الثلاثاء، سبتمبر 16

الاخبار العاجلة لتقديم ين سعيد دروس حول المعاق في ركن خاص باحياء شوارع قسنطينة يدكر ان بن سعيد استشهد بمعاقين صنعوا احداث قسنطينة يدكر ان بن سعيد اعتبر كلمة مسكين اهانة واكتشف ان تظاهرة قسنطينة 2015تجاهلت دور المجانيين في حياة قسنطينة الثقافية والاسباب مجهولة

اخر خبر

 الاخبار العاجلة لتقديم ين سعيد دروس حول المعاق في ركن خاص باحياء شوارع قسنطينة يدكر ان بن سعيد استشهد بمعاقين صنعوا احداث قسنطينة يدكر ان بن سعيد اعتبر كلمة مسكين اهانة واكتشف ان تظاهرة قسنطينة 2015تجاهلت دور  المجانيين في حياة قسنطينة الثقافية والاسباب مجهولة
 اخر خبر
الاخبار العاجلة لاكتشاف الصحافية فلة جربوعة ان صحيفة وظفت صحافيين شباب لمدة سنة في اطار التجارب البشرية على الشعب الجزائرييدكر ان الصحافي الشاب اكد للمديعة ان صحيفة النصر تعيش حرية صحفية مطلقة لكنها تحدد بالكلمات الصحفية المتداولة في المقالة يدكر ان الصحافيين الشباب سوف يوظفون لمدة سنة بصحيفة النصر ثم يحالون على التقاعد الشباني
وللعلم فان الصحافية نرجس كرميشتنازلت عن اسمهاالصحفي مقابل تكوين صحافيين جريدة النصر مستقبلا 
علما ان الصحافيين الشباب المنوظفين بصحيفة النصر اغلبهم عمل كمتعاون في صحف وقت الجزائر ةوصحيفة المؤشر وهكدا اصبحالشباب يوظفون لمدة سنة عللى سبيل التجربة الصحفية وشر البلية مايبكي يدكر ان الصحافي الشاب صمم على الخطوبة العاجلة خوفا من ضياع المنصب الاجتماعي الاعلامي في بلد المناصب الوهمية والاسباب مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة لاكتشاف سكان قسنطينة ان اصحابالمقاولات العمرانية المجانية القادمة من اجل ترميم عمارات قسنطينة
يعيشون في بيوت منهارة بالجزائر العاصمة وهكدا اصبح مقاول البيوت المنهالرة بالعاصمة يرمم عمارات قسنطينة الصامدة عمرانيا يدكر ان مقاولات ترميم قسنطينة تعيش صراعات داخلية بعد اكتشافهم ان بنايات تحتاج الى طلاء ابيض وبنايات تحتاج الى حداد اسود وبنايات تحتتاج الى تهديم شامل يدكر ان الجنرال مهري استولي على دنيا الطرائف وطرد تجارها باوامر من تجار تونس ليجعلها ساحة بورقيبة بقسنطينة وشر البلية مايبكي


اخر خبر
الاخبار العاجلة بتعجيل عمليات ترميم مباني عمارات وسط مدينة قسنطينة الزواج الاستعجالي لبنات وسط مدينة قسنطينة وهكدا فبعد غلق طريق عبان رمضان من اجل ترحيل عروسين هاهو شارع سان جان يودع احدي بناته الى البيت السعيد بعد انتشار اشاعات غلق محلات قسنطينة التجارية لمدة 3اشهر ويدكر ان سكان قسنطينة اصبحوا يسيرون في الشوارع اما السيارات فاصبحت تسير على حوافي الطرقات العرجاء وشر البلية مايبكي
اخر خبر
الاخبار العاجلة لقيام الداي حسين والي قسنطينة بزيارة استعراضية لمشاريع قسنطينة وسط المدينة حيث تجول بين الشوارع والفنادق ليكتشف ان قسنطينة تحتاج الى اعادة تزيين مبانيه بماكياج نساء قسنطينة وتحتاج الى طلاء منازلها باللون الابيض شديد الحساسية للوسخ كما طالب مسيري مشاريع وسط قسنطينة بتغيير عقلية سكان قسنطينة عبر شرب الخمور في الشوارع والترويج لللباس العاري في وسط المدينة يدكر ان مسيري تظاهرةقسنطينة الثقافية 2015يفكرون في خروج سكان قسنطينة عاريا لاستقبال ضيوفهم من البلدان العربية الناقصة الاهلية السياسية وشر البلية مايبكي
اخر خبر
الاخبار العاجلة لاكتشاف الصحافية العائدة ازدهار فصيح ان الغلق التجاري لسوق الخروب يرتبط باكتشاف مسيري الخروب ان خرفان موالي الخروب لاتتقن اللغة الاماوزيغية يدكر ان سكان الخروب يعتنقون الديانة المسيحية مند استيلاء حزب ايت احمد علسلطة دولة ماسينسا يدكر ان الصحجافية ازدهار اكتشفت نساء بائعات للخرفان في سوق الخروب ولعلا دخول نساءالخروب عالم تجارة خرفان عيد الاضحي عجل بغلق السوق خوفا من شراء سكان قسنطينة نساء الخروب كخرفان بدل كباش العيد وشر البلية مايبكي
اخر خبر
الاخبار العاجلة لاكتشاف سكان قسنطينة ان ةبايات قسنطينة تعاملوا مع سكان قسنطينة كما تتعامل المافيا الجزائرية مع سكان قسنطينة والاسباب مجهولة
نمادج من دراسة دكتورة







دائرة الضلعة بدون سيولة نقدية

تسبب انعدام السيولة النقدية ببريد الجزائر بدائرة الضلعة، بولاية أم البواقي، لمدة يوم كامل، في حالة استياء بين سكان المنطقة، خاصة الموظفين منهم وهذا لأسباب مجهولة.
وبحسب ما بحوزتنا من معلومات، فإن هذه الظاهرة أصبحت تتكرر على مدار الشهر الواحد، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، وهو ما أدى بأصحاب الأرصدة البريدية الجارية إلى التنقل إلى البلديات والمدن المجاورة كعين الطويلة بولاية خنشلة لسحب أموالهم.
هذا وقد عاشت مدينة الضلعة، في حد ذاتها، صبيحة أمس، أجواء من التذمر لدى عشرات الزبائن، خاصة عمال الشبكة الاجتماعية، الذين وقفوا، صبيحة أمس، ينتظرون أمام شبابيك بريد الجزائر دون أن يتحصلوا على أموالهم. ويتردد بالشارع الضلعاوي أن مكتب بريد الجزائر الوحيد بالمنطقة أصبح هو الآخر يعاني من حين لآخر، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى من نقص السيولة وانعدامها في بعض الأحيان، ناهيك عن ضيق المقر.

إعادة هيكلة وليس تقسيما إداريا

أكد مدير الحريات العامة والشؤون القانونية بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، محمد طالبي، أمس الإثنين، بالجزائر، إن فوج العمل المكلف بإعادة التنظيم الإداري لولاية الجزائر سيقدم إقتراحاته العملية نهاية سبتمبر الجاري.
وأوضح طالبي، خلال استضافته في منتدى الإذاعة الوطنية، أن فوج عمل تم تنصيبه، أول أمس، وفقا لقرارت إجتماع الحكومة مع سلطات الولاية، الخميس الماضي، لتشخيص وضعية عاصمة البلاد.وشدد المسؤول ذاته على أن القضية ليست متعلقة شرطا بتقسيم إداري جديد، بقدر ما هي قضية إعادة هيكلة لما هو موجود، لتحسين أداء الهيئات الإدارية والمؤسسات الإقتصادية.


 قسنطينة بعد أن تحولت الأحياء إلى صحاري واستحالت الحياة فيها سكان المدينة القديمة يضيقون ذرعا بتأخر السكنات وتهديدات
بانفجار جماعي
تنم تحركات الشارع بوسط مدينة قسنطينة من طرف سكان أحياء المدينة القديمة التي تحولت سكناتهم لصحاري من جراء أشغال الترميم واستحالت المعيشة الهادئة والسكينة المنتظرة من المنازل بفعل الضجيج الكبير، عن كبت كبير وصل إليه سكان قسنطينة قد يؤدي إلى انفجار محدق. حيث ضاق سكان المدينة القديمة الذين تغيرت مظاهر التمدن إلى صحراء كبيرة شبيهة بالجنوب الجزائري حقيقة دون مبالغة بأحيائهم ومحيطاتهم السكنية بفعل انتشار الأتربة والرمال المستخدمة في أشغال البناء بحياتهم التي تحولت إلى جحيم لا يطاق بعد انطلاق الأشغال وهم في منازلهم المعنية بعملية إعادة الاعتبار وأشغال الترميم وتحسين الواجهات، ناهيك عن ما تسببت فيه الأعمدة المنصوبة لمزاولة أشغال تحسين الواجهات الخارجية للعمارات من انتشار سلوكيات لصوصية وسرقات للمنازل بعد أن سهل دخولها من النوافذ وتعدد المداخل والمخارج، إلى جانب كثرة الضجيج الصادر من وسائل البناء والترميم والتي تبدأ في ساعات مبكرة من النهار الأمر الذي يقض مضاجع السكان ويضطهم للاستيقاظ باكرا خاصة فئة العجزة منهم والمرضى، وهي المؤشرات التي تنبئ وخصوصا عند طول مدتها وتراكمها مع الأسابيع والأشهر بإمكانية انفجار السكان انفجارا غير مرغوب فيه قد تتعدى آثاره المستوى المحلي وقد يحمل في طيات امتداده جميع المكتسبات والمؤسسات الرسمية، مع العلم أن قسنطينة من أكبر الولايات التي استقطبت خلال العشرية الدموية سكان المناطق الساخنة ما خلق ضغطا كبيرا على الولاية وحظوة سكان البيوت القصديرية والدخلاء على المدينة بمساكن لائقة حينما لا يزال سكان المدينة القديمة النازلين بالمدينة قديما أو من سكانها الأصليين ينتظرون الفرج بالحصول على شقة ملائمة وشروط المعيشة الكريمة، ومما زاد الطين بلة وأثار حفيظة السكان الذين أغلقوا أمس الأول مداخل وسط المدينة هو طول مدة إنجاز السكنات وتأخر توزيع الجاهز منها، حيث أنه وبالتجول قليلا بمختلف الوحدات الجوارية بالمدينة الجديدة "علي منجلي" التي هي قيد الإنجاز على غرار الوحدة الجوارية 16، أجزاء من الوحدة 17 و18، وكذا سكنات كناب إيمو المسجلة منذ 2006، تجد أنها تامة البناء وجاهزة مائة بالمائة ليبقى التأخر متعمدا من قبل الجهات المعنية في إنهاء التهيئة الخارجية لتبقى لهم حجة في عدم توزيعها وتسليمها، فإلى متى يستمر الأمر كذلك، ومتى يفرض النظام وتحترم الآجال، إذ أننا في عصر بناء الناطحات وفي فترات ملائمة وحجم المشروع بينما في بلانا لا تتجاوز العمارة الخمس طرابق والستة وتمكث أكثر من 10 سنوات في إنجازها مفارقات عجيبة في بلاد بحجم الجزائر وبإمكانيات الجزائر التي صدع المسؤولون آذاننا بوفرتها وكثرتها إلا أن استخدامها واستثمارها في ما يعود بتحسين معيشة المواطن يبقى مفقودا لحد كتابة هذه السطور. محمود بن نعمون


http://elhamel.net/elhamel2013/showthread.php?t=6278


http://thevest2010.montadalhilal.com/t17-topic

ردود الفعل الجزائرية تجاه الاحتلال الفرنسي
دور حضر الجزائر .
تمهيد/
إن الدارس للاحتلال الفرنسي للجزائر و ما ترتب عنه من نتائج و بالخصوص ردود الفعل الجزائرية يخلص على حقيقة هامة و هي سمة الاستماتة التي أبداها سكان الجزائر العاصمة وما جاورها من قرى و مداشرالى مشاركة باقي المناطق الأخرى من الوطن باختلاف الزمان و المكان ضد المحتل الفرنسي الدخيل منذ جويلية 1830الى جويلية 1962، و أن الشعب الجزائري لم ييأس و لم يمل من رفضه للتواجد الفرنسي مستعملا الوسائل العديدة و الإمكانات المتاحة بحسب الظرف الزمني لمقاومة الاحتلال .
ولعل من خصائص الرفض الجزائري للاحتلال الفرنسي هو قدرة الجزائريين على الاستفادة من تجارب الماضي و تراكمات الأجيال ، و قد تجسد ذلك في فترة المقاومة الشعبية الممتدة ما بين 1830و 1871 برغم وجود بعض المحاولات السياسية التي ظلت محتشمة ولم ترقى إلى الحصول على المطالب التي رفعها الشعب الجزائري وقتها و الممثلة في رفض الوجود الفرنسي في الجزائر ، هذا في حين امتازت الفترة ما بين 1871 و 1926 بوجود إرهاصات مهمة برزت في التحول الى العمل السياسي المنظم الذي تجسد فيما بعد في بروز الخريطة السياسية الوطنية المنظمة بكل أطيافها ، و التي عاد لها الفضل الكبير في تنظيم المجتمع الجزائري و السير به نحو المطالب الوطنية بعد أن تبلور المطلب الاستقلالي بعد ميلاد نجم شمال إفريقيا سنة 1926 بباريس .
1/ مفهوم حضر الجزائر :
يقصد بالحضر الشريحة الجزائرية التي كانت تملك من الثروة و الجاه و تمثل أعيان الجزائر العاصمة و مهاجري الأندلس ، ولكنها تحتل المرتبة الثالثة سياسيا بعد فئة الأتراك و الكراغلة خلال الفترة العثمانية في الجزائر مع العلم أن هذه الشريحة لم تطمح إلى تولي المناصب السياسية بقدر ما كانت تمثل فئة التجار و الزراع في سهول منطقة متيجة ، مع وجود بعض الإستثناءات للحضر الذين تولوا السلطة مثل عائلة حمدان خوجة التي كانت قريبة من دار السلطان بل كانت تعمل مع طاقم الداي حسين و هو آخر الدايات الذين حكموا الجزائر .
2/ دوافع اهتمام فرنسا بفئة الحضر :
لقد نسقت الإدارة الاستعمارية جل جهودها مع هذه الشريحة من المجتمع الجزائري منذ تواجدها في القصبة بغية تكسير بنية المجتمع و الاعتماد على عامل التفرقة و تجزئة المجزأ ، وذلك بعد أن شعرت بأن طبقة الحضر من الداعين لعودة الحكم الإسلامي و الحفاظ على قيمه ، هذا فضلا على نقمة هذه الشريحة على الأتراك ، و لذلك فلا غرابة من أن نجد أن الإدارة الفرنسية قد أبعدت العنصر التركي و عوضته بالحضر و منحت لهم بعض المناصب و تولوا الإدارة و وصلوا إلى المناصب الهامة وقتئذ و من أمثلة ذلك تولي أحمد بوضربة أمين السكة المجلس البلدي بالعاصمة ، و باي التيطري لمصطفى بن عمر .
و كان الغرض من كل ذلك هو تهدئة المقاومة الجزائرية و ربح الوقت لفرنسا من أجل ترتيب شوؤنها في الجزائر مع بداية الاحتلال ،و كل ذلك ما كشفت عنه الأحداث لاحقا بعد تجريد الحضر من ممتلكاتهم و أرزاقهم ، بل عملت فرنسا على تأميم أراضيهم التي تعرضت للاعتداء و النهب من قبل الجيش و قواده ،برغم ما تضمنته معاهدة الاستسلام من بنود و التي أبرمت بين الداي و القائد الفرنسي في 5 جويلية و التي تنص على احترام ممتلكات الجزائريين .
3/ موقف الحضر من سياسة الاحتلال :
لم يكن الحضر من جماعة المرابطين الذين أعلنوا الجهاد ضد فرنسا كما فعلا الشيخ محي الدين وابنه الأمير عبد القادر ، و لم يكونوا زعماء قبائل كما فعل بن زعمون في منطقة متيجة ، و لم يكونوا من بقايا الإدارة العثمانية كما فعل باي التيطري بومزراق و أحمد باي في بايلك قسنطينة ، بل كانوا طبقة متميزة ثرية بالأمس و فقيرة بعد ما جردت من كل أموالها و أرزاقها فيما بعد أي بعد الفترة الأولى من بداية الاحتلال .
و قد عبرت هذه الفئة في الكثير من الأحيان عن تذمرها و استنكارها من سياسة الإدارة الاستعمارية المنتهجة في حقها ، و ذلك عن طريق الشكوى و تقديم العرائض ة البعث باللوائح و كذا الاتصالات المباشرة و غير المباشرة بالسلطة الفرنسية سواء في الجزائر أو في باريس و من أمثلة ذلك الإسهامات التي قام بها حمدان بن أمين السكة في الكثير من لقاءاته بالفرنسيين بسبب كثرة التهم الموجهة إليه على أنه من دعاة عودة الحكم الإسلامي في الجزائر بحسب ما أشار إليه الدكتور أبو القاسم سعد الله .
كما تذكر الكثير من المصادر التاريخية أن طبقة الحضر التي هاجرت إلى فرنسا عنوة أو طواعية كونت لنفسها فيما بعد حلقة متميزة من المعارضة و نسقت الجهود مع كل الجزائريين المنفيين مناك بغية تقوية الصف ، و من الأسماء اللمعة في ذلك التحرك السياسي الهام في مرحلة عويصة من تاريخ الجزائر بعد الاحتلال نذكر حمدان بن عثمان خوجة و بن عمر. و ظلت الكثير من هذه الوجوه محافظة على مواقفها بل متشبثة بمقوماتها الدينية و الوطنية برغم كثرة الدسائس و سياسة الإغراء و الاستمالة التي انتهجتها فرنسا مع هذه الوجوه الجزائرية الثائرة بمواقفها السياسية .
4/ بعض الوجوه البارزة في طبقة الحضر :
1/ المفتي الحنفي بن العنابي :
لقد عاصر هذا الشيخ الجليل الحملة الفرنسية على الجزائر ، و قد هاله ما كان يجري في البلاد لأنه و رآه منافيا لشروط التسليم من جهة ، ومن ة يتنافى و مبادئ الثورة الفرنسية التي كانت فرنسا تتبجح بها دوما ، ولم يبق بن العنابي مكتفى الأيدي و راسل القائد العام كلوزيل في العديد من المرات حول الموضوع ، وفتح معه قضية تنكر الإدارة الفرنسية لبنود معاهدة الاستسلام التي تم الاتفاق فيها بين الطرف الجزائري و الفرنسي و من بين بنودها احترام فرنسا للطرف الجزائري ، كما أبلغه بالعواقب التي سوف تنجر عن ذلك ضد فرنسا نتيجة تهورها السياسي ، و أن ذلك لا محال سوف يشكل خطرا على أمنها في الجزائر . و الظاهر أن بن العنابي لم يجد المناورة السياسية و عبر عن ردود أفعاله بكل وضوح مما جلب له الكثير من المتاعب من قبل فرنسا ، واتهمته فرنسا بالتآمر ضدها و تحريض العامة عليها لما كان له من الاحترام الديني بين سكان الجزائر العاصمة و ما جاورها ، و قامت الإدارة الاستعمارية بسجن بن العنابي ، بل نفته إلى المشرق العربي رغم الوساطة التي قام بها حمدان خوجه مع القائد العسكري كلوزيل ، ولو أنها لم تفلح ، و كان هدف حمدان هو إبقاء زميله المفتي كي يجده سندا له في الدعوة و المقاومة السياسية ولو أنها ظلت محتشمة مقارنة بالمقاومة الشعبية الجهادية .
2/ أحمد بوضربة :
يعد من أعيان الجزائر العاصمة و أكبر تجارها ، كانت اه علاقات وطيدة بحمدان خوجة ، كما كانت له إسهامات كبيرة في المفاوضات الجزائرية الفرنسية فبيل إبرام معاهدة 5 جويلية ، ويقال عنه أنه تفاوض لتسليم دار السلطان للفرنسيين لاقتناعه وقتها أن الوجود الفرنسي وجود مرحلي ذاهب لامحال ، و أن مجيئه الى الجزائر بهدف تحرير الجزائريين من ربق الأتراك و الاضطهاد الذي كانوا يلاقونه في العديد من المرات على أيدي بعض من الحكام الذين كان شغلهم الشاغل لجمع الإتاوات و رفع الضرائب
لذلك كانت لبوضربة علاقة جيدة مع دوبورمون. هذا الأخير هو الذي ولاه رئاسة أول مجلس بلدي للجزائر العاصمة ويعد أيضا من مستشاريه السياسيين ، كما أولاه القائد الفرنسي كلوزيل إدارة أملاك مكة و المدينة وهي أحباس لها مكانتها في العمل الخيري للمهاجرين الجزائريين و العرب في دول المشرق العربي و خصوصا أثناء أداء فرائض ومناسك الحج و العمرة و احتياجاتهم الماسة لمثل هذه المعونة .
كما اتهمه الفرنسيون بأنه ترأس لجنة المغاربة التي كانت تعمل لصالح عودة الحكم الإسلامي في الجزائر ، وكان بوضربة سريع التأثير على الجالية الجزائرية و المغاربية في المهجر ، وكل ذلك ألق الدوق دوروفيقو الذي تولى حكم الجزائر و غير من نظرته تجاه طبقة الحضر ، بل اعتبرهم حلقة مخيفة ضد المصالح الفرنسية في الجزائر ، و أنهم يشكلون خطرا على مستقبل التواجد الفرنسي بالمنطقة و على مستقبلها وقرر التخلص منهم و نفى الكثير منهم إلى فرنسا ، مع العلم أن بوضربة كانت له نشاطات مكثفة مع اللجنة الإفريقية التي زارت الجزائر في جويلية من سنة 1833 للوقوف عند أحوال المستعمرة ولو أن هذه الزيارة كانت لصلح فرنسا لأنها كللت فيما بعد بتقديم المعلومات الكافية و الدقيقة عن الوضع في الجزائر ومن نتيجة ذلك قناعة الفرنسيين بمستقبلهم الذهبي في المستعمرة البكر ومن نتائج ذلك صدور المرسوم الملكي القاضي بإلحاق الجزائر بفرنسا سنة 1834 و الإبعاد النهائي عن مرحلة التردد التي ظلت جلية لدى ساسة فرنسا .
3/ حمدان خوجة :
يعد من بين أثرياء الجزائر العاصمة تربى في بيئة علمية و اجتماعية مرموقة ،تعلم العديد من اللغات فأكتسب الخبرة الواسعة ، أخذ عن والده الأستاذ في الشريعة و العالم بقضايا الساسة وكان كاتبا عاما للدولة ، سافر حمدان برفقة والده و بمفرده إلى دول عديدة مشرقية و أروبية و عاصر الكثير من أحداثها ووقف مليا عند حيثياتها .
وعند احتلال فرنسا للجزائر كان حمدان حاضرا و عايش الوقائع ، و كان حمدان محل ثقة الداي حسين ولذلك فقد تولى التفاوض مع الفرنسيين ، كما أشرف خلال عهد كلوزيل على تقرير تعويضات الأملاك المصادرة .كما تولى ملف ديون اليهود في الجزائر ، و شؤون مراسلات بومزراق مع فرنسا ، وبرغم ذلك كله فقد ظل حمدان من المقاومين و المدافعين عن القضية الوطنية و كان ساخطا على سياسة كلوزيل المتقاربة و الخادمة لليهود و المحافظة على مصالحهم ، برغم ما تعرض له هذا الأخير من محاولة جلب و إغراء بعد أن أعاد له كلوزيل بعض من أملاكه المؤممة ، كما كلفه القائد الفرنسي بالتفاوض مع الحاج أحمد باي الثائر في بايلك الشرق بغرض الاعتراف بالسيادة الفرنسية ، وكل ذلك لم تمنح فرنسا كل ثقتها في خوجة و ظلت تتابعه و تتحرى كل نشاطاته .
و في ماي من سنة 1933 دافع حمدان عن القضية الجزائرية أمام الرأي العام الفرنسي و العالمي وتعاون مع الجالية الجزائرية في فرنسا ومع العديد من المنفيين بباريس للضغط على حكومة فرنسا و برلمانها ،كما ساهم في اللجنة الإفريقية من أجل توضيح القضية الجزائرية ، و أرسل مذكرة لحكومة فرنسا عن حالة الجزائر المزرية ، و أبلغها إلى المارشال سولت وزير الحربية ، ومن جملة مطالبه تكوين لجنة للتحقيق فيما آلت إليه الجزائر ، وكانت مطالب خوجة واضحة تصب في ضرورة تمتع الجزائريين بكل حقوقهم ، بل لجأ أيضا إلى الإسهام في الكتابة لتنوير الرأي العام ودون المرآة التي تعد بالفعل مصدرا ثريا عن حالة الجزائر وقتئذ . لكن آمال خوجة لم تتحقق ففي 26 سبتمبر كان مصيره مصير زملائه و طرده كلوزيل من الجزائر بعد أن اتهمه بالتآمر ضد مصلحة فرنسا ونفي إلى فرنسا ثم عاش في إسطمبول التي وجد بها راحة البال و الضمير، و بنفي خوجة انتهت حركة لجنة المغاربة التي كانت تضم العناصر المثقفة و رجال المال و التجارة ، لكن رومانتيقية خوجة و اعتدال بوضربة وعدم وجود قاعدة شعبية قد ساهم كل ذلك في إجهاض ردود الفعل الجزائرية من الوجهة السياسية ، و التف الجميع حول ضرورة العمل بالمقاومة المسلحة التي تركت بصماتها هي الأخرى على صفحات تاريخ الشعب الجزائري خلال القرن التاسع عشر ، و كانت بحق مرحلة مضيئة من بسالة و استماتة الجزائريين ضد الغزاة الفرنسيين الذين تنكروا للعرف الدولية و احتلوا الجزائر عنوة و خرجوا منها عنوة .
المصادر و المراجع المعتمدة في المحاضرة :
1/ أبو القاسم سعد الله ، محاضرات في تاريخ الجزائر بداية الاحتلال.
2/ نفسه ،شيخ الإسلام المفتي بن العنابي
3/ نفسه ، الحركة الوطنية، القسم الأول
4/ عميراوي حميدة ، دور حمدان خوجة في تطور القضية الجزائرية .
5أرجمند كوران ، السياسة العثمانية تجاه الاحتلال الفرنسي للجزائر .
6/ محمد بن العنابي ، السعي المحمود في نظام الجنود
المحاضرة الخامسة :

نماذج من المقاومة الشعبية المنظمة
وانعكاسها على القضية الوطنية .
تمهيد /
هناك العديد من الأسئلة التي لا تزال تطرح من حين لآخر للتشكيك في مدى صدق المقاومة الشعبية ، وهل هناك بالفعل ردود أفعال جزائرية قاومت الاحتلال ؟ أم أن ردود الفعل اقتصرت على دار السلطان و بعض القبائل المجاورة للعاصمة .؟وماهي الأسباب التي جعلت بعض زعماء المقاومة يعملون بمفردهم وعدم التنسيق مع باقي المقاومات التي ظهرت من حين لآخر في ربوع عديدة من الوطن بما فيها أقاليم الصحراء .؟وهل مقاومة الأمير عبد القادر كانت رافضة لمقاومة أحمد باي في بايلك الشرق ؟ وهل الاختلاف في وجهات النظر بين الزعيمين كانت سلبا على المقاومة الوطنية ، و هناك المزيد من هذه الأسئلة التي لا تزال تبحث عن الإجابة المقنعة التاريخية و الموضوعية .
1/نماذج من المقاومة :مقاومة الأمير في الغرب و أحمد باي في الشرق:
لعل الدارس لمرحلة المقاومة الشعبية في الجزائر خلال القرن التاسع عشر يجدها متنوعة جغرافيا و حدثيا و نتيجة ، و لا يمنكن الإلمام بها في مداخلة ، بل تحتاج إلى العديد من المحاضرات حتى تتم معالجة الإشكالية بكل وضوح ، و تذكر العديد من الدراسات التاريخية أن ردود الفعل الشعبية كانت صادقة مع نفسها ضد الاحتلال الفرنسي و أ، فترة 1830إلى 1871ميزتها الانتفاضات المتكررة التي أجمعت كلها على رفض الوجود الفرنسي فوق تراب الجزائر ، و إن اختلفت في خصائصها و ووسائل عملها بحكم قوة و ضعف كل انتفاضة.
ونحن هنا لايمكن أن ندرس جل الانتفاضات بقدر ما نحاول التركيز على نموذجين هامين من هذه المقاومة لمكانتهما في التاريخ العسكري الجزائري الحديث وهما مقاومة الأمير عبد القادر في الغرب و الحاج أحمد باي في الشرق ومدى تأثير ذلك على العلاقة الفرنسية الجزائرية من جهة ومع الباب العالي من جهة أخرى ، فالمقاومة التي أعلنا الأمير كانت تنتسب إلى طريقة دينية رفعت لواء الجهاد في سبيل الله وطرد الكفار و الحفاظ على الدولة الإسلامية و تثمين مقوماتها التي ظل بعضها غائبا في أواخر العهد العثماني،و من ثم سعى الأمير إلى وضع أسس الدولة الجزائرية الحديثة ، هذا في حين كانت مقاومة أحمد باي تحلم ببقاء الحكم العثماني في الجزائر ،و نود هنا أن نلقي ولو نظرة موجزة عن طبيعة العلاقة بين جهاد الأمير المفعم بالحركية الدينية و المنتسب لفكر الجزأرة و مقاومة الحاج المرتبطة أساسا بالباب العالي و نفر من الكراغلة وبعض من فئة الحضر.مع الإشارة إلى جملة من الانعكاسات التي ترتبت على ذلك من دون التركيز على تفاصيل وحيثيات المقاومة .
2/أسباب التوتر في العلاقة بين الأمير و أحمد باي :
لعل الدارس لهذه العلاقة بين العائدين يجدها في الكثير من الأحيان تكاد تكون طبيعة لعوامل عدة سوف نعالجها في النقاط التالية :
أولا : العامل البسيكولوجي :
هناك اختلاف كبير في المكونات الشخصية لكلا الشخصين بحكم طبيعة الموقع الاجتماعي و الجغرافي لكل واحد منهما ، فالأمير كان لا يميل إلى العنصر التركي و لا يطمئن إلى جماعة الكراغلة و لا يثق في موظفي البايلك ، وذلك بسبب انتمائه للطريقة القادرية التي ورثها عن والده و هو ابن زاوية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى انتسابه لقبيلة هاشم العربية القحة الأصل ، وكل ذلك مكنه من الإلمام بالثقافة العربية و المقومات الدينية الإسلامية وتربى على الرجولة التي ظلت في وجه الظلم ضد السلوكيات المشينة التي سلكها حكام البايلك و أعوانه من القياد و الأعيان و الانتهازيين و أصحاب الامتيازات على حساب مستقبل الوطن .
ومن تم اعتبر الأمير فشل الداي في التصدي لاحتلال الجزائر بمثابة نكسة وهي بداية نهاية ارتباطا الجزائر بالباب العالي ، ومن تم أبطل الأمير في دولته الناشئة جميع الامتيازات التي كانت للأتراك و حتى الكراغلة لأن ذلك في نظره يعد من عوامل فساد المجتمع الجزائري ووجود ثغرة للاحتلال ، ولعل ما نلمس ذلك من خلال مراسلة الأمير التي وجهها إلى السلطان العثماني عبد المجيد جاء في مضمونها أن توسع فرنسا في البلاد الجزائرية كان مرده للتعاون الواضح الذي أبداه الكراغلة و الحضر مع الإدارة الاستعمارية للحفاظ على تواجدهم في هرم الدولة المستعمرة بغية حفاظهم على مصالحهم الضيقة وذلك كان على حساب المصلحة الجزائرية.
أما الحاج أحمد باي فقد كان يرى ضرورة الحفاظ على بايلك الشرق و ربط الجزائر دوما بالدولة العثمانية بسبب كونه كرغليا وتوليه بايا على إقليم قسنطينة منذ 1826 ، وطموحه الدائم للقب الباشا جعله يتمسك بكل ذلك حتى بعد هزيمته أمام فرنسا سنة 1837 بعد فك الحصار على قسنطينة و سقوط أسوارها .كما كانت خطة أحمد باي واضحة في تعاونه مع جماعة الحضر و بعض من أعيان قسنطينة منهم عائلة الشيخ الفقون ذات الشهرة الواسعة ،لذلك لا غرابة أن نجد مواقف الرجل حازمة و لا تعرف التردد وكان لا يثق في أقرب المقربين إليه للحفاظ على زعامته ، إذ قتل رسول باي التيطري الذي جاء يطلب من منه دفع الضريبة لباي التيطري بومزراق ، هذا الأخير الذي اعتبر نفسه دايا على الجزائر بعد تسليم دار السلطان ونهاية حكم الداي حسين ، و كانت صراحة أحمد باي قد كسبت له الكثير من الأعداء أكثر ما كسبت له الأصدقاء فقد عبر في الكثير من المرات عن رفضه لزعامة الأمير ، بل ألصقها تهما منها قوله : إن هناك منافق يعرف بعبد القادر بن محي الدين و يدعي الشرف ظهر في الغرب .وبنفس النظرة تقريبا عبر حمدان خوجة المتعاطف مع الحاج أحمد باي وكتب حول الأمير يقول : و من جملة ما فعل هذا المرتد أنه تحيل على أن يظهر واحدا من العرب بحبه للفرنسيين لعل أن يسلموا له البلاد ..
ثانيا :المكانة الاجتماعية :
لا يمكن إهمال الجانب الاجتماعي من الدراسات التاريخية ، إذ يعد من بين العوامل الفاعلة في الحد ث و مدى قوة أو فشل نجاحه ، وهذا يظهر جليا في طبيعة الاختلاف الذي ميز حركة المقاومة التي خاضها كل من الأمير و أحمد باي لاختلافهما الاجتماعي ، فبرغم مكانة الكراغلة و الأتراك و حتى اليهود في القيمة الاقتصادية و أحيانا في المكانة الثقافية إلا أن نشاط هذه الجماعة اقتصر على المدينة أكثر من انتشاره في الريف الذي كان يشغل قرابة 95 % من مجموع سكان الجزائر ، ومن تم كانت مقاومة أحمد باي قد تركزت في المدينة مثل قسنطينة و عنابة عكس مقاومة الأمير التي ربطت بين الريف و المدينة و اتصفت بالطابع الشعبي و التعبئة الواسعة حتى استمر عمرها 17 سنة كاملة ، وهناك خاصية أخرى ميزتها مقاومة الأمير و هي الدفاع عن الأرض و الملكية و هما عنصران أساسيان في ديمومة المقاومة وهذه الصفة ضعيفة جدا في المدينة
ونجد هذه الخاصية في المراحل الأولى للمقاومة لذلك برغم احتلال القائد الفرنسي كلوز يل لمنطقة معسكر في ديسمبر 1835، و تلمسان في شتاء 1836 ، فإن مقاومة الأمير ظلت متواجدة لارتباطها بعامل الريف و القرى المجاورة ، و هذا ما ميزته أيضا مقاومة أحمد باي في لإقليم الزيبان بعد سقوط مدينة قسنطينة سنة 1837 ، باعتبار أن الكثير من القبائل احتضنت مقاومة الجنوب .
كما أن أحمد باي لم يول في منهجه الإستراجي العسكري بالبعد الديني و تعزيز العلاقة الدينية و الروحية مع شيوخ الطرق الصوفية ، وهذا عكس الأمير الذي أسس مقاومته على البعد الروحي الجهادي ، وقد كشف أحمد باي عن مدى تخوفه من البادية في مراسلة له لحاكم طرابلس يقول فيها : إننا إن مكثنا بالبادية و طال عنا الأمر يحصل لهم الملل و الوطن دخلته رائحة الكفر و أهل البوادي ضعفاء القلوب لا سيما و ابن محي الدين هو الآن في إعانة العدو .لكن الإدارة الاستعمارية تفطنت للدور الذي يقدمه الريف في دعم المقاومة منذ الوهلة الأولى لتواجدها في الجزائر ، و اتضح ذلك في مخططاتها التدميرية لإبعاد الريف عن المدينة ، و انتهاج سياسة الأرض المحروقة التي باشرها القائد العسكري بيجو بعد توليه الحكم، و استطاع بذلك إجهاض مقاومة الأمير بل إنهائها و القضاء عليها سنة .1848 .
3/ الظروف السياسية :
هناك العديد من الظروف السياسية التي تحكمت في نوعية العلاقة بين الأمير و أحمد باي ، و قد تخوف كل طرف من الآخر بما كان يطمح إليه كليهما، فأحمد باي كان في اعتقاده أنه بإمكانه إنقاذ الإقليم الشرقي من الجزائر و حصر الخطر الفرنسي على السواحل ، في حين ظلت المناورة الفرنسية البسيكولوجية سارية على أن فرنسا جاءت لتأديب الداي حسين على فعلته مع دوفال ، حتى يوهمون الباي بذلك علما و أنهم قد اتصلوا به أثناء الاستعداد للحملة كي يبقوه حياديا هذا من جهة ، و من جهة أخرى أن الإدارة الفرنسية أجرت معه بعد الاحتلال مفاوضات تساوميه عن طريق قنصلها العام بتونس دي لسيبس، و قاضي عنابة السابق المدعو خليل و المقيم ببنزت ولو أن هذا الأخير عرف اللعبة الفرنسية و لم ينجر لذلك ورفض الدخول في اللعبة القدرة .
كما أن أحمد باي لم يمركز جهوده مع بقايا الكراغلة و الأتراك و حتى المعجبين بهم في باقي البيالك الأخرى و خصوصا في بايلك التيطري الذي كان يحوى العديد من الكراغلة ، كما كانت علاقته ضعيفة إلى حد ما مع طرابلس و حتى تونس القريبة منه جغرافيا ، واعتمد على جهوده في المقاومة ، و التي لم تكن كافية ، مع العلم أن بايات تونس قد تحالفوا في العديد من المرات مع فرنسا ضد المقاومة الشعبية في الجزائر ، و إبرام فرنسا للعديد من المعاهدات معهم ضد الجزائر منذ ديسمبر 1830 .و أما الأمير فقد كانت مساعيه أكثر دبلوماسية فقد حاول ربط علاقاته مع تونس و أرسل لها هدايا عن طريق ممثله الحسين بن عزوز و أحمد بن سالم و مساعي مصطفى بن التومي للحد من توسع فرنسا في الإقليم .
4/ موقف أحمد باي من معاهدتي دي ميشال والتافنة:
مما لا شك فيه أن الأمير كان يهدف من وراء إبرامه لمعاهدتي دي ميشال في 26فيفري 1834 و تافنة في 30 ماي 1837 مع الإدارة الفرنسية هو كسب رهان الوقت ،و ربط العلاقات الخارجية ، و بالتالي تحديث الجيش و بناء أسس الدولة الجزائرية الحديثة ، و يعد ذلك اعترافا رسميا للأمير بالسيادة الجزائرية . لكن قراءة أحمد باي للظرف كانت عكس رؤية الأمير ، و اعتبر الهدنة عدائية ضده وهي تفرغ الإدارة الفرنسي لتولي شؤونه و القضاء على مقاومته ، واتضح ذلك في رسالة وجهها لأحمد باي لأحد أعيان الدولة العثمانية يقول فيها : إن العدو أبرم السلام مع عبد القادر ، و أحد شروط هذا السلام أن عبد القادر متفق تماما مع العدو على القضاء على كل أثر بالبايلك ، و كان الباي دائما يسوء الظن في الأمير و يتصوره بالمتحالف مع فرنسا ضده و نلمس ذلك من خلال مراسلة هذا الأخير للباب العالي سنة 1838 و هو في إقليم الأوراس ، ومما تضمنته رسالته قوله : عبد القادر انظم للفرنسيين قائلا لهم إذا منحتموني قسنطينة و مقاطعتها فإنني آتي لكم بالحاج أحمد باي حيا ، و قد أجابه الفرنسيون عندما تسلم لنا الحاج أحمد باي فسوف نعطي لك قسنطينة و مقاطعتها ..
5/ موقف الأمير عبد القادر من سقوط قسنطينة :
برغم المقاومة المستميتة التي عرف بها جيش الباي في الشرق ، إلا أن الاختلاف في العدة و العدد بينه و بين الفر نسيين جعل الهزيمة تكاد تكون منطقية خصوصا عندما نقيم عمرها و محدودية الوسائل التي أتيحت لها، وكذا الظروف المحيطة بها ، وكان لحصار قسنطينة في فبراير 1836 و سقوطها في أكتوبر1837أثرهما في تدني معنويات الباي ، هذا في الوقت الذي كان يرى فيه الأمير حسب دراسة هنري تشرشل أن حصارو سقوط قسنطينة كان لصالحه، و أن انهزام الباي وسع آفاق توسع الأمير باتجاه الشرق .
كما أن انهزام فرنسا أمام ضربات الباي في أسوار قسنطينة في خريف 1836 مكن الأمير من فرض بعض شروطه و كذا إبرامه لمعاهدة تافنة ، ومن تم استغل الأمير لإخماد ثورة بايلك الشرق ، كما أن ضعف الأمير تجلى في موقفه المحايد من سقوط قسنطينة و بروز فرنسا كقوة جديدة و تراجع الأمير إلى الأراضي المغربية ،و استعماله لحرب العصابات سنة 1846 ، لكن تخاذل السلطان المغربي وتعاونه مع الإدارة الفرنسية جعل الأمير يضطر للخروج من التراب المغربي ، خصوصا بعد خروج بعض القبائل عن صفه، و كذا محاصرة فرنسا للبقية الباقية من جيشه و أتباعه كل ذلك دفعه للاستسلام للفرنسيين في ديسمبر 1848 بغرض الحفاظ على ما تبقى من الجزائريين .
6/ علاقة أحمد باي و الأمير بالباب العالي :
لقد ظل الحاج أحمد باي من المخلصين للباب العالي، وتمت بينه و بين السلاطين العثمانيين الكثير من المراسلات يطلب فيها الدعم المادي و المعنوي ، و كانت مراسلات الداي تحتوي بين طياتها في العديد من المرات صورة الأمير المعادي للعثمانيين ، بل و المتواطئ مع فرنسا ضد الدولة العثمانية ، و قد حملت إحدى مراسلات الباي : أن الأمير عبد القادر الذي يدعي الشرف اتفق مع الفرنسيين و حاول إقناعهم و إقناع الجزائريين بأنه سوف يظم قسنطينة لأملاكه، و يقضي على بقايا الأتراك في هذه الناحية .
و برغم ذلك فإن الباب العالي لم يقدم لأحمد باي المساعدة الكافية ، باستثناء التأييد المعنوي له بعد انسحابه من قسنطينة من خلال الإيعازات لباي تونس ليقدم لأحمد باي ما يراه ممكنا ، وقد استطاع أحمد باي أن يؤنب الباب العالي و سلكها الدبلوماسي ضد الأمير ، و يتضح ذلك في نشاط السفير العثماني بباريس الذي أبلغ وزير خارجية فرنسا: الكونت مولي بأن عقد معاهدة مع شيخ العرب مثل عبد القادر يعد عملا منافيا لعظمة فرنسا .
أما عبد القادر فلم يقطع الصلة مع الباب العالي ، و كان دوما يراسل حكامه ، حسب ما ذكره حمدان خوجة على رسائل الأمير بقوله : فاعتمدنا إشارتك بهذا لرأي الرشيد ، استعطفنا سيدنا السلطان عبد المجيد ، و عرضنا على حضرته العليا حالنا و عرفنا أفعالنا و أقوالنا لعله ينظر إلينا بعين الرحمة و الإشفاق .. كما برر الأمير دوافع عقد الهدنة مع فرنسا للباب العالي بقوله : لم أكن متفقا مع الفرنسيين ، و لم يقع ذلك البتة وحسب مبادئ الإسلام يسمح باستعمال الحيلة و المهادنة مع العدو ، وهذا ما قمت به تجاه الفرنسيين ..
و الخلاصة فإن فشل المقاومة الشعبية للزعيمين الوطنيين عبد القادر و الحاج أحمد يعود مرده بالدرجة الأولى إلى أسلوب المقاومة ،و ليس إلى طبيعة الصراع بين القائدين ، فلو تمكن الأمير من توحيد شطري المقاومة و كسب صف الباي لتغير سير التاريخ الجزائري وقتئذ ، لكن الزعيمين خسرا المعارك و لم يخسرا الحرب التي ظلت معلما من معالم جهد الجزائريين خلال القرن 19 ضد سياسة الاستيطان الفرنسي ، و إذا كان أحمد باي يهدف من مقاومته تمثيل الماضي و الحفاظ على أوضاع الجزائر كما كانت قبيل الاحتلال الفرنسي ، والانتساب للإرث العثماني ،فإن الأمير عبد القادر كانت مقاومته تهدف لتأسيس الدولة الجزائرية الحديثة المستقلة التي تعتمد في أسسها على المرجعية الإسلامية و البنية الوطنية ، المعتمدة على كاهل الجزائريين بجيش عصري ،لأن مقاومته اصطبغت بطابع الثورية لتوحيد الجزائر المبنية على العصبية الدينية ، و لذلك أعتبر الأمير رمز الوطنية الجزائرية .

المصادر و المراجع المعتمدة :
1/ سعد الله ، الحركة الوطنية ، ج1 .
2/ ناصر الدين سعيدوني ، دراسات في تاريخ الجزائر .
3/ عبد الرحمان الجيلالي ، تاريخ الجزائر العام ، ج4 .

المحاضرة السادسة :

نماذج من سياسة الإستدمار الفرنسي في الجزائر
بعد الاحتلال
تمهيد/
لقد بشر الفرنسيون قبل دخولهم إلى الجزائر أنهم يدخلون الحضارة لهذا البلد الذي كان تحت وطأة الأتراك لقرون عديدة من الظلم و الغطرسة ، و أنهم بإمكانهم يخرجوه من تلك الظروف المزرية ، وروجوا أكاذيب عدة لكسب الرأي العام الفرنسي و العالمي، بل قالوا أن اهتمامهم بالقضية الجزائرية مرده لإهانة القنصل الفرنسي دوفال ، وطرد الأتراك الدخلاء على الجزائر و تحريرها منهم ، ترى هل وفت فرنسا بذلك ؟ و هل طبقت ما جاء في المنشور الذي وزعته على الجزائر عشية الحملة ؟ و هل أوصلت فرنسا الحضارة و الرقي و الإخاء و المساواة للجزائريين بعد أن إستقرأمرها في أرجاء الوطن ؟ أسئلة كثيرة سوف نقف عندها من خلال هذه المداخلة التي توضح نماذج من سياسة القهر و الغطرسة و التهور والنهب و الإقصاء و المتابعة و النفي و الاستنزاف، وكلها صفات ميزت الاستعمار الفرنسي في الجزائر .
1/ طرد الأتراك:
لعل الشيء الذي بكرت به الإدارة الفرنسية في التنفيذ بعد سقوط الجزائر العاصمة و استلام مفاتيح القصبة هو التكفل بقضية العنصر التركي حتى توهم الجميع أنها وفية لما وعدت به ، و بعد المفاوضات التي دارت بين الإدارة الفرنسية و ممثلين عن الداي أفضت إلى اختيار الداي حسين للمنفى بنابولي ، بعد أن تبادل الزيارة مع قائد الحملة الفرنسية دوبورمون في 7 جويلية ومعه قرابة 50 شخصا من الترك و العرب ، و طلب باسترجاع حوائجه المسلوبة و التي من بينها كيسا يحتوي على 30 ألف قطعة ذهبية ،أما زيارة القائد الفرنسي للداي فكانت في اليوم الموالي وهي تندرج في سياق ترتيب نقل الداي إلى خارج الوطن .
و في 31 جويلية وصل موكب الداي نابولي على متن السفينة الفرنسية جان دارك وكان برفقته 110 ممن فضلوا النفي معه من بينهم الآغا إبراهيم قائد الجيش المهزوم و الخز ناجي بصفته وزيرا للمالية و 57 امرأة من خدام الداي و جواريه. وهكذا تخلصت فرنسا من المسؤول الأول في الجزائر لتتولى أمر ترحيل الأتراك الذين جاء دورهم بعد ترحيل الداي، وتذكر الكثير من الدراسات أن عدد الإنكشارية بلغ عشية الاحتلال زهاء 5000 منهم 891 مدفعيا نقلوا بواسطة السفن الفرنسية إلى بلاد الأناضول بعد تجريدهم من الأسلحة ، و بعد أن خصص لهم القائد الفرنسي أجرة شهرين ، وهذا في الظاهر تكرما من الإدارة الفرنسية لهذه الشريحة المقاتلة ولو أنه في الواقع ليس ذلك، ويعد تخلصا من هذا الجيش الذي كثيرا ما أقلق الدول الأوروبية، ومنها فرنسا ، كما أن الأموال التي خصصا دوبورمون ليست فرنسية وهي أموال جزائرية .
2/ نهب الخزينة :
يذكر العديد من المعاصرين للحملة الفرنسية على الجزائر منهم حمدان خوجة و إسماعيل أو ربان أن معظم الجيش الفرنسي كان جاهلا وأن معظمه يتكون من الفلاحين و العامة، ومع ذلك كان أكثر تحمسا للغزو و الاحتلال و التوسع و الهيمنة و ركوب البحر للتخلص من البحرية الجزائرية ، و إبعاد الخطر المخيف الذي أقلق الدول الأوروبية قرونا عديدة و من تم محاربة الأتراك وشعوب الشمال الإفريقي و تخليص المسيحية من هذه الشعوب ، ومن دون شك أن هذا التكوين الحسي الوطني لدى المقاتلين الفرنسيين لم يكن صدفة بل هو نتاج مرحلة هامة من الترويض و الدراسة و التمكين بغرض إنجاح الحملة و خدمة سمعة فرنسا .
و كان إلى جانب الجنود النظاميين يوجد صنف آخر من المغامرين الشباب ، هذا ناهيك عن فئة المثقفين و رجال الأدب و التراجمة و الصحافيين و الرسامين و المحامين و غيرهم ممن هبوا لنصرة فرنسا و إرضاء المسيحية جمعاء .
وبعد وصول الجيش الفرنسي إلى دار السلطان أخذ مباشرة في نهب خزينة الدولة الجزائرية التي كان بها ما لا يقل عن 50 مليون دولار ، ولعل ما يفسر ذلك أن الداي حسين عندما نقل مقره من قصر الجنينة إلى أعالي القصبة استغرق ما يقارب عن نصف الشهر ، وجهز لنقا محفوظات الخزينة 50 بغلا لكل ليلة . لذلك كانا فرنسا اعتبرت نفسها أنها نجحت في الحملة من دون تكلفة مالية مقارنة بما وجدوه في خزينة الداي ، بعد أن سلم الخز ناجي مفاتيح الخزينة لدوبورمون ، وقدر الفرنسيون رسميا قيمة ما وجدوه في الخزينة ب 55.684.527 ف موزعة بين الذهب و الفضة و الجواهر ونقود و نحوها .
و إذا كان دوبورمون قد اهتم ببيت مال الداي، فإن جنوده قد نهبوا القصبة وما احتوته من كنوز ثمينة وخلعت أبواب المحلات و المنازل ونهت الأموال و الأثاث و الحلي و كثر الاعتداء على الأشخاص و انتشرت الفوضى و اللصوصية ، ومن تم انتهكت حرمة الأملاك سواء التابعة للدولة أو أملاك الخواص ، وقدرت أملاك البايلك ب5000 ملكية ، بالإضافة إلى عقارات الخواص ، وأملاك الوقف التي كانت مصنفة إلى سبعة أنواع هي : أوقاف مكة و المدينة وهي كثيرة و غنية ، وأوقاف المساجد و أهمها الجامع الكبير و أوقاف الزوايا و أوقاف الأندلس و أوقاف الأشراف ، و أوقاف الإنكشارية ، و أوقاف الطرق العامة و أوقاف عيون الماء ، وقد استحوذت فرنسا على جميعها وو وصف أحد المؤرخين الفرنسيين : بول آزان تلك الحالة المأساوية التي كانت عليها العاصمة بأنه ليست هناك مدينة في العالم قد شهدت عند احتلالها ما شهدته مدينة الجزائر بقوله : إن الجنود ارتكبوا أعمالا وحشية فخربواالفلات وقطعوا أشجار الحدائق وخلعوا أعمدة المنازل لإيقاد النار و أتلفوا أنابيب المياه وهدموا السواقي كي تشرب حيواناتهم ، وتسببوا في تفجير مخزن للبارود ، ولم يحافظوا على صحتهم و كثر المرض فيهم حتى أعلن المتصرف : دينييه يوم 24 جويلية أن المستشفيات دخل بها 2500 مريض .
3/ تنظيمات الاستيطان :
إن أول ما قام به قائد الحملة الفرنسية و تحرير المسجونين الفرنسيين في الجزائر الذي قدر عددهم وقتئذ ب 122 سجين مع العلم أنهم لم يطلقوا المساجين المكبلين في السفن الفرنسية ، كما وضع دوبورمون نواة أولى للإدارة الفرنسية في الجزائر ، وكلف لها لجنة مالية حكومية برئاسة دينييه و جعل أعضائها من الفرنسيين و العرب و اليهود و أبعدوا منها العناصر التركية، ومن مهام اللجنة تسيير المدينة و توفير حاجيات الجيش و السكان ، و إيجاد الأمن ، وتعد هده اللجنة بمثابة نواة الحكومة الفرنسية العامة التي ستلد بعد توصايت اللجنة الإفريقية سنة 1834 .
أما اللجنة الثانية التي برزت في عهد دوبورمون فهي لجنة البلدية المشكلة من أعيان الحضر و كبار اليهود الذين وجدوا الفرصة سانحة للانتقام من الجزائريين ، و كانت اللجنة برئاسة الفرنسيين ، ومن بين الجزائريين الذين كانوا ضمن اللجنة أحمد بوضربة و حمدان خوجة و إبراهيم بن مصطفى .
أما اللجنة الثالثة فهي دينية مالية تشرف على الأوقاف و مواردها ، وقد سموها اللجنة الخيرية للغوث ، وهي مؤلفة من 9 أشخاص هم: 5 جزائريين وقد عمل بها حمدان بن عثمان خوجة .
وخلال السنوات الأولى للاحتلال لم يكن هناك نموذج إداري اتبعه الفرنسيون ، وقد دام الحال كذلك ‘إلى مجيء اللجنة الإفريقية و صدور قرار جويلية 1834 الذي ألحق الجزائر بفرنسا ونظم إدارتها على نحو شبيه بما كان يجرى في فرنسا ، ومن الذين تولوا خلال السنوات الأربعة الأولى بعد دوبورمون الجنرال كلوز يل وبر تزين و الدوق دي رو فيقو وفوار ول ، وكلهم كانوا مهتمين بمشاريع الاستعمار ، ومحاربة الثوار أكثر ما كانوا مهتمين بالتنظيم الإداري ، ومنذ 1834 أعطت الحكومة الفرنسية الموافقة على إلحاق الجزائر بفرنسا و إعطائها إدارة خاصة في منصب الحاكم العام الذي كان مسؤولا أمام الحكومة الفرنسية عن الأمور المدنية و العسكرية في الجزائر .وهكذا ظلت الجزائر تحت الحكم العسكري إلى عهد الجمهورية الرابعة وإلغاء الإدارة العسكرية في الشمال و إبقاء الجنوب تحت النظام العسكري حتى استقلال الجزائر.
4/ طمس المعالم الجزائرية و إبطال القيم الوطنية :
منذ أن وطأت أقدام الفرنسيين أرض الجزائر وهم يحاربون المعالم العربية الإسلامية و طمسها وتحويلها إلى المعالم الفرنسية ، وقد شمل ذلك المدن التي احتلوها و تجسد ذلك في تغيير أسماء الشوارع و تهديم المنازل و الأسواق ، مع إحداث الساحات بذلها بأسماء قادة الحملة الفرنسية وبعض زعماء فرنسا ، كما حولت العديد من القصور إلى مؤسسات عسكرية و مستشفيات ونحوها .كما حولت المساجد إلى كنائس وأغلقت المدارس و الزوايا ودور القرآن و التعليم .
ومن أهم المدن التي تعرضت في العشرية الأولى للاحتلال للطمس و التهديم ، مدينة الجزائر باعتبارها دار السلطان ورمز القوة البحرية، ومن أمثلة ذلك نقل بعض المدافع الجزائرية إلى فرنسا مثل مدفع بابا مرزوق الذي تعود صناعته ‘إلى القرن 16 وهو يمثل رمز قوة البحرية الجزائرية وخلال وقت قصير جدا هدم الفرنسيون مئات المنازل في الجزائر لإقامة ساحة عمومية تسمى حاليا ساحة الشهداء ، وكانت طريقة البناء تؤدي إلى سقوط العديد من المباني لارتباطها ببعضها البعض ، كما أطلقت أسماء رومانية و أروبية و حتى تاريخية على العديد من الأزقة مثل شارع يوبا و شارل الخامس وشارع كليبر وغيرت اسم باب المرسى بباب فرنسا ، كما أدخلت تعديل على اللباس مثل القبعة ونزع اللحاف وكذلك بناء المخامر ومقرات الموسيقى و المراقص و الكحول و المشروبات وغيرها من أماكن المجون و اللهو .و التي من خلالها غرس الثقافة الجديدة الأوروبية في الجيل الجزائري الجديد ، وهي متناقضة كل التناقض مع ما كان لدى الجزائريين باعتبارهم متمسكين بالتقاليد و العرف و الديانة الإسلامية .
5/ الاستهتار بالمؤسسات الدينية و نشر المسيحية :
في يوم الأحد الموالي لدخول الفرنسيين القصبة أي 11 جويلية أقاموا حفلا دينيا في حي القصبة حضره الجنرالات و ضباط الحملة بزعامة دوبورمون ، وكان الحفل استفزازيا للجزائريين ، وعبر عن نشوة الانتصار وغلبة فرنسا على الجزائر وقد حط ذلك من معنويات الجزائريين ورفع من ثقة الفرنسيين ، وقد عبر عن ذلك النصر الكبير أحد الفرنسيين بقوله : إن الاحتفال الضخم جرى في القصبة التي بناها أبناء محمد ص لمواجهة أبناء عيسى عليه السلام ، وقد رتلوا آيات الإنجيل بأصوات عالية أمام آيات القرآن التي أصبحت ميتة والتي كانت تغطي كل الجدران .
كما يذكر الفرنسي بوجولا أن الانتصار هو انتصار المسيحية وأن الفرنسيين علقوا الصليب على ثلاث مآذن في مدينة الجزائر و أن الذين ماتوا هم شهداء الحضارة و الوطن و المسيحية ، كما جعلوا من مسجد كتشاوة الذي بناه حسن باشا سنة 1794 كاتيدرالية ، وفي سنة 1838 أسسوا أسقفية الجزائر الناطقة باسم المسيحية في المستعمرة .
و إذا كانت مساجد الجزائر حسب إحصائية أحد الرحالة الهولنديين خلال القرن 17 هي 700 مسجدا ، فإن عددها تقلص سنة 1830 إلى 176 ، وفي سنة 1899 لم يبق سوى 5 مساجد على مستوى الجزائر العاصمة وهي: الجامع الكبير، و الجامع الجديد، و جامع سيدي رمضان، وجامع سفير وجامع عيسى باشا.
كما هدمت الكثير من المساجد منذ بداية الاحتلال مثل مسجد السيدة الذي زركشة حسن باشا بالرخام المستورد من إيطاليا ، كما حولت العديد من المساجد على كنائس كجامع القصبة و جامع القائد وغيرهم ، ولذلك لا غرابة أن نجد الشاعر محمد بن الشاهد الذي عاصر الحملة الفرنسية و تولى الفتوى قبيل الاحتلال وقد حز في نفسه ذلك المشهد الرهيب و ما أصبح عليه الوضع في الجزائر و دون كل ذلك في قصيدة تاريخية هامة جاء في بعض ـبياتها قوله :
و نالوا من الأموال يسرا ميسرا * و فازوا بها و القلب يصلى على الجمر
أموت وما تدري البواكي بقصتي * وكيف يطيب العيش و الأنس في الكفر
وخلال منصف القرن التاسع عشر رصدت الإدارة الفرنسية إمكانات مادية ضخمة لانجاح سياسة التغريب و الإلحاق و الدمج ، و اتضح ذلك في مشروع الكاردينال لا فيجري الذي راهن على جعل الجزائر بوابة لتمسيح إفريقيا بوسائل عديدة منها التعليم و التطبيب و المعونات الخيرية و جمع الأطفال اليتامى واستغلال الأزمات التي ألمت بالجزائريين مثل المجاعة وغيرها ، وقد ركز لا فيجري في مشروعه على بلاد القبائل ، و أسس منظمة الآباء البيض التي قامت على عاتقها نشر المسيحية ،وأشار إلى ذلك بقوله : ليس الهدف من فتح المدارس في شمال إفريقيا هو نشر التعليم ، ولكن الهدف هو تبديل لغة بلغة و دين بدين وعادات بعادات ..

المصادر و المراجع :
1/ سعد ، الحركة الوطنية الجزائرية ، الجزء الأول .
2/حمدان خوجة ، المرآة .
3/ عبد الرحمان الجيلالي ، تاريخ الجزائر العام ، ج4 .
André Canac ; la justice musulmane 4/

نشأة الإدارة الفرنسية في الجزائر

إن أو ل ما قام به قائد الحملة الفرنسية الكونت ذي بورمون هو حل الجيش منظمة الجيش الانكشاري التي كان عدد أعضائها العزاب في مدينة الجزائر 3500 و المتزوجين حوالي الألف ، و أمر بترحيل الانكشاريين غير المتزوجين إلى آسيا الصغرى بعد تجريدهم من الأسلحة ودفع لهم بعض الرواتب .
أما الداي فقد اختار المنفى وصل إلى مدينة نابولي يوم 31 جويلية بعد أن كان قد غادر الجزائر يوم 10من نفس الشهر على ظهر السفينة الفرنسية "جان دارك" برفقة 110 أشخاص من بينهم الآغا إبراهيم قائد الجيش المنهزم ووزير المالية أو الخزناجي و 57 امرأة من الحريم و الجواري .
وفي اليوم التالي من توقيع اتفاق الاستسلام أنشأ د بورمون"لجنة الحكومة" بغرض التحكم أكثر في الوضع بعد انتشار الفوضى، و تتلخص مهام هذه اللجنة في النظر في الحاجيات التي يمكن توفرها ، ومعرفة إمكانيات البلاد و النظم التي يجب تعديلها أو إلغائها وكذا ضرورة الفائدة من استخدام أعيان جزائريين من مختلف الطبقات الأهلية لملأ الفراغ الذي تركته الإدارة العثمانية بعد هروب و ترحيل وتهجير الإطارات و الموظفين الذين مارسوا الوظائف و المسؤوليات خلال الفترة السابقة للاحتلال ،ومن تم ضمان السير الحسن لهذه الهيئة الجديدة . و يتضح من تركيب اللجنة التي كان يرأسها و كيل التموين أنها هيئة فرنسية تجهل الشؤون الأهلية و حاجات الجزائريين و كانت مهمتها تأسيس الإدارة الفرنسية في الجزائر على إنقاض الإدارة العثمانية و كان "للجنة الحكومية" هدفان أساسيان هما: -جمع المعلومات و التحري عن الإدارة العثمانية السابقة للاستفادة منها، و توفير السكن و الراحة و المستشفيات للجيش الفرنسي الذي كللت مهمته بالنجاح .
وأما بالنسبة للنقطة الأولى فإن اللجنة قد فشلت في تحقيق أي شيء لأن سجلات ووثائق الإدارة السابقة قد اختفت نتيجة للفوضى التي عمت البلاد عند احتلال المدينة وخصوصا القصبة التي تعرضت للنهب و التلف من طرف الآثمين ، أما المعلومات التي توصلت إليها حول المداخيل و الأملاك فقد كانت من أفواه الناس فقط وخصوصا الفئة التي كانت قريبة بعض الشيء من دار السلطان ولو أن هذه النقطة تبقى مثار بحث لأنه لا يعقل أن تكون الدولة وقتها لا تملك مراكز أرشيفية و نحوها لما عرفته من صيت وقوة وإبرام للكثير من المعاهدات مع دول العالم ، لكن فرنسا وقتها ادعت أنها لا تعرف الشيء الكثير عما وجدته في الجزائر العاصمة ولعل ذلك لإبعاد نظر الآخرين عن المستعمرة البكر التي كانت تزخر بما لا يوجد في بلاد أوروبا كلها ، خصوصا أنه ظهرت في السنين الأخيرة دراسات فرنسية مفصلة عن ما وجدته فرنسا من أموال و نحوها في القصبة بعد أن سلمت لها المفاتيح . أما بخصوص النقطة الثانية فإن اللجنة الحكومية أنشأت "هيئة مركزية" تظم ممثلين عن المنظمات السبع الهامة في المدينة، كان معظمهم من حضر مدينة الجزائر منهم : الحاج علي بن أمين السكة ، و ابن المرابط ، وإبراهيم بن المولى محمد ، ومحمد بن الحاج عمر ، وبعض اليهود منهم: بن بكري ، وكان رئيس الهيئة المركزية هو أحمد بوضربة الذي أظهر حماسا كبيرا للوجود الفرنسي في الجزائر على الأقل في أول الأمر وخاصة أن هذا الأخير كان متزوجا مع امرأة فرنسية، ويحسن اللغة الفرنسية وكانت له مصالح كثيرة و قرابة مع الفرنسيين قبيل الاحتلال ، و ولذلك كان من الذين فاوضوا بورمون على تسليم المدينة ليلة الخامس من جويلية، بالإضافة إلى ذلك فقد كان ضمن اللجنة فرنسي يدعى "بروغيير" الذي كان يمثل الملك الفرنسي شارل العاشر لذي الهيئة المذكورة.
هذا من جهة و من جهة أخرى فقد كانت الهيئة تظم أعضاء آخرين من الإدارة الجزائرية العثمانية كما كانت تظم مفتي الحنفية و المالكية و قاضي الحنفية و المالكية وبإيجاز فإن الهيئة كانت عبارة"عن مجلس بلدي" يلعب فيه بوضربة دور شيخ المدينة على عهد العثمانيين ، وكانت مهمة الهيئة المركزية أو المجلس البلدي تتمثل في العمل على إنشاء إدارة محلية و توفير الحاجات المستعجلة للجيش و معرفة إمكانيات و طاقات البلاد عامة ومدينة الجزائر خاصة ، وهي بمثابة همزة وصل بين الحكومة القديمة التركية و الجديدة الفرنسية ، و إذا كان هناك تداخل بين مهمة الهيئتين فإنهما يسيران نحو هدف واحد وهو خدمة السيد الجديد أي فرنسا ، و توفير الراحة للجيش ووضع إمكانيات البلاد بين يديه ،و لعل الفرنسيين قد لجئوا إلى خلق هذه الهيئة لترضية الجزائريين في أول الأمر و لاسيما الفئة التي تعاونت معهم و كانت تظن أن إنهاء الإدارة العثمانية يعني انتقال الحكم إليها و لكن السلطة الحقيقية فقد كانت في يد اللجنة الحكومية .
وقد حاولت لجنة الحكومة أن توفر الغذاء للمدينة فنظمت الجمارك و المكوس غير أن الموظفين الذين عهدت إليهم بذلك كانوا يجهلون مهمتهم لا لشيء سوى لأ

http://bu.umc.edu.dz/theses/histoire/AMAA2466.pdf

http://dspace.univ-tlemcen.dz/bitstream/112/2949/1/mohammedali.pdf

http://www.alrawashed.com/sa/showthread.php?t=60252

هد الباشاوات 1587 - 1659

جامعة زيان عاشور ـ الجلفة
Université ZIANE ACHOUR De Djelfa
كلية الآداب و اللغات
Faculté : Lettres et Langues
و العلوم الاجتماعية و الإنسانية
et SC. Sociales et Humaines
قسم العلوم الإنسانية - تاريخ
Département : Sciences Humaine



بحث حول
الحكم العثماني في الجزائر
عهد الباشاوات
1587 – 1659 م

بحث مقدم في مقياس : تاريخ الجزائر الحديث
السداسي الأول
الموسو الجامعي 2010 - 2011



خطة البحث

- المقدمة

- المبحث الأول : الباشاوات الثلاثيين و سياستهم
المطلب الأول : نظرة على عهد البيلربايات و أسباب استبداله
المطلب الثاني : سياسة الباشاوات
المطلب الثالث : الباشاوات الثلاثيين و بعض مميزات فترات حكمهم

- المبحث الثاني : أبرز أحداث عهد الباشاوات
المطلب الأول : على الصعيد الخارجي
1 - الصراع ضد الدولة العثمانية
2 - توتر العلاقات بين الجزائر و فرنسا
3 - الخلاف مع تونس
المطلب الثاني : على الصعيد الداخلي
1 - الصراع بين القوة الانكشارية و طائفة الرياس
2 - الصراع ضد قلعة بني عباس
3 - الصراع الداخلي و قيام الثورات

- الخاتمة
- قائمة مراجع البحث



مقدمة
يعتبر عصر حكم الأتراك العثمانيين بأرض الجزائر من أكثر عصور التاريخ التي نالها من الحيف و الجور و من تلطيخ السمعة و امتهان الكرامة الكثير
فلقد كتب الكثير من كتاب التاريخ عن تلك الحقبة من تاريخ هذا الوطن ، فيخيل إليك أن القطر الجزائري بأسره ما كان خلال تلك الأيام الطويلة إلا مغارة من مغاور السفاكين ، و ملجأ يركن إليه السفاحون من لصوص البر و البحر ، و يخيل إليك أن هذا القطر كان موطن المحن و البلايا ، و مرتع المظالم و انتهاك الحرمات ، بينما كان غيره من بقاع العالم يرتع في بحبوحة من الأمن ، و يسبح في بحار من الحرية و العدل و المساواة !؟
على أننا حين نقول أن عصر الحكم العثماني بهذه البلاد قد ظلم و امتهن ، لا نريد بذلك أن نقول أنه كان خير حكم بها ، و لا نريد أن نقول أنه كان عصر مدنية ورفاهية و عدل يفوق في ذلك أو يضاهي عصورا أخرى . إنما عصر الحكم التركي يمتاز في هذه الديار عن العصور التي سبقته بأربعة أمور :
أولها : أن البلاد الجزائرية من الحدود التونسية إلى التخوم المراكشية و من ساحل بحر الروم إلى ما وراء الزيبان قد توحدت إدارتها و خضعت لسلطة مركزية واحدة ، فتكونت بذلك هذه الوحدة الجزائرية .
ثانيها : أن الحكم التركي قد صان الأرض الجزائرية عندما اشتدت الرغبة المسيحية في اكتساحها على أيدي المحاربين الأسبان .
ثالثها : أن القطر الجزائري بعدما توحدت إدارته و ظهرت قوته العسكرية في البر و البحر قد أصبح رغم علاقته الاسمية بالباب العالي دولة واسعة الاستقلال تقبل الممثلين السياسيين و تمضي المعاهدات و تعلن الحروب و تعقد الصلح و تتفاوض بصفة رسمية مع كل الدول .
رابعها : أن القطر الجزائري الذي توحد و انتظم بهذه الصفة قد ذاع صيته و أصبحت شهرته عالمية و خاض حروب خارجية مع أعظم الدول شأنا في تلك العصور و خرج من تلك المعامع ظافرا منصورا . ( 1 )

( 1 ) أحمد توفيق المدني ، محمد عثمان باشا داي الجزائر 1766 – 1791 سيرته حروبه ، أعماله ، نظام الدولة و الحياة في عهده ، ( المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1986 ) ، ص 7 ، 8 ، 9 بتصرف
هذا و قد مر الحكم التركي للجزائر بأربعة مراحل بداية بعهد البيلربايات ، ثم عهد الباشاوات موضوع بحثنا ، فما هي أهم أسباب استبدال نظام البيلربايات بنظام الباشاوات ؟ و ما هي أبرز مميزات و أحداث هذه الفترة ( 1587 – 1659 م ) ؟
و للإجابة عن هذه التساؤلات قسمنا عرضنا هذا إلى مبحثين :
المبحث الأول و كان بعنوان : الباشاوات الثلاثيين و سياستهم و تطرقنا فيه في البداية و كدراسة تمهيدية إلى عهد البيلربايات ( نظرة عامة ) و هو العهد الذي سبق عهد الباشاوات و أهم خصائصه و مميزاته سياسيا ، عسكريا ، اقتصاديا ، حضاريا .. ثم تكلمنا عن السياسة العامة التي انتهجها الباشاوات في هذه الفترة و التي تميزت بعدم اهتمامهم بولاء الشعب ما دامت مدة ولايتهم محدودة ، فأصبح هم الواحد منهم هو جمع أكبر قدر ممكن من الأموال طوال فترة حكمه . و من ثم تكلمنا بالتحديد عن هؤلاء الباشاوات الذين تعاقبوا على قيادة الجزائر في هذه الفترة ( 1587 – 1659 م ) و التي دامت حوالي 72 سنة و عددهم كان حوالي 26 باشا مع تكرار بعض الفترات كالخضر باشا ، و الباشا قوصة مصطفى القابجي و حسين باشا و أبو جمال يوسف باشا و الباشا حسين الشيخ و بعض المميزات لفترة حكم كل واحد فيهم .
علما أن نظام الباشوية لم يلغى إلا سنة 1711 حين اتجه علي شاووش و الذي عين دايا في سنة 1710 إلى تغيير نهائي للنظام الحكومي في الجزائر بعدما رفض السماح بدخول ابراهيم شرقان ، الباشا المعين إلى الجزائر ، و منذ ذلك الحين و الباب العالي يكتفي بإصدار تخويل شكلي خالص للداي ، رغم محاولة 1729 لتولية باشا مرسل من اسطنبول و التي فشلت بشكل محزن حين وصل محمد باشا أصلان مع حاشيته ليصدر الأمر إلى السفينة بالرسو عند رأس ماتيفو و بالامتناع عن أي اتصال بالبر و إلا فإن النيران سوف تفتح عليها و يقرر الديوان عدم استقبال الباشا و ينسحب هذا الأخير و يمتنع الباب العالي عن النظر في الحادث ( 1 )
أما المبحث الثاني : فجاء بعنوان: أبرز أحداث عهد الباشاوات ومن خلاله تناولنا أهم الأحداث التي ميزت هاته الفترة سواء على الصعيد الخارجي كبداية الصراع ضد الدولة العثمانية إلى توتر العلاقات بين الجزائر و فرنسا و الخلاف مع تونس أو على الصعيد الداخلي كالصراع الذي كان واضحا بين القوة الانكشارية وطائفة الرياس و الصراع ضد قلعة بني عباس و الصراع الداخلي و قيام الثورات .


( 1 ) Robert Mantran , HISTOIRE DE L'EMPIRE OTTOMAN , 1989
ترجمة بشير السباعي ، تاريخ الدولة العثمانية ، ج1 ، ط 1 ( دار الفكر للدراسات للنشر و التوزيع، القاهرة ، 1993 ) ، ص 618 ، 619 بتصرف




وفي الأخير توصلنا إلى خاتمة تصف هذه الفترة من الحكم العثماني في الجزائر .
ومن المراجع التي اعتمدنا عليها في بحثنا هذا:
أحمد توفيق المدني ، محمد عثمان باشا داي الجزائر 1766 – 1791 سيرته حروبه ، أعماله ، نظام الدولة و الحياة في عهده
يحي بوعزيز ، الموجز في تاريخ الجزائر ، ج 2 الجزائر الحديثة
صالح فركوس ، المختصر في تاريخ الجزائر من عهد الفينيقيين إلى خروج الفرنسيين ( 814 ق م – 1962 م)
علي محمد محمد الصلابي ، الدولة العثمانية عوامل النهوض و أسباب السقوط
روبير مانتران ، تاريخ الدولة العثمانية ، ترجمة بشير السباعي
بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المقالات و المواضيع في الأنترنت .
وكبقية البحوث الأخرى فقد واجهتنا عدة صعوبات في إعداد هذا البحث منها:
- تأخر فتح المكتبة الجامعية
- صعوبة الحصول على بعض المصادر التي تؤرخ لهاته الفترة



























المبحث الأول : عهد الباشاوات الثلاثيين و سياستهم

المطلب الأول : نظرة على عهد البيلربايات و أسباب استبداله
اتسم عهد البيلربابات بعدة مميزات و خصائص أهمها :
1 – معظم ولاة هذا العهد كانوا أقوياء ذوي سلطة و نفوذ واسعين ، أتاح لهم مركزهم أن يمدوا سيطرتهم حتى إلى تونس و طرابلس .
2 – معظم هؤلاء من طائفة الرياس البحريين الذين كان أغلبهم من رفاق خير الدين نفسه ، و السلطان العثماني هو الذي يعينهم أو يوافق على من يقترحه الرياس بحكم تبعية الجزائر للدولة العثمانية و كانت صِلاتهم بالسلطان قوية و يتولون في هذه البلاد تنفيذ أوامره بحذافيرها دون معارضة
3 – انصبت جهود هؤلاء البيلربايات على مقاومة النصارى الأسبان في البحر الأبيض المتوسط و تصفية جيوبهم في الداخل بالموانئ التي يحتلونها و تقديم يد المساعدة لمسلمي الأندلس .
4 – تم للجزائر في هذا العهد تحقيق وحدتها الإقليمية و السياسية لأن البيلربايات اهتموا بمد نفوذهم و سيطرتهم إلى كل جهاتها في الشرق و الغرب و الجنوب و قضوا على كل الأمارات و السلطنات المحلية .
5- و نظرا لأهمية تلمسان بالنسبة لمستقبل الجزائر السياسي و الوجود التركي بالجزائر فإن البيلربايات دخلوا حلبة الصراع ضد السلطنة المغربية بالمغرب الأقصى التي كانت لها أطماع كذلك بها .

6 – كما دخلوا كطرف في الصراع الدولي الذي دار على أشده في المنطقة و احتد بين الإمبراطورية العثمانية و الأسبان و فرنسا .
7 – أصبح للجزائر في هذا العهد أسطول بحري قوي و كبير ، و استطاعت الجزائر بهذه القوة البحرية أن تفرض إرادتها و أن تشارك في توجيه الأحداث في المنطقة.
8 – كما كان للجانب الحضاري مكانته في هذا العهد فمن الناحية الإدارية قسمت الجزائر إلى أربع عمالات ( بليليك الجزائر أو دار السلطان ، بايليك الشرق بايليك الغرب ، بايليك التيطري ) ، و من الناحية العمرانية اهتم البيلربايات ببناء الحصون و القصور و المساجد و المدارس بل و حتى الموانئ و بصفة خاصة مدينة الجزائر . ( 1 )


( 1 ) يحي بوعزيز ، الموجز في تاريخ الجزائر ، ج 2 الجزائر الحديثة ، ( ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، 1999 ) من ص 265 إلى 269 ، 276 – بتصرف



كما امتازت الجزائر في هذه الفترة بغنى اقتصادي يرجع إلى غنى البلاد زراعيا و تنوع الموارد المالية التي تتزود بها خزانة الدولة و في الميدان العسكري عرفت الجزائر نظاما جديدا للجيش و القوات العسكرية يتمثل في القوات التركية الوافدة إليها و تتنوع هذه القوات إلى طائفة الرياس التي تتكون من الجنود البحارة ، و طائفة الجنود المشاة أو ( الانكشاريين ) الذين بعث بهم السلطان العثماني إلى خير الدين و استمروا بعد ذلك في الزيادة و النمو و كانت هناك خصومات و حزازات بين الطائفتين . ( 1 )
و تعود أسباب استبدال نظام البيلربايات بنظام الباشاوات إلى
1 – الصراع الذي كان قائما بين طبقة الرياس و جنود الانكشارية منذ نشأة الدولة الجزائرية ، فقد قامت هذه الدولة و تأسست على أكتاف رجال طائفة الرياس مثل خير الدين و من خلفه ، فهذا الصراع كان من بين الأسباب الرئيسية لتغيير هذا النظام .
2 – ظلت الانكشارية طوال حكم البيلربايات تثير تخوفات و شكوك الباب العالي في نية البيلربايات ، هذه التخوفات جعلت من رجال الدولة العثمانية يرون أن جمع السلطة في الولايات الثلاث الجزائر و تونس و طرابلس تحت حكم رجل واحد قد يشكل خطرا على الإمبراطورية العثمانية ، لذلك تقرر تقسيم الحكم بفصل هذه الولايات عن بعضها البعض و إسناد إدارة كل ولاية إلى باشا يعين لمدة ثلاث سنوات لإحكام الدولة العثمانية سيطرتها على البلاد و منع حدوث التمرد ضدها ، و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، فقد بدا ديوان الأوجاق ( * ) ( المجلس الأعلى للجند و يتألف من عدد كبير من الشخصيات العسكرية و المدنية و الدينية ، و كان لطبقة الرياس نفوذا كبيرا داخله ) يتقوى و يوسع من نفوذه و سيطرته خلال هذا العهد و عمل بالتدرج على التخلص من الهيمنة العثمانية و تلاقت جهوده مع جهود الباشاوات لتجسيد هذا الاتجاه و إبرازه .
3 – كان نفوذ البيلربايات واسعا فامتدت سلطتهم إلى تونس و طرابلس لأنهم كانوا أصحاب فضل في فتح هذين البلدين و إلحاقها بالدولة العثمانية بالإضافة إلى مدة الحكم التي كانت غير محدودة ، حيث بلغت فترة حكم الواحد منهم عدة سنوات في منصبه ، لدرجة أن الدولة العثمانية بدأت تشتم رائحة التمرد و محاولة الانفصال عنها و الاستقلال بهذه البلاد خاصة و أن الشقة كانت بعيدة بين القسطنطينية و الجزائر ، من أجل ذلك فكرت في تغيير هذا النظام بنظام الباشاوات عله يحقق السيطرة الكاملة على البلاد . ( 2 )


( 1 ) يحي بوعزيز ، مرجع سابق ، ص 276 ، 277
( * ) نفس المرجع ، ص 278
( 2 ) صالح فركوس ، المختصر في تاريخ الجزائر من عهد الفينيقيين إلى خروج الفرنسيين ( 814 ق م – 1962 م) ، ( دار العلوم للنشر و التوزيع ، عنابة الجزائر ، 2002 ) ص 90 ، 91



المطلب الثاني : سياسة الباشاوات
وكان الباشا موظف ترسله الأستانة لمدة ثلاث سنوات يتولى خلالها حكم البلاد دون أن يكون له سند أساسي أو سند محلي بين القوى التي تسيطر على البلاد ، ويكون الباشا في كل من طرابلس وتونس والجزائر وكيلاً للسلطان ويكون مطلق التصرف لبعد الولاية عن العاصمة اسطنبول.
و كانت أحداث ما بعد 997هـ/1588م في النيابات العثمانية الثلاث طرابلس وتونس والجزائر تفيد بسطوة الجنود ورجال البحرية على السلطنة فيها على حساب سلطة الباشا إلا أن طبيعة علاقات السلطة في داخل الولاية مع إمساك السلطنة العثمانية بسلطة إصدار الغرامات، قد ضمنا تحقيق الأهداف العثمانية في الحكم من حيث الخطبة باسم السلطان وتحصيل الأموال سنوياً والمساهمة في حروب الدولة والقبول بالباشا القادم من الأستانة ممثلاً أعلى للسلطان في حكم النيابة وهي جميعها من رموز السيادة العثمانية الرسمية( 1 )

وقد شعر هؤلاء الباشاوات أنهم ليسوا في حاجة إلى ولاء الشعب ما دامت مدة ولايتهم محدودة ، فأصبح هم الواحد منهم هو جمع أكبر قدر ممكن من الأموال طوال فترة حكمه .
و كان الباشاوات يقومون بشراء هذا المنصب من الباب العالي ، فيلجأون للحصول عليه إلى دفع الرشوة أو الهدايا ، لأن هذا المنصب كان يدر عليهم أموالا كبيرة ، و ما دام الحصول على الثروة هو الهدف الأساسي للباشاوات فقد أصبحت قضية الحكم مسألة ثانوية لا تهمهم ، و غدت السلطة فاقدة لعنصر التآلف و التآخي و المحبة و الدفاع عن راية الاسلام ، و بات ولاء الانكشارية للمال و النفوذ و السلطة ، أما الفداء و التفاني و التضحية فهي مبادئ ماتت منذ أن تخلى السلطان عن مسؤوليته . ( 2 )






( 1 ) علي محمد محمد الصلابي ، الدولة العثمانية عوامل النهوض و أسباب السقوط ، مصدر الكتاب : موقع المؤلف على الإنترنت http://www.slaaby.com ، نسخة pdf ، ص 454 .
( 2 ) صالح فركوس ، مرجع سابق ، ص 91 ، 92



و قد كانت السياسة التي يسلكونها في حكم البلاد قد أثارت عليهم سخط العلماء حيث كانوا يحذرونهم من أخطار و عواقب هذه السياسة فنصحوهم بالعدل و الالتفات إلى مصالح الرعية و القيام بها ، ذلك أن هذا النظام قد أثار القلاقل و تمردات القبائل نتيجة إرهاقهم بالضرائب و التكاليف التي لا تطاق . و هكذا تفاقمت الاضطرابات و الصراعات على الحكم الأمر الذي أدى إلى القضاء على نظامهم عام 1659 . ( 1 )


( 1 ) صالح فركوس ، مرجع سابق ، ص 92





المطلب الثالث : الباشاوات الثلاثيين و بعض مميزات فترات حكمهم

تولى قيادة الجزائر في هذه الفترة التي دامت حوالي 72 سنة 26 باشا مع تكرار بعض الفترات كالخضر باشا ، و الباشا قوصة مصطفى القابجي و حسين باشا و أبو جمال يوسف باشا و الباشا حسين الشيخ
- دالي أحمد باشا ( 1589 – 1589 )
لم تطل أيامه و لم يقع فيها ما يستحق الذكر ، أرسله الباب العالي لإخضاع طرابلس الثائرة فاستشهد
- الخضر باشا ( 1589 – 1592 )
اخضع ثورة قامت بها قبائل بني عباس ، و نشط القرصنة ضد سفن الدول التي لا ترتبط بمعاهدة مع الجزائر ، و لما انتهت مدته رجع لاستانبول و اتهم بالاختلاس فسجن إلى أن أظهر براءته
- شعبان باشا ( 1592 – 1595 )
لم يقم بأعمال تذكر ، جدد بناء و تجهيز قلعة صور الغزلان .
- الخضر باشا للمرة الثانية ( 1595 – 1596 )
عاد للجزائر يريد الانتقام من خصومه الذين اتهموه بالاختلاس فاستعان بالأعراب على الجند التركي ، و ثارت قلاقل في وجهه فعزله الباب العالي
- مصطفى باشا ( 1596 – 1599 )
في أيامه ابتدأت فرنسا تتمتع في الجزائر بالامتيازات القنصلية كبقية البلاد التركية ، عجز عن قهر ثورات القبائل فرجع لاستانبول و سجنه السلطان
- الخضر باشا للمرة الثالثة ( 1599 – 1603 )
وقعت مشادة بينه و بين فرنسا فهدم مركزها التجاري القديم في القالة و سجن قنصلها ثم أعاد له الحرية بعض قبض جعل باهض . تدخلت فرنسا لدى الباب العالي فأصدر حكمه بإعدام الخضر .





( 1 ) أحمد توفيق المدني ، مرجع سابق ، ص 32 ، 33




- محمد قوصة باشا ( 1603 – 1605 )
نفذ حكم الإعدام في الخضر ، و صادر أملاكه ، صد غارة اسبانيا على مرسى أزفون ، ثم عقد معاهدة مع فرنسا تحمي تجارتها في البحر و تجعل باشاوات الجزائر مسؤولين عن كل غلطة تقع من القرصان ضد السفن الفرنسية(1)
و تُوجب تحرير الأسرى الفرنسيين و إعادة بناء مركز القالة ، لكن الديوان في الجزائر امتنع رغم جهود الباشا من تنفيذ هذه المعاهدة فأرسل السلطان مندوبا لقبه ( القابجي ) لإقناع الديوان فلم ينجح ، و ثار أهل الجزائر مع رجال الديوان ضد القابجي و الوالي الذي مات تلك الأثناء عن سن 80 عاما .
- قوصة مصطفى باشا ( 1605 – 1607 ) و هو القابجي الآنف الذكر ، تولى الحكم فأعاد الأمن و أملى إرادته على رجال الديوان فقبلوا تنفيذ المعاهدة مع فرنسا مرغمين . إنما اشترطوا عدم إرجاع أسرى الفرنسيين إلا بعد إرجاع أسرى المسلمين من فرنسا و هكذا كان . استنجد به المسلمون المقيمون حول وهران ضد الأسبان فسار إليهم لكنه لم ينجح في قهر الأسبان ثم عقد اتفاق مع القبائل البربرية رجعت به للطاعة .
- رضوان باشا ( 1607 – 1610 )
في عامه الأول هاجمت مرسى عنابة حملة من الطوسقان ( من دويلات أيطاليا قبل الاتحاد ) فاحتلتها ، و جاء لنجدتها محمد بن قارح باي قسنطينة فاستشهد أثناء المعركة ، و نهب الطوسقان المدينة نهبا ثم انسحبوا في سفنهم . في تلك الأثناء هرب لفرنسا أحد القراصنة و هو من أصل فرنسي و أخذ معه مدفعين من البرونز فطلب الديوان من فرنسا إرجاع المدفعين و معاقبة الفار لكن فرنسا لم تجب هذا الطلب فأعلنت الجزائر الحرب عليها من جديد و نقضت المعاهدة السالفة التي أرغمها الباب العالي على قبولها ، و جاء قرصان من الفرنسيس يركبون سفنا طوسقانية فخربوا و حطموا مرسى برقش ( قورايا ) .
- قوصة مصطفى باشا للمرة الثانية ( 1610 – 1617 ) أعاد الهدوء لبلاد القبائل الثائرة ، و جاءت سفن الأسبان و خربت نواحي جيجل . و في عام 1611 وقع الوباء الأكبر الذي أهلك خلقا كثيرا في كامل المغرب ( 1 )

( 1 ) المرجع السابق ، ص 33 ، 34



- حسين الشيخ باشا ( 1613 – 1617 ) عقد اتفاقية مع داي تونس حدد بها التخوم بين البلاد الجزائرية و البلاد التونسية ، فتح مذكرات مع فرنسا لفك أسر المعتقلين المسلمين بالبلاد الفرنسية ، فاشترطت فرنسا لذلك اقلاع الجزائريين عن الحرب البحرية و خابت المذكرات .
- سليمان باشا قاطينا ( 1617 ) عاد قوصة مصطفى باشا للولاية بعد انعزال حسين الشيخ ، فمكث بضعة اسابيع ثم سلم الكرسي لسليمان الذي قدم من استانبول . سعى أهل مرسيليا لإرجاع أسرى الجزائريين إلى وطنهم و نجحوا طمعا في إرجاع السلام التجاري للبحر ، إلا أن أهل الجزائر بعد رجوع اسراهم من بلاد فرنسا امتنعوا من إرجاع أسرى الفرنسييين و جهزوا حملة خربت من جديد مركز فرنسا التجاري في القالة ، فلما بلغت أنباء هذه الحوادث استانبول أمر السلطان بعزل سليمان باشا .
- حسين الشيخ باشا للمرة الثانية ( 1617 – 1620 ) ارجع الهدوء الفكري للجزائر و أرسل مفاوضين جزائريين لبلاط ملك فرنسا فانعقدت اتفاقية وقع بها تبادل الأسارى بين البلادين و رجع السلم بينهما ، و عندما استعد المفاوضان و الأسارى و من معهم لركوب البحر نحو الجزائر بلغ أهل مرسيليا أن أحد القرصان قد فتك بركاب سفينة مرسيلية ، و دون أن يتأكد أهل مرسيليا من صحة الخبر هاجموا الجزائريين من رسل و من أسرى و فتكوا بهم ، فكان عدد المقتولين 48 شخصا و قد اقتصت العدالة الفرنسية من الجناة فأصدرت حكمها بالإعدام و نفذته على 14 منهم إلا أن الحادثة أثرت في الجزائر تأثيرا مزعجا فألقى الجزائريون القبض على كل الفرنسيين بهذه المدينة و استرقوهم و أمروا قرصانهم بالغزو في البحر ضد مراكب الفرنسيين 08 أوت 1620 .
- الخضر باشا ( 1620 - 1623 ) تظاهرت فرنسا بالقوة ضد الجزائر دون نتيجة ، ثم أعادت بناء مركزها التجاري و وضعت به حامية ، فأحاط بها الأتراك و استأصلوها و حطموا المركز . جاء الهولنديون صحبة 6 سفن حربية يطالبون الجزائر بعقد الصلح و ترك الحرية البحرية لسفنهم ، فامتنع الديوان ، فأمر القائد الهولندي بشنق عدد من الأسرى المسلمين الذين تحت قبضته و عاد أدراجه فضبط بعض سفن جزائرية و أسر من فيها ، ثم عاد للجزائر يهدد بشنقهم إن لم تجب مطالبه فخضع الديوان أمام هذا التهديد و عقد اتفاقية مع هولندا . و كان الوباء الذي ظهر في تونس و انتشر منها قد أهلك في مدينة الجزائر نحو خمسين ألفا من السكان حسب رسالة بعث بها أحد الفرنسيين إلى أهله . ( 1 )

( 1 ) نفسه ، ص 34 ، 35 ، 36



- خصرف باشا ( 1623 – 1627 ) أبعد الانكشارية عن الجزائر لإرجاع الهدوء إليها فأرسل تلك الفرق العسكرية لتمهيد الأمر بتلمسان ، ثم أرسلها لإخضاع ملك جبل كوكو ببلاد القبائل ، و نشط قرصان البحر فمدوا أعمالهم إلى المحيط الأطلسي و وصل مراد رايس عام 1627 إلى جزيرة إزلاندا في البحر الشمالي فرجع بغنائم كثيرة و 400 أسير
- حسين باشا ( 1627 – 1633 ) اشتد الخلاف بين الجزائريين و التوانسة في مسألة الحدود حيث أن القبائل التونسية لم تحترم تخطيط سنة 1614 و لم تنجح المذكرات السلمية ، فهاجم الجزائريون البلاد التونسية و دحروا الجند التونسي قرب الكاف في الستارة ( ماي 1628 ) و بعد هذه الملحمة المؤلمة اتفق الجانبان على تخطيط الحدود من جديد هكذا :
من الشمال إلى الجنوب يمتد الحد من البحر إلى راس جبل الهفا ، و منه إلى قلوب الثيران ، و منه إلى الكيرش و منه إلى وادي ملاق ، و منه إلى وادي السيرات في الجنوب ، و اتفق الفريقان على أن كل من اجتاز الحد عد من أهل المنطقة التي نزل فيها و لا يجوز تتبعه إليها . ثم عقد معاهدة جديدة مع فرنسا توطد بها السلام بين الجانبين و أرجعت فرنسا للجزائريين المدفعين البرونزيين السالفي الذكر . بعد مدة من هذه الوقائع ثار الجند التركي ضد الباشا لاستبداده بالحكم دون الديوان ، فوُضِع الباشا الشيخ في السجن عام 1633 و استلم الديوان زمام السلطة .
- يوسف باشا ( 1634 – 1637 ) أرسله الباب العالي ، فابتدأ أعماله بنقض الصلح مع فرنسا نزولا عند إرادة الديوان ، و عادت الحرب البحرية بينهما فأرسلت فرنسا عمارة قوية لإرضاخ الجزائر تحت قيادة الكوماندور مانتان ، لكنه أخفق في العملية لأن الزوبعة البحرية لم تمكنه من اتمام العمل .
- علي باشا ( 1637 – 1639 ) رضخ للديوان و لرؤساء البحر فأعلن الحرب رسميا ضد فرنسا ، و أرسل عمارة تحت قيادة علي بتشيني فدمرت مركزها التجاري بالقالة و رجعت بـ 317 أسيرا بيعوا رقيقا في الجزائر .
ثار أهل قسنطينة على الباي فأرسل الباشا جنده لتأييده تحت إمرة القائد يوسف فانكسر قرب ميلة . جهّز الجزائريون أسطولهم لإعانة الأسطول العثماني تحت إمرة علي بتشيني رايس فحارب في الأدرياتيك و انكسر أمام أسطول البندقية و خسر الجزائريون 18 سفينة ، و وعد السلطان بدفع تعويض عنها للرياس الجزائريين . ( 1 )


( 1 ) نفسه ، ص 36 ، 37



- الشيخ حسن باشا ( 1639 – 1640 ) لم يقع في أيامه ما يذكر ، مات بالوباء في سنة ولايته .
- أبو جمال يوسف باشا ( 1640 – 1642 ) حرر مع مندوب فرنسا اتفاقية فرفضها الكاردينال دي ريشيليو لأنه لم يجدها وافية بالغرض ، لكن العلاقات التجارية رجعت لمعتادها مع فرنسا ، سافر الباشا بنفسه على رأس الجند فمهد أمور قسنطينة و سار إلى بسكرة و منها رجع للعاصمة . ثار عليه جند الانكشارية فسجنوه .
- محمد بورصالي باشا ( 1642 – 1645 ) طلب الباب العالي بواسطته من رياس الجزائر المشاركة في إخضاع مالطة ، فاجتمع هؤلاء تحت رئاسة علي بتشيني و قرروا رفض طلب السلطان لأنه لم يف بعهده في دفع التعويض عن كارثة الأدرياتيك ، فأرسل السلطان رسولين للمفاهمة ، و شاع في الجزائر أنهما مرسولان لقتل علي بتشيني ، فثار الجزائريون و التجأ الباشا و الرسولان إلى ضريح سيدي عبد الرحمان حتى أخرجهم على بتشيني نفسه تحت حمايته ، و رأى السلطان مهارة علي بتشيني فأولاه مرتبة قائد عام للأسطول لكنه مات قبل أن يستلم هذه السامية . و قد شيد مسجدا فخما في الجزائر من ماله الخاص ، هو اليوم كنيسة نوتردام دي فيكتورا في طريق بابا الواد بالعاصمة .
- أحمد باشا ( 1645 – 1647 ) دامت مدة هذا الباش عشرة أيام ، و قد تأكدت تركيا و تأكد الجزائريون فساد نظام الثلاثة أعوام ، فكانت هذه السنوات ذات اضطراب في الحكم و اشتد بأس القرصان ، و كثر عدد الأسارى المسيحيين بالجزائر ، انكسر الأسطول الجزائري أما فرسان مالطة ، و خسر الجزائريون 250 شهيدا و 150 أسيرا .
- يوسف باشا ( 1647 – 1650 ) اثر هذا الانكسار لم يجد الباشا الجديد بدا من إلقاء قنصل فرنسا في السجن لإرضاء الرأي العام .
ظهر شريف سجلماسي( * ) يدعى مولاي محمد ( مؤسس دولة الأشراف العلويين إلى اليوم ) ، و جهز جيشا هاجم به بني سناسن و هزم الأتراك عند أبواب تلمسان . و بعد أن قضى الشتاء بوجدة تحرك إلى الجنوب فاحتل عين ماضي و الأغواط . جهز الباشا جنده للقضاء على الشريف ، إلا أن هذا رجع إلى وجدة فاقتسم مع جنده الغنائم و الأسلاب ثم قفل إلى سجلماسة ( ** ) دون أن يلتقي بالجند التركي ، فأرسل الجزائريون رسلا إلى سجلماسة( 1 )


( * ) هو محمد بن محمد الشريف (1050 - 1075هـ)، بايعه أهل سجلماسة حوالي سنة 1641م، أنظر:الموسوعة العربية العالمية ،
2004 ، نسخة الكترونية
( ** ) سجلماسة : مدينة في جنوبي المغرب أنظر : الموسوعة العربية العالمية
( 1 ) أحمد توفيق المدني ، مرجع سابق ، ص 37 ، 38




عقدوا معه اتفاقية خططوا بها الحدود بين الجزائر و المغرب الأقصى ، و لم تكن لهذا الشريف سلطة رسمية ببلاد المغرب .
طلب السلطان إعانة قرصان الجزائر ضد أسطول البندقية و أرسل لهم 60 ألف سلطاني ذهبا تعويضا عن خسارة الأدرياتيك .
- محمد باشا ( 1650 – 1653 ) انكسر الأسطول الجزائري أمام البندقية ، ثم انكسر أيضا في بحر اليونان . في داخل البلاد ساد الأمن بكامل الوطن الجزائري .
- أحمد باشا ( 1653 – 1659 ) جاءت عمارة انكليزية دفعت الجعل و رجعت بالأسارى الانكليز و عقدت اتفاقية تجارية مع الجزائر .
- إبراهيم باشا ( 1656 – 1659 ) سارت الأمور سيرا هادئا في أيامه ، ظن مدير المركز الفرنسي أنه في خطر فأخذ معه كل ما ينقل ، و اسر 50 مسلما بغير ذنب فساقهم معه رقيقا إلى فرنسا و أخلى المركز . فارتاعت فرنسا لهذا الحادث الذي كونه نائبها ، و أرسل لويز الرابع عشر سفيرا للمفاوضة مع الجزائر في شأن الترضية إلا أن الاضطراب الذي وقع تلك الأيام منع حصول النتيجة . فإن رؤساء البحر و رجال الديوان العسكري ثاروا ضد الباشا و نظام الثلاثة أعوام فأبقوا منصب الباشا احتراما للسلطان . لكنهم قرروا أن السلطة الفعلية يتولاها الديوان العسكري مباشرة . و يرأس الديوان آغا لمدة سنتين فقط ثم يتولى آغا آخر مكانه ، و وظيفة الآغا تنفيذية بحتة و سلطة التشريع للديوان . ثم أرسلوا للباب العالي يطلبون المصادقة على هذا النظام فأقرهم السلطان عليه مرغما على شرط أن الديوان هو الذي يدفع في المستقبل النفقات العسكرية للجند التركي ، و بذلك نالت الجزائر استقلالها فكان حكم الآغاوات حكم انتقال مهد السبيل لحكم الدايات . ( 1 )

( 1 ) أحمد توفيق المدني ، مرجع سابق ، ص 39












المبحث الثاني : أبرز أحداث عهد الباشاوات

هناك عدة أحداث بارزة تميز هذا العهد بعضا خارجية و بعضها داخلية ، أما الأحداث الخارجية فتتمثل في بداية الصراع مع الدولة العثمانية و مواصلة الجهاد ضد القراصنة الأوربيين في البحار و خاصة ضد فرنسا ، و أما الأحداث الداخلية فتتمثل في الصراع ضد إمارة قلعة بني عباس و في ظهور عدد من الثورات الداخلية في العاصمة و في شرق البلاد و الجنوب ، و في الصراع بين القوات العسكرية الانكشارية و طائفة الرياس البحرية . ( 1 )

المطلب الأول : على الصعيد الخارجي
1 – الصراع ضد الدولة العثمانية :
لقد كان الدافع الكبير لاستحداث نظام الباشاوات هو الرغبة في إحكام الدولة العثمانية سيطرتها على البلاد و منع حدوث التمرد ضدها ، و لكن الأمور سارت في غير هذا الاتجاه ، فلقد بدأ ديوان الأوجاق يتقوى و يوسع من نفوذه و سيطرته خلال هذا العهد و عمل بالتدرج على التخلص من الهيمنة العثمانية و تلاقت جهوده مع جهود الباشاوات لتجسيم هذا الاتجاه و إبرازه .
فشجع الباشا خضر طائفة الرياس على الغزو البحري ، و سعى لوضع حد لامتيازات التجار الفرنسيين في ساحل القالة و عنابة ، و أمر بهدم مركزهم التجاري هناك ، و اسر ما فيه من الأشخاص المشبوه في أمرهم ، و لم يستطع خلفه أن يعالج الموقف كما تريد الدولة العثمانية لأن الديوان عارض بشدة أوامر السلطان و تعليماته التي حملها إليه مبعوثه الخاص الآغا مصطفى القابجي ، القاضية بإعادة بناء المركز الفرنسي و إطلاق سراح الفرنسيين الأسرى ( 2 )

( 1 ) يحي بوعزيز ، الموجز في.. مرجع سابق ، ص 279




2 – توتر العلاقات بين الجزائر و فرنسا :
انجر عن الصراع بين الجزائر و الدولة العثمانية توتر العلاقات بينهما و بين فرنسا كذلك أ و استفحال أزمة الثقة بينهما بسبب عدة مشاكل ذات صلة بالقرصنة و الحروب البحرية ، فقط نشط الرياس في هذا العهد في الغزو و الحروب البحرية و لمعت أسماء كثير من الرياس ، أمثال مامي قورصو و مامي نابوليتانو و رجب رايس و محمد عوجية رايس ، و علي بتشيني و أخذوا يترددون على الشواطئ الفرنسية بأمر من الباب العالي استجابة لاستنجاد الملك الفرنسي هنري الرابع ضد الاعتداءات الاسبانية . و بعد أن فشلت الحملة الاسبانية على مدينة الجزائر في أوت عام 1601 التي وضع خطتها قرصان فرنسي اسمه روكي ، عمل باشاوات الجزائر على وضع حد لامتيازات التجار الفرنسيين ، و اشتكى هنري الرابع إلى الباب العالي من تصرفات الباشا خضر الذي أمر بتحطيم المركز الفرنسي بالقالة و أسر رواده فعزله ، و لكن خلفاؤه عجزوا عن إرضاء فرنسا بسبب معارضة الديوان لذلك ، و لم تفلح محاولة القابجي رسول السلطان في إيجاد حل للمشكلة كما سبق القول ، و لذلك مال كل فريق لاستعمال القوة و أخذ الفرنسيون يعتدون على السفن الجزائرية كما أخذ الرياس الجزائريون يردون على هذا العنف بمثله فألقوا القبض على القنصل الفرنسي بالجزائر و أرغموه على إطلاق سراح الأسرى الجزائريين الذين احتجزوهم بمرسيليا ، و كان من المفروض أن تهدأ الأحوال بين البلدين لكن قيام أحد القراصنة الفرنسيين المدعو سيمون دانسا بشرقة مدفعين من البرونز و الفرار بهما إلى فرنسا ( ارجع فترة حكم رضوان باشا 1607 – 1610 ص 10 ) عقد الأمر بينهما و حفز الرياس الجزائريين على مهاجمة السفن الفرنسية أينما وجدت فتضخمت الخسائر الفرنسية المادية و البشرية و تعرضت تجارتهم للأضرار الفادحة و عجزت الدبلوماسية الفرنسية و قواتها العسكرية على التغلب على الصعوبات الكثيرة و اضطرت فرنسا إلى مفاوضة الجزائر و الوصول معها إلى توقيع اتفاقية 24 مارس 1619 التي تنص على تبادل الأسرى و إعادة المدفعين المهربين و ذلك بفضل ضغط تجار مرسيليا المتضررين أكثر . و جاء حادث إعادة الدفعين و إطلاق سراح 200 اسير جزائري سنة 1926 ليخلق جوا من التفاؤل بين البلدين ساعد على إبرام معاهدة 19 سبتمبر 1628 و ذلك بفضل جهود المبعوث الفرنسي الذي اهتم بإصلاح ذات البين و إيجاد نوع من التقارب خدمة للمصالح الفرنسية السياسية و التجارية . ( 1 )


( 1 ) يحي بوعزيز ، المرجع السابق ، ص 279 ، 280 ، 281





و قد نصت هذه المعاهدة التي وافق عليها الديوان الجزائري في نفس ذلك التاريخ على :
1 – إطلاق سراح الأسرى من الجانبين
2 – التوقف عن الأسر من الجانبين
3 – مسالمة البواخر الفرنسية في البحر
4 – تعيين قنصل فرنسي بالجزائر يتمتع بالحصانة
5 – إعادة بناء مركز القالة الفرنسي التجاري .
و كان من المفروض أن تسير الأمور على ما يرام بعد إبرام هذه المعاهدة و لكن حوادث العنف سرعان ما تجددت بسبب عدم احترام الفرنسيين لنصوص المعاهدة و قيامهم بالاعتداء المتكرر على السفن الجزائرية و شواطئها و قتل الكثير من الجزائريين في مناسبات مختلفة تحت سمع و بصر الرسميين الفرنسيين مما جعل الجزائريين يردون على العنف بمثله و يتتبعون المراكب الفرنسية و يأسرونها بما فيها . ( 1 )

( 1 ) المرجع السابق ، ص 279 ، 281









3 – الخلاف مع تونس :

و من الأمور ذات الدلالة اشتداد الخلاف بين الجزائر و تونس بسبب الأحداث التي تجري في شرق الجزائر ، فقد قام الباشا حسين الشيخ بإبرام معاهدة مع باي تونس لتحديد مناطق الحدودو لكن الباشاوات الذين جاؤوا بعده شعروا بأن بايات تونس هم الذين يشجعون على قيام الاضطرابات في شرق الجزائر فقام الباشا خضر بإعلان الحرب على تونس و استمرت مدة من الزمن و حصلت بينهما عدة وقائع حربية في منطقة الحدود إلى أن تم في عهد الباشا حسين الشيخ في ولايته الثانية ابرام معاهدة صلح بين البلدين خططت فيها الحدود بينهما ، في نفس العام الذي أبرمت فيه معاهدة الصلح مع الفرنسيين 1928 . ( 1 )

( 1 ) المرجع السابق ص 281





المطلب الثاني : على الصعيد الداخلي

1 – الصراع بين القوة الانكشارية و طائفة الرياس :
لقد اشتد الصراع بين القوة العسكرية و طائفة الرياس ، فقد بات ضباط الانكشارية يتطلعون للحكم و السيطرة بمختلف الوسائل فحاول البيلربايات التخلص من عناصرها و إدماجها مع فرق البحارة تحت سلطة الرياس لاستحداث فرقة جديدة هي فرقة المشاة الجزائريين و لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل و أصبح خطرها يهدد البلاد في عهد الباشاوات من كل النواحي .
و قد حاول الباشا خضر ( 1583 – 1592 ) أن يتخلص من الفرقة التي لم يعد ولاؤها لا للسلطة و لا للدين و لا للشعب ، و إنما بات من أجل النفوذ و المال و السلطان ، فثار الناس ضدها بالعاصمة و امتد الغضب فهب الناس من كل جهة للقضاء على هؤلاء الجنود العتاة ، و لكن المحاولة لم تنجح و انتهت بعزل الباشا خضر الذي عمد إلى تسليح الأهالي و استنجاد الناس بقوة إمارة بني عباس التي حاصرت مدينة الجزائر العاصمة لمدة احدى عشر يوما حتى تدخل السلطان العثماني في الأمر و عالجه بصفة مؤقتة ( 1 )

2 – الصراع ضد قلعة بني عباس :
كانت امارة القلعة ببني عباس تحكمها أسرة تابعة للحماديين بقلعة بني حماد ببجاية ، ثم خضعت للحفصيين و صارت تتبع للإمارة الحفصية بقسنطينة ، و حملت لواء المقاومة ضد الأتراك منذ أيام خير الدين الذين فشلوا في إخضاعها رغم كل المحاولات التي بذلوها فقد بذل صالح رايس جهده لإخضاعها و استعمل حتى وسائل الخداع للإيقاع بها فلم ينجح فاستدعى أميرها عبد العزيز إلى الجزائر العاصمة على أمل القبض عليه بعد أن استأمنه و عندما تفطن للمكيدة فر ليلا من قصره و نضم مقاومة شديدة ضد الأتراك و ألحق بهم هزائم ساحقة و ساعدته في ذلك حرب العصابات و رغم مقتل السلطان عبد العزيز في إحدى المعارك إلا أن أخاه أمقران استطاع أن يحرز النصر على الأتراك .. على أن هذه الإمارة سرعان ما خضعت بسبب تشديد الأتراك عليها .




( 1 ) صالح فركوس ، المختصر في تاريخ الجزائر من .. مرجع سابق ص 94
( 2 ) يحي بوعزيز ، الموجز في.. مرجع سابق ، ص 282 ، 283






2 – الصراع الداخلي وقيام الثورات :
لقد استحدثت الدولة العثمانية نظام الباشاوات من أجل أن تحكم سيطرتها على البلاد و تجنب ربما ما يمكن أن يحدث ضدها من العصيان و التمرد ، و لكن هؤلاء الباشاوات سرعان ما فقدوا نفوذهم و سيطرتهم على الأوجاق الذي كان يرفض باستمرار كل سلطة تخالف اتجاهه مما جعل الباشاوات يتعرضون لضغط مزدوج من السلطان العثماني و من ديوان الأوجاق بالجزائر و كانت طائفة الرياس داخل مجلس الديوان تميل إلى مقاومة نفوذ السلطان مثل السكان الجزائريين الذين يستفيدون منهم في الميدان التجاري .
و لقد كان من أهم قرارات الديوان ضد نفوذ الباشاوات اخضاع خزينة الدولة لإدارته و إرغام الباشاوات على دفع مرتبات الجنود من اختصاصاتهم المالية وحدها و جاء هذا الحدث ليشعل نيران ثورة عارمة عام 1633 تزعمها عنصر الكراغلة ( الأب تركي و الأم جزائرية ) الذين هاجموا مدينة الجزائر و حاصروا القوات التركية بالقصبة بسبب عجز الولاة عن دفع المرتبات للجنود ، و حصلت بالمدينة مذبحة كبيرة و رهيبة بسبب انفجار مخزن للبارود و انتهى الأمر بسيطرة الرايس علي بتشيني و هو صاحب المسجد المعروف بالعصمة و صاحب سمعة و شهرة واسعة في الجزائر و في البلدان الأوربية بفضل الانتصارات الكبيرة التي أحرز عليها الأسطول الجزائري في البحر المتوسط و الأطلسي و بحر الشمال ، و كان ذا ميول استقلالية و صاهر سلطان كوكو كتقوية لمركزه و نفوذه في هذه الفترة .
و لم تمض بضعة سنوات على ثورة الكراغلة بالعاصمة حتى شبت ثورة أخرى عارمة امتد لهيبها إلى الأعماق الصحراوية و إلى منطقة القبائل الكبرى( 1643 ) ( 1 ) .
حيث لم تكن الحكومة التركية تتدخل منذ البداية في شؤون القبائل و اكتفت منها بدفع ما عليها من ضرائب كما أن القبائل من جهتها كانت ترفض الخضوع لغير زعامتها و هي تميل إلى الاستقلالية ، و من أشهر القبائل البارزة في الجزائر : بنو العباس و قبيلة آل القاضي ، و حدوث هذه الثورات خلال عهد الباشاوات إنما كان بسبب محاولة الباشاوات جمع مزيد من المال و بسرعة لاعتقادهم أن زيادة الضرائب على المناطق القبلية سيحقق لهم ثراء مذهلا و أن القبائل لا تثور فعمت الثورة مختلف مناطق الجزائر ضد الأتراك فأضطرب الأمن و خاف التجار من التحرك و امتنع الجباة عن القيام بمهمة الجباية و تناقصت موارد الخزينة ( 2 ) .

( 1 ) يحي بوعزيز ، الموجز في.. مرجع سابق ، ص 283 ، 284 ، 285
( 2 ) صالح فركوس ، المختصر في تاريخ الجزائر من .. مرجع سابق ص 95 ، 96





و تعرض الحكم التركي لهزات عنيفة و إلى هزائم في أكثر من ميدان نتج عنها اضطرابات في سير الإدارة بالجزائر نفسها ( 1 )

( 1 ) يحي بوعزيز ، مرجع سابق ، ص 285







الخاتمة
و هكذا نرى أن صولة و ظلم الانكشارية و عصبية البحارة و فساد الإدارة و عدم تنفيذ أوامر الإدارة المركزية ، يضاف إلى ذلك الثورة التي قام بها الكراغلة التي أدت إلى تعقيد الوضع الداخلي و تعميق الهوة بين المجتمع و السلطة و انعدام عنصر الثقة الأمر الذي أدى إلى القضاء على نظام الباشاوات و سيطرة طبقة الانكشارية على الحكم ، حيث تقرر إعطاء السلطة التنفيذية للآغا رئيس الفرقة العسكرية ، أما السلطة التشريعية فقد تقرر أن تكون بيد الديوان و بذلك أصبحت طائفة الرياس تحتل مكانة ثانوية في شؤون الحكم. ( 1 )

( 1 ) صالح فركوس ، مرجع سابق ص 97






قائمة المراجع

- ( 1 ) أحمد توفيق المدني ، محمد عثمان باشا داي الجزائر 1766 – 1791 سيرته حروبه ، أعماله ، نظام الدولة و الحياة في عهده ، ( المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1986 )

- ( 2 ) يحي بوعزيز ، الموجز في تاريخ الجزائر ، ج 2 الجزائر الحديثة ، ( ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، 1999 )

- ( 3 ) صالح فركوس ، المختصر في تاريخ الجزائر من عهد الفينيقيين إلى خروج الفرنسيين ( 814 ق م – 1962 م) ، ( دار العلوم للنشر و التوزيع ، عنابة الجزائر ، 2002 )

- ( 4 ) علي محمد محمد الصلابي ، الدولة العثمانية عوامل النهوض و أسباب السقوط ، نسخة pdf ،

- ( 5 ) Robert Mantran , HISTOIRE DE L'EMPIRE OTTOMAN , 1989
ترجمة بشير السباعي ، تاريخ الدولة العثمانية ، ج1 ، ط 1 ( دار الفكر للدراسات للنشر و التوزيع ، القاهرة ، 1993 )
رد مع اقتباس

http://albordj.blogspot.com/2012/11/blog-post_21.html



http://el-hakaek.com/index.php/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A/3756-%D9%81%D8%B7%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%89-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D9%80-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%B7-%D9%8A%D9%81%D9%82%D8%AF-%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D9%85-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D9%8A%D9%85%D9%87.html

فطومة بن يحيى في حوار لـ"الحقائق" : "المخطوط يفقد قيمته التاريخية إذا تم ترميمه"



تعد المخطوطات من أهم الوثائق التي تستدل الأمم بها لإبراز عراقة تاريخها الإنساني، والجزائر بما لها من تاريخ ضارب في عمق الزمن لم تشذ عن هذه القاعدة.
وكان للمكتبة الوطنية الجزائرية ومصلحة المخطوطات بها دور في السعي وفق إستراتيجية وطنية لجمع والحفاظ على هذا التراث التاريخي، خاصة بعد أن تزودت بمخابر متطورة لمعالجة المشاكل التي تبرز في هذا المجال. "الحقائق" تقربت من رئيسة مصلحة المخطوطات السيدة فطومة بن يحيى وكان لها معها هذا الحوار:

الحقائق: بداية الحوار تكون من خلال الدخول إلى عالم المخطوطات، هلا قمت بتعريفنا بهذا العالم؟
فطومة بن يحيى: المخطوطات بصفة عامة تدخل ضمن التراث الخاص بكل أمة لابد من الرجوع إليه رغم التكنولوجيات، ورغم التطورات، حيث وصلنا إلى عصر تخلى فيه الإنسان عن الورق، لكن الدول المتطورة تجدها رغم هذا التطور تبحث عن المخطوطات، وتسعى لامتلاكها، خاصة تلك الموجودة في العالم الإسلامي، والتي يعود تاريخها للقرن الثامن الهجري، وتبرز التطور الحضاري للعالم الاسلامي خاصة ما يخص العلوم.

نحن الآن في مصلحة المخطوطات، ماهي المكانة التي تحظـى بها وسط الرصيد العام بالمكتبة الوطنية؟
بالنسبة للمكتبة الوطنية الجزائرية إذا نظرنا لقانونها الأساسي فدورها هو حفظ التراث، إلى جانب الإيداع القانوني، وجمع كل ما يصدر عن الجزائر في الداخل والخارج من طرف الجزائريين. وهي حاليا تقوم بدورين: الأول حفظ التراث، والثاني المطالعة العمومية. وبالنسبة للمخطوطات فالمكتبة الوطنية المكان الوحيد على المستوى الوطني الذي يضم أكبر عدد منها، وهو أحسن مكان يمكن أن تحفظ فيه هذه المخطوطات، حيث توجد المصلحة المختصة بهذا المجال. فأي رصيد في الجزائر وتصل إليه الدولة لابد من الرجوع للمصلحة، وحاليا بعد تأسيس شرطة حفظ التراث صار دور مصلحة المخطوطات أكبر وأشمل.

هل بالإمكان إعطائنا فكرة عن مصلحة المخطوطات هياكلها وطرق عملها؟
نرجع إلى التاريخ وبالضبط سنة 1835 تاريخ تأسيس مكتبة الجزائر برصيد أولي سبع مائة مخطوط، تم جمعها عبر مختلف الحملات بالمناطق الجزائرية، وبعض هذه المخطوطات مازال هنا. وفي سنة 1996 تم نقل الرصيد من المخطوطات إلى مكتبة الحامة، ونحن نملك الآن 4298 مخطوط، وقريبا سينضم إلى رصيدنا مائة وتسعة عشر مخطوطا جديدا سيتم شرائها.

نحن نعرف أن رصيد المخطوطات كان موجودا بمقر فرانس فانون حيث لا توجد التقنيات الحديثة لحفظها، هل لديك فكرة عن كيفية حفظها هناك قبل 1996؟
في المقر القديم قبل سنة 1996 كانت المخطوطات والكتب النادرة  موجودة في المخازن شأنها شأن الكتب، مما أدى لتدهور حالة الكثير منها، ونحاول إنقاذ ما تدهور منها، وماكان موجودا آنذاك هو إعادة التجليد فقط.
فالمقر القديم لم يكن به مخبر، والمخطوطات كانت محفوظة في مخزن خاص مع الكتب النادرة، لكن بطبيعة الحال شروط حفظها كانت منعدمة.
وعكس ذلك مانجده هنا، حيث توجد مراقبة دورية لحالة المخطوطات الموجودة، خاصة وأن أقدمها يعود للقرن الثاني الهجري وهو ما يساعد على أن يعيش المخطوط قرونا أخرى.

 نريد أن تعطينا فكرة عن الآليات التقنية لحفظ المخطوط داخل المكتبة الوطنية؟
هذا الأمر فيه كلام كثير، والسياسة المتبعة فيه تختلف من مكتبة إلى أخرى. بالنسبة للمكتبة الوطنية يتم تسجيل المخطوطات على الحاسوب أو الأقراص المضغوطة أو رابط خارجي ليطلع عليها الباحثون.
ودور المكتبة الوطنية هوحفظ المخطوط على صورته الأصلية وهناك مخطوطات تعرض في المعارض ويجب أن تعرض بطريقة تجلب الاهتمام وهنا يجب أن ترمم والمكتبة الوطنية دورها هو حفظ التراث وليس عرضه.
ولتحقيق ذلك يجب العمل على تجنب ترميم المخطوط من طرف مصلحة المخطوطات قدر الإمكان، لأنه يفقد قيمته كثيرا بعد الترميم. والحمد الله القانون 98/04 حفظ المخطوط من الترميم مما يساعد على حفظ قيمته التاريخية.

 ماهي الآليات المعتمدة لجمع هذه المادة الهامة في مجال التاريخ وحفظ ذاكرة الأمة والوطن؟
في مرحلة سابقة كانت تنشر إعلانات بان المكتبة الوطنية تقوم بشراء المخطوطات، بعدها صار الناس يأتون إلى المكتبة حاملين المخطوطات التي ورثوها لعرضها للبيع.
وكانت المكتبة الوطنية تتبع إجراءات معينة في البداية، كانت تعتمد على الموثق لإتمام عملية البيع والشراء، والمكتبة هي التي تقيم قيمة المخطوط، مع التأكيد أن المخطوط تنقص قيمته لدينا كلما كانت علاقته بالجزائر أبعد مثل المخطوطات التونسية والمغربية.
كما أن هناك إهداءات.. ففي سنة 2009 قدمت عائلة الشيخ بوعناني 49 مخطوطا وأكثر من مائة كتاب نادر وست مائة مرجع، وهي أكبر مجموعة حصلنا عليها في وقت واحد. كما قدم لنا الأستاذ عبد الرحمن دويب اثنين وأربعين مخطوطا. أما بالنسبة للتبادل فيتم من خلال النسخ على الأقراص، والتأكيد على الندية، بمعنى لا يمكن مبادلة مخطوط نادر بمخطوط نملك منه عدة نسخ، وهكذا فللحصول على المخطوطات نعتمد ثلاث عمليات الشراء والتبادل والإهداء.

تعج الجزائر بالزوايا والمكتبات العامرة التي تركها الأجداد هل يمكن أن نعرف كيفية العمل لاسترجاع وحماية هذه الثروة الثقافية الوطنية؟
هذا الأمر حاليا صار من مهام المركز الوطني للمخطوطات في أدرار، وهو الذي يقوم بهذه العملية من خلال التعامل مع المساجد والزوايا التي تعج بها المنطقة، ونحن نقوم بدعمهم إن طلبوا ذلك.
ففي سنة 2009 طلبت منا خزانة القنادسة ببشار المساعدة على إعداد فهرس ونحن على استعداد للتنقل إلى أي مكان توجد فيه مخطوطات طبعا بعد استشارة الوصاية أي وزارة الثقافة وبالضبط مديرية حفظ  وترميم التراث الثقافي.   

هل هناك سياسة وطنية للمخطوطات، وإن وجدت ماهي معالمها وأهدافها؟
نحن حاليا نعمل مع نيابة مديرية وطنية للجرد الوطني التابعة لمديرية حفظ وترميم التراث الثقافي بالوزارة الوصية حيث تقوم بإعداد بطاقة جرد وطني من أجل إنجاز سجل لجرد المخطوطات ونظام آلي للمخطوطات على المستوى الوطني.

على المستوى الدولي هل توجد آليات لتبادل المخطوطات خاصة الجزائرية منها، وماهي الدول المعنية بهذا الأمر؟
نحن نتعامل من خلال الزيارات لبعض المكتبات الوطنية في أوروبا والوطن العربي، وجاءتنا مؤخرا مراسلة من المدينة المنورة لنقيم عملية تبادل المخطوطات والموضوع قيد الدراسة.
ونحن هنا يهمنا المخطوط الجزائري أينما كان. ونحن نتمنى بحكم تاريخ الجزائر أن نتمكن من جمع المخطوطات الجزائرية في تركيا وفرنسا إضافة لتونس والمغرب، حيث توجد الكثير من المخطوطات الجزائرية لعلماء جزائريين عاشوا وأبدعوا في البلدين.
وأعطيك مثالا نحن نمتلك في المكتبة الوطنية سجلات الجيش الانكشاري ولا توجد نسخة مطابقة لها إلا في تركيا.

يلاحظ غياب فهرس كامل وشامل للمخطوطات في المكتبة الوطنية، إلى ماذا يرجع هذا الأمر؟
من يرجع للجريدة الرسمية يعرف أن من مهام المكتبة الوطنية إعداد فهارس للمخطوطات، وأول فهرس صدر عندنا هو فهرس فانيون سنة 1893 ولم يصدر منذ ذلك أي فهرس سوى مسودة لفهرس أنجزها شخص اسمه بيوض من سكيكدة، والذي غادر إلى فرنسا منذ سنة 1953 ولم يعرف عنه أي شيء.
وقد أنجزنا فهرسا اعتمادا على الفهرس الذي أنجزه لكن ليس لدينا عن بيوض هذا أية معلومات عن سيرته.
وقد اتصلنا بفرنسا لكن لم نتلق أي رد خاصة وأن الباحثين عانوا من غياب الفهرس، ورصيد المكتبة الوطنية من المخطوطات مازال يتزايد منذ ذاك الحين حيث أني وفي زياتي لملحقة فرانس فانون السنة الماضية وجدت ثلاث مخطوطات ولوحة تاريخية تضم رسالة أصلية من نابوليون الأول  لداي الجزائر مصطفى باشا.
كما وجدت مخطوطات في الطب تعود للقرن السابع عشر وغيرها كثير.
ومنذ سنة 2010 لم يوجد فهرس عام مايعد أمرا سلبيا للمصلحة.
وقمنا في ذلك العام بالتوقيع على اتفاق مع دار نشر يعمل معها محققون في التراث الوطني، وتمكنا من تصحيح فهرس بيوض وإصدار كتاب علماء الجزائر. وقد قمنا حتى الآن بفهرسة ثلاثة أرباع رصيد المصلحة من المخطوطات والكتب النادرة.

سمعنا عن مشروع رقمنة المخطوطات إلى أي مدى وصل هذا المشروع وما الفائدة من هذه العملية؟
لو قمنا بمقارنة واقع الرقمنة عندنا في المكتبة الوطنية مع المكتبات عبر العالم نجد أنفسنا للأسف متأخرين كثيرا، ولحد الآن وحسب إحصاء 2012 قمنا برقمنة 2210 مخطوط، أي أكثر من نصف الرصيد الموجود تم تصويره ورقمنته. والرقمنة تدخل في حفظ التراث حيث أنها تساعد على إدامة حياة المخطوط لسهولة تداول المادة المرقمنة.     حاورها فريد بوران


http://9alam.com/community/threads/yalat-gzari-trghb-fi-xhia-xuitxa-altrki.25087/

عائلات جزائرية ترغب في إحياء هويتها التركية

 لشروق تسلط الضوء على "العثمانيين الجدد" في الجزائر

عائلات جزائرية ترغب في إحياء هويتها التركية

2011.02.26 تحقيق: مصطفى دالع



فرنسيون قتلوا الكثير من الأتراك عند احتلالهم الجزائر






بالصدفة التقيت بسائق سيارة في ولاية المدية حدثني عن العائلات التركية في المدية وتأسف لبداية فقدان المدينة لطابعها التركي بسبب النزوح الكبير للعائلات المدانية (الأصيلة) من الأرياف إلى وسط المدينة، ورغم علمي المسبق بوجود عائلات تركية من العهد العثماني لكني كنت أعتقد أنها ذابت في النسيج الاجتماعي الجزائري ولم يبق منها سوى الأسماء، غير أني فوجئت عندما اكتشفت أن هناك من يحاولون إحياء اللغة والهوية التركية في الجزائر وأثار ذلك فضولي خاصة وأن الظاهرة التركية في الجزائر صارت تلقى اهتماما لدى الجزائريين في السنوات الأخيرة على أكثر من صعيد، سياسيا واقتصاديا وثقافيا.



  • من منا يمكنه أن ينكر تأثير المسلسلات التركية المدبلجة على الأسر الجزائرية خاصة السيدات منهن وبالأخص في السنوات الأخيرة بل صارت هذه المسلسلات بديلا عن نظيرتها المصرية ربما لكونها تجمع بين الانفتاح الأوروبي والتمسك بالعادات الشرقية.
  • كما أن تجربة رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية وعلاقته مع المؤسسة العسكرية العلمانية كان محل اهتمام أحزاب إسلامية جزائرية على غرار اهتمامهم بتجربة أربكان أول رئيس حزب إسلامي يصل إلى رئاسة الوزراء في نظام علماني، بل إن مناضل في حزب إسلامي جزائري أكد لي أنهم أرسلوا شخصا منذ سنوات لفهم تجربة الحركة الإسلامية في تركيا التي أثبتت نجاحها على الأقل من الناحية الاقتصادية والتنموية، دون أن ننسى موقف أردوغان من القضية الفلسطينية ومن أسطول الحرية التي أثارت إعجاب الجزائريين.
  • وفي المدة الأخيرة لاحظنا بداية انتشار ما يسمى "برسائل النور" للشيخ بديع الزمان سعيد النورسي (1877/1960) وهو أحد أشهر العلماء في تركيا والذي اضطهدته العلمانية الأتاتوركية ولكن رسائل النور التي كتبها في المنفى وفي السجون كان لها أثر قوي في تمسك المجتمع التركي بالإسلام وفق رؤية علمية، ويقول أنصار مدارس النور أن أردوغان أحد الشخصيات السياسية المتأثرة بمدارس النور التي بدأت تتشكل نواة لها في الجزائر مؤخرا، وشهدت رسائل النور إقبالا ملحوظا من الجزائريين عليها في المعرض الدولي للكتاب في طبعته الأخيرة خاصة أن هذه الرسائل مترجمة إلى العربية وهي عبارة عن تفسير للقرآن بطريقة علمية، وتنتشر مدارس النور بكثافة في تركيا ورغم أن قادتها لا يمارسون السياسة إلا أنها حسب بعض التحاليل وفرت جزء هاما من القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية.

  • الجزائريون يزورن اسطنبول أكثر مما يحجون إلى مكة
  • ويتجلى التأثير التركي المتزايد في الجزائر من خلال ارتفاع عدد السياح الجزائريين إلى تركيا بشكل كبير وصل حسب بعض الأرقام الرسمية إلى نحو 100 ألف سائح جزائري، حيث قفزت تركيا إلى المرتبة الثانية بعد تونس كأحسن وجهة سياحية مفضلة للجزائريين في 2010 متفوقة بذلك على المغرب ومصر وسوريا وحتى السعودية وفرنسا.
  • وتصدر السفارة التركية بالجزائر ما بين 500 و600 تأشيرة للجزائريين يوميا، وتتوقع أن يزداد عدد الجزائريين الذين يزورون تركيا سنويا بنسبة 10 بالمئة بعد إلغاء التأشيرة.
  • وعلى الصعيد الاقتصادي بلغ حجم التبادل التجاري مع تركيا 5 ملايير دولار وهو رقم يفوق التبادل التجاري مع الدول العربية مجتمعة، إلا أن الاستثمارات التركية بالجزائر مازالت محدودة ولا تتجاوز 300 مليون دولار حيث تنشط 70 شركة تركية بالجزائر.
  • وقد التقيت برجال أعمال أتراك بالجزائر وفي عدة مناسبات وأعربوا عن رغبتهم في الاستثمار بالجزائر ولكن مشكل اللغة يقف حاجزا أمامهم، ومع ذلك هناك من تجاوز هذا العائق خصوصا من يتقنون الفرنسية، واستغربوا عندما أخبرتهم أنني درست الإعلام الآلي في مدرسة تركية تقوم أيضا بتعليم اللغة التركية، مما يعني أن هناك مدارس خاصة لتعليم التركية بالجزائر لكنها قليلة وتجلب عددا أقل من الطلبة الجزائريين الذين يميلون لتعلم الانجليزية والفرنسية أكثر.

  • عائلات جزائرية تريد إحياء اللغة التركية
  • وللتعرف عن قرب على العائلات الجزائرية من أصول تركية توجهنا إلى مدينة المدية عاصمة التيطري في زمن العثمانيين والتي تمثل أكبر تجمع للعائلات التي تحمل أسماء تركية بالرغم أن عدة مدن جزائرية مازالت تضم هذه العائلات على غرار القصبة في الجزائر العاصمة وقسنطينة وتلمسان.
  • وعندما سألت عن العائلات التركية أخبرتني معلمة من المدية أن هذه العائلات معروفة بعاداتها المختلفة خاصة في اللباس والمأكولات لكنهم في العادة يفضلون الزواج المختلط فيما بينهم، كما ينسب إليهم الثراء ويعتبرون من ملاك الأراضي وأصحاب الألقاب التي ورثوها منذ العهد العثماني وحتى العهد الاستعماري كالبشاغوات والخوجات.
  • وسلمتني هذه المعلمة بحثا عن مدينة المدية يتحدث عن الفتح التركي للمدية بعد أن عاشت الخراب بسبب كثرة الحروب حيث جعلها الأتراك "قاعدة مهمة لهم وأسكنوا فيها قبائلهم وعشائرهم التركية وحولوها إلى مدينة تركية مثل مدنهم في الأناضول وبنوا فيها القصور والحمامات والصور التركي الذي لا يزال قائما إلى يومنا هذا".
  • وعلى عكس ما هو معروف فإن هذا البحث يشير إلى أن فرنسا عندما احتلت المدية في 1842 عمدت على "القضاء على القبائل التركية قبل القضاء على بقية الجزائريين فقتلت من قتلت وشردت البقية وأحرقت قصورهم وبنت المستوطنات بها"، وبسبب سنوات الاستعمار وكذا سنوات الإرهاب في التسعينات "نزح الكثير من سكان الأرياف إلى المدية وأصبحوا يشكلون غالبية سكانها، وأصبحت العائلات التركية تشكل أقلية، وتتجمع هذه العائلات في أحياء صغيرة وبعضها يعيش بشكل متفرق داخل مدينة المدية".
  • وما يلفت الانتباه في هذا البحث أن ذوي الأصول التركية "لا يزالون يفتخرون بأصولهم وأسماء عائلاتهم التركية ويتمنون إعادة إحياء لغتهم وهويتهم التركية".
  • لكن أغرب ما قرأته في منتديات الأنترنيت عن اختلاف ذوي الأصول التركية عن بقية الجزائريين ما كتبه أحد أفراد عائلة دمرجي "أشكالنا تختلف عن باقي أشكال الجزائريين.
  • وأخطر ما قاله دمرجي "إنه يعتبر نفسه جزائري الوطن تركي العرق مسلم الديانة"، أي أنه ينفي عن نفسه صفة العروبة رغم أنه من المعروف أن أتراك الجزائر لا يتكلمون سوى العربية، أما اللغة التركية فلا يتحدثونها ولا يجيدونها رغم استعمالهم بعض المصطلحات التركية التي ذابت في العامية الجزائرية ويقول دمرجي: إنهم ينطقونها بشكل مختلف عن بقية الجزائريين مثل "الزواللي" أي المسكين، وجنكل (ملقط ثمار التين)، و"ازبانتوت" (العازب).
  • ويتحدث دمرجي عن اهتمام السفارة التركية بالجزائر بالعائلات من أصول تركية ويقول بأنه اتصل شخصيا بها وأرسلت له كتب تعلم اللغة التركية ويشير إلى زيارة وفد تركي في الثمانينات للجزائر قصد التعرف على العائلات من أصول تركية.

  • كل بلقاني أو شركسي أو كرغلي يعتبر تركي؟
  • وخلال لقائي بميلود بلحنيش مسؤول في المركز الثقافي المدية أكد لي أن الكثير مما يقال عن العائلات من أصول تركية في المدية غير دقيق، خاصة تلك التي تربطهم بالبشاغوات والخوجات في العهد الاستعماري ويؤكد أن فرنسا بعد أن احتلت الجزائر ألغت جميع هذه الرتب التي كان يتمتع بها الأتراك في العهد العثماني، مشيرا إلى أن البشاغوات والخوجات الذين عينتهم الإدارة الفرنسية كثير منهم لم يكونوا من أصول تركية.
  • وقال بلحنيش إن الجزائريين من أصول تركية شاركوا كغيرهم من الجزائريين في ثورة التحرير وسقط منهم الكثير من الشهداء فعائلة دمرجي مثلا ضحت بـ45 شهيدا من أبنائها، وهناك الكثير من الأبطال من أصول تركية على غرار الشهيد الرائد محمود باشن، مشددا على أن فرنسا الاستعمارية هي من حاولت خلق الحزازات بين الجزائريين في إطار سياسة "فرق تسد".
  • ونفى بلحنيش وهو أحد أبناء المدية وجود أي جمعية لذوي الأصول التركية أو أي ظهور نعرة أو شعور بالتميز لدى هذه العائلات، مشيرا إلى أن المدية مرت بها عدة حضارات وشعوب على غرار البربر والفينيقيين والرومان والبيزنطيين ثم جاء العرب الفاتحين وقبائل بنو هلال وكان هناك تمازج وتأثر وتأثير بين هذه الشعوب، مضيفا أن الأتراك لم يدخلوا المدية لا محتلين ولا محررين لأن المدية لم تكن خاضعة للاحتلال الإسباني الذي تركز فقط في المدن الساحلية، ولكن المدية تعبت من كثرة الحروب بين الزيانيين (وعاصمتهم تلمسان) والمرينيين (في المغرب) والحفصيين (في تونس)، فلما جاءها الأتراك دخلوها بلا حرب.
  • ونبهني ميلود بلحنيش إلى أن الأتراك اختلطوا بالجزائريين وتزوجوا منهم منذ قدومهم للجزائر وأنجبوا أجيالا من المولدين يدعون "بالكراغلة" وهو ما ينفي أن العائلات من أصول تركية لا تحبذ مصاهرة بقية الجزائريين، كما أن الجزائريين اعتادوا الخلط بين الكراغلة والمورسكيين أو الأندلوسيين العرب منهم واليهود والذين استوطنوا المدية بعد سقوط الأندلس حيث جاؤوا بعادات وتقاليد وفنون أثرت الحياة الثقافية في المدية والتي اختاروها لتشابه مناخها بمناخ شبه الجزيرة الإيبرية وهربا من الهجمات الإسبانية على السواحل الجزائرية في القرن الـ16.
  • ويضيف المتحدث أن "العائلات التي تحمل ألقابا تركية لا يعني أنها تنتمي إلى أصول تركية"، وإنما الكثير من الجيش الإنكشاري العثماني الذين دخلوا الجزائر هم في الأصل ينتمون إلى دول فتحها العثمانيون في شرق أوروبا وشمال آسيا وخاصة في البلقان (ألبانيا والبوسنة والهرسك...) والقوقاز (الشيشان وأذرابيجان، أرمينيا وتركمنستان...)، والجزائريون كانوا يعتبرون كل من ينتمي إلى الجيش العثماني تركي، وهذا ينفي الادعاء بأن العائلات التركية لديها خصائص مورفولوجية مشتركة ومختلفة عن بقية الجزائريين.
  • إحدى الموظفات بالمركز الثقافي بالمدية التي قالت إن أخوالها من أصول تركية أوضحت لي أن هذه العائلات ليست كلها ثرية ولديها أملاك وعقارات كما هو شائع بل إنها تعرف الكثير منهم ذوي مستوى معيشي محدود، أما عن عدم تفضيلهم للزواج المختلط فأرجع بلحنيش ذلك لأسباب اجتماعية وطبقية أكثر منها لأسباب عرقية، "فالعائلات الغنية تفضل دوما تزويج بناتها لعائلات من نفس الطبقة الاجتماعية، وهذا الأمر ليس مقتصرا على العائلات من أصول تركية"، مشيرا إلى أن الزواج بين الأقارب عادة ما ينتج عنه أبناء متخلفون ذهنيا وغير أصحاء جسديا، مما يجعل الزواج المختلط غير محبذ لدى الكثير من العائلات.
  • رجل أعمال تركي يشبه زنيقة الصومعة بأحياء اسطنبول العتيقة
  • أحد الشباب الذين التقيتهم في المدية أخبرني أنه من أصول تركية ويحمل لقب زميرلي ويقيم حاليا في مدينة البرواقية، وقال لي إنه عندما بحث عن أصوله "وجد أن جده الرابع من مدينة إزمير التركية".
  • و أما سفربوني مدير متحف الفنون والثقافات الشعبية وهو جزائري من أصول تركية فأوضح أن الألقاب التركية عادة ما تنسب إلى مهنة معينة، فعائلة بلقاضي نسبة إلى القاضي، وصبونجي نسبة لبائع الصابون، والخزناجي نسبة إلى مسؤول الخزينة، وكذلك الأمر بالنسبة لتشماقجي وبوقنداقجي وخوجة، وأما سفرباتي وسفربوني فقد تعني كثرة الأسفار.
  • وخلال جولة قادتنا إلى بعض الأحياء العتيقة التي تعود إلى العهد التركي روى لي رئيس جمعية أحباب المدية السيد كمال فرقاني عن مدير مكتب دراسات تركي جاء إلى المدية للإشراف على ترميم أحد المساجد العتيقة، فدهش لما زار "زنيقة صومعة المسجد الأحمر" وقال لهم "وكأنني في تركيا".
  • وتتميز هذه الأحياء العتيقة بضيقها وتشبه إلى حد ما القصبة في العاصمة ولكنها مستوية، وبناياتها من طابق أو طابقين على الأكثر، وسطحها قرميدي يناسب المناطق الماطرة، وشرفاتها صغيرة لكن النوافذ كبيرة، أما أرصفتها فتحتفظ بحجارة قديمة من العهد التركي وربما أقدم من ذلك.
  • ومازال إلى اليوم أجزاء من السور التركي شاهدا على العهد العثماني في الجزائر ولو أن ميلود بلحنيبش يؤكد بأن هذا السور بني قبل العهد العثماني ولكن الأتراك أعادوا بناءه وترميمه لحماية المدينة من الغزاة، وكان بابه يفتح في الصباح ويغلق في الليل، ولم تكن المدية منغلقة على نفسها أو محصورة على العائلات التركية دون غيرها.

  • العثمانيون أدخلوا المذهب الحنفي إلى الجزائر
  • معروف أن المذهب المالكي هو المذهب السائد في الجزائر منذ قرون وعندما دخل الأتراك نشروا المذهب الحنفي في الجزائر ولكن بشكل محدود، وإلى اليوم يوجد في المدية مسجد الأحناف يصلي فيه أصحاب المذهب الحنفي، وأكد لي كمال فرقاني وسفربوني أنه لا يوجد أي خلاف أو صراع مذهبي في المدية لا في زمن الأتراك ولا في الوقت الحالي، بدليل أن الأحناف والمالكية يصلون مع بعضهم البعض مع الكثير من التسامح.
  • ودعانا سفربوني لدخول متحف الفنون والثقافات الشعبية بالمدية والذي كان فيما سبق قصر الباي وقد بني في 1534 وبفضل أشغال ترميمه يمكنك الإطلاع على الفن المعماري التركي، وهذا المتحف القصر عبارة عن بناية كبيرة من طابق واحد وذو سطح قرميدي وفي وسط البناية توجد النافورة التي تتوسط الساحة وحولها أعمدة وأقواس جميلة، وخلف القصر توجد حديقة ومكان لربط الأحصنة.
  • ويضم القصر المتحف عدة غرف تتضمن مجسمات لثقافات مرت بالمدية على غرار العهد العثماني والألبسة التي ميزت ذلك العهد مثل الفتلة والمجبود، والبرنوس، أما الحمامات التي لازالت إلى اليوم منتشرة بكثرة في المدية ولها طقوس معينة خاصة عند زفاف العروس، فكانت مبنية بشكل خاص في زمن الأتراك، فهي عبارة عن قبة تسمح بعودة البخار إلى الأسفل وعلى أطراف القبة نوافذ صغيرة لدخول الضوء وهناك نظام خاص لتصريف المياه من الحمام، وقبل الخروج من الحمام هناك ممر صغير وضيق يسمى "سقيفة الحمام" يرتاح فيه المستحم حتى لا يؤثر فيه النسيم البارد بالخارج.
  • أما غرفة النوم فعبارة عن سرير مرتفع مبني بالحجارة والطين وتحتاج إلى درج خشبي للصعود إليه، وفي أسفله توضع الأغطية وأحيانا تخبأ به الغلال، كما يقف رجل مسلح من أصول شركسية (قوقازية) لحراسة الأمير عند نومه ويدعى هذا الرجل "سباسبي" ويحمل معه بندقية طويلة الماسورة، ولا يحق للسباسبي أن يتزوج أو يشكل عائلة لأنه مكرس فقط لحماية الباي.
  • أما عن المأكولات التركية المشهورة في المدية فتتمثل في البرغل والمثوم والبقلاوة وتشارك والبغرير والسفيرية وهذه الأطباق والحلويات أصبحت اليوم جزء من المطبخ الجزائري ومعروفة حتى لدى العائلات التي ليست من أصول تركية.
  • وما لمسناه عن قرب من الجزائريين من أصول تركية اندماجهم التام في البوتقة الجزائرية، وعاداتهم وتقاليدهم أثرت الثقافة الجزائرية وصارت جزء منها، وإن كان فيهم من يرغب في إحياء الهوية التركية فهذا الأمر لا يجب أن يؤثر على الانسجام الاجتماعي الداخلي للشعب الجزائري الغني بتراثه الثقافي المتنوع والذي يعتبر فخر لكل الجزائريين.


  • سفربوني مدير متحف ومنحدر من أصول تركية، للشروق:
  • ليس بيننا من يريد إحياء التركية، ولغتنا هي العربية

  • ماذا بقي من العهد التركي في الجزائر؟
  • لازالت هناك عائلات كثيرة من أصول تركية متجمعة في بلدية المدية على اعتبار أن المدية كانت تضم ثكنة عسكرية تركية تضم أفراد من الجيش الانكشاري المكلفين بالعمليات العسكرية وجمع الضرائب ولم يكن مسموحا لهم بالزواج، فلما خرج الأتراك من المدية بعد الاحتلال الفرنسي استقر الانكشاريون بها ليتزوجوا من بنات الأهالي في المدية وبدؤوا يخلفون أجيالا جديدة تحمل أسماء تركية بقيت كخيط يربطهم بماضيهم، وهم الآن يعيشون بصفة عادية كجزائريين.

  • وماذا عن العمران التركي الذي مازال قائما إلى اليوم في المدية؟
  • هناك القصور التركية من بينها قصر الباي الذي نحن متواجدون فيه الآن والذي بني في 1535 وهو ذو طابع معماري إسلامي، والأتراك قبل مجيئهم إلى الجزائر وجدوا طبوع معمارية أخرى منذ الفتوحات الإسلامية الأولى على غرار القصبات التي لم يشيدها الأتراك وإنما كانت موجودة قبلهم، ومدينة المدية بناها الأهالي وليس الأتراك الذين جاؤوا كحماية في سنة 1516، ولكن هناك بنايات ذات طابع عثماني على غرار دار الأمير خالد، ومنازل قادة العساكر الأتراك التي بنيت على نفس الطراز والهيكل والهندسة المعمارية العثمانية والتي كانت إضافة للفن المعماري في الجزائر.

  • سمعنا أن هناك عادات وتقاليد خاصة بالعائلات ذات الأصول التركية، فيما تتمثل؟
  • طبعا بل إن الكثير من الألبسة الجزائرية هي في الأصل تركية مثل الحايك والعجار والقشابة والطربوش والبرنوس والتي توارثها الناس من جد لجد، فالنسيج مثلا "جعابي الحمبل" من أصل تركي، وفي الطبخ إعداد الدجاج بالبصل والطماطم طريقة تركية وكذلك الأمر بالنسبة للمحمصة مع الخليع (اللحم المملح) ويؤكل في الشتاء، وكذلك "الرُّب" وهو عبارة عن ترسبات العنب المغلى 16 مرة تحت درجة حرارة 100، ولا يضاف له السكر حتى يبقى طبيعي، وسمي بالرب لأنه يمثل ربع ما يتبقى من العنب في القدر، وهناك أيضا "حلاوة العنب" تعد بالدقيق واللوز وتغطس مرارا وتجفف مثل حبة الكاشير وتأخذ وقت حتى تكون جاهزة للاستهلاك وتقسم، وهناك بطاطا بالفليو، والرشتة والطبيخة وهي متعددة الخضر مع البرغل والفول، أما الشربة فتسمى "البصير" ويتم إعدادها بالفول المقشر وبالمرق الأبيض بدون طماطم، وورق الثوم بالبيض بالطماطم وهي أكلة مقاومة للبرد المشهورة به المدية وهناك وكذلك الكسكس تركي.

  • حتى الكسكس تركي؟
  • أجل، ولكن لديه صبغة جزائرية، فنفس الكسكس الكوجود في الوسط تجده في الشرق والغرب الجزائري لأن الأتراك وصلوا إلى هذه المناطق باستثناء الصحراء الجزائرية ويمكنك ملاحظة أن كسكس الصحراء أسود و"خشين" مختلف عن كسكس الشمال الذي له طابع واحد حتى في منطقة القبائل.

  • ما لاحظناه أن سكان المدية ورثوا عن الأتراك ثقافة الحمامات المنتشرة بكثرة ولها طقوس معينة خاصة في الأفراح، فما هي هذه الطقوس؟
  • الحمامات التركية تتميز بالتهوية والإضاءة الطبيعية، ويتم تسخين الماء بالخشب ويمشي الماء الساخن في زقاق الحمام الذي يسمى "الصرة"، معطية الحرارة داخل الحمام، وتساعد قبة الحمام في إرجاع البخار والحرارة إلى الأسفل حتى يعرق المستحم ليغسل بشكل جيد، أما بالنسبة للغسول فيسمى "الطفل" ويصنع من الصلصال ويوضع على الشعر حتى يصبح انسيابي، والأتراك قديما كانوا يرفقون مع العروس وصيفتين يلبسونها القبقاب ويقومون بتحميمها باستعمال القدر والغاسول والطاسة الخاصة بها.

  • وجدنا في بعض منتديات الأنترنيت شباب يدعون أنهم من أصول تركية ويرغبون في إحياء الهوية واللغة التركية وكلام خطير عن اختلافات مورفولوجية وعرقية عن بقية الجزائريين، ما حقيقة ذلك؟
  • ليس هناك بيننا من يريد إحياء اللغة التركية في الجزائر، ولم يسبق لي أن التقيت بأشخاص يرغبون في إحياء اللغة التركية فلغتنا هي اللغة العربية لغة الجزائر إن شاء الله، ولغة القرآن الكريم، ولكن هناك مصطلحات متداولة ذات أصل تركي مثل "اللبه" التي تعني "منذ قليل"، و"البالا"، و"البرغل"، والناس بقيت محافظة على التقاليد، ، حتى أنني اقترحت أن يكون لدينا مهرجان وطني للرقص الفلكلوري التراثي الشعبي عن طريق الأطفال.

المصدر: هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــا

http://lesamisdelavilledemedea.blogspot.com/2011/02/blog-post_28.html


العائلات التركية في مدينة المدية


* وللتعرف عن قرب على العائلات الجزائرية من أصول تركية توجهنا إلى مدينة المدية عاصمة التيطري في زمن العثمانيين والتي تمثل أكبر تجمع للعائلات التي تحمل أسماء تركية بالرغم أن عدة مدن جزائرية مازالت تضم هذه العائلات على غرار القصبة في الجزائر العاصمة وقسنطينة وتلمسان.
* وعندما سألت عن العائلات التركية أخبرتني معلمة من المدية أن هذه العائلات معروفة بعاداتها المختلفة خاصة في اللباس والمأكولات لكنهم في العادة يفضلون الزواج المختلط فيما بينهم، كما ينسب إليهم الثراء ويعتبرون من ملاك الأراضي وأصحاب الألقاب التي ورثوها منذ العهد العثماني وحتى العهد الاستعماري كالبشاغوات والخوجات.
* وسلمتني هذه المعلمة بحثا عن مدينة المدية يتحدث عن الفتح التركي للمدية بعد أن عاشت الخراب بسبب كثرة الحروب حيث جعلها الأتراك "قاعدة مهمة لهم وأسكنوا فيها قبائلهم وعشائرهم التركية وحولوها إلى مدينة تركية مثل مدنهم في الأناضول وبنوا فيها القصور والحمامات والصور التركي الذي لا يزال قائما إلى يومنا هذا".
* وعلى عكس ما هو معروف فإن هذا البحث يشير إلى أن فرنسا عندما احتلت المدية في 1842 عمدت على "القضاء على القبائل التركية قبل القضاء على بقية الجزائريين فقتلت من قتلت وشردت البقية وأحرقت قصورهم وبنت المستوطنات بها"، وبسبب سنوات الاستعمار وكذا سنوات الإرهاب في التسعينات "نزح الكثير من سكان الأرياف إلى المدية وأصبحوا يشكلون غالبية سكانها، وأصبحت العائلات التركية تشكل أقلية، وتتجمع هذه العائلات في أحياء صغيرة وبعضها يعيش بشكل متفرق داخل مدينة المدية".
* وما يلفت الانتباه في هذا البحث أن ذوي الأصول التركية "لا يزالون يفتخرون بأصولهم وأسماء عائلاتهم التركية ويتمنون إعادة إحياء لغتهم وهويتهم التركية".
* لكن أغرب ما قرأته في منتديات الأنترنيت عن اختلاف ذوي الأصول التركية عن بقية الجزائريين ما كتبه أحد أفراد عائلة دمرجي "أشكالنا تختلف عن باقي أشكال الجزائريين.
* وأخطر ما قاله دمرجي "إنه يعتبر نفسه جزائري الوطن تركي العرق مسلم الديانة"، أي أنه ينفي عن نفسه صفة العروبة رغم أنه من المعروف أن أتراك الجزائر لا يتكلمون سوى العربية، أما اللغة التركية فلا يتحدثونها ولا يجيدونها رغم استعمالهم بعض المصطلحات التركية التي ذابت في العامية الجزائرية ويقول دمرجي: إنهم ينطقونها بشكل مختلف عن بقية الجزائريين مثل "الزواللي" أي المسكين، وجنكل (ملقط ثمار التين)، و"ازبانتوت" (العازب).
* ويتحدث دمرجي عن اهتمام السفارة التركية بالجزائر بالعائلات من أصول تركية ويقول بأنه اتصل شخصيا بها وأرسلت له كتب تعلم اللغة التركية ويشير إلى زيارة وفد تركي في الثمانينات للجزائر قصد التعرف على العائلات من أصول تركية.
*
* كل بلقاني أو شركسي أو كرغلي يعتبر تركي؟
* وخلال لقائي بميلود بلحنيش مسؤول في المركز الثقافي المدية أكد لي أن الكثير مما يقال عن العائلات من أصول تركية في المدية غير دقيق، خاصة تلك التي تربطهم بالبشاغوات والخوجات في العهد الاستعماري ويؤكد أن فرنسا بعد أن احتلت الجزائر ألغت جميع هذه الرتب التي كان يتمتع بها الأتراك في العهد العثماني، مشيرا إلى أن البشاغوات والخوجات الذين عينتهم الإدارة الفرنسية كثير منهم لم يكونوا من أصول تركية.
* وقال بلحنيش إن الجزائريين من أصول تركية شاركوا كغيرهم من الجزائريين في ثورة التحرير وسقط منهم الكثير من الشهداء فعائلة دمرجي مثلا ضحت ب45 شهيدا من أبنائها، وهناك الكثير من الأبطال من أصول تركية على غرار الشهيد الرائد محمود باشن، مشددا على أن فرنسا الاستعمارية هي من حاولت خلق الحزازات بين الجزائريين في إطار سياسة "فرق تسد".
* ونفى بلحنيش وهو أحد أبناء المدية وجود أي جمعية لذوي الأصول التركية أو أي ظهور نعرة أو شعور بالتميز لدى هذه العائلات، مشيرا إلى أن المدية مرت بها عدة حضارات وشعوب على غرار البربر والفينيقيين والرومان والبيزنطيين ثم جاء العرب الفاتحين وقبائل بنو هلال وكان هناك تمازج وتأثر وتأثير بين هذه الشعوب، مضيفا أن الأتراك لم يدخلوا المدية لا محتلين ولا محررين لأن المدية لم تكن خاضعة للاحتلال الإسباني الذي تركز فقط في المدن الساحلية، ولكن المدية تعبت من كثرة الحروب بين الزيانيين (وعاصمتهم تلمسان) والمرينيين (في المغرب) والحفصيين (في تونس)، فلما جاءها الأتراك دخلوها بلا حرب.
* ونبهني ميلود بلحنيش إلى أن الأتراك اختلطوا بالجزائريين وتزوجوا منهم منذ قدومهم للجزائر وأنجبوا أجيالا من المولدين يدعون "بالكراغلة" وهو ما ينفي أن العائلات من أصول تركية لا تحبذ مصاهرة بقية الجزائريين، كما أن الجزائريين اعتادوا الخلط بين الكراغلة والمورسكيين أو الأندلوسيين العرب منهم واليهود والذين استوطنوا المدية بعد سقوط الأندلس حيث جاؤوا بعادات وتقاليد وفنون أثرت الحياة الثقافية في المدية والتي اختاروها لتشابه مناخها بمناخ شبه الجزيرة الإيبرية وهربا من الهجمات الإسبانية على السواحل الجزائرية في القرن ال16.
* ويضيف المتحدث أن "العائلات التي تحمل ألقابا تركية لا يعني أنها تنتمي إلى أصول تركية"، وإنما الكثير من الجيش الإنكشاري العثماني الذين دخلوا الجزائر هم في الأصل ينتمون إلى دول فتحها العثمانيون في شرق أوروبا وشمال آسيا وخاصة في البلقان (ألبانيا والبوسنة والهرسك...) والقوقاز (الشيشان وأذرابيجان، أرمينيا وتركمنستان...)، والجزائريون كانوا يعتبرون كل من ينتمي إلى الجيش العثماني تركي، وهذا ينفي الادعاء بأن العائلات التركية لديها خصائص مورفولوجية مشتركة ومختلفة عن بقية الجزائريين.
* إحدى الموظفات بالمركز الثقافي بالمدية التي قالت إن أخوالها من أصول تركية أوضحت لي أن هذه العائلات ليست كلها ثرية ولديها أملاك وعقارات كما هو شائع بل إنها تعرف الكثير منهم ذوي مستوى معيشي محدود، أما عن عدم تفضيلهم للزواج المختلط فأرجع بلحنيش ذلك لأسباب اجتماعية وطبقية أكثر منها لأسباب عرقية، "فالعائلات الغنية تفضل دوما تزويج بناتها لعائلات من نفس الطبقة الاجتماعية، وهذا الأمر ليس مقتصرا على العائلات من أصول تركية"، مشيرا إلى أن الزواج بين الأقارب عادة ما ينتج عنه أبناء متخلفون ذهنيا وغير أصحاء جسديا، مما يجعل الزواج المختلط غير محبذ لدى الكثير من العائلات.
* رجل أعمال تركي يشبه زنيقة الصومعة بأحياء اسطنبول العتيقة
* أحد الشباب الذين التقيتهم في المدية أخبرني أنه من أصول تركية ويحمل لقب زميرلي ويقيم حاليا في مدينة البرواقية، وقال لي إنه عندما بحث عن أصوله "وجد أن جده الرابع من مدينة إزمير التركية".
* و أما سفربوني مدير متحف الفنون والثقافات الشعبية وهو جزائري من أصول تركية فأوضح أن الألقاب التركية عادة ما تنسب إلى مهنة معينة، فعائلة بلقاضي نسبة إلى القاضي، وصبونجي نسبة لبائع الصابون، والخزناجي نسبة إلى مسؤول الخزينة، وكذلك الأمر بالنسبة لتشماقجي وبوقنداقجي وخوجة، وأما سفرباتي وسفربوني فقد تعني كثرة الأسفار.
* وخلال جولة قادتنا إلى بعض الأحياء العتيقة التي تعود إلى العهد التركي روى لي رئيس جمعية أحباب المدية السيد كمال فرقاني عن مدير مكتب دراسات تركي جاء إلى المدية للإشراف على ترميم أحد المساجد العتيقة، فدهش لما زار "زنيقة صومعة المسجد الأحمر" وقال لهم "وكأنني في تركيا".
* وتتميز هذه الأحياء العتيقة بضيقها وتشبه إلى حد ما القصبة في العاصمة ولكنها مستوية، وبناياتها من طابق أو طابقين على الأكثر، وسطحها قرميدي يناسب المناطق الماطرة، وشرفاتها صغيرة لكن النوافذ كبيرة، أما أرصفتها فتحتفظ بحجارة قديمة من العهد التركي وربما أقدم من ذلك.
* ومازال إلى اليوم أجزاء من السور التركي شاهدا على العهد العثماني في الجزائر ولو أن ميلود بلحنيبش يؤكد بأن هذا السور بني قبل العهد العثماني ولكن الأتراك أعادوا بناءه وترميمه لحماية المدينة من الغزاة، وكان بابه يفتح في الصباح ويغلق في الليل، ولم تكن المدية منغلقة على نفسها أو محصورة على العائلات التركية دون غيرها.
*
* العثمانيون أدخلوا المذهب الحنفي إلى الجزائر
* معروف أن المذهب المالكي هو المذهب السائد في الجزائر منذ قرون وعندما دخل الأتراك نشروا المذهب الحنفي في الجزائر ولكن بشكل محدود، وإلى اليوم يوجد في المدية مسجد الأحناف يصلي فيه أصحاب المذهب الحنفي، وأكد لي كمال فرقاني وسفربوني أنه لا يوجد أي خلاف أو صراع مذهبي في المدية لا في زمن الأتراك ولا في الوقت الحالي، بدليل أن الأحناف والمالكية يصلون مع بعضهم البعض مع الكثير من التسامح.
* ودعانا سفربوني لدخول متحف الفنون والثقافات الشعبية بالمدية والذي كان فيما سبق قصر الباي وقد بني في 1534 وبفضل أشغال ترميمه يمكنك الإطلاع على الفن المعماري التركي، وهذا المتحف القصر عبارة عن بناية كبيرة من طابق واحد وذو سطح قرميدي وفي وسط البناية توجد النافورة التي تتوسط الساحة وحولها أعمدة وأقواس جميلة، وخلف القصر توجد حديقة ومكان لربط الأحصنة.
* ويضم القصر المتحف عدة غرف تتضمن مجسمات لثقافات مرت بالمدية على غرار العهد العثماني والألبسة التي ميزت ذلك العهد مثل الفتلة والمجبود، والبرنوس، أما الحمامات التي لازالت إلى اليوم منتشرة بكثرة في المدية ولها طقوس معينة خاصة عند زفاف العروس، فكانت مبنية بشكل خاص في زمن الأتراك، فهي عبارة عن قبة تسمح بعودة البخار إلى الأسفل وعلى أطراف القبة نوافذ صغيرة لدخول الضوء وهناك نظام خاص لتصريف المياه من الحمام، وقبل الخروج من الحمام هناك ممر صغير وضيق يسمى "سقيفة الحمام" يرتاح فيه المستحم حتى لا يؤثر فيه النسيم البارد بالخارج.
* أما غرفة النوم فعبارة عن سرير مرتفع مبني بالحجارة والطين وتحتاج إلى درج خشبي للصعود إليه، وفي أسفله توضع الأغطية وأحيانا تخبأ به الغلال، كما يقف رجل مسلح من أصول شركسية (قوقازية) لحراسة الأمير عند نومه ويدعى هذا الرجل "سباسبي" ويحمل معه بندقية طويلة الماسورة، ولا يحق للسباسبي أن يتزوج أو يشكل عائلة لأنه مكرس فقط لحماية الباي.
* أما عن المأكولات التركية المشهورة في المدية فتتمثل في البرغل والمثوم والبقلاوة وتشارك والبغرير والسفيرية وهذه الأطباق والحلويات أصبحت اليوم جزء من المطبخ الجزائري ومعروفة حتى لدى العائلات التي ليست من أصول تركية.
* وما لمسناه عن قرب من الجزائريين من أصول تركية اندماجهم التام في البوتقة الجزائرية، وعاداتهم وتقاليدهم أثرت الثقافة الجزائرية وصارت جزء منها، وإن كان فيهم من يرغب في إحياء الهوية التركية فهذا الأمر لا يجب أن يؤثر على الانسجام الاجتماعي الداخلي للشعب الجزائري الغني بتراثه الثقافي المتنوع والذي يعتبر فخر لكل الجزائريين.
*
*
* سفربوني مدير متحف ومنحدر من أصول تركية، للشروق:
* ليس بيننا من يريد إحياء التركية، ولغتنا هي العربية
*
* ماذا بقي من العهد التركي في الجزائر؟
* لازالت هناك عائلات كثيرة من أصول تركية متجمعة في بلدية المدية على اعتبار أن المدية كانت تضم ثكنة عسكرية تركية تضم أفراد من الجيش الانكشاري المكلفين بالعمليات العسكرية وجمع الضرائب ولم يكن مسموحا لهم بالزواج، فلما خرج الأتراك من المدية بعد الاحتلال الفرنسي استقر الانكشاريون بها ليتزوجوا من بنات الأهالي في المدية وبدؤوا يخلفون أجيالا جديدة تحمل أسماء تركية بقيت كخيط يربطهم بماضيهم، وهم الآن يعيشون بصفة عادية كجزائريين.
*
* وماذا عن العمران التركي الذي مازال قائما إلى اليوم في المدية؟
* هناك القصور التركية من بينها قصر الباي الذي نحن متواجدون فيه الآن والذي بني في 1535 وهو ذو طابع معماري إسلامي، والأتراك قبل مجيئهم إلى الجزائر وجدوا طبوع معمارية أخرى منذ الفتوحات الإسلامية الأولى على غرار القصبات التي لم يشيدها الأتراك وإنما كانت موجودة قبلهم، ومدينة المدية بناها الأهالي وليس الأتراك الذين جاؤوا كحماية في سنة 1516، ولكن هناك بنايات ذات طابع عثماني على غرار دار الأمير خالد، ومنازل قادة العساكر الأتراك التي بنيت على نفس الطراز والهيكل والهندسة المعمارية العثمانية والتي كانت إضافة للفن المعماري في الجزائر.
*
* سمعنا أن هناك عادات وتقاليد خاصة بالعائلات ذات الأصول التركية، فيما تتمثل؟
* طبعا بل إن الكثير من الألبسة الجزائرية هي في الأصل تركية مثل الحايك والعجار والقشابة والطربوش والبرنوس والتي توارثها الناس من جد لجد، فالنسيج مثلا "جعابي الحمبل" من أصل تركي، وفي الطبخ إعداد الدجاج بالبصل والطماطم طريقة تركية وكذلك الأمر بالنسبة للمحمصة مع الخليع (اللحم المملح) ويؤكل في الشتاء، وكذلك "الرُّب" وهو عبارة عن ترسبات العنب المغلى 16 مرة تحت درجة حرارة 100، ولا يضاف له السكر حتى يبقى طبيعي، وسمي بالرب لأنه يمثل ربع ما يتبقى من العنب في القدر، وهناك أيضا "حلاوة العنب" تعد بالدقيق واللوز وتغطس مرارا وتجفف مثل حبة الكاشير وتأخذ وقت حتى تكون جاهزة للاستهلاك وتقسم، وهناك بطاطا بالفليو، والرشتة والطبيخة وهي متعددة الخضر مع البرغل والفول، أما الشربة فتسمى "البصير" ويتم إعدادها بالفول المقشر وبالمرق الأبيض بدون طماطم، وورق الثوم بالبيض بالطماطم وهي أكلة مقاومة للبرد المشهورة به المدية وهناك وكذلك الكسكس تركي.
*
* حتى الكسكس تركي؟
* أجل، ولكن لديه صبغة جزائرية، فنفس الكسكس الكوجود في الوسط تجده في الشرق والغرب الجزائري لأن الأتراك وصلوا إلى هذه المناطق باستثناء الصحراء الجزائرية ويمكنك ملاحظة أن كسكس الصحراء أسود و"خشين" مختلف عن كسكس الشمال الذي له طابع واحد حتى في منطقة القبائل.
*
* ما لاحظناه أن سكان المدية ورثوا عن الأتراك ثقافة الحمامات المنتشرة بكثرة ولها طقوس معينة خاصة في الأفراح، فما هي هذه الطقوس؟
* الحمامات التركية تتميز بالتهوية والإضاءة الطبيعية، ويتم تسخين الماء بالخشب ويمشي الماء الساخن في زقاق الحمام الذي يسمى "الصرة"، معطية الحرارة داخل الحمام، وتساعد قبة الحمام في إرجاع البخار والحرارة إلى الأسفل حتى يعرق المستحم ليغسل بشكل جيد، أما بالنسبة للغسول فيسمى "الطفل" ويصنع من الصلصال ويوضع على الشعر حتى يصبح انسيابي، والأتراك قديما كانوا يرفقون مع العروس وصيفتين يلبسونها القبقاب ويقومون بتحميمها باستعمال القدر والغاسول والطاسة الخاصة بها.
*
* وجدنا في بعض منتديات الأنترنيت شباب يدعون أنهم من أصول تركية ويرغبون في إحياء الهوية واللغة التركية وكلام خطير عن اختلافات مورفولوجية وعرقية عن بقية الجزائريين، ما حقيقة ذلك؟
* ليس هناك بيننا من يريد إحياء اللغة التركية في الجزائر، ولم يسبق لي أن التقيت بأشخاص يرغبون في إحياء اللغة التركية فلغتنا هي اللغة العربية لغة الجزائر إنشاء الله، ولغة القرآن الكريم، ولكن هناك مصطلحات متداولة ذات أصل تركي مثل "اللبه" التي تعني "منذ قليل"، و"البالا"، و"البرغل"، والناس بقيت محافظة على التقاليد، ، حتى أنني اقترحت أن يكون لدينا مهرجان وطني للرقص الفلكلوري التراثي الشعبي عن طريق الأطفال


http://www.m-nebrasselhaq.com/vb/showthread.php?p=8463


مصطلحات و مفاهيم عثمانية …

إيـّــالة : ولاية تابعة للدولة العثمانية .
الباب العالي : السلطان العثماني أو السلطة المركزية أو الإستانة .
الدولة العليّة : الدولة العثمانية أسسها عثمان بن أرطغرل من 1299 م الى 1924 م
دار السّلطان : تسمية اطلقت على مقاطعة العاصمة الجزائرية و ضواحيها في العهد العثماني ، إمتدت من دلس شرقا الى شرشال غربا ، و من بايلك التيطري جنوبا الى البحر الأبيض المتوسط شمالا . تضم مقر الحكم ( الوالي ) أو الديوان مقرها (القصبة ).
بايلك : مقاطعة أو عمالة .
الصدر الأعظم : رئيس الوزراء
الباشا : الوزير
بايلك الشرق : من أكبر البايلكات الجزائرية في العهد العثماني مساحة و سكانا ، كانت عاصمته قسنطينة ، امتد من الحدود التونسية شرقا الى بلاد القبائل غربا و من البحر المتوسط شمالا الى الصحراء الكبرى جنوبا .. تميز بقلة النفوذ العثماني .
بايلك الغرب : كانت عاصمته مازونة ( مستغانم )ثم معسكر ثم وهران بعد تحريرها من الإسبان سنة 1792 م . امتد البايلك الغربي من الحدود المغاربية غربا إلى بايلك التيطري شرقا . و من البحر الابيض المتوسط شمالا الى الصحراء الكبرى جنوبا .
بايلك التّيطري : كانت عاصمته المدية [المدية مقر ادارته ] ، امتد من سهل متيجة شمالا الى الصحراء الكبرى جنوبا ، و بين حدود بايلك الشرق و بايلك الغرب .
و أظن أن تسمية (التيطري ) تعني( الأوسط ) فتصبح كلمة بايلك التيطري تعني (البايلك الأوسط ) و الله أعلمُ .
الدّيوان: جمعه دواوين ، و كلمة ديوان كلمة فارسية تعني سجل أو دفتر .
الجيش الانكشاري : هو الجيش النظامي المتفرغ للحرب . كونته الدولة العثمانية من ابناء المسيحين الذين فقدوا آباءهم فأخذهم العثمانيون و نشّأوهم على الاسلام و الولاء للدولة ، و الإنكشارية كلمة تطلق على مجموعة من الجنود المحترفين ، المدربين تدريبا عاليا في العهد العثماني و قد اشتُقت كلمة إ نكشاري من صيغة المفرد من مصطلح تركي معنا ه الجندي الجديد .
السبّاهين : فرقة عسكرية عثمانية ، و هي فرقة من الفرسان تأتي في الدرجة الثانية بعد الإنكشارية كانت تتشكل أساسا من الإقطاعيين المتحصلين على أراض من الدولة مقابل تعهدهم بإمداد الدولة بالفرسان عند الحاجة .

الكاهيّة : يتولى حفظ أمن المدينة ،و هو بمثابة القائد الأعلى للشرطة المدنية .
الأسطول : كلمة أصلها يوناني استعملت في العهد العثماني ، تطلق على مجموعة السفن الحربية أو على السفينة الواحدة .
أرسلان : أسد باللغة التركية .
البحر الأبيض المتوسط : سُمي كذلك لأنه يتوسط العالم و كان قديما يُسمى ببحر الروم و أول من أطلق عليه تلك التسمية العثمانيون و ذلك لأن سواحله كانت تتكون من الصخور الجيرية .
الفرمان : القرار فيُقال : " كان الداي يعين من الجزائر و تتم تزكيته من طرف السلطان بفرمان " أي بقرار
خان : لفظ تركي قديم معناه: السيد
الخزناجي : مسؤول المالية ، يسلم المداخيل و يشرف على مراقبة أمور السكة .
باشدفتر : رئيس الكتاب . و هو مساعد الخزناجي . أو الخزندار مسؤول المالية ، المتصرف في ودائع الخزينة ، و مراقبة سك العملة ، و تحديد قيمتها ، يساعده مجموعة من الموظفين و الكتبة و المستخدمين .
المكتباجي : من مساعدي الخزناجي ، مكلف بسجلات الدولة .
الدفتردار : أو وكيل الحرج الكبير المكلف بتسجيل مصادر خزينة الدولة .
وكيل الحرج الصغير : يعود اليه تسجيل غنائم البحر و رسوم الجمارك .
أمين السكة : العيّار او الوزّان .
البيتمالجي : يتولى ادارة اموال الاوقاف و يرث من لا وريث له ، و يسمى بقاضي بيت المال . كما يسجل العقود و المواريث ..
خوجة الخيل : مكلف بقبض الضرائب و مراقبة املاك البايلك
الرّايس قائد سفينة البحر .
قائد المرسى : المسؤول على الميناء و شرطته و المخازن و المراكب الداخلة و الخارجة من الميناء . .
القبطان رايس : قائد السفينة
باش رايس : نائب أول للقبطان .
صوصو رايس : نائب ثان للقبطان
رايس العسة : مفتش المركب و المشرف على صيانته
باش طبجي : ضابط المدفعية في المركب يشرف على صيانة و استعمال المدافع
باش دمانجي : ضابط الأشرعة .
الخوجة : الكاتب الذي يضبط ما يحمله المركب من الأمتعة و الذخيرة .
باش جراح : الطبيب الجراح المرافق لمعالجة المرضى و المصابين
خوجة الخيل : المكلف بقبض الضرائب و مراقبة املاك الدولة و تموين الموظفين العثمانيين و الفرق العسكرية بمدينة الجزائر بالمواد الغذائية .ينظر في القضايا الخاصة بالجزائريين
الآغا : رئيس الجيوش البرية الانكشارية و فرسان المخزن و الصبايحية يتلقى أوامره من الداي مباشرة ، مكلف بحفظ الأمن بالفحوص (الضواحي) القريبة من مدينة الجزائر .
نقيب الأشراف : من المناصب الرفيعة في الدولة العثمانية . و مكانه في التشريفات بعد السلطان مباشرة .
وكيل الحرج : قائد البحارة الذي يراقب النشاط البحري على اعمال الترسانة البحرية ، و ينظر في توزيع الغنائم ، و يتصل ببعض الاحيان بقناصل و مبعوثي الدول الاوربية .

البيتمالجي : مراقب الأملاك و الثروات التي تعود للدولة نتيجة المصادرة او انعدام الورثة ، كما يقوم بحفظ الودائع و تسيير املاك الغائبين ، و التصرف فيها ، كما يقوم بالاعمال الخيرية كتوزيع الصدقات على المستحقين و التكفل بدفن الفقراء المعدمين .
الباي : من كبار موظفي الدولة ، تواجدت هذه الوظيفة في عهد الدايات ، يعينه الوالي العام كممثل عنه على مستوى البايلك ، يتمتع بحرية تامة في ادارة العمالة ، يرسل سنويا الضرائب للوالي العام ، و يساعده في اداء مهامه كل من : الخليفة – قايد الدوار – الباش كاتب – الباش سيار .
شيخ العرب : يمثل سكان الدواوير .. يسهر على ادارة شؤونهم و هو النائب الشخصي للقائد .
القائد : يشرف على وحدة إدارية صغيرة تعرف بالوطن يتكفل بجمع الضرائب و المحافظة على الامن العام و يكون من الاتراك و الكراغلة .
الكراغلة : أطفال يولدون نتيجة الزواج المختلط بين العرب و الاتراك .
المجلس الشريف : بمثابة محكمة العليا ، ترفع اليه الطعون في الاحكام و ينظر في شأنها داخل المسجد إن تعلقت بالمسلمين و في باحة المسجد لو تعلق الامر بغير المسلمين . و يضم المجلس القاضي المالكي و القاضي الحنفي ، و المفتي المالكي و المفتي الحانفي .
الكيخيا : مصطلح سلجوقي ..أطلقه الاتراك على القاضي المعتمد الذي ينظر في القضايا الخاصة بالاندلسيين . و الآغا يختص بقضايا الاتراك و خوجة الخيل بقضايا الجزائريين .
قبائل المخزن : قبائل تتمتع بامتيازات .
متعاونة مع السلطة في الجزائر و تمثل همزة وصل بين السكان و السلطة المسؤولة عن الامن و جمع الضرائب بين سكان القبائل .
قبائل الرعية : هم اغلب سكان الريف الخاضع لسلطة البايلك
الجماعة : هيئة تابعة للعدالة ، تنظر في المظالم تتكون من أعيان القرية .
الخانات : الفنادق
المارستانات : المستشفيات التابعة لرجال الدين المسيحيين
كتشاوة : جامع كتشاوة بالعاصمة الجزائرية يمثل تحفة معمارية تركية فريدة من نوعها . سمي بـ كتشاوة نسبة إلى السوق التي كانت تقام في الساحة المجاورة ، وكان الأتراك يطلقون عليها اسم : سوق الماعز
كلمة كتشاوة بالتركية تعني : keçi / كيت : ساحة ـ وشافا : عنزة CHAVA = Chèvre ..
الأناضول : هي تركيا أو تركستان أو آسيا الصغرى .
كوتاهيّة : مدينة تقع غرب آسيا .
إسطمبول : مدينة تركية تقع على الضفة الغربية لمضيق البوسفور. يمكننا القول انها مدينة ( اوروأسياوية ) لانها تقع في قارتين. جزء صغير منها يقع في قارة اوربا و جزء كبير في آسيا ..أي بين البحر الاسود و بحر مرمرة. كان إسمها القسطنطينية عاصمة بيزنطة .. فتحها محمد الثاني ( الفاتح) في 29 ماي 1453 م و سماها اسطمبول أي (مدينة الإسلام ) .
قونيّة : مدينة تركية تقع وسط تركيا ، الى الجنوب من أنقرة (عاصمة تركيا الحالية )


ـــــــــــــــــــــــــــ

المراجع المُعتمد عليها :
- كتب مدرسيّة .
- مواقع إلكترونيّة (موسوعة ويكيبيديا الحرة) و َ histgeo-
ma.com)
- كتاب المرآة لحمدان بن عثمان خوجة (كتاب قيّم جدا ) ، ص 50/54 . ص 101/105 .
- مجهود شخصي نسأل الله التوفيق و النجاح و الإخلاص .







http://mador-sat.akbarmontada.com/t4949-topic

غموض في تسيير المسلخ البلدي وقرار الوالي ورئيس الدائرة في خبر كان

استقالة النائب المكلف بالبناء والتعمير بعد تماطل المير في تنفيذ قرار بالهدم بالياشير

رضوان عثماني

علمت وقت الجزائر من مصادر موثوقة أن النائب المكلف بالبناء والتعمير في المجلس الشعبي لبلدية الياشير، الواقعة بالمدخل الغربي لولاية برج بوعريريج، قدم استقالته من منصبه إلى رئيس دائرة مجانة ورئيس البلدية، تنديدا باستفحال فضائح الفساد والتجاوزات في التسيير.

بحسب مصادر وقت الجزائر فإن المجلس البلدي يعيش، منذ أيام، على صفيح ساخن وعلى فوهة بركان، بسبب الفضائح المتوالية وعشوائية التسيير والغموض السائد حول طريقة تسيير المسلخ البلدي، وفضيحة قائمة 20 سكنا ترقويا مدعمة، التي ضمت أسماء منتخبين وأولادهم وأقاربهم واستحواذ صاحب مطعم على ملك عمومي يتمثل في سوق جواري، استفادت منه البلدية للقضاء على التجارة الموازية والفوضوية، إلا ان صاحب المطعم المجاور للمرفق التجاري، الذي هو في طور الانجاز قام بالاعتداء عليه، واحتله وتوسع على جزء كبير من مساحته، ما دفع بلجنة البناء والتعمير على مستوى البلدية إلى التحرك لحماية السوق الجواري، واتخاذ الاجراءات القانونية، التي أفضت إلى تحرير قرار بهدم وتوقيف الأشغال، التي قام بها صاحب المطعم، إلا ان هذا الأخير لم يكترث للأمر وواصل مهمته واستحوذ على مساحة واسعة من السوق الجواري، خصوصا أن رئيس بلدية الياشير تماطل في تنفيذ قرار الهدم الصادر ضد صاحب المطعم، ولم يسخر القوة العمومية لتنفيذ القرار وضرب بيد من حديد لحماية الممتلكات العمومية من النهب، وهو ما أثار غضب واستياء العديد من المواطنين وبعض المنتخبين، على غرار المكلف بالبناء والتعمير، الذي قام برمي المنشفة وقدم استقالته من منصبه، بسبب هذا التجاوز وسياسة المماطلة المنتهجة من رئيس البلدية.
جدير بالذكر أن السوق الجواري استفادت منه البلدية منذ سنوات، ونظرا لغياب الوعاء العقاري لجأت مصالح البلدية إلى الحديقة العمومية، أين تم أخذ قطعة منها لاستغلالها في المنفعة العامة، إلا ان أصحاب المطاعم المجاورة لها قاموا بالتوسع على حساب القطعة الأرضية المخصصة للمشروع من الجهة الخلفية، حيث تم إصدار قرارات بالهدم تم من خلالها هدم وتوقيف الأشغال، التي قاموا بها، إلا ان صاحب المطعم، الذي قام مؤخرا بالتوسع لم ينفذ في حقه قرار الهدم، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول أسباب تماطل رئيس البلدية في تنفيذ القرار، الذي يحمي الممتلكات العامة وعن جدوى القرارات الصادرة، التي تبقى حبرا على ورق.
من جهة أخرى، مازال الغموض سائدا حول طريقة تسيير المسلخ البلدي، منذ أزيد من ستة أشهر، بعد انتهاء عقد المستأجر، وهو شقيق رئيس البلدية الحالي بتاريخ 28 فيفري من العام الجاري، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام عن تأخر البلدية في الإعلان عن المزايدة لتأجيره وتأخر اجراءات إعادة تأجيره لمستثمر جديد، وهو ما فتح الباب للإشاعات والتأويلات، أين اتهم التجار مصالح البلدية ببيع المسلخ البلدي وخوصصة ملك عمومي، وذلك بتعمد تأخير إتمام اجراءات تأجيره حيث كانت هذه الاشاعات لاحقا صادقة وفي محلها، وهذا بعد ان ألغى رئيس دائرة مجانة مداولة بيع المسلخ البلدي، بعد ان تمت المصادقة على القرار في مداولة رسمية بالأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس الشعبي البلدي 18 عضوا مقابل عضو غائب لم يحضر الجلسة ، حيث رفض رئيس الدائرة، ولم يقبل ذلك، على اعتبارها انها غير قانونية، في وقت يحق للبلدية تأجير المسلخ الباطوار على أساس المزايدة، التي تتحكم في سعر تأجيره.
ورغم أن والي الولاية قرر فتح تحقيق حول الغموض السائد، ورفض بيع المسلخ البلدي، إلا ان البلدية لم تعلن عن المزايدة لكرائه لمستثمر جديد، حيث لا يزال المسلخ البلدي يسير بطريقة غامضة وعشوائية، منذ تاريخ انتهاء عقد المؤجر السابق، وهو ما يعني أن قرار الرجل الاول بالولاية ورئيس الدائرة في خبر كان وحبر على ورق، وضرب عرض الحائط من طرف رئيس بلدية الياشير.
وفي هذا الصدد حاولت وقت الجزائر معرفة أسباب تماطل البلدية في الإعلان عن المزايدة لتأجير المسلخ، حيث تنقلنا إلى مقر البلدية، إلا اننا لم نتمكن من مقابلة المير، الذي كان في اجتماع مغلق مع منتخبيه.

سعــداني يأمــــر بجـــرد جميــــع الممتلكــــات لاسترجـــاعهــــا، معـــــزوزي:

جهـــات نافــذة تستولــي علــى أمـــلاك وعقــارات الأفــلان

عبد الله.م

وجه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، تعليمات شديدة اللهجة إلى أمناء محافظات 48 ولاية، مطالبا إياهم بجرد ورفع تقارير مفصلة عن أملاك الحزب العتيد من مقرات محافظات وقسمات، بعدما استولت جهات نافذة على مقراته وأملاكه وحولتها لمتاجر وروضات أطفال بتواطؤ بعض الجهات النافذة في الحزب خلال فترة الإنقسام، التي مر بها.
كشف، أمس، مسؤول التنظيم بحزب جبهة التحرير الوطني، مصطفى معزوزي، في تصريح خص به وقت الجزائر، أن الأمين العام للحزب أمر أمناء القسمات عبر المستوى الوطني بإعداد تقارير حول ممتلكات الحزب، موضحا أن الحزب لديه أرشيف منذ الإستقلال مجرد به جميع الممتلكات، وسيتم مقاضاة كل من يثبت تورطه في الإستيلاء على ممتلكات الحزب من مقرات تابعة للمحافظات أو القسمات. مشيرا أن بعض التجاوزات وقعت خلال فترة عرف فيها الحزب فوضى تسيير وسوء توجيه، إستغلتها أطراف لتستولي على بعض الأملاك، لكننا لن نترك الواقع على حاله، حيث شدد الأمين العام، عمار سعداني، في توجيهاته لأمناء المحافظات من أجل جرد جميع الممتلكات، وجمع الأرشيف والوثائق، التي تؤكد ملكية المقرات والأملاك للحزب العتيد، وتسوية الوضعية القانونية لجميع الممتلكات محل نزاع قضائي أو قانوني.
وأكد معزوزي أن الأمين العام أصدر أوامر بترميم جميع مقرات الحزب، التي هي بحاجة للترميم، كون معظمها يعود للحقبة الإستعمارية، وذلك من الميزانية الخاصة للحزب، الذي يمول نفسه بطريقة ذاتية، من إشتراكات نواب البرلمان بغرفيته، وكذلك إشتراكات دورية وسنوية للمنخرطين والمناضلين والمنتخبين التابعين للأفلان، بالمجالس الشعبية البلدية، والمجالس الشعبية الولائية كذلك.


غياب كلي للنقل المدرسي

سكان حي الآمال متذمرون لغياب أبسط متطلبات الحياة الكريمة

يتكبد سكان حي الآمال شرق ولاية وهران، من جملة من المتاعب والمشاكل اليومية، حيث تتخبط أكثر من 3000 نسمة تقطن بهذه المنطقة في عدة مشاكل، ومن أهمها العزلة التامة المفروضة على السكان بسبب غياب النقل ومشكل غياب العدادات الكهربائية وغياب أيضا الهياكل التربوية التي تخص التعليم المتوسط، إضافة إلى عدم تزود بعض السكان بغاز المدينة.
هي أهم انشغالات سكان حي الأمال المطروحة بشدة والتي أثرت بشكل كبير على سكان المنطقة وخاصة التلاميذ المتمدرسين، في ظل غياب النقل المدرسي وغياب وسائل نقل الأطفال نحو مقاعد الدراسة بمقر البلدية لحجز أماكنهم بالمؤسسات التربوية سواء بالطور المتوسط أو الثانوي، وهذا في ظل غياب المواصلات وحتى النقل العمومي، وهو ما يهم أولياء التلاميذ، توفير النقل المدرسي لفلذات أكبادهم، كما يطالب هؤلاء السكان معالجة مشكل الربط العشوائي للكهرباء والذي يشكل خطرا على السكان.
ومن ضمن المشاكل المطروحة أيضا بشدة، معاناة السكان مع قارورات غاز البوتان، في الوقت الذي لم يتم فيه إدراج سكان المجمع السكني بالاستفادة من الغاز المدينة رغم استفادة هذه المنطقة من هذا المشروع الحيوي، وفي ظل تسجيل هذه النقائص والانشغالات، يطالب سكان هذا المجمع من السلطات المحلية والولائية احتواء المشكل ومعالجته.

لسلطات المحلية المتعاقبة فشلت في فك العزلة عنهم

سكان بلدية البرية بوهران يعيشون الجحيم

إعـــــداد: عبد الله.م

لا يزال سكان بلدية البرية التي تبعد عنها وهران بـ 10 كلم يعانون الأمرين، لغياب أدنى شروط الحياة الكريمة منذ سنوات، حيث ناشد السكان السلطات المحلية والمنتخبين بالتكفل بانشغالاتهم، لكن لا حياة لمن تنادي أمام انتشار مظاهر الفقر والعوز وحياة الغبن والفاقة وغياب التنمية عنهم، التي جعلت السكان يطالبون بحقهم في التنمية بعد البرامج التنموية الكبيرة التي استفادت منها البلدية، إلا أنها تبقى منذ سنوات مجرد حبر على ورق، حيث لازال السكان بالبلدية والقرى التابعة لها يصارعون مختلف المشاكل والنقائص التي باتت تنغص يومياتهم رغم تعاقب العديد من المجالس المنتخبة، إلا أن البلدية بقيت على حالها في غياب الحلول الجذرية.

وأكد سكان البلدية لـ وقت الجزائر ، أن حياتهم قد اختصرها المسؤولون في جملة من المشاكل، منها غياب النقل والمياه الصالحة للشرب والإنارة العمومية بالشوارع، وما زاد الطين بلة، إهتراء الطرقات التي تتحول في فصل الشتاء إلى برك مائية عميقة يصعب العبور فيها، بعدما يتغير لون الطرقات والشوارع إلى اللون الأحمر وسط الأتربة والغبار المتناثر في الصيف، والذي طالما تسبب في أمراض جلدية مختلفة، ما جعل المركز الصحي المتواجد بها يعج يوميا بعشرات المرضى بما فيهم المصابين بالأمراض المزمنة وغيرهم، إضافة إلى ذلك يبقي السكان يطالبون بمركز بريد للتكفل بانشغالاتهم، خاصة أن السكان يعانون من صعوبة التنقل في الفترات الصباحية، أين يجبرون على التوجه عبر سيارات الكلونديستان في الأوقات الحرجة، طلبا للعلاج أو الولادة، بحيث يتم نقل الحوامل إلى مستشفى وهران الجامعي الدكتور بن زرجب للتكفل بها أو تركها للموت الذي بات يحدق بسكان البلدية.
وأبدى السكان بنبرة مليئة بالغضب، عن تذمرهم من غياب المياه الصالحة للشرب والتي أجبرتهم لشراء صهاريج المياه صيفا وقارورات الغاز التي تنقص كمياتها مع كل فصل شتاء، ومما زاد من تأزم الوضع، غياب جميع المرافق الخدماتية لأن البلدية لا تتوفر على أي مرفق ترفيه أو ملاعب جواريه، ما جعل سكانها في عزلة ولا يستطيعون مغادرة منازلهم، لأن مشكل النقل أصبح هاجس منذ سنوات تلقى من خلالها السكان وعود، لكن تبقى مجرد أوهام وأحلام لا ترى أبدا، خاصة مشكل التوظيف الذي أصبح من بين الملفات الملغمة بالنسبة لمسيرين البلدية والسلطات الولائية والذي جعل الشباب البطال يقضون يومياتهم في أزقة الشوارع دون أن يشفع لهم ذلك عند مسيرين البلدية من المنتخبين لتدارك كل هذه المشاكل والتكفل بها بصورة جدية، عوض التبجح بها خلال فترة الحملات الانتخابية. حتى خريجي الجامعات يعانون من البطالة أمام انعدام أي مشاريع تنموية من شأنها خلق مناصب شغل، في الوقت الذي تستفيد منه بلدية البرية من ميزانية ضئيلة، بحيث تبقى هذه الأخيرة من أفقر البلديات بالولاية، ما جعل السكان يطالبون بحقهم في التنمية.
في السياق ذاته، مازال أغلب أحياء بلدية البرية بدون عقود ملكية منذ عدة سنوات، حيث لا تتوفر أحياء 40 مسكنا و10 مساكن و20 مسكنا و328 مسكن على عقود ملكية، خاصة القديمة التي يرجع إنجازها إلى أكثر من عقدين، وفي هذا الإطار أكد رئيس بلدية البرية، أن البلدية تواجه هذا المشكل، وأغلب السكنات لا تملك عقود ملكية ماعدا المزراع التي أنجزت في العهد الاستعماري.
وهو ما يتسبب في مشاكل عديدة خاصة أثناء معاملات البيع والشراء.
ومن جهة أخرى، أكد السكان لوقت الجزائر أننا لجئنا عدة مرات لتسوية هذا الوضع الذي يعيشونه منذ أكثر من عقدين، حيث أكد السيد (ن.ج) أنه يصعب شراء مساكن أو عقارات لاعتمادهم على الكاتب العمومي فقط، وهو ما أحدث مشاكل عديدة، أما السيد (ك.م)، فقد أكد أن كل الأحياء أنجزت بصفة رسمية وليست سكنات فوضوية، حيث حصل عليها السكان بتراخيص قانونية. ومن جهة أخرى، أكد رئيس البلدية أن حي الخدايمية هو الوحيد الذي بني بطريقة فوضوية، تكفلت الوكالة العقارية للسانيا بتهيئة وتسوية وضعية العقود، إلا أن المشكل مازال مطروحا، وحسب ذات المتحدث، فقد أثار السكان هذا المشكل وراسلت السلطات المحلية كل الجهات المعنية، ورغم أن السلطات الولائية طرحت مشروع تسوية 10 آلاف عقد، إلا أن البلدية لم تستفد منه، وهو ما جعل أغلب السكنات فوضوية لعدم وجود وثائق رسمية.
الجدير بالذكر، أن كل البلديات الشرقية تعاني هذا المشكل خاصة لوجود الأحياء الفوضوية التي تتعدى كثافتها السكانية 10 آلاف نسمة، وذلك في حي الأمير خالد وخالد بن الوليد وبلدية بن فريحة وحي الشهيد محمود وحي محمد بوضياف.

بعد صدور القرار من طرف مديرية الصحة

أكثر من أربعين عائلة مهددة بالطرد من مشفى قديم في بلدية تاجنة بالشلف

م.عبد النور

هددت السلطات المحلية في بلدية تاجنة 35 كلم شمال عاصمة الولاية الشلف، أزيد من 40 عائلة قاطنة بمشفى قديم بالطرد بالقوة بسبب رفضها الخروج من هذه البناية الآيلة للسقوط فوق رؤوسهم في أية لحظة، بسبب قدم البناية التي يعود تاريخ تشييدها إلى الحقبة الاستعمارية.
وجهت مصالح البلدية إلى العائلات المقيمة بالمشفى عدة اعتذارات تجبرهم على إخلاء المكان بعد صدور القرار من طرف مديرية الصحة، وهذا من أجل إعادة بنائها وترميمها الشامل لإعادة نشاطها من جديد، وهذا بعدما اشتكى عمال وممرضين وأطباء من ضيق العيادة الجديدة.
السلطات الولائية بدورها، كانت قد تدخلت في السنوات الأخيرة لإجبار المواطنين بإخلاء المكان بعد معاينة لجان تقنيين وخبراء، بأن المستشفى بني على أسس وأرضية غير صالحة، بسبب منبع المياه الباطنية، وعليه جاءت تحذيرات بإخلائه، إلا أن بعد العشرية السوداء تم ترحيل هذه العائلات مجبرة، هروبا من مجازر الإرهاب التي أتت على الأخضر واليابس بمناطق عرفت ملاذ لهؤلاء المرتزقة، وتحديدا بمناطق معزولة على غرار بني مغليف والعياشيش وزرقة وغيرها من المناطق التي عرفت سيطرة تامة لاستقرارهم .
وحسب تلك العائلات المقيمة حاليا بذات المكان، أن الجيش الوطني آنذاك بالتنسيق مع السلطات المحلية، تم ترحيلهم مجبرين إلى المكان المذكور، على أن يتم إعادة تأهيلهم بسكنات لائقة بعد انتهاء سنوات العشرية السوداء وعودة الأمن والاستقرار، إلا أن لا شيء من هذا القبيل حدث على -حد تعبيرهم .
وبالرغم من مرور 20 سنة وانفراج الوضع، إلا أنهم لا زالوا قابعين في مكان لا يصلح أن يكون مأوى للبشر، بسبب الأوضاع المزرية التي تعيشها العائلات القاطنة بذات المشفى، الذي عرف بتآكل جدرانه وسقوط أجزاء من أسقفه، ناهيك عن التصدعات والثقوب والتشققات التي ألحقت بها نتيجة الكوارث الطبيعية بسبب الزلازل والكوارث الطبيعية التي عرفتها الشلف في السنوات الأخيرة، دون أن تنتبه لها السلطات المحلية والوقوف على أوضاعها التي تزداد سوءا يوما بعد يوم ورغم التصدعات والتشققات الواضحة للعيان التي ألحقت بالمكان المذكور، إلا أن العائلات لازالت تقيم فيه تواجه مصير الموت، رغم أن السلطات قامت ببناء قرية خاصة لهؤلاء من أجل إعادة إسكانهم بحي واد الروبيل بنفس البلدية، قصد إنقاذهم من الوضعية الكارثية التي يتخبطون فيها منذ أزيد من 20 سنة، إلا أنهم رفضوا الترحيل.
ويرجع هؤلاء السكان أنهم كانوا يقيمون في منازل ملائمة للعيش الكريم وواسعة، قبل أن يتم ترحيلهم إجباريا من مناطقهم، واليوم تحصلوا على سكنات لا تتسع لكل أفراد العائلة الواحدة والتي يزيد عددها من 9 إلى 12 فردا، وهذه الحجة التي أثارت سخط المسؤولين والذين هددوا تلك العائلات بإخراجهم بالقوة من طرف الدرك أو أمن مكافحة الشغب في حال رفض استلام شققهم بالمكان المذكور.
وحسب مصدر من البلدية، أنه سبق وأن قامت السلطات المحلية ببناء سكنات ريفية لهم بمناطقهم، إلا أنهم رفضوا بحجة نقص الهياكل ووسائل النقل واليوم يرفضون بحجة ضيق الشقق.









تخفيضات وهمية تصل حدود الـ50 بالمائة

الصولد خدعة التاجر لتصريف سلعه الكاسدة

ربورتاج: وسيلة لعموري

تتفاجأ للوهلة الأولى لدى سؤالك عن سعر غرض ما، ألصق صاحب المحل ملصقة تخفيضات 50 بالمائة، ليجيبك أن سعره 4 آلاف دينار أو أكثر، لتستنتج أن التخفيض الذي أحدثه يستثني سلع هذا الموسم، وإنما يقتصر على سلع خردة تعود للأعوام الماضية، وهي خدعة أغلب التجار الذين يصرفون بضاعتهم الكاسدة، تحت غطاء الصولد كل نهاية صيف.

ملصقات صولد ليكيداسيون، تخفيضات تصل 50 بالمائة، هي أهم ما رصدناه من أغلب محلات العاصمة، التي رفعت شعار الصولد، وهو ما اعتاد عليه المستهلك في مثل هذا الوقت من كل عام على بدء موسم التخفيضات الموسمية التي تطال الألبسة والأحذية وبعض الأثاث والأجهزة الكهربائية وغيرها من المواد الأساسية والكمالية التي يعتمد عليها المستهلك في حياته، غير أن أغلب الزبائن أجمعوا أنه لا توجد فروقات حقيقية في الأسعار قبل وبعد التخفيضات، أين يطال التخفيض فقط الألبسة البالية والتي تعود للموسم الماضي، وهو ما يؤكد غياب ثقافة التخفيضات الموسمية ببلادنا، والتي باتت حيلة يستعملها التجار لجلب الزبائن لا أكثر.
فالمتجول في مختلف محلات الملابس والأحذية هذه الأيام يلاحظ الشعارات البراقة التي زين بها التجار واجهات محلاتهم لإبراز عروض التخفيضات التي تبنوها، فبين من يضع نسبة التخفيض التي حددها على منتوجاته وبين من كتب عبارات صولد على واجهة المحل أو على الملابس والأحذية، فضل آخرون شطب الأسعار القديمة وتعويضها بأسعار الصولد الجديدة بتخفيضات قد تصل حدود 70 بالمائة.

ألبسة أَكَلَ عليها الدهر وشرب
أولى المحلات التي دخلناها بشارع أودان بالعاصمة، حيث كانت السلع في فضاءات البيع جد متراكمة والزبائن المقبلين عليها كذلك كثر، غير أنهم يصطدمون بتخفيض بسيط غير المعلن عنه، على واجهة المحل، وهو ما علق عليه أحد الزبائن الذي قال إن التجار يعلنون عن تخفيض 40 و50 بالمائة، لتجد أن ذلك التخفيض يمس فقط السلع القديمة، في حين السلعة الجديدة، تخبأ للموسم المقبل، في حين يطال تخفيض لا يفوق 10 بالمائة، بعض السلع غير محسوبة على المودة على حدّ تعبيره، اقتربنا من بعض الباعة الذين برروا هذه التخفيضات الوهمية، تفاديا للخسارة، أين قال أحدهم، لو طبقنا التخفيض على كامل البضاعة لخسرنا الكثير، لاسيما ماتعلق بالملابس التركية والفرنسية، أما الزبائن فقد كانوا يشترون بكل سذاجة حتى ولو كانت قديمة، وكأنهم في سباق كبير، لاسيما النسوة اللواتي كن في أغلب الأحيان يتشاجرن على الظفر بالسلع، والذين يفضلون اقتناء ملابس الصيف تحسبا للموسم القادم، مغتنمين فرصة التخفيضات.

تخفيضات وهمية تصل حدود 70 بالمائة
ملابس، أحذية وحقائب بمختلف الأنواع والأشكال، هي المنتوجات التي عرضت هذه الأيام للصولد في فترته الشتوية لهذه السنة، والتي انطلقت منذ منتصف جانفي، ممتدة إلى أواخر الشهر الجاري والتي استحسنها الكثيرون، فيما رأى آخرون أن التجار يستغلون الفرصة فقط لبيع سلعهم القديمة والبالية ويوهمونهم بسياسة تخفيضات بنسب معينة، غير أن الواقع عكس ذلك، سياسة التنزيلات أو التخفيضات تلك والتي انتهجتها مختلف المحلات التجارية للتخلص من سلعهم الصيفية قبل أسابيع قليلة من انقضاء موسم الصيف والتحضير لموسم بارد، يسبقه موسم الخريف، وما يليق به من ألبسة، جعل الكثير من الزبائن يتهافتون على تلك المحلات ويقبلون على مختلف السلع، خاصة تلك التي تتبنى تخفيضات مغرية، حيث يقول زينو صاحب محل للأحذية النسوية ببلوزداد، أنه اعتمد على تخفيض قدره 40 بالمائة على منتوجات هذه السنة، بينما فاقت نسبة التخفيض 60 بالمائة على سلع قديمة تخص السنة الماضية، والتي لم يتمكن من بيعها ساعتها، أما عثمان تاجر الألبسة النسائية، وضع الأسعار القديمة للسلع وبجنبها الأسعار الجديدة المخفضة في تخفيضات من 400 ألف إلى 700 ألف دينار كحجم التخفيض. وما شد انتباهنا أكثر هو محل للأحذية بشارع حسيبة، والذي اعتمد صاحبه على تخفيضات مغرية جدا، حيث أن سعر الحذاء الصيفي مهما اختلف شكله بـ 1500 دج، بينما الزبون الذي يشتري حذائين فينزل السعر إلى 2500 دج، في حين من يشتري ثلاثة أحذية فالسعر ساعتها يكون 3000 دج، حيث يكتظ محله بمختلف الزبائن الذي يعيق عليك اختيار ما يناسبك، هذا ما عبرت عنه ريمة والتي استحسنت كثيرا هذا العرض المغري في نظرها، إلا أنها لم تجد مقاسها بين سوق الأحذية تلك، لتخرج خاوية اليدين علّها تجد فرصة أخرى في محل آخر.

ملابس بالية وأحذية خردة
أثناء تجوالنا بين المحلات، لاحظنا بعض التجاوزات لبعض التجار في حق الزبائن، حيث يقومون بعرض بعض السلع لا قيمة لها بأثمان باهضة، والأشياء المعروضة للتخفيض تكون غالبا عبارة عن ملابس تغيرت ألوانها نتيجة الغبار وأشعة الشمس، كونها عرضت كثيرا بواجهة المحلات أو أحذية يبست جلودها بسبب كثرة عرضها في المحل، وفي كومة العرض أيضا تستطيع أن تجد فردة حذاء ضيعت أختها أو تجد بعض الملابس محروقة أو ممزقة فكل شيء قابل للبيع، فالمصابين بالحساسية ممنوع دخولهم إلى المحلات في أيام التخفيضات، لأن حالتهم سوف تزداد سوءا نتيجة تراكم الغبار المسيطر على أغلب السلع المعروضة، حيث أكدت لنا إحدى السيدات التي التقين بها بأحد المحلات، أنها تفاجأت لحجم الوسخ الذي طال الملابس والأحذية المعروضة للبيع، وأردفت قائلة لا تستطيع حتى ملامستها بيدك، خردة كبيرة مكسوة بالوسخ والغبار، لا يعقل أن يعرض التجار هذه السلع التي تصلح فقط للرمي.

زبائن لا يكترثون
مع أن الكثير من المواطنين يستحسنون مواسم الصولد وينتظرونها بفارغ الصبر، إلا أن البعض منهم لا يكترثون بها بتاتا، ويرون أن التخفيضات تلك لا تتم إلا على مخزون السلع البالية والقديمة والتي لم يتمكن التاجر من بيعها في وقتها، وفي السياق تقول مريم التجار يستغلون فترة الصولد لعرض منتوجاتهم التي تعود لسنوات ماضية وتقريبا لا يعرضون سلعا ذات جودة عالية ويفضلون تخزينها للموسم المقبل على أن يعرضونها بتخفيضات، أما نسب التخفيضات التي يعلنها التجار فهي عادة تخفيضات وهمية، وعندما تسأل عن ثمنها تجد التخفيض لا يتعدى 20 بالمائة أو أقل، في حين أن التاجر كتب تخفيض 50 بالمائة.
وعكس مريم، ترى أمينة في فترات الصولد الصيفية أو الشتوية فرصة ذهبية لاقتناء ملابس وأحذية ومختلف الأشياء بأسعار منخفضة عن أسعارها الحقيقية، لاسيما أنها لا تهتم كثيرا بعالم الموضة والأزياء، ما جعلها تختار مجموعة من القمصان والأحذية الصيفية لاستعمالها في الصيف القادم.
ومن جهة أخرى، يرى أصحاب المحلات أن اهتمام المواطنين بفترات الصولد في بلادنا تراجع كثيرا بالنظر لظروف المعيشة التي يعيشها أغلب المواطنين، حيث تحدثنا لمياء وهي صاحبة محل لبيع ملابس وأحذية الأطفال بأحد أحياء بلوزداد وتقول: ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين اليوم لا يجعلهم يفكرون في اقتناء ملابس وأحذية وادّخارها للموسم القادم، رغم انخفاض أسعارها، فنحن ننتهج تقول- سياسة الصولد منذ منتصف شهر أوت، إلا أن إقبال الزبائن قليل جدا حتى الساعة.

تجار يجهلون قانون التخفيضات
ولدى تقربنا من بعض التجار، أكد لنا بعضهم أنهم يجهلون قانون الصولد، والذي يلزم التاجر بأخذ ترخيص لإجراء تخفيضات على سلعهم سواء ما تعلق بفترات التخفيضات الموسمية وهي مرتين في السنة أو ما تعلق بالتخفيضات الخاصة بتصريف بضاعة التاجر، مع أن البيع بالتخفيض قد تم تقنينه في الجزائر منذ سنة 2006 بموجب المرسوم التنفيذي 06/215، إلا أن الكثير من التجار يجهلونه، وفي هذا الصدد، يقول مروان صاحب محل لبيع الملابس النسوية لا علم لي بهذا القانون الذي يلزمنا بوضع ملف والانتظار لموافقة مديرية التجارة على التخفيضات، فأنا شخصيا يقول- أقوم أحيانا ببعض التخفيضات ولا أشعر أي جهة، أعلم فقط الزبون أن السلعة تعرف تخفيضا معينا، من جهة أخرى يفضل الكثير من التجار الاحتفاظ ببضاعتهم للسنة المقبلة، على أن يعرضونها بأسعار منخفضة، حيث يرى أحد التجار أنه يحتفظ بمنتوجاته الصيفية لهذه السنة إلى الصيف المقبل ولا يبيعها بسعر منخفض لاسيما ما تعلق ببعض السلع ذات الجودة العالية وذلك تفاديا للخسارة


الجزائر كنز للاجئين الأفارقة

تفاجأ زبائن كانوا متواجدين بمحل هاتف عمومي بالقبة بالعاصمة من دخول لاجئ إفريقي، من أجل استبدال مجموعة كبيرة من القطع النقدية بأوراق مالية من فئة الألف والألفي دينار، وما زاد من تفاجؤهم هو كلامه في الهاتف النقال، الذي كان يحمله مع احد معارفه ببلده الأصلي، وهو يطلب منه المجيء إلى الجزائر، لأنه يوجد بها الكثير من المال، فهل فعلا الأفارقة هم في رحلة البحث عن الأمان ولقمة العيش بعيدا عن الحروب، التي تعرفها بلدانهم، أم للحصول على ربح سريع؟


"أ بي وي تيبــــــــازة” ضد الصحافة المكتوبـة

من غرائب ما يحصل بولاية تيبازة، أن المجلس الشعبي الولائي قام بتنظيم يوم دراسي
المشاهدات : 48
0
0
آخر تحديث : 23:13 | 2014-09-14
الكاتب : البلاد. نت
المجلس الشعبي الولائي

من غرائب ما يحصل بولاية تيبازة، أن المجلس الشعبي الولائي قام بتنظيم يوم دراسي حول علاقة المنتخبين بالصحافة ووسائل الإعلام.
ولم يقم بدعوة ممثلي الجرائد الوطنية بالولاية واكتفى بدعوة الإذاعة الجهوية بتيبازة، وكأن المنتخبين المحليين ليس لهم علاقة إلا بالإذاعة في معالجة القضايا التنموية، مما أثار حفيظة الأسرة الإعلامية بالولاية.
فهــــل سيستثني مسؤولو الولايـــة الصحـــافة المكتوبة من زيارات وزراء الحكومـــــة.

جيجل /تصاعد وتيرة الاحتجاجات بعاصمة الكورنيش

سكان «أفتيس» بالعوانة يقطعون طريق الكورنيش

 


تتواصل الإحتجاجات لصاخبة بعدة مناطق من عاصمة الكورنيش جيجل ، حيث وبعدما شل أمس الأول سكان بلدية بني ياجيس الحركة على الطريق الوطني رقم (77) الرابط بين جيجل وسطيف انتقلت عدوى الإحتجاجات أمس إلى الجهة الغربية من الولاية وتحديدا إلى بلدية العوانة التي احتج بها المئات من المواطنين على أزمة النقل المدرسي التي تطارد أبناءهم
م.مسعود

وقد خرج في ساعة مبكرة من صبيحة أمس العشرات من سكان منطقة «أفتيس» ببلدية العوانة التي تبعد بنحو (25) كلم إلى الغرب من عاصمة الولاية جيجل الى الطريق الوطني رقم (43) الذي يربط ولايتي جيجل وبجاية قبل أن يقوموا بغلق الطريق أمام حركة المرور متسببين في شل الحركة بين الولايتين السادسة والثامنة عشرة . وقد رفع المحتجون شعارات منددة بأزمة النقل المدرسي التي يعيشها تلاميذ «أفتيس» والتي وضعت المستقبل الدراسي لهؤلاء التلاميذ على كف عفريت مطالبين السلطات بالإسراع في ايجاد حل لهذه الأزمة التي تعود الى الموسم الماضي بدليل أن سكان ذات المنطقة سبق لهم وأن أغلقوا الطريق المذكور لمرتين متتاليتين خلال الموسم الدراسي المنقضي من أجل توفير وسائل النقل لأبنائهم دون أن تتحقق أمنيتهم التي ظلت معلقة رغم وعود المسؤولين مما جعل كأس الصبر يفيض بالنسبة لسكان أفتيس الذين نددوا بتجاهل المسؤولين لمطلبهم واستخفاف هؤلاء بمصير أبنائهم الذين باتوا يكابدون الويلات من أجل الوصول الى مؤسساتهم التعليمية . وجاءت هذه الحركة الإحتجاجية بعد (24) ساعة فقط من الحركة المماثلة التي شنها سكان بلدية بني ياجيس والتي أغلقوا على اثرها الطريق الوطني رقم (77) الذي يربط  ولايتي جيجل وسطيف وهو مايزيد من لهيب الجبهة الإجتماعية بعاصمة الكورنيش بعد الهدنة التي دخلتها بمناسبة العطلة الصيفية.


http://bu.umc.edu.dz/theses/histoire/AMAA2466.pdf



يبقى هذا الجدار ببلدية الياشير، غرب ولاية برج بوعريريج، منهارا منذ أزيد من سنة، بعد تضرره من الأمطار الغزيرة، التي تسببت في سقوطه بتاريخ 9 سبتمبر 2013، ومنذ ذلك التاريخ وهو ينتظر تحرك مسؤولي البلدية لإصلاحه وإعادة بنائه لتحسين صورة المدينة، إلا ان البلدية تبقى منشغلة بأمور أخرى، وكأن الأمر لا يعنيها.
http://www.wakteldjazair.com/media/image_revue/image_jour/g1716.jpg

ليست هناك تعليقات: