الاثنين، يناير 28

الاخبار العاجلة لتبادل الجزائريين اخبار وفاة رئيس المجلس الدستوري الجزائري عبر صفحات الفايسبوك ومتابعي الاداعة بينما فضلت الاداعة الجزائرية الصمت الاخباري في حصة صباح الخير ياجزائر ويدكر ان قناة النهار كدبت خبر الوفاة السياسية بينما فضلت الاداعة الجزائرية عبر صوت المديعة نجاة كتو معالجة قضايا وسلوكات الجزائري مقابل تجاهل الصحافية امال ادريس خبر الوفاة في نشرة السابعة الرئيسية وللاسارة فانه لاول مرة تعجز الاداعة الجزئارية عن نشر خبر الوفاة السياسية لشخصيات جزائرية في حين تحولت صفحات التواصل الاجتماعي الى منبر للتعازي الشعبية وللاشارة فان موقع كل شئ عن الجزائر نشر خبر الوفاة مع تاكيد مصدره من احد وزراء الجزائر ومن غرائب الصدف ان الاداعة الجزائرية اكدت خبر الوفاة في حدود التاسعة صباحا ليتدولعبر الاداعات المحلية في العشرة صباحا وهكدا استقبل سكان قسنطينة خبر الوفاة بصوت الصحافية ازدهار فصيح في حدود العاشرة صباحا لتفسح المجال الى رابح لوصيف في حصة نفسسية والمتتبع لمسار تداول خبر صحفي يكتشف ان مواقع التواصل الاجتماعي انتصرت اعلاميا على القنوات الرسمية البصرية والسمعية وشر البلية مايبكي







اخر  خبر

الاخبار العاجلة  لتبادل  الجزائريين اخبار وفاة   رئيس المجلس الدستوري الجزائري     عبر   صفحات الفايسبوك   ومتابعي الاداعة   بينما فضلت   الاداعة الجزائرية الصمت  الاخباري في حصة صباح الخير ياجزائر ويدكر ان    قناة النهار كدبت خبر الوفاة السياسية   بينما فضلت الاداعة الجزائرية عبر صوت المديعة   نجاة كتو    معالجة قضايا وسلوكات  الجزائري مقابل تجاهل  الصحافية امال ادريس خبر الوفاة في نشرة السابعة  الرئيسية وللاسارة فانه لاول مرة  تعجز الاداعة الجزئارية عن نشر خبر الوفاة  السياسية لشخصيات جزائرية    في حين  تحولت صفحات  التواصل الاجتماعي الى منبر  للتعازي الشعبية   وللاشارة فان موقع  كل  شئ عن  الجزائر     نشر   خبر الوفاة  مع  تاكيد مصدره  من احد وزراء   الجزائر  ومن غرائب  الصدف ان الاداعة الجزائرية اكدت  خبر الوفاة في حدود  التاسعة صباحا  ليتدولعبر الاداعات المحلية في العشرة صباحا وهكدا استقبل   سكان قسنطينة خبر الوفاة بصوت  الصحافية ازدهار فصيح في حدود  العاشرة صباحا لتفسح المجال  الى رابح لوصيف في حصة نفسسية والمتتبع لمسار   تداول خبر صحفي يكتشف  ان مواقع التواصل الاجتماعي انتصرت  اعلاميا على القنوات  الرسمية  البصرية والسمعية   وشر  البلية مايبكي

 اخر  خبر
الاخبار العاجلة لتنظيم سكان قسنطينة  وقفة احتجاجية  امام ديوان رئيس دائرة  سان جان بقسنطينة     للمطالبة بالسكن  المجاني
ويدكر ان جيوش شرطة  قسنطينة حاصرت ديوان والي قسنطينة   واعلنت حالة الطوارئ   الاستعجالية لمنع  سكان قسنطينة من دخول ابواب  مكتب والي قسنطينة ويدكر ان  حادثة  اعلان والي قسنطينة انه منح سكنات مجانية لاصحاب   المنح  المزيفة  عجل باندلاع الصراع  السياسي بين اعيان  فقراء قسنطينة ووالي قسنطينة  وهكدا تحولت  قسنطينة الى ثكنة  عسكرية  في طريق  المنظر الجميل كما امست شاحنات  شرطة قسنطينة تزين الديكور  الامني لشوارع قسنطينة ومن غرائب  الصدف انه اثناء الاعصار  الثلجي بقسنطينة تعجيب  سكان قسنطينة من  حضور سيارات  المساجين  رغم الثلوج الكطيفة حيث  تعاملت  المحاكم الجزائرية مع  مساجين ثلوج قسنطينة  تبعا  للاوضاع   السياسية وهكدا  اصبحت قسنطينة مدينة  للباحثين عن  الثراء الاجتماعي عبر السكن  المجاني ويدكر ان  والي قسنطينة  اصبح يمار س مهام سماسرة السكن  العقاري   فهل   اخطا وزير الداخلية حينما نصب   والي  اداري برتبة  سمسار   عقاري   والاسباب   مجهولة 
اخر  خبر
الاخبار العاجلة لتنظيم الباحثين عن السكن  الاجتماعي المجاني وقفة احتجاجية   امام دائرة  سان جان  بقسنطينة للترحم على رئيس المجلس الدستوري والمطالبة  بالسكن  المجاني ويدكر ان  مافيا السكن  المجاني تعيش ازدهارا  مند تنصيب والي قسنطينة  المكلف  بالسكن  المجاني في  المدينة الجديدة فقط  والاسباب  مجهولة 


































النشاطات الرئاسية

رئيس الجمهورية يقوم بزيارة عمل و تفقد في ولاية قسنطينة
2006 أبريل 16
الاطلاع على
نبذة تاريخية عن الضريح الملكي "الصومعة"
   
رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة يوم العلم

الجزائر، 14 أبريل 2012
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
و على آله  وصحبه إلى يوم الدين
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،

إن مناسبة 16 أفريل التي نحييها اليوم تهل علينا و الجزائر بصدد تعميق المسار الديمقراطي، وتستعد للاحتفال بخمسينية استقلالها.
لقد سعت الجزائر، حال استرجاع سيادتها، إلى استدراك التأخر المتراكم طول الحقبة الاستعمارية بجعل التربية و التعليم والمعارف أولوية من أولوياتها. فكانت دقرطة التعليم و مجانيته، وتطوير المنشآت القاعدية للتكوين و البحث عبر التراب الوطني من المحاور ذات الأولوية في السياسات الاستثمارية خلال العقدين الفارطين. و لتأمين ما يكفي من التأطير النوعي، جعلت الدولة وفرة المعلمين وتكوينهم انشغالا من انشغالاتها الهامة.
إن الاحتفال بهذا اليوم، مناسبة للأمة لقياس الأشواط التي قطعتها و لتكريم جميع النساء و الرجال الذين أمّنوا، بفضل شجاعتهم و عزمهم و نكرانهم للذات، الدخول الجامعي و المدرسي لسنة 1962 وما زالوا يواصلون مهمتهم النبيلة في تبليغ العلم وفي النهوض بالتكوين.
لقد تم، على نطاق واسع، سد العجز الذي خلفته مائة و إثنان و ثلاثون (132) سنة من الاستعمار. ومنحت المجانية و الحق المكفول في التكوين لكافة الجزائريين والجزائريات الفرصة لبلوغ أعلى درجات التأهيل والكفاءة، و الاضطلاع بمهمة تأطير البلاد بكل جدارة.
أمّا مواطنونا الذين قرروا الاستقرار في الخارج، فإن اندماجهم في البلدان التي استقبلتهم واعترافها بكفاءاتهم مبعث افتخار للذين تولوا تعليمهم و اعتزاز للأمة جمعاء. و لا بد في هذا المقام، من الإشادة بتعلقهم بموطنهم الأصلي وباستجابتهم له كلما دعت الحاجة إليهم.
لئن كانت التقديرات التي تصدرها مؤسسات التقييم الدولية حول أداء منظومة التكوين و البحث في بلادنا قابلة للنقاش بل محل طعن في بعض الأحيان، فإن لها الفضل في توجيهنا إلى التحديات الواجب رفعها وإلى مراجعة وتحسين منظومتنا التربوية لتكييفها مع الجهود المبذولة في إطار السياسات العمومية و الإرتقاء بها إلى المستوى المنشود.
في سياق عولمة المبادلات و سرعة المعلومة، اختارت الجزائر بحزم تكنولوجيات الإعلام و الاتصال الجديدة في منظومة التكوين و البحث والاتصالات،  وهي تقلص بذلك تدريجيا الفجوة الرقمية التي تفصل بينها وبين الدول المتطورة. ويبقى التحدي القادم متمثلا في التعجيل بتقليص الفجوات المعرفية. إننا نوكل مهمة المشاركة في صياغة المحتوى المتداول والتزام اليقظة بشأن صدقية المعلومات لشبابنا البارع في التكنولوجيات الجديدة والحريص على مصالح بلاده و المنخرط في معركة المعرفة.
إن العلوم و التكنولوجيات تتطور بشكل متسارع، وأن قوة الأمم اليوم أصبحت تكمن في قدرتها على إنتاج المعارف وتحويلها إلى ابتكارات وثروات. إننا في هذا المشهد الجديد، أمام مراكز منتجة للمعارف والابتكارات و أخرى تقبع على الهامش على بعد متفاوت من تلك المراكز. فالرهان الذي نواجهه هو الاندماج في هذا النظام على قدر قدراتنا وحاجاتنا و مصالح بلادنا.
لقد شرعنا في إطار البرنامجين الخماسيين الأخيرين، في إنجاز مشاريع ضخمة اعتمدت أحدث التكنولوجيات المتطورة في مجال الري وبالخصوص في تحويل المياه، و في مجال الأشغال العمومية، من خلال الأشغال الفنية المنجزة في إطار مشروع الطريق السيار شرق-غرب.
هذه البرامج المهيكلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي باشرناها تشكل، بالنسبة لمهندسينا و تقنيينا الشباب أفضل وسيلة للتعلم ولتطوير تكنولوجيات أكثر ابتكارا. ذلك أن التقدم الحقيقي يتحقق بالجمع بين التنمية الاقتصادية والسياسية و التطور العلمي و التكنولوجي.
من منطلق هذه الروح، تم تركيز الجهد خلال السنوات العشر المنصرمة، بوجه أخص، على نشاط البحث، الذي كرسه القانون من الأولويات الوطنية لمرافقة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد. فبفضل إنشاء قاعدة علمية وطنية ستتمكن بلادنا من استيعاب التطورات العلمية و تكييفها وفق حاجاتها الخاصة و كذا الإسهام في جهود البحث المبذولة عبر العالم.
إدراكا لدور المكونين و حرصا على استقرارهم، انصبت جهود الدولة، كذلك، على تحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمدرّسين في جميع الأطوار وتحسين ظروف أداء نشاطاتهم البيداغوجية و العلمية.
إن الجائزة العلمية التي أسسناها نابعة من الرغبة في توطيد الصلة بين القوى العلمية و القوى المنتجة في البلاد. و هذه الجائزة، التي تمنح سنويا هي عرفان من الأمة لمنتجي المعرفة.
إن الرغبة في الاندماج في الاقتصاد المعولم، لا يمكن أن تنسينا تاريخنا و إرثنا الثقافي. وعلى أساس هذه القناعة، تمّ وضع سياسة تهدف إلى حفظ و صون و ترقية تراثنا الثقافي المادي واللامادي. لكن حتى و إن كانت مضبوطة بموجب قانون تتولى الحكومة تنفيذه، فإن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة وحدها. بل تحتاج إلى تجند فعال لكافة الأطراف. إن المدن القديمة و القصور التاريخية والفڤارات و الزوايا والمخطوطات و المساجد و غيرها من المراكز والآثار كلها رموز للحياة و للذاكرة ليس بالنسبة للذين يعيشون فيها فحسب، وإنما بالنسبة للمجموعة الوطنية قاطبة.
لقد مكّنت التظاهرات المخصصة للثقافة العربية بالجزائر العاصمة و للثقافة الإسلامية في تلمسان المختصين، وجميع الجزائريين والجزائريات، من تجديد العلاقة، كل حسب طريقته، مع بعض الجوانب من التاريخ المشترك مع العالم العربي و العالم الإسلامي.
و جاء تنظيم المهرجان الإفريقي بدوره تعبيرا صريحا على وجداننا الإفريقي. إن التفكير القائم حول مصير إفريقيا، من خلال التبادلات والتفاعلات و التذكير بالمسار النضالي لشعوبها يدل على الإرتباط الوثيق بين المقومات الثقافية والمحتويات التنموية
تشكل هذه التظاهرات، إضافة إلى بعدها الاحتفالي، فرصة تتجدد باستمرار للغوص في تاريخنا و العودة إلى تقاليدنا العريقة والمتسمة بالانفتاح و التي ميّزت على الدوام الجزائر الثرية بتنوعها و الفخورة بتراثها و رصيدها.

أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
لا ينبغي و لا يمكن فصل هذا الالتزام المستمر لصالح مجتمع فخور بماضيه ومتفتّح على العالم،عن الإصلاحات السياسية التي شرع في تنفيذها، في سبيل دعم المسار الديموقراطي، إذ لا يمكن للمؤسسات السياسية العمل بشكل سليم إلا إذا كانت الأسس الثقافية متينة و مرتبطة بقيمنا الحضارية.
كما لا يمكن فصلها عن الجهود المبذولة لحماية الفئات الضعيفة في مجتمعنا والحفاظ على المكاسب الاجتماعية. فقد تم، على الدوام، إيلاء عناية خاصة لقطاعات التربية و الصحة و السكن والحماية الاجتماعية و الشغل و التضامن الوطني. هذا المسعى ينبثق من إرادة سياسية ثابتة في تجنب الفصل بين الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، و الحقوق السياسية. هذه القناعة تضرب أطنابها في تجربتنا التاريخية، ومن الأهمية بمكان أن يستلم الجيل الصاعد الذي هو قوة البلد اليوم هذ المشعل، وعليه بالمحافظة على الوديعة وصونها.
ولا يمكن لشبابنا في مناسبة هذا اليوم الأغر، أن ينسى العمل النضالي الملتزم الذي بذله علماؤنا، الذين لم يفرّقوا أبدا بين تحصيل المعرفة و العلوم وبين الكفاح من أجل الاستقلال و التمسك بالهوية والحرية والشرف. بالفعل لقد قررنا  طيّ صفحة الحقبة الاستعمارية من أجل التطلع إلى المستقبل، لكن الشعب الجزائري لم و لن يصب بداء النسيان.
إن الشعب الجزائري، على غرار كافة الشعوب المضطهدة، تعلم أن التنمية والديمقراطية لا تأتيه من أية جهة خارجية كانت، بلغت ما بلغت من درجات التطور و الديمقراطية. وما يحدث اليوم تحت ذريعة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان يبقى موضوعا فيه ما يقال. فالديمقراطية مثلها مثل التنمية لا تمنح هبة ولا تستورد مصنعا جاهزا.
لقد كانت التعددية الحزبية و النقابية وحرية الصحافة التي تم دسترتها ببلادنا عام 1989 مدرسة حقيقية للتكوين والتعلّم جددت العهد بتقاليد تعددية الحركة الوطنية.
و الإصلاحات التي تمت مباشرتها خلال هذا العام من أجل مشاركة أكبر للنساء والجامعيين، والشباب، وحالات التنافي مع العهدة الانتخابية،وتحسين ظروف ممارسة الحقوق السياسية بتعديل قانون الانتخابات، و قانون الأحزاب والجمعيات تصب كلها في اتجاه التعميق الجاري للمسار الديموقراطي.
لكن هذا المسعى المتوخي دعم المكاسب المسجلة في مجال الحقوق السياسية كما لا يمكن عزله و تقويمه خارج مكاسب وتواصل خطط التنمية وتحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لشعبنا، لا يمكن عزله أيضا عن الإجراءات المتخذة لإحلال السلم في إطار المصالحة الوطنية.
ذلك أن المعنى الحقيقي للتنمية والديمقراطية لا يكتمل إلا في ظل المجتمع المطمئن المتصالح  مع تاريخه، المجتمع  الذي لا يخشى على مستقبله. هذا هو رهان الانتخابات المقبلة، و هذا هو جوهر الإصلاحات المنتهجة.
أيتها السيّدات، أيّها السادة،
ونحنُ على أبواب استحقاقاتٍ سياسيةٍ هامة، تأتي في ظلِّ تحدّياتٍ داخليةٍ وخارجيةٍ حسّاسةٍ، أودّ التّذكير بأن الجزائر كانت دوما متفاعلة مع حركة التاريخ، إذ كانت من البلدان الرائدة التي سايرت حركة التحرّر التي انتشرت في العالم   بعد الحرب العالمية الثانية، فقامت بثورة كبرى حاملة للقيم الإنسانية السّامية، قيم الحق والحرية والعدل والتسامح وحقوق الإنسان وغيرها مما يشكّل ماهية الديمقراطية، والتي ظلت حية راسخة في مجتمعنا الجزائري، حتى في أحلك حقب التاريخ.
كذلك هي الجزائر اليوم، من البلدان السبّاقة في خوض تجربة ديمقراطية تعددية واسعة، تعمل على تكريسها وتعميقها على كافة المستويات. كما تحرص على احترام الحريات وحقوق الإنسان وترقيتها في جميع جوانبها، السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، مواصلة تكييف مختلف تشريعاتها الوطنية بما ينسجم وحاجات المجتمع و تطوّره، وبما يتلاءم مع حركة التحوّلات العالمية ومقتضيات التنظيمات الدّولية المعمول بها.
إن بلادنا التي عملت باستمرار على إرساء قواعد تنمية كبرى في جوانبها المادية والبشرية على السّواء، وكانت من الدول الرائدة في المطالبة بديمقراطية حقيقية في العلاقات الدولية، مرافعة من أجل نظام عالمي جديد أكثر إنصافا وتوازنا وتضامنا، لا يمكنها أن تتخلّف اليوم عن مواكبة التقدم الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي الباهر، ولا أن تتأخّر عن ركب التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات الممارسة الديمقراطية  و الحريات الفردية و الجماعية وحقوق الإنسان.
إننا نعيش عولمة شاملة، حاملة لمتغيرات جذرية، تتطلب يقظة الوعي الجماعي بأهمية التحدّيات المطروحة و حساسية الظروف المحيطة، تقتضي تعبئة كافة الطاقات الوطنية لاستكمال برامج الإصلاح و التشييد المسطّرة  وإنجاح كافة الاستحقاقات السياسية القادمة، التي نعتبرها محطة فاصلة ورهانا مصيريا يجب أن نكسبه، و لا خيار لنا إلا النجاح.
إن الشعوب التي لا تحسن قراءة التاريخ واستخلاص الدروس، قد تعيش هذا التاريخ أكثر من مرّة. و هي إن لم تجتهد وتشارك في صياغته فإنه لا محالة سيُصنع في غيابِها، و ربّما يُرَتَّبُ ضدَّها. إن رياح العولمة عاتية آتية، فمن لم يبادر إلى الإصلاح و التجدّد و التحصن بقناعة ومنهجية و تبصّر، فقد يصعب عليه مواجهة  التغيير الجارف الذي سيأتيه من حيث لا يدري ولا يشتهي.
إن ما عاشته أمتنا من متاعب في سنوات المحنمة الوطنية، وما لاقته من مصاعب، ومن ويلات عاناها شعبنا و خاض غمارها وحيدا، دون مصغ أو مجيب جعلت شبابنا يعرف معنى تهديم الأوطان و تمزيق الأرحام،  فسارع للإستجابة لنداء العودة للإلتئام و صنع معجزة المصالحة والوئام وتثمين السلم و الأمن و الأمان.
إن الدّولة تستمد مشروعيتها من إرادة الشعب، الذي هو مصدر كل السلطات، كما جاء في دستور الجمهورية. و إن الديمقراطية هي سيادة أو حكم الشعب، الذي يمارسه بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها، عن طريق ممثليه الذين ينتخبهم بكل حرية، لتولي تسيير شؤونه، شؤون البلاد، من رئيس البلدية إلى رئيس الجمهورية.
فالانتخاب، إذن، هو الآلية الضرورية لتجسيد إرادة الشعب. هو الطريق الصحيح لتكريس الشرعية الدستورية، و الضمان الكفيل بحماية الديمقراطية من أي تجاوز أو انزلاق. لذلك، يجب ممارسة الانتخاب من حيث هو فعل ديمقراطي بامتياز، علامة مواطنة وحسّ مدني، التزام وطني و سلوك حضاري، حق وواجب دستوري لا يجوز التهوين من شأنه أو التفريط فيه أبدا.
و عليه، لا يمكن ترقية الديمقراطية الحقيقية، التمثيلية أو التشاركية بلا مجالس منتخَبة على مختلف المستويات، المحلية و الوطنية، مجالس شاملة لاتجاهات فكرية و سياسية مختلفة، ولتركيبة بشرية رفيعة متنوعة. مجالسٌ يُعْتمَدُ عليها كإطار للتفكير والتدبير، وخزان للكفاءات و الخبرات و هيئة استشارة و مراقبة. مجالس نريدها أن تمثل بحق إرادة الشعب، كل الشعب الجزائري بمختلف شرائحه و فئاته و تياراته، بأغلبيته وأقليته، بأحزابه الكبيرة و الصّغيرة، مستوعبة لقضاياه و مستجيبة لطموحاته. مجالس نريدها أن تشارك على نحو فعّال في صياغة النصوص والقرارات، وبلورة الخطط و السياسات التي من شأنها خدمة مصالح البلاد والعباد.
و من هنا تتجلى أهمية المشاركة المكثفة في اقتراع العاشر من مايو القادم، و إنجاح الانتخابات التشريعية، التي ستفرز هيئة تشريعية رقابية عليا ضمن مؤسسات الجمهورية العتيدة.
لقد قدمت الدولة كافة الضمانات من أجل انتخابات حرة و شفافة. فعلى الأحزاب السياسية و المواطنات و المواطنين أن يؤدوا دورهم و يتحملوا مسؤوليتهم حتى لا تذهب تضحيات النساء والرجال الذين جاهدوا في سبيل الاستقلال و الوحدة الترابية لهذا البلد سدى، و حتى ينال تفاني الذين دافعوا عن سيادته وتنميته حقهم من العرفان.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.



رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء "يوم العلم" وافتتاح تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015"
(قسنطينة، الخميس 16 أبريل 2015)
 
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف،
المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين،
 
أصحاب المعالي والسعادة،
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
إنه ليطيب لي، أن أرحب ببالغ الترحيب، بأشقائنا العرب وضيوفنا الأكارم ببلدهم الثاني الجزائر، بالذات في قسنطينة، هذه المدينة التي أبت إلا أن تكون، على الدوام، موئلا للعلم والمعرفة.
في تاريخ الجزائر أيام مجيدة زواهر نعتز بها، ورموز تقتضي منا التجلة والإكبار. ومن بينها يوم العلم الذي يتزامن إحياؤه، هذه السنة، مع يوم انطلاق تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لعام 2015".
إننا لم نربط بين هاتين المناسبتين إلا من أجل اسداء آيات العرفان والتقدير لمن ينهضون برسالة العلم والإبداع في الجزائر. إن قسنطينة، تختلف عن أي مدينة أخرى إذ تبدو وكأنها قلعة حصينة، بل قدت من الصخر، موصولة الأطراف بجسور وأبواب شتى، بحيث قال عنها أحد المعماريين الروس: "هي مدينة - متحف!". وسار على منواله الشاعر نزار قباني بقوله: "إنها مدينة طائرة|". وهي بالفعل مدينة طائرة محلقة في أجواء العلم والفكر، وفي كل ما يعنيه التمدن والتحضر. إن هذه المدينة، سواء أسميناها سيرتا أم سميناها بالتسمية التي تعرف بها حاليا، أي قسنطينة، فإنها كانت، وظلت سليلة المجد والشرف. فكيف لا تحلق عاليا، وتسمو عراقة وأصالة أو لم تكن على الدوام في عداد أقدم حواضر الدنيا التي عاصرت أعرق مدن اليونان، ومصر، وبلاد الرافدين وكيف لا تكون كذلك وقد درج في جنباتها عظماء ملوك نوميديا منذ القرن الثالث ما قبل الميلاد، أولئك الذين صنعوا، إبان الحرب البونيقية الثانية، صمود الأمازيغ الأحرار واستبسالهم، في وجه كل محتل ظلوم!
إذا كانت المدن، منذ الأزمنة الأولى، تبنى لأسباب دينية أو عسكرية، فإن سيرتا هذه، ضمت المجد من أطرافه لأنها كانت مدينة روحية، وعاصمة دولة، وحاضرة علم في الوقت نفسه.
فلا عجب في أن تختار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هذه المدينة عاصمة للثقافة العربية لعام 2015. إنها عندما تبصرت في تاريخ قسنطينة أدركت ما حفلت به من أعلام الأدب والشعر والعلم والفن، وما تجملت به من سير الأبطال والبطولات في مضمار النضال.
لقد ملأت المدينة هذه، صفحات التاريخ بالأمجاد والمآثر، فكانت لها اليد الطولى في الشأن الفكري بصورة عامة، بله الشأن النضالي. وكان عطاؤها سخيا أريحيا، لا تكاد تتجه بأنظارها صوب هذا المجال، أو ذلك، إلا أحرزت فيه قصب السبق، وبزت أقرانها بفضل ما انطوت، وما تزال تنطوي عليه، من عبقرية علمائها ومفكريها وفنانيها وقادتها ومصلحيها وغيرهم من نوابغها. لقد تفتقت فيها مكامن العبقرية، وشعت بأنوارها الفكرية في كل اتجاه حتى قصدها رواد الفكر والنضال من كل صوب وحدب. وليس هناك أدنى شك في أن المصلحين الأفذاذ الذين تخرجوا من هذه المدينة كانوا وراء السؤدد الذي تمتعت به دائما وأبدا، وذلك بفضل ما نشروه من أسباب الهمة والعزم في نفوس أبناء الشمال الإفريقي قاطبة، والروح الثورية التي تميزوا بها مما مكنهم من أن يجابهوا المحتل الغاصب، ويوجهوا له الضربة القاضية. كل ذلك سمح للجميع بأن يقفوا على قدم وساق لكي يخوضوا الخطوب غير هيابين كما أوصى الإمام العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، عليه رحمة الله الواسعة.
لقد آلت هذه المدينة على نفسها أن تصنع المجد على مقاسها وعلى مقاس كل من يتطلع إلى التحصيل العلمي، والكسب المعرفي، وتأصيل الذات عبر ساحات النضال. وأردد مرة أخرى: هل من عجب في أن يصنع أهل العلم والفكر مآثرها، ويجعلوا منها موئلا لمكارم الأخلاق والمجد الأثيل أو لم يعمل هؤلاء كلهم على أن تتباهى مدينتهم هذه، فضلا عن جسورها المعلقة، بمساجدها التي تشهد عرصاتها على علوم الذين تداولوا عليها من كل صقع ومعارفهم أو لم يختلف إليها طلبة العلم من أجل التحصيل، والعلماء من أجل مناظرة أقرانهم في كل فن وأخيرا وليس آخرا، ألم يترك أولئك كلهم بصماتهم في كل شأن من شؤون الفكر والفقة والفن والنضال. فبارك الله في كل من أدلى بدلوه، عبر حقب التاريخ، لكي تكون قسنطينة، وتظل، اسما على علم!
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
لقد ارتأينا أن تندرج تظاهرتنا الثقافية العربية هذه في سياق احتفال الشعب الجزائري، على مدار هذه السنة، بمرور ستين عاما على ثورته التحريرية المظفرة، هذه الثورة التي كانت بمثابة المشروع التحرري للأمة العربية جمعاء، وكذا للقارة الإفريقية. وارتأينا أيضا أن تكون لحظة وفاء وعرفان لأبناء الشعوب العربية الذين كانوا خير سند لنضال إخوانهم في الجزائر. وأنتم تعلمون، حق العلم، أن هذا النضال تفاعل معه وعضده الساسة، ورجال الفكر والفن والإبداع، والتحمت معه النساء وواكبه الأطفال، وهتفت له الحناجر، إلى أن جاءت بشرى النصر المبين التي طربت لها الأسماع العربية جمعاء، من المحيط الى المحيط. أجل، كان من حظ الثورة الجزائرية أن تتلقى الدعم من الإخوة العرب مشرقا ومغربا، وأن يمدوها بالسلاح والمال، ويتغنى الشعراء العرب ببطولاتها لحظة بعد لحظة، وينظموا مئات القصائد العصماء التي يزدهي بها جبين الأدب العربي المعاصر.
إنها مرحلة فارقة في مسيرة أمتنا، ولهذا السبب بالذات أردنا أن نستحضرها معكم، أيها الأشقاء. وليس هناك أفضل من الإبداع الأدبي والفكري والفني للتعبير عن الجوانب المشرقة في تاريخ كل شعب، فما بالكم والموضوع هاهنا يتعلق بالحرية في المقام الأول! لقد تقاسمنا، بالأمس، تضحيات الثورة الجزائرية وويلاتها، وها نحن اليوم نتقاسم محنة فلسطين الصامدة الثابتة على طريق استعادة حق شعبها في دولته المستقلة التي تكون، بإذن الله، القدس عاصمتها. كما أننا نتقاسم ضروبا من الأحزان والآلام بسبب التدمير الذي طال عددا من البلدان العربية التي تمتحن في أمنها واستقرارها ووحدتها. إنها لفترة تاريخية عصيبة، تتطلب منا جيمعا مزيدا من الالتحام والتعاضد في سبيل حقن نزيف جسم هذه الأمة المنهكة وإعادة بناء الحلم العربي على أساس المصلحة العربية. فليكن العمل الثقافي على رأس جهودنا من أجل استدراك ما ضاع منها، وما أضعناه بأنفسنا، مستنيرين بالقيم الجامعة لنا من هوية وتاريخ ودين ولغة. إنه، في منظورنا، الأسلوب الأمثل والأنجع لإذكاء مشاعر الانتماء الواحد وتمتين وشيجة الأخوة التي لا تنفصم ولا تنفصل عراها، وإيجاد القدرة على مواجهة الآخر والمنافحة عن الذات، والدفاع عن الحق، والتطلع نحو مستقبل لا يمكن أن يبنى بغير عقول الأجيال العربية الصاعدة وسواعدها.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
إن قسنطينة ما فتئت تضطلع بدور ثقافي ريادي، ذلك أن علماءها اشتهروا بغزارة التأليف في شتى العلوم والمعارف، حتى أنهم كتبوا في مواضيع لم تسبق لغيرهم الكتابة فيها، كأضرار التدخين والمخدرات، على سبيل المثال لا الحصر. كما اشتهروا بكثرة التنقل بين مدن الوطن، وبالترحال إلى المشرق والمغرب وبالانتساب إلى أقطارهما، وهو ما يعكس جوا ثقافيا وحركة دائبة للطلبة والعلماء، ويبين بوضوح أن العالم المسلم كان يحظى، أن حل وارتحل، بالترحاب والحفاوة من قبل الملوك وحماة الفكر ورعاة الثقافة، وكأننا نرى مواطنة متجسدة ثقافيا وروحيا ولغويا.
ولذلك، حين نقول، حضرات السيدات والسادة الأفاضل، إنكم تستقبلون أهلكم وذويكم، في هذه التظاهرة الثقافية، فإننا نعني حقيقة ما نقول. فلنغتنم هذه الفرصة التي أتيحت لمدينتنا هذه لجعلها تنفتح على العالم، ولعلها تكون نموذج المدينة الجزائرية التي يتأصل فيها الحوار بين الثقافات والأديان، نظرا لما تزخر به من آثار لأمم تعاقبت وتركت بصماتها واضحة المعالم، على أمل أن تعود، إن شاء الله، مفترق طرق مثلما كانت. أما جسور التواصل بيننا وبين أشقائنا من الدول العربية والإسلامية فتلك جسور ما فتئت تترسخ عبر الأجيال والأزمان، عززها الإسلام بتسامحه، والعروبة والأمازيغية بتلاحمهما وتكاملهما وتناغمهما في كنف الإسلام.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
ما من شك في أن الأمم تتفاوت في مدارج الرقي والتحضر، وفي العمران، وفي الإبداع على اختلاف أجناسه وأشكاله. وهذا التفاوت ليس عفويا، بل هو يعبر عن مدى تبجيلها للعلماء، وتقديسها لدور العلم، والتفكير العلمي المستنير. كل ذلك على أساس من الحوار الجاد الذي ينبذ أسباب التعصب والعنف بجميع صنوفها، أي حوار يرجح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وعليه، يتعين علينا أن نعتبر بذلك، لكي نوفر المحيط المعنوي والمادي لأهل العلم والفكر في زمننا هذا. وما الذي يرتجيه العالم والمفكر والأديب والفنان اللهم سوى أن ينهمك، جسدا وروحا، في مجال اختصاصه حتى يقوى على العطاء المتميز الذي ينفع أمته إننا إذ نورد، في هذا المقام، سيرة العلماء ومدى التأثير الذي يمارسونه في صلب المجتمع وصيروريته، لا بد لنا أن نستحضر، كما دأبنا في كل مناسبة، العلامة الجهبذ والمصلح الفذ، عبد الحميد بن باديس، رائد النهضة الحديثة في الجزائر. وخليق بنا أن نجعله قدوة نعتد بها حين يجري بنا الحديث عن العلم والتحصيل، والهوية الوطنية. إن هذا الرجل لم يتميز بعلمه وبمؤلفاته ومقالاتها الغزيرة أو بشهرته التي طبقت الآفاق فحسب، بل هناك جوانب في شخصيته أغفلها المؤرخون، ونعني بها تلك المحبة التي كان يكنها لشعبه ولأمته، ونعني بها تلك النخوة الوطنية التي ولدت فيها الإرادة والعزيمة الصلدة عند مقارعة الخطوب. كان لا يستكين للراحة، ولو للحظة واحدة، واضعا نصب عينيه النهوض بأمته، زاهدا في عرض الدنيا ومتعها. ألا ما كان أعظمه وأروعه حين خاطب رفقاءه بعد انتخابه رئيسا لجمعية العلماء المسلمين قائلا: "كنت أعد نفسي ملكا للجزائر، أما اليوم فقد زدتم في عنقي ملكية أخرى"! وما كانت دسائس المحتل الفرنسي، والذين يسيرون في ركابه، لتنال من عزيمته أبدا. لقد عقد العزم على المضي قدما مثل سهم ينبغي أن يصيب الهدف، وقد أصابه إذ حرك الهمم وأشاع حب التعلم بين أبناء وطنه، ونبههم إلى مخاطر الوقوع في مغبة ما أراده لهم المستعمر الفرنسي من التجهيل والتخلف، فتحققت له النجاعة والجدوى في اعتنائه بالناشئة وفي تعهده بالعقول التي عشش فيها الجهل وفرخ فيها الدجل. لقد كان، مع رفاقه من جمعية العلماء المسلمين، من خيرة الهداة الذين عملوا على انتشال أبناء شعبهم من وهدة الجهل بفضل المدارس التي افتتحوها، في كل صقع من أصقاع الجزائر، وبفضل الدروس التي كان يلقيها بنفسه، والمواعظ التي يقدمها رفقاؤه لأبناء الجيل الجزائري الطالع، وبفضل طلبته الذين أدركوا حقيقة الاستعمار الفرنسي وما يرمي إليه، وتفقهوا في أمور الدين الإسلامي القويم واللغة العربية، وتمعنوا في تاريخهم المجيد.
أجل، لقد أخذ عبد الحميد بن باديس وصحبه بأيدي أبناء الجزائر في ليل حالك الظلام، وأضاؤوا دونهم سبيل التحصيل المعرفي، والتأصيل الوطني، والتفتح على العالم المعاصر، مشرقه ومغربه، جنوبه وشماله، حتى يضعوا أقداما راسخة في ساحته. وما كان أصعبه من جهاد، وما كان أجمله لأنه جمع بين الحسنيين، ونعني بهما الأصالة والتفتح. وها أنذا أكررها، مرة ومرة، وألف مرة: لقد أخذ هذا المصلح الفذ بيد أمته الجزائرية وقادها في الطريق المستقيم بعدما كانت تعاني التهميش ومخاطر الانسلاخ من انتمائها الحضاري. لئن كان الأمير عبد القادر الجزائري، طيب الله ثراه، أعظم شخصية أنجبتها الجزائر خلال القرن التاسع عشر، فإن عبد الحميد بن باديس، رحمه الله، هو الشخصية التي يمكن أن نقارنه بها في القرن العشرين.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
إن القصد من دأبنا، على احياء يوم العلم، كل سنة، هو تأكيد وترسيخ إيماننا المشترك بضرورة جعل التحصيل المعرفي قاطرة للتنمية والتجدد، ودليل عرفان للمربين والمعلمين والمكونين والأساتذة الجامعيين والباحثين الذي لا يألون جهدا في الاضطلاع بتربية الأجيال وتكوينها وتأهيلها لمواكبة التقدم في جميع الميادين.
إن وفاءنا لقيمنا ولثوابتنا يملي علينا واجب العمل من أجل صون ذاكرة الأمة، وتثمين مآثرها وأمجادها، وترقية التراث الثقافي الوطني بكل مكوناته وتنوعه وبرموزه وبعبقرية أبنائنا المبدعين، وهو المسعى الذي نتوخاه من خلال سياسة ثقافية هادفة تربي ذوق أبنائنا وتنمي قدراتهم الإبداعية، وتساير العصر دون التنكر لماضينا. فالثقافة هي قوام الأمة، والإسمنت الذي يرص بنيان وحدتنا. وعليه، يتعين تعزيزها وتعميقها والارتقاء بمختلف أشكالها وأساليبها لضمان أمننا الثقافي في خضم العولمة الجارفة، وتوفير أسباب مناعة تعصم شبابنا من أن يكون فريسة للتطرف الديني والتعصب المذهبي، وتدعوه إلى الاعتداد بكل ما هو مشرق في تاريخ أمتنا والتباهي به مع الابتعاد عن النعرات والفتن، وعن كل ما يفرق بين الأخ وأخيه، وبين الإنسان والإنسان. لذلك أضحى من الضروري بمكان إثراء منظومتنا التعليمية بالمحتوى الثقافي النابع من تاريخنا ومن إبداعات مؤلفينا وفنانينا لإيصال رسائلهم النابضة بالوطنية ومكارم الأخلاق الناصعة إلى الأجيال الصاعدة.
وعليه، فنحن نجتهد من أجل النهوض بثقافة العلوم الدقيقة النافعة التي تؤهلنا لمواكبة التطورات، وتؤسس لإشاعة المنهج العلمي في التفكير والإبداع، وبالتالي تمنحنا القدرة على مواجهة تحديات العصر بعقلانية وفاعلية، وهو ما من شأنه أن يعطي بعدا حيويا للمجال الثقافي ويسمح بفهم صحيح لتراثنا الحضاري. وفي هذا المقام، أتوجه بالنداء إلى المثقفين والمفكرين والعلماء والأدباء، وأهيب بهم أن يعملوا ما استطاعوا على نشر ثقافة الاعتدال والتنوير لتكون درءا وحصنا منيعا لنا جميعا في وجه دعاة الجهالة والظلامية.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
إن قسنطينة كانت، على الدوام حاضنة للعلم والإبداع. فتحت سمائها نشأت كوكبة من الأسماء الكبيرة التي كان بينها المختصون في الأدب وفي العلوم الدقيقة، وفي مجالات الفنون الرفيعة. لقد كان بين هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر، عبد الكريم الفكون، والمفكر مالك بن نبي، والأديب رضا حوحو مرورا بصاحب نجمة، الروائي والمسرحي، كاتب ياسين، والمبدع الملهم مالك حداد، والشيخ بن العابد الجيلالي، الشاعر الحفناوي هالي، وعشرات الأسماء اللامعة التي يزهو بها الأدب الجزائري من جيل الاستقلال، إلى جانب رجالات الفن والموسيقي العريق، وفي مقدمتهم أحمد وعبد الكريم بصطنجي، والطاهر بن قرطوسة، وعمر شقلب، وعبد القادر تومي، ثم حمو الفرقاني والحاج محمد الطاهر الفرقاني وكذا الحاج قدور الدرسوني وعبد المومن بن طوبال، وغيرهم من رموز الفن الموسيقي الذين تعزز بهم المالوف الأصيل في بلادنا.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
إدراكا منها أن الوسيلة الأنجع لمواجهة التخلف، هي العمل الثقافي، عمدت الجزائر إلى دعمه، وتمكينه من أدوات التعبير اللازمة، لأن الإبداع سليل الفكر السليم، ومنطلق الرؤية الصائبة.
خلال نصف القرن ونيف الذي مر على استرجاع سيادتها، تمكنت الجزائر من أن تبني لنفسها من جديد دورا ثقافيا وفكريا وأدبيا أخذ في العطاء الطيب الواعد بالمزيد من الجيد الرفيع. وتحقق لها ذلك لأنها وفرت للثقافة وسائل وفضاءات التعبير والإنتاج الفني، وأنشأت، وما زالت تنشئ، المزيد من الهيئات والمؤسسات والمرافق والمهرجانات لتستجيب لحاجة المجتمع. وشجعت المبدعين في النشر والسينما والمسرح وإحياء التراث. وانخرطت في مسار ثقافي وطني بتنوعه وثرائه، واحتضنت تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، وللمرة الثانية نظمت المهرجان الثقافي الإفريقي، ووسعت دائرة دعم العمل الثقافي على الصعيد الإسلامي باحتضان تلمسان لتظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية، ضف إلى ذلك شتى الاسابيع الثقافية في مختلف البلدان العربية، ومعرض الكتاب السنوي الذي يروج فيه للملايين من الكتب التراثية والحديثة، العربية وغير العربية.
ومن محاسن الصدف أن يتم، قبل افتتاح تظاهرتنا هذه بأيام قلائل، إطلاق فعاليات "السنة الدولية للضوء 2015" بعاصمة بلادنا وبحضور المديرة العامة لليونيسكو، السنة التي كرست احتفاء بالعالم الموسوعي العربي، أبي علي الحسن بن الحسن بن الهيثم صاحب كتاب "المناظر" ومؤسس علم البصريات، بمناسبة مرور ألف عام على وفاته.
وهاهي قسنطينة اليوم تمد جسورها لكم، لتعبروا إليها أحبة أشقاء، ولتحتفوا معها بالثقافة العربية في أبهى صورها، وفي ظروف تتسم بكثير من التحديات. وفي هذا السياق نهيب بأبناء هذه الأمة أن يجابهوا النزعات الهدامة بكثير من الإبداع، وبالفكر المستنير، واستعادة أمجاد هذه الأمة، وكسب مودة الآخر، وترقية قيم التسامح والمصالحة والوئام، والتمسك بالوحدة الوطنية في كل النزاعات العربية، لا باعتبارها مقتضيات سياسية فحسب، بل باعتبارها قيما ثقافية وحضارية إنسانية في المقام الأول.
إنني على يقين من إن إيجاد مكانة لنا تحت الشمس في هذا العالم المعولم، يحتاج إلى اقتصاد قوي وإلى نظام تربوي محكم متطور. لهذا نسعى ونعمل على أن يأكل أبناؤنا مما تخرجه أرضهم، ويلبسوا مما تنتجه مصانعهم، ويبدعوا ويتخذوا ثقافتهم مرجعية للتفكير والحياة. وإننا نعمل من أجل أن تكون المنظومة التعليمية الوسيلة المثلى لترسيخ هوية أبنائنا، وذلك من خلال تقوية مداركهم وتفتيق ملكاتهم وتفتحهم على الثقافات واللغات العالمية، لا سيما منها لغات الأنترنت والعلوم والتكنولوجيا.
يجب على أجيالنا الناشئة ألا تحيد أبدا عن درب المعرفة والعلوم لأنه السبيل الوحيد الذي يضمن لها بناء مستقبلها، ويسمح لها بإدراج بلادها في حركية الرقي العالمية، ويمكنها من أن تتبوأ مكانة مرموقة في محفل الأمم.
إننا إذ نحتفل بيوم العلم، لا يسعنا إلا أن نرفع نداءنا عاليا إلى بنات الجزائر وأبنائها، داخل البلاد وخارجها، ليجعلوا من أيامهم كلها احتفالا بالعلم وسعيا وراء كل جديد في مضمار المعرفة والإبداع والتنكولوجيا.
فأتوجه خاصة إلى نخبتنا المثقفة العالمة، لأقول لها: إننا سنواصل العمل بإصرار على توفير الظروف المشجعة لها، حتى تجد مكانتها المستحقة في بلدها. وفي كل الأحوال، ستتاح لهؤلاء كلهم فرص المشاركة إيجابيا في النهوض بجزائرهم الغالية العزيزة، كما أحث بنات الجزائر وأبنائها على التحلي بفضيلتي العلم والوطنية.
إني أحب أن أرى فيكن وفيكم جميعا، أيها الشباب الجزائري الصاعد الواعد، مشاعل سلام وتنوير وحضارة وإنسانية، وحملة الأمانة وحماة الرسالة، رسالة الذين ضحوا من أجل انعتاق الجزائر وعزتها وسؤددها.
أصحاب المعالي والسعادة،
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
سنحرص كل الحرص على نجاح هذه التظاهرة الثقافية بتفاعلنا الإيجابي مع مساهمات كل البلدان العربية الشقيقة التي ستدلي بدلوها فيها والاستفادة منها، ونهل ما سيعين القائمين على قطاعنا الثقافي على مواصلة تفتيق القرائح في جميع المجالات الثقافية.
وفي الختام، أجدد ترحيبي بكم، أشقاءنا الأعزاء، في وطنكم الجزائر، وفي قسنطينة الحاضرة التي لا يمكنها إلا أن تفتح أحضانها لكم، وقد استشعرت دفء محبتكم. فمرحبا بكم، وطاب مقامكم بين ظهرانينا، ومزيدا من التألق للثقافة العربية.
أما بعد، فإني على بركة الله، أعلن رسميا افتتاح تظاهرة "قسنطينة، عاصمة الثقافة العربية لعام 2015".

خطاب رئيس الجمهورية إلى الأمة
 15 أفريل 2011
بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
وعلى آله  وصحبه إلى يوم الدين،

أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،

إن رهان الوطن في مطلع العشرية الفارطة كان يكمن في إخماد نار الفتنة، والعمل على استتباب السلم واستعادة الوئام، وصولا إلى إفاضة المصالحة الوطنية.
بعون الله وبفضل وقوفكم إلى جانبي، تم تحقيق هذه الأهداف وفقا لما جبلنا عليه من شيم عريقة، شيم الرحمة والصفح الصادق. لقد اطمأنت القلوب وزالت المخاوف.
و مع استعادة السلم، بات لزاما علينا تجاوز مظاهر التدمير واستدراك التأخر. فباشرنا إذن، برنامجين ضخمين متتاليين للاستثمارات العمومية في سائر الميادين، ويجري الآن إنجاز برنامج ثالث. و أثمرت هذه البرامج بنتائج لا جدال فيها. وأصبحت عشرية 2000 غنية بالإنجازات على مستوى كامل أرجاء الوطن وفي كافة المجالات، خاصة منها مجال المنشآت القاعدية والتجهيزات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي نفس الفترة، تم تدارك العجز في السكنات بقدر معتبر بإنجاز مليون وحدة سكنية كل خمس سنوات، وتم تقليص البطالة بقدر بالغ، واسترجعت بلادنا عهدها بمبادئها المتمثلة في مسعى العدالة الاجتماعية و التضامن الوطني، كما تشهد على ذلك أهمية التحويلات الاجتماعية وتعدد أوجه دعم الدولة للمواد الأساسية الضرورية، وتحسين الخدمات العمومية.
كما رافق الإنجازات هذه، تسديد الجزائر المسبق لمديونيتها الخارجية، واستعادة  مكانة البلاد على المستوى الإفريقي والعربي والدولي في ظل احترامها  للآخرين واحترام الجميع لها.
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
إن الجزائر تتابع، بطبيعة الحال، التغيرات التي تحدث في الساحة الدولية وببعض البلدان العربية خاصة. وأمام هذا الوضع، تؤكد الجزائر تشبثها بسيادة البلدان الشقيقة ووحدتها ورفضها لكل تدخل أجنبي، واحترامها لقرار كل شعب من محض سيادته الوطنية.
أما على الصعيد الوطني، وما دمنا نعيش في مجتمع تعددي، فمن الطبيعي وجود تيارات منشغلة بما يجري حولها من رياح التغيير.
ومن البديهي أن تتجه ميولنا أكثر نحو مواقف القوى السياسية المتشبعة بالروح الوطنية التي ترفض كل تدخل في  شؤون الغير، ولا ترضى في المقابل بتدخل الغير في شؤونها.
وهذا رأي الأغلبية الغالبة لشعبنا التي تتابع باهتمام المبادرات المختلفة، وتحتفظ بالتعبير عن رأيها إذا ما تعلق الأمر بتهديد استقرار البلاد.
تصبو الشعوب والشباب فيها خاصة إلى التقدم الاقتصادي والاجتماعي، و إلى مزيد من العدل والحرية وأكثر من ذلك، إلى حكامة أفضل. إن الديمقراطية والحرية والعدالة ودولة الحق والقانون مطالب مشروعة، لا يسوغ لأي كان تجاهلها. علما بأن شعبنا شاب يافع وطموح، وهو ما يعني ضرورة تلبية الكثير من المطالب يوم بعد يوم، في شتى الميادين.  وإننا اليوم أكثر من أي وقت مضى تستوقفنا رياح الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي و كذا السياسي.
  
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
من هذا المنطلق، بادرنا بالتحرك من أجل تلبية المطالب الاجتماعية المشروعة لمواطنينا بحيث تم إحداث آلية جديدة لتثبيت أسعار المواد الغذائية الأساسية التي تعرف التهابا على المستوى العالمي. واستفاد دعم الاستثمار من تشجيعات معتبرة من خلال الحصول على العقار وتحسين وفرة القروض البنكية. وسيسمح هذا الإجراء بتكثيف نماء الثروة ورفع عروض التشغيل.
كما تعززت بشكل محسوس مختلف أشكال الدعم الموجه للشباب وللعاطلين عن العمل الراغبين في إنشاء مؤسساتهم الصغرى. وبالموازاة مع ذلك، تم تطوير آليات الدولة كما ونوعا من أجل تشجيع توظيف الشباب من حملة الشهادات. فمدة العقود جرى تمديدها وأصبحت قابلة للتجديد، وسيحظى المستفيدون منها بالأولوية في التثبيت.
أما بخصوص السكن، فثمة جهد جبار يبذل منذ سنة ألفين 2000 إلى يومنا هذا، وذلك بتلبية أكبر قسط ممكن من الطلب والتقليص من حجم الاحتجاجات.
وإنني لعلى يقين، رغم البرنامج الطموح الجاري إنجازه، من أن ثمة طلبات ستظهر مجددا، علينا معالجتها بكل موضوعية ورزانة.
إن البرنامج الخماسي الحالي يروم إنجاز مليونين اثنين وحدة سكنية، منها أكثر من مليون وحدة سيتم تسليمها قبل 2014.
كما قررنا تعزيز استفادة المواطنين من السكن الريفي بما في ذلك داخل التجمعات السكنية الصغيرة، ورفع نسبة الاستفادة من القروض بالنسبة للأسر الراغبة في بناء سكناتها أو شرائها.
باختصار، فالإنجازات شاخصة أمامكم والإحصائيات بادية للجميع. وهي كلها ملك للمجموعة الوطنية دون سواها، ولا أحد يوهمنا بأن منفعة ثمار التنمية قد تعود لبعض الفئات الاجتماعية خاصة دون الأخرى. لكن هل يمكن القول أن كل شيء على ما يرام؟ لا بكل تأكيد، فثمة أمراض اجتماعية مستشرية كالرشوة والمحاباة والتبذير والفساد وما إليها، والدولة عاكفة لا محالة على محاربتها بكل صرامة وإصرار. إنها معركة أخرى لا يمكن الانتصار فيها إلا بمشاركة كل فئات الشعب إذ كل ما يتحقق في البلاد يكون لكم ومعكم و بفضلكم.
  
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
سيتم قريبا اتخاذ إجراءات هامة تعطي نفسا جديدا لإدارة برامجنا ولتنشيط جهاز الدولة. وستأتي هذه الإجراءات لدعم محاربة البيروقراطية و الاختلالات المسجلة في إداراتنا  والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية.
وخلال هذه السنة، سيشرع في عملية تشاورية على المستوى المحلي مع المواطنين  والمنتخبين والحركة الجمعوية والإدارة، لتحديد أهداف التنمية المحلية على نحو أفضل وتكييفها مع تطلعات الساكنة.
وضمن هذا السياق، سيشرع في عملية جادة تعنى بالمؤسسة الاقتصادية عمومية كانت أو خاصة، بوصفها المصدر المتميز لخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل من أجل ضمان نموها وتحديثها.
إن ترقية المؤسسة وتأهيلها يستهدفان أساسا تقوية الإنماء الاقتصادي للبلاد، ورفع مستوى الإنتاجية، وتحسين التنافسيه.
ومن ثم، يتعين على الحكومة رسم برنامج وطني للاستثمار موجه للمؤسسات الاقتصادية في كافة قطاعات النشاط، وذلك في إطار تشاوري مع كل المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين.
كما يتعين على الحكومة أيضا إيجاد الشروط المثلى لتحرير المبادرات من خلال تحسين محيط المؤسسة، وبصفة عامة توفير مناخ ملائم للأعمال والاستثمار.
  
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
منذ أكثر من عقدين من الزمن، باشرت الجزائر نظام التعددية السياسية، كان لها ثمن باهظ سدد ضريبتها شعبنا بلا دعم ولا مساعدة من أي كان في العالم.
وتتمثل التعددية السياسية في بلادنا عبر وجود ما يقارب الثلاثين حزبا سياسيا وبرلمان تعددي في أغلبيته وأقليته.
كما تنعكس التعددية كذلك  في حرية التعبير التي هي واقع يشهد عليه تنوع وسائلنا الإعلامية وجرأة نبرتها. وإنه لجدير بنا أن نعتز بانتمائنا إلى بلد تشكل فيه حرية الصحافة واقعا ملموسا؛ بلد خال من أي سجين رأي أو معتقل سياسي. إن هذا لمكسب لافت ينبغي دعمه دوما لكي يظل مكسبا دائما.
إن دماء كثيرة سالت والفتنة أشد من القتل، و دموعا غزيرة ذرفها شعبنا من أجل صون الجزائر موحدة وشامخة، ومن أجل الحفاظ على الجمهورية ومكتسباتها الديمقراطية حتى يعود الأمل من جديد.
لا يحق لأحد أن يعيد الخوف بهذا الأسلوب أو ذاك إلى الأسر الجزائرية القلقة على أمن أبنائها وممتلكاتها، أو عن ما هو أخطر، وأعني بذلك خوف الأمة قاطبة على مستقبل الجزائر ووحدتها وسيادتها.
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
إن المطلوب اليوم، هو المضي قدما نحو تعميق المسار الديمقراطي وتعزيز دعائم دولة الحق والقانون، وتقليص الفوارق وتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن المهمة هذه الشاحذة للهمم والحاسمة بالنسبة لمستقبل بلادنا، تقتضي انخراط الأغلبية ومشاركة كافة القوى السياسية والاجتماعية، وإسهام الكفاءات الوطنية. كما تتطلب دولة عتيدة الأركان مهيبة الجانب دولة قادرة على إحلال ثقة أكبر بين الإدارة والمواطنين، دولة مرتكزة على إدارة تتمتع بالكفاءة والمصداقية، وعلى عدالة لا خضوع لها سوى لسلطان القانون.كما تتطلب بالخصوص تمكين هيئاتنا المنتخبة من الاعتداد بمشروعية لا غبار عليها.
فبعد استعادة السلم والأمن وإطلاق برامج تنموية طموحة، وبعد رفع حالة الطوارئ،  قررت استكمال المسعى هذا ببرنامج إصلاحات سياسية الغاية منه تعميق المسار الديمقراطي، وتمكين المواطنين من مساهمة أوسع في اتخاذ القرارات التي يتوقف عليها مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
إن دور مختلف المجالس المنتخبة دور حيوي سيتم تعزيزه من حيث أن المنتخبين هم الذين لهم الصلة المباشرة بالمواطنين وبالواقع المعيش.
  
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
استنادا مني إلى الدستور، سأعمد إلى استعمال الحق الذي يخولني إياه وأطلب من البرلمان إعادة صياغة جملة العدة التشريعية التي تقوم عليها قواعد الممارسة الديمقراطية وما هو مخول للمواطنين من حيث ممارسة اختيارهم بكل حرية.
وإدراكا مني للمسؤولية الواقعة على عاتقي، واعتدادا مني بدعمكم ومراعاة للحفاظ على توازن السلطات، سأعمل على إدخال تعديلات تشريعية ودستورية من أجل تعزيز الديمقراطية النيابية ببلادنا.
ستجرى مراجعة عميقة لقانون الانتخابات. ويجب لهذه المراجعة أن تستجيب لتطلع مواطنينا إلى ممارسة حقهم الانتخابي في أوفى الظروف ديمقراطية وشفافية لاختيار ممثليهم في المجالس المنتخبة.
إننا نطمح إلى الارتقاء بنظامنا الانتخابي إلى مصاف أحدث قواعد الديمقراطية النيابية المكرسة بنص الدستور، حتى يعبر شعبنا بكل سيادة ووضوح عن صميم قناعته.
لهذا الغرض، سيتم إشراك كافة الأحزاب الممثلة منها وغير الممثلة في البرلمان، واستشارتها من أجل صياغة النظام الانتخابي الجديد.
وعقب المصادقة على هذا القانون الانتخابي، سيتم اتخاذ جميع الترتيبات اللازمة لتأمين ضمانات الشفافية والسلامة، بما في ذلك المراقبة التي يتولاها ملاحظون دوليون للعمليات الانتخابية، وذلك بالتشاور مع كافة الأحزاب المعتمدة.
ومن جهة مكملة، سيتم إيداع قانون عضوي حول حالات التنافي مع العهدة البرلمانية، وذلك طبقا للأحكام المنصوص عليها في الدستور.
فللأحزاب أن تنظم نفسها، وتعزز صفوفها، وتعبر عن رأيها، وتعمل في إطار الدستور والقانون حتى تقنع المواطنين وبالخصوص الشباب منهم بوجاهة  برامجها وفائدتها.
وسوف يتعزز هذا المسعى بمراجعة القانون المتعلق بالأحزاب السياسية من خلال مراجعة دور الأحزاب ووظيفتها وتنظيمها لجعلها تشارك مشاركة أنجع في مسار التجدد. وسيتم تعجيل إيداع وإصدار القانون العضوي المتعلق بتمثيل النساء ضمن المجالس المنتخبة قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
في إطار لامركزية أوسع وأكثر نجاعة، وحتى يصبح المواطنون طرفا في اتخاذ القرارات التي تخص حياتهم اليومية وبيئتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا بد من مضاعفة صلاحيات المجالس المحلية المنتخبة وتمكينها من الوسائل البشرية والمادية اللازمة لممارسة اختصاصاتها. ولهذه الغاية ذاتها ستتم مراجعة قانون الولاية.
إن المسعى هذا سيشمل أيضا توسيع وتوضيح مجال الحركة الجمعوية وأهدافها ووسائل نشاطها وتنظيمها من أجل إعادة تأهيل مكانة الجمعيات في المجتمع بصفتها فضاءات للتحكيم والوساطة بين المواطنين والسلطات العمومية. وريثما تتم المراجعة المزمعة للقانون الذي يسير نشاط الجمعيات، أدعو منظمات الحركة الجمعوية إلى تكثيف المبادرات التي تخولها رسالتها من خلال الانخراط من الآن ضمن هذا المنظور.
كما ينبغي أن يصبح احترام حقوق الإنسان انشغالا دائما لدى مختلف الرابطات  والجمعيات الوطنية المتكفلة بهذا الشأن. وسيتم تأمين كافة الظروف لتمكينها من إسماع صوتها وأداء مهامها بوجه أفضل. ويتعين على المؤسسات والإدارات المعنية أن تسهم في ذلك على أكمل وجه.
  
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
فمن أجل تتويج هذا الصرح المؤسساتي الرامي إلى تعزيز الديمقراطية، يتعين إدخال التعديلات اللازمة على دستور البلاد. لقد سبق لي وأن أعربت مرارا على رغبتي في إخضاع الدستور للمراجعة، وجددت تأكيد قناعتي ورغبتي هاتين في عدة مناسبات.
سيتم ذلك من خلال إنشاء لجنة دستورية تشارك فيها التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري، وستعرض علي اقتراحات أتولاها بالنظر قبل عرضها بما  يتلاءم مع مقومات مجتمعنا على موافقة البرلمان أو عرضها لاقتراعكم عن طريق الاستفتاء.
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
لا بد لي من تذكيركم بأن أجهزة الإعلام الثقيلة المتمثلة في التلفزة والإذاعة هي كذلك صوت الجزائر المسموع في العالم. وذلك يلزمها الإسهام في ترسيخ الهوية والوحدة الوطنية، وفي الآن ذاته تعميم الثقافة والترفيه. لكنها مطالبة فوق ذلك بالانفتاح على مختلف تيارات الفكر السياسي في كنف احترام القواعد الأخلاقية التي تحكم أي نقاش كان.
فمن أجل توسيع هذا الانفتاح على المواطنين وممثليهم المنتخبين ومختلف الأحزاب الحاضرة في الساحة الوطنية على حد سواء، سيتم دعم الفضاء السمعي البصري العمومي بقنوات موضوعاتية متخصصة ومفتوحة لجميع الآراء المتعددة والمتنوعة.
هذا، وسيأتي قانون الإعلام بمعالم لمدونة أخلاقية ويتمم التشريع الحالي على الخصوص برفع التجريم عن الجنح الصحفية.
أيتها المواطنات الفضليات،
أيها المواطنون الأفاضل،
لا يفصلنا سوى عام واحد عن موعد الاستحقاقات الانتخابية الوطنية المقبلة. وهي فترة زمنية كافية للقيام بمراجعة الأسس القانونية لممارسة الديمقراطية والتعبير عن الإرادة الشعبية وتحسينها وتعزيزها، بما يستجيب لآمالكم في تمثيل نوعي أوفى ضمن المجالس المنتخبة.
إنني أدعو كل مواطن وكل مواطنة منكم على اختلاف مشاربكم، إلى تضافر وطني  للجهود حتى تكون هذه السانحة الجديدة فرصة للتفتح على حياة سياسية تعددية تعكس نص الدستور وروحه بما سيتيح لكل واحد وواحدة المشاركة في تجدد الدولة الجزائرية ورقيها، وتعزيز أركانها الدولة التي افتداها الكثير من الرجال والنساء بأرواحهم في سبيل الانعتاق من الهيمنة الاستعمارية والنهوض من وهدة الجهل والتخلف.
وبما أن الدولة مسؤولة عن سياسة التنمية وبسط النظام العام ونشر الأمن في ربوع الوطن، فسأظل حريصا كل الحرص على تحقيق أهدافنا بالاعتماد على مساهمة المواطنين والارتكاز على المؤسسات الشرعية للدولة، وفقا لأحكام الدستور وقوانين الجمهورية.
إنني أتوجه إلى كافة المواطنات والمواطنين راجيا منهم العون على النهوض ببلادنا وتحقيق طموحات شعبنا للتطور في كنف الحرية والسلم  والتآزر.
فكلما كنا يدا واحدة جعلنا من بلدنا العزيز وطنا للنماء والعدل و الإخاء. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
أشكركم على كرم الإصغاء.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 














                                                  






























ليست هناك تعليقات: