الجمعة، أبريل 7

باعة الكتب على الأرصفة بعنابة

باعة الكتب على الأرصفة بعنابةشباب يتحدى البطالة بحبه للكتاب
على امتداد جزء من نهج مولود عبداوي (بريطانيا سابقا)، وبالقرب من كلية الآداب والعلوم الإنسانية خلقت مجموعة من الشباب الذين تحدوا البطالة بحبهم للكتاب فضاء لبيع الكتب القديمة سرعان ما عرف في أوساط سكان المدينة ’’بسوق الحطاب’’ للكتب .
الذي لم يعد يقصده الباحثون لأسعاره المنخفضة وحسب، بل يقصده الأساتذة والطلبة الجامعيون وكل راغب في الكتاب، إلا أن السلطات منعت هؤلاء الشباب من استغلال هذا المكان لعرض كتبهم في الآونة الأخيرة لاسيما بعد قدوم باعة الخضر والفواكه المتجولين بطاولاتهم والذين أصبحوا يتقاسمون وإياهم المكان متسببين في فوضى عارمة، وهذا بعد منعهم البيع في ساحة جبهة التحرير الوطني، أما قصة الحطاب مع بيع الكتب القديمة فتعود إلى أكثر من سبع عشرة سنة عندما بدأ ’الطاهر’’ أول القادمين في عرض كتبه، ولأن الرصيف يتسع لمن ضاقت بهم السبل، فقد ازداد عدد الباعة، بهذا المكان ليصل حاليا إلى حوالي عشرين شابا يتخذون من بيع الكتب هنا مهنة تقيهم شبح البطالة، وكما يقول عنهم أحد زبائنهم الدائمين (م. فصيح) أستاذ جامعي بأنهم يصنعون ظاهرة صحية وهي موجودة في كل مدن وعواصم العالم، أما ’عبد الحق’’ الطالب الجامعي فيقول بأن فيهم المثقف المحب للكتاب والمدرك لقيمة كل عنوان يحصل عليه، وفيهم الذي دفعته الحاجة والصدفة إلى امتهان هذا العمل، وهو ما لمسناه من خلال حديثنا إليهم،فكل من الطاهر وإسماعيل ومسعود وحسين..وآخرون نسجوا قصة حب كبيرة مع الكتاب ومع القراء الذين ألفوا تواجدهم بهذا الشارع، ومفاوضتهم على أسعار كتب فقدوا الأمل في العثور عليها..أو جذبتهم عناوينها، وهم الذين يذكرون المارة بالكتاب والمطالعة..ويساعدون في ترويج ثقافة المقروئية من خلال أسعارهم المحفزة، كما قالت إحدى السيدات التي صادفناها هناك، في ظل ارتفاع أسعار الكتب الجديدة، وعن سؤال لأحدهم كيف تتزودون بهذه الكتب؟ أجابنا بكلمة ’هكذا’’ مشيرا إلى شاب يقف بجواره يحمل بيده مجموعة من الكتب سلمه إياها، فهناك دائما أناس يودون التخلص من كتبهم القديمة عن طريق بيعها لأسباب أو لأخرى، مما يسمح باقتناء أكبر قدر من العناوين في هذا المكان الذي ذاع صيته على خلفية أنه يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، خاصة إذا تعلق الأمر بعناوين طبعت منذ سنوات أو لم تدخل إلى الجزائر بنسخ كثيرة، كروايات الأدب العالمي الخالدة وكتب التاريخ والفلسفة والدين..إلى جانب الكتب المدرسية المستعملة والجديدة في هذا العام بالخصوص.ويقول سليم أحد الباعة بأن الدكتور ’ بعلي’’ من قسم الأدب العربي لجامعة باجي مختار اقتنى أكثـر من ألف عنوان عن طريق هذا المكان، ويضيف عبد الحق طالب جامعي وأحد زبائنهم الدائمين بأن هؤلاء الباعة استثنائيون على حد وصفه، ولا يشوهون المحيط لأنهم يتعاملون مع بضاعة راقية، لا تترك مخلفات وراءها، مثلما يفعل الباعة المتجولون الآخرون الذين يتناثرون على الأرصفة والشوارع ويتسببون في إزعاج كبير للمارة بكثـرة إلحاحهم وتعالي أصواتهم، وقد طالب هؤلاء الشباب ولا يزالون بتسوية وضعيتهم ومنحهم الحق في استغلال هذا الشارع منذ سنوات، إلا أن رؤساء البلديات المتعاقبين رفضوا حتى مقابلتهم، ويبقى هذا المكان وهذه ’ المهنة’’ ملاذا لعدد من الشباب البطالين، سبعة منهم متزوجين ومسؤولين عن عائلات وثلاثة منهم حاملين لشهادات جامعية. فعلى أمل تسوية وضعيتهم والسماح لهم بمعاودة نشاطهم، يحلم هؤلاء الشباب بإقامة سوق ’ للوراقين’’ للاسترزاق بطريقة قانونية، حتى وإن ارتفعت أصوات ترفض المساواة بين الكتاب وما يباع على الأرصفة، وبعيدا عن هذه النظرة ذاع صيت سوق الوراقين في شارع المتنبي ببغداد الذي لا زال يتحدى الأمريكي، وباعة الكتب أمام جامعة دمشق، وعلى هذا المنوال ثبت شباب العاصمة أقدامهم أمام ساحة البريد المركزي، فما المانع أن يكون لدينا سوق للوراقين في مدينة عنابة؟.
حسينة بوشيخ

ليست هناك تعليقات: