الأربعاء، يناير 23

حاربوا في المكسيك و القرم: «جنــود مجهــولــون» يرقــدون بمقبـــرة قـسنطينــــة


حاربوا في المكسيك و القرم: «جنــود مجهــولــون» يرقــدون بمقبـــرة قـسنطينــــة














حاربوا في المكسيك و القرم: «جنــود مجهــولــون» يرقــدون بمقبـــرة قـسنطينــــة

تنتشر القبور القديمة في المقبرة المركزية لمدينة قسنطينة، ويمرّ بها المئات من الأشخاص أثناء تشييع موتاهم دون أن يعلموا  ما تخفيه من تاريخ حافل بالأحداث المفصلية في تاريخ البشرية، فأغلب هؤلاء يجهلون أن بين موتاهم أشخاصا جزائريين حاربوا في أربع قارات منتصف القرن التاسع عشر، دون أن يُدْركوا أن المعارك التي شاركوا فيها كمجندين بسطاء ستصير نقاطا مرجعية في التاريخ عند الحديث عن صراع القوى الاستعمارية التي كانت تتقاسم العالم، على غرار حرب القِرم الأولى والحملة الفرنسية على المكسيك.
تحقيــق: سامي حباطــي
النّصر قامت بجولة في مقبرة قسنطينة، ووقفت على واحدة من القِباب المُهملة اليوم رُغم أهميّة المادّة التّاريخية التي يمكن استقاؤُها منها، حيث شيّدها أبناء قسنطينة منذ أكثر من قرن لأرواح رفاقِهم الذين سقطوا في المعارك التي خاضوها وحاولنا كشف بعض من تاريخها، في وقت ما زالت فيه هذه المقبرة العريقة تخفي الكثير من الأسرار في الكتابات البسيطة المدوّنة على شواهد من رحلوا عن هذا العالم.
عند منتصف المسلك المؤدي من المدخل السُّفلي للمقبرة المركزية بقسنطينة إلى مخرجها العلوي، تنتصب قُبّة مهملة تحيط بها مجموعة من القبور، وتغطي الأشجار زاوية منها، بينما استحالت واجهات جدرانها الخارجية سوداء بسبب تآكلها وانتشار الطحالب عليها. أما بابها الذي يعلوه قوس على النّمط الجزائري القديم، فقد سدّ بجدار بُني بمجموعة من حجارة الطوب الرمادية، دون أن يكلّف من قاموا بغلقها أنفسهم عناء طلائه وتلبيسه بشكل كامل، حيث طلوا الجزء العلوي منه فقط، بينما ظلت مساحة من الطوب ظاهرة للعيان على الجهة السّفلى.
ونُصِّب أعلى القُبّة هلال مقبلٌ على السّماء، في حين ما زالت بقايا قطع الخزف الزرقاء والبيضاء صامدة في البناء، بعد أن استعملها من قاموا ببناء القبة للزينة، وفي داخلها توجد أشكال دائرية لأزهار، إلى جانب قطع خزفية أخرى باللونين الأخضر الفاتح والأبيض جسّدت في داخلها أشكال أوراق الأشجار ودوائر تحمل زخارف مختلفة. ورغم وجود القبور، التي دُفن فيها أشخاص من سكّان المدينة منذ فترات ليست بعيدة، إلا أنّ الأرض ما زالت محافظة على آثار مسلكٍ قديم إلى غاية القبّة، صنعته أقدام من مروا على المكان.
تقدّمنا نحو القبّة، التي لا تختلف عمّا يصطلح الجزائريون في منطقة قسنطينة على تسميته بـ»القَرّابة»، حيث مررنا قبل ذلك بحجر عمودي مائل، تمت قولبته على شكل مدخل القبة للدلالة على وجودها، لكن يبدو من لونه الرمادي أنّه أُنجز بتقنيات تعود إلى فترة الاستعمار الفرنسي، كما أنه لا يحمل أية كتابات أو حروف للدلالة على القبة. اقتربنا أكثر من القبّة حتى بدأت تظهر لنا كتابة باللغة العربية نقشت أعلى بابها وأخرى باللغة الفرنسية فوقها، حيث نقشت الآية رقم 46 من سورة الحِجْر في القوس الرخامي أعلى باب القبة وهي «ادخلوها بسلام آمنين»، واختار لها من كتبوها الخط المغربي.
أمّا في الواجهة الرّخامية التي تعلو باب القبة مباشرة فقد دونت عبارة بحروف لاتينية كبيرة من اللغة الفرنسية، كُتب فيها:
Les officiers – sous officiers –caporaux et soldats du troisième régiment des tirailleurs algériens à leurs camarades morts au service. Mai 1896
وتعني هذه العبارة حرفيا «من ضُبّاط ورقباء وعريفي وجنود الفوج الثالث للرّماة الجزائريين إلى رفاقهم الذين ماتوا أثناء الخدمة. ماي 1896»، حيث يبدو أنّ عملية بناء هذه القبة انتهت في شهر ماي من عام 1896، لكن تلاحظ أنّ التّرجمة الواردة أسفل الكتابة الفرنسية من العربيّة الدارجة لمدينة قسنطينة حيث كُتب فيها: «هذه جَبّانة الفيسيات والصارجانات والكابرانات والعساكر أصحاب الرّجمة الثالثة الجزائرية رحمة الله عليهم»، حيث تعني كلمة «جبّانة» المقبرة، وما زال سكان قسنطينة يستعملون هذه الكلمة  إلى غاية اليوم.
ورجّحنا وجود قبور أسفل القبّة، حيث لاحظنا علبة شموع فارغة ملقاة على الأرض بالقرب منها، ما يؤكد أنّ أشخاصا ما زالوا يأتون إلى المكان ويوقدون الشموع، مثلما جرت عليه العادة في القباب والزوايا التي دفن فيها أولياء صالحون. أمّا في الجهة الخلفية من القبة فيوجد ثقب في الجدار، حاولنا من خلاله الإطلاع على ما يوجد في داخل القبة لكن دون جدوى حتى مع استعمال الضوء القوي لآلة التصوير، فالظلام دامس، في حين يوجد في جانبي القبة أبيات شعرية تتحدث عن حتمية الموت على كل إنسان مهما ارتفعت مكانته وعلا شأنه، لكننا لم نتمكّن من قراءة الجُمل المكتوبة على أحدها بسبب وجود قبور ملاصقة للبناء، بينما اختفت القطعة الرخامية المعلقة في أعلى الجدار الخلفي.  أمّا في الجدار الجانبي للقبة فقد تمكنّا من قراءة بيتين شعريين بصعوبة نتيجة لتآكل بعض الحروف، حيث جاء فيها:
        وكَيْفَ يا قَبْرُ صارت فيك حالتُه ** من بعد ثالثِ يومٍ بعد ما قُبِر
       وكلُّ دَبَّابة دبَّت إليه وفي ** عينيه قد غَورَ الخَنْفُوسُ واحتقر
ووجدنا في بحثنا عن مصدر البيتين أنهما اجتزِئا من قصيدة وعظية بعنوان «يا زائر القبر» للشاعر المسمّى الأمير الشّوفي المغربي، بحسب ما ورد في مخطوط نُسخ في سنة 1304 هجرية ويمكن الاطلاع عليه إلكترونيا على موقع جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، حيث حمل تأكيدا أن هذا الشاعر عاش قبل تاريخ نسخ المخطوط، في حين لاحظنا أن هذه القصيدة متداولة لكن مع بعض الاختلافات في كلمات واردة في البيتين المنقوشين في قبّة مقبرة قسنطينة.
جزائريّون يحاربون في أمريكا اللّاتينية
وبحثنا عن تاريخ الفوج الثالث للرماة الجزائريين، حيث وجدنا على شبكة الانترنيت أنه من أفواج فرنسا الاستعمارية الخمسة ضمن جيش إفريقيا، حيث تأسس عام 1842 تحت تسمية «كتيبة الرماة الجزائريين في قسنطينة»، لتتحول تسميته إلى «الفوج الثالث للرماة الجزائريين» في عام 1856. وقد اتخذ المنتمون له عبارة «حتى الموت» شعارا لهم، حيث كتبت باللغة العربية داخل هلال ونجمة فضيين مع الرقم 3 بالترقيم الهندي، كما وضعوا على شعارهم شكل تنّين بلون فضي وجناحين كبيرين، ينتهيان إلى ذيل ثعبان كبير، ينفث اللهب من فمه. وقد وجدنا على شبكة الانترنت صورا أخرى لأوسمة مُنحت لبعض المنتسبين لهذا الفوج، لكن لا توجد صورة التنين عليها، وبعضها يعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية. وشارك المحاربون الجزائريون ضمن هذا الفوج في العديد من الحروب والمعارك الشهيرة، على رأسها معركة «سان لورينزو» التي خاضوها في المكسيك ضمن صفوف الجيش الفرنسي في حملته بين سنتي 1861 و1867، عندما حاولت فرنسا وضع نظام كاثوليكي يخدم مصالحها في المنطقة بعد أن تحالفت مع المحافظين المكسيكيين في أوروبا، الذين كانوا ضد الجمهوريين.
وقد رسم الفنان الفرنسي جان أدولف بوسي، الذي رافق الجيش الفرنسي الاستعماري في العديد من الحملات، لوحة لحصار مدينة «بويبلا» في المكسيك، أين وقعت أول معركة خلال هذه الحملة في عام 1862، حيث يظهر فيها الرماة الجزائريون بسراويلهم الجزائرية الواسعة أو «سروال الحوكة» وبنادق طويلة في أيديهم وقبعات عربية حمراء، كما يظهر في اللوحة أحدهم حاملا على خصره طبلا، في حين يبدو جنود الجيش الفرنسي محيطين بأسوار المدينة المتهالكة.
جزائري ينتزع علم الجمهوريين المكسيكيين في معركة سان لورينزو
وتمكن أحد الرماة ضمن الفوج الثالث ويدعى «أحمد بن ميهوب» من انتزاع راية القوات المكسيكية في معركة «سان لورينزو» ومنح له وسام جوقة الشرف، الذي أضيف بقرار صادر في الجريدة الرسمية الاستعمارية الصادر عام 1902 إلى راية الفوج الثالث للرماة الجزائريين، التي حملت إلى ذلك الوقت عبارات «سولفيرينو» و»الأغواط» و»سيباستوبول»، قبل أن تضاف إليها منذ 1884 أسماء الحملات والمعارك التي شارك فيها الفوج في الشرق الأقصى والحرب العالمية الأولى وغيرها، بحسب ما اطلعنا عليه في أرشيف بعض جرائد فرنسا الاستعمارية.
وشارك جزائريو الفوج الثالث أيضا في حرب شبه جزيرة القرم الأولى عام 1854، حيث ساهموا في معركة نهر «ألما» التي وقعت يوم العشرين من شهر ديسمبر من نفس السنة، وتعد أولى معارك تلك الحرب، قبل أن يتوجهوا لنجدة القوات الإنجليزية في حصار «سيباستول» ضد الروس. وقد ساهم جنود الفوج الثالث بقوة في غزو جبل الحَلَمة الخضراء يوم السابع من جانفي من عام 1855، لكن خسائر بشرية جسيمة قد وقعت بينهم، فقد قتل منهم 33 ضابطا و498 جنديا بين قتيل وجريح، كما دفعوا ثمنا بشريا غاليا في معركة مالاكوف وسقط منهم 13 ضابطا و232 جنديا بين قتيل وجريح.
وبعد أربع سنوات عاد محاربو الفوج الثالث إلى أوروبا، حيث شاركوا في حملة إيطاليا بين الثاني من شهر ماي إلى غاية 14 جويلية من عام 1859، كما ساهموا في عدة معارك قبل أن يطاردوا فلول النمساويين إلى غاية يوم 24 جوان عندما وقعت معركة سولفيرينو. وشارك المعنيون أيضا في الحرب الفرانكو-ألمانية التي وقعت في سنة 1870، قبل أن يوجهوا منذ سنة 1883 إلى 1886 إلى الشرق الأقصى في إطار استعمار الفييتنام وغيرها من المناطق الآسيوية.
وتحصل محاربو الفوج الثالث للرماة الجزائريين على أوسمة بفضل مشاركتهم في الحرب العالمية الثانية، كما يوجد إلى اليوم في مدينة “ستراسبورغ” الفرنسية حجر تذكاري لمحاربي هذا الفوج، نظير ما قاموا به “للمحافظة على مدينة ستراسبورغ”، في حين يقول عنهم الملازم “لوسيان داريي شاتلان” في كتابه “تاريخ الفوج الثالث للرماة الجزائريين”، والذي سجل فيه تاريخهم منذ إنشائهم إلى غاية سنة 1888، أنهم كانوا من “خيرة الجنود في الجيش الفرنسي”. وأورد المؤلّف في الكتاب الكثير من التفاصيل حول الجنود المنتمين إلى هذا الفوج من الرماة وأسماء عدد منهم، الذين تقلدوا رتبا إلى غاية “ملازم”، بالإضافة إلى تفاصيل رحلاتهم في إطار الحملات العسكرية وقتالهم عبر العديد من المناطق من العالم.
وينطوي تاريخ الفوج الثالث للرماة الجزائريين على جانب مظلم أيضا، فقد ساهم المحاربون المنتمون إليه في قمع العديد من الانتفاضات وحركات المقاومة في الجزائر، كما ساعدوا جيش الاستعمار الفرنسي كثيرا في التوسع نحو جنوب البلاد بعدة مناطق، فضلا عن نشاطهم إلى جانبهم في الحدود الجزائرية مع تونس وفي المشرق العربي وبعض البلدان الإفريقية مثل السنغال وجزر القمر. أمّا خلال حرب التحرير فقد استعملتهم السلطات الاستعمارية، قبل أن يسجل بعد فترة انسحاب الكثير منهم وفرارهم، لتحوّلهم إلى مناطق خارج الجزائر. ولم يُحَلّ الفوج الثالث للرماة الجزائريين إلا في سنة 1962 مع نيل الشّعب الجزائري استقلاله وتخلصه من نير الاستعمار الفرنسي، بحسب ما هو منشور في العديد من المواقع الإلكترونية التي تهتم بتاريخ هذا الفوج.
حجر تذكاري لأبناء قسنطينة الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى
ولم تتوقف جولتنا في المقبرة المركزية لبلدية قسنطينة، حيث لاحظنا بالقرب من قبة محاربي الفوج الثالث للرماة الجزائريين حجرا رخاميا عليه كتابة باللغة الفرنسية وأخرى بالعربية، فاقتربنا منه ووجدنا أنه شاهد رخامي للذكرى أهدي إلى أرواح أبناء قسنطينة المسلمين الذين سقطوا في الحرب العالمية الكبرى، أو “الحرب العظمى” كما سماها من قاموا بوضع هذا النصب التذكاري الذي يعلوه الهلال والنجم، وما زال صامدا منذ أكثر من قرن رغم ما طاله من تدهور.
ومرّ بقربنا أحد المواطنين خلال تواجدنا في المكان، حيث حيّانا ثم توغل بين القبور القديمة الواقعة بالقرب من حي المنشار، لكنه عاد بعد حوالي ربع ساعة، وتحدث إلينا، حيث أخبرنا أنه كان يقطن قديما في الحي المحيط بالمقبرة، وتعوّد على زيارة قبر والديه بشكل دوري، في حين أوضح لنا أن تاريخ بناء الجدار على مدخل “القرّابة” يعود إلى أكثر من عقد، مشيرا إلى أن بعض المنحرفين أصبحوا يدلفون إليها لتعاطي المخدرات في وقت ماضي، لكنه أكد لنا أنه يجهل تاريخها أو سبب بنائها، واكتفى بالقول “يمكن أن يكون تحتها أحد الأولياء الصالحين”. وسألنا شخصا آخر يقطن بحي المنشار، فأكد أنه يزور المكان منذ أن كان طفلا، لكنه لا يعلم شيئا عن تاريخ القبة.
وغير بعيد عن قبة محاربي الفوج الثالث، توجد قبة مغلقة هي الأخرى بجدار، لكن تبدو من هندستها وطلائها أنها ليست بقدم الأولى، كما لا تحمل أية كتابات على مدخلها، في حين أنجزت في جدرانها نوافذ زينت بأشكال تسمح بنفاذ الهواء والنور إلى الداخل. ورغم محاولتنا تسلق الجدار الذي بني على مدخل “القرابة” لمشاهدة ما يوجد في داخلها من خلال فجوة في جزئه العلوي، إلا أننا لم نتمكن من ذلك، في حين توجد حولها قبور أحاطها أصحابها بسياج حديدي لحمايتها من الحيوانات والحفاظ على نظافتها، على غرار بعض الكلاب الضالة التي لاحظناها تتجول في المكان.
قبّة “الفوج الثالث” كانت تستعمل كمخزن للمواد الخاصة بالمقبرة
وأجّلنا البحث عن إجابات حول تاريخ المكان من القائمين اليوم على المقبرة إلى آخر مرحلة من قيامنا بهذا التّحقيق، حيث تحدثنا إلى مدير مؤسسة تسيير المقابر التابعة لبلدية قسنطينة، الذي رحّب بنا وكلف محافظ الجهة العلوية من المقبرة بمرافقتنا إلى غاية القبة لالتقاط صور. وقادنا الأخير إلى المكان، حيث أوضح لنا أن الجدار الذي أنجز على مدخلي قبة “الرّجمة الثالثة” والقبة الثانية التي ما زلنا نجهل تاريخها يعود إلى حوالي عامين فقط، مشيرا إلى أن القائمين على المقبرة ارتأوا ذلك حماية للمكان من التدنيس، فقد صار يقصده المنحرفون لتعاطي المخدرات وإتيان بعض الممارسات المشينة، بحسب محدثنا، الذي أكد العثور على بعض الأشياء المُستعملة في السحر.
وقد أخْبَرْنَا المحافظ أنّنا عثرنا على علبة شموع فارغة بجانب القبة، عند زيارتنا لها، ووجهنا له سؤالا حول ما إذا كان الناس يزورونها، لكن المعني نفى ذلك وأوضح أن المنحرفين الذين كانوا يتردّدون على القبة كانوا يستعملون الشّموع للإنارة.
وقادنا المحافظ إلى أحد العمّال القدماء في المقبرة، أين أخبرنا الرجل أنه يعمل في مقبرة قسنطينة منذ أكثر من 45 سنة، وأكد لنا أن قبة “محاربي سان لورينزو” كانت تستعمل لتخزين مواد البناء وغيرها من الأدوات الخاصة بالمقبرة، في حين كانت تستغل القبة الثانية الواقعة أعلى منها كمكان لحفظ الموتى الذين يتقرر دفنهم بعد يوم. وأكد محدثنا على عدم وجود قبور أسفل القبتين، مشيرا إلى أن عمليات حفر قد جرت من قبل من طرف العمال لكن لم يتمّ العثور على أيّة عظامٍ أو بقايا إنسانيّة.
مُربّع جنودُ فرنسا المُسلمين بمقبرة قسنطينة
وأضاف العامل الذي تحدثنا إليه أن الموقع الذي توجد فيه القبة يمثل واحدا من المربعات الثلاثة التي كانت مخصصة لدفن جنود الجيش الفرنسي من المسلمين الجزائريين، حيث أشار إلى أن بقايا الأعمدة والحلقات المعدنية المثبتة فيها، تُمثّل أعمدة السلاسل التي كانت تحيط بهذه المربّعات، بالإضافة إلى بقايا سور مزيّن بأقواس تهدمت الكثير من أجزائه، في حين تمتدّ هذه المربعات إلى العمود الحجري المشيد لذكرى أبناء قسنطينة الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى والقبة الكبيرة المجهولة.
وأوضح لنا محدثنا أن القنصل الفرنسي كان يزور هذه المربعات الخاصة بالجنود المسلمين في الجيش الفرنسي إلى غاية الثمانينيات، مثلما قال إنه يتذكّر، فيما أشار إلى أن الدفن فيها لم يعد مقتصرا على فئة معينة بعد الاستقلال. ونبه محدثنا إلى أن جُلّ هذه القبور القديمة قد اختفت بشكل كلي اليوم، خصوصا وأن المقبرة صارت تعرف تشبعا كبيرا، فضلا عن أن أصحابها لم يشيّدوا قبورا بارزة، رغم تأكيد نفس المصدر على أن المقبرة تحتوي على قبور لأولياء صالحين وأشخاص من أعيان المدينة تعود إلى حوالي قرنين، في حين لم نتمكن من العثور على مصادر أخرى توثق لبناء هذه القبة، في حين نبهنا العمال بالمقبرة إلى أن قبة أخرى كانت موجودة في الماضي غير بعيد عنها وتشبه قبّة “الفوج الثالث”، لكن تمّ هدمُها.                         
س.ح

المطرب توفيق تواتي للنصر

يرى المطرب و المؤلف الموسيقي توفيق تواتي بأن عرش المالوف لا يزال شاغرا بعد رحيل عميده الحاج محمد الطاهر الفرقاني، و لا يمكن لأي أحد من الفنانين ، حتى من أفراد عائلته، أن يدعي بأنه مثله، أو يفكر في أن يصبح خليفة له، مشيرا إلى أن هذا الطابع الأندلسي الأصيل لا يزال نخبويا، و وضعيته جيدة في عقر داره قسنطينة، لكن لا بد من توسيع دائرة متابعته و ضمان تعليمه و الترويج له، ليستقطب مختلف الأجيال و يتجاوز حالة الركود التي طالته في عصر أغاني السندويتش الصاخبة، كما قال الفنان الذي يحمل خبرة 35عاما في مجال المالوف، مرصعة ب54 ألبوما في حوار خص به النصر..
حاورتــه/ إلهام طالب
أنا تلميذ كل شيوخ المالوف
النصر:  يصفك البعض بأنك تلميذ كل شيوخ المالوف، بمن تأثرت أكثـر؟
توفيق تواتي: صحيح.. لقد انخرطت في جمعية البسطانجية لمدة 20 عاما،  ثم توجهت إلى جمعيات موسيقية أخرى، و أتيحت لي الفرص للاحتكاك بالعديد من شيوخ المالوف، على غرار عبد المؤمن بن طوبال و رشيد بن خويط و الشيخ الدرسوني و الشيخ التومي، و غيرهم ، لم أكن أكتف بما أتعلمه من شيخ واحد، بل كنت أسأل و أبحث و أنهل من الجميع، و كلما علمني شيخ أغنية ، أحفظها بسرعة و أظل ممتنا له. و أفتخر لأنني تلميذهم جميعا، لكنني تأثرت أكثر بالحاج محمد الطاهر الفرقاني، فمن خلاله أحببت المالوف و كرست حياتي له.
.  من ترشح لخلافة الحاج محمد الطاهر الفرقاني على عرش المالوف، ابنه سليم، أم حفيده عدلان؟
ـ سئل الشيخ محمد العنقى ذات يوم من يرشح لخلافته،  فرد « لا أحد يخلف الآخر، قد يأتي شخص أفضل مني، أو أسوأ مني ، لكن لن يأتي أحد مثلي». و أنا أؤمن بأن لا أحد يمكن أن يخلف الحاج أو يكون مثله، حتى و إن كان ابنه أو حفيده، لكن هذا لا يعني انعدام المواهب و الكفاءات الفنية العالية في فن المالوف، فهي موجودة بقوة  .
. الكثير من الفنانين يورثون الفن لأبنائهم، هل توافق أن يصبح أحد أبنائك مطربا ؟
ـ أولا أبنائي لا يزالون صغارا، و إذا لاحظت بأن أحدهم يميل إلى الفن، سأشجعه على الانخراط في مدرسة لتعلم الموسيقى، و أعلمه و أوجهه، لكن بشرط أن يمارس الفن كهواية و ليس كمهنة.
. هل هذا يعني أن الموسيقى و الغناء لا يضمنان للفنان المداخيل اللازمة لتلبية احتياجاته و احتياجات عائلته؟
ـ في الماضي كان الفن يضمن العيش المريح، لكن أصبحت اليوم مداخيله ضعيفة و لا يمكن أن يعتمد عليها الفنان كمصدر رزق، كما أن إصدار ألبومات يتطلب الخضوع لشروط الناشر الذي يفرض على الفنان نوعا غنائيا تجاريا لضمان الربح،  و قد عانيت في بداياتي كثيرا من هذا المشكل.
قانون الفنان غير كاف في حال المرض و البطالة
. و ماذا بعد أن أسست دار نشر خاصة بك؟
ـ في سنة 1998 تخلصت من هذا العائق،  و أسست دار المالوف، لكنني أواجه نقص الإنتاج بسبب الخوف من القرصنة التي يسرتها التكنولوجيا الحديثة، فقد أصبحت الأغاني تقرصن و تبث عبر الإنترنت و تسمع على نطاق واسع مجانا بمجرد تسجيلها، و بالتالي لا يشتري الجمهور الألبومات إلا نادرا، لكنني أحاول قدر الإمكان تشجيع الفنانين الراغبين في إصدارها، و مساعدتهم في تقديم أعمال ذات نوعية جيدة، من حيث اللحن و الكلمات بحكم خبرتي، كما أتقاسم معهم التكاليف، أنا لست تاجرا ، و هدفي فني بالدرجة الأولى.
. هل تعرضت للقرصنة؟
ـ قبل عشر سنوات ، أحييت حفلا بمدينة ليون الفرنسية، و أثناء إجراء حوار إذاعي، أحضر لي المذيع شريط كاسيت يحمل غلافه صورتي و اسما غير اسمي، و يضم أغنياتي، فأدركت خطورة الظاهرة.
. ما رأيك في قانون الفنان ؟
ـ إنه يساهم في إعادة الاعتبار للفنان الجزائري، لكنه غير كاف في نظري، لا بد من الاهتمام أكثر بالفنان و التكفل به عندما يمر بظروف صعبة كالمرض و عدم القدرة على توفير الأدوية و العلاج أو انعدام فرص العمل.
. هل تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي و المواقع الموسيقية للترويج لألبوماتك؟
ـ لست نشطا في هذه المواقع، و لحد الآن لم تخدمني التكنولوجيا، لكنني بصدد البحث عن فكرة للترويج لأعمالي و لما لا بيع ألبوماتي إلكترونيا.
. هل تعتمد على جهة أخرى في الإشهار لأعمالك و نشرها؟
ـ نعم..أنا منخرط في الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، كمطرب و مؤلف موسيقي و كاتب كلمات، و تربط الديوان اتفاقيات مع القنوات التليفزيونية و الجزائرية في ما يخص حقوق البث، و بالتالي يضمن ترويج أعمال الفنان المنخرط و يدعم إبداعاته و مساره.
. هل تؤدي طبوعا موسيقية أخرى غير المالوف؟
ـ نشأت و ترعرعت على أنغام المالوف، لأن أخي الأكبر من عشاقه، و في 1979 ـ 1980 شجعني على الانخراط في دار الشباب بحي فيلالي بقسنطينة، و التقيت هناك بعديد الفنانين الشباب و تعلمت الصولفاج و المالوف و العزف على مختلف الآلات الموسيقية الوترية من باب الهواية، و في 1986 غنيت لأول مرة بمفردي في عرس، و أكد لي أصدقائي و الحضور بأن صوتي جميل، فقررت أن أصقل موهبتي عن طريق الجمعيات و على يد كبار شيوخ المالوف، و شاركت معهم في عديد الجولات الفنية
، و بقيت وفيا لهذا الطابع إلى يومنا هذا، علما بأنني متفتح على ألوان أخرى و أعشق أغاني وديع الصافي و صباح فخري.
المالوف فن الملوك و الأمراء
. لماذا يعاني المالوف من الركود في عقر داره و لم يحظ بالمكانة التي يستحقها في رأيك؟
ـ المالوف كان في السابق فن الملوك ، يسطر يومياتهم و نشاطاتهم و يزين قعداتهم، و لا يزال نخبويا راقيا، له عشاقه الأوفياء، و أؤكد بأنه بخير في مدينته، بدليل أن الكثير من الجمعيات لا تزال تحتضنه و العديد من الشبان يتعلمونه و هناك مواهب تبرز باستمرار، لكن هذا غير كاف، لا بد أن ينتشر أكثر و يجد فنانين يقودونه إلى العالمية، لأنه يستحق ذلك.
. ماهي الحلول في رأيك؟
ـ التركيز على تكوين الأجيال الصاعدة ، و من هذا المنطلق سنعيد أنا و مجموعة من الفنانين و المهتمين بالمالوف إحياء جمعية أوتار قسنطينة عن قريب، مشروعها الرئيسي فتح مدرسة لها فروع بمختلف دور الشباب بولاية قسنطينة ، لتعليم المالوف لمختلف الفئات العمرية و من ثمة الحفاظ على كنوزه و اكتشاف المواهب و توجيهها ، و ساهمت في توثيق جزء كبير من تراث المالوف عن طريق تسجيلات كثيرة في إطار عاصمة الثقافة العربية، و لدي مشاريع بحث عديدة في هذا المجال.
. ألا ترى بأن إضفاء كلمات جديدة تعالج انشغالات أبناء العصر الحالي من بين الحلول؟
ـ المالوف يركز على المديح و الغزل و الزجل و وصف جمال الطبيعة في جوهره، و قد بادرت بإضفاء كلمات جديدة من تأليفي في إطار المحجوز و الحوزي ، كما ألفت بعض الألحان ، مع الحفاظ على روحه و كانت تجربة جميلة، و أنا أشجع مثل هذه المبادرات، لست ضد تقديم الجديد من القديم،  دون أن نفقده هويته و أصالته، و لدي أغان من هذا النوع لم أسجلها بعد.
دمج المدارس الأندلسية  يفقدها أصالتها
. ما رأيك في فكرة دمج المدارس الأندلسية الثلاث ببلادنا: الصنعة و الغرناطية و المالوف، للخروج بطابع موحد و قوي يستقطب كافة عشاق التراث و الأصالة؟
ـ لو فعلنا ذلك بشكل مستمر ستفقد كل مدرسة طابعها و هويتها و أصالتها و تراثها و أيضا قيمتها، و بالتالي أنا ضد تعميم فكرة دمج المدارس، لكن يمكن أن يتفق فنانو المدارس الثلاث على برنامج موحد لحفل في إطار مناسبة معينة، لا غير. .
المالوف أضاع أجزاء من نوباته
. يعتقد الكثيرون أن المالوف يضم 24 نوبة..
ـ صراحة لا أدري إذا كان ذلك صحيحا، لكن الواقع يقول أنه يضم حاليا بين 11 و  12نوبة، لكنها غير كاملة، و لا تزال الكثير من كنوز المالوف مغمورة.
. هناك بعض الفنانين يؤدون كلمات أغاني و نوبات المالوف بشكل مشوه و خاطئ، هل «السفينة» مرجعية تراث المالوف طالها التزييف؟
 ـ لا ..السفينة الأصلية لم تتغير منذ عقود ، و كل شيخ يوثق سفينته، و ربما هناك من يخطئ في تسجيلها أو طبعها في هذا العصر و عليه تصحيحها بالعودة إلى الشيوخ.
. لم تشارك في حفلات عمومية منذ سنوات، لماذا هذا الغياب؟
ـ ليس غيابا بل هو تغييب و تهميش، منذ ثلاث سنوات لم أتلق أي دعوة من مديرية الثقافة لولاية قسنطينة أو الديوان الوطني للثقافة و الإعلام، بعد أن كنت أحيي كل الحفلات الرسمية.
. ما هو جديدك ؟
ـ جديدي هو المشاركة في تجسيد مشروع جمعية أوتار قسنطينة للمواهب الشبانية، من أجل تعليم المالوف و الحفاظ على التراث، و قد أصدرت منذ شهور ألبومين، الأول عنوانه مأخوذ من أغنيته الرئيسية و هو «يا خاتم مبهاك»و يضم 6أغان، ألفت لحنين منها، و الثاني من نوع الزجل يحمل عنوان أغنيته الرئيسية أيضا و هو «رق جسمي»، و أنوي تصوير بعض الأغاني من الألبومين على شكل فيديو كليبات لأبرز المناظر الطبيعية و الجوانب السياحية و التراثية لقسنطينة.                              
إ/ط

https://www.facebook.com/pg/ICi-Cest-Constantine-364756197193171/photos/?ref=page_internal

المطرب توفيق تواتي للنصر

يرى المطرب و المؤلف الموسيقي توفيق تواتي بأن عرش المالوف لا يزال شاغرا بعد رحيل عميده الحاج محمد الطاهر الفرقاني، و لا يمكن لأي أحد من الفنانين ، حتى من أفراد عائلته، أن يدعي بأنه مثله، أو يفكر في أن يصبح خليفة له، مشيرا إلى أن هذا الطابع الأندلسي الأصيل لا يزال نخبويا، و وضعيته جيدة في عقر داره قسنطينة، لكن لا بد من توسيع دائرة متابعته و ضمان تعليمه و الترويج له، ليستقطب مختلف الأجيال و يتجاوز حالة الركود التي طالته في عصر أغاني السندويتش الصاخبة، كما قال الفنان الذي يحمل خبرة 35عاما في مجال المالوف، مرصعة ب54 ألبوما في حوار خص به النصر..
حاورتــه/ إلهام طالب
أنا تلميذ كل شيوخ المالوف
النصر:  يصفك البعض بأنك تلميذ كل شيوخ المالوف، بمن تأثرت أكثـر؟
توفيق تواتي: صحيح.. لقد انخرطت في جمعية البسطانجية لمدة 20 عاما،  ثم توجهت إلى جمعيات موسيقية أخرى، و أتيحت لي الفرص للاحتكاك بالعديد من شيوخ المالوف، على غرار عبد المؤمن بن طوبال و رشيد بن خويط و الشيخ الدرسوني و الشيخ التومي، و غيرهم ، لم أكن أكتف بما أتعلمه من شيخ واحد، بل كنت أسأل و أبحث و أنهل من الجميع، و كلما علمني شيخ أغنية ، أحفظها بسرعة و أظل ممتنا له. و أفتخر لأنني تلميذهم جميعا، لكنني تأثرت أكثر بالحاج محمد الطاهر الفرقاني، فمن خلاله أحببت المالوف و كرست حياتي له.
.  من ترشح لخلافة الحاج محمد الطاهر الفرقاني على عرش المالوف، ابنه سليم، أم حفيده عدلان؟
ـ سئل الشيخ محمد العنقى ذات يوم من يرشح لخلافته،  فرد « لا أحد يخلف الآخر، قد يأتي شخص أفضل مني، أو أسوأ مني ، لكن لن يأتي أحد مثلي». و أنا أؤمن بأن لا أحد يمكن أن يخلف الحاج أو يكون مثله، حتى و إن كان ابنه أو حفيده، لكن هذا لا يعني انعدام المواهب و الكفاءات الفنية العالية في فن المالوف، فهي موجودة بقوة  .
. الكثير من الفنانين يورثون الفن لأبنائهم، هل توافق أن يصبح أحد أبنائك مطربا ؟
ـ أولا أبنائي لا يزالون صغارا، و إذا لاحظت بأن أحدهم يميل إلى الفن، سأشجعه على الانخراط في مدرسة لتعلم الموسيقى، و أعلمه و أوجهه، لكن بشرط أن يمارس الفن كهواية و ليس كمهنة.
. هل هذا يعني أن الموسيقى و الغناء لا يضمنان للفنان المداخيل اللازمة لتلبية احتياجاته و احتياجات عائلته؟
ـ في الماضي كان الفن يضمن العيش المريح، لكن أصبحت اليوم مداخيله ضعيفة و لا يمكن أن يعتمد عليها الفنان كمصدر رزق، كما أن إصدار ألبومات يتطلب الخضوع لشروط الناشر الذي يفرض على الفنان نوعا غنائيا تجاريا لضمان الربح،  و قد عانيت في بداياتي كثيرا من هذا المشكل.
قانون الفنان غير كاف في حال المرض و البطالة
. و ماذا بعد أن أسست دار نشر خاصة بك؟
ـ في سنة 1998 تخلصت من هذا العائق،  و أسست دار المالوف، لكنني أواجه نقص الإنتاج بسبب الخوف من القرصنة التي يسرتها التكنولوجيا الحديثة، فقد أصبحت الأغاني تقرصن و تبث عبر الإنترنت و تسمع على نطاق واسع مجانا بمجرد تسجيلها، و بالتالي لا يشتري الجمهور الألبومات إلا نادرا، لكنني أحاول قدر الإمكان تشجيع الفنانين الراغبين في إصدارها، و مساعدتهم في تقديم أعمال ذات نوعية جيدة، من حيث اللحن و الكلمات بحكم خبرتي، كما أتقاسم معهم التكاليف، أنا لست تاجرا ، و هدفي فني بالدرجة الأولى.
. هل تعرضت للقرصنة؟
ـ قبل عشر سنوات ، أحييت حفلا بمدينة ليون الفرنسية، و أثناء إجراء حوار إذاعي، أحضر لي المذيع شريط كاسيت يحمل غلافه صورتي و اسما غير اسمي، و يضم أغنياتي، فأدركت خطورة الظاهرة.
. ما رأيك في قانون الفنان ؟
ـ إنه يساهم في إعادة الاعتبار للفنان الجزائري، لكنه غير كاف في نظري، لا بد من الاهتمام أكثر بالفنان و التكفل به عندما يمر بظروف صعبة كالمرض و عدم القدرة على توفير الأدوية و العلاج أو انعدام فرص العمل.
. هل تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي و المواقع الموسيقية للترويج لألبوماتك؟
ـ لست نشطا في هذه المواقع، و لحد الآن لم تخدمني التكنولوجيا، لكنني بصدد البحث عن فكرة للترويج لأعمالي و لما لا بيع ألبوماتي إلكترونيا.
. هل تعتمد على جهة أخرى في الإشهار لأعمالك و نشرها؟
ـ نعم..أنا منخرط في الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، كمطرب و مؤلف موسيقي و كاتب كلمات، و تربط الديوان اتفاقيات مع القنوات التليفزيونية و الجزائرية في ما يخص حقوق البث، و بالتالي يضمن ترويج أعمال الفنان المنخرط و يدعم إبداعاته و مساره.
. هل تؤدي طبوعا موسيقية أخرى غير المالوف؟
ـ نشأت و ترعرعت على أنغام المالوف، لأن أخي الأكبر من عشاقه، و في 1979 ـ 1980 شجعني على الانخراط في دار الشباب بحي فيلالي بقسنطينة، و التقيت هناك بعديد الفنانين الشباب و تعلمت الصولفاج و المالوف و العزف على مختلف الآلات الموسيقية الوترية من باب الهواية، و في 1986 غنيت لأول مرة بمفردي في عرس، و أكد لي أصدقائي و الحضور بأن صوتي جميل، فقررت أن أصقل موهبتي عن طريق الجمعيات و على يد كبار شيوخ المالوف، و شاركت معهم في عديد الجولات الفنية
، و بقيت وفيا لهذا الطابع إلى يومنا هذا، علما بأنني متفتح على ألوان أخرى و أعشق أغاني وديع الصافي و صباح فخري.
المالوف فن الملوك و الأمراء
. لماذا يعاني المالوف من الركود في عقر داره و لم يحظ بالمكانة التي يستحقها في رأيك؟
ـ المالوف كان في السابق فن الملوك ، يسطر يومياتهم و نشاطاتهم و يزين قعداتهم، و لا يزال نخبويا راقيا، له عشاقه الأوفياء، و أؤكد بأنه بخير في مدينته، بدليل أن الكثير من الجمعيات لا تزال تحتضنه و العديد من الشبان يتعلمونه و هناك مواهب تبرز باستمرار، لكن هذا غير كاف، لا بد أن ينتشر أكثر و يجد فنانين يقودونه إلى العالمية، لأنه يستحق ذلك.
. ماهي الحلول في رأيك؟
ـ التركيز على تكوين الأجيال الصاعدة ، و من هذا المنطلق سنعيد أنا و مجموعة من الفنانين و المهتمين بالمالوف إحياء جمعية أوتار قسنطينة عن قريب، مشروعها الرئيسي فتح مدرسة لها فروع بمختلف دور الشباب بولاية قسنطينة ، لتعليم المالوف لمختلف الفئات العمرية و من ثمة الحفاظ على كنوزه و اكتشاف المواهب و توجيهها ، و ساهمت في توثيق جزء كبير من تراث المالوف عن طريق تسجيلات كثيرة في إطار عاصمة الثقافة العربية، و لدي مشاريع بحث عديدة في هذا المجال.
. ألا ترى بأن إضفاء كلمات جديدة تعالج انشغالات أبناء العصر الحالي من بين الحلول؟
ـ المالوف يركز على المديح و الغزل و الزجل و وصف جمال الطبيعة في جوهره، و قد بادرت بإضفاء كلمات جديدة من تأليفي في إطار المحجوز و الحوزي ، كما ألفت بعض الألحان ، مع الحفاظ على روحه و كانت تجربة جميلة، و أنا أشجع مثل هذه المبادرات، لست ضد تقديم الجديد من القديم،  دون أن نفقده هويته و أصالته، و لدي أغان من هذا النوع لم أسجلها بعد.
دمج المدارس الأندلسية  يفقدها أصالتها
. ما رأيك في فكرة دمج المدارس الأندلسية الثلاث ببلادنا: الصنعة و الغرناطية و المالوف، للخروج بطابع موحد و قوي يستقطب كافة عشاق التراث و الأصالة؟
ـ لو فعلنا ذلك بشكل مستمر ستفقد كل مدرسة طابعها و هويتها و أصالتها و تراثها و أيضا قيمتها، و بالتالي أنا ضد تعميم فكرة دمج المدارس، لكن يمكن أن يتفق فنانو المدارس الثلاث على برنامج موحد لحفل في إطار مناسبة معينة، لا غير. .
المالوف أضاع أجزاء من نوباته
. يعتقد الكثيرون أن المالوف يضم 24 نوبة..
ـ صراحة لا أدري إذا كان ذلك صحيحا، لكن الواقع يقول أنه يضم حاليا بين 11 و  12نوبة، لكنها غير كاملة، و لا تزال الكثير من كنوز المالوف مغمورة.
. هناك بعض الفنانين يؤدون كلمات أغاني و نوبات المالوف بشكل مشوه و خاطئ، هل «السفينة» مرجعية تراث المالوف طالها التزييف؟
 ـ لا ..السفينة الأصلية لم تتغير منذ عقود ، و كل شيخ يوثق سفينته، و ربما هناك من يخطئ في تسجيلها أو طبعها في هذا العصر و عليه تصحيحها بالعودة إلى الشيوخ.
. لم تشارك في حفلات عمومية منذ سنوات، لماذا هذا الغياب؟
ـ ليس غيابا بل هو تغييب و تهميش، منذ ثلاث سنوات لم أتلق أي دعوة من مديرية الثقافة لولاية قسنطينة أو الديوان الوطني للثقافة و الإعلام، بعد أن كنت أحيي كل الحفلات الرسمية.
. ما هو جديدك ؟
ـ جديدي هو المشاركة في تجسيد مشروع جمعية أوتار قسنطينة للمواهب الشبانية، من أجل تعليم المالوف و الحفاظ على التراث، و قد أصدرت منذ شهور ألبومين، الأول عنوانه مأخوذ من أغنيته الرئيسية و هو «يا خاتم مبهاك»و يضم 6أغان، ألفت لحنين منها، و الثاني من نوع الزجل يحمل عنوان أغنيته الرئيسية أيضا و هو «رق جسمي»، و أنوي تصوير بعض الأغاني من الألبومين على شكل فيديو كليبات لأبرز المناظر الطبيعية و الجوانب السياحية و التراثية لقسنطينة.                              
إ/ط

أستاذة بكلية الهندسة

التكنولوجيــا وحـدهــا لا تحــدّد مواصفـات المدينــة الذكيــة
ترى السيدة حورية بوشارب، الأستاذة المحاضرة في كلية الهندسة بجامعة قسنطينة 3 صالح بوبنيدر، أنه لا يوجد تعريف جامع للمدينة الذكية، حيث تؤكد أنه ينبغي أن لا ننظر إليه من جانب التكنولوجيا فقط، بل بما يوفره هذا الفضاء لسكانه من شروط التمدن وعلى الخصوص إعادة هيكلة سكان الأحياء الهشة في أجواء حضرية، تقدم لهم كل الخدمات التي تسهل يومياتهم.
اعداد: ساسمين بوالجدري
• ما التعريف الذي أجمع عليه المتدخلون للمدينة الذكية خلال الملتقى الذي احتضنته جامعة قسنطينة 3 مؤخرا وشاركتِ فيه؟
أردنا رفع الستار عن تعريف المدينة الذكية بالابتعاد عن الجانب التكنولوجي فقط، فالمدينة الذكية لها أوجه أخرى للذكاء من حيث الاستجابة للنقل والإدارة ومختلف الخدمات، رغم ذلك فإن التكنولوجيا تساهم بالإسراع في الوصول إلى هذا المفهوم، و ذلك في ما يخص احتياجات السكان في كل الميادين.
للحاق بركب المدن الذكية لا يجب أن نركب القطار وهو في حالة سير، بل باختصار الطريق للوصول إليه، و هو أمر جد سهل في ظل العولمة وكذا تكنولوجيا الاتصال التي تعتمد على الانترنيت، فالكثير من الشروط نتوفر عليها لبلوغ الهدف سريعا.
• ما هي مواصفات المدينة الذكية؟
أوجه الذكاء عديدة، لكن لا يجب أن نعتقد أن الوصول إليها مستحيل، فليس إجباريا الاعتماد الكلي على التكنولوجيا التي يمكن الاستعانة بها في الحصول على مختلف الوثائق والخدمات عن طريق الانترنيت.. نحن نحتك بمختلف تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، على غرار البرتغال وفرنسا، بينما تسير بلدان أخرى في نفس الاتجاه مثل السعودية ومصر اللذين لهما دراسات وتجارب في الميدان، وبالاحتكاك والمعطيات التي نحوز عليها سنستطيع كخبراء أن نصل إلى الهدف.
• هناك من يقول أن علي منجلي بقسنطينة، لا تزال بعيدة عن مفهوم المدينة الذكية، ما رأيك؟
هذا حكم مسبق لا يمكن الأخذ به، ولكن يجب التفكير فيما تمكنا من تحقيقه بإسكان قاطني الأحياء الهشة في وسط عمراني مهيكل، أين تحسنت العلاقات الاجتماعية بين مختلف المواطنين المرحلين، وقد رأينا أن مظاهر العنف التي كانت سائدة بعد الترحيل قد اختفت مع الوقت وبذلك نكون قد حققنا هدف تأطير وهيكلة هؤلاء السكان في وسط منظم أصبح التحكم فيه ممكنا عبر التكنولوجيا عن طريق الوسائط الاجتماعية، فقد صار للمواطن فرصة أكبر للتواصل عبر «فايسبوك» و "يوتيوب"، حتى أن المواطنين من الشرائح البسيطة يحوزون على أكثر من هاتف ذكي.
لقد أصبح المواطن مهيكلا للعيش في مدينة ذكية، و الفرص موجودة، و ما علينا سوى انتهازها للوصول إلى الهدف، و هنا أعطيك مثالا عن مدينة إفريقية مثل كيغالي في رواندا، فهي ذكية في مجالات النقل و النظافة و المعاملات الإدارية، رغم أنها مدينة تقع ضمن ما يعرف بالعالم الثالث.
• من يرافق سكان مدينة ما للانتقال بها من مدينة عادية إلى أخرى ذكية؟
الكل يرافق بعضه، فغرداية مثلا مدينة ذكية وبعض القرى في منطقة القبائل و الأوراس لها نفس المواصفات وذلك بنظافتها وبتوازن شروط ونمط الحياة فيها، وهذا ما يجعلنا ننتقل من الحديث عن المدن الذكية إلى الأقاليم الذكية، ويرافق ذلك وسائل الإعلام والانترنيت وكل وسائل التواصل، فهي تسهل بلوغ جوانب من هذا الهدف.
على الباحثين تقديم التشخيص للجهات المسؤولة لتحقيق الهدف المنشود، بالاستشراف ومشاركة الكل بالاقتراح، وبهذا نصل إلى المواطنة للمساهمة في تطور المستوى المعيشي للسكان والمساهمة في بناء الوطن. الخلاصة هي أن الكل يساهم في الوصول إلى المدن الذكية.       
حاورها: ص/ رضوان
سـوفـت
"واتساب" تخفض عدد متلقي الرسائل المُعاد توجيهها
قرر تطبيق “واتساب” خفض عدد متلقي الرسائل المعاد توجيهها إلى خمسة مستخدمين فقط، حيث ستحصل هواتف “أندرويد” على التحديث قبل غيرها، وذلك في إطار سعيها لمحاربة الأخبار الكاذبة والصور ومقاطع الفيديو المتلاعب بها.
وقال مسؤولون تنفيذيون في خدمة تطبيق الدردشة “واتساب” المملوكة لشركة “فيسبوك”، إن التحديث الجديد يهدف لمكافحة المعلومات المضللة والإشاعات، حيث كان بإمكان مستخدمي “واتساب” في السابق، إعادة توجيه رسالة إلى 20 فرداً أو مجموعة.
و يُعد تخفيض عدد مستقبلي الرسائل المعاد توجيهها إلى خمسة على مستوى العالم، توسيعا لإجراء اُتخذ في الهند في جويلية الماضي، بعدما تسبب نشر شائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي، في وقوع جرائم قتل ومحاولات إعدام خارج إطار القانون.
و يحاول تطبيق “واتساب” الذي يستخدمه حوالي 1.5 مليار شخص حول العالم، إيجاد طرق لوقف إساءة استعماله، وذلك في أعقاب المخاوف العالمية من استخدام المنصة لنشر الأخبار الكاذبة، والصور التي يتم التلاعب بها، ومقاطع الفيديو بدون سياق و أيضا الخدع الصوتية، و ذلك بدون أي طريقة لمراقبة أصل هذه المواد أو الوصول لمصدرها.
 ح.ب
تكنولوجيا نيوز
انخفاض مبيعات أجهزة الكمبيوتر في العالم
كشف أحدث تقرير صادر عن شركة IDC لأبحاث السوق، عن تراجع مبيعات أجهزة الكمبيوتر الشخصية في العالم، و ذلك للعام السابع على التوالى، إذ سجل شحن 258,497 حاسباً عام 2018 مقارنة مع 259,647 جهازا في 2017، أي بانخفاض قدره 1.3 %.
و جاءت شركة لينوفو فى المركز الأول، إذ سيطرت على 22 % من الشحنات بمعدل يزيد عن 58 ألف جهاز، تلتها شركة HP بحصة سوقية تقدر بـ 21 %، أما “ديل” فكانت فى المركز الثالث بحصة سوقية 16 % وشحنات تصل إلى 42 ألف حاسب، فيما جاءت شركة “آبل” فى المركز الرابع، تليها “إيسر”.
وقد كان التراجع الأكبر من نصيب شركة “أسوس”، حيث انخفضت شحناتها بنحو 13.5 %، بينما كانت “لينوفو” الأفضل بزيادة تقارب 7 % فى العام الماضى، فيما كشف التقرير أن هذا التراجع يعود إلى الخلافات الاقتصادية ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، حيث تقلص الطلب الأمريكي على المنتجات الصينية على مستوى كافة السلع، ما أدى لانخفاض طلب الشركات الصينية على المنتجات التقنية نفسها.
ي.ب
# هــاشتـــاغ
#رئاسيات_2019: بمجرد الإعلان عن استدعاء الهيئة الناخبة للاستحقاقات الرئاسية التي تقرر إجراؤها في 18 أفريل المقبل، بدأ نشر و تبادل الأخبار بخصوص هذا الموعد الانتخابي، بنقل آخر المستجدات بخصوص ترشح رؤساء الأحزاب و الأحرار ، و كذا الأرقام الرسمية التي تضعها وزارة الداخلية و الجماعات المحلية على صفحتيها في «تويتر» و «فايسبوك».
#شباب_قسنطينة:تم تداول هذا الهاشتاغ بقوة خلال الأيام الماضية، بعد الفوز الذي حققه فريق شباب قسنطينة لكرة القدم، على نظيره «تيبي مازيمبي» الكونغولي، و ذلك لحساب الجولة الثانية من مرحلة المجموعات لدوري أبطال أفريقيا.
#Oscars:تحوّل هذا الوسم إلى حديث مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، بعدما أعلِن أمس عن القائمة الكاملة لترشيحات جوائز الأوسكار، و قد لفت انتباه المستخدمين العرب ترشيح اللبنانية نادين لبكي عن فيلمها “كفرناخوم” في فئة أفضل فيلم أجنبي، أما عالميا فقد كان الحدث ترشيح الفيلم الأمريكي “بلاك بانتر” في فئة أفضل فيلم، إذ يروي و لأول مرة قصة أبطال خارقين من ذوي البشرة السمراء.
نجوم@
يتابعهما أزيد من 100 ألف مستخدم لتطبيق "أنستغرام"
زوجان جزائريان ينقلان مغامرات أسفارهما للعالم
تمكن الزوجان الجزائريان، محمد و أمينة، من استقطاب آلاف المعجبين بصفحاتهما على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال نشر صور لهما في مناطق سياحية و تاريخية داخل و خارج الوطن.
و قد راج هذا النوع من المنشورات في العديد من دول العالم في السنوات الأخيرة، لكنه دخل الجزائر مؤخرا من خلال شباب قرروا هم أيضا اقتحام هذا الفضاء الافتراضي، و من بينهم الزوجان محمد و أمينة، اللذان استطاعا حصد قرابة مليون إعجاب عبر الصور التي تم نشرها خلال سنة 2018 على حسابهما عبر تطبيق “أنستغرام”، حيث يحمل اسم «جزائريان يسافران” و يتابعه أزيد من 100 ألف شخص، أما عدد المعجبين بصفحتهما على «فايسبوك» المسماة “جزائريان إلى البرية” فقد فاق 80 ألف مستخدم.
و يحرص الزوجان الشابان على إظهار المكنونات السياحية و التاريخية التي تزخر بها الجزائر بجهاتها الأربع، كما يروجان للعادات و التقاليد التي تميز كل منطقة، فيما تبرز منشوراتهما خارج الوطن، الأماكن السياحية الأخاذة الموجودة في مختلف دول العالم، و ذلك عبر صور تحمل لمسة جمالية و إبداعية.
ي.ب
شباك العنكبوت
“تحدي العشر سنوات” يُسهل اختراق البيانات الشخصية!
حذر موقع مجلة «وايرد» المتخصصة في أخبار التكنولوجيا وتأثيراتها، من القيام بما يسمى بـ «تحدي العشر سنوات» من خلال نشر صور قديمة و أخرى حديثة لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ذكر خبراء أن الهدف منه هو تسهيل اختراق البيانات الشخصية.
ونشر الموقع مقالاً حذّر فيه من أنّ الأمر ليس عبثياً، وله أبعاد قد تكون خطيرة، ووصف هذا «التحدي» بالهوس الجديد لروّاد مواقع التواصل الإجتماعي، حيث قالت كيت أونيل الباحثة في مجال الأمن الإلكتروني، إنّه بدلاً من المشاركة في هذا الهوس على «فايسبوك»، ينبغي أن يأخذ الجميع حذرهم، مضيفةً: «المسألة خطيرة، خصوصاً إذا أدركنا أنّ سيناريو التعرّف على الوجوه خلال 10 سنوات، يمكنه أن يطور خوارزميات تستطيع اختراق البيانات الشخصية التي نشاركها من دون أي تحفظات، وبشكل أعمق وعلى نطاق أوسع».
ورداً على اعتبار بعضهم أنّ الفكرة تحمل في طيّاتها نظرية مؤامرة، خصوصاً أنّ «فايسبوك» يمتلك فعلياً جميع صور الملف الشخصي لحساباته على مدى كل السنين، شدّدت أونيل على أنّ نشر تلك الصور في التحدي المذكور هو بمثابة تدريب لخوارزمية التعرّف على الوجوه وخصائصها المرتبطة بعمر المستخدم، على نحو أكثـر تحديداً، و ذلك بناءً على مدى التقدّم في العمر، كما أنّه يظهر على سبيل المثال كيف سيبدو الناس مع مرور الوقت، وأوضحت كيت أنّه من شأن هذا منح الشركات، وأبرزها «فايسبوك»، مجموعة بيانات واسعة مع الكثير من صور الناس، وهو ما سيزيد من إمكانية التحكّم والتدخل في خصوصية المستخدمين.                                                              ح.ب
            


مختصون يؤكدون وجود ثغرات قانونية

أرجع مختصون في القانون و حقوق الإنسان سبب استفحال ظاهرة انتهاك حرمة الحياة الخاصة في المجتمع الجزائري و بلوغها مواقع التواصل الاجتماعي، إلى عدم اكتمال المنظومة التشريعية في المجال المعلوماتي و الإلكتروني، و استغلال بذلك الثغرات القانونية  للتملص من العقاب، فيما فسرها نفسانيون و مختصون في علم الاجتماع و أئمة ، بتراجع دور الأسرة و ضعف الوازع الديني و غياب التنشئة الاجتماعية.
أسماء بوقرن
أخذت ظاهرة انتهاك حرمة الحياة الخاصة أبعادا جد خطيرة ، حيث لم تتوقف عند تدخل الفرد في شؤون جاره أو قريبه ، و إنما تعدتها إلى نشر منشورات على مواقع التواصل لكشف خصوصيات الغير  و كذا التقاط صور و مقاطع فيديو  الغرض منها الابتزاز و التشهير و كشف عيوب الآخر، و هو ما تسبب في تفكك عديد الروابط الأسرية، اذ تحصي المحاكم عددا كبيرا من قضايا الطلاق التي يعود سببها في كثير من الحالات إلى التعدي على قداسة الحياة الزوجية، ما ينجر عنه خلافات بين الطرفين تقودهما لأروقة العدالة.
في المقابل لا يتوانى رواد مواقع التواصل عن وضع كثير من المعلومات الشخصية و الصور و مقاطع الفيديو التي تبرز بالأخص نمط حياتهم، و نجدها بشكل أوسع عند المشاهير، الذين يتعرضون من خلالها للسب و الشتم، و يحاسبون على تصرفاتهم و كل ما ينشرونه ، و يتحول متابعو الصفحة لقضاة يصدرون أحكاما على ما ينشر، و يذكرون من جهة أخرى بالحساب و العقاب.
تدخل الجيران قد يدمر العلاقات الزوجية
أمينة طبيبة مختصة  في الطب الداخلي بمؤسسة استشفائية بقسنطينة، نمودج للمتزوجات اللواتي انتهكت حرمة خصوصيتهن، إذ انقلبت حياتها رأسا على عقب بسبب تدخل الجيران في شؤونها الخاصة و انشغالهم الدائم بأوقات عودتها من العمل و مظهرها و تأثر زوجها بكلامهم ، حيث روت للنصر قصتها، قائلة بأن اقحام الجيران  أنفسهم في خصوصياتها نغص عليها حياتها و كاد أن يدمر أسرتها، بعد أن  كانت تنعم بالاستقرار لكون زوجها رجلا متفهما خاصة في ما يعلق بعملها، غير أنه حاليا يريد أن تترك وظيفتها.
و استرسلت حديثها موضحة بأنها لم تواجه لأكثر من أربع سنوات من توديعها العزوبية، مشكلة تتعلق بوظيفتها، لكن بعد انتقالهما للإقامة في منزل جديد في السنتين الأخيرتين، تغير الوضع و أصبح شريك حياتها غير راض عن عملها ، و يعرب في كل مرة عن تذمره من تأخرها في العودة للبيت ليلا،و ما يقوله الناس عنها، أن ذلك في رأيه يمس بشخصه و يشوه صورته، حيث أصبح ، حسبها، يسعى لإرضاء الغير على حساب علاقتهما قائلة بأن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، و إنما تجاوزه إلى أبعد من ذلك ، حيث أصبح البعض يملون عليها المبادئ الواجب التحلي بها لتكون بعيدة عن أعين الناس و تسلم من ألسنتهم، فهناك من نصحها بارتداء الحجاب و الاتصال بزوجها لاصطحابها في نهاية الدوام ، بدل أن تعود  للبيت بمفردها في ساعة متأخرة، ما جعلها تخطط لبيع منزلها و الانتقال للعيش في مكان آخر،يضمن حرمة حياتها الخاصة.
انتهاك حياة الآخر بلغت درجة التقاط صور و فيديوهات لشابات في أماكن العمل و المناسبات ،و تهديدهن بنشر صورهن على مواقع التواصل و التشهير بهن ، و هو ما تعرضت له السيدة منى و هي متزوجة و أم لبنت، حيث سردت لنا الفضيحة التي تعرضت لها ، على حد تعبيرها، قائلة بأنها لم تكن تتوقع أن يتسبب حضورها حفل زفاف في مشكلة كبيرة كادت أن تدمر أسرتها . المتحدثة قالت بأنها وجدت صور التقطت لها دون علمها في عرس إحدى صديقاتها في مواقع التواصل، و كانت صدمته كبيرة بالنسبة لها، لكون زوجها حد الطباع و غير متفهم، إذ فكرت في البداية إخفاء الأمر عليه لتجنب المشاكل، إلا أنها خشت من اكتشاف الأمر بنفسه و يحدث ما لا يحمد عقباه، فحاولت استجماع قواها و أخبرته ، و كانت ردة فعله قوية جدا إذ لم يترك المجال لها حتى لتوضيح ما حصل، و ظل يصرخ و يحملها المسؤولية ، و وقع خلاف كبير بينهما انتهى بمغادرتها المنزل،  لتدخل في دوامة مشاكل  كادت أن تخسرأسرتها، لولا تدخل كبار العائلة الذين أعادوا المياه إلى مجاريها .
عبد الحليم سطحي  شاب في 41 سنة من العمر، مقيم رفقة أخته البالغة من العمر 28 سنة  و والدته، بالطابق الأرضي لعمارة بالوحدة الجوارية رقم 7 بالمدينة الجديدة علي منجلي ، قال بأنه لم يعد يشعر بالراحة في منزله و تأزمت نفسيته، نتيجة الاعتداء على حرمة بيته، و ذلك منذ أن قام صاحب الشقة الواقعة في العمارة المقابلة لمسكنه باستغلال حديقة العمارة و تحويله لمدخل رئيسي مزود بكاميرا مراقبة، مصوبة باتجاه نوافد بيته، اذ ترصد كل ما يقومون به،  و هو ما جعله يدخل في صراع مع صاحب الشقة و مصالح البلدية ، لوضع حد لهذه التجاوزات التي تسببت في انتهاك خصوصيته ، خاصة و أن الشقة المقابلة له تستغلها طبيبة يقصدها عديد المرضى و مرافقيهم ، يوميا.
الظاهرة لا تقتصر على المواطنين العاديين بل تجاوزتهم إلى الشخصيات العمومية و المشاهير الذين ينالون حصة الأسد في القذف و التشهير ، خاصة عند تورط أحدهم في قضية و اقتياده لأروقة المحاكم، حيث تتحول إلى قضية رأي عام و تغزو صوره المواقع الافتراضية ، و هو ما يعد مساسا بحياته الخاصة و تشويها لشخصه، ليدخل بعدها في رحلة جبر الضرر الذي لحق به، في حال حصوله على حكم البراءة، إلا أن ذلك لا يمكنه من استعادة كرامته المسلوبة.
الدكتورة مليكة خشمون مختصة في الحقوق و الحريات
 الحرية  لا يجب أن تستغل في الإعتداء على خصوصية الآخرين
الدكتورة مليكة خشمون من جامعة محمد الصديق بن يحي ولاية جيجل، المتخصصة في الفقه و أصوله، و الحقوق و الحريات، بأن الحرية المتاحة للأفراد تبقى مقيدة، و لا تستغل في الاعتداء على خصوصية الآخر، إذ يجب أن تمارس في إطارها القانوني المشروع، مؤكدة بأن الإشكال المطروح حاليا في بلادنا هو جهل الفرد لحقوقه و للقوانين التي تحد من انتهاك حياته الخاصة ، بالإضافة إلى غياب تفعيل النصوص القانونية ، بالرغم من أن المشرع الدستوري نص على حرمة الحياة الخاصة و قال بأنها مكفولة أو مصونة لكل الأفراد .
و أرجعت مسألة التشهير بالأشخاص، إلى تفتح المجتمع و العالم ككل على بعضه البعض، قائلة  بأن العالم أصبح كتابا مفتوحا منشورا أمام الجميع بفعل التكنولوجيات الحديثة و مواقع التواصل، على حد تعبيرها،  فالاختلاف في الرأي أو إبداء طرف معين موقف سلبي اتجاه الآخر، يسهل على هذا الأخير الرد عليه و ابتزازه ، و هو الأمر ذاته بالنسبة للتشهير بالمسؤولين و الشخصيات.
 مشيرة في سياق ذي صلة، إلى أن التكنولوجيات الحديثة ساهمت في كشف ممارسات المسؤولين و تورطهم في تبديد المال العام ، غير أن اتخاذ من ذلك وسيلة للمساس بالحياة الخاصة و كشف الأسرار، مرفوض،على حد قولها.
الدكتورة ليندة بومحرات مختصة في الشريعة و القانون
القوانين العقابية موجودة لكنها غير صريحة
الدكتورة ليندة بومحرات،المختصة في القانون و الشريعة  بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ، قالت للنصر بأن النصوص القانونية التي تعاقب على الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة موجودة ، إلا أنها غير صريحة ، و تتحدث في مجملها على التشهير و الابتزاز ، كما أن النصوص المتعلقة بالجريمة الإلكترونية و المنظومة التشريعية المتعلقة إجمالا  بالمجال المعلوماتي غير مكتملة ، و توجد ، حسبها،ثغراتقانونية  يتم استغلالها للتملص من العقاب.
ذات المتحدثة أكدت بأن انتهاك الحياة الخاصة للأشخاص الطبيعيين و الشخصيات العمومية، و الاعتداء عليهم بالتشهير و التصنت، سواء من خلال المكالمات الهاتفية أو تصوير فيديوهات و التقاط صور خلسة و نشرها أو حتى الاحتفاظ بها، يعاقب عليها القانون، حسبما جاءت به المادة 39 من الدستور ،  مشيرة إلى أن الجهة الوحيدة المخول لها التصنت و مراقبة الشخص هو الضبطية القضائية ، و ذلك حسب المادة 65 مكرر إلى غاية المادة 65 مكرر 10  من قانون الإجراءات  الجزائية،  التي تنص في مضمونها على أن للضبطية القضائية الحق في التنصت على المكالمات السلكية و اللاسلكية للمشتبه فيه و التقاط صور في مدة أربعة أشهر قابلة للتجديد، كما يؤكد  المشرع أن هذه الإجراءات تعتبر من سر المهنة و لا يجوز إفشاؤها.
و أرجعت الدكتورة سبب تسرب معلومات عن قضية قيد التحقيق، إلى كون قاضي التحقيق يستعين بالضبطية القضائية ، و كذا بتقنيين للتصنت على مشتبه فيه، لتكون بذلك غير محصورة  في شخص واحد ، و إنما في سلسلة يصعب من خلالها ضمان سرية التحقيق ، مشيرة إلى أن المحقق ملزم بالكتمان في هذه المرحلة ، و لا يحق له نشر صور و ما تعلق بالمشتبه به، و هو ما يتم تجاوزه، حسبها .
 اذ يتعرض المشتبه به للتشهير عبر مواقع التواصل و في وسائل الإعلام، ما يمس ، حسب ذات المصدر، بحياته الخاصة و كرامته، و يظهر أنه مدان للرأي العام، فحتى و إن حصل على البراءة، لا يستطيع استعادة كرامته ، مشيرة الى أنه في هذه الحالة، له الحق في رفع دعوى مدنية للتعويض عن الضرر ، غير أن الضرر النفسي لا يمكن جبره ، لأن انتهاك الحياة الخاصة، لا  تُصلح بالتعويض المادي ، و بالتالي فالمشرع الجزائري في هذه الحالة لم يضبط هذه الجزئية .
و تابعت بأن وسائل الإعلام أيضا أصبحت تمارس هذا الاعتداء، لنشرها  صور المشتبه فيهم لحظة توقيفهم ، و هذا لا يجوز قانونيا ، لأن في هذه الحالة النائب العام الوحيد المخول له بالتصريح للإعلام، وفقا للمادة 11 من قانون الاجراءات الجزائية التي تنص على أن النائب العام، هو الوحيد الذي يخول له التصريح للإعلام في قضية تتعلق بالرأي العام ، دون أن يقدم تصورا حول ما إذا كانت التهمة ثابتة أو غير ثابتة، و بالمقابل فإن الشخص المدان بإفشاء سر يتعرض لعقوبة تأديبية ، إلا أنها لا تردع بشكل يساعد في الحد من انتهاك حرمة الحياة الخاصة و تداول المعلومات الشخصية.
الدكتورة حبيبة رحايبي مختصة في حقوق الإنسان
لم نرتق بعد لمرحلة متابعة المنتهكين   قضائيا
الدكتورة حبيبة رحايبي مختصة في حقوق الإنسان بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية لولاية قسنطينة، قالت للنصر، بأننا لم نرتق بعد إلى مرحلة  متابعة من ينتهكون حياتنا الخاصة ، ففي الجزائر لا نزال  نتحدث عن الفكرة و عن الجانب النظري في هذا المجال، و لم نجسد ذلك في الواقع، بالرغم من وجود النص القانوني الذي ينظم ذلك ، و الذي ينبغي أن يحتوي هو الآخر على ما يدفع لتفعيل الترسانة القانونية، و ذلك بالاستعانة بمعايير معينة لإحداث الموازنات بين حرية الرأي و التعبير.
و أوضحت المتحدثة بأنه مهما كانت الظروف و تعددت الأسباب لا يحق لأي كان أن يشتم الآخر، سواء شخص عام أو فرد طبيعي، على حد تعبيرها، مشيرة إلى أن الشخصيات المعروفة تتمتع بالحق في الخصوصية ، ماعدا في قضايا معينة تفيد الصالح العام، في هذه الحالة فقط، يحق للشخص الطبيعي أي المواطن العادي ، أن يتناول معلومات في السياق المذكور.
الأخصائي النفساني كمال بن عميرة
انتهاك حياة الغير يولّد العدوانية ويدفع إلى الانتحار
المختص النفساني كمال بن عميرة  قال بأن الاعتداء على الحياة الخاصة للأفراد بالتدخل في شؤونهم أو محاسبتهم على تصرفاتهم و السب و الشتم و التشهير ، يؤثر على الجانب النفسي ، حيث يصابون بالإحباط و التوتر و القلق و يفقدون الثقة بالنفس ، و يصبحون منعزلين عن المحيط الخارجي و يشعرون بالغربة عن وطنهم، لكونهم يرون بأن كل الأشخاص ضدهم ، و يتحولون إلى متهورين  في تعاملهم مع الآخرين كما تطغى العدوانية على تصرفاتهم.
و أضاف بأن المساس بخصوصية الأفراد و تشويهها، قد يولد نوعا من العنف المادي الذي يصل  لارتكاب جرائم  هدفها الانتقام ، موضحا بأن الشخص المعتدى عليه معرض للإصابة بالاكتئاب ، و قد يصل لدرجة الانتحار و ذلك لعدم قدرته على مواجهة العالم الخارجي، خاصة في ما يتعلق بالشخصيات العمومية و ما يتعلق بالقضايا الأخلاقية، حيث يكون لها ، حسبه، تأثيرا بليغا على الأسرة قد يؤدي لانفصال الزوجين، كما تؤثر على نفسية الأبناء و مسارهم التعليمي، داعيا لضرورة  فتح مجال الحوار و البعد عن الأنانية.
المختصة في علم الاجتماع نجوى عميرش
تنمية الحقد في الوسط الأسري من بين الأسباب
الأستاذة نجوى عميرش أرجعت تفشي ظاهرة الاعتداء على الحياة الخاصة، إلى التطرف الفكري السلبي و  غياب التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة، التي تنصلت من دورها في غرس القيم النبيلة في الأبناء، و أصبحت تساهم في تنمية الحقد و الكراهية و الاهتمام بشؤون الغير،  كالتجسس على الجيران و متابعة شؤونهم ، ووصلت لدرجة التدخل في طريقة عيشهم و لباسهم و إصدار أحكام مسبقة عنهم، حيث أصبح الطفل يستغل كعين رقيب على تحركات الآخر،  لينقل بذلك ما يجري لأسرته،ما جعل الظاهرة تطغى على الحياة الاجتماعية و تصبح سلوكا متجذرا  في الأفراد .
و أضافت بأن مواقع التواصل ساهمت في استفحال الظاهرة، و غذت مظاهر الحقد و الغيرة اتجاه الآخر الذي ينشر حياته الخاصة في الفضاء الافتراضي و يحاول إبراز مظاهر البذخ و الرفاهية، هو ما يساهم في استثارة هذه السلوكات لتخرج للعلن عن طريق السب أو الشتم و غيرها ، و لتمس الأشخاص الطبيعيين و كذا المشاهير و الشخصيات، و غالبا ما تصدر من أشخاص محرومين و ذلك لتحقيق الرضا النفسي.
بن عبد الرحمان محمد مصطفى إمام خطيب بمسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة
انعدام الوازع الديني و غياب مرجعيات تربوية سبب تفشي الظاهرة
اعتبر بن عبد الرحمان محمد مصطفى إمام بمسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، انتهاك حرمة الغير كبيرة من الكبائر ، و أرجع تفشي الظاهرة إلى انعدام الوازع الديني ، و غياب مرجعيات تربوية،سواء في الأسرة أو المحيط الاجتماعي ، و تتمثل في الأشخاص الذين عادة ما يكونون قدوة في محيطهم، موضحا بأن الفرد عندما يكون قريبا من الله عز وجل و محصنا  دينيا ،  يستحيل أن يعتدي على حرمة حياة الغير، و التي تعتبر في المنظور الديني تجسسا على عورات الأفراد.
و أكد الإمام بأنها كبيرة من الكبائر لقوله تعالى « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ»  ، كما نهى الرسول عليه الصلاة و السلام من انتهاك خصوصية الآخر في قوله صلى الله عليه و سلم  " يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ لا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ يَتْبَعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ يَتْبَعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ".
الأستاذ بن عبد الرحمان أكد بأن ديننا الحنيف أمرنا بستر عيوب الغير في قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ " ، معتبرا انتهاك الحياة الخاصة و التطاول على الأشخاص بالسب و الشتم و مقاضاتهم على تصرفاتهم، ليس من شيم ديننا الحنيف ، و الله عزوجل وحده يحاسب الفرد على أفعاله، داعيا إلى ضرورة تضافر جهود كل الفاعلين في المجتمع، بدءا بالأسرة و المسجد و وسائل الإعلام و المثقفين، لوضع حد للظاهرة و تقوية الوازع الديني لدى الأفراد.               
أ / ب

ليست هناك تعليقات: