رممت نقوش بوابة قصر الباي و قلة الفرص جعلتني أبدع في قوالب سيد الصينية القسنطينية "المقروض"قال
الحرفي المبدع في نقش الخشب برهان بن أحمد في لقاء جمعه مؤخرا بالنصر،بأن
فرص إبراز مواهبه لم تتاح له بعد ،والقليل المتاح منها كان على شكل باطن
،كما هو الشأن بتكليفه بصيانة وترميم الباب الخارجي لقصر أحمد باي بقسنطينة
و كذا باب آخر داخلي، من طرف مقاول.
مضيفا:" صادفت عروضا ذات مردود كبير جدا لكنني رفضتها بعقلية الفنان
الموهوب الذي يظل دائما يكافح في الخفاء ،مما جعلني أتجه إلى الإبداع في
قوالب سيد الصينية القسنطينية "المقروض".
برهان يقول أنه تمكن من تطوير
القوالب،التي تعتمد على النمط البربري والإبداع فيها بإضافة "رأسين"إلى
الستة المعروف بها الشكل القسنطيني مع إضفاء لمسة جمالية خاصة ،وهذا بالبحث
والمقارنة مع قوالب نفس الحلوى،في كل من تونس وسوريا وكذا تركيا،مع جعل
الحبة الواحدة أكبر والقالب الوحيد يحمل عدة نماذج وأشكال مختلفة،لمجموع
القطع الثمانيةالتي يضمها كل نموذج.
الهدف هو تغيير الصورة النمطية
الموحدة لحبات الحلوى التقليدية و إضفاء شيء من الإبداع عليها ويتميز
النموذج الذي يصنعه برهان يدويا بعدم التصاق العجين به، عكس النموذج
المصنوع في الصين الذي أغرق السوق. هذه الميزة جعلت الطلب يتضاعف على
قوالب هذا الحرفي رغم ارتفاع سعرها، لكن ضيق المحل الذي يشتغل به و الكائن
وسط ساحة سيدي الجليس بالمدينة القديمة ،جعله يعجز عن تلبية كل الطلبيات .
برهان
أضاف بأنه تمكن من الدعاية و الترويج لمنتجه الجديد بعرضه لشهور طويلة في
أحد الأزقة القريبة من سوق العاصر الشعبي وسط المدينة، في نوع من الإصرار
على النجاح،وكان له ذلك، وأصبح يقوم بعمله تحت الطلب. إلى جانب قوالب
"المقروض" الجديدة ، يقوم هذا الحرفي بترميم شتى أنواع الأثاث القديم من
طراز لويس الـ 14 و15و16،سواء الكراسي و الأرائك و التيجان و خزانات
الثياب،كما يجيد النقش على الخشب بمختلف أنماطه من الأرابيسك،و
الموريسك،وكذا النموذجين،المغربي والمصري.
كما يتقن محدثنا صناعة مختلف
أدوات و تحف الزينة و الديكور و الآلات الموسيقية المصغرة ،على غرار العود
والقيثارة و المندولين،والتي كان يقايضها في تونس في فترات شهدت السياحة
فيها أوج نجاحها مع تجار مقابل بعض قطع صناعة وترميم مختلف الآلات
الوترية،ليتوقف كل ذلك بسبب عدم امتلاكه ورشة تسع نشاطاته
المتعددة .
تنقل هذا الحرفي المستمر حال دون استقراره،كما أن الظروف المادية التي
يعانيها على غرار معظم الحرفيين حالت دون تجسيد مشاريعه الكثيرة لكنه
ينتمي إلى تلك الفئة التي تبقى متمسكة بشغف بهذا النشاط الذي تعلمته ممن
سبقوها من شيوخ وأساتذة،كما هو الشأن لعروف وروباش محمد اللذين فتحا ورشة
خاصة للتكوين.و أكد محدثنا بأنه كان ضمن تلاميذهما الذين أتقنوا الحرفة
وتهاطلت عليه طلبات العمل لكن معظمها كانت تهدف إلى استغلال موهبته لتحقيق
الربح لا غير .و شدد بهذا الخصوص :"بما أنني مبتكر لنماذج خاصة بي رفضت
ذلك وكلي أمل أن تتاح لي فرصة أبرز فيها على الرغم من أنني مقتنع بأن
الفنانين الحقيقيين،مصيرهم دائما واحد ومعروف وهو التهميش".
برهان يطلب
من القائمين على تطوير والمحافظة على هذا الموروث الفني و الحرفي منحه مقرا
خاصا به، يكسب فيه رزقه ويورث الحرفة لمن لديه موهبة فيها،حفاظا
عليها.مشيرا إلى أنه وضع ملفا في إحدى الإدارات المهتمة بهذا القطاع.
في
انتظار الرد يظل يحلم بالخروج من دائرة الظل إلى فضاءات النور حيث يمكن أن
يبرز مواهبه و قدراته في حرفة قل من يجيدها لأنه ـ كما أكد ـ بلغ درجة
الإبداع فيها.
ص.رضوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق