اخر خبر
الاخبار العاجلة لاكتشاف المديعة سلمي بوعكاز رياضة جزائرية جديدة نابعة من العمل الاداعي الكثير الكلام حيث اعلنت عن تاسيس رياضة الهدرة في حصة صباح الشر ياقسنطينة ويدكر ان مقدم الحصة الرياضية باداعة قسنطينة اعجب بفنون رياضة الهدرة في اداعة قسنطينة ويدكر ان الاداعات الجزائرية تتتقن رياضة الهدرة وتجارة الاحلام والاسباب مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة لاكتشاف زوار معرض الكتاب بقسنطينة ان المديع مراد بوكرزازة يوقع رواية نشيد الفراشة
وقوفا في مدخل قصر الخليفة وليس في الطاولة التجارية ويدكر ان زرواية رقصة الفراشة نابعة من قصة واقعية للطبيبة نجية بن ايدير بقسنطينة وهكدا تحولت حصة الدنيا حكاية الى زواية ادبية مدانية ويدكر ان عائلة بن ايدير تحضر مفاجات سعيدة للمديع بوكرزازة الدي استغل الاسرار الاداعية في ابداع روايات ادبية مجانا والاسباب مجهولة
رواية نشيد الفراشة من اتصال مستمعة باداعة قسنطينة الى نشر اسراراها العائلية عبر رواية اشهارية
http://rose-egy.com/cat/article?id=250
الاخبار العاجلة لاكتشاف المديعة سلمي بوعكاز رياضة جزائرية جديدة نابعة من العمل الاداعي الكثير الكلام حيث اعلنت عن تاسيس رياضة الهدرة في حصة صباح الشر ياقسنطينة ويدكر ان مقدم الحصة الرياضية باداعة قسنطينة اعجب بفنون رياضة الهدرة في اداعة قسنطينة ويدكر ان الاداعات الجزائرية تتتقن رياضة الهدرة وتجارة الاحلام والاسباب مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة لاكتشاف زوار معرض الكتاب بقسنطينة ان المديع مراد بوكرزازة يوقع رواية نشيد الفراشة
وقوفا في مدخل قصر الخليفة وليس في الطاولة التجارية ويدكر ان زرواية رقصة الفراشة نابعة من قصة واقعية للطبيبة نجية بن ايدير بقسنطينة وهكدا تحولت حصة الدنيا حكاية الى زواية ادبية مدانية ويدكر ان عائلة بن ايدير تحضر مفاجات سعيدة للمديع بوكرزازة الدي استغل الاسرار الاداعية في ابداع روايات ادبية مجانا والاسباب مجهولة
رواية نشيد الفراشة من اتصال مستمعة باداعة قسنطينة الى نشر اسراراها العائلية عبر رواية اشهارية
http://rose-egy.com/cat/article?id=250
الحلقة الحادية عشر من رواية ... "نشيد الفراشة" ......
الحلقة الحادية عشر من رواية ...
"نشيد الفراشة" ...
للإعلامي والروائي الجزائري / مراد بوكرزازة
شعرتُ أني ربما كنت قاسيةً على إبراهيم جداً لكني كنت أقف وكما العادة عند منتصف الطريق..لا أعرف أي الدروب أسلك..وفجأة كان صوته الجهوري ينطلق من حكايةٍ ما –حين كنا نتعشى-
طفولتي كانت صعبة للغاية
كنتُ مجبراً على إلىقظة عند الخامسة صباحاً –أيام الدراسة- لأن المدرسة بعيدة جداً عن بيتنا
كنت أقطع المسافة مشيا على الأقدام ونادراً ما تقف سيارة ما أو شاحنة لتنقلني إلى هناك وعند آخر المساء أعود منهكاً لكني تحت ضوء شمعة أراجع دروسي وسريعاً أنام.
أكثر من مرة كانت أمي تُفاجأ بنومي على المائدة الصغيرة التي أضع بها بعض كتبي وكراريسي
أهرب منه ..من صوته فأصطدم مجدداً به
كانت أيام العطل هي الأسعد بحياتي ..أَمضي لبعض الجبال المجاورة لبيتنا..أصطادُ عدداً كبيراً من العصافير وعند آخر المساء أجلس بالحوش..لم أكن أنام باكراً ..للليل صوت أحبه وأتبعه أحياناً حتى الفجر..كان أبي يسمِّيني طير الليل وكانت أمي تمازحني
رقدَتْ البومة أم مازالت؟
أذهبُ للخزانة، أفتحُها..يسبقني إلىها صوتُ إبراهيم
في أيام الشباب الأولى كنت أغادر قالمة باتجاه عنابة..أدخلُها فاتحاً بالنزق والجنون ثم أكتشفُ عند الفجر أن الفندق الذي استأجرتُ به غرفة قد أغلق أبوابه فأفترش قطعةً من الكرتون وأنام بمحطة الحافلات وحين أعود لبيتنا أغرق في نومٍ عميق ولساعات طويلة
هل أشعر بالندم؟
ربما تسإلىنني الليلة
لا وجود للندم بساعاتي
مذ دخلتُ الحياة وأنا أُحاربها بنفس سلاحها ..العبث والقفز من الجسر العإلى باتجاه الشلالات العميقة..وكلما سقطتُ للماء أغتسل قليلاً ثم أعود لعبثي مجدداً.
أحمل اأغراضي ..أضعُها بالحقيبة الصغيرة لكن صوت إبراهيم يطل مرة آخرى صافياً صادقاً بريّاً
درستُ خمس سنوات كاملة بجامعة قسنطينة
لم يكن الربيع صديقي ولا حتى الشتاء – أيضاً –
كنت أكافح على طريقتي الخاصة وأفي لنزقي القديم..كلما ضربتني الحياة رددتُ لها الصفعة مجدداً..ومع الوقت تغيرتْ نظرتي إلىها..كنتُ أراها نكتةً تداعبني فأعاملها بالطريقة ذاتها ..إلى أن تخرجتُ..عمِلْتُ لسنواتٍ بالقطاع العمومي لكني استقلتُ ذات يوم وفتحتُ مكتبي الخاص ..كانت البداية صعبة لكني بنيت نفسي بنفسي إلى أن نجحت.
أغلقتُ حقيبتي كأني أغلق الباب أمام فرحٍ غامر، وكنت أسرع للشرفة لأرقبه إن كان هناك بالشاطىء لكني لم أعثر عليه..في لحظة كنت أخرج بعض الأوراق وأكتب له
العزيز إبراهيم
وجدتُ أن كلمة العزيز مبالغ فيها ..حذفتها
إبراهيم الغالى
أحببتُ كلمة الغالى
ورحتُ أسترسل في التفاصيل
حين تقرأُ رسالتي هذه أكون ربما قد غادرتُ عنابة
عند البدء دعني أقول لك إن حضورَك أربك خطوتي وأنني حتى الآن لا أفهم ما يحدث معي
دخلتُ هذه المدينة لأني أحب هذا الفندق- الذي أزوره ربما للمرة الخامسة أو السادسة-..دخلتُها بحثاً عني أو فراراً مني ولم أتصور للحظة أني سأنتهي معك حيث الماء من الجهات الأربع ..كل لحظة اقتسمتُها معك..كانت عمرً إضافياً من البهجة الباذخة والفرح العالى لكني غادرت ..
فضلتُ ألا أصطدم ثانية بك، ليس هروباً منك وإنما مني أكثر
رقمي الهاتفي أتركه لك لتتصل بي-إن وجدت ضرورة لذلك- لكن بعد أيام
دعني أستوعب أولاً هذا الذي يحدث معي ولحظتها سنقرر
سماح.....
صباحاً
كنت أغادر غرفتي –بعد أن فتحتْ شرفتَها على اتساع البحر- وأحمل حقيبتي الصغيرة..لم أقصد المصعد كما العادة..كنتُ أنزل السلالم مذعورة- كلصةٍ مبتدئة- وأقف عند الطايبق الثاني..اقتربتُ من غرفة إبراهيم...تسارعتْ دقاتُ قلبي وأنا أقربها ..قرأتُ رقمها أكثر من مرة- 206- وكنت أضع الرسالة تحت الباب وأنزل مسرعة-كأني أحمل فضيحة الأرض- سلمتُ المفاتيح للعامل بالاستقبال وكنت اأركب سيارة رمزي .
حين غادرنا الحظيرة الصغيرة..كنت أستدير لاأرى الاأمكنة –ربما للمرة الاخيرة-
هل راقتكِ زيارتك
كان رمزي يسألني
وخلف دمعةٍ كنت أكتُمها
نعم
أجبت
لكن هذه المرة غير كل المرات
نظر إلىَّ بزجاج مرآته الصغيرة
نتمنى أن نراك ثانية
بلطفٍ كان يقول
(هذه التي تسافر الآن وفي ساعةٍ باكرة من الوقت- والشوق العارم- تغادر عنابة كما لو أنها تغادر الدنيا
بمكان ما تركَتْ قطعةً من روحها
وخطوةً مبتورة بشاطىءٍ بهيٍّ
وبعضَ رمادها الذي أودعتْهُ برسالة مقتضبة)
عبرنا الكورنيش الجميل ..ولم أكن أنظر للشواطىء التي ركضتُ فيها يوماً بالخبل الأول..حاولتُ التخلص من لحظتي المكثفة لكني لم أمكن من ذلك.
( المرأة التي نزلت اليوم صباحاً لطابقه..لغرفته ورمتْ تحت بابه رسالتَها- روحها- تراها قالت له بكل مساحات البياض أنها تحتاجه جداً وأنها تستحيل لمراهقةٍ تكتب رسائل الحب الأولى ..وأنها تعود لعشرين سنة للخلف كأنما تكتشف الحبَّ للمرة الأولى..كأنما تختبر نفسها بالامتحان الأولي ..هي التي عبرتْ دروبها بالشتاء الكبير عارية إلا من صبرها وقدرتها على التجاوز.)
حين توغلنا لوسط المدينة كنت أنظر بعصبية لساعة يدي ..كانت تقارب السابعة صباحاً
أتمنى ألا يكون الطريق مزدحماً
كنتُ أقطع حبل صمتٍ ساد بيني وبين رمزي
اليوم هو الأربعاء..لا أعتقد ذلك
ثم عدت ثانية إلى..
تُراه سيعاتبني حين يعلم أني غادرت
هل سيقول عني أني جبانة؟
كيف سيلتقط رسالتي وبأي عين سيقرؤها
هل تسافرين بالسيارة أم الحافلة؟
كان رمزي يسألني
بالسيارة طبعاً
كنت أجيبه وأنا بالكاد أتخلص من شرودي
لحظات وتوقف رمزي عند بوابة المحطة
سلمتُه أجرتَه وأضفتُ مبلغاً آخر قبضه بعد جهدٍ وغادر
( هذه المرأة التي تقف الآن في قلب محطة المسافرين لا ترى كل الناس ولا ترى السيارات التي يهتف أصحابها بالمدن التي يقصدونها
تقف في مفترق الطرق
لا تعرف كيف تركب سيارةً تقودها لقسنطينة
بعد قليل تغادر بونة
لكنها تعجز عن مغادرة إعاقتها ...)
حين انطلقت سيارة الأجرة-بعد أن امتلأت بالزبائن – كنت أشعر براحةٍ نسبية وبوخز في الضمير أيضاً ..غادرنا المحطة..كان الجو غائماً وعلى أُهبة المطر ..وكنت أتساءل: تُراه استيقظ الآن؟ ..هو الذي يسهر دائماً لساعةٍ متآخرة من الليل..هل انتبه إلى رسالتي أم أنه غادر الغرفة لقاعة الاستقبال علَّه يلتقيني قبل أن أغادر.؟
شغَّل السائق محطة إذاعية أجنبية..انسابت الموسيقى هادئةً عند البدء ثم سرعان ما أطلَّت الشلالات منها ..كنت أفتح جريدة يومية ..أغلقتها ..كنت أنصت للموسيقى وهي تذهب سريعةً لمكان ما من الروح وتصب فيه..انطلقَ بعدها حديث بين الزبائن عن الجو المتقلب هذه الأيام في الوقت الذي كان يختلي عشرينيُّ بصوتٍ نسائي عبر هاتفه ..كان صوتُه يشبه الهمس..أسرعتُ لحقيبتي أبحث عن هاتفي وأرى إن كان مشتعلاً..
لست أدري كم مضى من الوقت ونحن نعبر المروج التي بدأتْ تكتسي بحُلة خضراء حين رن هاتفي فجأة أسرعتُ إليه كأن لغماً ما انفجر بيدي..تسارعت دقات قلبي..تمعنتُ بالرقم ..كان من العيادة وكانت الممرضة هي من تتصل..أخفيتُ ارتباكاً كبيراً وأجبتُها
آلو
أهلاً دكتورة
آلو سُميَّة –الممرضة –
هل تعودين اليوم أم أنك تؤجلين ذلك
لا ..أنا الآن بالطريق ..سأكون غداً بالعيادة
وهل تأتين باكراً
نعم سأكون هناك في التاسعة صباحاً على أبعد تقدير
رحلةٌ ممتعة
شكراً لكِ نلتقي في الغد
حين أغلقتُ سماعة الهاتف ..كنت أنظر إليه أولاً ثم لبقية الزبائن –الذين يجلسون قربي وأتفحصهم إن كانوا لاحظوا ارتباكي أم لا ..عدتُ ثانية للجريدة أفتحها وأهرب إليها..لحظتها كانت بعض زخات المطر قد بدأت بالتساقط..أحببتُ المشهد جداً بيد أني كنت أرقب زجاج السيارة والمطر ينقُره بحميمية خالصة.
( هذه المرأة التي غادرتْ بونة ..دخلتْها ذات صباح ضائعة ..كان أقصى ما ترتجيه أن تختلي بنفسها في ساعةٍ محايدة ..أن تنصت للبحر وهو يعيش طقوسه وأن تروي له –ولموجه العالى- ما معنى أن تقصده امرأةٌ من شجن وأغنيات غير مكتملة لكن الريح هبَّت من نافذةٍ ما توقعتها..كان بودها ألا تتورط..ألا تجد نفسها في مهبِّ المراكب و المواعيد غير المتوقعة..لكنها تقف الآن على جبلٍ عال لا تعرف كيف وصلتْ إليه..)
عاد الهاتف ليرن مرة آخرى
أسرعتُ لشاشته أرقبها..لم يظهر الرقم ..رفعتُه
آلو
أطل صوتُ هدى –اأختي- من البلاد البعيدة
أين أنتِ أيتها المجنونة؟ أحاول الاتصال بك منذ ثلاثة أيام وهاتفك مغلق
أنا بطريقي لقسنطينة ..كنت بعنابة وبالفندق الذي تعرفين
وكانت تضحك-بخبث-
وهل هذا سببٌ كافٍ للانقطاع عن العالم؟
كنتُ بحاجة للراحة
قلت وأنا أجتهد في إخفاء ارتباكي
صوتك يقول أشياء كثيرة
أنا؟
نعم أنتِ
كنت سأقول لها أني وأني
لكني كنت أتهرب
أنا بسيارة أجرة لهذا لا أستطيع الحديث بحُرية
ولماذا لم تسافري بسيارتك؟
تعرفين أني لا أفعل ذلك في المسافات الطويلة
ثم كنت أغير الموضوع
كيف زوجك وابنك؟
كلنا بخير
وكمن يهرب من محادثة ملغمة كنت أعتذر
حين أدخل البيت سأعيد الاتصال بكِ
أنتظركِ ثمة تفاصيل كثيرة يجب أن أرويها لك
أعِدُكِ
سأكون بالانتظار
ومرة أخرى
كنت أنظر حولي إن كان المسافرون قد لاحظوا ارتعاشة أصابعي وأنا أرد على الهاتف أو أهم شعروا بصوتي الذي خُيل إلى أنه كان يرتعد.
ثم عدتُ ثانية لأرقب المطر الذي ازداد غزارة ونحن ندخل قسنطينة..
قسنطينة التي بدت لي كغيمةٍ حائرة وهي تغتسل بعبث
حين نزلتُ شعرت أني غبتُ لمدة طويلة بيد أني كنت أتفحص الأمكنة كأني أراها للمرة الأولى..استأجرتُ سيارةً أخرى لتقلني للبيت وكنت أتمنى ألا يرن الهاتف وأنا بالخارج..
كنتُ أتمنى أن يحدث ذلك ببيتي....
"نشيد الفراشة" ...
للإعلامي والروائي الجزائري / مراد بوكرزازة
شعرتُ أني ربما كنت قاسيةً على إبراهيم جداً لكني كنت أقف وكما العادة عند منتصف الطريق..لا أعرف أي الدروب أسلك..وفجأة كان صوته الجهوري ينطلق من حكايةٍ ما –حين كنا نتعشى-
طفولتي كانت صعبة للغاية
كنتُ مجبراً على إلىقظة عند الخامسة صباحاً –أيام الدراسة- لأن المدرسة بعيدة جداً عن بيتنا
كنت أقطع المسافة مشيا على الأقدام ونادراً ما تقف سيارة ما أو شاحنة لتنقلني إلى هناك وعند آخر المساء أعود منهكاً لكني تحت ضوء شمعة أراجع دروسي وسريعاً أنام.
أكثر من مرة كانت أمي تُفاجأ بنومي على المائدة الصغيرة التي أضع بها بعض كتبي وكراريسي
أهرب منه ..من صوته فأصطدم مجدداً به
كانت أيام العطل هي الأسعد بحياتي ..أَمضي لبعض الجبال المجاورة لبيتنا..أصطادُ عدداً كبيراً من العصافير وعند آخر المساء أجلس بالحوش..لم أكن أنام باكراً ..للليل صوت أحبه وأتبعه أحياناً حتى الفجر..كان أبي يسمِّيني طير الليل وكانت أمي تمازحني
رقدَتْ البومة أم مازالت؟
أذهبُ للخزانة، أفتحُها..يسبقني إلىها صوتُ إبراهيم
في أيام الشباب الأولى كنت أغادر قالمة باتجاه عنابة..أدخلُها فاتحاً بالنزق والجنون ثم أكتشفُ عند الفجر أن الفندق الذي استأجرتُ به غرفة قد أغلق أبوابه فأفترش قطعةً من الكرتون وأنام بمحطة الحافلات وحين أعود لبيتنا أغرق في نومٍ عميق ولساعات طويلة
هل أشعر بالندم؟
ربما تسإلىنني الليلة
لا وجود للندم بساعاتي
مذ دخلتُ الحياة وأنا أُحاربها بنفس سلاحها ..العبث والقفز من الجسر العإلى باتجاه الشلالات العميقة..وكلما سقطتُ للماء أغتسل قليلاً ثم أعود لعبثي مجدداً.
أحمل اأغراضي ..أضعُها بالحقيبة الصغيرة لكن صوت إبراهيم يطل مرة آخرى صافياً صادقاً بريّاً
درستُ خمس سنوات كاملة بجامعة قسنطينة
لم يكن الربيع صديقي ولا حتى الشتاء – أيضاً –
كنت أكافح على طريقتي الخاصة وأفي لنزقي القديم..كلما ضربتني الحياة رددتُ لها الصفعة مجدداً..ومع الوقت تغيرتْ نظرتي إلىها..كنتُ أراها نكتةً تداعبني فأعاملها بالطريقة ذاتها ..إلى أن تخرجتُ..عمِلْتُ لسنواتٍ بالقطاع العمومي لكني استقلتُ ذات يوم وفتحتُ مكتبي الخاص ..كانت البداية صعبة لكني بنيت نفسي بنفسي إلى أن نجحت.
أغلقتُ حقيبتي كأني أغلق الباب أمام فرحٍ غامر، وكنت أسرع للشرفة لأرقبه إن كان هناك بالشاطىء لكني لم أعثر عليه..في لحظة كنت أخرج بعض الأوراق وأكتب له
العزيز إبراهيم
وجدتُ أن كلمة العزيز مبالغ فيها ..حذفتها
إبراهيم الغالى
أحببتُ كلمة الغالى
ورحتُ أسترسل في التفاصيل
حين تقرأُ رسالتي هذه أكون ربما قد غادرتُ عنابة
عند البدء دعني أقول لك إن حضورَك أربك خطوتي وأنني حتى الآن لا أفهم ما يحدث معي
دخلتُ هذه المدينة لأني أحب هذا الفندق- الذي أزوره ربما للمرة الخامسة أو السادسة-..دخلتُها بحثاً عني أو فراراً مني ولم أتصور للحظة أني سأنتهي معك حيث الماء من الجهات الأربع ..كل لحظة اقتسمتُها معك..كانت عمرً إضافياً من البهجة الباذخة والفرح العالى لكني غادرت ..
فضلتُ ألا أصطدم ثانية بك، ليس هروباً منك وإنما مني أكثر
رقمي الهاتفي أتركه لك لتتصل بي-إن وجدت ضرورة لذلك- لكن بعد أيام
دعني أستوعب أولاً هذا الذي يحدث معي ولحظتها سنقرر
سماح.....
صباحاً
كنت أغادر غرفتي –بعد أن فتحتْ شرفتَها على اتساع البحر- وأحمل حقيبتي الصغيرة..لم أقصد المصعد كما العادة..كنتُ أنزل السلالم مذعورة- كلصةٍ مبتدئة- وأقف عند الطايبق الثاني..اقتربتُ من غرفة إبراهيم...تسارعتْ دقاتُ قلبي وأنا أقربها ..قرأتُ رقمها أكثر من مرة- 206- وكنت أضع الرسالة تحت الباب وأنزل مسرعة-كأني أحمل فضيحة الأرض- سلمتُ المفاتيح للعامل بالاستقبال وكنت اأركب سيارة رمزي .
حين غادرنا الحظيرة الصغيرة..كنت أستدير لاأرى الاأمكنة –ربما للمرة الاخيرة-
هل راقتكِ زيارتك
كان رمزي يسألني
وخلف دمعةٍ كنت أكتُمها
نعم
أجبت
لكن هذه المرة غير كل المرات
نظر إلىَّ بزجاج مرآته الصغيرة
نتمنى أن نراك ثانية
بلطفٍ كان يقول
(هذه التي تسافر الآن وفي ساعةٍ باكرة من الوقت- والشوق العارم- تغادر عنابة كما لو أنها تغادر الدنيا
بمكان ما تركَتْ قطعةً من روحها
وخطوةً مبتورة بشاطىءٍ بهيٍّ
وبعضَ رمادها الذي أودعتْهُ برسالة مقتضبة)
عبرنا الكورنيش الجميل ..ولم أكن أنظر للشواطىء التي ركضتُ فيها يوماً بالخبل الأول..حاولتُ التخلص من لحظتي المكثفة لكني لم أمكن من ذلك.
( المرأة التي نزلت اليوم صباحاً لطابقه..لغرفته ورمتْ تحت بابه رسالتَها- روحها- تراها قالت له بكل مساحات البياض أنها تحتاجه جداً وأنها تستحيل لمراهقةٍ تكتب رسائل الحب الأولى ..وأنها تعود لعشرين سنة للخلف كأنما تكتشف الحبَّ للمرة الأولى..كأنما تختبر نفسها بالامتحان الأولي ..هي التي عبرتْ دروبها بالشتاء الكبير عارية إلا من صبرها وقدرتها على التجاوز.)
حين توغلنا لوسط المدينة كنت أنظر بعصبية لساعة يدي ..كانت تقارب السابعة صباحاً
أتمنى ألا يكون الطريق مزدحماً
كنتُ أقطع حبل صمتٍ ساد بيني وبين رمزي
اليوم هو الأربعاء..لا أعتقد ذلك
ثم عدت ثانية إلى..
تُراه سيعاتبني حين يعلم أني غادرت
هل سيقول عني أني جبانة؟
كيف سيلتقط رسالتي وبأي عين سيقرؤها
هل تسافرين بالسيارة أم الحافلة؟
كان رمزي يسألني
بالسيارة طبعاً
كنت أجيبه وأنا بالكاد أتخلص من شرودي
لحظات وتوقف رمزي عند بوابة المحطة
سلمتُه أجرتَه وأضفتُ مبلغاً آخر قبضه بعد جهدٍ وغادر
( هذه المرأة التي تقف الآن في قلب محطة المسافرين لا ترى كل الناس ولا ترى السيارات التي يهتف أصحابها بالمدن التي يقصدونها
تقف في مفترق الطرق
لا تعرف كيف تركب سيارةً تقودها لقسنطينة
بعد قليل تغادر بونة
لكنها تعجز عن مغادرة إعاقتها ...)
حين انطلقت سيارة الأجرة-بعد أن امتلأت بالزبائن – كنت أشعر براحةٍ نسبية وبوخز في الضمير أيضاً ..غادرنا المحطة..كان الجو غائماً وعلى أُهبة المطر ..وكنت أتساءل: تُراه استيقظ الآن؟ ..هو الذي يسهر دائماً لساعةٍ متآخرة من الليل..هل انتبه إلى رسالتي أم أنه غادر الغرفة لقاعة الاستقبال علَّه يلتقيني قبل أن أغادر.؟
شغَّل السائق محطة إذاعية أجنبية..انسابت الموسيقى هادئةً عند البدء ثم سرعان ما أطلَّت الشلالات منها ..كنت أفتح جريدة يومية ..أغلقتها ..كنت أنصت للموسيقى وهي تذهب سريعةً لمكان ما من الروح وتصب فيه..انطلقَ بعدها حديث بين الزبائن عن الجو المتقلب هذه الأيام في الوقت الذي كان يختلي عشرينيُّ بصوتٍ نسائي عبر هاتفه ..كان صوتُه يشبه الهمس..أسرعتُ لحقيبتي أبحث عن هاتفي وأرى إن كان مشتعلاً..
لست أدري كم مضى من الوقت ونحن نعبر المروج التي بدأتْ تكتسي بحُلة خضراء حين رن هاتفي فجأة أسرعتُ إليه كأن لغماً ما انفجر بيدي..تسارعت دقات قلبي..تمعنتُ بالرقم ..كان من العيادة وكانت الممرضة هي من تتصل..أخفيتُ ارتباكاً كبيراً وأجبتُها
آلو
أهلاً دكتورة
آلو سُميَّة –الممرضة –
هل تعودين اليوم أم أنك تؤجلين ذلك
لا ..أنا الآن بالطريق ..سأكون غداً بالعيادة
وهل تأتين باكراً
نعم سأكون هناك في التاسعة صباحاً على أبعد تقدير
رحلةٌ ممتعة
شكراً لكِ نلتقي في الغد
حين أغلقتُ سماعة الهاتف ..كنت أنظر إليه أولاً ثم لبقية الزبائن –الذين يجلسون قربي وأتفحصهم إن كانوا لاحظوا ارتباكي أم لا ..عدتُ ثانية للجريدة أفتحها وأهرب إليها..لحظتها كانت بعض زخات المطر قد بدأت بالتساقط..أحببتُ المشهد جداً بيد أني كنت أرقب زجاج السيارة والمطر ينقُره بحميمية خالصة.
( هذه المرأة التي غادرتْ بونة ..دخلتْها ذات صباح ضائعة ..كان أقصى ما ترتجيه أن تختلي بنفسها في ساعةٍ محايدة ..أن تنصت للبحر وهو يعيش طقوسه وأن تروي له –ولموجه العالى- ما معنى أن تقصده امرأةٌ من شجن وأغنيات غير مكتملة لكن الريح هبَّت من نافذةٍ ما توقعتها..كان بودها ألا تتورط..ألا تجد نفسها في مهبِّ المراكب و المواعيد غير المتوقعة..لكنها تقف الآن على جبلٍ عال لا تعرف كيف وصلتْ إليه..)
عاد الهاتف ليرن مرة آخرى
أسرعتُ لشاشته أرقبها..لم يظهر الرقم ..رفعتُه
آلو
أطل صوتُ هدى –اأختي- من البلاد البعيدة
أين أنتِ أيتها المجنونة؟ أحاول الاتصال بك منذ ثلاثة أيام وهاتفك مغلق
أنا بطريقي لقسنطينة ..كنت بعنابة وبالفندق الذي تعرفين
وكانت تضحك-بخبث-
وهل هذا سببٌ كافٍ للانقطاع عن العالم؟
كنتُ بحاجة للراحة
قلت وأنا أجتهد في إخفاء ارتباكي
صوتك يقول أشياء كثيرة
أنا؟
نعم أنتِ
كنت سأقول لها أني وأني
لكني كنت أتهرب
أنا بسيارة أجرة لهذا لا أستطيع الحديث بحُرية
ولماذا لم تسافري بسيارتك؟
تعرفين أني لا أفعل ذلك في المسافات الطويلة
ثم كنت أغير الموضوع
كيف زوجك وابنك؟
كلنا بخير
وكمن يهرب من محادثة ملغمة كنت أعتذر
حين أدخل البيت سأعيد الاتصال بكِ
أنتظركِ ثمة تفاصيل كثيرة يجب أن أرويها لك
أعِدُكِ
سأكون بالانتظار
ومرة أخرى
كنت أنظر حولي إن كان المسافرون قد لاحظوا ارتعاشة أصابعي وأنا أرد على الهاتف أو أهم شعروا بصوتي الذي خُيل إلى أنه كان يرتعد.
ثم عدتُ ثانية لأرقب المطر الذي ازداد غزارة ونحن ندخل قسنطينة..
قسنطينة التي بدت لي كغيمةٍ حائرة وهي تغتسل بعبث
حين نزلتُ شعرت أني غبتُ لمدة طويلة بيد أني كنت أتفحص الأمكنة كأني أراها للمرة الأولى..استأجرتُ سيارةً أخرى لتقلني للبيت وكنت أتمنى ألا يرن الهاتف وأنا بالخارج..
كنتُ أتمنى أن يحدث ذلك ببيتي....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق