الثلاثاء، يناير 30

فاروق قسنطيني·· رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان لـ ''الجزائر نيوز'':


فاروق قسنطيني·· رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان لـ ''الجزائر نيوز'':
عبد المومن إنسان محتال وكلامه كلام ''شارع''
-- الدولة كانت في قائمة المفقودين
أكد فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية الحقوق الإنسان، في هذا الحوار الذي أجراه مع ''الجزائر نيوز''، بأن عبد المومن خليفة يبقى شخصا محتالا، وليس هناك أي مجال لحمايته، خاصة وأن السلطات البريطانية اعترفت بعدم نزاهته··
نشيدة قوادري
جدد رئيس الجمهورية الثقة في شخصكم لعهدة ثانية، ماذا حقق قسنطيني خلال عهدته الأولى، وما هي الأمور التي بقيت عالقة إلى حد الساعة؟
لقد عملت اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان كثيرا، في الوقت الذي أخذ فيه ملف المفقودين وقتا طويلا، وذلك لثقله· وعليه، فإن اللجنة أخذت على عاتقها مسؤولية دراسة 7200 ملف حسب الإحصائيات التي قدمتها مصالح الدرك الوطني· وما يمكن الإشارة إليه في الظرف الحالي، بأن ملف المفقودين يشرف على الانتهاء، خاصة وأننا بلغنا مرحلة التنفيذ الفعلي لعملية تعويض عائلات المفقودين·
هل هذا الإجراء سوف يُرضي عائلات المفقودين؟
قلت وسأكرر بأن ملف المفقودين ثقيل جدا، وعليه فكان لابد علينا كلجنة إيجاد حلول عادلة وعقلانية تتماشى مع معطيات وإمكانيات المجتمع، وعليه فيجب أن نعترف بأننا لسنا قادرين على تقديم الأشخاص المتسببين في اختفاء المفقودين أمام العدالة، لأننا لا نملك الأدلة والإثباتات التي تدين هؤلاء، فمن الناحية القانونية والقضائية فالأمور ستأخذ وقتا طويلا، وسنظل نسير في حلقة مفرغة ومن ثمة فلن نستطيع الوصول أبعد، ففكرنا في القضية طويل، وتأكدنا من أنه لا بد من المرور نحو خطوات جادة، وهذا ما يدعوني لأضيف شيئا آخر بأننا لسنا ضد الحقيقة وهذا ما يدفعني للقول بأنه أصبح لازما على الدولة أن تعترف بأنها غير قادرة على الوصول لأبعد من هذا، فالمفقود الأول هو الدولة التي تغيبت لسنوات وسنوات، ودخلت الجزائر بذلك في حرب أهلية· أما بخصوص عائلات المفقودين، فمنها من رضيت بالواقع الذي يفرض نفسه وأخرى لا تزال ترفض مبدأ التعويض· وأمام كل هذه المعطيات وجب علينا التفكير في خطوات مستقبلية لتتمكن من طي الملف بصفة نهائية لكي تتفرغ لأمور وقضايا لا تقل أهمية عن ملف المفقودين، قانون الأسرة، قانون الأطفال، حقوق الإنسان بالجزائر، الصحة، قانون الصحافة، حرية الأشخاص· لكن إذا أردنا الرجوع إلى العهدة الأولى، فإننا اقتصرنا فقط على رفع التقارير لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لكن القانون الداخلي للجنة يلزمنا بذلك، لكن الأمر الذي لم نحققه هو أن اللجنة لم تكتب تلك المواقف ولم تنشرها للرأي العام وللمجتمع المدني· وعليه، وما سنركز عليه مستقبلا بأخذ آراء الأشخاص في المجتمع المدني الذين سيبدون بتوجهاتهم بخصوص حقوق الإنسان وأمور أخرى، خاصة وأن اللجنة هي استشارية قبل كل شيء، لنتمكن في الأخير من كتابة ونشر تلك المواقف والأفكار للرأي العام لنحقق بذلك الشفافية التامة·
وماذا عن وضعية حقوق الإنسان بالجزائر؟
لست راضٍ إطلاقا عن وضعية حقوق الإنسان ببلادنا، ولازال في مرتبة متوسطة· وإذا التزمنا الصمت، فالأمور لن تتغير ولن تتحسن· ومن بين حقوق الإنسان هناك أيضا حقوق الدولة، فهي لديها حقوق باعتبار أن حقوق الإنسان ليست فقط حقوق الضحايا والمظلومين، وعليه فالورشة واسعة جدا·
وماذا عن قانون الأسرة؟
بصراحة، لست راضٍ عن قانون الأسرة وفيه نقائص عديدة· وإذا أخذنا على سبيل المثال المرأة المطلقة، فإن القانون يحفظ لها حق السكن، ويجبر الزوج على دفع ما قيمته 6 آلاف دج بصفة شهرية، فالسؤال الذي نطرحه هل هذا المبلغ المالي كافي لشراء أو كراء شقة أو على الأقل غرفة واحدة، وعليه فلابد من إعادة النظر في العديد من الأمور لاستكمال النقائص ويجب على الدولة أن تتدخل لإيجاد الحلول التي ترضي كافة الأطراف وعلاج كافة المشاكل· وإذا التزم الأمر فلابد على الدولة أن تقوم بإنشاء صندوق وطني للمرأة المطلقة لضمان كافة حقوقها·
ماهو تعليقك على محاكمة الخليفة؟
صراحة، في المستوى، فحقوق الدفاع محترمة، وبخصوص رئيسة الجلسة السيدة ابراهيمي، فهي تحاصر وتسيطر على الملف· فالعديد من الإجراءات محترمة، فالمتهمون يتحدثون بكل حرية وحتى الدفاع، بالمقابل فإننا نكتشف يوميا الفوضى التي كانت تعمّ البنك آنذاك· لكننا إذا حاولنا تلخيص قضية الخليفة، فرفيق عبد المومن خطط لكي يتعدى على بنكه، وعليه فأنا أعتبر خليفة بالسارق ولن يكون هناك مجال لحمايته·
هو يقول بأن السلطات البريطانية لن تسلمه وقال لجريدة ''المحقق'' أنه يمتلك اللجوء السياسي؟
ما أدلى به عبد المومن خليفة للمحقق هو استفزاز للجزائر وللعدالة الجزائرية، فمن يكن عبد المومن، فهو شخص عادي ولابد أن يخضع للقانون، فأنا أعتبر كلامه كلام ''فارغ''، وكلام ''شارع''· أما بخصوص استحالة أن تقدمه السلطات البريطانية للجزائر، فلقد التقيت في إحدى المناسبات بمسؤولين سامين من وزارة العدل البريطانية بحضور سفير بريطانيا بالجزائر، الذين أكدوا بأن العدالة البريطانية صارمة وتحترم القانون، وليست لديها أي رغبة وأي مصلحة لكي تحتفظ به لكي تحميه أو تدافع عنه، فحتى القاضي البريطاني، الدرجة الثانية، أعلن عن موافقه لتسليم عبد المومن خليفة·
لكنه قال بأنه يملك ''أسرار دولة'' ولن يكشف عنها إلا أمام السلطات البريطانية، ما هو تعليقكم؟
هو كلام ''فارغ''، إذا كان عبد المومن سارق وقد اخترق بصفة ضمنية وصريحة بأنه أخذ أموال الناس، فإذا كان هو سارق، فما دخل الدولة في ذلك، وعليه فلن أستبعد أن تسلمه السلطات البريطانية للجزائر، في الوقت الذي ستكشف فيه العدالة عن الحقائق·
هل تعتقد أنه من الضروري القيام بتعديل حكومي؟
لا أعتبر الأمر ضروري، بقدر ما أعتبره جد طبيعي، وبالرغم من أن القضية لا تتعلق بالأشخاص، إلا أن قواعد اللعبة تفرض على الوزير ألا يبقى وزيرا طوال حياته، فهو منصب عمل مثل المناصب الأخرى، وعليه فالمرور إلى التعديل شيء يفرض نفسه·
وماذا عن تعديل الدستور، فقد مرت 6 أشهر على إعلان رئيس الجمهورية عنه، لكن وإلى حد الساعة الأمور بقيت على حالها؟
إن كنت أجهل الأسباب الحقيقية التي تمنع الحديث عن ملف تعديل الدستور، فإنني أعتبر شخصي من بين المناضلين لتعديله، باعتبار أن دستور 1996 وجد في ظروف قاسية وصعبة· لكن الأمور حاليا تغيرت، ولابد للدستور أن يتغير أيضا· وبكل صراحة، أرى شخصيا أن الظرف أصبح مناسبا لكي نفتح للرئيس الطريق لكي يترشح لعهدة ثالثة من دون أن نقيّده، خاصة وأن عملية تحديد العهدة ليست بالشيء المقدس في الوقت الذي لا توجد فيه أسباب معقولة للتحديد، وعليه فإذا صوّت الشعب على الرئيس بوتفليقة في إطار انتخابات حرة ونزيهة، فلماذا التقيد بقانون أمريكا·
زيارة رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية دوبري للجزائر لم تلغ الجدل الذي ميّز النقاش الدائر حول اتفاقية الصداقة بين فرنسا والجزائر، ما هو تعليقك على ذلك؟
بداية، لابد على فرنسا أن تعترف بجرائمها التي ارتكبتها في حق الجزائر والجزائريين، وأن تقدم اعتذاراتها، فلا يعقل أن تعتذر لليهود ولا تعتذر للجزائر، فيجب أن تنتظر الوقت اللازم لفعل ذلك، ليبقى بذلك الموقف الجزائر صامدا، وإضافة إلى ذلك فلابد أن تطالبها بالتعويض ولدينا الحق في ذلك·
هل تعتقد أن الديمقراطية مكرسة فعلا في الجزائر؟
إذا قارننا الجزائر ببلدان عربية، فالوضع يبعث على التفاؤل، لكن إذا قارنا أنفسنا بدول متطورة، فإننا لازلنا بعيدين كل البعد· وبالرغم من ذلك، فالجزائر تحتل المرتبة الثانية مباشرة بعد جنوب إفريقيا من حيث الديمقراطية· وأمام هاته المعطيات، فالأمور سوف تتحسن قريبا، خاصة وأننا نملك مجتمعا مدنيا يناضل ولا يسكت، خاصة أن الدولة الجزائرية ليست لا بدولة عسكرية ولا بوليسية، فهذا مهم جدا، خاصة وأن الدولة لم تنهار وبقيت صامدة طيلة عشرية دموية كاملة، ولم يتمكن الإرهاب من تحطيمها عكس ما حدث في العراق عندما وجد العراقيون فراغا فادحا راحوا يتقاتلون فيها بينهم·

ليست هناك تعليقات: