فيما يلجأ كبار السن إلى " الأسيد" و العمليات التجميلية لإزالتها طباعة إرسال إلى صديق
الجمعة, 21 فبراير 2014
عدد القراءات: 128
تقييم المستخدمين: / 0
سيئجيد 
«الرجلة» يفضلون «التعراش» بالسجون و الوشم للمولعين بالموضة
يسجل المجتمع الجزائري عودة قوية لظاهرة الوشم فوق أجساد الشباب في السنوات الأخيرة، بعد تراجع لسنوات ميزتها الصحوة الدينية، و بروز صنف جديد يعرف بـ"التعراش" الذي يصنع داخل السجون، كأسلوب جديد للتعبير عن «الرجلة» عوضا عن الوشم. الوشم أو تلك الرسومات التي تظهر فوق أنحاء مختلفة من الجسد، و بعد أن كان مركزها المميز في نظر عشاقها هو الذراع أو الكتف،تغيرت التوجهات اليوم و بات استقرارها ممكنا في أي مكان سواء كان ذلك فوق الصدر أو الرقبة ،باستعمال وسائل أكثر تطورا من الإبرة و الكحل اللذين كانا المادة الأساسية في أشغال الواشمين القدامى الذين كانوا يهدفون لإبراز جمال المرأة عن طريقه، فيما يعبر بواسطته الشباب عن قوتهم. تزايد عدد الشباب الواشمين في مجتمعنا، و هم يتنقلون خاصة في فصل الصيف بقمصان بدون أكمام و يعمدون إلى إظهار رسومات إيحائية، البعض منها يعبر عن حالة نفسية و البعض الآخر عن وضعية عاطفية أو حتى الانتماءات العرقية، فبعد غياب ملفت لهذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، عاد اليوم ليحييها شباب يرى فيها حرية شخصية للتعبير،عما يختلج صدر كل واحد منهم بعد أن فضل تحويل جسده إلى لوحة يرسم فيها كل ما يريد دون أن يتدخل أحد و إن كان الوالدان في بعض الأحيان.
الوشم لم يعد مرادفا «للرجلة» بالجزائر
لطالما اقترن مصطلح «الرجلة» بالوشم، و كان جميع الشباب القوي الذي لا يخاف أحدا يتعمد وضع رسومات كثيرة و مخيفة كالأفعى و النسر فوق جسده من أجل الإيحاء بأن من يقترب منه سيلقى عقابا شديدا، لكن النظرة اليوم قد تغيرت حسب ما لمسناه في أوساط بعض الشباب الذين أجمعت الغالبية منهم على أن الوشم بات مرادفا لعبارة الموضة أكثر من «الرجلة» ،كما يقول الشاب سفيان الذي يضع وشما لزهرة فوق معصمه، خاصة مع تناميها في المجتمعات الغربية، و بما أن المجتمع الجزائري يقلد أكثر مما يتحفظ، فقد عاد الوشم للبروز بصورة جديدة في نظرهم،فتماشيا مع تطورات العصر و الموضة أصبح الشاب الجزائري يقلد فيها المشاهير من فنانين و لاعبي كرة القدم العالمية و الأوروبية خاصة في تلك الرسومات المختلفة التي باتت تغطي كامل أجسادهم.
و قالت مجموعة من الشباب بأن تعمد بعض اللاعبين الجزائريين الدوليين لوضع الوشم في الفترة الأخيرة كحارس المرمى «رايس مبولحي»، قد شجع الكثيرين على تقليده، فضلا عن اللاعبين الأوربيين الذين يغطون أجساد الغالبية منهم بشكل شبه كلي و عمد البعض منهم إلى كتابة اسمه بالعربية رغم أنهم ليسوا عربا ،مثلما فعل لاعب فريق باري سان جيرمان البوسني «زلاطان ابراهيموفيتش»، و الذي قام بنسخ اسمه فوق ذراعه باللغة العربية.
«تعراش» السجون بديل فعال للوشم
لا يختلف اثنان على أن السجون ظلت لسنوات طويلة المؤسسة المنتجة للوشم بالجزائر، فقد كان كل من يدخلها لا بد و أن يخرج برسم في مكان ما من جسمه تعبيرا عما يعرف بـ»الرجلة» التي تقترن بطبيعة الحال بدخول السجن في نظر الكثيرين، أو تعبيرا عن المعاناة بهذا المكان و افتقاد الأشخاص الذين يحبهم ،  غير أن الأمور قد بدأت تأخذ منحى مغايرا في الفترة الأخيرة، بعد أن شاع الوشم و أصبحت شريحة واسعة تبحث عن بديل له يعبر عن الرجولة بقوة أكبر.
كثيرة هي تلك الندوب و الآثار بالأذرع أو الوجوه و حتى الصدور و الرقاب التي نلاحظها لدى بعض الأشخاص، لكن لا نعلم حقيقتها و نرجح أنها  ناتجة عن حادث أو اعتداء بالسلاح الأبيض، غير أن من يعملون  داخل السجون يؤكدون بأنها ظاهرة جديدة من أجل التميز لدى المساجين و ابداع آخر منهم يقومون بإنتاجه داخل العنابر و الزنزانات، و هو ما أطلقوا عليه اسم «التعراش» و الذي يعني خلق ندوب على مستوى الجسم باستعمال آلة حادة يحرص على جمعها فيما بينها لتبدو كبقعة كبيرة مشوهة تعبر في نظرهم عن «الرجلة» و القوة بشكل أفضل.
و مع «التعراش»، لم تنف مصادرنا ،بأن الوشم لا يزال موجودا في هذه الأماكن و الذي يبقى يشكل خطرا على حامله أكثر من التعراش بالنظر للوسائل المستعملة و التي تنتقل من سجين لآخر دون تعقيمها، و هو ما يفسر خروج الكثيرين من السجون حاملين لأمراض خطيرة و معدية خاصة تلك التي تنتقل عن طريق الدم.
كبار السن يلجأون إلى «الأسيد» و الكي و العمليات التجميلية لإزالة أوشام منبوذة و محرمة
من المعروف أن سنوات السبعينيات قد صاحبتها موجة هائلة للوشم في أوساط الشباب الذين تفننوا على أجسادهم، بالإضافة إلى الشيوخ و العجائز الذين كان من النادر جدا أن ترى وجوههم بدون وشم منذ فترة الاستعمار من أجل تنفير المستعمر من تلك الخطوط خاصة بالنسبة للنساء، و مع الصحوة الدينية التي أيقظت ضمير هؤلاء و نشرت الوعي، قرر الكثيرون درء تلك الرسومات المنبوذة في مجتمعنا المعروف بالتحفظ خاصة في الأمور المحرمة دينيا، فقد لجأ عمي عمارمثلا صاحب الخمسين ربيعا، إلى استعمال قطرات الأسيد لتغطية ما اعتبره عارا وضعه له أحد أصدقائه مع جهله أنه محرم و ذلك بعد فترة قصيرة من وضعه، و هو من حدثنا عن طرق كثيرة للتخلص منه كالكي بقطعة حديد ساخنة جدا تشوه مكان الوشم.
شاب آخر أكد لنا بأنه قام بوضع وشم فوق ذراعه، غير أنه تفاجأ برفضه عندما تقدم إلى قوات الجيش الشعبي الوطني من أجل التجنيد في صفوفها، و هو ما كان وراء قرار إزالة الوشم مستعملا في ذلك طريقة تقليدية بكي المكان الذي أصبح كالجرح، ليتمكن فيما بعد من تحقيق حلم ظل يراوده.  و أضاف بأن الشباب يذهب ضحية اغراءات أقرانهم من المنحرفين الذين يشجعون على مثل هذه السلوكات و هي التي تقف عقبة في حياة من يعتمدها بداية من العمل الذي يحرم منه لهذا السبب، و وصولا إلى تكوين أسرة برفضه من قبل العائلات المحافظة و نظرة المجتمع المحقرة له حتى من قبل المقربين إليه لكون الوشم يشكل عارا يبقى يلاحقه مادام موجودا فوق جسده.
يقول بعض الشباب بأن كثيرين ممن عجزوا عن اجراء عمليات تجميلية باستعمال تقنية الليزر قد لجأوا لتغطية رسوماتهم التي تنفر الجميع منهم حتى المقربين منهم عن طريق الأكمام الطويلة و إن كان ذلك في فترة الحر، أو استعمال قطع من القماش يضعونها فوق معاصمهم على الدوام لكي لا تظهر للعيان، أما من توفر لديه المال، فعيادات التجميل أصبحت توفر هذه الخدمة التي تستغرق وقتا بحسب نوعية الوشم  و الألوان المستعملة فيه، علما بأن بعض أنواع الوشم الذي أدخلت عليه تعديلات و بحسب شهادة أهل الاختصاص يصبح من الصعب إزالته بشكل نهائي.
و بغض النظر عن معنى الوشم ، فإن شبابنا يقلد في أحيان كثيرة دون وعي لرسومات و أشكال قد تكون لتوجهات عرقية أو سياسية لا تمت بصلة للمجتمع الجزائري، ليضاف الوشم إلى تعديلات جسمانية كثيرة لشبابنا بعد القرط في الأذن و نمص الحاجبين، و حتى تلك التسريحات الغريبة و بعض الألبسة التي ينهى ديننا عن ارتدائها، دون أن نغفل بأن الظاهرة التي كانت ميزة لدى العجائز، بدأت في التغلغل في أوساط شريحة معينة من الفتيات اللائي يبدأن باستعمال «الحرقوص» أو الحنة، قبل التحول إلى ترسيخ رسومات تزينية في نظرهن باستعمال الوشم.

إ.زياري