الروائية فضيلة الفاروق في حوار للنصر طباعة إرسال إلى صديق
الاثنين, 24 يونيو 2013
عدد القراءات: 83
تقييم المستخدمين: / 0
سيئجيد 
الكاتبة تُقرأ كجسد ولا تُقرأ كنص
* أنا مرفوضة في أغلب الجامعات الجزائرية وهناك من يحارب نصي دون أن يفهمه ويقيمني أخلاقيا من خلال بطلاتي وشخصياتي
* أغلبية الكتاب يمثلون

تتحدث  الكاتبة فضيلة الفاروق في هذا الحوارعن عملها الأخير الذي تشتغل عليه بكثير من بهارات الاعتراف والمصارحة، والذي ارتأت أن تستثمر فيه سيرتها الذاتية أكثر وأكثف، كما تتحدث عن الترجمة التي التفتت أخيرا لرواياتها، وفي ذات الوقت عن قرار امتناعها عن البحث مرة أخرى عن ناشر أو موزع أو مترجم لأعمالها لأنها اكتشفت أنها الخاسرة في الموضوع لأنها هي التي تدفع للمترجم، كما تتحدث عن النقد الانطباعي الذي أساء فهم رواياتها وأكثر من هذا ذهب ليحاكمها بقسوة من خلال محاكمة شخصياتها وبطلاتها، وهي تقول بهذا الخصوص: "القراءة الانطباعية أساءت لي كثيرا، لأنها ترتكز على محاكمة شخصياتي، ومن خلالها محاكمتي". كما تحدثت عن هاجس التمرد في رواياتها والذي كان محور أبحاث ودراسات جامعية صدرت مؤخرا في كتاب بعنوان "السرد وهاجس التمرد في روايات فضيلة الفاروق" عن الدار العربية للعلوم ناشرون بلبنان. كما تحدثت عن علاقتها بالجسد، وعن عدم تصالحها مع ذاتها حتى الآن وعن خلفيات وأسباب خصامها مع الذات والجسد. إذ تقول: "لم أتصالح مع نفسي وحين أصادف عقبات أمامي يصنعها المجتمع أصاب بالغضب من جسدي".
حاورتها / نوّارة لحـرش
«السرد وهاجس التمرد في روايات فضيلة الفاروق»، كتاب ضم قراءات لأعمالك خلصت إلى أن نصوصك «مستفزة باعثة للجدل». ما رأيك وكتاب كامل يصدر ليبحث في تيمة وهاجس التمرد في كتاباتك؟
فضيلة الفاروق: فاجأني الدكتور عبد الرحمن تيبرماسين حين زارني خلال عزاء أبي الذي رباني في آريس، وحدثني عن الكِتاب وحماسه لدراسة أدبي بشكل معمق، وأنه يشرف على طالبات وجههن لأدبي لأني نموذج جيد من الجزائر، فاجأني لأني أعرف أني مرفوضة في أغلب الجامعات الجزائرية وهناك من يحارب نصي دون أن يفهمه، طلبت منه أن يرسل لي الكِتاب، ففعل، وحين عدت إلى بيروت سعيت لنشره، وقد نشره صديقي بشار شبارو دون أدنى تردد، وهذا لم يكن مفيدا لي فقط بل للأستاذ تيبرماسين ومختبره في جامعة بسكرة بالجزائر ولطالباته. غير ذلك أعرف أن كتاباتي مستفزّة ومثيرة للجدل، وأعرف أن مجتمعنا لن يتقبل معظم أفكاري، بما فيه النخبة والمثقفون الذين يظنون أنفسهم علمانيون وليبراليون. بالمختصر المرأة خارج كتب الطبخ والأبراج كل ما تكبته سيظل غير مقبول.
هل الكِتاب برأيك قارب واستشرف سياقات التمرد على مستوى الخطاب السردي في رواياتك؟
فضيلة الفاروق: لا يمكنني أن أحكم أكاديميا على دراسات أشرف عليها بروفيسور مختص، لكني أشعر أني ظلمت من طرف إحدى الباحثات، وكانت تقيمني أخلاقيا من خلال بطلاتي وشخصياتي المستمدة من مجتمعنا نفسه. غير ذلك باقي الدراسات بحثت بعيدا في أعماق نصي وفسرت سياقات التمرد سواء على مستوى البناء الحكائي أو الفضاء اللغوي. والجميع مشكور على ذلك.
ماذا عن عملك الجديد الذي تشتغلين فيه على سيرتك؟، وهل أوانها الآن، وهل ستكون سيرة كاملة دون تجميل أو رتوشات؟
فضيلة الفاروق: لقد وضعتِ يدك على الجرح، أنا ليس لدي مشكلة أن أكتب عن نفسي بكل حرية وحتى عائلتي، أبي قارئ رواية ممتاز وملأ رؤوسنا بمحتويات كتب من كل صنف، تعودنا على الكتب والمجلات والموسوعات منذ كنا أطفالا ولم يهدنا ألعابا أبدا، كنا نلعب مع أولاد الجيران خارج البيت بما يملكون، وكنا نعيرهم الكتب، كان بيتنا مثل مكتبة عامة لأغلب أصدقائنا ورفاقنا وأولاد الجيران. أخوتي كلهم يدعمونني ويقرأون نتاجي كما يقرأون لأي كاتب آخر وينقدونني في مواضع مختلفة لا تتعلق أبدا بالباب الأخلاقي. أبناء عمومتي الذين قضيت معهم طفولتي كلهم مثقفون ومستواهم العلمي عالي جدا، وذكرهم في سيرتي لا يزعجهم أبدا، لكن خارج دائرة العائلة أنا أملك أصدقاء كثيرين وجيران وأقارب آخرين، وكانت لدي مواقف مضحكة وأخرى حزينة وأخرى سيئة خلال حياتي معهم جميعهم، وذكر الحقيقة يزعجهم. صديقاتي متزوجات وحياتهن تغيرت، وذكرهن أصبح محظورا، أفكر كيف أشطب بعضهم فأجدني أقوم بما يقوم به مقص الرّقيب، وهذا ما يعثرني في الكتابة. أخطائي كلها أحب أن أذكرها لأني لا أكتب لأمجّد نفسي، بل لأترك تجربتي لأجيال ستأتي بعدي وستقرأ نصا حقيقيا.
قلتِ: "النقد الأكاديمي هو الذي أنصفني وأنصف رواياتي"، هل يعني أن النقد غير الأكاديمي لم ينصفك وأساء لرواياتك أو أنه لم يفهمها كما يجب؟
فضيلة الفاروق: القراءة الانطباعية أساءت لي كثيرا، لأنها ترتكز على محاكمة شخصياتي، ومن خلالها محاكمتي، أشعر أني بعد كل قراءة تُكْتب عني علي أن أتصرف مثل مظاليم الأفلام المصرية وأصرخ: "بريئة... بريئة يا ناس"، تلك القراءات في بعض الجرائد التي تسمح للقراء بترك تعليقاتهم تسمح بنشر شتائم من العيار الثقيل، لشخصي وأحيانا تطال عائلتي، هل تظنين أن هذه جرائد تحترم نفسها؟ خاصة حين أتصل بالجريدة وأكلم رئيس تحريرها فيجيبني أنت كاتبة ليبرالية لهذا عليك أن تتقبلي الرأي الآخر.. !أليس هذا مضحكا؟ حين يشتمني شخص بكلمات بذيئة ويهددني بالقتل وبإهدار دمي، هل هذا نقد؟ وهل هذا إعلام؟... يبدو أننا لا نفرق بين إعطاء رأي وبين قلّة الأدب.
إلتفتت الترجمة مؤخرا إلى أعمالك، حيث تُرجِمَت "تاء الخجل" إلى الفرنسية والكردية، إلى أي حد تعنيك الترجمة، وهل ترين أن الترجمة لم تنصف كتاباتك كما ينبغي، قياسا لتجربتك ومسيرتك الأدبية؟
فضيلة الفاروق: ترجمت "تاء الخجل" إلى الإسبانية أولا ثم ترجمت جولاندا غاردي فصولا منها للإيطالية ثم للفرنسية ثم مؤخرا للكردية، وهي الرواية الوحيدة التي حظيت بالاهتمام أكثر من غيرها، والرواية شقت طريقها بصعوبة لتجد مكانا يليق بها على سلم الرواية المكتوبة باللغة العربية. لكن ما اكتشفته بعد ترجمة روايتي هو أن كل شيء مبني على العلاقات، وأن أي مترجم قادم من خارج لبنان بحثا عن أعمال لترجمتها تحيط به الأسماء التي تسيطر على المشهد الثقافي اللبناني، فأجدني خارج دائرة الترجمة، مرة لأني جزائرية، ومرة لأني نسوية، ومرة لأني أكتب أدبا يحث على "الرّذيلة" وأشياء أخرى يخجل المرء على ذكرها، لأنها لا يجب أن تصدر عن كُتاب محترمين. تخيلي أن صديقة لي طلبت من كاتب أن يساعدها لتجد تمويلا لترجمة روايتي "تاء الخجل"، ولأنه لا يعرف أنها صديقتي اقترح عليها إحدى رواياته... صدقيني صُدِمت!!!.
وهذا تكرر معي كثيرا، مع كُتاب قرأتهم بقلبي وروحي وأحببتهم جدا، فوجئت بحجم الأنانية التي يخبئونها في قلوبهم، وأنه من الصعب جدا أن يحبك ابن مهنتك تماما كما يقول المثل المصري "عدوّك ابن كارك"، بالمختصر ليس من مصلحة أي كاتب أن يرى كاتبا آخر يُترجم ولا يتحرك إن توفرت لديه القدرة ليعطل الأمر. هذا في الغالب ما يحدث. وأنا تأخرت لأكتشف هذه الحقيقة.
أسماء كثيرة استفادت من دعم الطبع في إطار تظاهرات ثقافية مختلفة مثل الجزائر عاصمة الثقافة وغيرها، في حين أعمالك لم تستفد من هذا الدعم الذي فُتح على مصراعيه وللجميع، لماذا برأيك؟
فضيلة الفاروق: للأسف لا أخطر على بال أحد في الجزائر، طلبت من أصدقاء كثيرين موزعين وناشرين أن يُدخِلوا فقط كتبي إلى الجزائر، ولكني من خلال لامبالاتهم وإهمالهم للموضوع فهمت أني لا أعنيهم، فلم أعد أطلب من أحد، حتى بالنسبة للترجمة، منشورات "الاختلاف" ساهمت في ترجمة "تاء الخجل" للفرنسية، لكني أنا من دفع للمترجمة، بالضبط حقوق الترجمة التي نلتها من الاختلاف تقارب ـ400 دولار، فيما أخذت المترجمة 2000 دولار مني... ولأني كنت خاسرة في الموضوع كله، فلن أكرره، ولن أبحث لا عن مترجم و لا عن ناشر و لا عن موزع لا في الجزائر و لا في بلد آخر. الكتابة باللغة العربية مجرد عقاب نبدأ المضي فيه بقضية إنسانية وننتهي منه بحسرة على ما فات.
فضيلة التي كانت حسب البعض حادة في تصريحاتها وتعليقاتها، أصبحت أكثر ليونة وأقل حدة، كما يبدو أنها تصالحت كثيرا مع البلد، خاصة بعد زيارتك في 2011 وزيارتك هذا العام، هل هذا صحيح؟
فضيلة الفاروق: لم أتغير أبدا، الظروف هي التي تغيرت، وأنا أصف ما أرى، كنت في قسنطينة في بداية الثمانينات، أظن أن قسنطينة أجمل مكان في العالم، وقد كانت كذلك فعلا، في أواخر الثمانينات بدأت رياح "المتأسلمين" تهب عليها فتحولت إلى "خرابة" في التسعينات كما في الجزائر كلها، انهارت الأخلاق إلى مستوى الحضيض، وتحوّل الناس إلى متدينين مشوهين يتسلون بمراقبة غيرهم وتدمير بعضهم بعضا. منذ سنتين لاحظت أن الجزائر بدأت تستعيد وعيها، خاصة الجيل الشاب ما تحت الثلاثين، أبهرني بمحاولته إعطاء وجه جميل للجزائر، وكما كنت أنتقد سلبياتنا بشراسة وحدة، فها أنا أصف الوجه الجميل للجزائر بنفس الصراحة.
تخيلي أني كنت أسعد مخلوق على الأرض حين جلست مع صديقات في مقهى بقسنطينة، ورأيت عائلات تتناول الغداء دون أن يزعجها أحد، حتى تحرشات الشبان في الشارع أصبحت أقل خدشا للحياء. كنا نسمع كلاما بذيئا جدا في الشارع، الآن قد نسمع ذلك، لكن نسمع أيضا غزلا جميلا يدل على أن الداخل الجزائري بدأت تلونه لمسات جمالية سرية.
أما عن حبي للجزائر فلم يتغير أبدا، ولكنه يزيد يوميا مع تقدمي في السن وحنيني خاصة لقريتي. ولعل هذا جانب آخر يجعلني أركز على مشاهد جميلة تسكن ذاكرتي وترفض أن تتشوه.
من جهة، قلتِ: "أنا لم أتصالح مع نفسي بعد"، ما الذي يلزم كي تتصالح فضيلة الفاروق مع نفسها وذاتها؟
فضيلة الفاروق: أكره أن أعطي صورة الشخص المثالي عن نفسي، أنا لا أختلف عن الناس، أصيب وأخطئ، وكذبت أحيانا لأجمل هذه الصورة وأجعل القارئ الجزائري يرضى علي، أو القارئ باللغة العربية عموما، ثم اكتشفت أني كذبت دون فائدة، وأني سجلت خطيئة من أجل كسب ثقة الآخرين، وهذا غلط، تتعب نفسيتي جدا حين أكذب كذبة صغيرة لتقديم وجه غير وجهي أو لتجميل الحقيقة لهذا غيرت طريقتي، فإما أن أجيب على السؤال المطروح علي بصدق كامل دون رتوشات، أو أصمت. وفيما يخص تصالحي مع نفسي فأنا لم أتصالح مع نفسي، ربما أتصالح معها أحيانا حين أكون مع ابني ومع المقربين مني والذين يحترمونني، لكن حين أصادف عقبات أمامي يصنعها المجتمع فقط لأني أنثى أصاب بالغضب من جسدي، فأنا لم أختره، والعدالة الربانية غير متوفرة في مجتمع يظن حتى النخاع أني أخرجته من الجنة وأني ضلع الرجل الأعوج وأني بنصف عقل وأني من أكثر أهل النار... هذا الفكر المريض يجعلني أسأل الله لماذا خلقت أنثى في مجتمع نذل وقليل الأخلاق ولا يشغل مخه كهذا؟؟؟ ولأني لم أستطع تغيير المجتمع، غادرت، بحثت عن مكان يكون فيه التمييز بين الأنثى والذكر أخف فاستقريت في لبنان. لكن أحيانا أجد نماذج بشرية غريبة تدخل صفحتي على فايسبوك مثلا وتترك لي رسالة من أسوأ ما يمكن أن يتخيله إنسان فينقلب مزاجي وأتذكر أن قلة الأخلاق والنذالة ستظل موجودة حولنا، وقدرتنا على تحملها ليست دوما بنسبة عالية. لكني أظن أن الإنسان لا يبلغ أبدا مرحلة التصالح الكامل مع نفسه، فحين يعتب على نفسه ولو مرة أو يغضب بشأن تصرف قام به ولم يرضه فهذا يعني أنه في تأرجح دائم بين الخصام والمصالحة.
أكثر الكاتبات يقلن أنهن متصالحات مع ذواتهن وأجسادهن، ما الذي أخر تصالحك مع ذاتك، وماذا عن علاقتك بالجسد، الجسد كمعطى أنثوي وكسياق مهم وملهم للمرأة الكاتبة على وجد الخصوص؟
فضيلة الفاروق: لا أدري كيف يتصالحن مع أنفسهن وهن يواصلن النضال من أجل العدالة والاحترام؟؟؟، المتصالح مع ذاته يكون مقتنعا بما هو عليه وراض، ولا يشعر بالظلم الذي يمارس عليه بسبب جنسه أو لونه أو هويته.
ثم المرأة لا تزال في مرحلة إقناع الرجل والمجتمع أن أنوثتها ليست عيبا، وأغلب كتاباتها حول الجسد الذي يشكل مشكلة كبيرة لهن، ليس فقط في الحياة العامة ولكن في حياتهن الخاصة، وكمقروءات، المرأة تُقرأ كجسد، ولا تُقرأ كنص. كم مرة سمعت عن أي كاتبة أصدرت كتابا أنها كتبت عن نفسها وأنها بطلة أعمالها. كم كاتبة بعد أن تنشر كتابها تبدأ بالدفاع عنه وكأنه وثيقة لإدانتها؟، نحن لا نعيش الكمال، ولا أدري إن كانت فكرتي وصلت، لكني أعيش في الوسط الأدبي وأعرف أن قلة من الكُتاب والكَاتبات متصالحون مع أنفسهم بنسبة مقبولة، أما الأغلبية فيمثلون...!، وللأسف أنا لست منهم. وما زلت مصرة أني لو كنت رجلا لحققت الكثير. لقد كانت الأنوثة عائقا كبيرا لي في مجتمعنا لأحصل ما أريد. لقد عجزت حتى عن فتح حساب بالبنك لإبني في لبنان لأن القانون يمنع ذلك وهذا شيء تافه أمام عقبات أخرى، فهل تظنين أن هذا يسعدني كأنثى؟
دافعت مؤخرا وحاولت تصحيح بعض الأحكام التي تصفك بالكاتبة التي تهاجم الرجل وتصنفك ككاتبة نسوية، برأيك هل على الكاتب أن يصحح بعض الأحكام التي قيلت ضده أو يبرر بعضها؟
فضيلة الفاروق: الكاتب باللغة العربية دوما في قفص الاتهام، هو يصدر كتابه ثم يبدأ بتفسيره وكأنه في حصة قراءة لتلاميذ في الصفوف الابتدائية، ثم بعد التفسير ينتقل للمحكمة ويبدأ بالدفاع عن نفسه وكأنه متهم أمام قضاة من نوع خاص، يفهمون في الدين والقانون وعلم الميتفيزيقيات.
أنا نسوية، لماذا ينزعج الجميع من ذلك خاصة النساء؟ أليست النسويات من غيرن أتعس القوانين التي تظلمنا؟ ألسن هن من أوصلننا للمدارس؟ وأسسن المجلات وكتبن كتبا لتوعيتنا. حتى هذا اللقب "نسويات" أطلق عليهن من طرف مجتمع ذكوري يفصل في حياته بين الجنسين ويمارس تمييزا عنصريا تجاه المرأة؟، علينا أن نتساءل من أين جاء المصطلح؟ ومن أطلقه؟ وما الهدف منه ليستعمل ضد المرأة ويُحوِّل كل مناضلة من أجل حقوق المرأة والمجتمع امرأة شريرة وفاسقة وتنادي بأشياء لا أخلاقية.
لقد صدمت حين قرأت مرة تصريح رئيسة حزب إسلامي جزائري على أن 8 مارس ذكرى لا يجب أن نحتفل بها لأن من قام بها نساء يطالبن بتعدد الأزواج..!، من أي كوكب نزلت هذه المخلوقة؟ وهل استفادت من التعليم المجاني الذي حظيت به في الجزائر أم لا تزال أمية؟، اليوم بكبسة صغيرة على الإنترنت ستعرف ما معنى 8 مارس. لكن للأسف دماغها مغسول ومبرمج على تخريفات لم تحدث، وأرى أن المرأة اليوم تُستَغلّ لتدمير المرأة، لأن مجتمعنا ينتمي لتلك المجتمعات التي لم تعرف طريقها للنهوض. وبدل أن تشق طريقها نحو محطة آمنة، تبقى في الحفرة نفسها، عالقة كحيوان مفترس وقع في فخ، وتتلوّى من الألم وتصرخ وتنزف حتى تموت.
صراحة أنا مللت من المرأة التي لا تكف عن البكاء والشكوى على أنها ضحية وترفض أن تفعل شيئا لتحسين وضعها وفوق ذلك تحاول دعم جلادها وتدمير من يريد لها الخلاص. وإن واصلنا في هذا السيناريو البائس فسنظل مجتمعا مكبلا إلى شريك معاق، لهذا لا يمكننا أن نذهب بعيدا. سنظل أضحوكة في عيون العالم، مثل فيلم الأخوة دالتون. لكن فيلمنا نحن طويل جدا، ومن شدة طوله أصبح مملا حدّ الموت.