الثلاثاء، أغسطس 19

مقالات


خطر الانهيار يهدد جسرسيدي راشد بقسنطينة
تعيش مدينة قسنطينة، منذ فترة من الزمن، على وقع صدمة كان وراءها الخطر الذي بات يهدد عمودها الفقري المشكل من 7 جسور معلقة بدأت ربما تفقد بريقها عندما دق المختصون ناقوس الخطر بعدما أصاب جسر سيدي راشد، أطول جسر حجري في العالم بطول 447 م وعرض 12 م و علو 105 م·
إيمان زياري
انهيارات وتصدعات أرجعها فريق الخبراء الأجنبي الذي أشرف على عملية معاينته في 21 من الشهر الفارط وقام بغلق الجسر لمدة ساعة من الزمن، إلى وجود تدفق تحت أرضي انطلاقا من سطح المنصورة أحدث انزلاقات أرضية أثرت على الأقواس الحاملة للجسر والمقدر عددها 27 قوسا يبلغ قطر أكبرها 70 مترا، وقد عرف هذا الجسر الذي افتتح للمرور سنة 1912 عدة ترميمات أولها كان سنة 1949 ثم 1954,1979 ,1960,1982,1990 وآخرها سنة 1994 لكنها بقيت مجرد تدخلات بسيطة لم تمكن من التحكم في السبب الرئيسي لهذه الانهيارات الجزئية التي لم يتم التحكم فيها منذ البداية وأخذها على محمل الجد وتجنب الاكتفاء بالصيانة، وإنما العمل من أجل القضاء على مثل هذه المشاكل التي بالفعل باتت تهدد حياة سكان المنطقة والساكنين تحت الجسر على وجه الخصوص قبل الوصول إلى القول بالدور الأساسي الذي يلعبه هذا الجسر من حيث أنه بوابة المدينة الرئيسية ويشكل حلقة كبيرة في المرور قررت السلطات المعنية غلقه في الوقت القريب من أجل الترميمات التي سيشهدها للمرة الثامنة منذ تشييده· ولا يخفى علينا ما حدث لجسر جنان الزيتون الذي كان جسرا حجريا بدوره بني منذ زمن بعيد وكان يشكل خط عبور آمن لسكان الحي وجميع المتوجهين نحو الجامعة، إلا أنه انهار أمام أعين الملأ وأغلقت منافذه وكتب فوق إشارة قف عبارة ''خطر الموت''، لكن الجسر هو الذي مات منذ أزيد من 3 سنوات ولم يتكبد أحد عناء ترميمه أو إعادة بنائه، وتوجهوا إلى إنجاز مشاريع أخرى تعتبر في نظرهم أكثر أهمية وأكثر قيمة من معالم جد نادرة بالعالم· وبعد جسر سيدي راشد يأتي جسر آخر تعددت أسماؤه جسر سيدي مسيد أو قنطرة الحبال أو قنطرة السبيطار المعلق منذ 1912 بطول 160 متر وارتفاع 175م، إلى جانب أقدم جسر وهو جسر باب القنطرة الذي شيده الأتراك سنة 1792 ليهدمه الاستعمار الفرنسي في 1863 ويعيد بناءه فوق أنقاضه· أما بقية الجسور فهي صغيرة، جسر صلاح الدين أو ملاح سليمان معلق بخيوط ومخصص للمشاة فقط، جسر مجاز الغنم أو الشياطين أو قنطرة الشياطنة وجسر الشلالات، حيث تجمع هذه الجسور السبعة نقطة مشتركة من خلال أنها مشيدة بأكملها فوق واد الرمال·
مؤشرات
-- تمتلك ولاية قسنطينة سبعة جسور معلقة
-- واد الرمال يمر تحت الجسور السبعة
-- سيدي راشد أطول جسر حجري في العالم بطول 447 م
-- خضع إلى 7 ترميمات منذ افتتاحه للمرور سنة 1912
-- باب القنطرة أقدم جسر بالمدينة بناه الأتراك سنة 1792
تحديث ينسي المسؤولين الأصالة
لعل تصويب مسؤولي مدينة الجسور المعلقة في الآونة الأخيرة لأنظارهم نحو المشاريع التنموية و الاهتمام بشكل كبير بمشروع تحديث المدينة، أتى على عصبها الرئيسي الذي تشكله مواقعها الأثرية الهامة وفي مقدمتها الجسور على اعتبارها أهم ميزة جعلت عاصمة الشرق أكثر المناطق خصوصية في الجزائر وحتى بالنسبة للعالم ككل· فالجسر الحجري الموجود في المنطقة المسماة بجنان الزيتون الذي انهار منذ أزيد من 3 سنوات لا يزال على حاله ولم يشهد أي عملية ترميم في حين شهدت المدينة ولادة عدة مشاريع جديدة إلا أنها تعتبر عادية و لم تضف للمدينة أي جمال و تميز مثلما منحته إياها جسورها السبع، فالتحديث و التطور الحضاري ومواكبة العصر حقيقة لا بد منها، لكن لا يمكننا إهمال وتناسي قيمة التراث الذي يكسب المدينة خصوصيتها·
فهل قدر المواطن القسنطيني، أن يخيّر بين تحديث مدينته ذات التضاريس الصعبة وقد شيدت بين الجبال والهضاب، وبين الحفاظ على إرثه الحضاري الكبير؟ فمن غير المعقول تصور مدينة قسنطينة بدون جسورها السبعة المعروفة، وعلى رأسها جسر سيدي راشد، فلو سقط الجسر يوما، وبغض النظر على أضراره المادية، فإن قسنطينة ستتحول إلى مدينة أخرى غير المدينة التي أخذت هويتها الثقافية من تلك الجسور، وهل قدرنا أن نخيّر بين التحديث الضروري والتخلي عن معالمنا الثقافية؟ ألا يوجد طريق ثالث للتطوير والحفاظ على المعالم الحضارية لمدينة الجسور المعلقة، التي أصبحت جسورها مهددة بالزوال، مثلما زالت الكثير من المعالم التي ارتبطت بها؟·
إيمان زياري
صوت النــاس:
ما رأيك فيما أصاب جسر سيدي راشد؟
جواد محمد موظف
إن هذا بالفعل يعتبر كارثة حقيقية، لأن الجسور هي الميزة الأساسية للمدينة، وإن انهارت فالمدينة بأكملها ستنهار، واللوم بأكمله يقع على السلطات المعنية· فمن المفترض أن تكون هناك معاينة دورية من أجل الاطمئنان عليها قبل أن تصل إلى ما وصلت إليه·
كنزة موظفة
بالفعل، صدمت عندما أغلق الجسر للمرة الأولى لمدة ساعة من الزمن من أجل المعاينة، لأن هذا هو طريقي الوحيد ولا أسلك مسلكا آخر غيره لأنه يربط جهتنا الشرقية بالمدينة ولا يمكنني تخيل قسنطينة دون جسر سيدي راشد·
بوشامة معمر متقاعد
استمتاعي بسيري على سيدي راشد لا يوصف أبدا، فمنذ كنت طفلا صغيرا وهو أفضل مكان في نظري في المدينة بأكملها· حزنت كثيرا لدى سماعي بما أصابه وآمل أن تتكفل السلطات المعنية به بشكل جدي قبل فوات الأوان·
لزهر تاجر
من المحبذ أن يكون التكفل به على جناح السرعة، لأن غلق منفذ آخر بالمدينة خاصة مثل سيدي راشد بعد التغييرات التي أصابت الجهة المقابلة جراء مخطط النقل الجديد، يشكل بالفعل اختناقا لسكان المدينة الذين باتوا يرون فيها أبعد مكان يمكن بلوغه·
عمي علي متقاعد
ارتيادي على المدينة قليل جدا، لكن حبي لجسورها كبير جدا، وسيدي راشد ليس وحده بقسنطينة وأتمنى ألا يصيبه ضرر أو يصيب الجسور الأخرى، فهذا تاريخنا ويجب الحفاظ عليه بأي شكل من الأشكال·
على طريق ثورة اجتماعية
غنية موفق - صحفية ها قد انقضى الصيف، أترك إذن كورنيش جيجل الجميل وقد بدأ الصيف بتلك العملية الإرهابية بأفتيس وانتهى بعملية إرهابية أخرى بالشقفة في 15 من أوت، قررت أن أعود إلى العاصمة، نهار ذلك اليوم بدا رطبا ومغبرا·
كان البحر متسخا خلال منتصف هذا الفصل المعروف بالركائب البلاستيكية وبالأشجار الجافة، إذا غادرت المكان بدا لي الفريق رماديا، كان يرقد على تلك الأرضية الرمادية اللون عشرات الأشخاص، إنهم يرقدون تحت ظل سيارتهم وبالحظائر، مررنا بتلك الجبال إلى غاية بجاية مرورا بأوقاس وتيشي كان الطريق عبارة عن مراقد في الهواء الطلق، كانوا يصطفون أمام بعضهم البعض إلى درجة أنه خيّل إليّ أنني بصدد المرور بمكان قد حلت به كارثة ما أو جفاف، كانوا يخرجون سيقانهم من تحت ألحفتهم، فكنت أرى عظامهم، وقد اعترتها الرطوبة المنبعثة من الكورنيش، في ذلك الصباح اتجه ذلك الرجل إلى القبلة كان محاطا بتلك القاذورات التي نام أمامها بالليل، إنه الاستقبال الذي يقترحه عليك المخيم، حيث تختلط القاذورات مع البشر على امتداد كيلومترات عديدة، هذه هي السياحة الشعبية· يستيقظ في ذلك الصباح الفقير والأقل فقرا الذين قضوا عطلتهم بالطريق الوطني وسط ازدحام المرور، كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحا عندما كنا أمام الجبل، انتظرنا مدة ساعة كاملة، إشارات المرور كانت معطلة أصبح لونها أسود اختفى اللون الأحمر والأخضر·
بالأمس غرقت زيامة في ظلام دامس بسبب عطل كهربائي، أضأنا الشموع لكن سرعان ما عادت الكهرباء، أطفأنا الشموع بدأت إشارات المرور تعمل من جديد، كذلك الكهرباء عادت إلى الاشتغال مجددا، بدأت المحركات تشتغل أيضا، انتظرنا خروج تلك الشاحنة الكبيرة عند مدخل النفق غير أن أولئك السائقين انتظموا في شكل صفين معرقلين بذلك حركة المرور، لذنا بالصمت والوقت يمر استسلمنا كما البحر للفوضى، لم يكن هناك أي شرط رغم أن عددهم كبير جدا رغم ذلك بدأنا نعرق كان السفر مضنيا، وصلت السرعة على الطريق المؤدي إلى البويرة إلى 40 رغم أننا كنا في يوم جمعة أخطأنا في حساباتنا لأن يوم الجمعة ليس يوم عطلة للسيارات، كانت جبال الصومام مملوءة بالحمير يا لها من جبال تبعث على الضجر فتح لنا الطريق العام، ذلك الممر المؤدي إلى تيزي وزو، اعتقدنا أننا قد تركنا الجزائر الحقيقية لنعود إليها مجددا عندما ينتهي الطريق العام، إن الطريق العام هذا هو عبارة عن طريق مسطر كما الحصيرة مما يوحي بأن هناك نية في جعله ملكا للخواص، ليس هناك أدنى شك سيصبح الطريق السيار شرق غرب مدفوع الثمن· إنه طريق القرن الـ 21 المعولم، ستتغير اسم محطات البنزين التي تسمى حاليا نفطال، سنتناول فطورنا دون أن نصاب بالتفوئيد أو ''التيفوس'' ستصبح بيوت الخلاء نظيفة، لا يباع التين على قارعة الطريق، ستصبح بالمغرب العربي الكبير طرق وطنية كثيرة، ستصبح بالمغرب العربي مبانٍ كثيرة تحيط بالمدن والأشخاص، ستسير السيارات بسرعة 2000 كم في الساعة، سيتنقل الأشخاص بلا جوازات سفر وبلا عملات· من جهة أخرى ستصنف العربات القديمة بطرقنا الوطنية القديمة، حيث ستمتلئ باللصوص والباعة وستمتلئ الجبال بالقذورات، سيصبح الصيف مثل الشتاء، سينزوي رجال الشرطة في كابيناتهم محصورين بين أعمال الشغب والقنابل البشرية، فبعد تلك الطرق السريعة لا تبقى إلا البلاد الحقيقية

ليست هناك تعليقات: