السبت، يناير 13

دور بيوت الدعارة في السياسة العربية




http://www.middle-east-online.com/?id=87778

سوق المتعة: فن مسخ الطبيعة البشرية
 
فيلم وحيد حامد يسلط الضوء على تلذذ الضحية بالاضطهاد والتلوث العاطفي والظلم.
 
ميدل ايست أونلاين
بقلم: محمد جبار الربيعي
متعة تنحدر الى مرض قاتل
هل يمكن للانسان ان يحب جلاديه ويتوسل اليهم ليعملوا على انتهاك كرامته واذلاله ويستمتع بذلك؟ وان حصل، فما هي الظروف التي دفعته الى النيل من انسانيته؟ هذا ما يطرحه الكاتب الكبير وحيد حامد الذي اقترن اسمه بالاعمال المهمة في السينما المصرية والتي يصعب على المشاهد نسيانها.
الافكار التي تتناولها افلامه تسيطرعلى المشاهد حتى بعد انتهاء العرض وتستفز عقله للتفكير مليا بما شاهده واسقاطه على واقعه وحياته وربما وجد نفسه في احد ابطال افلامه لانه يكتب من الواقع واليه، وبجرأة وذكاء مميزين.
كتب وحيد حامد قائمة طويلة من الافلام التي لها بصمة واضحة على خريطة الابداع السينمائي منها "طائر الليل الحزين"، "البريء"، "الراقصة والسياسي"، "معالي الوزير"، الارهاب والكباب"، "المنسي"، "اللعب مع الكبار"، "ذيل السمكة"، "كشف المستور"، "طيور الظلام"، "النوم في العسل"، "اضحك الصورة تطلع حلوة"، "محامي خلع"، "دم الغزال" وقائمة كبيرة من الافلام التي تنوعت بين الكوميديا وخفة الظل وبين الجاد المبكي وفي بعض الاحيان خلط النوعين في فلم واحد بخلطة جميلة هادفة تضرب السياسات والانظمة والفساد في مقتل.
اما المخرج سمير سيف فهو الآخر لديه سجل حافل بأهم الافلام منها "ذيل السمكة"، معالي الوزير"، "عش الغراب"، "الزمن والكلاب"، "شمس الزناتي"، "الراقصة والسياسي"، "النمر والانثى"، الهلفوت"، آخر الرجال المحترمين"، "غريب في بيتي"، الغول"، "ابليس في المدينة" وغيرها من الافلام.
سوق المتعة
محور قصة الفيلم هو شخصية احمد (محمود عبد العزيز) الانسان البسيط الذي يعمل في مطبعة يقرر السفر لكسب العيش وفي طريق سفره يحصل ما يغير حياته ويقلبها راساً على عقب. فقد تحول كيس الفستق الذي في حقيبته الى كيس هيروين، وبسبب ذلك يخسر عشرين سنة من عمره في السجن دون ان يعلم كيف تحول كيس الفستق الى مخدرات وبعد ان يقضي مدة محكوميته بسيرة محمودة جدا في السجن ويخرج ليعيش ما تبقى من حياته يفاجأ بشخص (فاروق الفيشاوي) يزوره ويخبره انه مبعوث من عصابة تتاجر بالمخدرات وبانه دخل السجن بسبب استبدالهم لكيس الفستق بالمخدرات وانه كان جزءاً من خطة وضعتها العصابة لإلهاء المفتشين لتمرير كمية كبيرة من بضاعتهم ولكن على حساب صاحبنا الذي يزج به في السجن بسبب ذلك وانهم اعتبروه شريكاً في تلك الصفقة وادخلوا حصته في اعمالهم فربحت وانه يملك اكثر من سبعة ملايين جنيه من جراء ذلك.
ويقول له انهم مستعدون لكل التسهيلات والمساعدات لكن عليه بالمقابل الا يسأل عن شيء وان هو فعل، فسيخسر حياته. ويخبره هذا الشخص بانه يُرى مرة واحدة فقط في الحياة اما اذا رآه مرة اُخرى فهذا معناه انه اتى ليقتله.
يفرح احمد بالمبلغ ولا يناقش الرجل كثيرا عن جريمتهم التي كلفته سنين عمره فقد علمه السجن ان يكون مطواعا كالعجينة لا يناقش في امر ما. ترسل له العصابة مساعدين لحين تأقلمه على وضعه الجديد وهم يقومون بخدمته بحفاوة كبيرة لم يعتد عليها فقد تعود هو على خدمة الاخرين والنزول الى رغباتهم ونزقهم.
والغريب انه يجد صعوبة في التأقلم مع وضعه الجديد ولا يحب الرفاهية التي وجد نفسه فيها فيجافيه النوم في سرير نومه الوفير في الفندق الفاخر ويفضل عليه النوم في دورة المياه بسعادة مدهشة.
ويكره الاماكن المفتوحة والواسعة مفضلا عليها الاماكن الضيقة والنتنة وقليلة الاوكسجين وغيرها من التصرفات الغريبة التي تؤكد بانه يحن الى ايام السجن فنراه يهش ويبش عندما يأمره ضابط مركز الشرطة بتنظيف دورة المياه ويسرع بسعادة لتنفيذ الامر وطلب المعدات اللازمة ليؤدي عمله على اتم وجه.
ثم لا يكتفي بذلك بل انه يعمل على شراء مكان معزول كعزلة السجن ويتوسل بالضابط المسؤول عنهم في السجن بعد تقاعده، والذي كان شديد الاعجاب به وبعنجهيته وقساوته، ويدفع له راتباً مغريا ليؤدي دور مدير السجن.
ثم يجمع زملاءه في السجن ليعيشوا سجنهم (القطاع الخاص) ويحرص حتى على ان يجلب سجيناً (سامي سرحان) كان يذل السجناء ويجبرهم على الرضوخ لرغباته الشاذة والسادية وكان يستمتع بتقريعه وبضربه واذلاله! فقد اعتاد على وضع ألفه طوال عشرين سنة استطاع بمطواعيته التي يحبه لا ان يرضى به فقط ولم يكن مستعداً لتغيير اولوياته وما اعتاد عليه فقد احب احمد سجنه وسجانيه ومضطهديه ولم تنفعه كل الاموال التي يملكها في الخروج من تلك الحالة.
ماسوشية من نوع خاص
الى هنا نعرف ان صاحبنا يعاني من مرض حب الاضطهاد وحب ايلام النفس واذلالها وهي شخصية مركبة استطاع الكاتب خلقها ببراعة كبيرة وفطنة عرف بهما، وربما هي شخصية مستترة في مجتمعاتنا وشعوبنا فقد علَّمت الانظمة الحاكمة في البلاد العربية شعوبها على الخضوع والاذلال بالخوف والقهر تارة وباستخدام الاموال والاغراءات المادية تارة اُخرى على رأي المثل "جوع كلبك يتبعك"، فيذعنون الى درجة الرضا والتسليم وربما بالحب.
وهو يذكرني ببطل الرواية الرائعة "1984" للروائي جورج اورويل عندما يصرح بطل الرواية وبعد سلسلة من التعذيب باساليب متنوعة وممارسة الاستلاب لشخصيته بانه يحب الاخ الاكبر وهو يقول ذلك بكل صدق والاخ الاكبر هو رمز السلطة العليا في الرواية وايضا كان من اشرف على تعذيبه بذاته او بسطوته وسلطته.
حتى العصابة بمحاولتها اغراءه بالمال لكي يرضى عنها ولا يسأل او يفكر بالسؤال عن القضية برمتها مارست عليه نفس الاسلوب فاستخدمت الاغراء تارة والتخويف تارة اُخرى.
الغريب انه ايضا حاول استلاب حرية بائعة الهوى التي تعرف بها عن طريق الانترنت (الهام شاهين) باغرائها بالمال وبالزواج منها للرضا بوضعه والعيش معه في سجنه الاختياري لكنها رغم حاجتها المادية وانتهاكها لشرفها للحصول على المال رفضت كل الاغراءات وفضلت حريتها على كل ذلك.
لم يغفل الكاتب الاستفادة القصوى من بائعة الهوى في الارتقاء بموضوعه والتركيز على الفكرة الاساسية بطلب احمد منها طلبات غريبة بتقليد اوضاع جلوس او ما شابه ذلك، كانت قد انطبعت في ذهنه من جراء اعتياده على مشاهدة الصور للفتيات شبه العاريات في السجن، فهو يستمتع بتلك الاوضاع المطابقة للصور اكثر من اي شيء آخر وهذا للدلالة على سطوة السجن على كل تفكيرة وغرائزه وحاجاته.
ثم مع تطور احداث الفيلم ورفض بائعة الهوى الزواج منه بسبب حالته النفسية تلك واحساسه بغرابة وضعه وبشذوذ رغباته يقرر الوصول الى رئيس العصابة وهو يعلم ان ذلك سيكلفه حياته وبعد الحاح منه يتم له ذلك ليلتقي برئيس العصابة (حمدي احمد) الذي قرر تصفيته بعد مقابلته ليسأله: لماذا مسختني وحولتني من انسان الى عبد لا يرضى بالحرية ولا يحبها؟ ليجيبه بانه كان على احدهم ان يكون الضحية وقدره وضعه في طريقهم فاختاروه وهكذا بكل ببساطة صادروا انسانيته.
ثم ينتهي الفيلم في مباغتة احمد لرئيس العصابة ولف سلك الهاتف على رقبته والقفز من النافذه مع استمراره بالتشبث بالسلك ليخنقه حتى الموت. ويقتل هو برميه بالرصاص من قبل عناصر حماية رئيس العصابة في حدث لم يكن مقنعاً وكان على الكاتب استخدام نهاية اكثر حبكة.
تألق محمود عبد العزيز كعادته في الادوار الصعبة والمركبة التي عودنا عليها، فهو يتالق في هكذا ادوار بشكل مدهش واستحق عن جدارة جائزة أحسن ممثل عن دوره في هذا الفيلم من مهرجان القاهرة الدولي.
واداؤه هذا يذكرنا بتالقه في اداوره الرائعة في افلام "الكيت كات"، جري الوحوش"، "العار"، "البريء"، "السادة الرجال" وغيرها من الادوار المميزة
الفيلم صعقة كهربائية لكل الشعوب العربية لرفض القهر والاستلاب والانتفاض على جلاديهم وينبههم الى ذلك المرض الخطير الذي يجرهم الى الهاوية ولكي لا تتحول بلادهم الى سجن كبير يتفرج عليهم جلادوهم من خلال القضبان.
محمد جبار الربيعي




http://www.odabasham.net/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9/33175-%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D8%B5%D9%84%D9%83%D9%85

كشف المستور
(بانوا على أصلكم)
عاد نعمان
تمهيد..
 لا بد للفن أن يحمل رسائل، وأن على الفنان تبني رسائل يمررها من خلال إنتاجه الفني لإيصالها إلى أكبر شريحة في المجتمع، ولكن الصدمة والغير متوقع تورط واشتراك بعض الفنانين في عمليات مع أجهزة استخبارات أمنية لدول مختلفة، قلة من يقومون بذلك بإرادتهم وكثيرين مجبرين عليها، والأكيد أن السياسة لم تعتق مجالًا إلا واقتحمته، فكان من الضروري فهمها والغوص فيها بالنسبة للمتورطين. وفي فترة ابتعاد بعض الفنانين عن أضواء الفن في غير سبب أخذ الراحة، يظهر على السطح تخمينان أحدهما ضغوط سلطة الدولة عليه بالاتجاه للعمل معها والآخر هو استعداده للشروع بكتابة مذكراته مع الفن والسياسية، مثلما فعلت سعاد حسني حين كتبت مذكراتها التي في طريقها لأن تنشر كاملة بعد استقرار الأوضاع في مصر، كما كان وسبق نشر جزء منها في صحف ومواقع عربية وأجنبية، وكتاب اعتماد خورشيد بنسخه العديدة وطبعاته المختلفة، استعرضت من خلاله فضائح النظام المصري مع الفنانين وانحرافات الاستخبارات في عهد الضابط صلاح نصر، وكتاب إيهاب نافع الذي يذكر فيه كيفية تعامل الاستخبارات معه.
الفن والسياسة..
 العلاقات بين المشاهير سواء كانوا نجوم سياسة أو مال أو فن.. ليست كغيرها، علاقات يغلفها الكتمان والأسرار، خفية عن عيون الفضوليين بستائر كثيفة، ونادرًا ما تخرج إلى النور لتنشر بالصوت والصورة لتلامس شغف الناس، مع تكرار التهديد بعدم الالتزام بالصمت، وفي خروجها إنصاف للضعف واسترداد للقيمة الإنسانية. وتبقى تلك العلاقات كأنها سر من أسرار الدولة العليا نزولًا عند نزوات صانعي القرارات. إن العلاقات بين الفن والسياسة ليست حديثة الولادة، فالساسة يحتاجون دائماً إلى من يسهل لهم الوصول إلى عقول الناس لقراءة أفكارهم، ويكون قناة تمرر من خلالها سياساتهم، كما أن الفنان يحتاج إلى من يسانده، ويوفر له الأرضية الصلبة التي يستطيع عن طريقها الانطلاق إلى عالم الأضواء والشهرة، ولكن الأمر المؤسف أن نهاية تلك العلاقات غالباً ما تكون مأسوية، وتنتهي بالقضاء على حياة الفنان وقتله في معظم الأحيان، خصوصاً عندما تقتضي المصلحة السياسية ذلك، أما الحالات التي يكون فيها السياسي هو الضحية نادرة الحدوث، فيصير التخلص من السياسي حاجة ضرورية بل ملحة، عندما يكون مصير الدولة على المحك. هذه العلاقات توصف بالحب من باب التأدب مع القادة والشخصيات العامة الكبيرة.
كشف المستور..
 بعد أن التقت زميلاتها في العمل السابق وأخذت منهن ما تحتاج من معلومات لتساعدها فيما تسعى إليه، وقابلت المدير السابق للمؤسسة التي كانت تعمل فيها كعضو نشط بعد أن بحثت عنه بإصرار طويلًا، فاجأت زوجها الطبيب المشهور ورجل الأعمال المعروف بقرار الانفصال عنه وطلبها الطلاق السريع بعد حياة مستقرة وسعيدة معه، لتتفرغ تمامًا لمواجهة ضغوطات رئيس المخابرات السرية والمدير الجديد للمؤسسة المتخصصة في البحث والتحري(جهاز مخابرات)، التي عملت فيها مع كثير من الفتيات على اصطياد بعض الشخصيات السياسية المهمة والتوجه بهم إلى غرق النوم من أجل الحصول على معلومات هامة تتعلق بسلطة الدولة.
 بعد سنوات عاد يتصل بها ويستدعيها ليطلب منها القيام بمهمة مخابراتية    جديدة، ولمرة واحدة فقط مع أحد الدبلوماسيين العرب الذي عرفته على الفراش منذ أكثر من 20 عامًا وصار سفيرًا لبلاده في القاهرة وصهرًا لرئيس هذه الدولة، من أجل الحصول على معلومات جديدة تساعد جهاز الاستخبارات.
 رفضت السيدة سلوى شاهين هذه المهمة، على الرغم من تأكيد المدير الجديد من أنها المهمة الأخيرة لها ومن بعدها تصير حرة ويمكنها أن تمارس حياتها الطبيعية، وإلا فأنه سيسلم أشرطة الفيديو والصور عن نشاطها السابق والتي تظهر فيها بشكل فاضح لزوجها وطلابه وأصدقائه، رغم تأكيد المدير السابق من إحراقها جميعها تمامًا واقتناع سلوى حينها بأن المؤسسة ليس بحوزتها نسخ منها.
 كان على سلوى أن تتخلى عن حياتها كسيدة مجتمع فاضلة بعد أن اعتزلت الدعارة، وتعود لتسديد دين قديم مع الماضي، تاريخ مضى عليه سنوات طويلة، لتغلق صفحة سوداء تذكرها بعملها كمومس مندسة، ضغط المدير الجديد للمؤسسة كثيرًا وحاول التحكم بحياتها، لم تستطع سلوى أن ترفض منذ البداية لأن التهديدات كانت تحاصرها ولكنها بذكاء تملصت مرات عديدة، فمن يجرب الشرف مرة يصعب عليه أن يتخلى عنه، لأنه لا يأتي سوى مرة واحدة، كانت تجد سلوى فيما تعيشه من استقرار أنه فرصتها الأخيرة بحياة شريفة.
 يتعرض فيلم(كشف المستور) عام 94م للمؤلف/ وحيد حامد والمخرج/ عاطف الطيب والذي قام ببطولته كلًا من نبيلة عبيد(السيدة سلوى شاهين) وفاروق الفيشاوي(المدير الجديد) ويوسف شعبان(المدير السابق) وعدد من نجوم التمثيل لعصر مراكز القوى في حقبة الستينات في مصر،وملفات عناصر المخابرات السابقة، ودور المرأة كأنثى وخاصة فيما يتعلق باستخدامها كطعم من أجل الحصول على المعلومات السرية من السياسيين.
 في المشهد الأخير من الفيلم، تموت السيدة سلوى بإطلاق نار كثيف عليها من قبل مجهولين وهي تغادر سيارتها لتعود إلى بيتها، لقد أعطى المدير الجديد الضوء الأخضر لرجاله بأن يقتلوها بعد مغادرتها للمؤسسة في المرة الأخيرة وإعلانها الرفض التام للقيام بالمهمة الأخيرة، بل أنها قابلته بتهديد مردود، اعتقدت سلوى بأنها تخلصت بخطوتها الأخيرة من ذلك البعبع الذي يهدد حياتها وأقلقلها طويلًا ولكنها كانت خطوتها الأخيرة إلى الموت قتلًا على أيدي مأجورين، لعل أجمل لحظة عاشتها السيدة سلوى قبل موتها هي قيادتها لسيارتها يرافقها صوت العندليب حليم من المسجلة وهو يغني(افرح وأملئ الدنيا أغاني.. لا أنا ولا أنت.. هنعشق ثاني.. أول مرة.. أول مرة..). عرف كل من شاهد ذلك الفيلم حكاية قتل السيدة سلوى شاهين.
كتابة مذكرات..
 تمثيلًا.. دفعت سلوى شاهين(نبيلة عبيد) حياتها ثمنًا لأن تعيش بشكل طبيعي كأي امرأة عادية، وحقيقة.. دفعت سعاد حسني(سندريلا الشاشة العربية) حياتها ثمنًا لأن تعيش المتبقي من عمرها ومواصلة الفاضل من مشوارها الفني الذي أمتعت الكثيرين به، اختلفت آليتي قتلهما ولكنهما تشابهتا بقاتلهما والسبب الذي من أجله قتلتا ومن كان يقف خلف قتلهما. حقائق كثيرة في الطريق لأن تـُكشف في القريب العاجل.
 جاء في مذكرات السندريلا التي هددت قبل وفاتها، إذا ما كتابتها أو سجلتها في حلقات لإحدى القنوات التليفزيونية العربية، أنها طلبت من صفوت الشريف أن يتوقف عن ابتزازها والضغط عليها، لأنها ستتزوج من عبد الحليم حافظ(العندليب)، ولكنه رفض وهددها وحاول طويلًا إقناعها بأن مستقبلها مع السلطة، السندريلا التي كانت قد تزوجت بالقول(زوجتك نفسي) من العندليب سرا بعد علاقة غرامية طولية في ظل الكتمان واجهت العواصف، انتهت حياتها بدراما سقوطها في قبضة الشريف.
 تعود بداية القصة إلى أول لقاء جمع بين السندريلا والشريف في مكتب الأخير عام 64م، حيث طلب منها العمل معه لـِ(الصالح العام) وعندما فسر لها ما يقصد كان ردها أن صفعته بالقلم، وبعد أن هددها مرارًا بهدم حياتها الفنية انهارت وقررت العمل معه.
 (الشريف) - أمين عام الحزب الوطني ورئيس مجلس الشورى المصري السابق دعا العندليب وجعله يشاهد فيلم إباحي للسندريلا، انهار على فوره، وفي طريق عودته لبيته نزف بشدة، وأغلق على نفسه عدة أيام، اعتقد المقربين من حوله أنه يعاني من أزمة فنية، ولكنه كان مصدومًا لما شاهده، وحزن أكثر عندما طلب منه الشريف الابتعاد عن السندريلا لمصلحة مصر.
 ولكن حب العندليب أعاده إلى السندريلا، فوعدها بأنه سيساعدها بمواجهة الشريف ونجح بالفعل بإيصال القصة للرئيس جمال عبد الناصر فوعده بأنه سينهيها، وبعد تحويل عدد من ضباط جهاز المخابرات إلى محكمة الثورة من قبل مجلس قيادتها، أصدر الناصر قرارات تاريخية منع فيها باسم رئيس الجمهورية استغلال المصريات في أي عملية أمنية من هذا النوع، كما طلب أن يحضروا له جميع أفلام السندريلا من واقع أرشيف عملية الشريف وأشعل النار في الشرائط، ليتصل بالعندليب ويخبره أنه والسندريلا أحرار، لكن العندليب كان لديه شرخ نفسي من ناحيتها منعه عنها حتى مات.
 كما كشفت في فصل كامل عن قصتها مع العندليب وحكت أن الشريف كان قد أقسم على تدمير العندليب، وشهدت بأن الشريف هو من دبر أحداث حفل عيد شم النسيم في إبريل عام 76م، عندما غنى العندليب أول مرة أغنية(قارئة الفنجان) أمام جمهور مدسوس دفع الشريف أجره مسبقًا، العندليب شكا للرئيس السادات بعد أن تأكد من أن الشريف وقف وراء ما حدث، لكن السادات لم يتمكن من إثبات ذلك، ففكر العندليب بطلب اللجوء السياسي إلى المغرب من الملك الحسن، الذي وافق على الفور. وقد جاء في مذكراتها بشكل واضح تفاصيل مضايقات الشريف لها وللعندليب. بل إنها أبلغت الرئيس السابق مبارك بذلك فلم يعرها اهتمامًا، وبدوره أبلغ الشريف بما ذكرته له، سافر من بعدها الشريف إلى لندن، حيث أقامت السندريلا آخر أيام حياتها، لتنشب بينهما معارك انتهت أحدها بمحاولة السندريلا طعن الشريف بسكين الفواكه في شقتها، وقد كشفت تحقيقات حديثة بسكوتلانديارد عن ظهور اسم الشريف بزيارات متكررة لشقتها قبل مقتلها، كما أشارت التحريات إلى تورطه الكامل في مقتلها باستخدام مأجورين.
 وفي آخر فصل(لا تنسوني) ذكرت السندريلا أن القذافي – الرئيس الليبي السابق عرض على الشريف في عام 2000م شراء 18 فيلم إباحي أبيض وأسود مدة الفيلم منها 15 دقيقة للسندريلا، صورها إكراهًا وإجبارًا الشريف بنفسه، يحتفظ هو بنسخ منها، مقابل مائة مليون جنيه مصري فوعده بالتنفيذ عندما يكون الوقت مناسبًا، وأن سيف الإسلام القذافي عاين الأفلام لديه، فكان ذلك سببًا رئيسيًا لموافقتها على كتابة المذكرات لتكون دفاعًا عن شرفها واسمها أمام عشاقها ضد الشريف. وقد جاء في المذكرات تفاصيل كثيرة منها محاولة الشريف قتل العندليب في حادثة سيارة لتبدو حادثة عادية، وهو نفسه الذي وقف وراء مقتل الموسيقار/ عمر خورشيد في حادثة سيارة عام 81م لأنه أطلق شائعات حول علاقة مزعومة له مع سيدة شهيرة بمصر، كان الشريف يود كسب ود السادات بقتل خورشيد.
 في العديد من المقابلات التلفزيونية والصحفية، صرحت مريم فخر الدين أن أول أفلام السندريلا الإباحية تم تصويره في عيادة زوجها السابق الدكتور محمد الطويل، بإدارة وتصوير الشريف، وفجرت مفاجآت من العيار الثقيل، وأزالت الغطاء عن علاقة فنانات بسياسيين ورجال أعمال، أبرزها زواج طليقة ابنها من حبيب العادلي - وزير الداخلية المصري السابق، وتحدثت أيضاً عن علاقة نبيلة عبيد بالوزير، ورغبتها بالزواج منه.. على حسب قول مريم.
فنانات وضباط..
 الجدير بالذكر أن تلك التحقيقات التي أجريت مع الشريف - ضابط جهاز المخابرات السيادية التي كان يرأسها الضابط صلاح نصر في عام 68م والذي تم التحقيق معه أيضًا، أحالت الشريف إلى التقاعد رغم صغر سنه وحكم عليهما بالسجن، بعد أن اعترف بتجنيد فتيات وممثلات إلى مسئولين وسياسيين كبار سواء عرب أو أجانب واستغلالهن جنسيًا، وأن وظيفته تقوم على تأجير وإعداد المكان المناسب وتجهيزه لتنفيذ عمليات الكنترول فيه وترشيح المندوبات اللاتي يصلحن لهذا العمل، وتصويرهن فوتوغرافيا وسينمائيًا في أوضاع جنسية كاملة بطريقة مخادعة وتهديدهن بتلك الأفلام للسيطرة عليهن في حالة إذا ما رفضن تنفيذ الأوامر القادمة. كما اعترف نصر أن هناك قسم في جهاز المخابرات يسمى قسم(السيطرة)، يستخدم سيدات متطوعات للإيقاع بالجواسيس مثل أي جهاز مخابرات في العالم, وكانت هؤلاء النساء يأتين برغبتهن، وأشار إلى أن فكرة وجود طاقم نسائي مدرب يمكن السيطرة عليه لا يفشي الأسرار جاءت من بعض السياسيين الذين كانوا يحضرون لمباحثات سياسية سرية على مستوى القمة، يقومون بالاتصال بالنساء، وبعد ذلك كانت الأجهزة تحصل على كل أسرار المحادثات منهن، كما يحصلن تلك النساء على تدريب أمني وتوعية، نجح جهاز الاستخبارات بواسطتهن في عدم تسريب الأسرار خارجه. كان هذا أساساً هو المنطق الذي جعل الاستخبارات تستخدم أسلوب النساء لكنه تطور بعد ذلك، لاحقًا استخدمن في بعض قضايا التجسس، وبالفعل نجحت بعض النساء العميلات في الكشف عن قضايا تخابر لم يكن في استطاعة الرجال أن يصلوا إليها.
 وقد أعقب عملية الكنترول – كما وصفها الشريف – على السندريلا عمليات كنترول أخرى على فنانات مصريات أخريات، أشهرهن برلنتي عبدالحميد التي تزوجت سرًا من المشير/ عبدالحكيم عامر، الزيجة التي تعتبر سابقة للتزاوج بين السياسة والفن في العالم العربي، وقد قام جهاز المخابرات آنذاك بقيادة الضابط صلاح نصر بجمع تحريات عن برلنتي، لما كان يدور في بيتها من اجتماعات مريبة وعن أناس يترددون باستمرار إليها، خوفاً من أن تكون جاسوسة مدسوسة، تستغل زواجها بالمشير لتسريب أسرار الدولة، لاحقًا انطلقت شائعة عن علاقة حب جمعت عامر بالمغنية الجزائرية وردة. كما تزوج نصر من الفنانة اعتماد خورشيد عمة الفنانة شريهان بعد أن طلقها من زوجها. كثير من الفنانات أجبرن على إقامة علاقات مع رجال أعمال عرب، رغم تكرار المحاولات معهن بسبب رفضهن في البداية إلى أنهن رضخن في الأخير نتيجة للتهديد والابتزاز. كما كان نصر يرفع الشكاوي إلى الرؤساء مع كل عرض لفيلم سينمائي يصور توريط الفنانين بطرق ملتوية من قبل الاستخبارات المصرية. الشريف الذي تم الإفراج عنه في عهد السادات عفوًا بمناسبة احتفالات مصر بالنصر، وأن سجنهم في عهد الناصر لم يكن بسبب الممارسات اللأخلاقية بل بسبب محاولة الانقلاب، ليصير الشريف أحد أهم رجال السلطة في مصر في عهد مبارك وذراعه الأيمن.
فنانات بين رجال أعمال وأبناء الرئيس..
 حكاية من نوع آخر وعلاقة أخرى جمعت بين علاء الابن الأكبر للرئيس السابق مبارك بالفنانة الاستعراضية شريهان، شهد عليها الوسط الفني كله، علاء الذي كان يحرص على حضور كواليس تصوير فوازيرها وعلى الذهاب يوميًا إلى المسرح لمشاهدة ومتابعة نجمته وحبيبته. تلك العلاقة التي كادت أن تنتهي بالزواج، لولا تدخل مبارك بنفسه الذي حذر وطلب من علاء إنهاء العلاقة أو الحب الذي يجمعه بها.
 وقد كان تردد أن هذه علاقة هي السبب في الحادث الشهير الذي تعرضت له شريهان وكادت تصاب بالشلل التام، لتخرج الشائعات تربط بين العلاقة والحادثة، وكما جاء خلال احد الأحاديث الصحفية أن علاء ليس له أي علاقة بالحادثة الذي دبرته زوجة رجل الأعمال المصري المشهور حسام أبو الفتوح، التي كلفت مدير أعمال زوجها بتنفيذ عملية الاعتداء التي تعرضت لها شريهان، الزوجة التي أزعجتها الأحاديث والأقاويل عن علاقة شريهان بزوجها الذي كان في رحلة إلى لندن مع الأخيرة. الجدير بالذكر أن أبو الفتوح قد تم حبسه لاحقًا إثر قضية أخرى بتلفيق من رجال أعمال أكبر منه بسبب صراعهم على المال والنساء، كما توفي ابن المدير الذي قام بالعملية في حادث وهو ذاته الذي شهد زورًا في قضية الاعتداء على شريهان. مؤخرًا، نفت شريهان أن تكون لأسرة مبارك علاقة بذلك الحادث، الذي لم يكن سقوطًا من الطابق السابع وإنما حادث سيارة، تسبب بإصابات بالغة في عمودها الفقري.وقد ربطت العلاقات الغرامية العديدة أبو الفتوح بفنانات وسيدات مجتمع كان يدفع لهن مبالغ طائلة، لكن بقيت قصة غرامه مع الراقصة دينا الأشهر بسبب الفيلم الإباحي الذي انتشر عبر الشبكة العنكبوتية، لتقول في الأخير أنّها تزوجته عرفيًا.
 وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على خروج الشائعات التي تؤكد أن سبب ابتعاد شريهان عن الفن هو قصة الحب التي جمعتها بعلاء، أكدت بعض الصحف أن قصة الحب لم تكن مع علاء بل مع شقيقه جمال، وإنها كانت من طرفه، وقد تعلق كثيرًا بها، حيث استمرت علاقتهما قرابة سبع سنوات، استشعر ذلك صفوت الشريف - وزير الإعلام وقتها، والذي دعاه جمال ذات مرة لحضور تصوير فوازير شريهان. تقدم بعد ذلك جمال للزواج منها ولكن والدتها رفضت لأسباب تتعلق أغلبها بشريهان، وبناءًا على تعليمات من أمه سوزان ابتعد عنها. شريهان التي نزلت إلى ميدان التحرير لتهتف بسقوط مبارك ونظامه في ثورة 25 يناير. كما كانت علاقة حب تجمع جمال بشرين رضا الزوجة السابقة للمغني عمرو دياب، وفشلت بسبب التدخل فيها.
 قضية أخرى، اعترف محسن السكري – ضابط سابق في جهاز الأمن المصري أثر القبض عليه في القاهرة بأن هشام طلعت – العضو القيادي في الحزب الوطني الحاكم وأحد أكبر رجال الأعمال المصريين وصاحب أكبر شركة عقارات في البلاد يبلغ رأسمالها مليارات الدولارات هو من حرضه على قتل سوزان تميم – المغنية اللبنانية مقابل مليوني دولار، بعد أن عُثر عليها مقتولة في شقتها في إمارة دبي، سوزان التي لطالما أكدت عدة مرات للصحافة المصرية والعربية أن علاقة خاصة تجمعها مع طلعت، وأنه قد عرض عليها مبلغ خمسين مليون دولار لتتزوجه، وكانت النيابة العامة المصرية وجهت سابقًا التهمة للسكري بقتل سوزان.
 جاء في الصحف المصرية بعد مقتل سوزان أنها كانت على علاقة غرامية مع طلعت لمدة ثلاث سنوات وان هذه العلاقة انتهت قبل أشهر من مقتلها، فغادرت مصر إلى لندن قبل أن تستقر في دبي، وقد أكدت سوزان مرارًا أنها تلقت تهديدات بالقتل وأنها تخشى على نفسها من أن تموت على يد قاتل مأجور.
 وبعد عدة جلسات، قضت محكمة جنايات القاهرة بإعدام طلعت والسكري بعد إدانتهما بتهمة قتل سوزان في دبي، قرر القاضي إحالة أوراق الرجلين للمفتي للحصول على موافقته بحكم الإعدام، طبقًا لما يقضي به القانون، وقد قام المتهمان باستئناف الحكم أمام محكمة النقض، ليصدر حكم بالسجن المؤبد لهما.
 حادث آخر يعتبر الأكثر دموية في مسلسل قتل الفنانات، هو مصرع المغنية التونسية ذكرى، التي قتلت على يد زوجها رجل الأعمال المصري أيمن السويدي بإطلاقه أربع رصاصات عليها خلال مشادة بالكلام بينهما. هكذا أقدم السويدي على قتل زوجته ومدير أعماله قبل أن ينتحر بذات الطريقة.
 كما كادت الممثلة المصرية إلهام شاهين أن تكون ضحية أخرى، لكنها نجت من محاولة تشويه وجهها بماء النار على يد بلطجي كلف من قبل زوجها السابق رجل الأعمال اللبناني عزت قدوره، وقد تمكنت السلطات من إلقاء القبض عليه قبل أن ينفذ جريمته.
الرقص بين الفن والسياسة..
 استطاعت الراقصة المصرية بديعة مصابني خلال وجودها المؤثر في عالم الصالات الفنية والملاهي الليلية، أن تقيم علاقات قوية مع العديد من المسئولين ورجال السياسة خلال فترة الأربعينات، وقد سهلت هذه العلاقات هروبها من مصر بطائرة خاصة إلى لبنان. قدم كازينو بديعة الذي وضعته وجميع العاملين به تحت تصرف القوات البريطانية طوال مدة الحرب العالمية الثانية، ثلاث راقصات صار لهن ارتباطات سياسية بشكل أو بآخر. أولهن حكمت فهمي التي رقصت أمام الزعيمين هتلر وموسيليني، كما جمعتها قصة حب مع شاب ألماني كان يعمل ضابطًا جاسوسًا لبلاده، كما شهدت عوامتها اجتماعات لأنور السادات والفريق عزيز المصري وعدد من الضباط، الذين كانوا يرغبون في الاتصال بالألمان من أجل طرد الانكليز من مصر، إلا أنهم وقعوا في يد المخابرات البريطانية فصدر حكم على حكمت بالسجن لمدة 30 شهراً، وتم طرد السادات من الخدمة العسكرية، يذكر أن حكمت سجنت 5 مرات بتهمة الجاسوسية، وقد قامت الممثلة نادية الجندي بتجسيد شخصية الراقصة حكمت في فيلم(الجاسوسة حكمت فهمي) عام 94م للمؤلف/ بشير الديك والمخرج/ حسام الدين مصطفى.
الراقصة الثانية هي سامية جمال، التي وضعها النخاس الايطالي أنطوان بوللي في طريق الملك فاروق، وبسبب حبها لفاروق أنهت علاقتها بفريد الأطرش، الفاروق الذي تركها بعد أن قضى معها ليلة واحدة.
أما الراقصة الثالثة فهي تحية كاريوكا التي لها باع طويل في المعترك السياسي، عملت لدى بديعة وعمرها 12عاماً وكانت أقرب الراقصات لها، وهي أول راقصة شرقية تسجن ثلاثة أشهر عام 53م بسبب نقدها العلني لتقاعس الضباط الأحرار عن إعادة الحياة الدستورية إلى مصر، كما دخلت مع زوجها السجن في مطلع الثورة بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم عام 54م حينما كانت متزوجة من الضابط مصطفى صدقي، الذي كان موضوعًا تحت المراقبة، لتخرج بعد ثلاثة أشهر. كما كان لها نشاط مع الفدائيين المصريين عام 51م وتعرفت على السادات، الذي ظل مختبئاً بمعرفة الفدائيين لفترة طويلة، وكانت هي واحدة ضمن من ساعده على الهروب. تتذكر الفنانة سميحة توفيق، كيف أنقذتها كاريوكا ليلتها من أن تكون إحدى نساء الملك فاروق، الذي كان في صراع دائم مع الفنان رشدي أباظة باستقطاب الحسناوات سواء من الفن أو المجتمع.
فنانات واستخبارات أجنبية..
 يذهب بعض المهتمين إلى أن فكرة استغلال جهاز الاستخبارات المصرية للممثلات أخذت من الموساد(جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) حيث استفادت منه جيدًا في هذا الجانب، الموساد الذي كان يجند لمصلحة إسرائيل ولمصالح سياسية خاصة عدد كبير من الممثلات أمثال مارلين مونور، التي جمعتها بالرئيس الأمريكي جون كيندي علاقة الحب، فعرفت الكثير من الأسرار في البيت الأبيض، وعندما حاول إنهاء علاقته بها فشل، وعلى الرغم من أنها ماتت منتحرة، إلا أنّ الكثير من الأخبار تشير إلى أنّها لم تنتحر، كما أنه إلى جانب علاقتها بكيندي كانت على علاقة أيضاً بشقيقه المدعي العام روبرت كينيدي، ويبقىلغز رحيلها غامض لا حل له حتى الآن، بينما توجه أصابع الاتهام بمقتلها إلى جهاز الاستخبارات الأمريكية.
 كذلك ما زالت الشكوك تحوم حول تورط جهاز الاستخبارات البريطاني بتصفية الفنانة السورية الأميرة أسمهان بعد أن عرفت بتواطئها مع جهاز الاستخبارات الفرنسي، والتي تورطت معه على أساس تحرير سوريا من الفرنسيين، برعت أسمهان في تقديم المعلومات للاستخبارات، حتى حكم عليها بالإعدام من قبل الألمان لما ألحقته بهم من أضرار، فانتقلت للعمل في فلسطين وكان يرافقها بصفة دائمة ضابط بريطاني، بعدما تعرضت لمحاولات اغتيال فاشلة، وقيل أنها ماتت غرقًا، الغريب أن أخاها الفنان الأمير فريد الأطرش بعد أن طالب بفتح ملف مقتل شقيقته، فاجأ الجميع بإعلانه في الصحف أن أسمهان لم تقتل.
 كما لم يعرف إلى الآن قاتل الفنانة ليليان كوهين المعروفة بـِ(كاميليا) التي ماتت محترقة بحادث طائرة مدبر وهي متجهة صوب فرنسا، كاميليا التي تعاونت بشكل كبير مع الموساد لأن زوج أمها كان يهودي، تبناها وألحقها باسمه، وأفتتن بجمالها الملك الفاروق، ليقع الشك بمقتلها بين الموساد وفاروق. ويعتبر هذا الأسلوب من مخلفات النظام السوفيتي الذي كان يتابع عبر جهازه الاستخباري الحياة الخاصة للقيادات ويضعهم تحت رحمة التهديد بالنشر فيضمن تعاونهم الدائم لمصلحته.
 مريم فخر الدين، لبنى عبدالعزيز، شادية، نجوى فؤاد، هند رستم وعايدة رياض.. وغيرهن تم اختيارهن لشهرتهن وجمالهن، عملن فيما مضى إما مع الاستخبارات الإسرائيلية أو البريطانية من أجل مصلحة مصر وأمنها بسبب الأجواء السياسة في فترة الستينات، حين كانت الاستخبارات المصرية في أوج مجدها وشاركت بالإطاحة بعدد من الضباط الإسرائيليين وغيرهم. حتى في حرب الخليج، تعاون عدد من الفنانين الخليجين مع الاستخبارات العراقية، أشهرهم الفنان ناصر حمد. من كان يتوقع أن ليلى مراد أو أسمهان وهما تغنيان محملقتان في السماء أن يكونا يومًا عميلتين؟!
توظيف آخر..
 شكل آخر لتوظيف الفن من أجل السياسة، يبدأ باهتمام الإعلام الرسمي بفنان مهما كان مجاله، يركز عليه ويصنع حوله هالة كبيرة، ليصير له شعبية كبيرة بين الناس فيحبونه، ومن بعدها تكون له كلمته المسموعة وتأثيره في الرأي العام، ويبقى هو في الخفاء يتبع النظام وكلامه وتحركاته بأوامرهم، يخدم أجندتهم، وهكذا يضمن النظام جزء من الرأي العام ومن النخب المصنوعة بتشكيلته التي يريدها. حتى أن الأغلبية من الناس تعتقد أن تلك الفنانات الجميلات اللاتي يظهرن في يوم وليلة على التلفاز ويأخذن حيز كبير من الاهتمام يعتبرن مجرد عمليات استخباراتية، ليبقى تجنيد الفنانات في الاستخبارات عن طريق الإغراء، ومع أول ظهور للحقائق تبدأ التهديدات لأخافت الفنانين، فتثار الشكوك والريبة عن طبيعة التعاون والعلاقة بين السياسة والفن، بعد أن جعل السياسيون من أجساد الفنانين دمى يحركونها بحسب هواهم، يمارسون من خلالها قذارتهم ليتحكموا بها على مشيئتهم.
الفن يمثل السياسة..
 بقصد أو بدون أوصلت سعاد حسني للمشاهدين وعشاقها ومحبي فنها ما تعيشه من ضغوط وحالة نفسية سيئة وصحة متدهورة عبر أفلام وأغاني واستعراضات في آخر إنتاجها الفني، كان المتلقي يتعاطف معها، فيبكي لحزنها ويفرح لسعادتها، ولعل أبرز ما قدمته السندريلا يحكي ما سبق وعانته طويلًا فيلم(شفيقة ومتولي) عام 87م للمخرج/ علي بدر خان عن قصة للكاتب/ شوقي عبدالحكيم، الفيلم الذي يحكي ملحمة شعبية، ومدى الظلم والطغيان والقسوة التي عاشها الشعب المصري، ومع نجوم كبار لعبت بطولته وكانت محور قصته شفيقة، الفتاة التي قادها الفقر والتخلف إلى الوقوع في عالم الرذيلة والدعارة لتقتل على يد أخيها متولي(أحمد زكي) في الأخير، وتلك الأغنية البديعة(بانو على أصلكو) التي صاغ كلماتها السيناريست/ صلاح جاهين في استعراض جميل، الذي في الحقيقة ولقربه من السندريلا حزن كثيرًا ودخل في أزمة نفسية حادة لما عانى كلًا من السندريلا والعندليب على يد الشريف، كتب سابقًا قصيدة ضده، ولكنها لم ترى النور لما كان للشريف من جبروت ونفاذ صلاحيات، أراد جاهين بها أن يخبر الرئيس الراحل ناصر حينها عما تعانيه السندريلا وما يدور في البلاد من قبل ضباط الاستخبارات وعلاقتهم بأهل الفن.
تمثيلًا، تغني السندريلا وهي ترقص بمرارة لمن حضر تلك الجلسة من ضباط ورجال الأعمال..
بانو.. بانو.. بااااانو.. على أصلكو بانو..
والساهي يبطل سهيانوه
ولا غنى.. ولا زيط.. دولا جنس غويط
 كانت تقصد السندريلا بطريقة عبقرية توجيه رسالة. ربما تتبنى السينما المصرية في الفترة المقبلة محاولة فك طلاسم مقتل وموت بعض الفنانين المصريين والعرب ومدى تورط ضباط الاستخبارات والسياسيين ورجال الأعمال فيها، ولعل أقربها زمنًا فيلم(الثعبان الأسود) الذي من المقرر عرضه في عيد الأضحى القادم، يتناول قصة حياة السندريلا سعاد حسني، حيث يتعرض لنواحي حساسة وشائكة، أهمها كيفية تعرضها للاستغلال من قبل الشريف وإرغامها على تصوير أفلام إباحية وتهديدها بالقتل من قبله، وحقيقة أن يكون هو من قتلها عندما وصلت إليه معلومة حول رغبتها في كتابة مذكراتها، التي خصته بجزء كبير منها.
 السندريلا في مشهد من فيلم(الكرنك) عام 75م تقول أن السياسة عالم دنيء بكل حالته، الكرنك.. المأخوذ عن قصة الأديب العالمي نجيب محفوظ، تناول قضية مراكز القوى التي تحكمت بمصر خلال حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، قدم فيه الفنان الراحل كمال الشناوي دور خالد صفوان رجل الأمن المستبد، الذي يقوم بتعذيب المعتقلين السياسيين، وهو الدور الأقرب الذي يرى من خلاله ما كان يحدث من فساد وقمع للحريات في عهد الضابط صلاح نصر رئيس جهاز الاستخبارات المصرية السابق.
الإعلام بين الفن والسياسة..
 الحكايات التي تنشر في الصحف الرسمية والقومية والحزبية والمجلات الفنية ونسمع عن تفاصيلها في البرامج الفنية والمنوعات، تختلط فيها عالم السياسة وعالم الأعمال بعالم الفن، تلقى جدلًا كبيرًا وتستحوذت على اهتمام الجميع، ويتسابق عليها المحامون ورجال القانون وعلماء النفس والخبراء لتسجيل الحضور فيها ولتفسير ملابسات القضايا، ونسج قصص الغرام والانتقام بين القاتل والمقتول ومن كان السبب ولماذا وكيف؟
 مع سقوط النظام المصري السابق، الفترة القادمة سوف تكشف عن أسباب وألغاز رحيل العديد من الفنانين والفنانات، وذلك بعدما أوضحت العديد من التقارير والتحقيقات عن تورط رجال سلطة وأعمال في مقتلهم وانتحارهم ومضايقتهم وابتزازهم، فكثير من القضايا لم تفتح ملفاتها بعد ولم تصل إلى نهايتها، لمحاكمة الفاعلين ومن يقف خلفهم، ورفع أصابع الاتهام عن أبرياء كما أعتقد البعض.
فنانة ورئيس..
 كما كان للصحافة الفرنسية والعالمية والأجهزة الإعلامية بكافة ملاحقها الدور في قرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بتعجيل الزواج من المغنية كارلا بروني، بعد علاقة حب جمعتهما، أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط الاجتماعية والسياسية والدينية في فرنسا، نتيجة تناولها الكثيف لتفاصيل تلك العلاقة، وليكون أول رئيس فرنسي يطلّق زوجته أثناء فترة حكمه.
 تداولت بعض الصحف المحلية المصرية شائعة انتشرت على الانترنت، مفادها أن سوزان زوجة مبارك الرئيس المصري السابق كانت على علم بعلاقته بالفنانة إيمان الطوخي، وأنها تدخلت لإنهاء مشوارها الفني سواء في مجال التمثيل أو الغناء، واستخدمت نفوذها لمحاربتها وإجبارها على البقاء في المنزل دون عمل.
 الأمر الذي نفاه أحد أقارب الفنانة عبر فيديو على موقع اليوتيوب، تعود بداية العلاقة إلى إعجاب مبارك بدور إيمان المهم وأدائها التمثيلي وشياكة ملابسها في الجزء الثاني من مسلسل(رأفت الهجان) عام 87م والذي أدت فيه دور الفتاة اليهودية أستر بولينسكى، وأتقنته بشكل لافت للنظر، وعندما تم الإعداد للجزء الثالث من المسلسل لم يكن قد أسند الدور لها، علم الرئيس بذلك فتدخل لدى القائمين على المسلسل وأقنعوا مؤلفه الكاتب/ صالح مرسي بكتابة دور لها بالجزء الثالث وبالفعل تم ذلك، ولكنه لم يخرج بالشكل الذي خرج به دورها في الجزء السابق.
 وعندما علمت سيدة مصر الأولى السابقة سوزان باهتمام زوجها مبارك بإيمان، أصدرت أوامرها بعدم مشاركتها في أدوار تمثيلية بالتليفزيون المصري، ما دفعها إلى تفضيل الاعتزال، مبررة ذلك بأن مهنة الفن أصبحت تمتلئ بالدخلاء الذين أساءوا إلى الفنانين الحقيقيين. وفد أوضحت أنها أكثر فنانة تعرضت للظلم في عصر النظام السابق، ما اضطرها إلى الاعتزال، ووصفت شائعة زواجها وإنجابها من مبارك بالكلام الفارغ.
في الانتظار..
 الجميع وبالذات المصريين ينتظرون محاكمة الشريف المحتجز في سجن(طرة) بقضية التحريض على قتل المتظاهرين في ميدان التحرير بموقعة(الجمل)، ومحبي الفن المصري وأهله ينتظرون بفارغ الصبر أن ينتهوا من ذلك سريعًا، ليعاد فتح ملفات لاستكمال تحقيقات، والبدء باستجوابات أغفلتها العدالة لفساد إدارة البلاد، عن حوادث مقتل واستهداف وابتزاز الكثير من الفنانين/ات المصريين/ات وعلى رأسهم السندريلا.
 يبدو أنه بعد سقوط كل حاكم ظالم مع نظامه الفاسد ستظهر للضوء فضائح السياسيين ورجال الأعمال مع أهل الفن، وستنجلي أسباب اغتيال وقتل وهجرة الفنانين. قد تكون مصر السباقة في فضح علاقة السياسة والمال بأهل الفن وذلك لم شهدته من ثورة قطعت الشوط الأكبر من بين الربيع العربي، ولكن المترقبين والمهتمين ينتظرون ظهور مثل تلك التهديدات والإبتزازات مع سقوط الأنظمة السورية واليمنية والليبية والتونسية وستتبعها الخليجية، خصوصًا أن كثيرًا منها أهداف للاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية وغيرها، ولعل أبرزها ظهورًا مؤخرًا قمع واعتقال قوات الأمن السورية للفنانين المناوئين للنظام والذين يحتجون ويخرجون في مسيرات. كذلك ما زال الغموض يكتنف حادثة قطع لسان الشاعر اليمني وليد الرميشي، الجريمة التي أثارت جدلًا كبيرًا في المجتمع اليمني، فالمصادر الرسمية تتهم عناصر في أحزاب اللقاء المشترك(المعارضة) ببتر لسانه بعد أن اختطفته ولتلقي به في أحد الشوارع، يأتي ذلك بعد أن أنتقد الشاعر رموزًا من المعارضة بقصائد شعرية وأعلن عن تأييده للشرعية الدستورية.

 ويبقى للفن دور مهم بمساندة ثورات الشعوب الشعبية والسلمية، يرسم لوحة بديعة من كل الألوان والأطياف، تبرز من خلالها طاقات وإبداعات من فنانين معروفين ومواهب قادمة، فالفن ملهم للروح والحماسة الشعبية، يرفع مستوى الوعي، وأن أي ثورة شعبية في أي مكان أو زمان لا يفصلها عن الفن عازل، ولكنه يعتبر من أهم أركانها.

ليست هناك تعليقات: