حتى العاهرة أشرف منكم
بقلم/ عمرو هشام السقا


روي في الحديث الشريف أنّ عاهرة من بني إسرائيل دخلت الجنة في كلب رأته يلهث عطشا فأشفقت عليه و رحمته فسقته و كان بمقدورها أن تتركه ، فكان الجزاء من جنس العمل فرحمها الله برحمتها للكلب و أدخلها الجنة .



إن هذه الحادثة قد تمر علينا مرور الكرام إلا إذا إعمال عقولنا فيها يلفت انتباهنا إلى أنَّ لهذه العاهرة امتيازا و تميُّزا و شرفا و ضميرا حيا يفوق شرف و ضمير كثيرٍ من سياسيي هذه الأيام !! .. و لكي لا يكون كلامي مجرد قذف و شتم و تنابز بالألقاب لا علاقة له بالسياسة من قريب أو بعيد فتعالوا بنا نقارن بشكل بسيط و سريع بين حال هذه العاهرة الإسرائيلية و حال أهل السياسة و صناع القرار :



أسرفت العاهرة في حق نفسها بالزنا ، و في حق الله بالمعصية ، و في حق مجتمعها بنشر الفساد و الرذيلة ، و هذا بالضبط ما فعتله حفنة من السياسيين الفلسطينيين بدءا باستعجال الإعلان عن انطلاق الرصاصة الأولى ، و الكذب و الفبركة الإعلامية ، و التضخيم المقصود للنتائج الموهومة لعملهم الفدائي دونما وقائع حقيقية ملموسة على الأرض -وفقا لشهادة أول حلفائهم على العصر- ، مرورا بمفاوضات القوي مع الضعيف ، و انتهاءً باتفاقيات التنازل و الذل و التهافت على لقاءات العدو و الارتماء في أحضانه ، فظلموا أنفسهم و عصوا ربهم و فرطوا بحقوق شعبهم و ثوابته أرضا و حضارة و قضية ، و إلى جانب هذه الحفنة كان النظام العربي الرسمي و ما زال يتاجر بالقضية الفلسطينية و يتمسّح بها وفقا لمصالحه و مآربه المحلية و الإقليمية ، يضاف إليهم أهل السياسة الدولية أو النفاق الدولي بتعبير أدق الذين ينادون ليل نهار بحقوق الإنسان و الحيوان بينما حضارتهم قد قامت على قتل أهل البلاد الأصليين ، و حرق العلماء و المفكرين ، و احتلال بلاد الآمنين .



أما في الوجه الآخر من العملتين فرأينا أن العاهرة لم يهن عليها بل رقّ قلبها لكلب ضال عطشان فسقته ، بينما رأينا أن حفنة السياسيين ذاتهم القدامى و أتباعهم من الحرس الجديد قد رأوا شعبهم من البشر فضلا عن مواشيه و حيواناته يُحاصَر و يحارب في لقمة عيشه و حليب أطفال ، و مائه و كَلَئِه ، فشاركوا و أيّدوا هذا الحصار ، و شدّوا على يد العدو و عزّروه و نصروه ، فيما شارك النظام العربي الرسمي في الخيانة كعادته في إغلاق المعابر و تجفيف المنابع و رفض استقبال المسافرين الفلسطينيين العالقين خارج غزة ، و تعليق الحلول السياسية لحين انتهاء مؤتمر الخريف ، و كل ذلك بغطاء شرعي و ديمقراطي و إنساني من صاحبة السمو و الجلال "أمريكا" و العجوز الضعيف "أوروبا".



إن العاهرة لم تشارك في تعطيش الكلب لكنها سقته ، أما عاهرو السياسية فقد ساهموا في تجويع شعبهم و تعطيشه و قطع الوقود و الكهرباء عنه و نأوا بأنفسهم عن تحمل مسؤولية إطعامه من جوع و سقيه من عطش و تأمينه من خوف و أيد المتفرجون ذلك .. لذلك فإن قولنا لهؤلاء العاهرون : " حتى العاهرة أشرف منكم " ليس تهجما عليهم لأن العقل و الواقع يقول ذلك بشكل واضح لا لبس فيه.