الثلاثاء، أبريل 4

حوار



المستعجلون والمتطرفون والمتشددون أضروا الصحوة الإسلامية، وألحقوا بالحركات الإسلامية والدعوة عموما أشدّ الأذى والتنفير، بل والعداء المعلن وغير المعلن ...".
هكذا، أجاب الدكتور وليد مساعد الطبطبائي عن أسئلة النصر في لقاء سريع على هامش مؤتمر حقوق الإنسان المنعقد بالكويت يومي 13 و 14 مارس الجاري والمخصّص "للمرأة وتحدي الواقع". الطبطبائي، وهو أحد الزعماء السلفيين للتيار الإسلامي في الكويت كما هو نائب في مجلس الأمة وعضو في لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان ، اختار الوضوح والجرأة والإنتقاد اللادغ للذات في أجوبته على أسئلة النصر.الخطاب ديني شيء... … و الواقع شيء آخرزعيم السلفيين في الكويت، أكد بأن الخطاب الديني السياسي شيء، والممارسة أو الواقع شيء آخر.قبل دخولنا الى المجالس البلدية والى مجلس الأمة، يكاد يتوقف شعارنا الوحيد: تطبيق الشريعة وإقامة الدولة الإسلامية. لكن تجربتنا في هذه المجالس البلدية وفي مجلس الأمة على الخصوص منذ 1981، أجبرتنا على التخلّي على عدة شعارات. لأن المطالب والإنشغالات الإجتماعية ترتكز على اهتمامات وأولويات أخرى، تتعلق بالحياة اليومية للمواطن الكويتي في مختلف مجالاتها.لقد اصطدمنا نحن الإسلاميين بواقع التسيير ومواجهة المطالب الإجتماعية وعوامل التنمية المختلفة. من ذلك ما يحدث اليوم في بورصة الكويت، جراء انهيار الأسهم والخسائر. فهل يمكننا أن نرفع شعار تطبيق الشريعة لإجابة المتسائلين عن خسائرهم والذين يريدون منا (مجلس الأمة) التدخل؟! وهل بإمكانهم الإقتناع إذا وعدناهم بإقامة الدولة الإسلامية ؟! . تماما كالشرائح التي تطالب بوضع حدّ للفساد والبيروقراطية وتسريع الإستثمار وتحذير الإصلاحات السياسية والإقتصادية فهل "نسكّنهم" بالوعود وبالشعارات الإسلامية ؟! . واصل الدكتور الطبطبائي بجرأة كبيرة يقول: صحيح أن الناخب الكويتي، على غرار الناخبين في العالم العربي والإسلامي عموما ، يميل أكثر الى الشعاراتية والخطب الحماسية، التي يتفاعل معها، لأنها تحرك فيه نخوة ومطامح ذاتية.المستــعجلون خطــــر علـــى العــمل الدعويهي مشروعة ومأمولة، لكن الإستعجال كارثة، يهدّد العمل الدعوي وحتى الخطاب الاسلامي نفسه، اذا اعتلى المنابر المتشددون والمتطرفون.النصر: تقولون هذا، مع أنكم محسوبون على هؤلاء، وعلى التيار السلفي المتشدد ؟!، فهل هذا تراجع وتنصّل، بل وخروج عن "الجماعة"؟.*** د. الطبطبائي: السلفية الكويتية، ككل الحركات الناضجة والواعية برهانات الداخل، وبتحديات الخارج وتأثيراته، استفادت كثيرا من تجربته السياسية والدعوية. وصهرت خطابها داخل أروقة التسيير البلدي، وفي مواقع القرار الشعبي (مجلس الأمة). فهذه المواقع تعطي لصاحبها (المنتخب) فرصة الإطلاع على الواقع بالأرقام وفرصة معرفة المعطيات بدقة، دون أن يكون ذلك ردّة أو تراجعا عن القناعات الثابتة من أجل مشروع إسلامي متكامل ومنسجم مع تطلعات الواقع المعيشي للكويتيّين جميعا على اختلاف توجهاتهم واختلافاتهم في الرأي. لذلك فإن السلفية الكويتية جنحت الى التعايش والتعامل مع الواقع بانفتاح، وترفض اقصاء الآخر، بل تفضل الإقناع والتحاجج والتناطح بالبرامج الأفيد والأصلح التي يزكيها الشعب الكويتي.النصر: تكييف خطاباتكم مع الواقع، واختيارالمهادنة، ألا تعتقدون بأن ذلك "سيقزّمكم" في الإستحقاقات الانتخابية؟.*** د. الطبطبائي: نعم، أدّى ذلك الى فتور الحركة الدعوية، فالناس، كما قلت يفضلون الشعارتية والخطب الحماسية ولو اكتست باب "التهريج" أحيانا، لكن تراجع التأثير والوقع والصدى، لم يقلص عدد الداخلين في الحركات الإسلامية. فهم يدخلون ويتكاثرون باستمرار.النصر: ألا ترون غموضا في هذا ؟! . فمن ناحية تؤكدون فتور العمل الدعوي والصحوي للأسباب التي تفضّلتم بذكرها، لكن تعتقدون في المقابل أن أتباعكم يتزايدون؟! .*** د. الطبطبائي: إن الفتور لايعني تراجعنا عن أهدافنا وقناعاتنا الاسلامية من أجل التمكين لشرع الله و "أسلمة" أعمالنا وبرامجنا، فهذه قناعة كل الكويتيّين في اعتقادي وهذا مبرر التكاثر والإلتفاف حولنا. لكن ثمة مبررات أخرى فلقد أثبت أتباعنا الذين دخلوا أبواب المجالس والمؤسسات من باب التسيير وتولّي المسؤوليات المختلفة، جدارتهم وكفاءتهم ووطنيتهم العالية وإخلاصهم لشعبهم بكل تواضع. وان الإسلاميين بإمكانهم التكيّف مع الواقع والتحولات المفروضة في الداخل والخارج، شريطة ان تكون لصالح دولة الكويت والكويتيين. لذلك نحن نعتقد بأن الإسلاميين في الجزائر أخطأوا عندما تبنّوا المواجهة، واختاروا حمل السلاح وركبوا التطرّف. ان حمل السلاح اخّر المشروع الإسلامي الى ما لا حدود. ثم كان التطرف والتزمت سببا رئيسيا في تراجع العمل الدعوي والصحوة الإسلامية. المستعجلون في الجزائر وفي مصر وفي سوريا وفي السعودية … هم المتسبّبون في توفير الظروف والمبررات، ولو كانت واهية لأعداء الاسلام، لربط الإسلام - وهو بريء- بظاهرة الإرهاب. بالتأكيد، هم سيدركون يوما بأنهم أخطأوا في حق شعوبهم وفي حق الأمّة الإسلامية.نحن السلفيون في الكويت ضد التطرف، ونتبنّى مجادلة الآخرين بالحسنى. وكنا نقول ذلك الى إخواننا الجزائريين الذين التقيناهم في مؤتمرات دولية وفي الحجّ من حماس والإصلاح... ان العنف لايخدم المشروع الإسلامي ووجدنا والحمد لله عندهم نفس الإدراك والمواقف.تقليص الدوائر صفعة للفاشلينالنصر: يقولون بأنكم تدافعون عن تقليص عدد الدوائر الانتخابية، من أجل محاصرة المرأة التي بدأت تزحف على المجالس البلدية ودواليب الحكم؟ لذلك فأنتم تريدون تقليص عدد الدوائر الإنتخابية من 25 دائرة الى 5 دوائر او 10 على الأقل؟.*** د. الطبطبائي: نعم، ليس سرّا، أننا نرافع من أجل تقليص عدد الدوائر الإنتخابية. فهذا التقليص سيحدّ من نفوذ الحكومة في الإنتخابات ويضع حدّا لفضائح شراء الهمم والأصوات.لأن المرشحين "الفاشلين" سيكونون ذوي قابلية للشراء والمساومة. كما ان هذا التقليص سيسمح فعلا بتقديم برامج فعلية وقوية للتكفل بالمطالب والإنشغالات والأولويات الرئيسية للمواطن الكويتي. وبطبيعة الحال، فإن تقليص عدد الدوائر سيضاعف عدد المصوتين في كل دائرة. ومن ثمة فإن حظوظ المرأة ستتراجع.ليس سرّا أيضا، إننا نعارض دخول المرأة الى مجلس الأمة. لكن لا نرى مانعا من دخولها الى المجالس البلدية.لسنا مستعجلين، وسنصل الى السلطة.النصر: ألا ترون تناقضا بين الموقفين ؟! *** د. الطبطبائي: لا .. أبدا. مجلس الأمة يتطلب نضجا خاصا. وفي البلدية فرصة للتكوين والإختبار.. (قاطعته) فهل تعتقدون بأن الكويتية غير ناضجة سياسيا لدخول مجلس الأمة ؟ … فأجاب: فلنجرّبها في "البلدي" التكميلي (انتخابات بلدية جزئية) في بداية أفريل القادم اوّلا.النصر: سؤال أخير فضيلة الدكتور، ماذا حقّقتم لمشروعكم الإسلامي منذ 1981 (تاريخ دخول الإسلاميين مجلس النواب، وهم اليوم يمثلون أكبر كتلة بـ 25% )؟.***د. الطبطبائي: دخلنا مجلس الأمة بثلاثة مطالب أساسية:1- حرية الإعلام والتعبير2- التعدّدية الحزبية3- حرية التجمعلقد حققنا،والحمد لله، المطلب الرئيسي الأول من خلال اصدار قانون المطبوعات (قانون النشر والإعلام) هذا الأسبوع، الذي سيحرر النشر والصحافة والرأي بصفة قانونية نهائية وواسعة. ومن ثمة نحن ننتظر صدور حوالي 50 جريدة (في مختلف التصانيف والتخصصات). وسنبدأ من اليوم في حربنا السلمية لانتزاع قانون الأحزاب (في الوقت الحالي التيارات السياسية تنشط تحت غطاء جمعوي أي جمعيات)... ثم (ابتسم) وقال: ألا ترى كيف لانستعجل الأمور، المهم الوصول. وسنصل بإذن الله.
ع/و












ليست هناك تعليقات: