هاربات من البيوت.. جامعيات ومطلقات ضحايا المجتمع
''بنات الميليو''.. عندما ينتهي البحث عن ''الخبزة المرّة '' إلى الرقص في الكباريه
مرّت المرأة في مجتمعنا بظروف أجبرتها على
الخروج إلى العمل لكسب رزقها وسد رمقها، خصوصا إذا كانت ربة بيت تطلقت أو
ترمّلت، وغالبا ما تجد عملا متواضعا خاصة إذا كانت عديمة المستوى، فاشتغلت
منظفة وبائعة ونادلة وغيرها من المهن، لكن هناك صنفا آخر من النساء ذهبن
ضحية مجتمع لا يرحم، وظروف أجبرتهن على الاشتغال بمهن ''غير شريفة''، فوجدن
أنفسهن وسط جوّ أو ''ميليو'' الكباريهات والملاهي الليلية، كنادلات
وراقصات و.. و..
في مداهمة لهذه الأماكن المشبوهة مع فرقة الدرك الوطني بفالمة، وقفنا على حقيقة ما تخبئه ''الكباريهات'' من أسرار وحكايات لأشخاص
غرقوا في عالم السهرات الليلية ولم يستطيعوا الخروج منه، ونساء كن ''بنات فاميليا'' قبل أن يجدن أنفسهن راقصات في الكباريهات.
كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة والنصف
ليلا، لما دخلنا إلى ملهى ليلي تابع لمركّب بوشهرين بأولاد علي في فالمة،
ورغم أن اليوم كان عطلة، إلا أن الكباريه كان شبه فارغ، وكأن رواده أحسوا
بأن هناك صحفيين جاؤوا لينقلوا واقعهم وحياتهم الليلية خارج أسوارها، فخشوا
أن يفشوا أسرارهم. وبمجرد اقترابنا من الباب خفت صوت الموسيقى وأشعلت
الأنوار، فدخول فرق التفتيش التابعة للدرك يحتم ذلك، ربما كنوع من
الاحترام.
بنات عائلات ولكن..
في وقت كان أعوان ''آس آس إي'' يدققون في هويات
''السكارى'' خاصة الشباب، لمحنا شابات في مقتبل العمر كن يفتحن قارورات
الخمر للزبائن، ترددنا، بداية، في الاقتراب منهن، إلا أن ابتسامة من إحداهن
سرعان ما فتحت الطريق.. ''نور'' أو هكذا تسمى هنا، صاحبة 19 سنة من وهران،
شابة مازالت ملامح البراءة تطبع وجهها الجميل، حتى أنه من يلتقيها في
الشارع نهارا يستحيل أن يظن أنها تفتح قارورات الخمر ليلا، فالفتاة لم يمض
على دخولها عالم ''الكباريهات'' سوى أشهر قليلة.
دون مقدمات عرّفتها على هويتي وما جئت لأجله،
ترددت في الأول ولكن سؤالا بعد سؤال، استرسلت في الكلام، قائلة ''الله غالب
المشاكل هي التي جاءت بي إلى هذا المكان، والداي تطلقا وتراكمت المشاكل في
بيتنا ومع الصديق الذي كنت أعرفه، الأمر الذي جعلني أحمل أمتعتي وأخرج من
البيت، لأجد نفسي في الشارع، وفي الأخير الخبزة ساقتني إلى العمل في
الكباريه''. ولدى سؤالنا عن نوعية العمل الذي تؤديه أجابت: ''أنا نادلة،
أسهر على فتح قنينات الخمر للزبائن وجلب طلباتهم من المشروبات والشيشة''.
''نور'' التي تتقاضي 10 آلاف دج في الشهر نظير
خدماتها، بالإضافة إلى أن الأكل والمبيت محسوب على صاحب الكباريه، نفت أن
تكون مدمنة على الخمر ''أنا منشربش، نكمي الدخان فقط''، ومعظم النادلات
يحملن سيجارة بين أصابعهن، فدخانها يضفي ''بريستيجا'' خاصا، حسبهن.
وإذا كانت الظروف العائلية هي التي أجبرت
''نور'' الوهرانية على ولوج الكباريه، فإن ''الخبزة المرّة'' هي التي كانت
سببا في أن تصبح ''منال السكيكدية''، 28 سنة، صبابة للخمر، تحمل غيظا في
قلبها تجاه المجتمع الذي جعلها تتسكع في الكباريهات ولم تتردد لحظة في
البوح بما يختلج صدرها، ''كنت ''بنت فاميليا'' ولكن الجوع هو الذي جعلني
أدخل عالم الكباريهات لأعيل أسرتي الفقيرة، أنا أنفق على والدي المقعد
وأجهز أختي المقبلة على الزواج، حاولت الاشتغال بعمل شريف كمنظفة لكن
الذئاب البشرية كانت دائما تطاردني..''، تتنهد قليلا وتواصل: ''على الأقل
هنا يتم الأمر بموافقتي ورضاي وبالثمن الذي أريده''.
''لم أستطع الخروج من حياة الملاهي''
خلال حديثنا مع ''منال''، تدخلت فتاة أخرى في
عقدها الثالث من العمر، تبيّن من لكنتها أنها من مدينة عنابة، قائلة: ''يا
أخي لا تستعجب، فما يحدث في الخارج أبشع مما تسمع عنه في الكباريه، نحن على
الأقل لا ننافق الله ونفعل كل شيء ''قدام ربي وعبادو''، ولا نختفي وراء
الحجاب لنفعل الأفاعيل''. حاولنا الغوص في خلفيات دخولها ''الميليو''،
لكنها أبت وترددت مرددة ''خلي البير بغطاه''، وبعد إلحاح شديد، باحت لنا
بسرها وهي تنفث دخان سيجارتها: ''يا أخي أنا لست مثلهن، منذ أن كنت صغيرة
وأنا أعشق حياة اللهو واللعب، دخلت عالم الكباريهات وعمري لم يتجاوز الـ16
ربيعا، بعد هروبي من البيت، عرفت خلالها العديد من أصناف الرجال، حتى جمعني
القدر بشاب تزوجني، فاعتزلت ''الميليو''، إلا أن سعادتي لم تكتمل فالزوج
صار يدخل إلى البيت مخمورا ويجلب لي ''العاهرات''، عندها صممت على الانتقام
فمثلما خانني خنته، وعدت إلى السهرات الليلة واللهو المباح وغير المباح،
وبعد 4 سنوات وصلنا إلى نقطة اللارجوع فافترقنا عن تراضٍ، احتفظت بأطفالي
وأنا اليوم أعمل من أجلهم كي لا يموتوا جوعا''.
''الفربي''.. مقصد ''البفارة'' وعشاق ''الغيطة والفصبة''
تركنا ''نور'' و''منال'' و''العنابية'' يواصلن
عملهن، لنكمل حملة المداهمة رفقة أفراد الدرك، وهذه المرة كانت وجهتنا نحو
''كباريه'' من نوع خاص، كما قال لنا قائد فرقة الدرك بفالمة المقدم قانة بن
عودة، فالمنطقة مشهورة بطابع ''الفصبة'' الذي يعشقه أبناؤها، خاصة
''البفارة''، فلا يمكن أن تحجز لك مكانا فيه مع نهاية الأسبوع.
مع اقترابنا من الملهى كان صوت ''العيطة
الشاوية'' يصدح من بعيد، والمداح يردد أغنية مقاطعها تقول''اركب
وارواح...''، وبدا من موقف السيارات الممتلئ عن آخره أن الساهرين استجابوا
لندائه، وجاؤوا من كل حدب وصوب، خاصة أن لوحات الترقيم كانت من عدة ولايات،
خاصة تبسة.
مع دخولنا سكت المغني ومعه ''الفصاب'' واعتزلت
الراقصات هزّ البطن، في وقت كثرت التعليقات والضحكات من هنا وهناك،
استقبلتنا الراقصات بالضحكات ودخان السيجارة، في حين كانت زجاجات الخمر
تنافس بعضها فوق الطاولات، الراقصات كن يرتدين أزياء أقل ما يقال عنها إنها
''فاضحة''، فمن سترت صدرها عرّت ساقيها والعكس، وكانت معظمهن حريصات على
''التحزام'' بالفولار الشرقي المليء بالصدفات النحاسية التي تصدر رنينا مع
كل هزّ.
معظم الراقصات في سن الثلاثينيات، ينحصر عملهن
في تقديم الخمور والرقص وتدليع الزبون، عسى أن يضفرن بدنانير زائدة يقدمها
''السكران'' كإكراميات لهن، معظمهن ينحدرن من ولايات مجاورة كسكيكدة وعنابة
وسطيف وتبسة، كل وظروفها التي جعلتها تمتهن ''أقدم مهنة في التاريخ''.
''لامية'' المنحدرة من عنابة، تشتغل في
''الفربي'' منذ 5 سنوات، فالمدخول شجّعها على البقاء فيه، فهي تحصل على ما
بين 2000 و3000 دج في الليلة، بالإضافة إلى ما تجنيه خارج الملهى. بعد أخذ
ورد بيننا، اتضح أنها مطلقة وأم لطفلين. وحول علم أهلها بأنها تشتغل في
الكباريه، ردت بضحكات عالية: ''قلت لهم إنني أشتغل ممرضة في المستشفى أسهر
على راحة المرضى، وفعلا أنا أسهر على راحة ''البفارة'' المرضى بالخمر وأمور
أخرى''.
أما ''راضية'' التي انقطعت عن العمل لأكثر من
سنة، وجدناها في حملة لاسترجاع زبائنها، فرفضت البوح بقصتها، لكن، حسب
زميلاتها، كانت راضية تشتغل رفقة أختها كراقصتين بالكباريه، وفي إحدى
المرات كانتا مخمورتين وتعرضتا إلى حادث مرور، أسفر عن وفاة أختها، بينما
هي الآن تضع قطعة حديدية في رجلها. بعد إلحاح منا، أعاد ''الفصاب'' المزمار
إلى فمه، لينتفض كل من كان سكرانا، وتهب الراقصات نحو الخشبة لهزّ البطن
تحت التصفيرات.
''الشغل'' ممنوع قبل صلاة العشاء
تركنا ''الفربي'' للحاق بسيارة الدرك الوطني،
لإكمال المهمة الأخيرة وتفقد ملهى ''كالما'' الذي يعدّ من أقدم الملاهي
هناك، وبمجرد ترجلنا من السيارة كان الأعوان حذرين فقد تم إبلاغهم بالهاتف
عن مداهمات الدرك للملاهي الأخرى، لذا عمل كل من كان هناك حسابه بخصوص
تجهيز الوثائق وإخفاء القصّر وغير ذلك من الممنوعات. استقبلنا مالك الملهى
الملقب بـ''الحاج'' الذي لا يسمح بنشاط الملهى إلا بعد صلاة العشاء، إيمانا
منه بمقولة ''بعد العشاء افعل ما تشاء''. نفس المظاهر وجدناها خلال دخولنا
إلى الملهى المخصص للراي والسطايفي، فتيات يجبن القاعة ذهابا وإيابا،
واحدة لفتح القنينة والأخرى لأخذ ثمن ''الرشقة'' للمغني للتبراح بفلان
وعلان، معظمهن رفضن الحديث إلينا، حيث اتضح، من خلال وجوههن، أنه غير مرحب
بنا وبأفراد الدرك، لأننا أفسدنا عليهم الجو. غادرنا على وقع الزغاريد
والتصفيقات، لنسمح لهم بإكمال السهرة.
صراع الأجيال حتى في الملاهي و''البفارة'' أحسن من الشباب في التبراح
بعد خروجنا من ملهى الراي دخلنا إلى ملهى خاص
بـ''الفصبة والبندير''، حيث صادفنا مختلف الراقصات ''طاطات'' و''بابيشات''،
كلٌّ كانت تحجز لها مكانا في الخشبة، إلا أنهن بعد رؤيتنا أدرن ظهرهن وكل
واحدة عمدت إلى إخفاء وجهها ربما استحياء منا. وبعد أخذ ورد، توسط لنا قائد
المجموعة للقاء ''جي جي'' إحدى الراقصات اللائي يفضلن ''فربي الفصبة''
نظرا للعائدات التي يجنونها منه، فـ''البفارة'' يحسنون الصرف عليهن أكثر من
الشباب داخل ملاهي الراي.
هي فتاة جامعية لم تبلغ من العمر 25 سنة، كانت
تدرس سنة أولى حقوق قبل أن تتورط في علاقة مع شاب، أدخلها بعدها إلى عالم
الكباريهات. ''جي جي'' تشبه حكايتها المسلسل المصري ''خمسة باب''، حيث كانت
الراقصة تلعب دور المخبر بين تجار المخدرات، إلا أن نادية الجندي
الجزائرية دورها نقل أخبار البفارة إلى العصابات، حيث يستغلون ذهابهم إلى
السوق لبيع الأغنام لسرقتهم.
تركنا ''جي جي'' وأخواتها يواصلن سهرتهن وسط
كؤوس الخمر و''الرشقة'' والرقص على أنغام ''الفصبة''، لكل واحدة حكايتها،
منهن من تتمنى أن تخرج من ''الميليو'' ومنهن من ترى أن قدرها كتب لها أن
تقضي بقية عمرها في الكباريهات.
''الشيخة رعدية'' أقدم راقصة بالملهى
''الظروف هي التي فرضت علينا دخول هذا العالم''
تعتبر ''الشيخة رعدية''، كما يلقبها الجميع،
من أقدم الراقصات والمغنيات بالكباريه، فكل شيء يتم تحت إمرتها، إذ لا يمكن
لأي راقصة رفض زبون توسّطت له ''الشيخة رعدية'' التي تبلغ من العمر 43 سنة
وتنحدر من إحدى الولايات الساحلية. خلال حديثنا إليها، كشفت أن ما جعلها
تدخل عالم ''الكباريهات'' هي لقمة العيش، فبعد طلاقها وجدت نفسها دون معيل،
كما أن محدودية مستواها التعليمي ساهمت في صعوبة إيجاد عمل، ما جعلها
تلتحق بـ''الفربي'' كراقصة قبل أن تكتشف أنها تجيد الغناء، فأصبحت المغنية
الأولى في الملهى. وحول ما تتعرض له الراقصات من مضايقات من طرف
''السكارى''، أكدت محدثتنا أنها تحرص على إفهام فتياتها أنه يجب ''مساعفة''
المخمور، لأن المهم هو الحصول على ماله.
حج إلى بيت الله مرتين
صاحب ملهى: أخاف الله ولا أفتح أيام الجمعة
لم يتردد مالك ملهى ''كالما'' في الحديث
إلينا، فهو مؤمن وحجّ بيت الله مرتين، حتى أنه لا يفتح الملهى أيام الجمعة،
وفي الأيام العادية يكون ذلك بعد صلاة العشاء، وحول سر هذا التناقض رد
محدثنا قائلا: ''شوية لربي وشوية للعربي''.
http://www.elkhabar.com/ar/autres/reportages/328690.html
الشيخة.. أحلام مستغانمي!
تضمنت إحدى البرقيات والوثائق الرسمية القطرية المسرّبة من طرف قراصنة إلكترونيين، نص مراسلة تمت بين وزارة الخارجية القطرية وديوان زوجة أمير قطر الشيخة موزة.وقد تطرقت المراسلة الى أسماء النساء المدعوات لحفل عشاء، أقامته على شرفهنّ زوجة أمير قطر بقصر البحر، بتاريخ 31 مارس مارس 2012، لكن المثير والطريف في المراسلة، هو أن الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي، التي كانت من بين المدعوات للحفل، قد تم تقديمها وتعريفها في الوثيقة باستعمال عبارة الشيخة، لتكون بذلك المرأة الوحيدة التي تم تقديمها بهذا المصطلح، رغم أن الحفل حضرته زوجات رؤساء وملوك وأمراء دول عربية وغربية.
الجزائر- النهار أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق