كــــلام طباعة إرسال إلى صديق
الاثنين, 16 ديسمبر 2013
عدد القراءات: 67
تقييم المستخدمين: / 0
سيئجيد 
وقف الجزائريون في طوابير أمام متعاملي الهاتف النقال للحصول على الجيل الثالث وتهافتوا على المحلات لشراء الهواتف الذكية. هذا السلوك يكشف عن "تعطش" إلى التواصل، برز مع الظهور المتأخر للهاتف النقال في الجزائر. و ها هو يستفحل الآن وقد يكون الفضل في ذلك إلى الأرجنتينيين ليو ميسي ودييغو مارادونا، اللذين تم استدراجهما في حرب الشو بيزنس بين متعاملين من ساحة الكرة إلى ساحة الكلام، حيث يتناوبان دعوة الجزائريين إلى الكلام الذي غيّر معدنه و تحول من فضة إلى ذهب في الحكم المتأخرة التي جاءت مع الهاتف المحمول. يتحدث الجزائريون كثيرا في الهاتف ويترجم ذلك ازدهار شركات المؤتمنة  على حمل الكلام من قائله إلى سامعه، و إذا ما استمر نمو الكلام فإن شركات الهاتف ستنافس شركة النفط، فيصبح الكلام ثروة وطنية تغني عن غيرها من الثروات وتعفي المسؤولين من الحديث القديم عن الاقتصاد البديل.
وفي غياب دراسات عن أثر وسائل الاتصال الجديدة في المجتمع يجوز أن ندفع بفرضية مؤداها أن الهوس بالتواصل عن طريق الشبكات الاجتماعية يرجع إلى تقلص مساحات الحياة في الواقع.  بمعنى أن التطور التكنولوجي المتاح يقابله تراجع في الحريات الاجتماعية يدفع الشباب إلى رحم الحياة الافتراضية الدافئ، والمخيف والمرعب أن تجد اليوم في الطبقة السياسية ووسائل الإعلام  من يناضل ضد الحريات الاجتماعية ويكافح مظاهر المدنية ويستدعي إلى النقاش مسائل فصلت فيها حتى الأمم المتخلفة منذ عشرات السنين إن لم نقل منذ قرون، بعد أن سيطرت نخب مغشوشة على الأحزاب والإعلام وأصبحت لا تتحرج في إنتاج "قيمها"، في ظل  صمت النخب الحقيقية التي وجدت نفسها خارج دورة حياة  يمتلك مفاتيحها اللصوص والمزيفون، فلجأت بدورها إلى "الافتراض" كما يفعل العشاق هربا من الشرطة والصحافة.
حسنا، قد يكون الافتراض بديلا حقيقيا لحياة كاذبة لا يكتفي بتعويضها بل يعمل على زعزعتها وتجاوزها و قد تستدرج الآلة الذكية الإنسان الناطق بلسان الضعف إلى منطقها فتورثه خاصيتها في تدبير الأمور على النحو الصحيح.
سليم بوفنداسة