كانت جريدة "الحياة" سباقة في دخول مسجد "كتشاوة" بعد اعادة تهيئته و ترميمه من قبل وكالة التعاون و التنسيق التركية و الذي من المرتقب ان يتم افتتاحه خلال أول أيام عيد الأضحى المبارك ، بحضور شخصيات سياسية وديبلوماسية من كلا البلدين .
تكفلت وكالة التعاون و التنسيق التركية " تيكا" بمشروع اعادة ترميم مسجد "كتشاوة" التاريخي الذي يعتبر أحد أهم الرموز المعمارية العثمانية التركية الموجودة في الجزائر .
تحول الى تحفة معمارية
كانت الساعة تشير الى تمام الواحدة زوالا عندما دخلنا الى مسجد "كتشاوة " ونحن متشوقين لرؤية الوجه الجديد لهذا المعلم التاريخي وما ان فتحنا باب المسجد رفقة أحد المهندسين الأتراك الذي كان مكلفا بمراقبة سير عملية البناء طيلة فترة الترميم حتى تفاجأنا بجمالية المسجد من كل النواحي و في سؤالنا عن الجهة التي قامت بأشغال الترميم أكد مرافقنا أن الأتراك هم من تكفلوا بإعادة تهيئة المسجد وكل الكتابات الحائطية و حتى المأذنة تم صناعتها في تركيا من قبل مهندسين ومختصين أتراك .
تخصيص مصلى للنساء ...
خصص القائمون على اعادة ترميم مسجد "كتشاوة" العتيق مصلى جديد خاص بالنساء ، حيث تم تخصيص جزء من مساحة المسجد الى النساء وتم الفصل بينهم و بين الرجال بأبواب من خشب مزخرفة برسومات عربية و اسلامية ، حتى تتمكن النسوة من اداء صلواتهم .
بيت الوضوء بمقاييس عالمية ...
بمجرد دخولنا لبيت الوضوء حتى انبهرنا بطريقة بناء هذا المكان ، أرضية براقة ،أبواب منقوشة على الطريقة العثمانية ،حنفيات و أحواض لملء المياه صنعت بطريقة جيدة ، كما حرص القائمون على أعمال البناء على تخصيص كراسي من الرخام لكبار السن حتى يتمكنون من الوضوء بكل أريحية .
رسومات المسجد أشرف عليها أشهر خطاط في تركيا
أشرف على أعمال الرسم والكتابة التي ظهر بها مسجد "كتشاوة" في حلته الجديدة الخطاط التركي الشهير حسين قوطلو الذي حظي بجائزة الرئاسة التركية للثقافة والفن 2016 وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية الجزائرية.
وحسبما أكده الخطاط التركي في تصريحات لوسائل اعلامية أنه أعاد آيات من القرآن الكريم لرسمها على جدران المسجد بالخطين الكوفي والثلث مؤكدا أن المسجد سيستعيد هويته الأصلية مع انتهاء أعمال التخطيط والنقش وسيتمكن إخوتنا المسلمون الجزائريون من إقامة صلواتهم بخشوع داخله.
رمز للعلاقات الجزائرية التركية
وحسبما أكده مرافقنا فان مسجد "كتشاوة" لا يعتبر معلم تاريخي عثماني في الجزائر فحسب بل يعتبر أحد أهم رموز الصداقة القوية التي تربط بين الشعبين الجزائري و التركي منذ أزيد من قرن من الزمن ، اذ بني هذا المسجد العتيق على ايدي الاتراك اثناء الحكم العثماني لخير الدين بربوس عام 1612 ميلادية وهو أحد أهم الاثار العثمانية التركية الموجودة في الجزائر .
واتت عمارته متناسقة مع أحياء القصبة لدرجة انه بدى جزءا من كل ، وقد تم تسميته بكتشاوة نسبة الى السوق التي كانت تقام في الساحة المقابلة للمسجد والتي كانت تقام لبيع الماعز.
يمزج المسجد بين الخصائص المعمارية للحضارة التركية واليبزنطية والروماني الا ان الملامح الاثرية التي بقيت في اركان المسجد تصر على انتماء المسجد للحضارة الاسلامية .
احداث تاريخية ادت الى انهيار اجزاء منه
مرت على مسجد "كتشاوة" العديد من الاحداث تاريخية التي تسببت في انهيار بعض اجزاءه المهمة كالمأذنة الخارجية خصوصا بعدما بعد ما حوله الاستعمار الفرنسي ابان الحقبة الاستعمارية الى الى كاتدرائية سان فيليبي عام 1832 وطمست فيها كل المعالم الدينية الاسلامية .
سيفتتح خلال الأيام القادمة
وحسبما أكده مرافقنا فان جامع "كتشاوة" سيتم افتتاحه خلال الأيام القادمة أي بداية أول أيام عيد الأضحى المبارك ،و من المرتقب أن تحضر لمراسيم الافتتاح شخصيات سياسية وديبلوماسية تركية ، و قد تكون مرفوقة بوزير الشؤون الخارجية التركي ، لأداء صلاة العيد .
تيكا تحرص على اعادة ترميم رموز الوجود العثماني في الجزائر
تحرص وكالة التعاون و التنسيق التركية " تيكا" منذ بداية نشاطها في الجزائر قبل 4 سنوات على اعادة ترميم كل المعالم التاريخية و الأثرية التركية الموجودة في الجزائر في اطار تحسين العلاقات الجزائرية التركية .
وكانت الوكالة قد انطلقت في اشغال مسجد كتشاوة منذ سنة2014 حيث باشرت أشغال الترميم على خلفية الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس التركي طيب رجب أردوغان سنة 2014، أين وعد بالتكفل بترميم المسجد.
كما تتكفل تيكا حاليا بترميم مواقع أخرى في الجزائر، على غرار مسجد حسن باشا بمدينة وهران الذي انطلقت الدراسات الخاصة بمشروعه منذ ثلاثة أشهر.
رأي المواطنين...
بعد جولة قادتنا الى داخل مسجد كتشاوة خرجنا الى الشارع لمعرفة رأي المواطنين حول اعادة فتح هذه التحفة المعمارية و الجهود التي بدلتها تيكا من اجل اعادة ترميم المسجد وتهيئته ، بحيث أبدى عدد كبير ممن استجوبناهم سعادتهم بإعادة بث الروح من جديد في هذا المسجد الذي لطالما تعالت فيه أصوات المصلين و في هذا الصدد يقول عمي رابح أحد سكان حي القصبة :" ألف شكر لتركيا و اردوغان على العمل الجبار الذي يقومون به وهو ترميم مسجد كتشاوة الذي يعتبر من رموز الجزائر و تركيا على حد السواء ، ان شاء الله سنؤدي صلاة العيد فيه " مضيفا : " عاشت العلاقات الأخوية والتاريخية بين الجزاير وتركيا وتعززت وتقوت لخدمة البلدين".
من جهته أكد عمي صالح وهو من سكان حي القصبة القدامى ، على حرصه الشديد على أداء الصلوات الخمس بمسجد كتشاوة خاصة، مؤكدا أنه في شهر رمضان حيث يكثر فيه توافد المصلين من كل أنحاء العاصمة سيما أبناء الحي ليس فقط باعتبارهم يقطنون هذا الحي بل لأنه يذكرهم بماضيهم العريق الذي يميز هذا المعلم الإسلامي لدرجة يصعب على الذاكرة استرجاع أحداثه في وقت وجيز نظرا للأحداث العظيمة التي شهدها ولآلاف الضحايا الذين سقطوا دفاعا عن حرمته حين صدر أمر تحويله إلى كنيسة، مضيفا أن الحي الذي يوجد به هذا الجامع افتتحه نابليون الثالث بعد دخول فرنسا إلى الجزائر.