الأحد، فبراير 3

الاخبار العاجلة على توقيع احزاب الجماع الرئاسي على رسالة مفتوحة الى الرئيس بوتفليقة من اجل قبول الترشح الرئاسي لعهدة خامسة وييدكر ان الرئيس بوتفليقة فضل التوحد الاجتماعي على طريقة ام كلثوم في انتظار رسالة القبول الانتخابي ويدكر ان الرئيس الجزئاري سوف يترشح عبر صورة ورسالة مفتوحة واما الجزئاريين فسوف ينتخبون عبر الاعجاب والرف ضفي صفحات الفايسبوك وهكدا اصبح للجزائر رئيس الكتروني وشعب افتراضي والاسباب مجهولة


اخر خبر
الاخبار العاجلة لمطالبة احزاب  عبد العزيز  بالترجي  السياسي من اجل ترشح  بوتفليقة لعهدة رئاسية  اولي في دستور  2016وخامسة في دستور 2012  والاسباب  مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة على توقيع  احزاب الجماع  الرئاسي على رسالة مفتوحة  الى الرئيس بوتفليقة من اجل  قبول الترشح الرئاسي  لعهدة خامسة وييدكر ان الرئيس بوتفليقة فضل  التوحد  الاجتماعي  على طريقة ام كلثوم  في انتظار  رسالة  القبول الانتخابي ويدكر ان الرئيس  الجزئاري سوف يترشح  عبر صورة ورسالة مفتوحة  واما  الجزئاريين  فسوف ينتخبون عبر  الاعجاب   والرف ضفي صفحات الفايسبوك وهكدا اصبح للجزائر رئيس  الكتروني وشعب افتراضي  والاسباب  مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة لاكتشاف  الجزائريين انه لاول مرة في تاريخ الاداعة الجزائرية  وبمناسبةمرور 24سنةعلى تاسيس اداعةقسنطينة تنجح الصحافية الاداعية  امينة تباني  في طرح جميع الاسئلة  على ضيفها مدير   الري  بقسنطينة ويدكر ان  خبر   نجاح الصحافيةومديرة اداعة قسنطينة في طرح جميع  االاسئلة  استقبل بالافراح من طرف  الاسرة الاعلامية والصحفية بقسنطينة كما تنقلت   الصحافة العالمية  الى مقر اداعة قسنطينة للاستفسار حول اسباب  نجاح  الصحافية الاداعية في طرح جميع الاسئلة على ضيوفها لاول مرة في تاريخ الاداعة  الجزائرية  مند سنوات  الجزائر المستقلة وهكدا صنعت   الصحافية  امينة تباني اول سبق  صحفي اداعي في حياة  سكان قسنطينة والاسباب  مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة  لانتظار  احزاب التحالف  الرئاسي  الردود  الرسمية  من طرف  الرئيس بوتفليقة   في  شوارع  بن عكنون  ويدكر ان  طلب احزاب التحالف  بعهدة خامسة  لرئيس بوتفليقة   عبر رسالة  خطية   تزامن  مع   الرفض الامريكي  والفرنسي لعهدة خامسة بسبب  مر ض  الرئيس وعجز  احمد اويحي عن الترشح الرئاسي  ويدكر ان الجزئار تعيش  بلا شعب ولااقتصاد ولا دولة ولامستقبل ولا  حضارة ولا تاريخ    وصدق القائل بحثث عن الجزائر بين الصخور والجبال  فوجدتها  في المقابر والاسباب مجهولة 
اخر خبر
الاخبار العاجلةلاكتشاف المديعة سلمي بوعكاز  ان المديع مراد بوكرزازة يرفض دكر اسم  كريمة بوكعباش في حياة اداعة قسنطينة ويدكر ان المديع مراد  بوكرزازة يعيش بعقدة نفسية  من اسم بوكعباش  خاصة  وان  زمن  تاسيس اداعة قسنطينة تزامن مع ادارة  عبد القيوم بوكعباش للاداعة  الجزائريةويبقي لغز كراهية  مراد بوكرزازة  لللقب  بوكعباش  من اسرار وامراض  الاديب المعاق  ثقافيا وفكريا  مراد بوكرزازة والاسباب  مجهولة

اخر  خبر

أن أمسيات الشعر، على قلتها، بات لا يحضرها سوى عابرين أو نمامين أو مُخبرين أو صائدي شاعرات أو متقاعدين داهمهم ضجر أو بعض من معطوبي الإبداع. فهل هي هزيمة الشعر في الجزائر؟

سعيد خطيبي










https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%AC%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1/

الحالة الحرجة للشعراء في الجزائر

1 - فبراير - 2019

2
حجم الخط
يحصل أن نقف أمام واجهة مكتبة، وسط عاصمة البلد، أو غيرها من مدن أخرى، نجد فيها كتباً من تخصصات مختلفة، عدا الشعر. وإن تجرأنا ودفعنا الباب ودخلنا، فلن نجد الشعر سوى في رف أو رفين بعيدين، تبلغهم أضواء خافتة، ولا تصل إليهم أصابع الزبائن أو المارة. وفي معارض الكتاب المحلية، يبحث الناس عن كتب كثيرة، بما في ذلك كتب تفسير الأحلام وأخبار الجن، ونادراً ما يسألون عن شعر، وإن حصل وسألوا عنه، فلن يخرج عن طلب دواوين لشعراء مشرقيين. كما أن أمسيات الشعر، على قلتها، بات لا يحضرها سوى عابرين أو نمامين أو مُخبرين أو صائدي شاعرات أو متقاعدين داهمهم ضجر أو بعض من معطوبي الإبداع. فهل هي هزيمة الشعر في الجزائر؟
من الشجاعة أن نقر بأن الجزائر لم تكن ـ يوماً ـ بلداً للشعر الفصيح، لأسباب كثيرة؛ فقد ضيعنا وقتاً في مناقشة حجج تغيب الشعر، بدون أن نكتب شعراً، ثم إن شعراء الجزائر المعاصرين يكتبون، وهم لا يعلمون لمن يكتبون، ولا لمن يقرؤون ومن يقرأ لهم. وأحياناً الشاعر نفسه لا يُعيد قراءة ما يكتب، وفي هذه الحالة، لا ننتظر من القارئ أن يبذل جهداً في شراء ومطالعة ديوان شعر لا يفهم منه الكثير. قد يقول أحدهم أن الشاعر ليس ملزماً بشرح ما يكتب، وأن الشعر لا يتوجه إلى عامة الناس، لكن في المقابل، لم يتكيف الشعر في الجزائر مع المرحلة التي يعيشها، ما يزال ماضوياً، غريباً عن الجغرافيا، التي يدور فيها وحولها. لكي نقرأ شعراً نحتاج تفرغاً، وقتاً، ونحن اليوم نُصارع نظاماً اجتماعياً مضاد لقراءة الشعر وللتفرغ، فهل نرضى بهزيمة الشعر أم نُعيد تكييفه مع متطلبات المرحلة؟
لقد طُرحت، في الماضي، أسئلة عن الشعر، وقليلاً ما طُرحت أسئلة على الشاعر في حد ذاته، الذي يدرك أن كتابته لم تتغير ولم تتعدل، ومع ذلك يشتكي من قلة القراء، وضعف منافسته لضروب كتابية أخرى. من الطبيعي أن تُباع رواية ما بالمئات، مع أن الجزائر من أضعف أسواق الرواية عربياً، لكن هذا لا يعني أن يحس شاعر بكبت، وبأن هناك مؤامرة على الشعر، لأنه لا يبيع بالكمية ذاتها. أن يوجد قراء للشعر، على قلتهم، فهم ليسوا بالضرورة قراء لشعراء جزائريين، وأن يعجز شاعر على تحويل بصرهم إليه، فالأولى له أن يطرح أسئلة على نفسه، قبل إطلاق سخطه على القراء، الذين يبتاعون سنوياً نسخاً لشعراء من سوريا وفلسطين ومصر، ويتجاهلون كتاب بلدهم، ولهم في ذلك أعذارهم.
إذا فشلنا في امتلاك شعر فصيح، ذلك لأننا امتلكنا شعراً آخر، يتداوله الناس ويحفظونه، ويتراشقون بكلماته، وهم ينسون أو يجهلون أسماء مؤلفيه، ونقصد هنا الشعر الملحون في الجزائر.
إذا فشلنا في امتلاك شعر فصيح، ذلك لأننا امتلكنا شعراً آخر، يتداوله الناس ويحفظونه، ويتراشقون بكلماته، وهم ينسون أو يجهلون أسماء مؤلفيه، ونقصد هنا الشعر الملحون في الجزائر، أو ما يصطلح عليه ـ أحياناً ـ ﺑ»القصيد» أو شعر العامية، الذي استوعب العربية، وفتحها على الأمازيغية، وعلى تأثيرات لغوية أجنبية، وهو شعر لم يتوقف عن تجديد نفسه، وتنويع شكله ومضمونه، خصوصاً في اقترابه وتماسه مع الناس مباشرة، حيث تكاد تكون لكل مدينة شخصية «قوال»، ذلك الذي يلقي شعراً ويرتجل، في الأمكنة العامة، ثم إن سجلاً واسعاً من الأغنية الجزائرية يقتنص كلماته من الشعر الملحون، الذي يكتب، في الغالب، على إيقاع موسيقي، ما يسهل تلقيه، وانتشاره بين الناس. ويشبه الباحث عبد القادر عزة شخصية «القوال» الذي ينظم «القصيد»، ويحفظ قصائد الملحون، يشبهه بشعراء الجاهلية، باعتبارهم متحدثين عن قبائلهم، بينما القوال، هو الناطق باسم المنطقة التي ينشط فيها، ما يكسبه مكانة معنوية، ويجعل من الشعر الملحون نصاً ينصت إليه الناس، ويغنيهم عن الالتفات إلى الشعر الفصيح، في الجزائر.
بما أن الشعر الفصيح فشل في أن يُقيم مزاراً له، وعجز عن منافسة الشعر الملحون، كما أن الجامعات تكاد تصرف النظر عنه، وقليلاً ما نُصادف رسالة جامعية عن ديوان شعر فصيح، كما أنه لم يقدر على رفع صوته أمام «القوال»، فهل يصح أن يطلق أحدهم على نفسه «شاعراً» في الجزائر؟ كلمة شاعر تبدو كلمة عبثية، في عقول الناس، يدركون معاني كلمتي مداح أو زجال، وما ينبغي لهما أن يكتبا أو يقولا، لكنهم يجدون صعوبة في تفسير معنى شاعر، والأمر لا يتوقف عند تواري الشعر الفصيح، بقدر ما يتعلق بسير الشعراء أنفسهم، فمنذ جيل مفدي زكرياء، ونهاية ثورة التحرير، بالكاد نجد شاعراً واحداً متورطاً في قضايا يومه، وقريباً من السجالات والنقاشات، التي تحدث في بلده، فقد كون الشعراء صورة مغبرة عن أنفسهم، حياديين، صامتين، في اللحظات الحاسمة، ولا ينطقون سوى عندما يؤذن لهم بذلك، في أمسيات أو في مناسبات يختلط فيه الشعر بالولاء السياسي.
وعندما تستضيف تلفزيونات محلية شاعراً، فالأمر ليس مغريا ولا يجذب مشاهدين، مثل تقديم مدون أو ناشط أو خبير في أمر ما، حتى إن كان خبيراً في الشعوذة، على العكس تماماً مما يحصل، على الجهة المقابلة، في الشعر الملحون، المشتبك مع كل ما يحصل، والمستمسك بجرأته في التعليق والنقد والمدح والذم، أحياناً بكلام فظ، غير مبالٍ بالأخلاقيات اللزجة، ولا قوانين الدبلوماسية المتحولة.
من السهل أن يرد واحد من الشعراء بالقول إن فارلين لم يكن يبيع في وقته أكثر من 8 نسخ، من دواوينه، وكذا الحال مع رامبو، أو بودلير، ولكن أولئك وغيرهم عاشوا شعراء، في اشتباكهم مع راهنهم ومحاورته جمالياً، فقد خاضوا حياة شعر، والشعر ليس بالضرورة ما يُكتب، بل هو ـ قبلاً ـ تجربة حياة، بينما في الجزائر ما يزال الشعر هو فقط حين تنشر قصيدة، أو يصدر ديوان، مع أن الشعر يوجد في الكلام اليومي، في ومضات إعلانية على تلفزيون، في أغنية، في فيلم، أو في مسرحية.
ما سبق لا يعني أن الأمر حسم، وأن الشعر لن يقف على رجليه، في الجزائر، بل هي معاينة عما حصل، في وقت سابق، بينما اليوم توجد وسائل لتغير الوضع، باستغلال وساط التواصل، مع ما توفره من نشر وانتشار وسهولة في تلقي الشعر، تنظيم لقاءات تخص فقط الشعر، بالخروج من القاعات المهجورة إلى الشارع، ربط الشعر بالموسيقى، فعندما ينتقل الشعر إلى الأغنية سيجد جمهورا له. عدا ذلك، سيظل متكئاً على هزيمته التاريخية.
٭ روائي جزائري
  • صوت من مراكش

    هجران الشعر ليس حالة جزائرية صرفة بل يكاد يتعداها لعموم

    البلدان العربية و اعجب ما في الامر هو ما قرأته في مقال بقدسنا

    العربي هذا الاسبوع عن ترحال بعض الشعراء من الشعر الى جنس

    الرواية و كأن لسان حال الشاعر يقول ان الرواية باتت ديوان العرب

    الراهن وليس الشعر . اثرت اخي سعيد شعر الملحون الزجلي و قد شدني ما

    قلت فيه وهو ظاهرة فنية راقية و الملحون في تعريفه هو شعر فصيح

    فيه لحن اي لا يخضع للنحو وقواعده و للاسف هو ايضا لم يعد افضل حال

    من الفصيح في الشعر ربما اصحابه تراجعوا هم ايضا عن عيشهم في الشعر و

    الاشتباك مع راهنهم او محاورته جماليا على حد قولك شكرا لك

    تحياتي
  • نصر الدين

    معذرة أستاذ .ألم تسأل عن سبب المفارقة التالية: لقد شارك ألف شاعر في المسابقة التي نظمتها الإذاعة الجزائرية في مدح المسجد الأعظم قبل أن يكتمل بناؤه. نعم ألف مشارك. ناهيك عن عدد الشعراء الجزائريين الذين لم يشاركوا. وبالمقابل نجد أن أي دار نشر جزائرية تجازف بنشر ديوان شعر فإنها تعجز عن تسويق 500 نسخة فقط. ماذا لو أن كل شاعر جزائر اشترى ديوان شعر لشاعر جزائري. فالأكيد أننا نتجاوز ما أصبح يعرف بأزمة نشر الشعر في الجزائر. أما الحديث عن تقدم الشعر الملحون في الجزائر فاعتقد أنه يجانب الحقيقة. فالشعر الملحون يعاني من فقر، بل إملاق. فهل يمكن مقارنة وضع الشعر الملحون الجزائري بوضع الشعر العامي المصري أو النبطي في الخليج. أنظر إلى كلمات أغاني الرأي الجزائرية أو حتى الراب. فما هو المخزون الذي تتكئ عليه… إنها تعبر عن بؤس إن لم يكن البؤس ذاته في التعبير عن المشاعر والتجربة الإنسانية. تحياتي

شيوعيو الجزائر.. قصة الصعود والسقوط

24 - نوفمبر - 2017

0
حجم الخط
كانت ثورة الجزائر (1954 ـ 1962) سبباً في تشكل نواة شيوعية، في البلد، بدأت مع كتّاب تأثروا ببعض الشعراء، مثل لويس آراغون وبابلو نيرودا، ثم صارت حراكاً سياسياً، انخرط فيه مُناضلون معروفون، مثل بشير حاج علي، موريس أودان، هنري علاق وغيرهم.
كثير من مناضلي الحزب الشيوعي الجزائري جاؤوا من فرنسا، من فرنسيين شاركوا في دعم الثورة، ثم التحقوا، عقب الاستقلال، بالجزائر، ومنهم من تجنس بالجنسية الجزائرية، عاشوا في الجزائر بنِية بناء وطن لهم، بعدما تفتت أحلامهم في أوروبا، لكن سرعان ما ستخيب ظنونهم، سيجردون من ماضيهم، من هوياتهم، ويُطردون ـ عنوة ـ من البلد.
كما كانت الثورة سبباً في ميلاد الحزب الشيوعي الجزائري، سيكون الاستقلال سبباً في تفككه. عن هؤلاء الشيوعيين الفرنسيين، الذين اختاروا مناصرة القضية الجزائرية، وتركوا حياتهم ووظائفهم في فرنسا، من أجل العمل في الجزائر، كتبت آن صوفي ستيفانيني (1982) روايتها «سنواتنا الحمراء» (غاليمار ـ باريس 2017). رواية عن صعود وسقوط الشيوعية، في البلد، عن قصر حبل الحلم، وعن تنكر النظام الجزائري لأصدقاء الثورة، الذين وقفوا معها في الماضي.
بطلة الرواية اسمها كاترين، والدها شيوعي، يعمل سائق تاكسي في باريس، سماها كذلك تيمناً ببطلة رواية «أجراس بازل» للويس آراغون. تماماً مثل بطلة آراغون، ستعيش كاترين مناضلة نسوية، قبل أن تنقلب ـ لاحقاً ـ على قناعاتها، حين تكتشف أن الشيوعية مجرد حلم وليست واقعاً. شهران بعد الاستقلال، تصل كاترين، وهي في الرابعة والعشرين من العمر، إلى الجزائر العاصمة، لهدفين اثنين: البحث عن حبيبها السابق فانسون، الذي التحق ـ قبلها ـ بالثورة، وعمل في ورشة لتصنيع الأسلحة، على الحدود مع المغرب، وبغرض التدريس في ثانوية دولاكروا، والمساهمة في بناء بلد جديد.
كاترين انتقلت من باريس إلى الجزائر، ركضاً خلف حلم، غيرت شكل عيشها، طلباً لتحقيق ما لم يحققه والدها، كانت تعتقد أن الخطوة الأولى لبناء ما ضاع تبدأ من العيش في الضفة المُقابلة، في أرض الثورة، فقد وصلت إلى الجزائر وهي تعتقد أن مشروع الآباء المُجهض سيجد طريقاً للتحقق. والدها كانت تربطه صداقات مع شيوعيين جزائريين، وكان قد حدثها عنهم، وحين جاءت للجزائر، كانت تعتقد أن هؤلاء سيستقبلونها بالأحضان، ولم تدرك أن كعكة الاستقلال قد غيرت مزاجاتهم، وقد فرقت بينهم، وجعلت منهم أشخاصا مختلفين، يفكرون في الوصول إلى الحكم، بدل التغيير من الأسفل.
أول كلمة عربية ستتعلمها كاترين هي كلمة: شيوعي. تتعلم نطقها من والدها. ستعرف كيف تحيط نفسها باللون الأحمر، وتدرك أنها صارت ممن يُطلق عليهم «الأقدام الحمر»، وهم بضع مئات من شيوعيين أجانب عاشوا في الجزائر. ستكتب، في رسائلها الحميمة إلى والدها، طبوغرافيا كاملة لعاصمة البلاد، ستحدثه عن حاراتها، قاعات السينما فيها، وعن مواخيرها الشهيرة، التي تحولت ـ مع الوقت ـ إلى مؤسسات أو سكنات أو ملكيات خاصة.
فانسون، حبيبها السابق في باريس، سيلتحق بها في الجزائر العاصمة، قادماً إليها من المغرب، ويحكي لها بعضاً من يوميات الثورة: «كنت أُركّب رشاشات في مصنع تسليح تابع لجبهة التحرير الوطني. كنا نصنع مسدسات وقنابل أيضاً. كان يوجد هناك مرقدان، يحيط بهما سور عالٍ، لحمايتنا ولمنعنا من الفرار. لكن من كان يجرأ على الفرار؟ لم أكن الفرنسي الوحيد هناك (..)في البداية، كنت أفكر فيك، أحن إليك، لكن بعد شهر واحد تغيرت حياتي. كنا نلعب الكرة كل مساء، نذهب إلى بائعات الهوى مرة كل شهر، وإلى البحر مرة كل ثلاثة أشهر. كنت أطالع كتباً، أقرأ للكتاب الذين نحبهم، ثم توقفت. تعلمت العربية والروسية. كنا جنود الخفاء، نعيش وسط الحر والظلام والجرذان». فانسون الشيوعي، الذي تعرفت عليه الراوية، في باريس، سيصير شخصاً آخر بعد الاستقلال، فقد انتهت الثورة، وتوارت الأحلام، وصار صحافياً في وكالة الأنباء الجزائرية، مقرباً من محيط الرئيس أحمد بن بلة، وصديقاً للوزراء. سينصرف عن كاترين أيضاً، يتخلى عن حبه لها، فالشيوعي ـ بحسب فانسون ـ يربط الحب بالشرط السياسي. كلما تغيرت ملامح السياسة، واختلفت الموازين، سيتغير هواه. سيعدد مغامراته العاشقة، وتفعل كاترين ـ في البداية ـ مثله، قبل أن تقرر أن تتوقف عن مجاراة الرجال، واستعادة نزعتها النسوية، ستلتحق بالجامعة ـ مجدداً ـ بنية تحضير شهادة ماجستير عن أعمال إيزابيل إيبرهارت، ثم ترتبط بشاب يدعى علي، تتزوج منه، رغم أنه يختلف عنها في كل شيء: هو من عائلة برجوازية، ووالده كان ضد الثورة، وقُتل في ظروف غامضة. هكذا تصير مدرسة ـ في الثانوية صباحاً، طالبة في الجامعة مساءً، وعاشقة لعلي، الذي يختلف عنها كلية، ليلاً.
ستتوسع ـ تدريجياً ـ خيبات كاترين من شيوعيي الجزائر، ومن «الأقدام الحمر»، ستندم، بعد سنوات قليلة، على ترك حياتها في باريس، ومجيئها إلى الجزائر، ستتعمق أيضاً الهوة بينها وبين زوجها علي الذي علمها العربية، لكنها تصر، في داخلها، أنه ما يزال، على الأقل، يوجد شيوعي واحد أصيل، سيحفظ ماء الوجه: تسميه ياسين. تختلق، في مخيلتها، هوية لهذا «ياسين»، وكلما سمعت أو صادفت شيوعياً، لم يتغير بتغير السياسة، تسأله إن كان اسمه ياسين! لكن الصدمة، التي لم تتوقعها، ستأتي من انتقام النظام السياسي من شيوعيي البلد. لقد صار البلد أشبه ﺑ»سجن كبير»، تكتب. صار الأمن يُراقب «كلماتنا، تحركاتنا، الكتب التي نقرأها، والأشخاص الذين نلتقيهم» تضيف. لقد كان زمن الشائعات في الجزائر، فللتخلص من الشيوعيين ـ الذين كانوا يُطالبون بنصيبهم من الحكم ـ روج النظام ادعاءات ضدهم، بأنهم «صهاينة» أو أنهم «أعداء البلد».
في تلك الفترة، كانت كاترين قد بدأت العمل، في الصحيفة الشيوعية «الجزائر ـ الجمهورية»، وتحكي كيف صارت الرقابة ممارسة يومياً، والتي ولدت رقابة ذاتية. الشيوعيون الذين كانوا ينددون بالرقابة صاروا يمارسونها على بعضهم بعضا، فقبل نشر أي مقال في الجريدة نفسها، لا بد أن يمر على عدد من الأشخاص، من المراقبين، للموافقة عليه أو رفضه. ثم جاء انقلاب هواري بومدين على الرئيس أحمد بن بلة (صيف 1965)، وكانـــــت تلك نقطة التحول الحاسمة في حياة شيــــوعيي الجـــزائر، حيث زج بالجزائريين منهم في السجن، والأجانب، رغم أنهم وقفوا طويلا إلى جانب الثورة، طُردوا إلى بلدانهم، ومعهم عادت كاترين، من حيث جاءت، فوهم الشيوعية في الجزائر لم يدم ـ في النهاية ـ أكثر من ثلاث سنوات.
رواية «سنواتنا الحمر» هي أيضاً نص في مديح الجزائر العاصمة، في رثاء التروتسكيين القدامى، في استعادة زمن لن يعود، هي رواية عن حقبة مرت بسرعة، حقبة الطموحات المشروعة، حقبة الآمال الممكنة، فجزائر أوائل الستينيات كانت أرضاً يرتفع فيها سقف الحلم عالياً، قبل أن ينهار، بعد ثلاث سنوات فقط، بعد أن انقلب الكولونيل على الرئيس، واحتكر السلطة له وحده، وتخلص من الآخرين، مسح أولئك الذين ساعدوه في كسب الاستقلال، انفرد بالحاضر وبالمستقبل له، ومحى من الذاكرة من سبقوه.
٭ كاتب جزائري

لروائي الجزائري سعيد خطيبي: الجزائر تحت رحمة تاريخ مُنحاز ومبتور

الجزائر/ حوار: حسام الدين ربيع/ مجلة ميم



ولد في الـ29 ديسمبر/كانون الأول 1984، ببوسعادة ولاية المسيلة بالجزائر، أكمل دراسته العليا في السوسيولوجيا في جامعة السوربون عام 2011، يقيم في سلوفينيا، وقبلها، عاش في قطر أين كان يشرف على إدارة تحرير مجلة “الدوحة” الثقافية، له عديد المؤلفات منها “كتاب الخطايا” (رواية)، “أربعون عاما في انتظار إيزابيل” (رواية)، “بعيداً عن نجمة” (ترجمات شعرية لكاتب ياسين)، 2009، “مدار الغياب” ترجمة لقصص جزائرية باللغة الفرنسية، “عبرت المساء حافيا” مؤلف حاور فيه أكبر الروائيين، إضافة إلى كتاب في أدب الرحلة تحت عنوان “جنائن الشرق الملتهبة”.
كما نال جوائز مهمة منها جائزة الصحافة العربية عام 2012 وجائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة عام 2015، وجائزة كتارا للرواية العربية لعام 2017 عن رواية “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل”..إنّه الكاتب والمترجم والإعلامي الجزائري سعيد خطيبي متحدثا في حوار مع “ميم” عن أخر أعماله الأدبية “حطب سراييفو” وقضايا أخرى مهمة.


  • تقدّم في معرض الجزائر الدّولي للكتاب، الذي ينطلق نهاية الشّهر الجاري ويستمر إلى غاية الـ10 نوفمبر/تشرين الثاني الداخل، رواية جديدة بعنوان”حطب سراييفو”، كيف جاءتك فكرة الكتابة عن سراييفو؟
شرعت في كتابة هذه الرّواية، عام 2013، بعد زيارتي إلى سراييفو، للمرّة الأولى، حيث أقمت هناك بضعة أشهر. ونقطة البداية كانت مصادفة، حيث عثرت، في متحف مُستقلّ، بوسط المدينة، على قصاصات جرائد، تؤرّخ لكرونولوجيا الضّحايا، كلّ اليوم، وردت من بينهم أسماء جزائريين. ثم تركت المخطوط جانباً، ولم أعد إليه سوى قبل نحو عامين.
عدت إلى سراييفو، مرّة أخرى، في إقامة أطول، تنقلت بين مدن وقرى، وأيضاً في دول الجوار (صربيا وكرواتيا والجبل الأسود)، بحثاً عن خيط يقودني إلى أولئك الجزائريين، الذين شاركوا في تلك الحرب، ثمّ شيئاً فشيئاً، شرعت في تلمّس أشياء أخرى، في فهم ما غاب عنّي، في الإحاطة بأوجه الشّبه بين الجزائر والبوسنة والهرسك، وفي تدوين الحكايات، وتوسيع رقعة الكتابة، فرغم أن الجزائر والبوسنة عرفتا حربين مختلفتين، في التسعينيات من القرن، فقد كانت الأسباب ذاتها ومتشابهة.
تعلّمت اللغة الصّربو– كرواتية، كي أتحاور مع النّاس، بشكل مُباشر، وكي أقترب من التّفصيلات. “حطب سراييفو” ليست رواية عن الحرب، بل عن النّاجين من الحرب، عن “ما قبل وما بعد”، تتبع مسارات وحيوات شخصيات.
خرجت، بأقلّ الأضرار، من الحرب، قبل أن تصطدم بحرب أخرى، لا تقل شناعة، وهي حرب البحث عن الهوية، واكتشاف أنها كانت تعيش في خدعة، فبطلا الرّواية: إيفانا وسليم، سيجدان أنهما كبرا في هوية غير هويتهما الأصلية، وأن الحرب كانت سبباً في أن يُعيدا النّظر في تاريخهما في أصولهما. تتولى الأحداث والحكايات، في الرّواية، إلى أن يفهما كيف آلت حياتهما إلى ما يعيشانه.




  • العمل فيه شيء من تاريخ صادم لجزائريين شاركوا في حرب البلقان، وربما أنت أوّل جزائري يكتب عن هذه القضيّة. كيف قدّمت هؤلاء الجزائريين؟ وما علاقة “حطب سراييفو” بالعشرية السّوداء؟
في الحقيقة، لم أعتمد على نموذج واحد ولا على شخص واحد ولا على قصّة واحدة، بل هو مزيج من نماذج كثيرة، من جزائريين شاركوا في حرب البلقان، كي أصوغ شخصيات الرّواية، وأسرد القصص، التي تتداخل فيما بينها. اهتممت بالبحث في التّفصيلات الصّغيرة، في هشاشة الإنسان، في الإمساك بالجزئيّات، في الخوض في الزّوايا المُعتمة، في التّنقيب عن الهوامش المنسيّة، وفي سرد حكايات..


الرّاي ليس ملك الجزائر وحدها والجدل حول أصوله مُفتعل


كلّ حكاية تُكمل ما جاء قبلها، بشكل حلزوني، إلى أن نعود، في النّهاية، إلى نقطة البداية. بالنّسبة للعلاقة مع العشرية السّوداء، الرّواية تسرد عاماً واحداً، من عشرية التسعينيات، عام تكثّفت فيه الأحداث، في مكانين مختلفين: سراييفو، التي خرجت لتوّها من حصار وحرب، والجزائر العاصمة التي كانت تعيش حرباً أهلية.
قبل أن يتقاطع المكانان وشخصياتهما. يتناوب البطلان في سرد قصصهما، وحياتهما، في الاستماع إلى بعضهما بعضاً وفي التقاط ما يدور حولهما، تتشابك سيرتهما، في ديكور من الفظاعة، ومن موت كان يحوم في سمائنا، كلّ يوم.

  • “أربعون عاماً في انتظار ايزابيل”… روايتك السّابقة تتحدّث عن الكاتبة والرّحالة إيزابيل إيبرهارت(1877-1904)، وتسرد وقائع تاريخية، كما في “حطب سراييفو”… هل يشكّل التّاريخ جزءا مهما من كتاباتك؟ وهل هو خيار أو طريقك في النصّ الروائي؟
التّاريخ يقرفص في صلب العملية الرّوائية. الرّواية ليست وظيفتها كتابة التّاريخ، بل كتابة ما يُمكن أن نُطلق عليه “تاريخاً مضاداً”. هناك – دائماً – تاريخ رسمي، تكتبه السّلطة، لكن ليس هو التّاريخ الحقيقي. في الجزائر، نعيش تحت رحمة تاريخ مزيّف ومُنحاز، ومبتور، كتب التّاريخ لا تقول شيئاً عن لحظات حرجة مرّت في تاريخنا المُعاصر، لهذه تأتي الرّواية لتسدّ الفراغات، لتقترح نوافذ جديدة نطلّ منها عما حصل، لتقول ما يعجز عليه الآخرون.


فشلنا في الترويج للأدب الجزائري في الخارج


ما قمت به في “حطب سراييفو”، وقبلها في “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل” هو طرح كلّ الفرضيات المُمكنة، تجميع المادة والأرشيف، وصياغتها روائياً، بعيداً عن المحاكمات أو توزيع أوسمة الإشادة أو الإدانة، ففي النّهاية الحكم بيد القارئ، ولا ينوب عليه أحد آخر.  والرّوائي وظيفته الحكي والإمتاع.
في هذه الرّواية، اعتمدت على أرشيف واسع، استنزف مني أشهراً من البحث، قبل الشّروع في الكتابة، والرّواية تعود، في جزء منها، إلى الحرب العالمية الثّانية، في التّفتيش عن أصول الأحداث والوقائع، وما ربط بينها، كي نفهم سبب ما وصلنا إليه اليوم، ونفهم أسباب ما تعيشه شخصيات الرّواية، وتأثير بعض الأحداث التّاريخية المهمّة، على حيواتهم الشّخصية.





  • بما أنّك ترجمت نصوصا أدبية، تبدو الأعمال الجزائرية قليلة الحضور في المكتبات الغربية وحتى في معارض الكتاب، ما السّبب برأيك؟ وهل للترجمة دور في هذا الغياب؟
إذا تحدّثنا بموضوعية، فالأدب الجزائري يُترجم، بشكل جيّد. وهنا أقصد الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية. يُحظى باهتمام في لغات أخرى. فيما يخصّ الأدب المكتوب بالعربية، هنا القضية شائكة، نحن نعلم أن صلتنا الأقرب بالغرب، تبدأ من فرنسا، نظراً لظروف تاريخية، بالمقابل يبدو القارئ الفرنسي غير مهتم بما يُكتب عندنا بالعربية، لأنه مكتف بما يتوافر له من نصوص لجزائريين، كُتبت مباشرة بالفرنسية.


“حطب سراييفو” تتبع مسارات أشخاص في حرب البلقان منهم جزائريين


يشعر أن أولئك الكتّاب الذين اختاروا الفرنسية لغة لهم، يقدّمون له ما يودّ الاطلاع عليه، ولا يحتاج إلى ترجمات. من جهة أخرى، قبل أن نُعاتب الآخر على عدم التّرجمة، نقرّ أننا فشلنا في التّرويج للأدب الجزائري المكتوب بالعربية، والأسباب السّياسية لها دور، لا يخفى على أحد صعوبة تصدير الكتاب إلى الخارج، بحكم القوانين المتصلّبة، بالتّالي فقد بقي الكتاب الجزائري، بالعربية، طويلاً، محتجزاً في الدّاخل، ولا يعلم القارئ الأجنبي ماذا يُكتب أو ماذا يحصل بين حدود بلدنا.
التّرويج للكتاب يبدأ من إعادة النّظر في القوانين التي تضيّق عليه التّحرّك وتقلّل من حريّته.




  • هل حياة المهجر تعد دافعا يجعلك تحبّ الكتابة عن بلدك وتستذكر أمكنتها بتوليفة تاريخية دائما؟
أنا أتردّد، باستمرار، على الجزائر، وأقضي فيها أوقاتا طويلة من العام. لكن، من جهة أخرى، الابتعاد يوفّر لنا سبباً للنظّر إلى الأشياء، على مسافة، والإحاطة بها، بموضوعية.
وأكثر شيء امتلكته، في هذه الحركة بين الدّاخل والخارج، هو “الحقّ في الحريّة”. ولا أقصد هنا حرية الكلام أو الرّأي، فهذا اختصار يُميع مفهوم الكلمة، أقصد منها حرية التّفكير، حريّة الاختيار، وكذا حرية الوصول إلى الأرشيف، وهو أمر آخر مهمّ، بحكم أن أرشيف بلدنا، يوجد جزء كبير ومهمّ منه في الخارج، وليس في الدّاخل.
لم أشعر يوماً باغتراب لأنني أعيش، بتوقيت الجزائر، واتّخاذ مسافة من المكان والأحداث جعلني أنظر إلى الأشياء بتمعّن، خالٍ من الانفعالات ومن الذّاتية.





كتبت عن فن الراي (أعراس النّار..قصّة الرّاي) ولاقى كتابك صدى واسعا، اليوم هناك جدل بشأن أصل هذا اللون الفنّي وهذه الموسيقى الجميلة بين المغرب والجزائر، لماذا برأيك؟
هو جدل مختلق، ويثيره أشخاص متعصّبون لهويتهم ومنغلقون في أنانيتهم. برأيي الرّاي ليست فقط موسيقى جزائرية، بل هي موسيقى مغاربية، أو أكثر، هي موسيقى الجاليات المغتربة، هي موسيقى أحياء الصّفيح، في كلّ الأمكنة، هي موسيقى ضدّ الرّأي الواحد، هي ملك شعوب ومجتمعات وليست ملك أفراد أو مؤسسات، ومحاولة حصرها في إطار جغرافي ضيّق يتناقض مع ماهية الرّاي، باعتباره فناً يخرج عن التّصنيفات الضّيقة، ولا يقرّ بالتّخندق.
الرّاي جزائري ومغربي وتونسي، إلخ. وأرى أنه من المفيد النّظر إلى هذه الموسيقى كموروث مشترك، وأن لا نحتجزها في زجاجة، نفتح لها فضاءات أوسع، خلف الحدود، كي لا تفقد شعورها بالحريّة.


تعلّمت اللغة الصّربو– كرواتية، كي أتحاور مع النّاس، وأكتب عنهم


  • أنت من مواليد الثمانينيات، لمن كنت تستمع من مغنيّ الرّاي؟ وهل تحضّر لكتاب تخصّ به أحد نجوم الراي كالمرحوم حسني أو خالد أو مامي؟
يصعب أن أفرّق بين مغنيّ الرّاي، ولا سيما منهم جيلي السّبعينيات والثّمانينيات، كنت أستمع لكلّ ما هو راي، أكاد أعرف كلّ المغنين والملحنين والمنتجين، ثم في مرحلة لاحقة، سمحت لي ظروف بأن التقيت عدداً منهم، وصرنا أصدقاء. أصدرت، قبل أربع سنوات، كتاب سيرة عن الشّاب حسني، وشرعت، بعد ذلك، في تدوين مقالات مطوّلة، ليس عن مغنين، بل عن جلسات الرّاي النّسوي، عن طقوسها، عن الشّيخات، وعن السّهرات العفوية التي يشرفن عليها، وهي مجموعة مقالات، ما تزال على اللابتوب، أحاول أن أتصيّد الوقت بغرض إتمامها، مع إضافات وتعديلات أخرى، كي تصير جاهزة.


  • ظهرت عشرات الأصوات الجديدة والشّابة (هناك من عمره 17 سنة) في عالم الكتابة الرّوائية بالجزائر، بماذا تنصحها؟
أهمّ نصيحة يمكن أن تقدّم لكاتب شاب هي أن لا يسمع أي نصيحة. الكتابة مغامرة، تجريب، صدمة، يخوضها بنفسه، بأخطائه، التي سيتعلّم منها، ويصوّبها، أن يقفز في الماء، ولا ينتظر يد تمتدّ إليه، أن يكتب بطيشه ووقاحته وجنونه وحبّه، وأن يعيشها عارياً، دون تزييف.
https://meemmagazine.net/2018/11/07/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A-%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%AA/

سعيد خطيبي: نحن جيل ملعون من الكتاب

تمثِّل الأمكنة فضاءً متكاملاً ينهلُ منه الكاتب قصصاً ماضية مرَّ عليها التاريخ دون التفصيل فيها، قصص ترتبط بشخصيات كانت فاعلة في زمن مضى، ثم ما لبثَ ضوؤها أن خبا، الكاتب الجزائري سعيد خطيبي يعود إلى مطلع القرن الماضي ليعيد رسم المشهد خلال تواجد الرحَّالة والكاتبة إيزابيل إيبرهارت في مسقط رأسه جنوبي الجزائر.
الأحد 2016/10/30
سؤال الهوية يرتبط بعمق مع الأدب
سعيد خطيبي، كاتب وصحافي جزائري، ولد في عام 1984، درس في الجزائر وفرنسا، وحصل عام 2012 على جائزة الصحافة العربية، صدر له العديد من المؤلفات بين الرواية والبحث، في هذا الحوار يفتح خطيبي الباب على أسئلة الهوية والتاريخ من خلال أعماله “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل”، “كتاب الخطايا”، “عبرت المساء حافياً”، “جنائن الشرق الملتهبة”.
صدرت لضيفنا مؤخراً رواية “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل”، والكتابةُ عن رحَّالة مثل إيزابيل إيبرهارت التي عاشت بين عامي “1877- 1904″، يتطلّب نبشاً في التّاريخ، والتّاريخ يُروَى من زاوية نظر المُدوِّن، وهنا أسأل سعيد عن موازنته بين الرؤية التاريخية والرؤية الأدبية في روايته، ليقول إن “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل” رواية وليست كتاب تاريخ، بالتّالي فهي تخضع لتأويلات أدبية – بالدّرجة الأولى- وليس تاريخية. الأدب له قدرة على احتواء التّاريخ كما يصفه، لذلك يسمح للكاتب بأن يعود إلى الماضي، لمحاولة فهمه، وإعادة التّفكير فيه، وتصوّر الأحداث، والرّبط بين وقائع مشتركة، وأخرى غير مشتركة، فالنص عند خطيبي -مهما كان جنسه- لا ينتمي سوى للأدب، إنما القراءات والتّأويلات من تحرّكه، وتنسبه إلى تخصّصات أخرى، والقراءة فعل ذاتي، يمنح للقارئ الحقّ في رسم صورة مُغايرة للعالم من منطلقات شخصية.
تشكيل التاريخ
بناء على ذلك فإن ضيفنا صبَّ اهتمامه في روايته على الأدب وليس على التّاريخ الذي أعاد التفكير فيه، من منظور مختلف، ذلك المنظور أتى من زاوية أدبية، الثّابتُ فيها أنها مبنية على استعادة وقائع حقيقية كما يقول، حيث انشغل في السّنوات الثلاث الماضية في إعادة قراءة وفهم أعمال الكاتبة والرّحالة إيزابيل إيبرهارت ، من خلال العودة إلى أرشيفها الشّخصي في فرنسا، من كرّاسات وأوراق متناثرة، وإلى المرويّات الشّعبية التي تُحكي عنها خلال إقامتها في مسقط رأس الكاتب جنوب الجزائر، ومن خلال هذه القراءات المكثَّفة والبحث الذي اعتمد طرقاً عديدة، أعاد سعيد خطيبي تشكيل عالم إيزابيل إيبرهارت، انطلاقاً من قاعدة واسعة من البيانات ومن الأرشيف ومن الحكايات.
يصف خطيبي ما كُتب عن إيزابيل إيبرهارت حتى الآن، بأنَّه لم يخرج من دائرة المدح المبالغ فيه، لهذا فقد عاد كما يؤكد إلى الماضي بقدر كاف من الموضوعية، ليس باعتبارها كاتبة كبيرة وفقط، بل باعتبارها عنصراً محورياً في محاولة فهم بعض جزئيات الحقبة الكولونيالية في الجزائر، وفي المغرب العربي إجمالا، وباعتبارها جزءا من التّاريخ، فاستعادة حضورها يأتي في سياق إعادة فهم المرحلة التي عاشت فيها، التي كانت مرحلة شبه مغيّبة من تاريخ الجزائر بحسب ضيفنا.
ينتمي إلى جيل ملعون من الكتاب كما يصفه، جيل بلا انتصارات، ولدوا مهزومين، فكانت الكتابة كلغة احتجاج على الحال الذي وصلوا إليه، في ظل سرقة لحظة الفرح القصيرة، عقب بدايات الربيع العربي
العالم الروائي
عالم سعيد خطيبي الروائي يستند اليوم إلى إصدارين، “كتاب الخطايا”، و”أربعون عاماً في انتظار إيزابيل”، أسأله هنا عن أبرز ملامح ومقوّمات وضوابط الكتابة الروائية كمشروع أدبي لديه، ليقول إنه مسكون بسؤال الهوية، إلى أين ننتمي فعلاً؟ ولماذا؟ هل يجب أن نطيع السّرديات الكبرى، التي تشكّلت في حقبة ما بعد الاستقلال، والتي أثبتت فشلها، ونعيد إحياءها وتدوير الفشل مرّة أخرى، إرضاءً للجموع المغيّبة، أم نتنصّل منها ونتحمّل غضب الجماعة ضدّ الفرد؟
أمام هذه التساؤلات يجد خطيبي نفسه ينتمي إلى جيل ملعون من الكُتَّاب كما يصفه، جيل بلا انتصارات، وُلدوا مهزومين، فكانت الكتابة كلغة احتجاج على الحال الذي وصلوا إليه، في ظل سرقة لحظة الفرح القصيرة، عقب بدايات الرّبيع العربي عام 2011، فقد اكتشف الشباب كما يرى ضيفنا أن الأمر يتجاوز طوباويَّتَهُم، فضاعت الثورات في أنانية رجال دين، والعسكر، وعدد من السّياسيين المتقاعدين، أمام هذا المشهد يتكرر سؤال الهوية باستمرار.
يتساءل خطيبي، هل يجب أن نبقى في الحيّز الذي نشأنا فيه أم يجب أن نتجاوزه؟ ولكن كيف؟ هذا التّصادم الذي نعيش فيه اليوم، ليس مع الآخر، المختلف عناّ، بل فيما بيننا أيضاً، يقول ” نحن جيل فاقد لبوصلة الأيديولوجية، جيل تزحزح إلى الخلف، من البداية، وما يجب علينا الآن ليس قلب الوضع، ولكن فقط محاولة التّقليل من حجم الخيبات”.
حوارات في الهوية
من خلال كتابه “عبرت المساء حافياً”، حاور سعيد خطيبي كتَّاباً فرانكفونيين، أسأله هنا عن رؤيته لثنائية الاستغراب والاستشراق، ليقول إنَّه في كتاب «عبرت المساء حافياً» ركّز جهده على وضع كتّاب جزائريين، يكتبون بالفرنسية، ياسمينة خضرا، مليكة مقدّم، أنور بن مالك، وغيرهم، ومجدداً برز أمامه سؤال الهوية. اللغة محدّد أساسي في تحديد انتماء الفرد. اللغة تشارك في تشكيل ذهن الكاتب، في توجيه طريقة تفكيره، فمنذ اللحظة التي يشرع فيها طفل في الكلام، يشرع في التّفكير، وبحسب اللغة التي يكتب بها الكاتب، يصنع عقله عوالم مختلفة له.
مفهوم الأصالة لا بد أن يتقبل الانفتاح على الاختلاف
يتابع ضيفنا، أنَّ البعض يرى في أن المكان الذي نُولد ونكبر فيه هو الذي سيحدّد خصوصيات هويتنا، لكن اللغة التي سنتبناها لاحقاً أيضاً ستقدّم عناصر جديدة في تشكّل منطلقاتنا الهوياتية. بالمقابل، لا يمكن أن نفصل لغة من ثقافتها، ومن ميزات المجتمع الذي توجد فيه، من هنا تبدو حالات كتاّب عرب، يكتبون بالفرنسية، أو بلغة أخرى غير عربية، مستفزّة للأسئلة، تستلزم وقفة مطّولة معها.
هذا الاختلاف اللساني سيغيّر من نظرتهم للعالم، سيضعهم بالتالي في صدامية مع القارئ الأصلي، القارئ الذي وُلد وكبر وما يزال يعيش في مجتمعاتهم الأصلية، يستحضر خطيبي هنا قول كاتب ياسين في تعريفه للغة الفرنسية في الجزائر بأنها “غنيمة حرب”، لكنها عند ضيفنا تتخذ صورة “الورطة التاريخية” في الحقيقة، ففي الجزائر أو المغرب، مهما نجح كاتب محلي، يكتب بالفرنسية، سيبقى ينظر إليه بتوجّس، كما لو أنه ليس كاتبا مكتملاً، على غرار أقرانه الذين يكتبون باللغة الوطنية بحسب خطيبي، الذي ـ ووفق هذا المنظورـ كان يحاور كتّابا فرانكفونيين، ليس في كتاباتهم بعد استشراقي -بالتّعريف الكلاسيكي للمصطلح-، لكنهم فعلا يعيشون اغترابا مضاعفا: اغتراب جسدي وآخر لساني، وهذا أمر يشعرهم بكبت، بسبب وجود حاجز نفسي في تواصلهم مع القارئ في بلدهم الأصلي.
أصالة النص
حديثه عن إرباكات الكتابة بلغة أخرى لمتلقّ يحمل في روحه لغة مختلفة عن أبجدية الكتابة، يدفعني لسؤاله عن فكرة “الأصالة” في النص الأدبي، شعرياً وسردياً، فضيفنا يملك في ذهنيَّتِه خلفيات ثقافية متعددة، برزَ بعضها في منجزه الإبداعي والآخر ظلَّ على شكل خيالات في مسيرتِه الدراسية بين الجزائر وفرنسا، ليقول إنَّ الوضع العام الذي نعيش فيه، في الوطن العربي، من حالة لاطمأنينة، وقلق مستمر، على أكثر من صعيد، يجعل من مسألة الهوية، مسألة أساسية. وسؤال الهوية يرتبط، بعمق، مع الأدب ومع الكتابة الأدبية، بتعدد أجناسها.
ومن الهوية نفسها، والتّعصب لها أو الابتعاد عنها، تولد الاختلافات، التي من المفروض أن تؤسس لتحاور إيجابي، في الوطن العربي. ويتابع خطيبي أنَّ مفهوم الأصالة نفسه لا بدّ أن يتقبّل الانفتاح على الاختلاف، ألّا يتحوّل لحاجز أمام ضرورة “التعدّد الثّقافي”، فالخلاص برأي سعيد خطيبي، في الوطن العربي، لا يكون سوى بتوسيع أفق التعامل مع الهويات، والأدب العربي لن يبلغ عالميته إلا باستيعابه لهذه الفسيفساء الهوياتية، وفي قدرته على الدّفع بالأفراد نحو الانفتاح عليها، فالانغلاق الهوياتي، الذي نعيش فيه منذ نهاية الحقب الكولونيالية، انعكس فعلاً على الأدب، وصار كل كاتب متعصباً -في لا وعيه- لمكوّنات هويته الذّاتية، عرقية كانت أو دينية أو فكرية.
توسيع أفق التعامل مع الهويات
جنائن الشرق الملتهبة
خلال رحلته إلى بلدان البلقان عام 2013 في مهمة صحافية أنجز ضيفنا كتاباً حمل عنوان “جنائن الشرق الملتهبة”، فاز من خلاله بجائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي عام 2015 عن فئة الرحلة المعاصرة، وهنا أسأله عن علاقته بالمدن والأمكنة، ليقول إنه طالما سأله نفسه، هل يمكن أن يجعل من السفر بيتاً له، هل يمكن أن يكون الاغتراب هو الهوية التي لا ننظر إليها؟ ولهذا فإن ضيفنا يرى أنّ كلّ مدينة جديدة نكتشفها تجعلنا نلامس قطعة ضائعة من القلب، هذا ما كان يشعر به وهو يتنقَّل بين دول البلقان، وقراها وأريافها، عام 2013.
فجاءت فكرة الكتاب بشكل عفوي، يتابع سعيد “ركبت السّيارة، وسافرت بين دول البلقان. خمسة دول، بتعدّدها وتشابهها، بحروبها التي لم تنته، قطعتها في ثلاثة أسابيع. في كلّ هذه المدن والأمكنة التي زرتها وكتبت عنها، كان يوجد عامل مشترك: إنها أعادتني إلى ذاتي. السّفر، مهما طال، يعيدنا إلى أنفسنا. إلى أشياء مغيّبة من دواخلنا. السّفر يمنحنا هامشاً أوسع من الحرية، من الحلم، هو أشبه ﺒ’ولادة جديدة’.
يحصل دائماً أن يبلغ السّفر نهايته، ومعه تنتهي علاقتنا المباشرة مع الأمكنة الجديدة، لكن ترسّباتها تظلّ حاضرة، في عقولنا وقلوبنا، في أفكارنا وفي خيالنا. هكذا السفر، والتّجوال في مدن وأمكنة بعيدة، هو ليس فقط سفر للفرجة، وإنما سفر للفكرة، لتجديد وعينا بالعالم”.
كاتب من سوريا

هل أراد الطاهر وطار دولة إسلامية في الجزائر؟

11 - يناير - 2019

5
حجم الخط
سنوات الموت في الجزائر انقضت، لكن تداعياتها لم تنته. طيلة التسعينيات كادت الجزائر تغرق في الفوضى، وكان من الطبيعي أن تتسلل السياسة إلى مجمل نتاج كتابها. في ذلك الوقت، صعد نجم الروائي الطاهر وطار (1936- 2010)، باعتباره مرجعاً في الكتابة الإبداعية بالعربية، وخصماً لمواطنيه، الذين اختاروا الكتابة بالفرنسية. اهتم النقاد، حينها، بمتابعة أعمال الراحل ونقدها، والبحث في تأويلاتها، ونادراً ما فكروا في علاقة وطار بالجماعات الإسلامية، إلى أن صدر كتاب «الجزائر، الكتاب في العشرية السوداء» (عن المركز الوطني للبحوث العلمية، باريس 2018) للفرنسي تريستان لوبيرلييه، الذي قدم بحثاً، مشبعاً بالمراجع، وباللغتين العربية والفرنسية، ووضع القارئ في مواجهة قضية حساسة، لم ينتبه إليها أحد من قبل، ولم تطرح بشكل بحثي أو علمي، عن ميول وطار للجماعات المتطرفة، عن تقاطعاته مع سياستهم وتصالحه معهم.
يخبرنا المؤلف، أن وطار كان بطلاً لأشهر فضيحة أدبية سياسية في الجزائر، فعند سؤاله عن رأيه في اغتيال الروائي الطاهر جاووت (1954- 1993) أجاب وطار: «هي خسارة لأطفاله، خسارة لعائلته، وخسارة لفرنسا، بكل تأكيد». هكذا نزع عنه هويته الجزائرية، مع العلم أن جاووت عمل طويلاً على تقريب وجهات النظر بين معربين ومفرنسين في الجزائر. بدون أن ننسى أن جاووت كان حليفاً لوطار في حربه الصامتة ضد خصمه التاريخي، رشيد بوجدرة. فلماذا انقلب وطار على جاووت، الذي اغتاله الإسلاميون؟ لقد كان ذلك التصريح، الذي ورد على لسان وطار، القطيعة النهائية بين كتاب جزائريين بالعربية ونظرائهم بالفرنسية، ونقطة تقارب وطار مع الإسلاميين.
عند سؤاله عن رأيه في اغتيال الروائي الطاهر جاووت (1954- 1993) أجاب وطار: «هي خسارة لأطفاله، خسارة لعائلته، وخسارة لفرنسا، بكل تأكيد».
يُشير مؤلف الكتاب إلى أن وطار لم يُدشن معاركه، ضد من يكتب باللغة الفرنسية، مع العشرية السوداء، بل قبل ذلك بسنوات طويلة، فطيلة الثمانينيات، كان الفضاء الروائي الجزائري مقسماً بين اثنين، وطار وبوجدرة، اللذين سيطرا على مؤسسة النشر الحكومية الوحيدة آنذاك، واشتد خصوصاً بعدما قرر بوجدرة، الانتقال للكتابة بالعربية، مع رواية «التفكك» (1982) ما زاد من صدامية وطار معه، هذا الأخير ـ بحسب المؤلف دائماً ـ تلقى في صغره تعليماً، كان يقصد منه أن يصير رجل دين، فقد تكوّن في مدرسة ابن باديس، ثم انتقل إلى الزيتونة في تونس، قبل أن يقطع علاقته مع الأوساط المحافظة، وينتقل إلى ضفة الماركسيين. توقف عن الدراسة، ولم يكملها، لاحقاً، بعد الاستقلال، مما كان يشعره بدونية تجاه كتاب من جيله، أو من الجيل الذي جاء بعده، والذين أتموا دراساتهم وحصلوا على شهادات جامعية. ذلك النقص حاول وطار تداركه بنضاله في صفوف الحزب الحاكم، في الجزائر، إلى غاية تقاعده من عمله كمُراقب في جبهة التحرير الوطني عام 1980. وطار الذي أدخل مفهوم «الواقعية الاشتراكية» إلى الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية، شرع منذ 1987 في حملة نقد وتشويه للكتاب الجدد باللغة العربية، ما دفع هؤلاء الكتاب للالتحاق بجناح خصمه رشيد بوجدرة، ولكن سرعان ما جاءت انتفاضة 5 أكتوبر/تشرين الأول، التي فتحت باب الحريات واسعاً، وأخرجت جيلاً شاباً جديداً من الصمت، ووجد وطار نفسه، معزولاً، محسوباً على النظام القديم، الذي بدأ يتلاشى، ما أشعره بالخطر، وزاد من رغبته في الدفاع عن حضوره، بكل الطرق، لكنه لم يتجدد في كتاباته الإبداعية، ولا في رواياته، التي ظلت روايات مسيسة، لهذا وجد سبباً في البقاء بإثارة الآراء، مستعيناً برصيده القديم، وفي لفت الانتباه إليه، بمواقفه المتناقضة في ما بينها، ولكي يضمن مكانة له، في أوساط القراء بالفرنسية، فقد استعان بكتاب بالفرنسية، من بينهم الطاهر جاووت، الذي دافع طويلاً عن وطار، قبل أن ينقلب هذا الأخير عليه.
عندما سُئل عن صديقه الشاعر يوسف سبتي، الذي اغتيل أيضاً عام 1993، أجاب بأنه لا يرى فرقاً بين عنف السلطة وعنف المتطرفين، هكذا قال كي لا يُحسب عليه نقد الإسلاميين.
مطلع 1992، مع فوز الإسلاميين بالانتخابات التشريعية، ثم وقف المسار الانتخابي، كان الطاهر وطار، الكاتب الوحيد من الأسماء المعروفة، الذي ندد بقرار وقف المسار الانتخابي، مؤازراً الحزب الإسلامي، الذي كان يدعو، في برنامجه، إلى تأسيس دولة إسلامية، وهو ما يفسره تريستان لوبيرلييه، بميول انتهازية في لحظة تاريخية، اعتقد فيها وطار وآخرون، أن الإسلاميين بصدد السيطرة على السلطة السياسية للبلد. ويُضيف المؤلف ذاته أن بعض الإسلاميين كانوا يرون في وطار «شيوعياً مُعتدلاً»، لذلك لم يُضايقهم تقربه منهم. كان وطار يقدم نفسه دائماً على أنه كاتب ذو «ثوابت ومتغيرات»، والمتغيرات هي مواقفه من الإسلام السياسي في الجزائر. ونقرأ في الكتاب نفسه، أن وطار عبر ـ أياماً قبل وقف المسار الانتخابي ـ عن تعاطف مع عباسي مدني زعيم حزب الإسلاميين، ثم واصل ميوله الإسلامية بأن تجنب إدانة اغتيالات المثقفين في التسعينيات، بل إنه اعتبر، في واحدة من المرات، المثقفين الذين قُتلوا بأنهم «كاميكاز» تحالفوا مع السلطة ضد الغالبية، وعندما سُئل عن صديقه الشاعر يوسف سبتي، الذي اغتيل أيضاً عام 1993، أجاب بأنه لا يرى فرقاً بين عنف السلطة وعنف المتطرفين، هكذا قال كي لا يُحسب عليه نقد الإسلاميين. ويخلص تريستان لوبيرلييه أن سبب ميول وطار للإسلاميين، وتعاطفه معهم، وهو المحسوب على اليساريين، إنما يعود إلى خصومته مع رشيد بوجدرة، ورغبته في الاصطفاف على النقيض منه. فبعدما فشل في منافسته أدبياً، فرّ للمنافسة السياسية، وبعدما كان بوجدرة يهيمن على إدارة اتحاد الكتاب الجزائريين، أسس وطار عام 1989 جمعية الجاحظية كي تكون منافساً له. وتكرست، بحسب يساريين، ميول وطار للإسلاميين، عندما أسس إذاعة القرآن الكريم، في وقت كان يشغل فيه منصب مدير عام الإذاعة الوطنية، ما زاد من عزلته، التي خفت قليلاً بعد نهاية العشرية السوداء، وعودة النشاط الطبيعي، إلى جمعيته الجاحظية، واليوم لا يكاد أحد يذكر مواقف وطار، في تلك المرحلة الدموية، من تاريخ الجزائر، وكنا سننساها، لو لم يذكرنا فيها كتاب «الجزائر، الكتاب في العشرية السوداء»، الذي تضمن قراءات وتحليلاً لمواقف الكتاب الجزائريين، في التسعينيات، وكيف طغت السياسة على الأدب، وكيف أن تلك الحرب الداخلية تحولت إلى حرب لغوية، قسمت المثقفين إلى نصفين، كما أعادت تعريف دور الكاتب ومكانته الاجتماعية وقت الأزمات.
٭ كاتب جزائري

  • اورلال كريم

    نتمنى ان تكتب لنا في المرات القادمة عن المفرنسين الاسلاميين
    • بولنوار قويدر-الجزائر

      السلام عليكم
      تحية طيبة مباركة
      شكرا لك'(أورلال كريم)…كنت أفتش عن تعليق على مقال (سعيد) فلم أجد أروع ما علقت به ….
      أردوها جزائرية فرنسة بكل قوة ومقاييس….لماذا لم يكتب عن (بوجدرة) الذي صّرح جهارا نهارا (أنا ملحد) هو حر في معتقده طبعا ولكن لماذا كل الأنظار وتبرى كل الأقلام المأجورة في انتماء انسان الى الإسلام …عجبا عجبا عجبا…يريدونها دولة علمانية ماركسية ملحدة …وبهذا تطمئن قلوبهم مرضاة لفرنسا وأمريكا أمّا إسلامية فثورة حتى النصر….لا لا لا ليعلم الجميع أنّ الله وعدنا بالتمكين لدينه ولو كره الكافرون….هدانا وهداكم الله الى سواء السبيل
      ولله في خلقه شؤون
      وسبحان الله
  • ابوتاج الحكمة/فرنسا

    احسنت اورلال كريم
  • محمد الفيض

    مشكلة الجزائر في تيارها الفرانكوفولي لا الفرانكوفوني الذي يملك النفوذ ويسيطر غلى الاعلام والمال فقد تجد معربا يناصب العداء لكل مقومات الشعب ويتخلى حتى عن عربيته بحجة التنوع والحداثة تملقا للتيار الفرانكوفولي او طمعا منه للحصول على بعض من بقايا فتاة مائدة الفرانكوفونية العالمية
    • بولنوار قويدر-الجزائر

      السلام عليكم
      تحية طيبة
      لقد أصبت كبد الحقيقة يا أخي( محمد الفبض )
      ولله في خلقه شؤون
      وسبحان الله

مولود حمروش في وصيته الأخيرة

1 - فبراير - 2019
وصية مولود حمروش، ليست آخر ما كتب فحسب، ولكن آخر ما يمكن أن يوصي به جيل آيل إلى التواري والزوال النهائي. فكل شيء في الجزائر يشارف على النهايات بما في ذلك جيل مولود حمروش، آخر رئيس حكومة جزائرية قبل انقلاب يناير/كانون الثاني 1992. فقد ترأس حكومة، وصفت في ذلك الوقت بالحكومة الإصلاحية وامتدت من سبتمبر/أيلول 1989 إلى يونيو/حزيران 1991، وكانت آخر فرصة تاريخية تتاح للجزائر للخروج من المطب المرعب الذي آلت إليه الأوضاع، إثر ولوج النظام السياسة التعددية، ومن ثم تعديل مسار ومصير الجزائر إلى الحكم الراشد، الذي يؤَمِّن مؤسسات الدولة من مراكز النفوذ والقوى العميقة ومافيا المال والأعمال، على رأي الرئيس المغتال محمد بوضياف.
الحديث عن مولود حمروش هذه الأيام يجري بمناسبة نشره لمقال/ وصية أو بيانه السياسي حول الدولة والحكم الراشد، الذي أوضح فيه ضرورة المرور من الدولة كنظام سياسي تقليدي، إلى مرحلة الدولة كنظام حكم راشد، من دون أن يشفع نظرته بالوقائع والأحداث والمواقف، التي حفل به تاريخ الجزائر لما بعد الاستقلال. فكافة إحالاته إلى تاريخ الثورة والدولة العثمانية، ولم يتطرق لتاريخ الجزائر المستقلة، مع أن الحديث برمته يجري حول الدولة الجزائرية وكيف يمكن أن تُنْتَشل من وهْدَة خَطِرة لم تتمكن من الخروج منها، رغم أن مولود حمروش كان أحد رجال الدولة، لا يمكن أن يتنصل من أعباء المسؤولية عن تدهور وتآكل الدولة الجزائرية المستقلة، بل بسبب الاستقلال ذاته.
في مقالته التي نشرها في جريدة «الوطن» باللغة الفرنسية في 13 يناير الماضي، يحيل مولود حمروش نشأة الدولة الجزائرية إلى عهد الثورة التحريرية 1954- 1962، ليؤكد على أن موضوع الدولة ومضمونها كان في تصور المناضلين هو تحقيق الاستقلال بإقامة الشاهد عليه وهو الدولة الوطنية.
الغرض من الثورة التحريرية كاستمرار للحركة الوطنية بوسائل أخرى هو تحقيق الاستقلال والإعلان عن الدولة الوطنية، أما مسألة بناء الدولة بمؤسساتها العمومية فموكولة إلى أجيال أخرى تتحلى بما يتناسب مع الوعي بالمعقولية والشرعية. والفرق بيّن وواضح لدى رئيس حكومة الإصلاحات السابق، تحقيق الاستقلال ليس نشأة الدولة حالا وفورا، لا بل يتَعَيَّن على الجزائر أن تخوض مرحلة أشق وأعسر من مجرد الكفاح التحَرُّرِي بشقيه المسلح والسياسي.
صارت الدولة الفرنسية غطاء واقيا لعجز السلطة عن تأسيس الدولة الوطنية التامة المكتفية بذاتها والمستقلة بنفسها والمنزهة عن غيرها
يعتقد مولود حمروش، عبر تحليل واع ولافت لمرحلة الكفاح الوطني أن هناك فرقا بين الحلم بالدولة والتطلع إليها كغاية، وهذا هو مطلب الاستقلال، وبين تحقيق الدولة ذاتها كحالة متَعَيّنة في الواقع، تَحُوز الشرعية القانونية المنَزَّهة عن الأغراض الشخصية، وتتحلّى بالشرعية الدولية المتعالية عن النزعة الوطنية المعادية لما استقر عليه المجتمع الإنساني من شرط الديمقراطية والإدارة العادلة لموارد البلد. وللحقيقة، يمكن القول إن القراءة السياسية والفكرية لمقالة/ وصية مولود حمروش يُسْتَشَف بشكل جليّ أن المهمة الثانية، أي إنجاز الدولة بشكل موضوعي قائم بذاته، مسألة لم تتم بعد، ولعلّ ما يؤكد ذلك أنه لم يذكر أي حيثيات تنهض لدعم تكوين الدولة الوطنية التامة، التي لا تكتفي بذاتها لذاتها، معتمدة على نواتها الصلبة: الشخصية الاعتبارية كتعبير عن مرافق الدولة القانونية التي لا تزول بزوال الحكّام.
لم يرد في الوصية أي انجاز وطني لما بعد الاستقلال، يؤكد بشكل راسخ لبنات الدولة الوطنية، بل كل ما تم هو استمرار لشرعية الثورة التحريرية ومنطقها، الذي يفترض وجود الاستعمار بشكل وهمي، لأن فرنسا، لما بعد الاستعمار صارت مرجعا مزدوج الصورة، يمكن أن نعاديها كمسؤولة عن تخلف الجزائريين، ويمكن اعتمادها أيضا كملاذ لملايين الجزائريين باعتبارها دولة الحكم الصالح والراشد. فقد صارت الدولة الفرنسية غطاء واقيا لعجز السلطة عن تأسيس الدولة الوطنية التامة المكتفية بذاتها والمستقلة بنفسها والمنزهة عن غيرها، القادرة بدورها على استقبال الملايين من الأجانب، ومنهم، على وجه الخصوص، الفرنسيون أنفسهم كنوع من المعاملة بالمثل يبرهن على حالة من قيام الدولة فعلا.
ما لم يُشِر إليه حمروش هو أن ما بعد الاستقلال، وليس الاستعمار هو تصريف شؤون السلطة السياسية، عبر رصيد وركام الثورة التحريرية، على اعتبار أن العشر سنوات الأولى جرى تسيير البلد عبر مجلس الثورة، كهيئة الحكم العليا، وأن حزب جبهة التحرير الوطني هو ذاته الذي قاد مسيرة السياسة والخطاب الأيديولوجي بمفردات الثورة التحريرية نفسها، كما أن النواة الصلبة والمرجعية العميقة لنظام الحكم هي المؤسسة العسكرية التي تمسكت بزمام السلطة وتمادت في ذلك، إلى أن واجهت «عدوا جزائريا» بررت به وجودها الحتمي والمصيري. لا ريب أن كافة هذه الاعتبارات ليست من لوازم الدولة لما بعد الاستقلال، التي تحرص على بناء واستقرار مرافق وخدمات ومؤسسات الدولة التامة الغنية عن الأشخاص مهما كانت مكانتهم وإمكانياتهم، بل غنية بمواردها الطبيعية والبشرية والمعنوية وتراثها الحضاري والتاريخي، وأن جزءًا من الحكم الراشد يقوم على الاستثمار في هذه الموارد بقدر معقول وعادل وبشكل دائم.
الحقيقة التي أكدها حمروش في بيانه، الذي لم يتوجه به إلى الشعب، هي أن الحدث الذي أسس للدولة الجزائرية الحديثة هو الثورة التحريرية الكبرى التي كانت كبيرة بتصديها لأكبر دولة حديثة، وبالقدر الذي حاورتها أيضا، عبر المفاوضات السياسية والدبلوماسية، ساهمت بقسط وافر في نيل الاستقلال وتجسيد سلطة الدولة الوطنية. وبتعبير آخر يفيد المعنى ذاته، أن الثورة لم تكن سلاحا فقط، بل سياسة ودبلوماسية مع الطرف الفرنسي، الذي كان دولة مكتملة، ساعدت، ولو نوعا من المساعدة على الوقوف على مقدمات الدولة ومقتضياتها، الأمر الذي يقتضي السير على منوالها والتعاون معها، وليس افتراض عداوتها من أجل تبرير استمرار الثورة في غير عصرها وغير رجالها. فقد استمر نظام الحكم يواصل حكمه في عصر مناف له تماما، الأمر الذي جعل حقبة الاستقلال مجرد تداعيات الثورة التحريرية ومتتاليات لأحداث ووقائع ومواقف لا تندرج في رصيد بناء الدولة الوطنية.
تَنَبَّه مولود حمروش إلى أن ما تحقق من الثورة التحريرية هو الاستقلال، وأن إقامة الدولة الوطنية يَتَعَيَّن تحقيقها لاحقا بما تقتضيه من منطق ما بعد الاستعمار، لكن الحقيقة التي اكتشفها من إعادة قراءته لبيان أول نوفمبر/تشرين الثاني 1954 لم يكن إلا اكتشافا جزئيا لأن الغرض من تحقيق الدولة الوطنية أن تكون في إطار بلدان شمال إفريقيا أو المغرب العربي، وفي نطاق مبادئ الإسلام. وهذا ما جعل تحقيق الدولة الراسخة والدائمة عصيا ومستحيلا منذ البداية وفي السياق والغاية.
كاتب وباحث جزائري

عودة أدبية إلى بلد تغير

"التانكي" رواية تنشغل بعلاقة الإنسان بالمكان المسلوب من خلال عودة أدبية تلامس حدود التراجيديا بنسج حياة تتشارك فيها الروائية عالية ممدوح مع أبطالها.
الاثنين 2019/02/04
متخيل سردي مليء بالتنوع ونابع من صميم الواقع
ميلانو (إيطاليا) - حملت الرواية الأخيرة للروائية العراقية المعروفة عالية ممدوح عنوان “التانكي”، وكلمة التانكي كلمة مستمدة من معناها الإنكليزي، وهي تستعمل في اللهجة العراقية بمعنى الخزان.
هي رواية جديدة تضاف لمسيرة كاتبة يعتبرها النقاد من أبرز الروائيات العربيات في عصرها، وبين الكاتبات المغتربات؛ لما تتميز به من خصوصية في إبداعها الأدبي، ومتخيلها السردي المليء بالتنوع، والنابع من صميم واقع الكاتبة ومحيطها، وتجاربها، بل وتوصف نصوصها كفعل ثوري، يتضح من خلال الانقلاب على السائد والموروث، ومن خلال التعبير عن قضايا نضال المرأة.
رحلة رصد التحولات الكبرى
رحلة رصد التحولات الكبرى
و”التانكي” رواية تنشغل بعلاقة الإنسان بالمكان المسلوب، وكيف يمكن بعد أربعة عقود من الزمن في المنافي، أن تتخيل الكاتبة عودتها إلى العراق، لتبدأ رحلتها في رصد التحولات الكبرى التي مر بها البلد والتغييرات التي حدثت في المجتمع، عودة أدبية، لكنها تلامس حدود التراجيديا، بنسج حياة تتشارك فيها مع أبطالها، ما طال المكان من تحولات.
وقد عد محمد الأشعري الروائي والأديب الحائز على جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، الرواية من أهم النصوص الأدبية التي كُتبت حول بتر الأمكنة منا، واستلابها قصرا، حيث قال عن الرواية وأهميتها “إنني متأكد أن رواية التانكي هي من أجمل وأعمق ما كُتب في أدبنا العربي الحديث عن بتر الأمكنة منا، أو بترنا منها، حتى يصبح الوطن يمشي وحيدا، ونحن نمشي وحيدين بعيدا عنه. لقد شعرت أثناء قراءتي للرواية بأثقال الطوبوغرافيا التي صارت خارطة دواخلنا، ومجالا مستباحا بالعنف والحسرة والموت البطيء. ثم هذا المكعب الذي يشبه سفينة الطوفان، نغلقه على ما تبقى من خراب المدينة، ونبحر على متنه طلبا للنجاة منه، ومن أنفسنا. رواية ألم لا تروضه سوى متعة الكتابة”.
 ونذكر أن رواية “التانكي” صدرت حديثا عن منشورات المتوسط بإيطاليا.



نريد الرئيس... وزيرا للتعليم!

نقطة نظام
3 فبراير 2019 () - يكتبها: سعد بوعقبة
5589 قراءة
+ -
 كتب إليّ مواطن من تمنراست يطلب مني أن أقترح على “الرئيس القادم للجمهورية بأن يكون وزيرا للتعليم العالي والتربية عوض وزير للدفاع كما جرت العادة... لأن وزارة التعليم العالي أهم من وزارة الدفاع في تطوير البلاد وتنميتها!”.
أنت على حق يا أخي نعمان المختار من تمنراست في ما ذهبت إليه..!
عندما كان رئيس الجمهورية في السبعينات والستينات خريج جامعة الأزهر وعين شمس، كانت ميزانية وزارة التربية الوطنية تشكل 40% من ميزانية الدولة، رغم أن الرئيس يرأس وزارة الدفاع أيضا... وكانت ميزانية الدفاع لا تتعدى 15% من ميزانية الدولة... وليس كما هي الآن تمثل 35% من ميزانية الدولة.
كان الجيش الوطني الشعبي يبني القرى للفلاحين ويشجّر السهوب ويفتح الطرق... ويحمي بفعالية عالية أمن وحدود الوطن، لأن الجبهة الداخلية الشعبية ملتحمة مع الجيش الذي كانت قيادته منحازة إلى الشعب وإلى الضعفاء من العمال والفلاحين.
أنا شخصيا زرت تمنراست سنة 1970 عندما كانت الطريق إليها “بيست” من عين صالح إلى تمنراست، وبعد ذلك بسبع سنوات زرت تمنراست عبر الطريق المعبّد الذي فتحه الجيش الوطني الشعبي بالخدمة الوطنية،
وإن كنت أنسى، فلن أنسى شباب الخدمة الوطنية الذي قهر جبال “آراك” بين تمنراست وعين صالح، وفتح طريق الوحدة الإفريقية في جحيم الصحراء صيفا، وبردها القارص شتاء!
لو وصل إلى الحكم رئيس بفضل وزارة التعليم العالي وليس وزارة الدفاع، فلن تجد يا أخي نعمان أمثال بن غبريت وغول وعمار بن يونس وبوشارب في الواجهة السياسية للرئيس، يرتكبون باسمه المناكر السياسية!
آه.. لو كنت أستطيع أن أكتب كل ما أفكر فيه في هذا المجال!

حاجي مولود
إذا كنت لا تستطيع أن تكتب ما تفكر فيه ، فانت إذن جبان ، اترك الصحافة .
تعقيب
B
يا جبان أكتب قبل ان ترحل كما رحل الراحلون ....
تعقيب
ابن الجبل
في البلدان التي تهتم بتكوين الانسان ، تختار منظومة تربوية صالحة ، و تضع على رأسها رجالا علماء مخلصين أكفاء ... أما عندنا ، الله يستر !
 

أويحيى يتهم نفسه!

نقطة نظام
1 فبراير 2019 () - سعد بوعقبة
7812 قراءة
+ -
منذ أيام منعت نفسي من التعليقات على كل ما يقوله معاذ بوشارب وأويحيى، لأن مستوى أدائهما السياسي أصبح دون المستوى المطلوب لممارسة أي تعليق مفيد على ما يقولون، لكن التصريحات الأخيرة للرجلين حملت من الاستفزازات اللفظية ما يجعل السكوت عما يقولان تواطؤا.
1 - هل يعقل أن الرئيس بوتفليقة الذي يقال إنه انتخب بطريقة شرعية في الرئاسيات الأخيرة كمترشح حر، هل يعقل أن يقبل بأن يرشحه حزب قيادته غير شرعية، المكتب السياسي مجمّد واللجنة المركزية مجمّدة، والحزب تسيّره لجنة معينة! هل يتشرف الرئيس أن يرشحه أناس غير شرعيين في حزبهم؟! من يعطي الشرعية للآخر في هذه الحالة، ومن يتمسّح بتلابيب الآخر؟!
2 - لكن ما قاله أويحيى وهو يطلب من الرئيس الترشح ينسينا مهزلة غير الشرعيين في الأفالان ويدعون إعطاء الشرعية للرئيس بالترشح ويجمعون له التوقيعات، وهو لم يترشح بعد، كدلالة على الإمعان في المساس بشرعيته! كلام أويحيى فيه بله سياسي لا غبار عليه، فالرجل “شاتي اللبن ويخفي الطاس خلفه”! من جهة يرشح الرئيس لعهدة خامسة، ومن جهة أخرى يتهمه صراحة بأنه زوّر الانتخابات في تجديد مجلس الأمة الأخير، عندما يقول أويحيى: “إن الانحرافات التي عشناها مؤخرا لن تجعلنا نحيد عن التزاماتنا بخدمة البلاد وكذا الوقوف إلى جانب رئيس الجمهورية”.. معنى هذا الكلام من أويحيى أن رجال الرئيس هم من زوروا الانتخابات الأخيرة ضد الأرندي، أي أن رجال الرئيس في الرئاسة والإدارة هم من زوروا ضد أويحيى، ومع ذلك يبقى وفيا للرئيس! والحال أنه يقصد بقاءه وفيا للرئيس الذي يتركه في منصبه، وقد قالها صراحة إنه مع الاستمرارية للحفاظ على المكاسب، وهو في هذه لا يختلف عن بن حمو، عندما يبيع “الشيتة” للرئيس بالمنافع! إذا كان الوزير الأول تزوّر ضده الإدارة، كما يقول أويحيى، فمن هو المسؤول عن هذه الإدارة؟ هل أويحيى بهذه يتهم الرئيس، أم يتهم نفسه، باعتباره من رجالات الرئيس ومسؤولا عن الإدارة ؟! شيء آخر يدعم الضياع السياسي الذي ظهر به أويحيى في الآونة الأخيرة، وهو فتح النار على مولود حمروش، على أساس أنه من رجالات الرئيس الشاذلي، والسبب ليس لأن مولود حمروش قال إن الدولة تتهالك، بل لأن أويحيى عرف بأن هناك بعض الأوساط في السلطة تدفع بعدم ترشح الرئيس بوتفليقة، وتدفع بأن يكون حمروش هو مرشح السلطة البديل، ولهذا فتح أويحيى النار على حمروش!
تعبير “الشمعة التي ظهرت في الظلام”، الذي جاء به أويحيى، يدل على أن المعني يدعو إلى ترشح الرئيس لقطع الطريق عن رجل من رجالات الشاذلي الذي يقلقه بقاؤه في مسار السباق إلى الرئاسيات، إذا لم يترشح بوتفليقة.. وتعبير الشمعة، بالفعل تعبير دقيق، أم ركام الظلام الذي يدعو إلى عدم ترشح بوتفليقة واختيار بديل يكون أكبر من شمعة لتبديد الظلام الدامس.

bouakba2009@yahoo.fr
Samir
هذا الرجل المتملق يثير اعصابي كلما سمعت تصريحاته مؤخرا ، قد قارن بيننا و بين الالمان و الصينيين في ديمومة و استمرارية الحاكم ،،، و في الحقيقة لا يوجد اي مجال للمقارنة . يحاول ان يحافظ على مكاسبه الضيقة و يقول اني وفي للرئيس و لبرناماجه . مصيبة البلد في هؤلاء الانتهازيين و اتباعهم .

يلقاكم برنامج اضاءات غدا الاحد للحديث عن واقع وافاق قطاع الري البرنامج ياتيكم عند 11صباحا باذن الله كونوا في الموعد
 

ليست هناك تعليقات: