الثلاثاء، يناير 30

''المثقفون المنخرطون في السلطة يعيدون إنتاج طقوسها''


الشاعر عمر أزراج لـ''الخبر''
''المثقفون المنخرطون في السلطة يعيدون إنتاج طقوسها''
الأصوليات في الغرب ليست من نتاج أحداث11 سبتمبر


المصدر: حاوره: حميد عبد القادر
2007-01-30


هالكم كثيرا غياب المثقفين الجزائريين عن الساحة الثقافية··· لماذا؟
* غياب المثقفين في الجزائر عن الندوات الفكرية لا يعني أنهم غير موجودين· أخبرت بأن اتحاد الكتاب في وضعه الحالي المنقسم، لم يكن طرفا أساسيا في إعداد وهندسة البرامج المتعلقة بتظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية· وأنا ألتزم بأنني أخبرت وليس هذا صادرا مني· وهناك عامل آخر يتمثل في عدم إقبال العدد المناسب من الكتاب بمختلف شرائحهم، وهذا ربما يعود إلى عدم وجود عملية إعلامية مسبقة بإخبار هؤلاء وغيرهم سواء عن طريق نشر أسماء الكتاب الذين وفدوا إلى الجزائر بهذه المناسبة· وهنا يكمن التساؤل·· هل هناك تواصل إعلامي وتنسيق ما بين وزارة الثقافة وما بين الجمعيات المختلفة ذات الاهتمام الثقافي والفني؟
وأين المثقف الجزائري من كل هذا؟
* طبعا هو إنسان له حياته الخاصة وله مطالبه في العيش والسكن وما ينتج من مطالب أخرى· لذلك فإن المبدع يحتاج إلى ما يسد رمقه ويوفر له الحياة الكريمة· ففي الجزائر لا توجد دولة الرعاية الاجتماعية مثلما هو موجود في الدول التي حققت هذا النمط من الدولة·
وهذا يختلف عما هو الحال في بريطانيا؟
* الكاتب الموهوب في بريطانيا مثلا يتسلم مبلغا أوليا لإنجاز كتاب وعندما ينتهي من هذا المشروع، فإن دور النشر والمؤسسات اللاحقة بها تقوم بعمليات بيع إنتاجه بعد إشهار مكثف ومدروس علميا، بحيث يكون مردود البيع يكفي لذلك الكاتب بأن يعيش لعدد من السنوات دون أن يحتاج لعمل·
لكن الجزائر لم تستثمر في مجال دعم المثقف···
نحن في الجزائر نفتقد إلى هذا وليس هناك إلى حد الآن أي مشروع في الأفق لتأسيس دولة الرعاية الاجتماعية بالشكل الذي نتحدث عنه والموجود في البلدان الديمقراطية التي قامت بتحديث المجتمعات· في مرحلة من المراحل كان هناك في الجزائر كلام كثير عن سن قانون التفرغ للمثقفين· لقد طرحت الفكرة فعلا، ولكن يبدو أن سنوات المحنة التي عاشتها الجزائر قد حالت دون تحويلها إلى واقع ملموس·
الملاحظ أن كثيرا من المثقفين الجزائريين فضلوا الانخراط في وظائف إدارية؟
* من هنا فإن الكاتب الجزائري ربما يضطر اضطرارا لكي يعمل في وظيفة ما لكي يعيش، وبالمقابل هنالك كتاب ومثقفون يهمهم بهرج ومزايا وبريستيج المنصب السياسي أو منصب المدير العام أو منصب ملحق ثقافي· من هنا فالمثقفون يجدون أنفسهم بضربة ساحر جزءا من مؤسسة السلطة أو السلطة ذاتها· وفي الغالب يتماهون معها ويعيدون إنتاج طقوسها وآدابها وفولكلورها، ويتمترسون في مواقعهم· وأقول بأنهم يتحولون أحيانا إلى مشكلة للثقافة، وليس إلى حل لها·
كتبتم كثيرا عن الصدام بين الشرق والغرب، وتحدثتم أيضا عن الأصوليات الغربية، هل هي نتاج أحداث 11 سبتمبر؟
*الأصوليات في الغرب ليست حسب تقديري من نتاج أحداث 11 سبتمبر فقط، إذا فتحنا دواليب مؤسسة الاستشراق، فإننا نجد أصولية غربية مناهضة للعالم الثالث· لنأخذ مثلا لورانس العرب وهو أصولي بامتياز، فإنه يقول على أساس منطلق عرقي بأن العربي لا يمكن أن يكون فيلسوفا لأن عقله ليس تركيبيا مثل العقل الغربي· وإذا درسنا كتابات غوبينو، فإننا نجد ركائز النظرية الفكرية مؤسسة على العرق بحيث أن التراتبية العرقية يؤسسها على تفوق الجنس الآري على الأجناس الأخرى· والأصوليات في الغرب لا تستمد مشروعيتها فقط من الدين أو الاقتصاد أو من الصدام الثقافي إنما هي ترتكز أيضا بشكل قوي على العرقية· ويوجد في كتابات ادوارد سعيد نقد لهذا النمط من الاستشراقية الغربية التي تشمل أوربا والعالم الأنجلو سكسوني· الآن وبعد أحداث 11 سبتمبر خرج العفريت من القمقم وصار الأمر واضحا بحيث نجد مثلا أن النظام السياسي الفرنسي يتحدث عن وجود إسلاميين؛ إسلام فرنسي وإسلام الدول المسلمة أو إسلام الأطراف· ففي تنظير الأنتلجنسيات السياسية الفرنسية الإسلام الفرنسي هو جزء من العقلانية الأوروبية وعلمنتها، في حين أن الجاليات المسلمة المتواجدة في فرنسا وبريطانيا فإن إسلامها يعتبر نقيضا للعقلانية وللديمقراطية ويشددون كثيرا على قضية المرأة والحجاب· ويربط بالتالي الإسلام بالإرهاب بشكل مطلق·
وما علاقة هذا بما تسميه بمرحلة ما بعد الكولونيالية؟
* أعتقد أن تمثيلات المرحلة الكولونيالية امتدت لسنين طويلة ولم تزل في الذهنيات الأوروبية· صحيح أن أوروبا ليست واحدة والغرب ليس واحدا وهناك تيارات على الأقل تتفهم اختلاف الآخر وتحاول إيجاد تجاوب معه داخل الفضاءات الأوروبية ولكنها أقلية·





ليست هناك تعليقات: