الجمعة، يوليو 28

هكذا أفكر

هكذا أفكر
هل لغدنا مستقبل؟
فضيل بومالة
حينما تغرق النخب في النوم والماضوية والسلط الحاكمة في الاستبداد والشمولية والشعوب في الوهن والسحرية، فإن وعي التاريخ والسياسة والتغيير ينتفي، وبانتفائه يصاب إدراكنا للواقع بالزيف والتمثلات المرضية، والحقيقة الأعمق أننا لم نع التاريخ لا كأحداث ولا كفلسفة وحراك ومعاني، وبقينا نخلط بين فعل التاريخ وحقيقة الذاكرة الجماعية (وهما أمران مختلفان تماما) وما علق بمنظوماتنا النفسية والدينية والثقافية من شوائب وأمراض· ألم تصبح الماضوية (وهي ليست أبدا بالماضي أو التراث) وعاء لسوق الايديولوجيات عندنا؟ ألا نتنافس رمزيا وسياسيا، في الدين والثقافة والإنية والشرعية، على مرجعيات ماضوية ميتة قاتلة؟
إن عقيدة الماضوية نوع آخر من الاستبداد يعطل فينا حيوية التفكير والنقد والاجتهاد وإصلاح الذات· إنها سلطة مخدرة تنزع بنا نحو الأسطورة والوهم وتبعدنا أكثر فأكثر عن حقيقة واقعنا· والأدهى من ذلك والأمر أن بناءنا التحليلي للواقع -إن وجد- سواء من الناحية الأكاديمية أو السياسية، أصبح هو ذاته مرهونا بتلك الماضوية -المقياس أو المرجع- وحتى لغتنا المشتركة (ولا أقصد هنا اللسان) إنما تشكلت وفق تلك البنى· فالدين يعني إعادة إنتاج نموذج ما في الماضي والإنية الأمازيغية أو العربية الإسلامية كذلك·· الثورة·· الوطنية·· اللغة·· القيم·· الحداثة·· القيادة·· وحتى المرأة؟!! إننا بحق رهائن لواقع مؤدلج بالماضوية سواء أكانت من صميم امتدادنا أو وافدة علينا·
لقد جعلنا من سيرورتنا نسقا تراجعيا يناقض ماهيتها·· ومن الزمن الماضي بعيدا كان أو متوسطا أو قريبا، إقامة روحية ونفسية وثقافية تجد فيها إرادتنا المكبلة راحتها وسكينتها ويرى فيها عقلنا المعطل سره وإبداعه· إن مستقبلنا بالنهاية، وانطلاقا من خصائص الماضوية التي نريد البناء عليها، كشوف جديدة وإبحار في الأزمنة المنتهية·
أتحدث هنا عن الماضوية لمحرك التاريخ لأفهم سر نفورنا من البحث في شؤون المستقبل· لماذا نخاف منه ونعتبر التنبؤ به تدخل سافر في صلاحيات ''المقدس'' ونوع من الشرك بالله عز وجل؟ لماذا نعتبره حتمية وقدرية ليس بإمكاننا فك طلاسمها وتحويل اتجاهها إذا لم أقل مغايرته تماما؟
إن التفكير في المستقبل أو ما نسميه الاستشراف لم يعد فقط حيويا وضروريا للتحدي والمنافسة والبقاء وإنما أصبح علما أساسيا وتطبيقا في مختلف الدوائر الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية، والجديد فيه أنه أصبح قاعدة تربوية في المدارس تعتمد في تدريب عقول الأطفال على التفكير فيه والإعداد له قصد النجاح والتفوق·
إن المستقبل ببساطة -على حد تعبير أحدهم- هو الزمن القادم الذي سنعيش فيه·· ولذلك يجب أن نشارك في صناعته وليس التكهن والتجيم بما يخفيه لنا· وهنا أريد التوضيح أن ''الغد'' سياق زمني فيزيائي يعتمد القياس والحساب لا سلطة للإنسان عليه·· أما المستقبل فمدلول ومضمون بمعنى أن الزمن القادم، مباشرا أو متوسط أو منظورا·· الخ، قاسم مشترك بين الجميع·· غير أن ما سينطوي مستقبله فسيختلف باختلاف الديناميكيات والتفاعلات والإبداعات، والأمر ينطبق عمليا على الكيانات الجزئية أو الكلية على السواء أي على الأفراد والشعوب والدول·
وإذا كان زمن ''الغد'' خطيا مستمرا لا تراجع فيه، فإنه بالإمكان تحويله من خلال ما نعده لمضمون ''المستقبل'' إلى معادلة نوعية بدل طبيعته الكمية· أي أن التنمية أو النمو أو الحضارة لم تعد رهينة الزمن المطلق كما هي الحال في دورة الفصول الطبيعية أو حتى المسار البيولوجي للإنسان·
إن المستقبل، إذا كان ديناميكية وإبداعا، فإنه يختزل الزمن، أما إذا كان ''عطلا وعطبا'' فإنه يجعل ثقل التخلف يزداد من حيث الزمن·
وأمثلة ذلك روما القديمة التي استغرقت ثلاثة قرون ونصف كي تصبح امبراطورية·· أما فرنسا أو أمريكا اليوم فاستغرقت فقط قرنين·
والنقلة كانت أكبر مع يابان - مايجي التي تطلبت فقط قرنا من الوقت·
في حين أن الامبراطورية السوفياتية -سابقا- تربعت على نصف العالم في أقل من ثمانين سنة· غير أن ما يشبه المعجزة هو ما حدث مع نموذج التنين ذي الرؤوس الأربعة في جنوب شرق آسيا· فقد انتقل من المستوى المعيشي للمغرب إلى نظيره الإسباني في ظرف عشرين سنة فقط· وعليه، يمكننا القول إن المستقبل أصبح شبه آلة يمكن التحكم فيها بآليات الخبرة والذكاء والابتكار والمشاركة الجماعية·
وأنا أنظر إلى ما يحصل عندنا من معاداة للعلم والتفكير الاستراتيجي وارتجال في اتخاذ القرار واعتماد على المزاج أكثر من العقل في شؤون التربية والتكوين الجامعي والعمران وبناء المدن الجديدة وشبكات الاتصال والأنظمة الصحية والفلاحية وقطاع النفط والأمن وباقي المجالات· وأتساءل بحق وأنا خائف، أهكذا يكون البناء؟ أهكذا نقطع الطريق أمام التخلف؟ وهل فعلا لغدنا مستقبل إلا كمثله مما ممضى أو أخطر؟؟!
PH/DjazairNews
مصافحة
م د ي ر···بين لا و نعم
بلقاسم بن عبد الله كاتب
·· ومثلما جرت العادة لديهم، توجهوا إلى المقهى القريب من مؤسستهم الموقرة، بعد أن أخذوا الإذن طبعا من نائب مديرهم الذي ينتظر حركة تحويل أو ترقية· تمحوروا حول طاولة منعزلة في الركن المعتاد· وبادر ثالثهم: ما رأيكم في لعبة البحث عن عبارات تعريفية موحية وساخرة، ولتكن جلسة النميمة لنهار اليوم حول كلمة: م د ي ر·· استحسنوا هذه الفكرة اللطيفة الظريفة، وشرعوا في اللعب بالألفاظ للحظات، فجاءت هذه العبارات:
3 ـ المدير أحيانا هو كل شيء، وهو غالبا كل· لا شيء·
2 ـ تستطيع أي مؤسسة تسيير شؤونها لشهور عديدة بدون مدير، ولكنها لا تتحرك بدون عمال·
1 ـ المدير شخص مرغوب فيه ظاهريا، ومغضوب عليه باطنيا·
3 ـ وراء كل مدير ناجح، مدير أنجح منه·
2 ـ فوق كل مدير مدير، وتحت كل عامل عامل·
1 ـ قد لا يفرق المدير بين جيبه وخزانة مؤسسته·
3 ـ ويل لكل مدير من مصير الإقالة أو الاستقالة
2 ـ أقيل مدير من منصبه، فأخذ كرسيه إلى منزله·
1 ـ المدير سلطان انتزع منه تاجه وصولجانه·
قطع حديثهم المسترسل شاب أنيق، سألهم عن أقرب طريق يوصل إلى مقر الولاية، أرشدوه، ثم تابعوا اللعبة··
3 ـ كم هو محبوب ذلك المدير لدى سكرتيرته والمقربين منه ومنها·
2 ـ الفرق بين المدير والمديرة تاء مربوطة، وهي تتفوق عليه بنقطتين فقط·
1 ـ المدير الفاشل يتستر وراء سلطة ممارسة العقوبات·
3 ـ المدير الناجح كالتمساح، يعوم بمهارة ويبكي في الظرف المناسب·
2 ـ النميمة كالذباب تقلق راحة كل مدير·
1 ـ إعلان بمؤسسة: ''لا تسبوا المدير في سركم''· 3 ـ ما أتعس المدير الظالم عندما يضع رأسه على الوسادة·
2 ـ مديرنا يابس لا يكسر، طري لا يعصر·
1 ـ مديرنا أذنه رادار، ولسانه ثعبان·
قهقه الجميع، سحق أحدهم سيجارته، رشف الثاني ما تبقى في فنجانه، دفع الثالث الثمن·· وعادوا بكل حيوية ونشاط لاستئناف العمل بمؤسستهم، وكأن شيئا لم يكن

ليست هناك تعليقات: