أدى انهيار
جزء من المدرجات العلوية لملعب 5 جويلية الأولمبي (المدرج رقم 13)، خلال
الداربي العاصمي الذي جمع، مساء أول أمس السبت، بين اتحاد الجزائر ومولودية
الجزائر إلى وفاة مناصرين من فريق اتحاد العاصمة، فيما أصيب مشجع ثالث
بجروح، وهذا إثر سقوطهم المفاجئ من علو يقارب العشرين مترا، ما
يفتح الباب مرة أخرى لطرح العديد من التساؤلات حول
سلامة ملاعبنا التي تحولت من مسرح للفرجة والمتعة إلى
مقبرة حقيقية تخطف أرواح مناصرين في سن الزهور.
وكان المناصر عزيب سفيان الذي يبلغ 26 سنة
ويقطن في حي العافية بالقبة، أول من لقي مصرعه، ساعات قليلة فقط بعد
الحادثة، متأثرا بالجروح البليغة التي تعرض لها على مستوى الرأس، ليلتحق به
صبيحة أمس الأحد، صديقه من نفس الحي، درهوم سيف الدين الذي لا يتجاوز عمره
21 سنة. في وقت كان القدر رحيما مع المناصر الثالث، بن
ديرة ابراهم 27 سنة من بوزريعة، الذي غادر مستشفى بني
مسوس بعد ما خضع للفحوصات اللازمة للإصابة التي تعرض
لها على مستوى الكتف.
وليست هذه المرة الأولى التي يعرف فيها "الملعب
الكبير" مثل هذا الحادث المميت، حيث سبق وأن شهد الموسم الماضي، خلال ربع
نهائي كأس الجزائر بين مولودية الجزائر وشباب قسنطينة نفس الحادث تقريبا،
وهذا بعد وفاة مناصر مولودية الجزائر شريف حذيفة إثر سقوطه من العمود
المخصص للإنارة.
وكثيرا ما ارتبط "شبح الموت" بملعب 5 جويلية،
من خلال أعمال العنف التي كانت تنشب في كل المباريات بين أنصار مختلف
الفرق، سواء العاصمية أو غيرها، ليتحول هذا الصرح الكروي الكبير والمعلم
التاريخي من نعمة لكرة القدم الجزائرية إلى نقمة عليها.
الملاعب الجزائرية تاريخ حافل بالحوادث والكوارث
وتملك الملاعب الجزائرية رصيدا حافلا من
الحوادث والكوارث المأساوية، حيث سبق وعرفت بعض الملاعب انهيارات أدت إلى
وفاة عشرات المناصرين، ولعل أشهر حادثة سجلتها الملاعب الجزائرية، كانت في
ملعب 20 أوت بالعناصر سنة 1982، عندما انهار سقف مدرجاته الجانبية (مدرجات
المنعرج)، خلال القمة العاصمية الذي كانت تجري بين نصر حسين داي ومولودية
الجزائر، وهذا أياما بعد عودة المنتخب الوطني أنذاك من مونديال إسبانيا
1982، وكانت حصيلة الحادث وفاة عشرة مناصرين، إضافة إلى إصابة العشرات من
بينهم من تعرض إلى إعاقة دائمة. وبالرغم من تلك الكارثة، فإن الملعب،
الذي بني خلال الحقبة الإستعمارية ماتزال أبوابه مفتوحة
لاستضافة لقاءات البطولة الوطنية.
وعرف ملعب زيوي سنة 2007، بمناسبة إحدى لقاءات
البطولة الوطنية جمعت نصر حسين داي أمام اتحاد البليدة، تقريبا، نفس
الحادثة التي وقعت أول أمس في ملعب 5 جويلية، وهذا عندما سقط الشاب عمروسي،
أحد المناصرين البليديين من سقف المدرجات بعد صعوده إلى السطح، إلا أنه
كان محظوظا وأصيب بكسور خفيفة.
ملاعب لافيجري بالحراش، بن حداد بالقبة وزبانة بوهران تجنبت الكارثة
وعلى غرار واقع معظم الملاعب الجزائرية التي
تفتقد للعديد من شروط السلامة، يبقى تجمع الجماهير في حد ذاته يحدث مشاكل
أمنية على الدوام، وهذا بسبب الغضب والضغط والتدافع المستمر للجمهور، حيث
عرف ملعب أول نوفمبر بالحراش سنة 2009 حادثا خطيرا خلال مباراة اتحاد
الحراش أمام وفاق سطيف عندما تحطم السياج العازل للمدرجات الثانية للملعب
واقتحم الجمهور أرضية الميدان. نفس الشيء تقريبا شهده ملعب بن حداد بالقبة
خلال موسم 1980، بمناسبة مباراة الجولة ما قبل الأخيرة بين رائد القبة أمام
شبيبة القبائل، وهذا بتحطم عازل المدرجات الفوقية، مما أدى إلى
سقوط المناصرين وتعرضهم إلى إصابات متفاوتة.
من جهته، عرف ملعب أحمد زبانة
بوهران في الموسم الماضي، بمناسبة مباراة مولودية وهران
أمام اتحاد العاصمة، والتي شهدت تدافعا هائلا للجمهور
داخل المدرجات أدى إلى سقوط مصابين بين الأنصار.
"هيزل"، "هيلسبرو"، "ماراكانا"... شبح الموت مر من هنا
ولا ترتبط هذه الظاهرة بالملاعب الجزائرية فقط،
حيث تعرف الكثير من الملاعب في العالم حوادث مماثلة أدت إلى وفاة عشرات
المشجعين، ومن أبرز هذه الحوادث مأساة ملعب "هيسل" الشهيرة ببلجيكا سنة
1985، وهذا خلال نهائي كأس الأندية الأوروبية الذي جمع بين ليفربول
الأنجليزي وجوفنتوس الإيطالي، حيث بدأ مشجعو ليفربول بتحطيم السور الفاصل
بينهم وبين أنصار جوفنتوس الذين تدافعوا نحو حائط آخر مما تسبب في مقتل
حوالي 39 مناصرا وجرح 600 آخرين معظمهم من أنصار السيدة العجوز.
من جهته، كان الملعب الأسطوري ماراكانا
بالبرازيل تعرض لانهيار عام 1992، أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص، فيما تعرّض 50
آخرين لجروح خطيرة، ليتقرر بعده غلقه إلى غاية إقرار تجديده من أجل احتضان
المباراتين الإفتتاحية والنهائية نهائيات كأس العالم 2014.
كما شهدت إنجلترا، أيضا عام
1989حادثة مفجعة، بملعب "هيلسبرو" في مدينة شفيليد والتي
قتل خلالها 96 مشجعا بسبب تدافع الجمهور خلال مباراة
في نصف نهائي كأس انجلترا بين ليفربول ونوتنغهام فورست.
هذه أسباب سقوط جزء من مدرجات ملعب 5 جويلية
لم تعرف مدرجات ملعب "5 جويلية" أي صيانة أو
ترميم منذ احتضان الجزائر لدورة الألعاب الرياضية العربية عام 2003، وهذا
من أسباب تصدّع المدرجات العلوية، خاصة المدرج رقم "13" لهذه المنشأة
الكروية الأولمبية، وما زاد الطين بلة هو إقدام مسؤولي المركب على نزع
الكراسي من المدرجات العلوية والثقوب التي خلفتها هذه العملية ساهمت بدورها
في حدوث الكارثة، وكان وزير الشباب والرياضة محمد تهمي قد أعلن بعد مهزلة
أرضية الملعب في لقاء "الخضر" أمام البوسنة شهر نوفمبر الماضي، عن غلق
الملعب لأبوابه مع نهاية الموسم الماضي قصد الانطلاق في الأشغال لإعادة
بساط الملعب، كما أشار في تصريحات سابقة بأن هيئته تلقت تقارير خاطئة عن
أرضية الملعب، ما جعله يقرر إعادة فتح أبوابه، وتأجيل الأشغال إلى غاية
السنة القادمة، دون الإشارة لحالة المدرجات التي عرفت إهمالا كبيرا.
شهود عيان يروون للشروق تفاصيل الحادثة
على المسؤولين محاسبة المتسببين في الكارثة
زار مقر الشروق أمس أربعة مناصرين لاتحاد
العاصمة: رابح خالد، سفيان أوعابد، فيلوان ابراهيم، زاوي رابح، والذين
كانوا حاضرين في المدرج رقم 13 بملعب 5 جويلية أثناء وقوع الكارثة، حيث
بشهاداتهم حول الدقائق الأخيرة التي عاشوها رفقة المناصرين سفيان عزيب
ودرهوم سيف الدين، مبدين تذمرهم من مسيري الملعب، ومطالبين
بضرورة تسليط أقسى العقوبات على المتسببين في الكارثة.
وبقلب جريح وحزين على فقدان زميله وأحد الأنصار
الأوفياء للاتحاد، رد لمناصر زاوي رابح على تصريحات مدير مركب محمد بوضياف
يوسف قارة عبر الإذاعة الوطنية بعد وقوع الكارثة، والذي اتهم فيها أنصار
الاتحاد بفقدان الوعي، مشيرا إلى أنهم السبب في كل ما حدث بسبب قفزهم
المتواصل على المدرجات، وقال رابح: "عيب على قارة أن يدلي بمثل هذه
التصريحات.. سفيان وسيف الدين رحمهما الله، كانا في كامل وعيهما عندما سقطا
من أعلى المدرجات.. هذه شهادة لله، على قارة أن لا يبرئ ذمته على حساب شرف
وأرواح أنصار الاتحاد".
ومن جهته، قال المناصر سفيان أوعابد: "نشهد بأن
المناصرين لم يقوما بأعمال الشغب، والقفز فوق المدرجات ليس سبب ذلك الثقب
الذي سقطا منه، مثلما قال قارة"، مضيفا "بعد الذي حدث أمامي ومشاهدتي سقوط
سيف الدين، كرهت الملاعب، لا أظن أنني سأتنقل مجددا لمشاهدة أي مقابلة،
لحد الآن لاأزال تحت الصدمة، إذا بقيت الأوضاع على
حالها فسنقوم بمطالبة جميع أنصار الأندية من أجل مقاطعة
الملاعب".
وأما فيلوان ابراهيم، فقد أكد بأن سيف الدين،
إنسان خلوق: "لقد تأثرنا كثيرا مما حدث لسيف الدين، فأنا أعرفه جيدا، لقد
كان يتنقل معنا في كل مرة إلى مختلف الملاعب، هو مناصر لفريقه ولم يبحث
يوما عن إثارة الشغب، الدليل على ذلك أنه انزوى بمفرده في المدرجات بعيدا
عن زملائه، الذين ظلوا ينادونه للجلوس معهم في الأسفل، لكنه رفض، وكان يقول
لأصدقائه بأن المدرجات ترتج بصفة غير طبيعية، لقد شعر أن موعد رحيله
اقترب، بعد وقوع الكارثة نزلت مسرعا وحينها عرفت أن سيف الدين هو الضحية،
عادت إلى مخيلتي تلك اللحظات، ورفضه النزول إلى الأسفل.. الموت كان
يناديه".
أما خالد رابح، فقد فتح النار على جميع
المسؤولين بالملاعب الجزائرية وقال: "ملاعبنا أضحت هاجسا لكل الشباب بعد أن
كانت فضاء للترفيه عن النفس، الضحيتان كانا جالسين في أمان قبل أن يسقطا
في الهاوية.. مسؤولونا لا يعرفون سوى مطالبة أعوان الأمن بضرب الأنصار عند
كل مدخل، لكن لا يعرفون بناء ملاعب لائقة وتوفير الظروف الملائمة للأنصار،
في 5 جويلية مثلا كل مرة ينزعون الكراسي ويختلقون الحجج لأجل القيام بأشغال
حتى يتمكنوا من سرقة الأموال"، وتابع: "أتمنى أن تعاقب السلطات كل
المتسببين في الكارثة، القانون فوق الجميع وليس على "الزوالية" فقط..
أتتذكرون مناصر اتحاد الحراش الذي غضب وأقدم على تكسير كاميرا التلفزيون،
لقد تمت معاقبته بثلاث سنوات سجنا، حاليا سنرى كم ستكون العقوبات في حق
المتسببين في قتل شابين بريئين، ومن سيفكر في الأم التي ستبقى طوال الحياة
تندب رحيل ابنها للأبد".
الشروق في بيت عائلتي المشجعين المتوفيين
سيف الدين
استلف مبلغ تذكرة المباراة من شقيقه وسفيان قال لأمه
"راني حاس مارانيش رايح نعيّد معاكم"
... لم يبق لها غير قميص اتحاد العاصمة تستنشق
من خلاله رائحة فلذة كبدها سيف الدين، وجدناها وهي تصرخ باكية: "...ذهبت
حيا ورجعت في نعشك..". لم تجد أم سفيان أحد المشجعين اللذين توفيا على هامش
مباراة الاتحاد والمولودية، ما تقوله لنا سوى هذه الكلمات... وكأنه كان
يحس بأنه سيموت، لقد أخبرني قبل يومين قائلا: "لعجوز
راني حاس مارانيش رايح نعيد معاكم".
لم تكن تدري أم سيف الدين المدعو "سيفو" أستاذة
اللغة العربية أن ملعب 5 جويلية سيقتل ثاني أبنائها، وهي التي فقدت منذ 10
سنوات شقيقه الأكبر في حادث مرور، مثلما لم تكن تدري والدة سفيان أن أكبر
أبنائها سيخطفه الموت من بين أحضانها وهو في سن الـ26 ربيعا.
الساعة التاسعة صباحا نصل إلى حي
"العافية".. احتشد الكثير من أبناء الحي، كثيرون لم
يذهبوا للمدرسة فضلوا انتظار وصول جثماني صديقيهما، سفيان
وسيف الدين.
عندما وصلنا إلى المكان لم نكن بحاجة إلى
السؤال عن بيت الفقيدين، فالحي بكامله كان في جنازة مهيبة، أخرج عدد كبير
من الجيران الكراسي وفتحوا شقق العمارات لاستقبال التعازي... واحتضن الشارع
الرئيسي بالقرب من سوق الخضار والفواكه جنازة سيف الدين، ابن أستاذة اللغة
العربية التي يعرفها الخاص والعام، لأن أبناء الجيران
تتلمذوا على أيديها.
استقبلنا جار الوالدة وهو يصيح
قائلا: "... لا تسألوا عن بيت سيف الدين، ليس لهم
بيت، لأنهم يؤجرون قبوا للعيش، لقد فتحت لهم بيتي حتى
تتمكن والدته من إلقاء النظرة الأخيرة على فلذة
كبدها..".
وبعد لحظات، أتى إلينا خال سيف الدين، وذهبنا
برفقته للحديث مع الوالدة، كانت النسوة في كل مكان، وكانت أم سيف تتوسط
النسوة وهي تحتضن قميص اتحاد العاصمة، وهي تصرخ وتقول بصوت مبحوح: "ذهبت
ولم يبق لي غير هذا القميص... مازال ريحتك فيه يا وليدي وشكون يقولي نوضيني
نشوف المباراة.. وشكون يقولي يا يما وكتاش يفرج علينا
ربي وتكون عندي دار نشوف فيها المباراة وحدي... رحت يا
وليدي وخليتني كيما مات خوك".
"سيفو" كان يعيش في قبو عمارة وينام ليلا في السيارة
صيحات أم سيف الدين كانت تكفي وحدها لنعرف وضع
العائلة الإجتماعي... تقدمت منها محاولة تقديم التعازي... واكتفت بهذه
العبارة قائلة: "ما ذنب ابن عشق كرة القدم أن يسقط عليه مدرج ويقتله.. ما
ذنب شاب لم يرتكب أي جرم سوى أنه أحب فريقه، وكان يتنقل معه في كل خرجاته
حتى يسرقه الموت مني.. ما نقدرش نسامح".
ذهبنا بعدها رفقة ابنة خالة سيف الدين إلى مكان
عيشه، وصدمنا، لأن المكان ما هو في الحقيقة سوى قبو عمارة، يضم مطبخا، حيث
كانت تجمع شقيقين معا بالإضافة إلى الأم والأب، تصيح ابنة خالته: "هنا كان
ينام ويطوي فراشه وغطاءه معا، لأنه بكل بساطة ومن ضيق القبو ليس للأفرشة
مكان تطوى داخله".
ثم يتقدم منا والد سيف الدين، وهو
حارس مدرسة ابتدائية يتحدث قائلا: "أحيانا كثيرة كان
ينام في فناء العمارة، ومرات أخرى كان ينام في
السيارة... لقد رحل من القبو إلى القبر".
... وغير بعيد عن عائلة سيف
الدين، تقطن عائلة الشاب الثاني سفيان عزيب، صاحب 26
عاما، مناصر وفي لاتحاد العاصمة، بالقرب من باب العمارة
الرئيسية يجلس والد سفيان حزينا يتلقى التعازي...
عمي ابراهيم، عاطل عن العمل، كان سفيان هو من
يقوم بإعالة العائلة بصفته موظفا في السكك الحديدية، بالكاد يتحدث معنا عمي
ابراهيم، يستجمع قواه ويقول: "لقد كان يتنفس كرة القدم، ويعشق مباريات
اتحاد العاصمة، كان لأمه إحساس غريب في آخر مباراة له، وكأنها كانت تشعر
بأنها لن تراه بعد تلك المباراة... -وفجأة يسحب منديلا
من جيبه وتتساقط الدموع من عينه، ثم يردد بين شفيته-
قائلا: "رحت وخليت باباك يا سفيان، مع من نشوف
المباراة بعد اليوم".
صعدنا بعدها إلى مكان تواجد النسوة، حيث كانت
والدة سفيان تمسك بين يديها صورته وهي تصرخ قائلة: "ياك قلتلك متروحش..
علاه رحت وخليتني"، كان صعبا علينا أن نقترب من أم ملتاعة بفقدان فلذة
كبدها.. وبمجرد ما شعرت بأننا صحافة، وكأنها حاولت أن تسألنا بقولها: "علاش
ياك راح يشوف المباراة.. علاش يموت في الستاد علاش..
من بنى الملعب حتى يموت فيه أولادنا".
اتحاد العاصمة يقرر توزيع عائدات المباراة على عائلتي الضحيتين
قرر نائب رئيس اتحاد العاصمة ربوح حداد توزيع
نصيب الفريق من عائدات المباراة على عائلتي الضحيتين، حيث وبمجرد أن وطئت
قدماه الأرض، بعد أن حل بالحي الذي يقطن فيه الفقيدان، تجمهر من حوله بعض
السكان وهم يهتفون: "عاونهم يا حداد"، وتحدث ذات المسؤول مطولا مع أهالي
المناصرين، وحاول الجيران أن يقتادوه إلى القبو الذي تعيش
فيه عائلة سيف الدين، قبل أن يتعهد بمساعدة أهالي
الضحيتين.
رحل سيف الدين وسفيان.. بكاهما
الأصدقاء بحرقة.. وبقي الآباء يتجرعون مرارة الموت.. فهل
يدري مسؤولونا أن ملاعبنا آخر ملجأ للشباب لنسيان
همومهم، أصبحت ملاعب للموت؟
والد سفيان ووالدة سيف الدين يكشفان للشروق:
لن نسامح الذين قتلوا ابناءنا تحت أسمنت أكبر ملعب للجزائر
كشف عمي ابراهيم والد سفيان، للشروق بأنه لن
يتنازل عن حق ابنه قائلا: "لست طماعا، لقد ربيت أبنائي على القناعة، لكن
ابني توفي لأن سقف مدرج سقط عليه، فهل كان المسؤولون سيسكتون لو أن الأمر
تعلق بوفاة مناصرين أجانب". وعن اللحظات الأخيرة التي سبقت وفاة ابنه
سفيان، يتحدث قائلا: "لقد نصحته مرات كثيرة بأن لا يذهب لمشاهدة المباريات،
وعندما عرفت أن الأمر يتعلق بمعلب 5 جويلية اطمأنيت باعتباره ملعبا لطالما
شهد احتضان مباريات المنتخب الوطني"، مضيفا "كان ابني سفيان صديقا لي وكان
يناديني باسم "إبراهيم"، كنا مثل الأصدقاء، أذكر أن والدته وكأنها شعرت
بأن أجله اقترب، لقد أخبرتني بأن لا أدع سفيان يذهب لمشاهدة مباراة الاتحاد
والمولودية، ولكنه استغل غيابها وذهب، وقبل يومين في العشاء أخبرها
ممازحا: "يا العجوز راني حاس مانيش رايح نعيد معاكم".
ومن جهتها، لم تعتقد أم سيف الدين التي فقدت
منذ 12 عاما ابنا لها في حادث مرور وكان عمره 15 عاما، أن ثاني أبنائها
سيموت هو الآخر "موت الغدرة" تحت سقف مدرجات ملعب 5 جويلية، بالكاد استطعنا
التحدث إليها، ثم راحت تسرد علينا اللحظات الأخيرة: "كنت آخر من أعلموني،
لأني مريضة بالسكري.. ابني كان ميتا وهم يقولون لي بأنه مصاب فقط، لكن قلبي
كان يحس، (تتوقف ثم تتنهد)، وهي تحتضن قميص ابنها سيف الدين: "أخذو مني
ابني.. أخذو مني ابني.."، ثم تضيف قائلة: "سيف الدين يعرفونه في الحي بحبه
وعشقه الكبير لفريق اتحاد العاصمة، إنه أحد المناصرين الأوفياء للاتحاد"،
وعن اتخاذ أي موقف بشأن متابعة الجهات المسؤولة قضائيا، أردفت قائلة: "لم
أعد أثق في وعود الحكومة، كيف لي وأنا أستاذة وكرمني الوزير السابق بن
بوزيد مرتين، ولم أحصل على سكن، وبقيت مع زوجي وأولادي نقطن في قبو عمارة
نؤجره بـ 20 ألف دينار، فكيف أثق بأنهم سيجلبون لي حق ابني
الذي توفي بسبب اهتراء ملعب كرة قدم".
أنصار اتحاد بلعباس يدعون لمقاطعة الجولة المقبلة من البطولة
دعا أنصار فريق اتحاد بلعباس كل أنصار الأندية
الجزائرية الأخرى، إلى مقاطعة أطوار الجولة المقبلة من عمر البطولة،
كاحتجاج منهم عن التدهور الذي تعرفه أغلب الملاعب الجزائرية وافتقادها
لشروط الأمن وسلامة المناصرين، هذا فضلا عن المعاملة السيئة التي يتلقوها
أمام أبواب الملاعب، وجاءت دعوة مناصري الاتحاد بعد حادثة وفاة مشجعين إثر
سقوط جزء من مدرجات ملعب 5 جويلية خلال المواجهة المحلية التي جمعت بين
اتحاد العاصمة ومولودية الجزائر أول أمس، وكان أنصار الاتحاد قد أعلنوا
دخولهم في حداد عبر موقعهم الرسمي على شبكة التواصل الإجتماعي "فايسبوك"
تضامنا مع أهالي الضحيتين.
محمد تهمي يصرح: ملعب 5 جويلية لن يحتضن أي لقاء قبل الحصول على نتائج تقرير الخبرة
أكد وزير الشباب والرياضة محمد تهمي غداة وفاة
مناصرين شابين اثر انهيار جزء من مدرجات ملعب 5 جويلية مساء أول أمس السبت
خلال المقابلة التي جمعت فريقي اتحاد الجزائر ومولودية الجزائر أنه لن يتم
تنظيم أي مباراة في هذا الملعب قبل الحصول على نتائج تقرير الخبرة
النهائي. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية أمس تصريحا للوزير على هامش لقاء
مع إطارات وزارته حول موضوع "الحكم الراشد من أجل الأداء"، قال فيه "إنه
حادث يجب تحديد المسؤوليات فيه، ومن غير الطبيعي الذهاب لمشاهدة عرض كروي
ينتهي بمأساة". وواصل االوزير حديثه متأسفا "تم تسجيل وفاة مناصرين وهذا
كثير وغير مقبول"، مذكرا أنه تمت معالجة خرسانة الملعب. وقال "نعلم جيدا أن
هذه الخرسانة عرضة لتأثيرات التقلبات الجوية ولم نسجل أي إشارة تنبئ بوقوع
مثل هذا الحادث". وفيما يخص الإجراءات الفورية الواجب اتخاذها، أشار تهمي
"مصالح المراقبة التقنية للبناء قامت بداية من يوم أمس
الأحد بإجراء خبرة للموقع وإن كان من الضروري غلق
الملعب فورا فسنغلقه".
يوسف قارة: قررنا غلق المدرجات العلوية للملعب في انتظار قرار لجنة الخبرة
أكد المدير العام لمركب محمد
بوضياف، يوسف قارة أن إدارته قررت غلق المدرجات العلوية
لملعب 5 جويلية الأولمبي مبدئيا، في انتظار تقرير لجنة
الخبرة للفصل في أمر غلق الملعب بصفة كلية من عدمه.
وقال قارة في حديثه مع الشروق أمس: "أنا حاليا
رفقة أعضاء لجنة الخبرة التي تقوم بمعاينة مكان انهيار جزء من المدرجات رقم
13، هذه اللجنة ستقوم بدراسات معمقة عن حالة كل مدرجات الملعب وستعد
تقريرا مفصلا عن الأسباب الحقيقة التي أدت إلى هذا الحادث"، مضيفا: "على
ضوء نتائج التقرير، سنتخذ القرار المناسب إما غلق الملعب أم لا، لحد الآن
لا يوجد أي شيء رسمي، القرار الوحيد الذي اتخذناه هو غلق المدرجات العلوية
فقط، بإمكان المولودية اللعب في الملعب على أن يجلس الأنصار بالمدرجات
السفلية فقط -المنعرجين ومدرجات المشعل-".
وعن الفضائح التي باتت تلاحق المركب الأولمبي
في السنوات الأخيرة، أكد محدثنا قائلا: "ليس لدي ما أقوله في هذا الشأن وما
حدث في السابق، أما عن حادثة سقوط المدرجات فإن الأمور ستتضح بعد تسلمنا
للتقرير".
العيفاوي: ما حدث مؤسف للغاية خاصة وأن المباراة جرت في روح رياضية عالية
عبر لاعب اتحاد العاصمة، عبد
القادر العيفاوي عن أسفه الشديد للفاجعة التي ألمت
بمناصرين لفريقه، بعد نهاية المباراة المحلية التي جمعت
أول أمس الاتحاد مع مولودية الجزائر بملعب 5 جويلية
الأولمبي.
وقال العيفاوي للشروق "ما حدث مؤسف ومحزن
للغاية، فالمباراة جرت في روح رياضية عالية، وكل الأمور كانت توحي بأن كل
شيء على ما يرام، لكن النهاية كانت مفجعة جدا"، مضيفا "سبق لي وأن عشت مثل
هذه المأساة، قبل موسمين (تعرض لاعتداء من مناصرين لفريق مولودية سعيدة كاد
يفقد على إثره حياته)، وأعرف جيدا ما يمكن أن يعيشه المرء في هذه الحالات
الصعبة"، و ختم العيفاوي يقول "أدعوا المولى عز وجل أن يتغمد الفقيدين
برحمته الواسعة وأن يسكنهما فسيح جناته ويلهم ذويهما الصبر والسلوان".
بوجمعة بوملة: لم يخطر ببالي أن مدرجات 5 جويلية هشة إلى هذه الدرجة
عبر رئيس مولودية الجزائر عن ذهوله لسقوط جزء
من مدرجات ملعب 5 جويلية الأولمبي في الداربي العاصمي، مما أودى بحياة
شابين في مقتبل العمر، مؤكدا أن هذه الفاجعة صدمته وفاجأته في الوقت ذاته،
خاصة وأنه لم يخطر بباليه أن يكون ملعب بهذا الحجم هشا إلى هذه الدرجة.
وقال بوملة، في تصريح لـ"الشروق": "عندما تلقيت
الخبر.. بقيت مسمّرا في مكاني دون أن أحرك ساكنا.. لقد تفاجأت ولم أصدق
الأمر، وقلت في قرارة نفسي كيف لمدرجات ملعب 5 جويلية أن تنهار؟ هي تبدو في
حالة جيدة. لم أكن أتوقع أنها هشة إلى درجة أن تنهار تحت أقدام المناصرين،
بعدها اتصلت بإدارة الاتحاد للاطمئنان على المناصرين وجدت أحدهما قد فقد
حياته قبل أن يلحق به صديقه الآخر". وأضاف محدثنا: "لساني يعجز عن التعليق
على هذه الفاجعة التي صدمتني.. من المؤسف للغاية أن يتحول الهدف من متابعة
مقابلات كرة القدم من فرجة وأفراح إلى مآتم وأحزان".
كمال قاسي السعيد: أنا تحت الصدمة وأرواح أولادنا أهم من مباريات كرة القدم
عبر المناجير العام لمولودية الجزائر، كمال
قاسي السعيد، عن حزنه العميق لوفاة مناصرين لاتحاد العاصمة، على هامش
الداربي بين الجارين، أمس الأول، بملعب 5 جويلية الأولمبي بعد سقوطهما من
ارتفاع نحو 15 مترا، إثر انهيار جزء من المدرج العلوي رقم 13، مشيرا إلى أن
هذه الفاجعة الأليمة أفسدت العرس الكروي.
وقال اللاعب الدولي السابق، في تصريح
لـ"الشروق": "نحن جد متأسفين لوفاة مناصري الاتحاد.. لم أصدق ما حدث في
بداية الأمر، حزنت كثيرا بعد نهاية المقابلة واتصلت مباشرة برئيس اتحاد
العاصمة ربوح حداد وقدمت له التعازي باسمي وباسم كل أسرة مولودية الجزائر،
حاولت التنقل إلى المستشفى في ساعة متأخرة من الليل للوقوف إلى جانب أسرة
الفقيدين، لكن ربوح أكد لي أن الكل قد غادر وأن الشابين توفيا.. إنه أمر
مؤسف للغاية ولم أكن أنتظره إطلاقا.. هذا قضاء الله وقدره"، مضيفا: "حاليا
أنا بصدد الاتصال بجميع لاعبي مولودية الجزائر لحضور جنازة الفقيدين
وأداء واجب العزاء.. أدعو الله عز وجل أن يتغمد
الفقيدين برحمته الواسعة ويسكنهما جنانه وأن يلهم ذويهما
الصبر والسلوان".
وعن ردة فعله كمسؤول في المولودية فيما يخص
قرار وزارة الشباب والرياضة بغلق ملعب 5 جويلية أكد محدثنا قائلا: "رغم
أنني لم أطلع بعد على هذا القرار إلا أنني أرى أنه صائب، فأرواح أولادنا
أهم من مباريات كرة القدم".
ربوح حداد: نعيش مأساة حقيقية وكنت أفضل خسارة المباراة على فقدان أبنائنا
عبر نائب رئيس فريق اتحاد العاصمة
ربوح حداد عن أسفه وحزنه العميقين لوفالة مشجعين لفريقه
أول أمس بعد الداربي العاصمي بين الاتحاد والمولودية،
والذي حسمه الأول لصالحه بهدف لصفر.
وقال حداد في تصريح للشروق أمس "أنا حزين ومحبط
للغاية جراء ما حدث... كنت أفضل أن نخسر اللقاء على أن نفقد أحدا من
أبنائنا"، مضيفا "طعم فوزنا على المولودية كان مرا للغاية بسبب هذه
الفاجعة... من المفروض أن تكون مباراة في كرة القدم فرصة للفرجة والأفراح،
لكن أن تتحول إلى مصيبة فهذا أمر محزن للغاية"، وتابع محدثنا يقول "مستعدون
لمساعدة عائلات الضحايا.. لكنني على يقين بأن لا شيء في الوجود يمكنه أن
يعوض أرواح الضحايا"، وختم ربوح يقول "أطلب من الجميع أن يدعو للفقيدين
بالرحمة وأن يسكنهما الله عز وجل فسيح جناته ويلهم ذويهما الصبر
والسلوان".
سلال يعزي عائلتي الضحيتين
قام الوزير الأول عبد المالك سلال بتقديم
تعازيه الحارة لعائلتي الضحيتين عزيب سفيان ودرهوم سيف الدين اللذين
وافتهما المنية عقب سقوطهما من المدرجات العلوية لملعب 5 جويلية بعد
الداربي العاصمي بين الاتحاد والمولودية أول أمس.
وأوفد سلال أمس مندوبا عنه إلى
مقر إقامة الفقيدين، حيث قدم الأخير نيابة عن الوزير
الأول وأعضاء حكومته، التعازي للعائلتين في مصابهم الجلل.
لإشاعة تأبى مفارقة هامل
تواترت
أنباء بقوة في المدة الأخيرة تفيد بإنهاء مهام المدير العام للأمن الوطني
اللواء عبد الغني هامل، من على رأس جهاز الأمن الوطني، فيما قالت مصادر
مطلعة إن هذه الأقاويل مجرد إشاعات تطارد المدير العام للأمن الوطني، بعد
أن تم إنهاء مهام وتحويل عدة مسؤولين من مناصب أمنية حساسة.
وكانت الإشاعة رافقت هامل، في الفترة التي سبقت إجراء التعديل الوزاري الأخير، فهل حقيقة تأبى مفارقته؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق