• ماسياس كان يتنقل للتدريس في شلغوم العيد بـ"السطوب"
  • قال لي ماسياس "اليهود والعرب لا يلتقون إلا في الحمامات"
  • هربت متنكرا بعد مقتل ريمون خوفا من انتقام اليهود
author-picture

icon-writerحاورته بقسنطينة: آسيا شلابي

صحافية، ورئيسة القسم الثقافي بجريدة الشروق اليومي
لطالما كانت ولا تزال عائلة الفرڤاني في قسنطينة رمزا من رموز أصالة المدينة وعراقتها، ارتبط هذا الاسم بأكثر من مجال فني وتحول بعد عقود من الزمن إلى "ماركة مسجلة" .. المالوف و"المجبود "أي التطريز بخيوط الذهب والفضة والحرير، إضافة إلى "البنوتات" .. حاولت الشروق دخول قلعة "آل فرڤاني" والتعرف عن قرب على أسرار هذه العائلة التي نجحت في توريث فنها إلى الأبناء ثم الأحفاد ونجحت في تمرير المشعل بين الإناث والذكور دون تمييز .
الحاج محمد الطاهر الفرڤاني استقبلنا بكل تواضع وفتح قلبه للكثير من الأسئلة رغم تحفظه على الإجابة في أحيان كثيرة ومبرره تجنب إيذاء الغير وترك المهمة -  حسبه - للتاريخ الذي لا ولن يرحم أحدا .. فكان هذا الحوار من قلب مدينة الجسور الملعقة. 

نبدأ من أحدث تصريحاتك قبيل افتتاح تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية" ..قلت إن المالوف فن عربي خالص ولم يكن يوما فنا يهوديا؟ 
نعم هذه حقيقة تاريخية وأؤكدها مرة أخرى "المالوف فن عربي وليس يهوديا". هناك ثلاث مدارس كبرى هي قرطبة وإشبيلية وغرناطة، المالوف في تلمسان "غرناطي" وفي العاصمة يسمى "الصنعة" وفي قسنطينة وتونس "المالوف" أي المؤلف من الأندلس، وهناك من يقول بوجود أربع مدارس ولكن هذا خطا فادح.. لا وجود لأربع مدارس. إشبيلية تركت لنا الزجول "طروبادور" وهي كلمة إسبانية تعني بالعربية "الطرب يدور" حيث كان سكان الجبال في إشبيلية يجتمعون بعد الانتهاء من الحصاد ومن وجبة الغذاء ويغنون بالكف. 

إذا ما حقيقة أن الموسيقي اليهودي ريمون الذي علم أنريكو ماسياس هو من لقنك أصول وقواعد المالوف؟ 
  "قالوا العرب قالوا"  ...   لو تعلمت على يد ريمون لكان علي أن أتبع طريقته  .   ريمون كان يغني ابتهالات صلاتهم بالعبرية، وريمون تتلمذ على يد أستاذي سي حسونة بن علي خوجة المعروف جدا والذي كان يشرف وقتها على "الخمامسة" و"الصناع" عند بن شيكو. للأسف الزجول في قسنطينة بدأت في الاندثار. عائلة فرڤاني لا تزال تبذل جهودا لحمايتها من خلال تسجيل ابني سليم لثلاثين قرصا من الزجول وأنا بدوري سجلت 5 نوبات مع "لوندا" وعبد المؤمن رحمه الله سجل أيضا 5 أقراص من الموروث الشفوي. 

وكيف كانت علاقتك وقتها بأنريكو ماسياس؟ 
أنريكو ماسياس كنا نعرفه باسم "غاستو غيناسيا وكان معلما في شلغوم العيد "شاطودان" سابقا. التقيته مرة عندما كان يحاول توقيف سيارة في الطريق، كنت عائدا رفقة ابني سليم من العاصمة فتوقفت وأخذته معي إلى قسنطينة. وأذكر أنه قال لي يومها "اليهود والعرب لا يلتقيان إلا في الحمامات الساخنة حيث لا يمكن أن يتواجد الفرنسيون. في الحقيقة لم تجمعني به علاقة صداقة وقتها. 

وهل فعلا قرر اليهود قتلك انتقاما لمقتل ريمون؟ 
عندما قتل ريمون تنكرت في سروال جينز وقبعة  وتوجهت إلى عنابة ثم سوق أهراس ثم ڤالمة ثم سكيكدة وودعت عائلتي.. خشيت من انتقام اليهود وحتى عندما كنت أقصد فرنسا كنت أخاف على نفسي. 

 فرڤاني هي "ماركة مسجلة" في تطريز "المجبود" أيضا ..كيف بدأت قصة العائلة مع هذا الفن حتى أضحت "قندورة الفرڤاني" من أهم رموز المدينة؟ 
كان شقيقي الأكبر عبد الكريم   _رحمه الله- أول من أدخل هذا الطرز إلى قسنطينة وكان الوحيد من يتقنه. طرز المجبود ظهر في قسنطينة وتلمسان وسطيف لكنه لم يستمر في هذه الأخيرة. كنا نستعمل خيوط الفضة والخيوط الذهبية والحرير الخالص، وفي العادة كان يطرز على ستة خيوط ولكني كنت أطرز على 12 خيطا وانتهي قبل الجميع. هذا الفن حسب معلوماتي جاء به "هارون الرشيد وجعفر البرمكي" ووصلنا من بغداد وليس من تركيا كما هو شائع. حقيقة "المجبود" جاء من العراق ثم انتشر في سوريا ومختلف الدول العربية، والأصيل منه لا يزال موجودا في مكة المكرمة فقط لأنهم الوحيديون من يستعملوا الخيوط من الذهب الصافي. والهدف من استعمال الذهب هو تمكن الطرز من الصمود لسنوات وسنوات. كنا نطرز "البشماق والڤندورة ليلبسا مع "محزمة" مرصعة بلويز نابليون". 

كيف تحوّل المالوف في قسنطينة إلى فن عائلات بعينها، بعد أن اشتهرت عائلة "فرڤاني" بنسائها ورجالها على السواء في الساحة الفنية؟ 
هذا إرث من الوالد حمو الفرڤاني   -رحمه الله- الذي كان معروفا بالمديح الديني وطابع الحوزي ومنه تعلمت بعض المدائح. وفي العيساوة كانت عندنا الإجازة من سيدي محمد بن عيسى في فاس. 
وقبل غنائي للمالوف كنت أغني لفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب. ولذلك نجحت في وضع بصمتي على لون المالوف. لأنني جمعت الكثير من المقامات الموجودة في الطابع الشرقي وأدخلتها لطابع المالوف. وأذكر أنني كنت أغني مع ميسوم واحمد وهبي "الصلاة على النبي الحبيب" لري مالك من الأغواط. كما كنا نؤدي الأناشيد الوطنية ايام الثورة التحريرية،  وبسبب ذلك كنت مسجلا باللون الاحمر عند موريس بابون في قسنطينة. أدينا أيضا "أنا العربي ولد العربية" . كان بيتي محجا للمجاهدين كل منتصف ليل يصلون إليه عن طريق "جبل الوحش" وكلمة السر كانت "دربوكة وسنيطرة" أقدم لهم العشاء ثم يعلموني كيف أستعمل الأسلحة وأحرسهم وكانت والدتي رحمها الله تخشى علينا من بطش الاستعمار الفرنسي. 

هل غنى الشيخ محمد الطاهر فرڤاني خلال مسيرته الفنية الحافلة لرؤساء الجزائر أو لرؤساء دول عربية وأجنبية؟ 
غنيت للكثير من رؤساء الجزائر وعلى رأسهم الرئيس الراحل هواري بومدين وأيضا لمسعود زقار   -رحمه الله-الذي اعتبره خسارة كبيرة للجزائر. والرئيس بومدين كان متيما بأغنية صالح باي "قالوا العرب قالوا" وللرئيس بوتفليقة أيضا الذي تكوّنت بيننا علاقة صداقة منذ كان وزيرا للشباب واستمرت إلى يومنا هذا. 
غنيت في حضور الشريف مساعدية وأحمد دراية وأيضا العربي بلخير الذي كرمني في الدار البيضاء عندما كان سفيرا في المغرب ولازلت أحتفظ بالتكريم "زربية تقليدية وآلة الرباب لحد اليوم في منزلي". 
كما غنيت على شرف فيدال كاسترو في سيرتا وكان برفقة الرئيس بومدين، قدمت له كهدية أغنية من "الفلامينكو" أدهشته.  وأذكر عندما زرت روسيا وجلت بين موسكو وكييف وليننيغراد غنيت "باتروشكا" باللغة العربية "يا لائم كف الملام" ونالت الإعجاب والتقدير أيضا. الفنان برتبة سفير وله دور في السياسة أيضا وأنا بالنيابة عن جيلي أتمنى أن تلتفت الدولة إلينا، وتثمن ما قدمناه خلال عقود من الزمن، أنا سعيد لأني تركت تراثا غنيا في فن المالوف والكرة الآن في ملعب الجيل الجديد. 

تقصد جيل "الواي واي" والأغاني الهابطة والتافهة؟ 
أنا ذواق لكل الطبوع وخاصة الغناء القبائلي، تربينا بالمالوف ولازلت أعول كثيرا على هذا الفن وغيره من فنون الجزائر الأصيلة في تربية الشباب وإقناعهم بأن المال زائل والسمعة الفنية باقية والتاريخ لا يرحم. للاسف هؤلاء "الشباب" هناك من يستعملهم في إطار "البزنسة" ويتاجر ببرمجتهم في الحفلات والمهرجانات والتلفزيونات ليحصل المنظمون على الملايين مقابل فتات يحصلون هم عليه. ورغم أن المجتمع يرفض هذا اللون المبتذل إلا أننا نشاهدهم على التلفزيون فيما يحرم شيوخ الشعبي والحوزي والمالوف من الظهور.. أنا وعائلتي ناضلنا لأجل الكلمة النظيفة وسنبقى. 

لماذا لم تفكروا في تأسيس مدرسة لتدريس المالوف؟ 
أسست جمعية الفرڤانية في الثمانينيات، توفي رئيسها وتوقفت أنا عن التدريس بعد إجرائي لعمليات جراحية في فرنسا. أكيد يبقى الحلم الأكبر تأسيس مدرسة قائمة بذاتها. درست الكثير من الشباب لمدة ثماني سنوات وأصبحوا الآن معروفين ويحيون أعراس القسنطينيين. ولدي 50 قرصا مضغوطا في السوق يمكن للشباب الاستعانة بها في التعلم. 

ماذا يقول الطاهر فرڤاني في مدرسة عنابة للمالوف وفي فنانيها وعلى رأسهم حمدي بناني؟ 
إذا كنت تقصدين الديب العياشي فأنا معك في الطرح لأنه شيخ في المالوف العنابي ولكني لا أريد الحديث عن حمدي بناني. لأنني إذا تحدثت عنه وقلت كل شيء قد يدخل السجن وعليه التزام الصمت وأفضل أن أبقي على علاقة الصداقة وكما قلت لك مسبقا "التاريخ لا يرحم".

هل تقبل المجتمع القسنطيني المحافظ بسهولة دخول بنات فرڤاني "زهور وزلوخة " إلى الساحة الفنية؟ ولماذا لم تتوارث الأجيال "البنوتات"؟
عائلة فرڤاني عائلة فنية عريقة ومعروفة في قسنطينة وبالتالي لم تواجه شقيقتاي أي مشاكل. بدأت الحاجة  زهور مع الحاجة طاطا التي كانت مديرة منظمة أبناء الشهداء وقتها في قسنطينة. وأنا بدوري أديت معهما في الكثير من الحفلات. وكانت شقيقتي تعمل في المسرح وفي الأعراس. وكانت بنوتة "الكفيفة" هي الرائدة ومنها تعلمت فن "البنوتة" كما كانت شقيقتي تغني المالوف أيضا.
للأسف الآن لا توجد بنوتات عدا فلة فرڤاني ابنة شقيقي عبد الكريم   -رحمه الله- . 
الحاجة زهور أسست البنوتة في  الخمسينيات وأحيت حفلا للرئيس هواري بومدين على ما أذكر كان ذلك في الثامن مارس. 
وكانت زلوخة توأمي أيضا ضمن "البنوتات" وزين الدين بوشعالة ابنها هو من يؤدي العيساوة الآن  أو "الخوان". 
أنا لم أجبر أبنائي ولا أحفادي على دخول مجال الفن وإنما هي موهبة منذ الطفولة صقلت لأنها ولدت في بيئة فنية محضة.

هل حظيت بالتكريم الذي يليق بمسيرتك الفنية الحافلة بالإبداعات والإنجازات؟
وعدت الوزيرة نادية لعبيدي بتكريمي في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية وفي الحقيقة أتوقع منها الكثير وأعول عليها في النهوض بقطاع الثقافة، تختلف كثيرا عن الوزيرة السابقة خليدة تومي في درجة وعيها بالمسؤولية. تومي همشتنا في قسنطينة لمدة 12 سنة وقامت بتأسيس أوركسترا بجلب موسيقيين من مختلف المدارس. وعطلت بذلك شيوخ وشباب مختلف الطبوع الأصيلة على المضي قدما.

كيف هي علاقتك بشيوخ المالوف وبرفقاء دربك من الفنانين الجزائريين وأيضا التوانس؟
علاقاتنا مع التوانسة كانت وطيدة جدا وأذكر أنني توجهت مع الرئيس الراحل هواري بومدين في موكب إلى غاية القيروان أحيينا حفلا كبيرا في قرطاج بحضور الرئيس التونسي الراحل بورقيبة وكان معي في الوفد الفني كل من نورة وڤروابي ومحمد العماري وابني سليم. 
بورقيبة خاطب نورة يومها طالبا أن تغني له "يا ربي سيدي واش درت أنا لوليدي" فبدأ بالبكاء مما أغضب زوجته وسيلة. 
علاقتي مستمرة مع الكثيرين، فمحمد العماري صديق مقرب كثيرا وحضر تكريمي مع بلقادري   -رحمه الله- الذي كان مديرا لمستشفى قسنطينة وأذكر أنه قبل وفاته وعندما كنت بالمستشفى طلب مني أن أغني له "هم يحسدوني على موتي فيا حزني فحتى على موتي لا أخلو من الحسد". كان بلقادري مسؤولا نظيفا بمعنى الكلمة. 

 هل مازالت العائلات القسنطينية وفية لفن المالوف بعد دخول "الدجي" وأغاني الراي على الخط؟
العائلات التي تستخدم "الدي جي" في أعراسها هي عائلات لا تعرف قيمة المالوف في قسنطينة ثم تلك الأغاني الصاخبة تزعج أما المالوف ففيه هدوء كما يعلم الأذن على السماع. أنا شخصيا لا يمكنني المكوث أكثر من ربع ساعة في أفراح الأقارب والأصدقاء. هناك نوبة تبكيني ولا أغنيها الا في الظلام على ضوء الشموع و"شمس العشية" مثلا ممنوع أن تغني في الصباح والعكس صحيح. أما الآن فهناك من يغني نوبات الصباح في المساء دون حرج.

لماذا لم تغادر وعائلتك أرض الوطن خلال العشرية السوداء بعد أن استهدف الفنانون في مختلف الولايات؟
أنا لا يمكن أن أعيش بعيدا عن بلدي.. في تلك المرحلة سلمت أمري لله وكنت راضيا بما كان سيقدر لي. مرحلة عصيبة مرت بها الجزائر والحمد لله انقضت. ودول عربية كثيرة للأسف تعيش أوضاعا أمنية غير مستقرة نتمنى أن تخرج قريبا من محنها.

ماهي أهم المحطات التي لازلت تذكرها ولازالت تشكل الاستثناء في مشوارك الفني؟
الكثير من المحطات وأهمها زيارتي لطشكند ثم زيارتي  لقبر الإمام البخاري في سمرقند. كذلك لقائي بموسيقيين مصريين جاؤوا عندما كان عبد الرحيم واليا مع أوركسترا القاهرة التي كانت تتكون من النساء فقط. وعندما كن تتدربن بإشراف تركي شاركت معهن بالكمنجة. توجهت بعدها في رحلة مع العائلة إلى المعهد الموسيقي الذي درس فيه عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش. وحضرت محاضرة كان يتحدث فيها المحاضر عن أم كلتوم التي كانت تجوّد القرآن ثم توجهت للفن ..هذه بعض أهم الذكريات.

هل تفكر العائلة في إنجاز فيلم سينمائي طويل يتناول دورها فنيا وثقافيا واجتماعيا في قسنطينة؟
أنا لا يهمني كثيرا إنجاز فيلم عن حياتي ولكني سمعت أنهم سيصورون فيلم عن قصة "البوغي" وفعلا هي قصة تستحق ذلك ولكن وفق حقائق تاريخية من دون تزييف وخاصة نقطة الأربعة أشخاص الذين ماتوا "نجمة والخادمة وبن جاب الله وصديقه" وتفاصيل القصة الحقيقية أخذتها عن شيوخ المدينة. لأنني لاحظت أن الرواية التي ألفت عن القصة ناقصة جدا. 

وماذا عن مذكرات الحاج محمد الطاهر فرڤاني؟
سيصدر كتاب عن حياتي  في غضون شهر من الآن وتحدثت فيه عن حياتي وعن شيوخ المالوف على مر السنوات كتبه هشام دربال وينشره نفس الناشر الذي نتعامل معه في الالبومات. كما صدر أيضا آخر ألبوماتي "الطالب".

هل أنت مع عصرنة فن المالوف للوصول به إلى العالمية؟
أنا ضد مزج المالوف مع أي نوع موسيقي آخر في إطار العصرنة، كما فعلت خليدة تومي بمشروع مزج "الجاز والمالوف" وأذكر أنني كنت جالسا إلى جنب الرئيس بوتفليقة في المسرح الجهوي وكان ابني سليم يغني المالوف وغنى رفقته شباب الجاز فأبدى استياءه من التجربة. من يريد الوصول إلى العالمية عليه الوصول بهوية الفن الأصيل.

بعد نصف قرن من الغناء.. ماذا تضيف إليك ولجيلك "بطاقة الفنان" التي تسلمتها مؤخرا؟
كنت كلما سنحت لي الفرصة والتقيت بالرئيس بوتفليقة أحدثه عن القانون الأساسي للفنان، الحمد لله سيرى هذا المشروع النور أخيرا ومبدئيا تحصل الفنانون على بطاقة الفنان. كنت أول من تسلمها. بطاقة الفنان مهمة جدا للشباب لأنها ستساعدهم اجتماعيا في المستقبل. 

ما حقيقة وخلفية صراع "الباديسية" و"الفرڤانية" في قسنطينة؟
الله يرحمه كان رئيسا لجمعية "الباديسية" التي أسستها لأن ابن باديس شيخنا وإمامنا جميعا. ولأنني رفضت أن اتبع منهجه في التسيير اختلفنا  .  
فطلب عريضة وأمضوا فيها لسحب الاسم من الجمعية فغيرت الاسم الى "فرڤانية". كان والدي رفيق الإمام في الجامع الأخضر وكان يصعد إلى الصومعة ويؤذن حنفيا. 
ساءني التمثال لأن الشيخ ابن باديس لا يحب الأصنام أصلا وكنت متأكدا أن التمثال لن يبقى مطولا. سألت وقيل لي إنه هدية. 

اسمي الحقيقي "محمد الطاهر رقاني"
كشف الفنان محمد الطاهر فرڤاني عن بطاقة الهوية قائلا للشروق "فرڤاني هو لقب الشهرة فقط ولقب العائلة على الوثائق هو رقاني، وحسب شجرة النسب فإن العائلة تنتمي إلى سيدي رقان وعمرها أربعة قرون، قدمت من الحجاز.

تحلم بتأسيس مدرسة وليست ضد إخراج هذا الفن من العائلة
فلة فرڤاني ..الوريثة الأخيرة "لبنوتات" زهور وزلوخة
ترفض الفنانة فلة ابنة الشقيق الأكبر للحاج محمد الطاهر أن يظل موروث "البنوتات" حكرا على العائلة فقط، وتطالب السلطات المحلية في مدينة قسنطينة أن تنقذ هذا الفن وغيره من الاندثار، بعد أن وجدت نفسها الوحيدة والوريثة الأخيرة بعد وفاة عمتيها زهور وزلوخة فرڤاني ..فتحت أبواب بيتها بمدينة الخروب للشروق فكانت هذه الدردشة.

هل واجهت نساء عائلة الفرڤاني مشاكل مع المجتمع القسنطيني المحافظ بدخولهن عالم الفن؟ 
بدأت وعمري 13 سنة توقفت بعد الزواج، ثم رجعت إلى الوسط الفني بعد أن كبر أبنائي، أخذت هذا الفن من عمتي زهور فرڤاني  -رحمها الله- 
وباعتبار العائلة فنية نساء ورجالا لم نواجه أي مشكل مع المجتمع القسنطيني الذي يعرف العائلة حق المعرفة، كنت الوحيدة التي تغني المالوف وبعد وفاة عمتي زلوخة  -رحمها الله- أخذت مشعل البنوتات خوفا على الجوق من الانقراض، رغم أني كنت المرأة الوحيدة إلا أن الزميل الرجل كان منافسا شرسا وكانت العراقيل موجودة، خاصة على مستوى المؤسسات الثقافية أي فيما يتعلق بالبرمجة في الحفلات والمهرجانات. 

ما المقصود بالضبط بـ"البنوتات" أو كما تسمى "المسامعية" في الوسط؟ وهل حافظ هذا الموروث على بقائه؟ 
البنوتات تأسست في الثلاثينات، وبدأت بنت العيساني قبل عماتي ثم أخذنا المشعل جيلا بعد جيل، ولا توجد أي شروط تعجيزية للانضمام إلى الفرقة، هدفي تأسيس مدرسة، وأريد فعلا أن أعلم الفتيات والنساء ولم لا تخرج البنوتات من عائلة فرڤاني لأن المالوف ملك لكل قسنطينة وليست حكرا علينا فقط، المهم بالنسبة لي هو المحافظة على هذا الموروث الشفوي. 

 إضافة إلى المالوف ..أنت ابنة أول من طرز"المجبود" في قسنطينة والذي سميت عليه "ڤندورة الفرقاني" 
والدي عبد الكريم فرڤاني هو من كان يعلم المجبود في قسنطينة، وعلم شقيقه محمد الطاهر ومعمر وكمال ابن عمي زهور، وكان المحل في السوق، ثم جاء محمد عزي بعد ذلك، ولكن سبب تسمية ڤندورة فرڤاني لأنه الأول من تعلم وعلم هذه الصنعة في مدينة قسنطينة. 
للأسف توقفت العائلة عن مزاولة هذه المهنة في التسعينات ظل شقيقي عبد الرحيم يدرس هذا الفن في معهد التكوين المهني إلى أن تقاعد منذ سنة، المجبود فن تركي بدأ بالأسرجة، كنا في"رحبة الصوف" وكان والدي يعلم في "البرادعيين" قرب "الجزائرين" قبل تنقله إلى السوق وتهدم المحل ولكنه توفي قبل أن يحصل على محل كتعويض.

ماذا تغير بين"ڤندورة الأمس" و"ڤندورة اليوم"؟
المجبود ليس حكرا على العائلات الثرية كل العائلات في قسنطينة وفي الشرق الجزائري بشكل عام يقبلون عليه، كنا نشتغل بخيوط الذهب الحقيقي والحرير الخالص والتل والشامسة، ولكن للأسف الآن توقفنا عن النشاط، هذا التطريز هو فن ولكنه متعب جدا ويحتاج إلى تركيز وحب وتفاني.

بصراحة ماهو المبلغ الذي تشترطونه على العائلات لإحياء أفراحهم وأعراسهم؟
أحيي أعراس القسنطينيين وأيضا خارج المدينة الآن "اللي جي" يزاحم فن "البنوتات" محاجز الآلة بالطار والدربوكة والعود والكمنجة الآن لم تعد موجودة والصوت"المسامع". 
 أريد قبل أن توافيني المنية أن أعطي المشعل لفتيات أخريات حتى لا ينقرض هذا الفن، لازلت أسعى وراء حلم تأسيس مدرسة.

ميلاد فنان جديد في‮ ‬العائلة‮ ..‬الحفيد‮ ‬يصدر أول ألبوم
"سأخرج من عباءة جدي.. سأكون محمد عدلان فرڤاني"
محمد عدلان فرڤاني هو رقم جديد في معادلة "آل فرڤاني" صعبة الحل.. العائلة القسنطينية التي تتنفس المالوف أبا وحفيدا عن جد
عمره لم يتجاوز الـ22 ربيعا ولكنه نجح في إقناع الحاج محمد الطاهر فرڤاني عزفا وأداء لأشهر روائع المالوف، وكيف لا وهو من أصبح هذا الطابع يسري مجرى الدم في عروقه منذ سن الثامنة، فظل يحفظ القصائد والنوبات ويمرن صوته ويصقل موهبته إلى أن أعطاه الجد الضوء الأخضر لولوج عالم الفن، وعليه أعلن ميلاد "فرڤاني" جديد سيضاف إلى عائلة عريقة ومعروفة توارثت هذا التراث وحافظت عليه جيلا بعد جيل، وكسبت رهان تسليم المشعل من فترة إلى أخرى على ألا يخرج"الكنز" من العائلة. 
أصدر محمد عدلان فرڤاني أول ألبوم شاركه في العزف والده وجده، ولكنه أكد في لقاء مع الشروق على أنه سيخرج من عباءة الجد، وسيوقع بصمته على ما يؤديه بل وبلغة المتحدي قال"سأنافس جدي ..الغيرة المهنية حق مشروع حتى من أقرب المقربين.. سأكون عدلان فرڤاني".