اخر خبر
الاخبار العاجلة لانتشار عائلات الاجئين الجزائريين في شوارع الجزائر العاصمة ويدكر ان والي الجزائر العاصمة فضل تشريد عائلات جزائرية لتدخل دائرة الاجئين الجزائريين اقتداء بالاجئين الافارقة والاسباب مجهولة


https://www.alaraby.co.uk/entertainment/2018/1/13/%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%85%D9%86%D9%88%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-1?utm_campaign=magnet&utm_source=article_page&utm_medium=related_articles
كان في الحي ماخور فُتح في العهد التّركي(العربي الجديد)

باب الجابية ممنوع على النساء
شارع محرّم على نساء الجزائر
شارع محرّم على نساء الجزائر

الاخبار العاجلة لانتشار عائلات الاجئين الجزائريين في شوارع الجزائر العاصمة ويدكر ان والي الجزائر العاصمة فضل تشريد عائلات جزائرية لتدخل دائرة الاجئين الجزائريين اقتداء بالاجئين الافارقة والاسباب مجهولة

أسرار خطيرة حول أحداث المدينة الجديدة علي منجلي الوحدة الجوارية 8
هي بالفعل أسرار خطيرة طالما أنها كانت السبب في اندلاع أعمال شغب زرعت الرعب في نفوس السكان ، وتكمن هذه الأسرار في كون الشرارة التي تقف وراء تلك الأحداث،هي وجود بيت دعارة بإحدى العمارات ، وقد كانت أم وابنتها تنشطان داخل هذا البيت بطريقة فاضحة جعلت سكان العمارة يودعون شكوى لدى وكيل الجمهورية بمحكمة الخروب منذ سنوات ،لكن لم يحدث ما هو منتظر واستمر الحال على حاله حيث زوار الليل من الصينيين والأتراك وكل من هب ودب يترددون على البيت المشبوه والسكان يكررون الشكوى لدى مصالح الأمن دون جدوى وفي إحدى المرات قام أحد السكان بمحاولة وضع حد لمَ يحصل فكاد يدخل السجن وبعدها أنجبت البنت ولدا سفاحا وأدخلت السجن لبعض الوقت فيما واصلت والدتها نشاطها المشبوه دون حرج ، ومرت الأيام ووقعت مناوشة بين البنت المومس( أول أمس) مع شاب فطلبت من صديق لها التدخل من أجل معاقبته فقام بعد ملاسنات بينهما بطعنه فأرداه قتيلا وهو للتذكير يسكن بالعمارات التي نقل إليها سكان الحي القصديري نيويورك حيث تدخل أصدقاؤه بعدها و حاولوا حرق العمارة التي يوجد بها بيت الدعارة مما تسبب في حالة هلع وسط السكان حيث فر النساء والأطفال باتجاهات مختلفة نحو أهاليهم وبقي الرجال داخل العمارة ولولا تدخل رجال الأمن لفجر ها المعتدون بعدما نزعوا قنوات الغاز في سلوك إجرامي غير مسبوق وبعدها اندلعت المواجهات بين شباب القصبة والسويقة وبين شباب عمارات نيويورك إلى غاية وقت متأخر والسؤال المطروح إلى متى تظل بيوت الدعارة والمومسات أو" القنابل الناعمة" في المدينة الجديدة تهدد استقرار وأمن وسلامة السكان وتصنع مثل هذه الكوارث الخطيرة ؟؟؟ولماذا تسكت مصالح الدولة أمام انتشار مثل هذه الظواهر المشينة ؟؟؟ علما بأن هناك من المومسات من تملك ثلاث شقق لوحدها،ويا ترى من منحهن هذا الامتياز ؟؟؟وهي كلها أسئلة حارقة تضع دولة القانون عارية أمام حقائق مفزعة جدا جدا ثم يتساءل الجميع عن سبب اندلاع أعمال الشغب وهي واضحة بجلاء
هي بالفعل أسرار خطيرة طالما أنها كانت السبب في اندلاع أعمال شغب زرعت الرعب في نفوس السكان ، وتكمن هذه الأسرار في كون الشرارة التي تقف وراء تلك الأحداث،هي وجود بيت دعارة بإحدى العمارات ، وقد كانت أم وابنتها تنشطان داخل هذا البيت بطريقة فاضحة جعلت سكان العمارة يودعون شكوى لدى وكيل الجمهورية بمحكمة الخروب منذ سنوات ،لكن لم يحدث ما هو منتظر واستمر الحال على حاله حيث زوار الليل من الصينيين والأتراك وكل من هب ودب يترددون على البيت المشبوه والسكان يكررون الشكوى لدى مصالح الأمن دون جدوى وفي إحدى المرات قام أحد السكان بمحاولة وضع حد لمَ يحصل فكاد يدخل السجن وبعدها أنجبت البنت ولدا سفاحا وأدخلت السجن لبعض الوقت فيما واصلت والدتها نشاطها المشبوه دون حرج ، ومرت الأيام ووقعت مناوشة بين البنت المومس( أول أمس) مع شاب فطلبت من صديق لها التدخل من أجل معاقبته فقام بعد ملاسنات بينهما بطعنه فأرداه قتيلا وهو للتذكير يسكن بالعمارات التي نقل إليها سكان الحي القصديري نيويورك حيث تدخل أصدقاؤه بعدها و حاولوا حرق العمارة التي يوجد بها بيت الدعارة مما تسبب في حالة هلع وسط السكان حيث فر النساء والأطفال باتجاهات مختلفة نحو أهاليهم وبقي الرجال داخل العمارة ولولا تدخل رجال الأمن لفجر ها المعتدون بعدما نزعوا قنوات الغاز في سلوك إجرامي غير مسبوق وبعدها اندلعت المواجهات بين شباب القصبة والسويقة وبين شباب عمارات نيويورك إلى غاية وقت متأخر والسؤال المطروح إلى متى تظل بيوت الدعارة والمومسات أو" القنابل الناعمة" في المدينة الجديدة تهدد استقرار وأمن وسلامة السكان وتصنع مثل هذه الكوارث الخطيرة ؟؟؟ولماذا تسكت مصالح الدولة أمام انتشار مثل هذه الظواهر المشينة ؟؟؟ علما بأن هناك من المومسات من تملك ثلاث شقق لوحدها،ويا ترى من منحهن هذا الامتياز ؟؟؟وهي كلها أسئلة حارقة تضع دولة القانون عارية أمام حقائق مفزعة جدا جدا ثم يتساءل الجميع عن سبب اندلاع أعمال الشغب وهي واضحة بجلاء

https://www.alaraby.co.uk/entertainment/2018/1/13/%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%85%D9%86%D9%88%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1-1?utm_campaign=magnet&utm_source=article_page&utm_medium=related_articles
كان في الحي ماخور فُتح في العهد التّركي(العربي الجديد)
باب الجابية ممنوع على النساء
الجزائر ــ عبد الرزاق بوكبة
13 يناير 2018
تتميّز قسنطينة، 500 كيلومتر إلى الشّرق من الجزائر العاصمة، عن بقية المدن الجزائرية بكونها مدينة مبنية فوق صخرة عملاقة، ممّا فرض عليها الاتصال بأطرافها عبر جسور شاهقة، ومنها عُرفت بمدينة الجسور المعلّقة.
أشهر هذه الجسور جسر باب القنطرة الذي بُني في العهد العثماني عام 1792، واستبدله الفرنسيون عام 1863. وجسر سيّدي راشد بعلوّ 105 أمتار وطول 447 متراً وعرض 12 متراً ويحمله 27 قوساً. وجسر سيدي مسيد الذي أنجزه الفرنسيون عام 1912 بعلوّ 175 متراً وطول 175 متراً وعادة ما يلجأ إليه اليائسون للانتحار.
غير أنّ ما يخفى على الأجانب عن المدينة وجود شارع يُمنع دخولُهُ على النّساء، أجنبيات كنّ أم محلّيات. فهو حكر على الرّجال فقط. يقع جنوب المدينة القديمة المسمّاة "السّويقة" تصغيراً لكلمة "سوق" أو ما يعرف محلّياً بـ"رحبة الجمال" أي ساحة الإبل، تحديداً عند أحد أقدم أبواب المدينة المسمّى "باب الجابية".
يقول الكاتب والباحث المتخصّص في التّاريخ الثّقافي لمدينة قسنطينة رشيد فيلالي لـ"العربي الجديد"، في معرض تأصيله لمنع الشّارع على النّساء، إنّ الحيّ كان يتوفّر على ماخور فُتح في العهد التّركي، قبل دخول الاحتلال الفرنسي للمدينة عام 1837، "وهو فضاء يتكوّن من شقق عديدة كانت بها مجموعات من النّساء والفتيات من أعمار متباينة تخلّين عن حياتهن العادية وسط أسرهن لأسباب أغلبها قاهرة، واخترن ممارسة الدّعارة". ويضيف: "عمل الاستعمار الفرنسي على تقنين هذه الممارسة وفق ضوابط قانونية فضلاً عن إخضاع الفتيات لجملة من الإجراءات الأمنية والصّحية والمهنية، إذ لم يكن يحقّ لأيٍّ منهنّ الخروج عنها أو تجاوزها".
ظلّ ماخور "باب الجابية"، يقول محدّث "العربي الجديد"، ينشط لعشرات السنين على نحو عادي جدّاً، غير أن نساء المدينة لا يجتزن الشّارع المؤدي إليه حتى “لا يتهمن في شرفهنّ”. "لقد كبرن على أنه من العيب ذكر اسم الشارع على ألسنتهنّ إلا خلال جلساتهنّ الضّيّقة، فكيف بدخوله! بل إنّ سكّان الضّواحي من الرّجال والشّباب كانوا يخفون زياراتهم إلى قسنطينة، حتى لا يقال عنهم إنّهم زاروها بنيّة دخول الماخور".
في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، مع صعود شعبية "الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، تمّ جمع لوائح موقعة من طرف عدد كبير من السّكان، للمطالبة بغلق "باب الجابية" وقد تمّ ذلك فعلاً. "سُرّحت العاملات والمقيمات به. فمنهنّ من حوّلن إلى بيت الدّعارة في محافظة سكيكدة المجاورة، وظلّ عدد قليل منهنّ يمارسن مهنتهن في الخفاء بعيداً عن الأنظار، وقد استفادت ستّ نساء، مؤخّراً، من سكنات اجتماعية في المدينة الجديدة".
في الوقت الرّاهن، تهدم الشّطر الأكبر من "باب الجابية"، وبقيت بيوت قليلة منه غير مأهولة. مع ذلك، فإنّ شبهة المكان ظلّت قائمة، وتدفع النّساء إلى أن يتجنّبن المرور عبره. تقول شفيقة، 24 عاماً لـ"العربي الجديد" إنّ الأمر يحتاج إلى سنوات كثيرة حتى يتخلّص المكان من صورته السّابقة، "لقد سهوت مرّة، فدخلت الشّارع وإذا بعشرات الشّباب ينبّهونني إلى وجوب الخروج فوراً، وهو ما يحدث عادة مع السّائحات الأجنبيات".
تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المنع التّاريخيّ أدّى بنساء المدينة إلى أن يتخذن من "شارع فرنسا" القريب من المكان شارعاً خاصّاً بهنّ من غير منعه عن الرّجال.
أشهر هذه الجسور جسر باب القنطرة الذي بُني في العهد العثماني عام 1792، واستبدله الفرنسيون عام 1863. وجسر سيّدي راشد بعلوّ 105 أمتار وطول 447 متراً وعرض 12 متراً ويحمله 27 قوساً. وجسر سيدي مسيد الذي أنجزه الفرنسيون عام 1912 بعلوّ 175 متراً وطول 175 متراً وعادة ما يلجأ إليه اليائسون للانتحار.
غير أنّ ما يخفى على الأجانب عن المدينة وجود شارع يُمنع دخولُهُ على النّساء، أجنبيات كنّ أم محلّيات. فهو حكر على الرّجال فقط. يقع جنوب المدينة القديمة المسمّاة "السّويقة" تصغيراً لكلمة "سوق" أو ما يعرف محلّياً بـ"رحبة الجمال" أي ساحة الإبل، تحديداً عند أحد أقدم أبواب المدينة المسمّى "باب الجابية".
يقول الكاتب والباحث المتخصّص في التّاريخ الثّقافي لمدينة قسنطينة رشيد فيلالي لـ"العربي الجديد"، في معرض تأصيله لمنع الشّارع على النّساء، إنّ الحيّ كان يتوفّر على ماخور فُتح في العهد التّركي، قبل دخول الاحتلال الفرنسي للمدينة عام 1837، "وهو فضاء يتكوّن من شقق عديدة كانت بها مجموعات من النّساء والفتيات من أعمار متباينة تخلّين عن حياتهن العادية وسط أسرهن لأسباب أغلبها قاهرة، واخترن ممارسة الدّعارة". ويضيف: "عمل الاستعمار الفرنسي على تقنين هذه الممارسة وفق ضوابط قانونية فضلاً عن إخضاع الفتيات لجملة من الإجراءات الأمنية والصّحية والمهنية، إذ لم يكن يحقّ لأيٍّ منهنّ الخروج عنها أو تجاوزها".
ظلّ ماخور "باب الجابية"، يقول محدّث "العربي الجديد"، ينشط لعشرات السنين على نحو عادي جدّاً، غير أن نساء المدينة لا يجتزن الشّارع المؤدي إليه حتى “لا يتهمن في شرفهنّ”. "لقد كبرن على أنه من العيب ذكر اسم الشارع على ألسنتهنّ إلا خلال جلساتهنّ الضّيّقة، فكيف بدخوله! بل إنّ سكّان الضّواحي من الرّجال والشّباب كانوا يخفون زياراتهم إلى قسنطينة، حتى لا يقال عنهم إنّهم زاروها بنيّة دخول الماخور".
في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، مع صعود شعبية "الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، تمّ جمع لوائح موقعة من طرف عدد كبير من السّكان، للمطالبة بغلق "باب الجابية" وقد تمّ ذلك فعلاً. "سُرّحت العاملات والمقيمات به. فمنهنّ من حوّلن إلى بيت الدّعارة في محافظة سكيكدة المجاورة، وظلّ عدد قليل منهنّ يمارسن مهنتهن في الخفاء بعيداً عن الأنظار، وقد استفادت ستّ نساء، مؤخّراً، من سكنات اجتماعية في المدينة الجديدة".
في الوقت الرّاهن، تهدم الشّطر الأكبر من "باب الجابية"، وبقيت بيوت قليلة منه غير مأهولة. مع ذلك، فإنّ شبهة المكان ظلّت قائمة، وتدفع النّساء إلى أن يتجنّبن المرور عبره. تقول شفيقة، 24 عاماً لـ"العربي الجديد" إنّ الأمر يحتاج إلى سنوات كثيرة حتى يتخلّص المكان من صورته السّابقة، "لقد سهوت مرّة، فدخلت الشّارع وإذا بعشرات الشّباب ينبّهونني إلى وجوب الخروج فوراً، وهو ما يحدث عادة مع السّائحات الأجنبيات".
تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المنع التّاريخيّ أدّى بنساء المدينة إلى أن يتخذن من "شارع فرنسا" القريب من المكان شارعاً خاصّاً بهنّ من غير منعه عن الرّجال.
شارع محرّم على نساء الجزائر
الجزائر ــ عبد الرزاق بوكبة
5 يناير 2016
لا تجتذب الجسور المعلقة في مدينة قسنطينة المعروفة بعاصمة الشرق الجزائري، الزائرين إليها من مقيمين وأجانب، على الرغم من أنها من العجائب المبهرة. ثمّة شوارع ومساحات تنافسها، إما لأنها تختص بتقديم أطباق معينة مثل "السويقة" التي يقصدها السياح لتناول الحمص بالزيت، وإما لأنها تختص بصناعة معينة مثل شارع "الرمبلي" وأدواته النحاسية أو "شارع فرنسا" الحافل بباعة الذهب المتجولين أو المستقرين في محلاتهم. إلى ذلك، سبب غريب ومتميز، يجعل زائري المدينة من الرجال يُقبلون على شارع "رحبة الجِمال". هو ممنوع على النساء ويقتصر دخوله على الرجال فقط.
"الرحبة" في اللهجة الجزائرية تعني الفضاء الواسع الذي يجتمع فيه الناس، وهذا الشارع يقع في قلب المدينة القديمة التي تعود إلى العهد العثماني قبل سقوطها في قبضة الاحتلال الفرنسي عام 1837. هو يتكوّن من دروب ضيقة، بعضها محاط بجذوع العرعار وبعضها مفتوح. كذلك يضمّ أكثر من مرفق يحمل ملامح تركية، بما في ذلك المكان الذي كان يشكّل مربطاً لجِمال الوافدين وخيولهم، وإليه تعود تسمية الرحبة.
دخلنا الفضاء بحكم مسبق، وهو أننا لا نستطيع اصطحاب النساء معنا. ودّعنا فنانتَين من مسرح المدينة الواقع على بعد خطوات قليلة، وقد لاحظنا العيون تتّجه إلينا ونحن نحدّثهما عند العتبات، ظنّاً أننا ننوي الدخول جماعة. قالت إحداهما إنها تحلم بتقديم عرض فني داخل ما أسمته "الشارع المحرّم"، وأقسمت على فعله يوماً.
سألنا الفتى الذي كان يبيع الكتب القديمة عند المدخل والذي لا يبلغ العشرين من عمره، عما كان سيفعل لو أننا أدخلنا الشابتين معنا. صمت قليلاً، ثم رد علينا بسؤال: "هل ضاقت عليهما المدينة، حتى تكسرا تقليداً متوارثاً، وتدخلا الرحبة؟ المحلات فيها موجودة في معظم الشوارع، ولا أرى مبرراً للتحدي".
هنا، محلات تعود إلى بدايات القرن العشرين، منها محل عمي مراد الذي قدّم لنا شهادته. يخبر: "أبيع هنا منذ 45 عاماً، وكبرت على أن دخول المرأة غير مسموح به. وطيلة هذه المدة، لم أشاهد إلا مرات قليلة، امرأة تدخل المكان". نسأله عن السبب، فينقل إلينا ما سمعناه من مصادر متطابقة. يقول: "بعدما دخل الجيش الفرنسي المدينة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، اتخذ من الرحبة فضاء للدعارة المقننة، حتى يُشبع رغبات جنوده الذين تركوا زوجاتهم في أوروبا، أو كانوا عازبين أصلاً. وكانت بيوت الدعارة من الفضاءات الأوروبية القليلة التي يُسمح للجزائريين بدخولها، لذا قرّر أعيان المدينة منع المرأة القسنطينية من دخول المكان الذي أصبح ذكره مرتبطاً بانعدام الحياء". يضيف أن "بيوت الدعارة فبقيت تنشط لعقدَين بعد الاستقلال عام 1962. وبعد إغلاقها، ظلّ قرار منع النساء من الدخول سارياً وما زال. هو تجاوز كونه قراراً، ليصبح عرفاً اجتماعياً".
اقرأ أيضاً: حرب الأزقّة.. معارك عدم التجانس في الجزائر
ثمّة معبر وحيد في المكان يقع تحت المركز التجاري، تستطيع النساء عبوره للوصول إلى بيوتهن في الأحياء الشعبية السفلية، في السويقة وسيدي جليس وسيدي بوعنابة والبطحة والسطحة. اصطحبنا عمي مراد إليه، لنصادف صبرينة وهي طالبة علوم سياسية في جامعة المدينة، كانت لها تجربة باقتحام الرحبة قبل عامَين.
في مقهى في شارع فرنسا المجاور، تروي لنا أن "الشغف لمعرفة ما في المكان، كبر معي. كنت أكتفي بالنظر إلى جنباته، وتنشّق الروائح الشهية المنبعثة منها، أثناء عبوري مسرعة من المعبر الوحيد. مذ كنت طفلة، نويت دخوله وتذوق أطباقه، وهو ما فعلته قبل عامين بالتواطؤ مع شقيقي الذي يرفض هذا التقليد". تضيف: "لبست لباساً رجالياً، واقتحمت معه المكان. لم ينتبه أحد إلى كوني أنثى، كانت تجربة ممتعة".
ينضمّ إلينا صالح شقيقها، الذي يبيع الأحذية الرجالية في الرحبة. المحال كلها لا تعرض إلا سلعاً رجالية هناك. ويسأل: "ما مبرر استمرار منع النساء من دخول الرحبة، في ظل زوال مبرره الأول؟ أغلقت بيوت الدعارة أبوابها، وبات الشارع شبيهاً بكل شوارع المدينة. نحن تضررنا تجارياً من غياب النساء، وما يبيعه الآخرون في الشوارع الأخرى في أسبوع، لا أبيعه أنا في شهر".
وجود هذا الشارع في قسنطينة التي اختيرت كعاصمة للثقافة العربية هذا العام، يثير مواقف وانطباعات مختلفة لدى المشاركين العرب في التظاهرة الثقافية. من هؤلاء، الكاتب المغربي عادل لطفي الذي أبدى استغرابه ألا تغفر المدينة للمكان ماضيه "النجس". ويسأل: "لو كان المكان فعلاً مدعاة للشبهة، لماذا يزدحم فيه الرجال؟ هل هم في حلّ من ماضي المكان؟ أليس هذا الماضي من صنع الرجال و النساء معاً؟". يضيف: "هذه أسئلة وتأملات رافقتني إلى أن رأيت أول امرأة، فعرفت أننا انتقلنا إلى زقاق آخر. تمنّيت لو كتب على بابه: ما لا يؤنّث لا يعوّل عليه".
أما الشاعرة الكردية فينوس فائق، فترى في الأمر "خصوصية اجتماعية تحولت إلى خصوصية ثقافية للمدينة، وعلى زوارها أن يتعاطوا معها، بعيدا عن تصنيف الأمر تطرفاً وانغلاقاً". وتقول: "أنا أقيم في أمستردام، وأعرف محلاً للحلاقة ممنوعاً على النساء، على الرغم من أن محلات الحلاقة الهولندية مختلطة".
اقرأ أيضاً: "بلا تدخين" مقهى يتحدّى التقليد
"الرحبة" في اللهجة الجزائرية تعني الفضاء الواسع الذي يجتمع فيه الناس، وهذا الشارع يقع في قلب المدينة القديمة التي تعود إلى العهد العثماني قبل سقوطها في قبضة الاحتلال الفرنسي عام 1837. هو يتكوّن من دروب ضيقة، بعضها محاط بجذوع العرعار وبعضها مفتوح. كذلك يضمّ أكثر من مرفق يحمل ملامح تركية، بما في ذلك المكان الذي كان يشكّل مربطاً لجِمال الوافدين وخيولهم، وإليه تعود تسمية الرحبة.
دخلنا الفضاء بحكم مسبق، وهو أننا لا نستطيع اصطحاب النساء معنا. ودّعنا فنانتَين من مسرح المدينة الواقع على بعد خطوات قليلة، وقد لاحظنا العيون تتّجه إلينا ونحن نحدّثهما عند العتبات، ظنّاً أننا ننوي الدخول جماعة. قالت إحداهما إنها تحلم بتقديم عرض فني داخل ما أسمته "الشارع المحرّم"، وأقسمت على فعله يوماً.
سألنا الفتى الذي كان يبيع الكتب القديمة عند المدخل والذي لا يبلغ العشرين من عمره، عما كان سيفعل لو أننا أدخلنا الشابتين معنا. صمت قليلاً، ثم رد علينا بسؤال: "هل ضاقت عليهما المدينة، حتى تكسرا تقليداً متوارثاً، وتدخلا الرحبة؟ المحلات فيها موجودة في معظم الشوارع، ولا أرى مبرراً للتحدي".
هنا، محلات تعود إلى بدايات القرن العشرين، منها محل عمي مراد الذي قدّم لنا شهادته. يخبر: "أبيع هنا منذ 45 عاماً، وكبرت على أن دخول المرأة غير مسموح به. وطيلة هذه المدة، لم أشاهد إلا مرات قليلة، امرأة تدخل المكان". نسأله عن السبب، فينقل إلينا ما سمعناه من مصادر متطابقة. يقول: "بعدما دخل الجيش الفرنسي المدينة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، اتخذ من الرحبة فضاء للدعارة المقننة، حتى يُشبع رغبات جنوده الذين تركوا زوجاتهم في أوروبا، أو كانوا عازبين أصلاً. وكانت بيوت الدعارة من الفضاءات الأوروبية القليلة التي يُسمح للجزائريين بدخولها، لذا قرّر أعيان المدينة منع المرأة القسنطينية من دخول المكان الذي أصبح ذكره مرتبطاً بانعدام الحياء". يضيف أن "بيوت الدعارة فبقيت تنشط لعقدَين بعد الاستقلال عام 1962. وبعد إغلاقها، ظلّ قرار منع النساء من الدخول سارياً وما زال. هو تجاوز كونه قراراً، ليصبح عرفاً اجتماعياً".
اقرأ أيضاً: حرب الأزقّة.. معارك عدم التجانس في الجزائر
ثمّة معبر وحيد في المكان يقع تحت المركز التجاري، تستطيع النساء عبوره للوصول إلى بيوتهن في الأحياء الشعبية السفلية، في السويقة وسيدي جليس وسيدي بوعنابة والبطحة والسطحة. اصطحبنا عمي مراد إليه، لنصادف صبرينة وهي طالبة علوم سياسية في جامعة المدينة، كانت لها تجربة باقتحام الرحبة قبل عامَين.
في مقهى في شارع فرنسا المجاور، تروي لنا أن "الشغف لمعرفة ما في المكان، كبر معي. كنت أكتفي بالنظر إلى جنباته، وتنشّق الروائح الشهية المنبعثة منها، أثناء عبوري مسرعة من المعبر الوحيد. مذ كنت طفلة، نويت دخوله وتذوق أطباقه، وهو ما فعلته قبل عامين بالتواطؤ مع شقيقي الذي يرفض هذا التقليد". تضيف: "لبست لباساً رجالياً، واقتحمت معه المكان. لم ينتبه أحد إلى كوني أنثى، كانت تجربة ممتعة".
ينضمّ إلينا صالح شقيقها، الذي يبيع الأحذية الرجالية في الرحبة. المحال كلها لا تعرض إلا سلعاً رجالية هناك. ويسأل: "ما مبرر استمرار منع النساء من دخول الرحبة، في ظل زوال مبرره الأول؟ أغلقت بيوت الدعارة أبوابها، وبات الشارع شبيهاً بكل شوارع المدينة. نحن تضررنا تجارياً من غياب النساء، وما يبيعه الآخرون في الشوارع الأخرى في أسبوع، لا أبيعه أنا في شهر".
وجود هذا الشارع في قسنطينة التي اختيرت كعاصمة للثقافة العربية هذا العام، يثير مواقف وانطباعات مختلفة لدى المشاركين العرب في التظاهرة الثقافية. من هؤلاء، الكاتب المغربي عادل لطفي الذي أبدى استغرابه ألا تغفر المدينة للمكان ماضيه "النجس". ويسأل: "لو كان المكان فعلاً مدعاة للشبهة، لماذا يزدحم فيه الرجال؟ هل هم في حلّ من ماضي المكان؟ أليس هذا الماضي من صنع الرجال و النساء معاً؟". يضيف: "هذه أسئلة وتأملات رافقتني إلى أن رأيت أول امرأة، فعرفت أننا انتقلنا إلى زقاق آخر. تمنّيت لو كتب على بابه: ما لا يؤنّث لا يعوّل عليه".
أما الشاعرة الكردية فينوس فائق، فترى في الأمر "خصوصية اجتماعية تحولت إلى خصوصية ثقافية للمدينة، وعلى زوارها أن يتعاطوا معها، بعيدا عن تصنيف الأمر تطرفاً وانغلاقاً". وتقول: "أنا أقيم في أمستردام، وأعرف محلاً للحلاقة ممنوعاً على النساء، على الرغم من أن محلات الحلاقة الهولندية مختلطة".
اقرأ أيضاً: "بلا تدخين" مقهى يتحدّى التقليد
شارع محرّم على نساء الجزائر
الجزائر ــ عبد الرزاق بوكبة
5 يناير 2016
لا تجتذب الجسور المعلقة في مدينة قسنطينة المعروفة بعاصمة الشرق الجزائري، الزائرين إليها من مقيمين وأجانب، على الرغم من أنها من العجائب المبهرة. ثمّة شوارع ومساحات تنافسها، إما لأنها تختص بتقديم أطباق معينة مثل "السويقة" التي يقصدها السياح لتناول الحمص بالزيت، وإما لأنها تختص بصناعة معينة مثل شارع "الرمبلي" وأدواته النحاسية أو "شارع فرنسا" الحافل بباعة الذهب المتجولين أو المستقرين في محلاتهم. إلى ذلك، سبب غريب ومتميز، يجعل زائري المدينة من الرجال يُقبلون على شارع "رحبة الجِمال". هو ممنوع على النساء ويقتصر دخوله على الرجال فقط.
"الرحبة" في اللهجة الجزائرية تعني الفضاء الواسع الذي يجتمع فيه الناس، وهذا الشارع يقع في قلب المدينة القديمة التي تعود إلى العهد العثماني قبل سقوطها في قبضة الاحتلال الفرنسي عام 1837. هو يتكوّن من دروب ضيقة، بعضها محاط بجذوع العرعار وبعضها مفتوح. كذلك يضمّ أكثر من مرفق يحمل ملامح تركية، بما في ذلك المكان الذي كان يشكّل مربطاً لجِمال الوافدين وخيولهم، وإليه تعود تسمية الرحبة.
دخلنا الفضاء بحكم مسبق، وهو أننا لا نستطيع اصطحاب النساء معنا. ودّعنا فنانتَين من مسرح المدينة الواقع على بعد خطوات قليلة، وقد لاحظنا العيون تتّجه إلينا ونحن نحدّثهما عند العتبات، ظنّاً أننا ننوي الدخول جماعة. قالت إحداهما إنها تحلم بتقديم عرض فني داخل ما أسمته "الشارع المحرّم"، وأقسمت على فعله يوماً.
سألنا الفتى الذي كان يبيع الكتب القديمة عند المدخل والذي لا يبلغ العشرين من عمره، عما كان سيفعل لو أننا أدخلنا الشابتين معنا. صمت قليلاً، ثم رد علينا بسؤال: "هل ضاقت عليهما المدينة، حتى تكسرا تقليداً متوارثاً، وتدخلا الرحبة؟ المحلات فيها موجودة في معظم الشوارع، ولا أرى مبرراً للتحدي".
هنا، محلات تعود إلى بدايات القرن العشرين، منها محل عمي مراد الذي قدّم لنا شهادته. يخبر: "أبيع هنا منذ 45 عاماً، وكبرت على أن دخول المرأة غير مسموح به. وطيلة هذه المدة، لم أشاهد إلا مرات قليلة، امرأة تدخل المكان". نسأله عن السبب، فينقل إلينا ما سمعناه من مصادر متطابقة. يقول: "بعدما دخل الجيش الفرنسي المدينة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، اتخذ من الرحبة فضاء للدعارة المقننة، حتى يُشبع رغبات جنوده الذين تركوا زوجاتهم في أوروبا، أو كانوا عازبين أصلاً. وكانت بيوت الدعارة من الفضاءات الأوروبية القليلة التي يُسمح للجزائريين بدخولها، لذا قرّر أعيان المدينة منع المرأة القسنطينية من دخول المكان الذي أصبح ذكره مرتبطاً بانعدام الحياء". يضيف أن "بيوت الدعارة فبقيت تنشط لعقدَين بعد الاستقلال عام 1962. وبعد إغلاقها، ظلّ قرار منع النساء من الدخول سارياً وما زال. هو تجاوز كونه قراراً، ليصبح عرفاً اجتماعياً".
اقرأ أيضاً: حرب الأزقّة.. معارك عدم التجانس في الجزائر
ثمّة معبر وحيد في المكان يقع تحت المركز التجاري، تستطيع النساء عبوره للوصول إلى بيوتهن في الأحياء الشعبية السفلية، في السويقة وسيدي جليس وسيدي بوعنابة والبطحة والسطحة. اصطحبنا عمي مراد إليه، لنصادف صبرينة وهي طالبة علوم سياسية في جامعة المدينة، كانت لها تجربة باقتحام الرحبة قبل عامَين.
في مقهى في شارع فرنسا المجاور، تروي لنا أن "الشغف لمعرفة ما في المكان، كبر معي. كنت أكتفي بالنظر إلى جنباته، وتنشّق الروائح الشهية المنبعثة منها، أثناء عبوري مسرعة من المعبر الوحيد. مذ كنت طفلة، نويت دخوله وتذوق أطباقه، وهو ما فعلته قبل عامين بالتواطؤ مع شقيقي الذي يرفض هذا التقليد". تضيف: "لبست لباساً رجالياً، واقتحمت معه المكان. لم ينتبه أحد إلى كوني أنثى، كانت تجربة ممتعة".
ينضمّ إلينا صالح شقيقها، الذي يبيع الأحذية الرجالية في الرحبة. المحال كلها لا تعرض إلا سلعاً رجالية هناك. ويسأل: "ما مبرر استمرار منع النساء من دخول الرحبة، في ظل زوال مبرره الأول؟ أغلقت بيوت الدعارة أبوابها، وبات الشارع شبيهاً بكل شوارع المدينة. نحن تضررنا تجارياً من غياب النساء، وما يبيعه الآخرون في الشوارع الأخرى في أسبوع، لا أبيعه أنا في شهر".
وجود هذا الشارع في قسنطينة التي اختيرت كعاصمة للثقافة العربية هذا العام، يثير مواقف وانطباعات مختلفة لدى المشاركين العرب في التظاهرة الثقافية. من هؤلاء، الكاتب المغربي عادل لطفي الذي أبدى استغرابه ألا تغفر المدينة للمكان ماضيه "النجس". ويسأل: "لو كان المكان فعلاً مدعاة للشبهة، لماذا يزدحم فيه الرجال؟ هل هم في حلّ من ماضي المكان؟ أليس هذا الماضي من صنع الرجال و النساء معاً؟". يضيف: "هذه أسئلة وتأملات رافقتني إلى أن رأيت أول امرأة، فعرفت أننا انتقلنا إلى زقاق آخر. تمنّيت لو كتب على بابه: ما لا يؤنّث لا يعوّل عليه".
أما الشاعرة الكردية فينوس فائق، فترى في الأمر "خصوصية اجتماعية تحولت إلى خصوصية ثقافية للمدينة، وعلى زوارها أن يتعاطوا معها، بعيدا عن تصنيف الأمر تطرفاً وانغلاقاً". وتقول: "أنا أقيم في أمستردام، وأعرف محلاً للحلاقة ممنوعاً على النساء، على الرغم من أن محلات الحلاقة الهولندية مختلطة".
"الرحبة" في اللهجة الجزائرية تعني الفضاء الواسع الذي يجتمع فيه الناس، وهذا الشارع يقع في قلب المدينة القديمة التي تعود إلى العهد العثماني قبل سقوطها في قبضة الاحتلال الفرنسي عام 1837. هو يتكوّن من دروب ضيقة، بعضها محاط بجذوع العرعار وبعضها مفتوح. كذلك يضمّ أكثر من مرفق يحمل ملامح تركية، بما في ذلك المكان الذي كان يشكّل مربطاً لجِمال الوافدين وخيولهم، وإليه تعود تسمية الرحبة.
دخلنا الفضاء بحكم مسبق، وهو أننا لا نستطيع اصطحاب النساء معنا. ودّعنا فنانتَين من مسرح المدينة الواقع على بعد خطوات قليلة، وقد لاحظنا العيون تتّجه إلينا ونحن نحدّثهما عند العتبات، ظنّاً أننا ننوي الدخول جماعة. قالت إحداهما إنها تحلم بتقديم عرض فني داخل ما أسمته "الشارع المحرّم"، وأقسمت على فعله يوماً.
سألنا الفتى الذي كان يبيع الكتب القديمة عند المدخل والذي لا يبلغ العشرين من عمره، عما كان سيفعل لو أننا أدخلنا الشابتين معنا. صمت قليلاً، ثم رد علينا بسؤال: "هل ضاقت عليهما المدينة، حتى تكسرا تقليداً متوارثاً، وتدخلا الرحبة؟ المحلات فيها موجودة في معظم الشوارع، ولا أرى مبرراً للتحدي".
هنا، محلات تعود إلى بدايات القرن العشرين، منها محل عمي مراد الذي قدّم لنا شهادته. يخبر: "أبيع هنا منذ 45 عاماً، وكبرت على أن دخول المرأة غير مسموح به. وطيلة هذه المدة، لم أشاهد إلا مرات قليلة، امرأة تدخل المكان". نسأله عن السبب، فينقل إلينا ما سمعناه من مصادر متطابقة. يقول: "بعدما دخل الجيش الفرنسي المدينة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، اتخذ من الرحبة فضاء للدعارة المقننة، حتى يُشبع رغبات جنوده الذين تركوا زوجاتهم في أوروبا، أو كانوا عازبين أصلاً. وكانت بيوت الدعارة من الفضاءات الأوروبية القليلة التي يُسمح للجزائريين بدخولها، لذا قرّر أعيان المدينة منع المرأة القسنطينية من دخول المكان الذي أصبح ذكره مرتبطاً بانعدام الحياء". يضيف أن "بيوت الدعارة فبقيت تنشط لعقدَين بعد الاستقلال عام 1962. وبعد إغلاقها، ظلّ قرار منع النساء من الدخول سارياً وما زال. هو تجاوز كونه قراراً، ليصبح عرفاً اجتماعياً".
اقرأ أيضاً: حرب الأزقّة.. معارك عدم التجانس في الجزائر
ثمّة معبر وحيد في المكان يقع تحت المركز التجاري، تستطيع النساء عبوره للوصول إلى بيوتهن في الأحياء الشعبية السفلية، في السويقة وسيدي جليس وسيدي بوعنابة والبطحة والسطحة. اصطحبنا عمي مراد إليه، لنصادف صبرينة وهي طالبة علوم سياسية في جامعة المدينة، كانت لها تجربة باقتحام الرحبة قبل عامَين.
في مقهى في شارع فرنسا المجاور، تروي لنا أن "الشغف لمعرفة ما في المكان، كبر معي. كنت أكتفي بالنظر إلى جنباته، وتنشّق الروائح الشهية المنبعثة منها، أثناء عبوري مسرعة من المعبر الوحيد. مذ كنت طفلة، نويت دخوله وتذوق أطباقه، وهو ما فعلته قبل عامين بالتواطؤ مع شقيقي الذي يرفض هذا التقليد". تضيف: "لبست لباساً رجالياً، واقتحمت معه المكان. لم ينتبه أحد إلى كوني أنثى، كانت تجربة ممتعة".
ينضمّ إلينا صالح شقيقها، الذي يبيع الأحذية الرجالية في الرحبة. المحال كلها لا تعرض إلا سلعاً رجالية هناك. ويسأل: "ما مبرر استمرار منع النساء من دخول الرحبة، في ظل زوال مبرره الأول؟ أغلقت بيوت الدعارة أبوابها، وبات الشارع شبيهاً بكل شوارع المدينة. نحن تضررنا تجارياً من غياب النساء، وما يبيعه الآخرون في الشوارع الأخرى في أسبوع، لا أبيعه أنا في شهر".
وجود هذا الشارع في قسنطينة التي اختيرت كعاصمة للثقافة العربية هذا العام، يثير مواقف وانطباعات مختلفة لدى المشاركين العرب في التظاهرة الثقافية. من هؤلاء، الكاتب المغربي عادل لطفي الذي أبدى استغرابه ألا تغفر المدينة للمكان ماضيه "النجس". ويسأل: "لو كان المكان فعلاً مدعاة للشبهة، لماذا يزدحم فيه الرجال؟ هل هم في حلّ من ماضي المكان؟ أليس هذا الماضي من صنع الرجال و النساء معاً؟". يضيف: "هذه أسئلة وتأملات رافقتني إلى أن رأيت أول امرأة، فعرفت أننا انتقلنا إلى زقاق آخر. تمنّيت لو كتب على بابه: ما لا يؤنّث لا يعوّل عليه".
أما الشاعرة الكردية فينوس فائق، فترى في الأمر "خصوصية اجتماعية تحولت إلى خصوصية ثقافية للمدينة، وعلى زوارها أن يتعاطوا معها، بعيدا عن تصنيف الأمر تطرفاً وانغلاقاً". وتقول: "أنا أقيم في أمستردام، وأعرف محلاً للحلاقة ممنوعاً على النساء، على الرغم من أن محلات الحلاقة الهولندية مختلطة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق