متمهلون طباعة إرسال إلى صديق
الاثنين, 03 فبراير 2014
عدد القراءات: 87
تقييم المستخدمين: / 1
سيئجيد 
أحبها الشعب وبات يطالب بها في كل مكان، وتجاوب المسؤولون مع حب الشعب لها فأحبوها وسارعوا إلى توفيرها كلما نادى الشعب بها. انتشرت بسرعة في كل أنحاء البلاد بأشكال مختلفة. أحبّها الناس وصاروا يرون مصيرهم ومصير أبنائهم مرتبطا بها. هي رمز الاستقرار ونقيض المغامرة غير المحسوبة: لدينا كل الوقت فلماذا نسرع نحو المجهول. شعب غير متسرّع شعب لا يموت أبدا، ونحن أخذنا حظنا من الموت. هي كتلة صمّاء لكنّها تدرّب الناّس على النظام وتنتقل من الطرقات إلى الرؤوس في برمجة آلية يستدخلها المستخدم بالممارسة أو حتى بالمشاهدة، يطالب بها المواطن الغاضب في الطريق فتنتقل إلى رأسه. ينصح بها المعلّم والإمام والسياسيّ. يتحقّق بشأنها وفاق وطني غير مسبوق. هي صمّام الأمان والحارسة من لؤم مجهول يدبّر مكائده في المنعطف. تُسجّى في الشوارع كقبور  لتذكّر "الموتى الذين لم يموتوا بعد" بأن الحياة قليلة وجديرة بأن نتمهّل ونحن نمضي فيها لنتذوّق متعتها. قبور صغيرة. قبور كبيرة. نصائح مجانية لتأخير الموت. هي ليست ذكرا ولا أنثى. الفروق لم تعد كبيرة بين الصفتين. هي حاجز في الطريق وخاصية في الأفراد و الجماعات. وربما اجتهد الدارسون في الحفر عن جذورها في ثقافتنا السحيقة، وربما القى محلّلون على الطاولة بمقولات من نوع أنها تنحدر من شجرة المنع التي تجعل من الكبح آلية في الاجتماع. وقد يسرفون في هجائها والدعوة إلى تحطيمها. لكن مساعيهم ستخيب بكل تأكيد مثلما خابت كل المشاريع المغرضة التي استهدفت الأوضاع القائمة منذ قرون من أطفال مارقين يحسبون أنهم سيزيلون الظلمة بمصابيحهم الخافتة.
نعم يحبّها الشعب ويطالب بها ويرى حياته مستحيلة بدونها. هي قيد متأخر لا يُصنع في ورشات الطغاة بل يتدبّر شأنه المعنيون به ويمدون أيديهم نحوه بطواعية.
يريد الشعب الدودانات و مفردها دودانة وتعريبها ممهّل. تشير، مثلا، إلى فشل شعب في السير على الطريق. و قد تشير إلى رغبة الناس في التشبّه بالدواب المعدنية التي تسمى مركبات فيثنونها عن سيرها كي لا تثنيهم عن رغبتهم. تشير، وقد تكاثرت، إلى خلل في النظام وتشاؤم في التوقع وعدم القدرة على ضبط النفس.
تنتقل من الطريق إلى الرأس. تُزال بسهولة من الطرقات لكن تصعب إزالتها من الرؤوس.
سليم بوفنداسة