السبت، مارس 31

من بريد القراء إلى زوجة للقرضاوي فمنتجة بقناة الجزيرة


حرم فضيلة الشيخ القرضاوي السيدة أسماء بن قادة في حوار خاص لـ''الخبر''أعيش رفقة الشيخ نفس الأهداف ونتقاسم نفس الواجباتالشيخ القرضاوي لا يستغني عن الأطباق الجزائرية وهي ضمن وجباته الأساسية
المصدر: حاورتها: زينب بن زيطة 2001

لفضيلة الشيخ القرضاوي في العالم العربي والإسلامي مكانة عظيمة·· هل كان لك كزوجة، دور في هذه المكانة، استنادا لمقولة وراء كل رجل عظيم امرأة؟ - أولا، أؤكد أن العلاقة الزوجية في أصلها تقوم على الشراكة، وعندما يعيش الطرفان علاقتهما على أسس متينة تتوفر فيها الضروريات لنجاحها، أي تتوفر على كل أشكال الدعم من المشاركة في الواجبات، الأفكار والمهام· وعندما يعيش الطرفان كذلك نفس البعد الرسالي وتكون لهما نفس المرجعية، تكون لهما حياة سعيدة·· أنا أعيش رفقة الشيخ نفس الأهداف ونتقاسم نفس الواجبات، نعيش إستراتيجيتنا معا، ونعمل على تحقيقها·· ونحترق لأجلها معا· وبكل بساطة، إن كان الشيخ عاكفا على الكتابة، أعيش معه بكل قواي، أعيش معه الصفحات والكلمات لحظة بلحظة·· وإن كان بصدد إنشاء مؤسسة أعيش معه المشروع خطوة بخطوة·· وإن كان يستعد لإلقاء محاضرة أو كلمة نتذاكر في ذلك ونتناقش المواضيع الحساسة وذات المصلحة، حيث لكل مقام مقال ولكل بلد لغة ولكل مسؤول مدخل· ولا أنكر أنني تعلمت الكثير على يده·· من ملاحظاته وتوجيهاته القيّمة التي كان لها الأثر القوي في حياتي، الشيء الذي جعلني أعتلي مناصب عديدة وأن انضوي تحت راية تنظيمات كبيرة في العالم العربي الإسلامي، ومنها عضو في الشبكة وعضو مجلس أمناء النساء المسلمات، ومجلس أمناء الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين· وعلى أساس تخصصي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية درجة دكتوراه، عملت في مركز الإمارات للدارسات والبحوث الإستراتيجية، وأنا الآن أعمل كمنتجة برامج بقناة ''الجزيرة'' الفضائية·هذا التراكم من الخبرة التي أنعم علي بها الله تعالى، منحتني مجالا واسعا لتناول القضايا الكبرى في العالم العربي الإسلامي بكل موضوعية وإستراتيجية، وبكثير من العقلانية والمنهجية· ولا يمكن أن نمر على ثقافتي العربية الإسلامية مرور الكرام، حيث كان لها دور كبير في حياتي منذ بدايتها، هذه الثقافة التي رست قواعدها على مصادر متعددة وكان لبلدي الجزائر دور كبير، لما وفرته لجيلنا من وسائل وفرص في عشرات الملتقيات للفكر الإسلامي التي كانت الدولة تعمل فيها على جلب العلماء من مختلف بقاع العالم، الشيء الذي فتح لنا المجال لننهل من كل المعارف·· إلى جانب هذا، هناك تخصصي الأكاديمي الذي دعمه في البداية والدي ثم زوجي الشيخ القرضاوي، وأعتقد أن كل ما قلته كان كله عبارة عن فرص لقيامي بدوري على كامل وجه سواء على المستوى الشخصي أو مع الشيخ· وفي الأخير ألخص وأقول ''عندما تكون العلاقة غير تقليدية تكون الحياة غير تقليدية''·في رأيكم ما المطلوب من المرأة العربية لدعم قضية القدس الشريف؟- قبل الحديث عن الدور المطلوب منها، لا بد من الحديث عن ما يجب توفيره لهذه المرأة قبل مطالبتها بلعب دور في أية قضية وليس فقط في قضية القدس الشريف·· المرأة قبل أن تعلب هذا الدور يجب أن تكون متمكّنة من جميع جوانبها الإنسانية والتي تقوم عليها شخصيتها، ولا يمكن أن تشارك في القضايا المصيرية دون أن تعيش إنسانيتها بشكل كامل· وللتوضيح أكثر، إذا أردنا أن تقوم المرأة بدورها النابع من عقيدتها وإنسانيتها، وأن تتطرق لأية قضية من نفس الاستشعارية للقضية بصفة متوازنة وليس بها أي نوع من الصراعات مع أي طرف آخر سواء حركة مشددة أو كتلة غربية كانت أو شرقية، يجب أن يكون دورها نابعا من قناعتها الشخصية النابعة عن وعي وإدراك كاملين· وعندما نعود إلى التاريخ وبعض الأمثلة في صدر الإسلام، نكتشف أن المرأة عندما اقتنعت بعقيدة هاجرت من مكة إلى المدينة تاركة وراءها زوجها، أبناءها وبيتها، لا لشيء إلا من أجل إشهار إسلامها بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم· فأنا أوجه للجميع هنا سؤالا هل يمكن للمرأة اليوم أن تقوم بنفس التصرف، ولا أحصر هذا على الإسلام فقط؟ هل يمكن للمرأة اليوم أن تهاجر أو تسافر من أجل إعلان دعمها أو إيمانها أو نضالها أمام زعيمها الروحي أو قائدها إذا آمنت بعقيدة ما؟·· أقول صراحة إنهم يصفونها اليوم بالمرأة المتحررة، ولكن المرأة المسلمة قبل 14 قرن مكّنها دينها وعقيدتها من التحرر الحقيقي للقيام بدورها الحقيقي· فيجب على المرأة أن تتحرر من كل الرواسب المرتبطة بالفهم الخاطئ للإسلام، وتلك الزوائد الثقافية البعيدة عن تعاليم ديننا وحضارتنا· ولا بد أن تبتعد الأحزاب الإسلامية وغيرها من الجمعيات على أخذ المرأة كرِهان تستعمله متى تشاء بعيدا عن الأخلاق والقيم· وعندما تتوفر كل هذه الظروف يمكنها أن تقوم بدورها في خدمة قضايا العالم في أي مكان كان بعيدا عن العُقد والعوائق·نعلم بأن هناك يهودا ومسيحيين إلى جانب المسلمين داخل مؤسسة القدس الدولية· هل ينطبق الأمر على العنصر النسوي؟- بالنظر إلى أن المؤسسة اعتبرها الشيخ القرضاوي ميدانا للجهاد المدني، فهي تضم عددا من المنظمات غير الحكومية، ولكل واحدة منها خلفيات عقائدية، ويجمع بينها العمل، الخطاب، الآليات، البرامج والأهداف التي ترمي إليها المؤسسة بعيدا عن عقيدة كل طرف· وللعمل تحت راية مؤسسة القدس غير مطلوب منك أن تتخلى عن عقيدتك، والأهم أن هناك مساحة للتقاطع شاسعة بها أهداف يجب رصدها وتوضيحها، وبها تداخل للقيم الإنسانية وحتى في العقائد، من ضروري استثمارها من أجل حماية المدينة المقدسة بتاريخها الإسلامي، المسيحي واليهودي وبرموزه الحضارية·وبما أن المؤسسة تسعى إلى التحالف والاندماج مع مؤسسات المجتمع المدني الدولي من أجل العمل على تحقيق ذات الأهداف المشتركة، فيجب إعداد خطاب جديد غير تقليدي يتماشى وطبيعة النظام الدولي الذي نعيشه والواقع السياسي الذي يفرض ميكانيزمات التكيّف لتحقيق أهدافنا·ما هو العمل الذي تقوم به المؤسسة تجاه الأوضاع المزرية التي تعيشها المرأة الفلسطينية بالأراضي المحتلة؟- إذا أردنا الحديث عن الأدوار داخل الأراضي المحتلة، يجب أن نشدد على أن الدولة غائبة في فلسطين، وبهذا تتولى الأسرة مهام هذه الأخيرة، وركيزة الأسرة هي المرأة، فكلما وعت المرأة دورها في هذا المرحلة من الاحتلال تصعب مهمتها· ولدورها فعّالية كبيرة في المحافظة على الهوية والتراث وعلى الوطن بشكل عام· ومؤسسة القدس الدولية تعمل على إجراء دورات تدريبية وحملات توعية على مستوى مدينة القدس بشكل خاص، وشرعت في تأسيس مدارس للبنات وتوفير مناصب شغل، وإشراك المرأة المقدسية في الشبكة لتفعيل دورها للمحافظة على المدينة وتحقيق استمراريتها· وأشير إلى أن جانب المرأة يأخذ قسطا وافيا من الاهتمام داخل فروع المؤسسة ونشاطاتها وخاصة أهدافها، بالنظر إلى حساسية الموضوع· وأؤكد بأن هذا نابع من قناعتنا بأن بصلاح المرأة نضمن صلاح المجتمع·هل لنا معرفة الوصفة التي تتبعها حرم فضيلة الشيخ القرضاوي للتوفيق بين مهامها العائلية والعملية؟- التوفيق ليس بالمهمة السهلة·· صدقيني، ويحتاج إلى الكثير من العمل المستمر· ولكن عندما يؤمن الشخص بهدف يجعل لحياته معنى، وعندما يتحكم في حياتنا بعد رسالي مشترك نلتقي به في كل لحظة وزاوية، يجعل من توترنا الداخلي دافعا قويا للعطاء المستمر على أكثر من درجة· وكما قال مالك بن نبي ''أقصى حد للتوتر يؤدي إلى أقصى حد من الإنتاج''·· ولا يعني بأن الحياة الفكرية والعملية والنشاط الدائم والتنقلات الدورية تشكل عائقا بيني وبين الشيخ، فهذا لا يمنعني من القيام بدور أساسي على مستوى البيت، إلى درجة أن الشيخ لا يستغني عن الأطباق الجزائرية وهي ضمن وجباته الأساسية·

ليست هناك تعليقات: