http://www.saqya.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D9%86%D8%BA%D9%88/
التانغو: من بيوت البغاء إلى العالمية
رقصة التانغو في أذهاننا عبارة عن لوحة أرجنتينية يرسمها رجل أنيق يرتدي البدلة السوداء يراقص امرأة في كامل أنوثتها وأناقتها متشاركين اللحظة في صالون ارستقراطي فخم، ينسدل من سقفه ثريات مرصعة بالكريستالات ولها سلاسل مذهبة ، أو ربما أضواء خافتة تسلط فقط على تلك الأجساد التي تحكي قصة حب على إيقاعات معينة تاركة للأجساد حرية التعبير عن ذاتها بتبادل الحركات والإلتواءات وحتى الوقفات لتحكي وتروي قصصاً بخفة متباينة ونمط بديع ، في حين أن مجموعة كبيرة من عشاق تلك الرقصة يجلسون متحلقين وراء الكواليس وخلف الأضواء بصمت حتى تسحب الموسيقى نفسها وتتوقف، فيختفي الظلام عنهم لتكون نقطة النهاية بدلا من اسدال الستائر هي صفقات الحاضرين، وارسال ذبذبات سعادتهم عبرها امتنانا، ليرد الراقصان الإمتنان بلمعة في العينين وابتسامة.
لكن الصدمة وكل الصدمة حين تبدأ في القراءة عن التانغو لتكتشف بدايتها فيصيبك الذهول من تلك النقلة النوعية وتطورها.
بدأت موسيقا التانغو كما تقول أ. كارمن:
منذ 1880، سادت الموسيقى الهجينة العاصمة الأرجنتينية، بوينس آيريس. ويومها كانت المدينة في طور التوسّع والتمدد. وارتفع عدد سكانها من 210 آلاف نسمة، في 1880، إلى مليون نسمة ونصف في 1910. في أثناء ثلاثة عقود، خلفت موجات الهجرة الكبيرة من أوروبا الى الارجنتين أثراً كبيراً في اللغة والعادات والتقاليد الموروثة من حقبة الاستعمار. وتدفقُ المهاجرين، ومعظمهم من الرجال، وقد أسهم ذلك في انتشار البغاء. وبلغ عدد فتيات الهوى نحو 30 ألفاً. وفي 1914، استقبلت العاصمة الأرجنتينية ربع سكان البلد. وحملت المضاربات العقارية المترتبة على التوسع العمراني، المهاجرين على النزول في أحزمة بؤس أو عشوائيات، وعلى الاقامة في مبان تطل شققها على باحات داخلية. وحضنت الباحات هذه علاقات التكافل والتضامن والاختلاط. وكانت هذه «البؤر» بوتقة انصهار الثقافات. واستقى التانغو كلماته وشخصياته منها.
رقصة التانغو وسيلة دفعت الكثير من الرجال بعد أن زاد عددهم عن النساء بالترويج لذواتهم عن طريق اتقان الرقصات فبذلك يشد انتباه النساء للمشاركة ليس لأجل الرقص ذاته بل لأجل المرأة والعلاقة الجسدية، فكثرت في تلك الفترة بيوت الدعارة لعدة أسباب ومن بينها اليأس فذكرت أ. كارمن :
التانغو هو رقص الافكار الحزينة، هي أشبه بأحزان راقصة. هو رقص التأمل في المصير البائس. وعلى خلاف الموسيقى اللاتينية الفرحة، ينقل التانغو معالم هويتهم الأساسية، مثل الإحباط والحنين والنقمة، ومعنى الوجود المأسوي.وأولى الإشارات إلى التانغو الحديث تعود إلى سبعينات القرن التاسع عشر. وحاكى رقص التانغو مسيرة عسكرية اسمها «أل كويكو»، أي بيت البغاء. وخطوات هذه الرقصة مليئة بالإيحاءات. فالجنود يرقصون مع فتيات «الثكنة».
ثم بعد الحرب انتقل هذا الفن وانتقلت تلك الموسيقى وغزت صالونات الارستقراطيين في مدن عريقة كباريس وتطور التانغو في معناه وفحواه الذي كان لصيقا ببيوت الدعارة ليصبح مظهرا من مظاهر الترف حتى لا تعود طبقة برجوازية لا يعرف أفرادها التانغو وربما منذ تلك اللحظة تغير مفهوم رقص التانغو وتغيرت أغراضها وباتت ملجأ الحب ووسيلة المحبين ذات الطبقات العريقة لينسجوا عبرها رواياتهم، فتقول أ. كارمن:
غزا التانغو الصالونات الأريستوقراطية والشعبية في أوروبا، وبلغ روسيا القيصرية، في عهد نقولا الثاني. وفي بوينس آيريس، انتقلت الرقصة من بيوت الدعارة إلى الأماكن الراقية. وبلغ الشغف بموسيقى التانغو ذروته بأوروبا عشية الحرب الأولى، وحذفت منها الكلمات التي تخدش الحياء البورجوازي. وفي 1917، كتب كارلوس غارديل أغنية «ليلتي الحزينة» ولحنها. وغلبت على الاغنية مفردات عاطفية، وغاب عنها عالم البغاء ومفرداته. ومايؤكد كلماتها هو فرناردو الذي ذكر في مقاله مراحل تطور التانغو ومنها هي أن مجموعة من محترفي رقصات التانغو الأرجنتينية بعد الحرب أقاموا جولة حول العالم يؤدون رقصاتهم بإحتراف حتى صار لها حيزها من الشهرة والمعرفة.
أما عن الموسيقى ذاتها فهي تعتبر من جذور أسبانية أوروبية ثم تطورت وتغيرت حتى أخذت بعض مظاهر موسيقى الجاز ببعض إيقاعاته، وقد قيل أن فرق التانغو تتكون من ستة عازفين يعزفون على عدة آلات أساسية وهي الكمان والبيانو والباص والأكورديون والهرمونيكا إلى جانب إضافة الفلوت أو الكلارينيت يقول فرناردو أن الأوربيين والأمريكان أعادوا صياغة موسيقى التانغو وكان من أهم أولئك المحدثين هو بيزولا piazzolla حيث جعلها أكثر ملائمة للطبقات الوسطى فقد بسطها وأضاف بعض جمل موسيقية من الجاز بحيث تصبح وسيلة ليستمتعوا بها وأداة للرقص بعد أن كانت الموسيقى الكلاسيكية للإستماع فقط
الموسيقى وتاريخها هي روايات الشعوب السياسية والإقتصادية والإجتماعية أيضاً، هي حياة الشارع وانعكاس الوقت ومرآة الشعب و هي الوثيقة المفصلة لردود الأفعال الشعبية البسيطة التي غدت مع الوقت رمزا ثقافياً
وهنا بعض المقاطع للمشاهدة
للإستزادة :
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?29490-%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82-(-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%A9-)-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A
فساد الأخلاق ( الدعارة ) في الوطن العربي.
الدعارة باعتبارها أسلوبا في الحياة
- الزاهيد مصطفى أستاذ الفلسفة -
سبق لي نشر وجهة نظري هذه حول موضوع الدعارة بأسبوعية المشعل (العدد400 من 26 دجنبر2013 إلى 1 يناير 2014) صمن ملف حول الظاهرة أعدته الصحافية فاطة شكيب والصحفي مصطفى لختامير، ونظرا لأهمية الموضوع أعدت تحريره من أجل التعبير عن وجهة نظر مختلفة أنظر منها للموضوع، مستندا في ذلك إلى أطروحة جورج كانغيلام حول السوي والمرضي وما كتبه مشيل فوكو في تاريخ الجنسانية.
يعرف تطور المجتمعات عبر التاريخ وانتقالها من بنيات اجتماعية تقليدية إلى بنيات اجتماعية حديثة، ظهور العديد من الظواهر المحايثة 'لتجربة الانتقالات الإجتماعية" ومن بين الظواهر التاريخية اللصيقة بتطور المجتمع نجد ظاهرة الدعارة التي تعبر في العمق عن الأزمة الأخلاقية والاقتصادية والسياسية لأي نظام من الأنظمة، فخروج أوروبا من الإقطاع إلى التصنيع، وما صاحبه من انتقال لليد العاملة من البوادي إلى المدن الصناعية وارتفاع الاستغلال الرأسمالي لليد العاملة التي لم تكن قادرة على توفير السكن اللائق نتيجة الاستغلال البشع لفائض''القيمة من طرف البرجوازي أفرز "غيتوهات" في الهامش انتعشت فيها تجارة البشر بجميع أنواعها، إلا أنه في المغرب وجب التركيز على أن الدعارة ليست وليدة التغير الاجتماعي الذي عرفه المغرب "من القبيلة إلى الدولة" بل هي لصيقة بوجود المجتمع وتجربة الظلم و اللاعدالة الاجتماعية، وما يؤكد ذلك أنه في عهد الخلفاء ومن سبقهم نجد حضورا قويا للظاهرة، مما يعني أنها ليست سلوك أخلاقي بل هي ظاهرة اجتماعية تعبر عن العجز الأخلاقي لمجتمع من المجتمعات على ضبط سلوكات ورغبات أفراده انطلاقا من نسق أخلاقي ينتجه من أجل تبرير نفسه أمام هذا المجتمع، فالأحكام التي قد تصدر أحيانا من مؤسسة الفقيه أو من الضمير الجماعي للمجتمع بلغة إميل دوركايهم (المدرسة-الأسرة-الشارع) هي في العمق ليست إلا سلطة تطالب باستمرار مجتمع من المجتمعات ضدا على وجود الفرد، وهو ما يثبت لحد الآن فشل المجتمع الحديث على إيجاد حل جدري رغم جميع المقاربات السياسية والأخلاقية والاجتماعية للحد من الظاهرة التي نلاحظ أنها في ارتفاع مستمر، وهو ما يفرض أن ننظر للظاهرة من مقاربة نسقية تستحضر العلوم الإنسانية والفلسفة وعلم التاريخ من أجل فهمها باعتبارها خيار فردي وجماعي يقاوم الضمير الجماعي للمجتمع" ضدا على وجهات النظر الأحادية التي تتمثل في:
وجهة النظر الاقتصادية:
يبدو الدافع الأول للدعارة حسب هذه المقاربة اقتصادي محض، ويعبر عن اللاعدالة الاجتماعية لنظام سياسي لا يقدم فرصا متكافئة لأفراده، ولكن هذا التبرير الاقتصادي سرعان ما يتهافت أمام المنهج المقارن، بحيث نجد دولا تعرف ديمقراطية ليبرالية حقيقة كما يوجد في النرويج والسويد لكن نسب الدعارة فيها مرتفعة وممؤسسة، وهو ما يدفع لإعادة النظر في هذا المنظور.
وجهة النظر الأخلاقية:
يعتقد دعاة النزعة الأخلاقية (سواء كان مصدر الأخلاق الدين أم العقل) أن الدعارة هي تعبير عن فشل فردي ومجتمعي في تمثل السلوك الأخلاقي القويم، وبالتالي فالدعارة هي حالة من الانحراف الأخلاقي تستدعي الإيمان بضرورة التربية الأخلاقية التي تؤهل الفرد لكي يتصرف على نحو صحيح، ويقصدون بالسلوك الصحيح، السلوك الذي يتوافق وإرادة المجتمع. لكن الملاحظ أن المجتمعات الإسلامية أو المسيحية أو اليهودية أو الدولة العلمانية التي تجعل مصدر الفعل الأخلاقي هو الدولة، لم تستطع القضاء على ظاهرة الدعارة .
وجهة النظر الإجتماعية:
نستحضر هنا البعد الاجتماعي لنعطيه مفهوما شاملا يحيل على كل من الفرد والمجتمع، يرى رواد التفسير الاجتماعي للظاهرة أن الحل يكمن في البحث الدائم عن طرق للملائمة بين رغبات الفرد وإرادة المجتمع واستدماج الرغبة في نسق أخلاقي يتيح إمكانيات للتعبير عن الرغبات في إطار تحكمه القواعد الاجتماعية (مثلا تسهيل مسطرة الزواج+ التربية الجنسية للمراهقين+ التثقيف والتوعية...) لكن المقاربة الاجتماعية تظل قاصرة في الحد من الدعارة نظرا للتناقضات التي تتخللها والتي تعطي قيمة لاجتماعي على حساب الفردي .
الدعارة في المغرب
فالمجتمعات في تدبير مجالاتها الترابية تسعى دوما إلى التخفيف من ثقل السلطة والإعلاء من شأن الفرد(المواطن) لكن مع مشيل فوكو اكتشفنا أن التراب جزء من السلطة، بل يمثل في حد ذاته سلطة خاضعة لمنطق القوة والحركة، لمقاربة ظاهرة الدعارة في المغرب لابد أن ننظر إليها من هذه الزاوية باعتبارها تعبير عن أسلوب في العيش، تفرضه الحياة المعاصرة نتيجة القسوة التي يبديها منطق الرأسمال الذي قوض المعنى الحقيقي للحياة بصناعته للعديد من الأوهام الاجتماعية من بينها الأسلوب الحياتي القائم على السرعة والسهولة في النجاح، وهو ما دمر جذريا العلاقة بين العلامات (الدال والمدلول/المعيار وما يحيل إليه اجتماعيا) مما أدى إلى إفراغ جميع الضوابط الاجتماعية من محتواها الحقيقي.
وفق هذا المنطق اليوم بالمغرب تتسع بشكل جلي ظاهرة الدعارة التي تتم وفق وأمام أعين العائلات في منطقة بومية نموذجا، وفي الصويرة والزاوية "زاوية الشيخ" قرب مدينة تادلة، وهو ما يعبر بشكل جلي على الفظاعة التي وصل إليها الجسد المستباح كما تقول الباحثة المغربية فاطمة الزهراء ازرويل، فبعد عجز المجتمع على إيقاف وتقييد الجسد الذي يستبيح نفسه في الأماكن و الفضاءات الهامشية التي تعكس بعمق تراتبية وحقيقة المجتمع.
تعود الظاهرة تاريخيا إلى الفوارق التي خلقها الاستعمار بين الهوامش والمراكز الحضرية(المدن والمناجم والثكنات العسكرية) حيث فرض على الناس الانتقال من أجل الاشتغال داخل المناجم أو الضيعات الفلاحية لكبار القواد والملاكين، لكن الأجور الزهيدة وكافة أشكال الاستغلال التي كان يتعرض لها العمال فرضت عليهم ظروف عيش مزرية، نتيجة بطش بعض القواد الذين استباحوا أجساد الرعية، مما أدى إلى تشريد العديد من النساء اللواتي سيجدن أنفسهن في نهاية المطاف عرضة للاستغلال في الماخورات التي كانت تعود ملكيتها لأعوان السلطة ورجالاتها، لكن "العاملات الجنسيات بلغة الأستاذ عبد الصمد الديالمي" لم يتوقف استغلالهن فقط في الماخورات بل وظفن كذلك في الوشايات والاستخبار حول تحركات المستعمرين وكذلك رجالات الحركة الوطنية، مما يؤكد بنظري ما ذهب إليه فوكو بأن الجسد لم يكن في يوم من الأيام متحيزا أو محايدا في الصراع الاجتماعي والسياسي حول السلطة بل كان جزءا من هذا الصراع.
تبين جغرافية الدعارة التي و للأسف لا نملك دراسات سوسيولوجية وإتنوغرافية دقيقة حولها في المغرب (باستثناء دراسات الأستاذ عبد الصمد الديالمي/فاطمة الزهراء ازرويل/فاطمة المرنيسي) بأنها ليست ظاهرة إقليمية مرتبطة بالأماكن الهامشية أو الأماكن المدينية (نسبة إلى المدينة) بل الدعارة جزء من الحراك الاجتماعي الذي لا يتيح لجميع الأفراد داخل مجتمع معين توزيعا عادلا ليس وفقط في الثروة المادية بل في الخيرات الرمزية(التربية الجيدة، التعليم ، الصحة...).
حينما نعود إلى منطقة بومية مثلا التي تسعى بعض الكتابات الصحفية أن تفسر ظاهرة الدعارة بها نتيجة التفكك الذي تعرفه الأسرة وغياب الوازع الديني يبدو هذا التصور الأخلاقي متهافتا من الوهلة الأولى، لأنه لا ينتبه إلى طبيعة المنطقة التي تتشكل أغلبية ساكنتها من اليد العاملة التي تأتي للعمل في الفلاحة وباعتبار هذه الفئة غير منتمية من ناحية النسب (السلالة)، إلى نفس المنطقة وارتباطا بظروف العمل التي يشتغل فيها نساء ورجال من مناطق مختلفة في المغرب يفرض عليهم الاحتكاك اليومي نوعا من التواصل الاجتماعي والحميمي، الذي ينتقل إلى تبادل للآراء والرغبات وهو ما ينتج عنه حوامل و اغتصابات سيتم الصمت عنها بسبب الطريقة التي يصرف بها المجتمع العلاقات الجنسية الخارجة عن مؤسسة الزواج.
في هذه الشروط تجد المرأة نفسها أمام خيار أن تكون الدعارة موردا ماليا جيدا بأقل التكاليف الجسدية رغم التكلفة الأخلاقية أمام المجتمع. لكن باعتبار الدعارة الآن نمط ثقافي يتم صناعته وتصديره بشكل واع أو غير واع عبر الوسائط الرقمية، يصبح الأفراد قادرين نتيجة البروز التدريجي لقيم الفردانية قابلين لاشعوريا بأن يبرروا الدعارة باعتبارها حق فردي يتحمل فيه صاحبه كامل المسؤولية، لكن المجتمع رغم ذلك يسعى دائما إلى مقاومة هذه الشروخ التي تحدثها الرغبة على مستوى معمارية أخلاقياته، فنجده بين الفينة و الأخرى في علاقة بالسلطة يلجأ إلى المساجد أو الإعلام العمومي لتجريم الدعارة دون أن يعي هذا الخطاب الأخلاقي والوعظي أنه في الوقت الذي يجرم فيه الدعارة أخلاقيا يشجع عليها بطرق متعددة عن طريق الأفلام المكسيكية وأفلام الأكش والفضائيات والبورنوغرافيا التي يحولونها اليوم إلى فن !!! باعتبارها جزء من الحياة العصرية .
يعرف تطور المجتمعات عبر التاريخ وانتقالها من بنيات اجتماعية تقليدية إلى بنيات اجتماعية حديثة، ظهور العديد من الظواهر المحايثة 'لتجربة الانتقالات الإجتماعية" ومن بين الظواهر التاريخية اللصيقة بتطور المجتمع نجد ظاهرة الدعارة التي تعبر في العمق عن الأزمة الأخلاقية والاقتصادية والسياسية لأي نظام من الأنظمة، فخروج أوروبا من الإقطاع إلى التصنيع، وما صاحبه من انتقال لليد العاملة من البوادي إلى المدن الصناعية وارتفاع الاستغلال الرأسمالي لليد العاملة التي لم تكن قادرة على توفير السكن اللائق نتيجة الاستغلال البشع لفائض''القيمة من طرف البرجوازي أفرز "غيتوهات" في الهامش انتعشت فيها تجارة البشر بجميع أنواعها، إلا أنه في المغرب وجب التركيز على أن الدعارة ليست وليدة التغير الاجتماعي الذي عرفه المغرب "من القبيلة إلى الدولة" بل هي لصيقة بوجود المجتمع وتجربة الظلم و اللاعدالة الاجتماعية، وما يؤكد ذلك أنه في عهد الخلفاء ومن سبقهم نجد حضورا قويا للظاهرة، مما يعني أنها ليست سلوك أخلاقي بل هي ظاهرة اجتماعية تعبر عن العجز الأخلاقي لمجتمع من المجتمعات على ضبط سلوكات ورغبات أفراده انطلاقا من نسق أخلاقي ينتجه من أجل تبرير نفسه أمام هذا المجتمع، فالأحكام التي قد تصدر أحيانا من مؤسسة الفقيه أو من الضمير الجماعي للمجتمع بلغة إميل دوركايهم (المدرسة-الأسرة-الشارع) هي في العمق ليست إلا سلطة تطالب باستمرار مجتمع من المجتمعات ضدا على وجود الفرد، وهو ما يثبت لحد الآن فشل المجتمع الحديث على إيجاد حل جدري رغم جميع المقاربات السياسية والأخلاقية والاجتماعية للحد من الظاهرة التي نلاحظ أنها في ارتفاع مستمر، وهو ما يفرض أن ننظر للظاهرة من مقاربة نسقية تستحضر العلوم الإنسانية والفلسفة وعلم التاريخ من أجل فهمها باعتبارها خيار فردي وجماعي يقاوم الضمير الجماعي للمجتمع" ضدا على وجهات النظر الأحادية التي تتمثل في:
وجهة النظر الاقتصادية:
وجهة النظر الأخلاقية:
الدعارة في المغرب
فالمجتمعات في تدبير مجالاتها الترابية تسعى دوما إلى التخفيف من ثقل السلطة والإعلاء من شأن الفرد(المواطن) لكن مع مشيل فوكو اكتشفنا أن التراب جزء من السلطة، بل يمثل في حد ذاته سلطة خاضعة لمنطق القوة والحركة، لمقاربة ظاهرة الدعارة في المغرب لابد أن ننظر إليها من هذه الزاوية باعتبارها تعبير عن أسلوب في العيش، تفرضه الحياة المعاصرة نتيجة القسوة التي يبديها منطق الرأسمال الذي قوض المعنى الحقيقي للحياة بصناعته للعديد من الأوهام الاجتماعية من بينها الأسلوب الحياتي القائم على السرعة والسهولة في النجاح، وهو ما دمر جذريا العلاقة بين العلامات (الدال والمدلول/المعيار وما يحيل إليه اجتماعيا) مما أدى إلى إفراغ جميع الضوابط الاجتماعية من محتواها الحقيقي.
وفق هذا المنطق اليوم بالمغرب تتسع بشكل جلي ظاهرة الدعارة التي تتم وفق وأمام أعين العائلات في منطقة بومية نموذجا، وفي الصويرة والزاوية "زاوية الشيخ" قرب مدينة تادلة، وهو ما يعبر بشكل جلي على الفظاعة التي وصل إليها الجسد المستباح كما تقول الباحثة المغربية فاطمة الزهراء ازرويل، فبعد عجز المجتمع على إيقاف وتقييد الجسد الذي يستبيح نفسه في الأماكن و الفضاءات الهامشية التي تعكس بعمق تراتبية وحقيقة المجتمع.
تعود الظاهرة تاريخيا إلى الفوارق التي خلقها الاستعمار بين الهوامش والمراكز الحضرية(المدن والمناجم والثكنات العسكرية) حيث فرض على الناس الانتقال من أجل الاشتغال داخل المناجم أو الضيعات الفلاحية لكبار القواد والملاكين، لكن الأجور الزهيدة وكافة أشكال الاستغلال التي كان يتعرض لها العمال فرضت عليهم ظروف عيش مزرية، نتيجة بطش بعض القواد الذين استباحوا أجساد الرعية، مما أدى إلى تشريد العديد من النساء اللواتي سيجدن أنفسهن في نهاية المطاف عرضة للاستغلال في الماخورات التي كانت تعود ملكيتها لأعوان السلطة ورجالاتها، لكن "العاملات الجنسيات بلغة الأستاذ عبد الصمد الديالمي" لم يتوقف استغلالهن فقط في الماخورات بل وظفن كذلك في الوشايات والاستخبار حول تحركات المستعمرين وكذلك رجالات الحركة الوطنية، مما يؤكد بنظري ما ذهب إليه فوكو بأن الجسد لم يكن في يوم من الأيام متحيزا أو محايدا في الصراع الاجتماعي والسياسي حول السلطة بل كان جزءا من هذا الصراع.
تبين جغرافية الدعارة التي و للأسف لا نملك دراسات سوسيولوجية وإتنوغرافية دقيقة حولها في المغرب (باستثناء دراسات الأستاذ عبد الصمد الديالمي/فاطمة الزهراء ازرويل/فاطمة المرنيسي) بأنها ليست ظاهرة إقليمية مرتبطة بالأماكن الهامشية أو الأماكن المدينية (نسبة إلى المدينة) بل الدعارة جزء من الحراك الاجتماعي الذي لا يتيح لجميع الأفراد داخل مجتمع معين توزيعا عادلا ليس وفقط في الثروة المادية بل في الخيرات الرمزية(التربية الجيدة، التعليم ، الصحة...).
حينما نعود إلى منطقة بومية مثلا التي تسعى بعض الكتابات الصحفية أن تفسر ظاهرة الدعارة بها نتيجة التفكك الذي تعرفه الأسرة وغياب الوازع الديني يبدو هذا التصور الأخلاقي متهافتا من الوهلة الأولى، لأنه لا ينتبه إلى طبيعة المنطقة التي تتشكل أغلبية ساكنتها من اليد العاملة التي تأتي للعمل في الفلاحة وباعتبار هذه الفئة غير منتمية من ناحية النسب (السلالة)، إلى نفس المنطقة وارتباطا بظروف العمل التي يشتغل فيها نساء ورجال من مناطق مختلفة في المغرب يفرض عليهم الاحتكاك اليومي نوعا من التواصل الاجتماعي والحميمي، الذي ينتقل إلى تبادل للآراء والرغبات وهو ما ينتج عنه حوامل و اغتصابات سيتم الصمت عنها بسبب الطريقة التي يصرف بها المجتمع العلاقات الجنسية الخارجة عن مؤسسة الزواج.
في هذه الشروط تجد المرأة نفسها أمام خيار أن تكون الدعارة موردا ماليا جيدا بأقل التكاليف الجسدية رغم التكلفة الأخلاقية أمام المجتمع. لكن باعتبار الدعارة الآن نمط ثقافي يتم صناعته وتصديره بشكل واع أو غير واع عبر الوسائط الرقمية، يصبح الأفراد قادرين نتيجة البروز التدريجي لقيم الفردانية قابلين لاشعوريا بأن يبرروا الدعارة باعتبارها حق فردي يتحمل فيه صاحبه كامل المسؤولية، لكن المجتمع رغم ذلك يسعى دائما إلى مقاومة هذه الشروخ التي تحدثها الرغبة على مستوى معمارية أخلاقياته، فنجده بين الفينة و الأخرى في علاقة بالسلطة يلجأ إلى المساجد أو الإعلام العمومي لتجريم الدعارة دون أن يعي هذا الخطاب الأخلاقي والوعظي أنه في الوقت الذي يجرم فيه الدعارة أخلاقيا يشجع عليها بطرق متعددة عن طريق الأفلام المكسيكية وأفلام الأكش والفضائيات والبورنوغرافيا التي يحولونها اليوم إلى فن !!! باعتبارها جزء من الحياة العصرية .
http://www.milafattadla.com/news1469.html
http://bohoutmadrassia.blogspot.com/2014/02/blog-post_8828.html
http://aljsad.com/forum85/thread93310/
بيت دعارة المشرق في ألف عام وعام
يا مشرق , لقد فتحت بيت دعارتك ولأول مرة في تاريخك منذ ألف سنة تقريبا , أغلق أبوابها أو سحقا لك .. .
صدقت أيها العظيم , الحكيم , المبجل فولتير إنك فعلا نبي التسامح , لقد ناديت بحرية الإنسان وحرية المعتقدات , أيها النبيل أرى أنك سكرت من نشوة الفرح عندما إنتصر ابن جلدتك الغربي الجنرال أوجين على الأتراك وقلت حرفيا " هلموا الى الحرب ضد المسلمين , ضعوا عمائمهم ورؤوسهم تحت أقدامكم , حطموا الحواجز , عُضّوا هؤلاء المختونين الوقحين السفهاء , حولوا سكان المشرق الى عبيد , ضع هؤلاء الكفرة في مكانهم " إننا فعلا عبيد ,وقحاء وسفهة أيها العظيم فولتير : ( قصيدة فولتير سنة 1716 حول الجنرال أوجان الذي ضرب الأتراك سنة 1697 ب Zenta إنك فعلا إنسان متسامح , وقلبك طاهر وتحب الآخر يا فولتيرمثلما يقول لنا الآن" المفكرون " العرب وستكون المثل الأعلى لنا في المستقبل . كرر فولتير في الحقيقة ما قاله أجداده القدامى وما يقوله بنو جلدته حتى هذه الثانية , سواء كان إسمه أرسطو أو هيرودوتوس أو فرجيليوس أو دنتي أو شكسبير أو ماركس أو هايننغتون , كلهم قالوا نفس الكلمات تقريبا , سواء كان ديننا الإسلام أو عبدنا الحجارة أو الشياطين ... لقد أصاب الشيب عقولكم العاهرة أيها العبيد . صنع الهراطقة أسطورة " العقل الغربي الحكيم العظيم " منذ حوالي ألف سنة تقريبا , ومنذ ذلك العهد ونحن نخبط الأرض بأقدامنا الحافية, في نفس المكان , وننادي بالعقل الغربي الذي سينقذنا ويحررنا من قيود عنصريته . حوالي ألف سنة تقريبا ونحن نمجد العقل الغربي وكأننا كائنات بدون عقول . منذ قرون وقرون ونحن نسمع نفس الكلمات " يا أهل المشرق , لقد أصابكم مرض عضال, العقل الغربي سيفتح مشاكلكم الدنيوية والروحية " . سواء كان إسمه إبن رشد أو إبن سينا أو الكندي .. الخ من القدامى أو ثرارة اليوم الذين ينادون بالحداثة والتمدن والتغيير والتنوير , كلهم نادوا بنفس الشيء , ما عدا التسميات تغيرت , كلهم مجدوا العقل الغربي , الفرق الوحيد بين ثرارة اليوم وعُبّاد الغرب القدامى هو أن البعض من القدامى إستفاد الإنسان من إنتاجهم العلمي الملموس , لكن ثرارة اليوم الذين صعدتهم وسائل الإعلام " الغرعربية " لم يقدموا لنا الا كلمات فارغة وجمل غير مفيدة . هناك وجه شبه كبير بين عُبّاد الغرب القدامى والذين يعبدونه اليوم , هو أن أكثرهم عملوا في حاشية السلطان والسلطة . ( هناك الكثير من الذين يعبدونه من يعمل مباشرة مع السلطان الغربي ) هل بنى الأهرام العقل الغربي !! هل بنى حضارة اليمن وبلاد الرافدين عقل الغربي !! , هل إكتشف الكتابة وعلمها الإنسان العقل الغربي !! هل الذين إكتشفوا الزراعة وطوروها وبنوا المدينة وشرعوا قوانينها إلهكم الغربي !! وهل وهل وهل !!! المنطقة المعروفة الان جغرافيا باسم المنطقة العربية عاشت منذ صعود الإغريق إما في حالة يقظة كاملة , منتجة , تساهم في تطوير عقل الكون و أهلها أحرار , أو في حالة سبات عميق , مستهلكة , وأهلها عبيد . بعد صعود الإغريق وتوسعات الإسكندر الأكبر دخلت المنطقة الى عصر الظلام وتحول أهلها الى عبيد . بقيت قرطاج القلعة الوحيدة المتحررة بالمنطقة , جمعت قرطاج بين جدرانها الحكمة المشراقية وعملت بها , نظام الحكم ونمطه بقرطاج كان قمة المثالية , وحسب أشد أعدائها مثل أرسطو وغيره كانت قرطاجا نموذجا للمدينة الفاضلة . لم تستورد قرطاج أفكارا أجنبية لتتطور , وإدعاء بعض المتهورين الذين لقبوهم بمفكرين بأن قرطاج إستوردت الفكر الإغريقي أراه مجرد هراء وثرثرة , ما بقي لنا من أثر مكتوب حول فكر قرطاج نجده عند ترنتي الإفريقي وأظن أن ما تركه لنا في رواياته الست أراهم من زاويتي يجسدون العقلية الشرقية القديمة , النقية , الإنسانية , الخالية من النظرة العبودية للآخر , وعندنا كتب ماغون القرطاجي ( 28 مجلد ) حول الزراعة والريّ , وأظن أن المعقدين في زمننا هذا من عابدي الغرب كلامهم لا يستحق حتى الرد عليه , كـُـتب ماغون حول الزراعة تم ترجمتها للإغريقية من طرف كاسي التونسي ( من مدينة أوتيكا ) وبعدها بعث بهم الى الملك ديجوراتوس وعنما إكتشف الرومان أهميتها العلمية قرر البرلمان الروماني ( سينات ) ترجمتهم الى اللغة اللاتينية (المعروفة بإسم قرار كاتون ) . لم يكن الإغريق أو الرومان وراء تطوير الزراعة وتحسين حياة الإنسان في المنطقة مثلما تدعون أيها المتفكرنون , بل العكس هو الصحيح !! قرطاج كآخر قلعة في العهد القديم كانت شرقية بحتة . سقطت قرطاج وصعدت روما بمساعدة الخونة ودخلت المنطقة كلها من المشرق الى المغرب في عصر الظلام والعبودية الغربية العنصرية العمياء . لم تقبل المنطقة الإستعمار وقامت ثورات هنا وهناك . صعدت المسيحية وانتشرت بالمنطقة . حاول الإغريق إعطاء المسيحية طابعا إغريقيا ولنا باولوس كمثال . إستغل مُفكرو ذلك العهد من سكان منطقتنا الدين لضرب روما ولتحريك العامة ونشر الوعي حول القيم الإنسانية حسب مفهومها الشرقي , وكل الوطنيين في ذلك العهد سواء كانوا من مدرسة بلاد مصر أو قرطاج أو بلاد الشام ..الخ حاربوا كل ما هو فكر هلليني , وأعطوا للنصرانية مفهومها الشرقي العقلاني ورفضوا كل ما هو غريب . وأظن أن مدرسة الإسكندرية ببلاد مصر دليل على أن المشرق رفض الفكر الهلليني قلبا وقالبا , فإدعاء الغرب وبيادقه بالداخل من أنصار العولمة أن الفكر الهلليني إنتشر بالعالم مع الإسكندر الأكبر , أراه مجرّد كلام صادر عن مجموعة مصابة بمرض الأنوية , وعن عرب مرتزقة ثمنهم لا يساوي نعل جزمة . يدعي الغرب ان الإسكندرية ومعهدها للحكمة museion ومكتبتها المشهورة كانت قد نشرت الفكر الهلليني بالمنطقة . لا أحد ينكر أن بطليموس الأول جدّ كليوبترا الذي حكم مصر بعد موت الإسكندر الأكبر وبعد تقسيم المنطقة بين جنرالاته , هو الذي بنى المدينة العلمية في ساحة قصر المدينة . ولا أحد ينكر أنه بساحة قصر المدينة كانت الأقسام تحمل أسماء إغريقية مثل مركز أرسطو lyceum ومركز إفلاطون ( أكاديمية ) وحديقة ل Epikuros ومركز لزينوس ( الرواقيين ) . ولا أحد ينكر أن المدرسة أنجبت عمالقة مثل اقليدس في الرياضيات وهيرو الذي صنع أول محرك بخاري بالتاريخ وأرخميدس ومفهومه للآلة وهيريفولوس الذي قام بدراسة خلايا المخ البشري وكان يقوم بتشريح الجثث , ولنا علم الفلك الذي تطور كثيرا بالمدرسة عن طريق هيباركوس وغيرهم , ولا أحد ينكر أن الإسكندرية كانت عاصمة العالم في العلوم في ذلك العهد .. ولا أحد ينكر أن مدرسة الإسكندرية نشرت في العالم ما وصلت اليه من نتائج في الميادين العلمية الطبية والفلكية وقياس الأراضي وكل ما له علاقة بالبحر .. الخ لكن هناك فرق شاسع بين مدرسة الإسكندرية وأثينا ولا يمكن المقارنة بينهما .. مدرسة الإسكندرية كانت علمية بحتة وأهتمت بالعلم وورثت ذلك عن الفراعنة , وكانت بعيدة عن التساؤلات الوجودية , أي كانت معهدا للأبحاث العلمية والتجارب فقط , والجانب الأنوسي بها كان محدودا جدا. ولو نظرنا الى عمالقة الفكرالمصري في ذلك العهد مثل إفلوطين وآري وأوريغن وكليمانس وغيرهم , نجد أن أفكارهم ونظرتهم الروحية للوجود كانت شرقية بحتة . فإفلوطين كان وثنيا شرقيا بحتا , وآري وأوريغن كانا من النصارى الشرقيين وحاربا الكنيسة الغربية , وقد طردهما البابوات من قائمة المسيحيين ... الخ سقطت روما أم الأمم مثلما كان يلقبها خونة المشرق ودُفن الفكر الهلليني معها . عندما نزلت الرسالة على النبي (صلعم ) كانت المنطقة شبه عذراء من الأفكار الدخيلة الهدامة , فقبلت الأكثرية الدين الجديد وصعدت المنطقة وساهمت في تطوير العقل البشري . كل شيء يخضع لقانون الطبيعة , أي شيء كان , سواء كان دين أو فكرة أو كائن حي . إننا نولد ونتعلم ونتطور ونمر بسنوات المراهقة ثم بعدها نشعر بالقوة والحيوية والهيجان في عهد الشباب ثم نكبر ونمر ببعض الوعكات والأمراض ونضعف ثم نصير عواجيز و نموت . تلتحم الناس وراء شيء ما , وأي شيء كان يقنعهم ويبعث فيهم الأمل ليعيشوا حياة أفضل ويتطوروا ويعملوا من أجل ذلك المثال الأعلى .. فتقوم مجموعة صغيرة لتستغل الفكرة وتستغل أيضا سذاجة العامة وتحول كل شيء لقضاء مصالحها الدنيوية ... تكتشف العامة الخدعة وتحدث عملية الطلاق بينها وبين ذلك المثال الأعلى الذي آمنت به . تهجر العامة ذلك المثال الأعلى الذي صنع منها مجموعة قوية ويتحولون الى أفراد كل منهم يدافع عن مصالحه الفردية In order to survive وتزول الدولة أو المؤسسة التي كانت تربطهم بعضهم ببعض لتحمي الضعفاء منهم , وبعدها تنتشر الفوضى وتنهار الدولة مثلما نشاهده حاليا بعدة دول بالعالم العربي بعد الإستقلال من الغرب , ويصير سكان هذه المنطقة لقمة سهلة في يد الأعداء ويتم إستعمارهم وإذلالهم . يدخل المستعمر , وتقوم مجموعة تنادي بإحياء القيم القديمة لأجدادهم ويعطونها ثيابا بلون جديد يتماشى مع ما تعلموه من تجاربهم في الوجود ويحاربون المستعمر ويتحررون ثم يتطورون .. الخ . عن أي تنوير تتكلمون يا أهل المشرق !! وماذا فهمتم من عصر التنوير !! التنوير الغربي بناه رجاله على فكرة واحدة وهي " العقل الغربي متفوق على كل العقول " هذه الأسطورة صنعها الهراطقة العرب من أنصار الفكر الهلليني . عن أي تنوير تتكلمون وأنتم تقولون لنا بأننا كائنات بلا عقول وغير قادرين على التمييز بين الخير والشر !! عن أي تنوير تتكلمون وأنتم تقولون لنا أنبطحوا أمام الغربي , إنكم أقل منه مقاما !!!! اسيادكم الحداثيون والتنويريون الغربيون صنعوا من الغربي إنسانا يثق بنفسه ويفتخر بما أنتجه أجداده وكانوا أعداءا للسلطة وحاربوا الفساد في الدولة , وانتم نشرتم بيننا عقدة تفوق عقل الغربي وسخرتم من كل ما أنتجه أجدادنا . فولتير ليس الوحيد الذي طلب من بني جلدته ضرب المشرق . الغربيون منذ عصر النهضة وحتى قبله طلبوا من حكامهم توجيه أسلحتهم ضدنا , ألم يطلب ليبنيتز سنة 1670 من لويس الرابع عشر شن حرب مقدسة ضد مصر !! ألم يطلب ماركس احتلال الجزائر !! .. الخ لقد صدق الغزالي عندما قال : " أما بعد فإني رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء بمزيد الفطنة والذكاء ... ولا مستند لكفرهم غير تقليد سماعي، ألفي كتقليد اليهود و النصارى ... بل تقليد صادر عن التعثر بأذيال الشبه الصارفة عن صوب الصواب والانخداع بالخيالات المزخرفة كلا مع السراب. كما اتفق لطوائف من النظار في البحث عن العقائد والآراء من أهل البدع والأهواء. لما بلغهم عن الفلاسفة من حسن السمعة وإنما مصدر كفرهم سماعهم أسامي هائلة كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وأمثالهم وإطناب طوائف من متبعيهم وضلالهم في وصف عقولهم، وحسن أصولهم، ودقة علومهم الهندسية، والمنطقية، والطبيعية، والإلهية " لن تتحرر المنطقة ولن تصعد وستبقى ألف سنة أخرى وألف سنة بعدها على نفس الحالة مادامت تنادي بعبادة عقل الغربي العنصري. لن نتحرر من قيود العنصرية الغربية بدون الرجوع الى منبعنا . المنطقة ولدت الأفكار منذ القدم ونشرتها بين الأمم الأخرى . البقاء للأقوى .
__________________
[ . Abdesslem Zayane Tunisie | |
http://marebpress.net/news_details.php?sid=14039
تهمت بالخبث وبممارسة الدعارة الفكرية
أول مجلة عربية متخصصة في الجنس تصدرها صحافية لبناينة
مأرب برس - متابعات
السبت 29 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 الساعة 06 صباحاً
تصدر في بيروت خلال الأيام القادمة، أول صحيفة في العالم العربي تخوض في قضايا الجنس ومسائل الجسد الحساسة، دون خطوط حمراء، مخترقة المشاكل المسكوت عنها، والتي تعد من المحرمات في الثقافة الاجتماعية وحتى لدى نخب الرأي العام.
ونفت رئيسة تحرير الصحيفة التي اختارت "جسد" إسما يشير صراحة لمضمونها الثقافي، الشاعرة والصحافية اللبنانية جمانة حداد، أن يكون الهدف من إطلاق المجلة "الاستفزاز المجاني"، أو "التسويق التجاري" لكل ما ينتهك "التابو".
ويتوقع أن تثير المجلة، التي تترقب الأوساط الثقافية العربية صدور عددها الأول خلال ديسمبر 2008، جدلا هائلا، كونها المجلة الأولى عربيا المتخصصة في فلسفة الجسد وثقافته ولغته.
وقالت حداد لـ "العربية.نت" إن الوقت والتراكم سيتوليان معالجة المشكلة الأساسية التي تواجه هذه المجلة، و"هي مشكلة تتعلق بسوء الفهم حيال مشروعها ومفهومها، وحيال تناولها، عن طريق أدوات ثقافية راقية".
وأكدت أن "الوقت والتراكم وجدية الأعداد المتتالية" ستتكفل بحل تلك المشكلة وبإجلاء سوء الفهم الذي قد يثيره مشروعها. "طبعا هنالك مشكلة التوزيع أيضا، لكني سأفعل ما في وسعي لكي تخترق المجلة أي جدار رقابي قد يقف أمامها".
وتعدّ "جسد" المجلة الأولى من نوعها في العالم العربي، وهي بحسب إعلان المجلة على موقعها الالكتروني، "مشروع ثقافي وفكري وأدبي وعلميّ وفني جدّي، تطلّب الكثير من التفكير والتمحيص قبل أن يتبلور ويتكوّن".
إعلان "الجسد"
واتهمت حداد عبر إعلان مجلتها "جسد" بعض المثقفين العرب بالشيزوفرينيا (انفصام الشخصية) والخبث وبممارسة "الدعارة الفكرية"، قائلة في طيات الإعلان "هكذا غالبيتنا: تريد الشيء وتبصق عليه".
وأوضحت أنها لا تعتقد بأن هذا الانتقاد في "غير محله"، مستطردة،"غالباً ما يكون الحديث عن الجسد والعري جيد ومحبوب ما دام الآخر هو الذي يكتبه ويقوله. نشيّد مسافةً سميكة تفصلنا عن المسائل الحساسة، فلا نلامسها ملامسة مباشرة، ولا نقترب منها، ولا نخاطبها إلاّ بطريقة ملتوية. لأجل ذلك لا اعتقد أني كنت مغالية في انتقادي هذا. كفانا مقاربة لأجسادنا وحيواتنا بهذه الطريقة الدونية أو الملتبسة، بهذا الإحساس بالخجل والعار، كما لو أننا نرتكب جريمة".
وحول إمكانية فسح المجلة في العالم العربي قالت حداد إنها تحمل آمالا كبيرة على هذا المستوى: "لقد سمحت لنفسي بحمل توقعات طموحة على هذا الصعيد، لأني مقتنعة بأن حياتنا العربية مضروبة في الصميم، وبأنها ناقصة ومدمرة وثمة عقود وأجيال من تراكمات النفاق والقهر والقمع حيال الجسد وحيال سواه من المحرم و المسكوت عنه في مجتمعاتنا العربية. لذلك من الأكيد أن الثقافة العربية باتت مستعدة لاستقبال مشروع من هذا النوع".
قضايا الجنس العربي
ويتوقع أن يتصدر العدد الأول عناوين مختلفة، كمثال "الفيتيشية مفتاحاً للشهوة، تأملات كانيبالية، أنا مثليّ إذاً أنا غير موجود، في مديح العادة السرية، رغبة الفوتوغرافيا وفوتوغرافيا الرغبة، سوبر ماركت الأجساد المحنّطة، الجسد بين الاستقلال الذاتي وسطوة الإعلان، نظرتُ إلى جسدي وخجلت..".
وعلقت حداد عما إذا كانت هذه العناوين "صادمة" للمجتمعات العربية، معتبرة أن "الصدم شر لا بد منه، لكنه يقع في خانة الأضرار الجانبية وليس هدف المجلة في ذاته. هدفنا ليس أن نفتعل الصدمة بل أن نصنعها، في دورها الإيجابي المغيّر والمحرّك لوحول الركود والجمود. صدمة كهذه مشروعة وصحية، بسبب منطقها ورؤيتها وتصورها".
واستطردت: لن أذهب بتفاؤلي حد القول إن الحديث العلني عن مثل هذه الأمور سيكون في زمن قريب من بديهيات ثقافتنا العربية، لكني آمل على الأقل أن يصبح على مرّ الوقت أمرا طبيعيا ومقبولا لدى غالبية القراء والمتلقين، لأن المجلة تتناول موضوعات وكتابات وفنون وظواهر موجودة في حياتنا وثقافتنا وحميمياتنا، وأنا لست استجلبها من ثقافات أخرى. غالبيتنا تخشى المواجهة المباشرة، لذلك أتوق إلى أن تساهم المجلة في جعل مقاربتنا للجسد أكثر عفوية وعمقاً ووعياً".
اتهامات بسرقة الفكرة
وحول الاتهامات التي طالتها من كون فكرة المجلة مسروقة من أحد المحررين الذي عملوا تحت إدارتها في جريدة النهار اللبنانية والتي نشرت في مجلة "الغاوون"، قالت حداد إن تلك الاتهامات جزء من "حملات إعلامية رخيصة وقذرة"، ناجمة عن أسباب عديدة منها الحقد والحسد، "أحياناً يكون الاحتكام إلى القضاء ضرورياً لضمان حقوقنا، أي، في هذه الحال حقوق مجلتي "جسد"، التي تصدر عن شركة "الجُمانة" للنشر والترجمة والاستشارات الأدبية، بترخيص قانوني وشرعي من وزارة الإعلام ونقابة الصحافة في لبنان.
وأضافت: "على أي حال، الجريدة إياها نشرت بيان التوضيح والتصحيح الذي صاغه محامي شركتي، كما ينص القانون، وهذا يشكّل في ذاته تراجعاً عن الافتراءات. لكننا نحتفظ بحق المداعاة، كما يذكر بياننا، في أي وقت، إذا ما شعرنا بأن ثمة حاجة إلى ذلك".
وكشفت حداد تلقيها نصوصا كثيرة من أدباء يرغبون في الكتابة في المجلة بأسماء مستعارة، إلا أنها أبدت رفضا قاطعا حيال ذلك، لأن "رهاني الكبير كان قرار نشر المقالات والبحوث بأسماء كتابها الحقيقيين. من السهل جمع نصوص جريئة يختبئ أصحابها وراء حصن الاسم الوهمي، لكن الانجاز الحقيقي هو تحمّل الكاتب والفنان مسؤولية جرأته الأدبية والفنية، وهذا هو رهان مجلة "جسد". وكان لي شرف مشاركة مجموعة كبيرة من الأدباء في العدد الأول، يقارب عددهم الخمسين".
وتعتمد "جسد" في تحريرها على فريق متنوع ومختلف تأتي غالبيتهم من العالم العربي. ومن المخطط أن تنتقل المجلة الفصلية الصادرة عن شركة "الجمانة للنشر والترجمة والاستشارات الأدبية"، إلى الصدور الشهري مستقبلا. كما تتكون المجلة التي تقع في 160 صفحة، من أقسام متنوعة، من الملفات والشهادات والريبورتاجات، السينمائية والأدبية.
وأشارت حداد إلى أن أرقام الاشتراكات "مشجعة جدا"، خاصة من السعودية ومن مختلف البلدان العربية، وأوضحت، "سعيتُ جاهدة إلى تحديد سعر مادي معقول للمجلة، حيث أن هدف المجلة ليس الربح بل الاستمرارية، ولكي تعيل نفسها بنفسها حتى تظل في منأى عن أي ضغوط وتنازلات قد يفرضها أحيانا الوضع المادي الصعب، فهذا المشروع قائم على الحرية، وأي تسويات ومساومات على هذه الحرية يمكن أن تلحق به ضررا مهلكا".
وتعمل الشاعرة جمانة حداد، التي نالت جائزة الصحافة العربية عام 2006م، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة النهار اللبنانية، ومديرةً إداريةً للجائزة العالمية للرواية العربية (أو الـ"بوكر" العربية)، كما أصدرت مجموعات شعرية عدّة نالت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي، وتُرجم بعضها إلى لغات أجنبية.
http://minbaralhurriyya.org/index.php/archives/2596
مأساة الجواري في الإسلام
♦ خالص مسور
تقييمك لهذه لمقالة
كان الفيلسوفان اليونانيان أفلاطون وأرسطو، يريان أن هناك أناس خلقوا أحراراً ليكونوا أسياداً وهم اليونانيون أنفسهم، بينما هناك من خلقوا ليكونوا عبيداً أينما كانوا وهم من الآخرين غير اليونانيين وسموهم بالبرابرة المتوحشين. ولدى الأكراد والفرس كانت تمنع على المرأة أن تلفظ اسم زوجها تقديراً للزوج من أن يلفظ اسمه امرأة وهي زوجته.
فهؤلاء كانت ظروفهم ومفاهيمهم ووضعهم الاقتصادي القائم على الرق تملي عليهم هذه المواقف تجاه المرأة آنذاك. ورغم أم الإسلام حاول التخفيف من وطأة الرق وجعل تحرير رقبة كفارة للذنوب وأن الرسول دعا إلى التلطف بالعبيد كقوله: (لا يقل أحدكم عبدي ولا أمتي، ولكن ليقل فتاي وفتاتي). كم يحس الملاظ بالغضب والشفقة معاً كلما أوغل في سيرة الجواري في الإسلام، غضب من هذه الفحولة الغرائزية للمسلمين الأوائل، وشفقة على مآسي الجواري المسحوقات اللائي كن يبعن بيع النعاج ويفتضن فض العجماوات من البهائم والسوائم..!. وحينها كم تمنيت أن يكون الإسلام قد حرم اقتناء الجواري وملك اليمين ممن وردت التعريف بهن في هذه الآية الكريمة: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا)- النساء- 3. فما فائدة هذه الممارسة وما حاجة بعض الرجال بعد الزوجات الأربع إلى هذه الكثرة من الجواري وملكات يمين الرجل وبدون عد وحصر؟. فماذا يفيد أن يكون عند هارون الرشيد مثلاً (2000) الفي جارية وأعداد منهن عند غيره وغيره..؟ هذا رغم أن الجواري كن من الأسباب الرئيسية في نخر بنيان الإسلام واستشراء الفساد الأخلاقي في دولة الخلافة الإسلامية.
ورغم بأن الإسلام اشترط العدل في حالة الزواج بأكثر من واحدة من النساء الحرائر، ولكن هل ينطبق شرط العدل على ملكات اليمين من الجواري يا ترى..؟ فهذا مما لم تبينه الآية الكريمة، مما يدل على أن العدل يقتصر على الحرائر منهن فقط، بينما جاء اقتناء ملكات اليمين من الجواري بدون تحديد وبدون عدل ومساواة مع المرأة الحرة أي يدل هذا الأمر على أن الإسلام لم يساوي بين النساء بالشمول والمطلق، بل جعلهن صنفين صنف الحرائر وصنف الجواري أو الإماء وفيه تكون حقوق الجارية أقل بكثير من حقوق الحرة. ولهذا وبكل بساطة فإنسانية الجارية في الحضيض مقارنة بأختها الحرة.
وهذه تتبدى في عدة جوانب أساسية منها: ففي الوقت الذي لا يمكن لرجل أن يجمع إلا بين أربع حرائر مع العدل بينهن، يستطيع الرجل في نفس الوقت أن يجمع بين جوار ما لا عد لهن ولا حصر. ولا يجوز للرجل أن يجامع امرأة حرة دون عقد زواج أو نكاح، بينما يمكنه أن يضاجع جاريته المشتراة بماله بدون نكاح وعقد زواج. والمرأة الحرة ترث زوجها والجارية ليس لها حق الميراث ما لم تكن أم ولد. بالإضافة إلى أن الزوجة الشرعية حرة والجارية أمة لسيدها.
ولكن لنتساءل عن مغزى هذا التقسيم القيمي في الإسلام بين النساء والتفرقة في الحقوق والواجبات بين الحرة والجارية وقد ولدتهن أمهاتهن حرات؟ ومن يقرأ في كتب التراث الإسلامي عن الجواري لابد أن ينتابه الأسى والحسرة معاً على وضع هؤلاء الجواري تلك المخلوقات البائسات اللائي ما خلقن إلا ليفتضهن فطاحل أسيادهن في الليل وليعملن خادمات في منازلهم في النهار. وقد ورد في هذه الكتب ما يعبر بجلاء عن تعاسة الجواري وأنهن ما خلقن إلا ليفتضن، من أن أحد خلفاء الأندلس أرسل ستة جوار حسان إلى أحد أصدقائه ومقربيه في مدينة تبعد عنه، وحينما وصلت الجاريات الست أنزلوهن في بيت الرجل، وفي الصباح أرسل هذا الفحل إلى صاحبه الخليفة رسالة مليئة بالزهو والفخار ليقول: (أنه افتضهن في ليلة واحدة).
أما إن أردنا ان نعلم سبب عدم تحريم الإسلام للعبودية والجواري فذلك يعود كله إلى الإقتصاد القائم على الرق آنذاك، وظهور طبقة مترفة استطاعت تحقيق ملكيتها الفردية لوسائل الإنتاج وكان العبيد والجواري من جملة هذه الوسائل، ولتتفرغ رجالات هذه الطبقة الثرية لشؤونها الإجتماعية والثقافية والعسكرية، وقد نتفهم أيضاً الزيجات الأربع للرجل في صدر الإسلام نظراً لكثرة الأرامل منهن بعد مقتل أزواجهن في الحروب فمن عليهن الإسلام بالسترة والزواج. وكما نعلم أنه ولأسباب اقتصادية وجنسية كان السماح وبهذا الشكل المسرف والزائد عن الحد لاقتناء لملكات اليمين من الجواري وامتلاك سبايا الحرب كنوع من تجارة الرقيق ونوع من المكافأة والتشجيع للمجاهد المسلم لخوض الحروب. ومن جانب آخر كانت ظاهرة الجواري إحدى الأسباب الرئيسية التي أدت إلى نخر بنيان الدين الجديد ونشر الفساد والرذيلة في ربوع الدولة الإسلامية قاطبة.
بالإضافة إلى تبديد الخلفاء والأثرياء ثروة هائلة على اقتناء الجواري وتدريبهن على الغناء والموسيقى حتى يصبحن قياناً مختصات بالطرب والغناء، وبذلك تم خلق تفاوت اجتماعي من نوع آخر بين الناس كان الإسلام في غنى عنه. لأن الفقير ربما لا يملك جارية أو أنه اقتنى جارية وضيعة الملكات والجمال، لأن جمال جاريته سيكون على حسب ما يدفع فيها من مال وحلال بينما الغني ستكون له جوار وقيان ضامرات الخصور حسان.
بهذا الشكل حرر الإسلام غرائز الرجال من قمقمها أي بالجواري والسبايا ثم بالغنائم والأموال، ولهذا فكانوا قلة من المسلمين من كانوا يغزون لإعلاء دين الله ولكن الكثرة الغالبة كانوا يأتون للسبايا والغنائم. فإذا كان الإسلام قد سن مقولة العدل بين النساء الأربعة، وبذلك لم يأت التشجيع من الإسلام كثيراً لظاهرة الزيجات الأربع، ولكن إذا كان الإسلام قد اشترط العدل بين الحرائر فمن أين سيأتي العدل بين ملكات اليمين يا ترى..؟. وكمثال على دور الجواري في الفساد والإفساد الأخلاقي والديني وتبديد أموال المسلمين أيضاً فستسعفنا في ذلك الإستشهاد ببعض الأمثلة. اشترى الخليفة العباسي الشهير هارون الرشيد مرة جارية بمئة ألف درهم، كما هام حباً بالجارية (ذات الخال) وكان الرشيد قد اشتراها بسبعين ألف درهم ثم منحها لوصيف القصر المدعو حمويه، ولكنه دأب على زيارتها كلما هزه الشوق إليها.. ومات الخليفة الأموي يزيد بن الوليد كمداً على جاريته الحسناء حبابة التي ترك لها شؤون البلاد والعباد وحينما مات دفن بجوارها. ولنلاحظ وضاعة مثل هذه الشخصيات التاريخية أمام اللهو والجواري الحسان.. وكان الخليفة المأمون يقايض الخلافة بجارية اسمها عُريب فكانت قيمة الخلافة لدى المأمون لا تعادل قيمة جارية حسناء!، ويقول الشاعر اسماعيل بن عمار يصف كيف كان الناس من الرجال يفقدون عقولهم ويفرطون حتى في صلواتهم بسبب الجواري الحسان فيقول:
إذا ذكرنا صلاة بعد ما فرطت قمنا إليها بلا عقل ولا دين
إذا ذكرنا صلاة بعد ما فرطت قمنا إليها بلا عقل ولا دين
ويقول الجاحظ أيضاً: (لو لم يكن لإبليس شرك يقتل به، ولا علم يدعو إليه ولا فتنة يستهوي بها إلا القيان لكفاه). ومن هنا فهل من المعقول ألا تمارس الجارية فعل الحرام في قصر خليفة مثل هارون الرشيد الذي كان يملك ألفي جارية، فإذا اعتبرنا أنه كان يأتي كل ليلة واحدة منهن فإن نصيب الواحدة منه هو خمس سنوات ونصف السنة، فهل يعقل أن تصبر الجارية على الجنس طوال كل هذه الفترة المذكورة..؟ أم أن الدعارة والفساد الأخلاقي كان مستشرياً في بيوت أغلب الخلفاء قبل غيرهم؟
فحتى الخليفة العباسي المهدي وهو الذي عرف بقاهر الزنادقة، قد وضع مقدرات الخلافة الإسلامية كلها في أيدي جاريته الحسناء (جوهر) تأمر فتطاع وتعزل الرجال فيعزلون وكان يخاطبها بقوله:
فلا والله ما المهدي أولى منك بالمنبر فإن شئت ففي كفك خلع ابن أبي جعفر
فحتى الخليفة العباسي المهدي وهو الذي عرف بقاهر الزنادقة، قد وضع مقدرات الخلافة الإسلامية كلها في أيدي جاريته الحسناء (جوهر) تأمر فتطاع وتعزل الرجال فيعزلون وكان يخاطبها بقوله:
فلا والله ما المهدي أولى منك بالمنبر فإن شئت ففي كفك خلع ابن أبي جعفر
وهكذا بقي العبيد والجواري يعانون من الرق والعبودية حتى تم تحرير العبيد نهائياً بقرار من الرئيس الأمريكي الشهير (لنكولن) في 22 أيلول من عام 1962م، وكان للتطور الاقتصادي وصعود البرجوازية الصناعية التي احتاجت إلى المزيد من الأيدي العاملة الحرة في المدن للعمل في مصانعها، ولانتشار أفكار حقوق الإنسان الدور الأبرز في تحرير العبيد في وقتنا الحاضر.
© منبر الحرية، 27 يوليو/تموز 2009
مأساة الجواري في الإسلام, http://al-marsd.com/main/Content/%D8%B2%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC%D9%8A-%D9%8A%D8%AE%D9%84%D8%B5-%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D9%83%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%A9#.VbJhBdLtmkp
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق