكهربة بقيمة 30000 فولت نقطعها بمقصات ألمانية لكن الخطر أن قطع السلك يلم من طرف العدو الذي يرمي القنابل للتو و لم تكن النجاة سهلة. أنا عشت ما بين 1954-1958 بالجزائر و رأيت جهنم بالحدود. الكثير من الجنود حدثت لهم اضطرابات عصبية و كانوا في نومهم يصرخون "عندك البومبة".أين تعلمت اللغة العربية الراقية؟كنت طالبا بالقرويين ثم بمعهد النهضة حين كان القرويون في سنوات 1958-1959 قبلة لدارسي اللغة و الفقه و العلوم الإنسانية بصفة عامة. معهد النهضة التابع للقرويين كان عصريا بحيث يدرس اللغات و الموسيقى و الرسم و الفلك و ذاك ما كنت أبحث عنه.أنت تعيش الآن في معسكر؟لا، بل في شرقها على بعد 6 كلم في قرية صغيرة إسمها "عرش أولاد سيدي بن يخلف"، أما الجد الأول فلقبه "يخلف".عجيب أمر هذه الدنيا، أنا و أنت من عائلة واحدة إذن؟ليس غريبا فكل الجزائريين إخوة تجمعهم حرب التحرير و العلم و التسامح و الأخوة و الدولة الجزائرية.هل فكرت في كتابة الذي حدث؟الكثير من المثقفين طرح علي هذا السؤال بما في ذلك الأستاذ جمال فوغالي مدير الثقافة بولاية معسكر لكنني أقول لهم جميعا أنا لا أدري لماذا جف القلم و توقفت الأنامل عن الكتابة.ما الذي يمكن أن تقوله للمذيعين الشباب؟إحترام مخارج الحروف وإحترام لغة الضاد كي لا يتحول نطقا "أعضاء الحكومة" إلى "أعداء الحكومة" ثم قليل من الأدب لأن المذيع يدخل البيوت من دون استئذان.
حاوره:عبد السلام يخلف







لا تسكتوا رجاء. لا أحد سيصور فوضى العالم بعد اليوم، العين الشاعرة امتلأت بما رأت ويوسف شاهين لم يكف، ولكنه لم يعد قادرا على الاحتمال كما هي حال الذين كبروا في ثقافة عربية مؤذية.في الثانية والثمانين يصبح الكائن قادرا على الصمت. الصمت البليغ الذي لا يحتاج إلى ترجمان كي يصل خصوصا إذا كان صاحبه ينحدر من السلالة المشاغبة التي ينحدر منها "جو". هنيئا، إذا، لغاراغوزات الثقافة العربية الذين ناصبوا الفنان العداء لسبب بسيط هو أنه لا يخاف حين يتعلق الأمر بقول الحقيقة، هو الذي كشف مبكرا عن خط سير يجمع بين الانتصار للجمال الذي هو جوهر كل فن وجوهر العمل السينمائي على الخصوص والوفاء لدوره كمثقف نقدي تنويري في مجتمع متخلف تتناهبه غربان الظلام والفساد. لذلك تخصص بعض المثقفين والإعلاميين في هجائه في سلوك مألوف في مصر وشقيقاتها العربيات حيث يكتسب بعض المثقفين (والمثقفات أيضا) "مكانة " اجتماعية حزينة كعائد خدمة للسلطة وعائد وشاية بالمثقفين النقديين. بلغ جو العالمية ولا زال الهجاؤون يبحثون عن أهداف جديدة. قال كل شيء وانسحب إلى ركن قصي لأنه يعرف بحدسه الذي لا يخيب أبدا أن الزمن لم يعد زمنه وان الانسحاب أيضا رسالة بالغة القسوة. لا صورة بعد اليوم ولا شغب. هنيئا للخسارة وقد تعززت بسقوط عمود آخر من أعمدة النور.هنيئا للظلمات.
سليم بوفنداسة

ليست هناك تعليقات: