الثلاثاء، يونيو 10

الاخبار العاجلة لمطالبة ائمة مساجد الجزائر بجواز افطار عاهرات الجزائر في رمضان بسسب توظيف اعضائهن التناسلية في اغراض تجارية ويدكر ان ائمة المساجد يؤدون صلاة الميت على عاهرات الجزائر في المقابر وبدلك يخرقون القوانين السماوية ويدكر ان عاهرات الجزائر يستغلن الحجاب الاسلامي كوسيلة امنية لضمان الحماية الاجتماعية امام دئاب المجتمع الجزائري في الشوارع الجزائرية الجنسية سريا والاسباب مجهولة


اخر خبر
الاخبار  العاجلة لمطالبة ائمة مساجد الجزائر بجواز افطار عاهرات الجزائر في رمضان بسسب توظيف اعضائهن التناسلية في اغراض تجارية ويدكر ان ائمة المساجد يؤدون صلاة الميت على عاهرات الجزائر في المقابر وبدلك يخرقون القوانين السماوية ويدكر ان عاهرات الجزائر يستغلن الحجاب الاسلامي كوسيلة امنية لضمان الحماية الاجتماعية امام دئاب المجتمع الجزائري في الشوارع الجزائرية الجنسية سريا والاسباب مجهولة
اخر خبر
الاخبار العاجلة لخلط الصحافية حياة بوزيدي بين الصحافية الغائبة سهام سياح والصحافية الحاضرة الهام بن حملات في نشرة المنتصف باداعة قسنطينة والاسباب مجهولة

اخر خبر
الاخبار العاجلة لمطالبة رجال القانون في الجزائر بتغيير عبارة الفعل المخل بالحياء الى عبارة استغلال الاعضاء التناسلية الانثوية لاغراض تجارية والاسباب مجهولة
اخر خبر


الاخبار  العاجلة لمطالبة ائمة مساجد الجزائر بجواز افطار عاهرات الجزائر في رمضان بسسب توظيف اعضائهن التناسلية في اغراض تجارية ويدكر ان ائمة المساجد يؤدون صلاة الميت على عاهرات الجزائر في المقابر وبدلك يخرقون القوانين السماوية ويدكر ان عاهرات الجزائر يستغلن الحجاب الاسلامي كوسيلة امنية لضمان الحماية الاجتماعية امام دئاب المجتمع الجزائري في الشوارع الجزائرية الجنسية سريا والاسباب مجهولة






















































































































































































































https://www.facebook.com/nass.constantine/photos_stream


"الجمهورية" تعود الى موقع الحادث المأساوي بحي "كارطو"
الخبرة التقنية الجديدة تثير استياء سكان شارع الجرف
المصور : ع.بوطيبة

عبرت 10 عائلات تقطن ب 27 شارع الجرف بحي كارطو عن تذمرها و خيبة أملها من التقرير الجديد الذي أعدته مصالح المراقبة التقنية للبنايات و الذي يصنف مساكنها ضمن الخانة الحمراء غير المعرضة لخطر الانهيار و ذلك على نقيض التقرير الأول المصادق عليه من قبل القطاع الحضري الصديقية الذي كان قد صنف نفس المساكن في تقرير سابق في القائمة الحمراء التي توجب إخلاء هذه الأمكنة.
و أبدت العائلات التي صادفناها أمس غير بعيد من موقع الحادث المأساوي الذي أباد عائلة من أربعة أشخاص أول أمس الأحد تخوفها و قلقها من تداعيات التقرير الذي فاجأها أمس معبرة عن الخطر الذي يتهددها بين الحين و الأخر متسائلة عن التناقض الصالح بين التقريري
هذا وقد استعرضت ذات العائلات وثائق سلمها إياها القطاع الحضري الصديقية3 و اطلعت الجمهورية عليها مكتوب بالحرف الواحد هذه البناية تشكل خطر على حياة السكان قياسا بتعرضها الدائم لانزلاق التربة في اي وقت
فضولنا دفعنا إلى تفقد إحدى البنايات التي صنفت في الخانة الخضراء والمتمثلة في البناية رقم 27شارع الجرف والذي يأوي 10 عائلات، ليتبيّن لنا وللوهلة الأولى بعد أن رأينا سقف المدخل أن هذه البناية معرضة هي الأخرى لانهيارات مفاجئة، ونفس الأمر بالنسبة للمنازل التي  تعاني أسقفها من تسرب مياه الأمطار، كلّما تساقطت الزخات الأولى. فيما قضت عائلات أخرى تقطن بنفس الحي ليلة أول أمس في العراء خوفا من تسجيل إنهيارات فجائية أخرى.
وكانت السلطات المحلية شرعت في ترحيل 83  عائلة عشية وقوع حادث انهيار  مسكن عائلة "عرباوي" المقيمة بالبناية رقم 37 بشارع الجرف الأبيض الكائن بحي قمبيطة وتحديدا بـ" كارطو" والذي خلّف على إثره وفاة 4 أفراد من عائلة واحدة إلى حي الياسمين "2".






http://www.eldjoumhouria.dz/Images/Tday/2014-06-10.jpg

كم في الحشمة من جمال ..
وكم في الحيـآء من جاذبية ..
وكم في الستر من هيبة ..!
تزداد المرأة جمالاً .. كُلما خفضت عينيها إلى الأرض .. من شدة حيـآئها
الأدب سيرتقي برقي حروفكنّ وصوركنّ !
فالمراة في الإسلام عِرْض وعند الغرب عَرْض
فكُــونـي مَـلِـكَـة
– à Constantine.



https://fbcdn-sphotos-f-a.akamaihd.net/hphotos-ak-xap1/t1.0-9/10440874_641633639255483_5341573219793057504_n.jpg


http://forum.amrkhaled.net/showthread.php?550779-%E3%CF%ED%E4%C9-%DE%D3%E4%D8%ED%E4%C9-%C7%E1%CC%D2%C7%C6%D1%ED%C9-%CA%E1%DE%C8-%C8%E3%CF%ED%E4%C9-%C7%E1%CC%D3%E6%D1-%C7%E1%E3%DA%E1%DE%C9-%E6%E3%CF%ED%E4%C9-%C7%E1%DA%E1%E3-%E6%C7%E1%DA%E1%E3%C7%C1

لتعريف بمدينة قسنطينة



الموقع الجغرافي:



تقع مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري على كثلة صخرية محاطة بسلسلة من الجبال يخترقها وادي الرمال.
تتوسط مدينة قسنطينة اقليم الشرق الجزائري الذي يعتبر أحد الأقاليم الاقتصادية والعمرانية الرئيسية في البلاد وتتربع على مساحة تقدر ب 18.168 هكتارا
ويسكنها اكثر من 700.000 نسمة.

المناخ:



بحكم موقعها حيث توجد قرب الصحراء والبحر الأبيض المتوس فإن منا مدينة قسنطينة مناا شبه قاري يمتاز بالخصائص العامة لهذين المناخين حيث يكون
الطقس شتاءا باردا تتساق فيه الأمطار والثلوج نسبيا.
موسم المطر قصير لا يتجاوز الاربعة أشهر في السنة.وبمعدل 600م سنويا.ويكون حارا وجافا في فصل الصيف.


لمحة تاريخية:



مدينة قسنطينة ذات تراث حضاري عريق وتاريخ زاخر بالبطولات والامجاد سكنها الانسان منذ العهود القديمة لاجل ذلك انها كانت من اهم وأقدم المدن
الجزائرية وافريقيا الشمالية لما لها من تاريخ حافل وحضارة راقية وتراث مزدهر منذ فجر التاريخ اذ كل طبقة من طبقات أرضها تضم في طياتها عهدا من
العهود وحضارة من الحضارات المتوالية التي عرفتها المدينة(اليونانية- الرومانية -البيزنطية - الوندالية - الاسلامية) وابان فترة حكم العثمانين كانت مدينة
قسنطينة ثاني مدينة بعد العاصمة حيث كانت عاصمة المقاطعة الشرقية "بايلك الشرق" وعرفت في هذا العهد ازدهارا ثقافيا واقتصاديا وتطورا عمرانيا كبيرا
خاصة في عهد صالح باي.
واثناء الغزو الفرنسي للجزائر لم يتمكن الجيش الفرنسي من دخولها الا في 13 اكتوبر 1937 وبعد مقاومة شديدة من طرف سكان المدينة تحت قيادة الحاج
أحمد باي دامت سبع سنوات( 1830-1837)


أسماؤها:



عرفت المدينة حضارات على مرور الزمن والعصور واشتهرت بعدة أسماء منها قيرطا - سيرتا وفي (سنة عام 313 ق.م) اطلق عليها الامبراطور الروماني
قسنطنطين الذي قام بتعميرها وتجديد مبانيها اسم قسنطينة نسبة اليه.


المعالم التاريخية:



- تيديس : توجد هذه المدينة القديمة على بعد 20كلم من مدينة قسنطينة.

- الأقواس الرومانية :هذه الاقواس التي توجد بطريق عين الباي
.
- قمة سيدي مسيد: وتقع على ارتفاع 785م وتوجد في الجنوب الغربي قمة شطابة وتعنبر من أهم المرتفعات التي تحيط بالمدينة ونصب بهذا المكان تمثال
"سيدة السلام".

- مغارة الدببة: يقدر طول هذه المغارة ب60م وعرضها ب6 أمتار وتوجد قرب مرتفع النفق الثاني للسكة الحديدية الرابط بين مدينتي قسنطينة وسكيكدة.

- مغارة الاروية ( نوع من المعز ): توجد قرب مغارة الذببة وفي نفس الصخر ويتراوح معدل طولها بين 5 الى 6 امتار وتحتوي على رواسب كلسية.

- صالح باي: هنا كان يوجد منزل صالح باي( 1792- 1771) الريفي والذي شيد على مكان مدينة رومانية ويوجد بصال باي منبع معدني استعمل في
العهد الروماني.

- قصر الباي : بني من رف حاج احمد باي في سنة 1827 أو 1828 وانتهى من بنائه حوالي سنة 1835.


مساجد قسنطينة:

*مسجد الأمير عبد القادر: يعتبر من بين اكبر المساجد في العالم وتتمثل ضخامته في علو مأذنتيه اللتين يبلغ ول الوحدة منهم 107 أمتار.
والى جانب مسجد الأمير يوجد عدة مساجد أخرى بنيت منذ الفت الاسلامي للجزائر واستقرار المسلمين بهاوهي:

* الجامع الأعظم
* جامع سيدي الاخضر
*جامع سيدي جليس
*جامع سيدي علي مخلوف
*جامع رحبة الصوف

الجسور:

بالمدينة أكثر من ثمانية جسور:

* جسر سيدي مسيد
* جسر سيدي راشد
* جسر ملاح
* جسر الشلالات
* جسر باب القنطرة




https://www.facebook.com/media/set/?set=a.523568881061960.1073741857.109820822436770&type=3




http://forum.hwaml.com/t31652.html






http://eso-gregum.univ-lemans.fr/spip.php?article173


سنطينه ( مدينة الجسور المعلقه )




السلام عليكم


مراااحب بالاعضاء الغالييين
في هذا الموضوع سوف نأخذ جولة سياحيه في مدينة قسنطينيه ثالث كبريات مدن الجزائر تعداداً في السكان التي ابهرتني بروعة جمالها الخلاب بالاضافه الى تاريخها الحضاري
خارطه توضح موقعها الجغرافي



قسنطينة هي عاصمة الشرق ، و من كبريات مدن من حيث المساحة وتعداد السكان. تتميز المدينة القديمة بكونها مبنية على صخرة القاسي، مما أعطاها منظرا فريدا يستحيل أن يوجد مثله عبر العالم في أي مدينة. للعبور من ضفة إلى أخرى شيد عبر العصور عدة. ، فأصبح قسنطينة تضم اكثر من 8 جسور بعضها تحطم لإنعدام الترميم، و بعضها مازال يصارع الزمن ، و أسميت قسنطينة مدينة الجسور المعلقة. . على مدينة قسنطينة القديمة و تعلوه الجسور على ارتفاعات تفوق 200 متر.







مدينة الجسور:


نظراً لتضاريس المدينة الوعرة وأخدود وادي الرمال العميق الذي يشقها، أقيمت عليها سبعة جسور لتسهيل حركة التنقل، واشتهرت بعد ذلك قسنطينة باسم مدينة الجسور المعلقة، وهي:
جسر باب القنطرة: وهو أقدم الجسور بناه الأتراك عام 1792 وهدمه الفرنسيون ليبنوا على أنقاضه الجسر القائم حاليا وذلك سنة 1863.


جسر سيدي راشد: ويحمله 27 قوسا، يبلغ قطر أكبرها 70م، ويقدر علوه بـ105م، طوله 447م وعرضه 12م، بدأت حركة المرور به سنة 1912



جسر سيدي مسيد: بناه الفرنسيون عام 1912 ويسمى أيضا بالجسر المعلق، يقدر ارتفاعه بـ175م وطوله 168، وهو أعلى جسور المدينة



جسر صلا ح سليمان: هو ممر حديدي خصص للراجلين فقط ويبلغ طوله 125م وعرضه مترين ونصف، وهو يربط بين شارع محطة السكك الحديدية ووسط المدينة.


جسر مجازن الغنم: هو امتداد لشارع رحماني عاشور، ونظرا لضيقه فهو أحادي الأتجاه.
جسر الشيطان: جسر صغير يربط بين ضفتي وادي الرمال ويقع في أسفل الأخدود.



جسر الشلالات: يوجد على الطريق المؤدي إلى المسبح ويعلو الجسر مياه وادي الرمال التي تمر تحته مكونة شلالات، وبني عام 1928









هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 610x410.


منظر لكلية العلوم وكلية الحقوق



ضريح ماسينيسا


يعتبر ماسينيسا المازيليمن أهم ملوك دولة نوميديا الأمازيغية و من أبطال المقاومة الأمازيغية الذين عملوا على توحيد الممالك الأمازيغية تمهيدا لمقاومة الإحتلال الروماني القادم الى افريقيا الشمالية
توفي ماسينيسا حوالي 148 قبل الميلاد حولي و يوجد قبره الى يومنا هذا في مدينة الخروب بضواحي قسنطينة .
















http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=38820





صالح باي ومكانته في تاريخ قسنطينة
بقلم : أ. محمد هواري
إطلع على مواضيعي الأخرى
[ شوهد : 712 مرة ]
باحث في الأدب العربي المعاصر
صالح باي شخصية تاريخية لها حضورها المتميز في الذاكرة الشعبية لمدينة قسنطينة بالشرق الجزائري، حيث يعتبه صاحب هذا البحث آخر البايات العظام في تاريخ هذه المدينة، ارتبط اسمه بنهايته المأساوية التي ألهبت خيال الشعراء الشعبيين وخلدتها أغنيات شعبية ما تزال مشهورة ومتداولة، بل هناك من يزعم أن سبب ارتداء المرأة في الشرق الجزائري للملحفة السوداء هو الحزن على هذا الباي الذي كانت له مآثر ملحوظة على مدينة قسنطينة .
وعلى الرغم مما كتب في تاريخ الجزائر فإن الفترة التركية منه ظلت بعيدة عن اهتمام الباحثين إلى غاية السنوات الأخيرة حيث تخصص فيه المتخصصون، لهذا يعتبر الأستاذ الدكتور ناصر سعيدوني من خيرة الباحثين الذين عنوا بهذه الفترة ، قدم لنا هذا البحث الفريد حول شخصية صالح باي، الذي أنقله بدوري إلى القراء لتعميم الفائدة بعد التعليق على بعض فقراته وشرح مصطلحاته .
صالح باي ومكانته في تاريخ قسنطينة 1
( 1185 – 1207هـ / 1771 – 1792 م )
تأليف : د .ناصر الدين سعيدوني
تقديم و تعليق : أ.محمد هواري

مقدمة
صالح باي شخصية تاريخية لها حضورها المتميز في الذاكرة الشعبية لمدينة قسنطينة بالشرق الجزائري، حيث يعتبه صاحب هذا البحث آخر البايات العظام في تاريخ هذه المدينة، ارتبط اسمه بنهايته المأساوية التي ألهبت خيال الشعراء الشعبيين وخلدتها أغنيات شعبية ما تزال مشهورة ومتداولة، بل هناك من يزعم أن سبب ارتداء المرأة في الشرق الجزائري للملحفة السوداء هو الحزن على هذا الباي الذي كانت له مآثر ملحوظة على مدينة قسنطينة .
وعلى الرغم مما كتب في تاريخ الجزائر فإن الفترة التركية منه ظلت بعيدة عن اهتمام الباحثين إلى غاية السنوات الأخيرة حيث تخصص فيه المتخصصون، لهذا يعتبر الأستاذ الدكتور ناصر سعيدوني من خيرة الباحثين الذين عنوا بهذه الفترة ، قدم لنا هذا البحث الفريد حول شخصية صالح باي، الذي أنقله بدوري إلى القراء لتعميم الفائدة بعد التعليق على بعض فقراته وشرح مصطلحاته .
صالح باي ومكانته في تاريخ قسنطينة
إن المكانة التي احتلها صالح باي 2 في تاريخ قسنطينة والسمعة التي اكتسبها بين حكام الجزائر في العهد العثماني، والشعبية التي تمتع بها في الأوساط القسنطينية خاصة والشرق الجزائري عامة، تدفع الباحث إلى الاهتمام بأحداث حياته ودراسة جوانب شخصيته وإلقاء الضوء على أعماله في شتى المجالات، وذلك حتى يتبوأ مكانته اللائقة بجانب الشخصيات الجزائرية التي زخر بها ماضي الجزائر المجيد وازدان بها العهد العثماني منه خاصة .
فصالح باي عاش حياة حافلة تميزت باختلاف مراحلها وتباين فتراته، فقد كانت أولاها مرحلة الطفولة والشباب التي عاشها بتركيا مسقط رأسه، أما المرحلة الثانية من حياته فقد ارتبطت أحداثها بمدينة الجزائر حيث التحق بالجيش العثماني، وأخيرا المرحلة الثالثة التي قضاها على راس بايليك الشرق 3 .
ولكي نأخذ فكرة واضحة عن هذه الفترة الأخيرة التي ارتبطت أحداثها بتاريخ قسنطينة، لا بد لنا من الإشارة إلى المرحلتين السابقتين لما كان لهما من تأثير على شخصية صالح باي و ما سيقوم به من أعمال فيما بعد .
فقد ولد صالح باي بمدينة أزمير غرب الأناضول سنة 1137 هـ / 1725 م لأب يدعى مصطفى ينتمي إلى أسرة متوسطة الحال، وعندما ناهز سن السادسة عشرة اضطرته الظروف أن يهجر موطنه الأول ويلتحق بأوجاق 4 الجزائر، حتى ينجو من التعرض للانتقام الذي كان يتهدده إثر تسببه في قتل أحد أترابه دون تعمد .
وقد عمل في أول عهده بالجزائر بمقهى الأوجاق يساعد صاحب هذا المقهى، ولعله اضطر إلى مثل هذا العمل نظرا لصغر سنه وعدم خبرته بالحياة ولجهله بأوضاع البلاد . وعلى كل فإن عملا كهذا رغم تواضعه سمح لصالح باي بأن يتعرف على واقع الجزائر، ويتطلع على طبيعة الحكم وأسلوب الإدارة السائدة بالجزائر آنذاك، فضلا عن أن هذا العمل كان مناسبة تعرف أثناءها صالح باي على بعض رجالات الأوجاق الذين لم يبخلوا بمساندته فيما بعد للحصول على إذن من مجلس الديوان يسمح له بالانخراط في فرقة الأوجاق والالتحاق بعد ذلك بحملة الشرق السنوية المتوجهة إلى قسنطينة قصد المساهمة في تعزيز الحامية التركية بها والمشاركة في جمع الضرائب من الأرياف، ومن الراجح أن هذه الحملة كان يقودها الباي أزرق العيون .
وفي مدينة قسنطينة بدأ صالح باي مرحلة جديدة وخطيرة من حياته، أظهر أثناءها مهارته الحربية وكفاءته التنظيمية ومقدرته الإدارية، مما جعل أحد قواد جيش البايليك وهو أحمد القلي يشيد به ويقدر فيه تلك الخصال العسكرية، التي شهد له بها الجميع أثناء الحملة التي شنها الباي أزرق العيون على تونس ( 1169 هـ ) وهذا ما جعل أحمد القلي عند توليه منصب الباي بقسنطينة ( 1170 هـ / 1756 م ) يبادر إلى تعزيز أواصر الصداقة مع صالح باي حتى أنه زوجه بابنته وولاه قيادة الحراكتة، هذه القيادة التي كانت تسند عادة إلى أهم شخصية بالبايليك بعد الباي، وذلك لشدة شكيمة هذه القبيلة ولوفرة المداخيل التي كانت توفرها لخزينة الدولة .
وقد بقي صالح باي في وظيفة قيادة الحراكتة ثلاث سنوات، اكتسب أثناءها حنكة ومزايا في تسيير الأمور الإدارية ومعالجة المهام العسكرية ، وبعدها تولى مهام منصب خليفة الباي بقسنطينة الذي ظل يشغله لمدة ست سنوات ( 1765 – 1771 ) كان فيها نعم السند لصهره الباي أحمد القلي، وقد ناب عنه في تقديم العوائد الفصلية ( الدنوش الصغرى ) 5 للداي محمد عثمان باشا الملقب بالمجاهد ( 1179 – 1205 هـ / 1766 – 1797 ) وأثناء ذلك اكتسب صالح باي ثقة وتقدير الداي، وهذا ما ساعده على الاتقاء إلى منصب الباي إثر موت صهره أحمد القلي في صيف سنة 1185 هـ - 1771 م .
وهنا تبدأ صفحة جديدة في حياة صالح باي مليئة بالمآثر والأعمال العظيمة، التي سوف نتطرق إلى بعضها قبل محاولة تقييم أعمال صالح باي وإبراز مكانته في تاريخ قسنطينة .

ونظرا لكثرة هذه الأعمال وتنوع مجالاتها، فإننا سنحاول عرضها من خلال تصنيفها إلى أعمال حربية ومآثر عمرانية وتنظيمات اقتصادية وإدارية وإصلاحات اجتماعية وخدمات ثقافية .
أ ــ فالأعمال الحربية التي اشتهر بها صالح باي مع تعددها و تنوع أغراضها تتمثل في الحملات الفصلية لاستخلاص الضرائب ومعاقبة العصاة ووضع حد للفوضى، وفي هجمات عسكرية استهدفت الأقاليم البعيدة عن قسنطينة، قصد توسيع نفوذ البايليك ومد سلطة الدولة على المناطق النائية كالجهات الصحراوية والأقاليم الجبلية، هذا إذا لم تكن أعمالا حربية تهدف إلى رد هجوم خارجي أو تأمين حدود محددة .
* فمن الصنف الأول وهو الحملات الفصلية، نذكر حملته على قبيلة الزمول جنوب قسنطينة، وتتبعه لعشيرة السقنية انطلاقا من مركز (قناق) تاشودا، وقد تمكن صالح باي أثناء ذلك من فرض المغارم الكثيرة وقتل العديد من الممتنعين من رجال قبيلة السقنية، وفي هذا المجال نشير إلى محاولاته المتكررة لمهاجمة أولاد عاشور بفرجيوة ( 1776 – 1781 ) حتى يحد من تطلعات شيخهم محمد الشلهوم. ويضاف إلى هذا النشاط الحربي تجريده لحملة عسكرية للحد من نشاط الشيخ الولي سيدي أحمد الزواوي، الذي التجأ مع أتباعه إلى جبل وزغار وحاول إثارة العامة ضد سلطة البايليك .
* ومن الصنف الثاني من الأعمال الحربية وهو الهجومات العسكرية البعيدة المدى، نشير إلى حملة صالح باي على أولاد عمور، الذين أعلنوا العصيان وجاهروا بالعداء ضد سلطة الدايات بالجزائر منذ سنة 1785، وقد انتهى صالح باي في حملته هذه إلى زنينة وآفلو وتاجموت والأغواط التي تعرضت لهجومه، وكذلك دشرة النميلة التي أوقع بها عقابا صارما عندما قتل مائة رجل منها، وقد بعث برؤوسهم لتعلق بقسنطينة ولتكون عبرة لمن تسول له نفسه العصيان .
كما يدرج ضمن هذه الهجمات غاراته على أولاد نايل، التي حصل فيها على مغانم ضخمة بعد انتصاره على جموع المتمردين في معركة مالح أو مسيف Malah ou Mecif، وقبل أن يعود صالح باي من غارته هذه إلى قسنطينة ليدخلها دخول المنتصرين في شهر أكتوبر 1773، كان قد بعث إلى الجزائر بكثير من الغنائم مع ستين رأسا وأربعمائة زوج أذن للعصاة الذين قضى عليهم، وذلك ليظهر للداي مدى انتصاره على القبائل المتمردة بنواحي الجلفة وبوسعادة التابعة لبايليك التطري .
ويدخل في نطاق هذه الهجمات أيضا حملته على مناطق الزيبان ومحاولته استدراج شيخ الداودة محمد الدباح إلى أن يدخل تحت طاعته . رغم تخوف هذا الشيخ من بطش صالح باي وشروطه الثقيلة، هذا وقد توج صالح باي نشاطه بنواحي الزيبان، بمهاجمة توقرت وإخضاع أمرائها من بني جلاب سنة 1788 .
وتعود أسباب حملة صالح باي على توقرت إلى تحريض الشيخ أحمد الناقم على ابن عمه الشيخ عمر حاكم توقرت، وعدم رضى صالح باي على مقدار الغرامة المترتبة على الشيخ فرحات الذي خلف أباه في حكم منطقة وادي ريغ، فضلا عن ركون حاكم تونس إلى مهادنة صالح باي في مطلع سنة 1788 .
كل هذه الأسباب دفعت صالح باي للاستعداد للحملة والتقدم إلى منطقة الزيبان حيث كان خليفته بلشانة يسهر على جمع ضرائب طولقة وبوشقرون والزعاطشة وبعض الواحات الأخرى، وعندما بلغت الحملة وادي جدي تولى صالح باي قيادتها بنفسه، ورغم رداءة الأحوال الجوية وحدوث عواصف ثلجية مدمرة فإن صالح باي تمكن بعد ثمانية عشر يوما من الوصول إلى نواحي سيدي خليل ونصب خيامه أمام توقرت، وأمام تعنت صاحب المدينة، فرض صالح باي حصارا مشددا على المدينة استمر عدة أسابيع، وواصل ضرب أسوار المدينة وتحصيناتها بالمدافع التي استصحبها معه لهذا الغرض، وزاد من تضييقه على المدينة بأن أمر جنوده بقطع أشجار النخيل المحيطة بها، وعندها لم يجد حاكمها بدا من طلب الصلح والقبول بشروط صالح باي الثقيلة، لاسيما وأن المدافع كانت قد أحدثت ثغرات في أسوار المدينة وألحقت أضرارا بأبراجها . وقد تكفل الشيخ عمر بن جلاب بتسديد نفقات الحملة وتقديم غرامة تقدر بثلاثمائة ألف ريال ( بسيطة ) يضاف إليها مجموعة من الخيل والعبيد، وذلك مقابل الحصول على عهد الأمان ونيل رسم التولية على إقليم واد ريغ .
* أما الصنف الثالث من أعمال صالح باي الحربية، فهو الذي قصد منه رد هجوم خارجي وتأمين حدود البايليك، ونذكر بهذا الصدد مشاركته في رد حملة الكونت أروي O’Reilly ، وموقفه من باس تونس حموده باشا .
فبالنسبة لمساهمة صالح باي في إحباط الهجوم الاسباني البحري، بقيادة الكونت أوري الذي تعرضت له الجزائر على عهد محمد عثمان باشا طيلة الفترة الممتدة من 30 جوان إلى 16 جويلية من عام 1775، لم نسجل أن صالح باي كان قد تحقق قدوم الحملة الاسبانية عندما كان في طريق عودته إلى الجزائر بعد تأدية الدنوش السنوية لداي الجزائر، فاتخذ مواقعه بسرعة بالجهات الشرقية للجزائر العاصمة فيما بين واد الحميز وواد الحراش وبادر بالهجوم على طلائع الحملة الاسبانية، وأبدى في ذلك شجاعة نادرة وبسالة قل نظيرها، وقد تعرض لها نقيب الأشراف بهذه العبارات : " جاء صالح باي قسنطينة من ناحية الواد وقدم أمام الأسبنيول الألوف (كذا) من الإبل فلما قربت من المتارز ابتدأ القتال .. حمل صالح باي أولا بقومه وعسكره على المتارز ثم لحقه الناس من كل النواحي، فحملوا حملة رجل واحد وأعلنوا كلمة التوحيد .. فوجدوا أغلب النصارى ملقين على الأرض بدون رؤوس .. ولحقوا الهاربين منهم إلى البحر .. فقتلوا من لحقوه، ولعل ما يثير التساؤل هو عدد الجيش الذي عسكره صالح باي بالقرب من وادي الحراش وعلى كل فانه على الأرجح كان يتجاوز عدة آلاف وإن كانت بعض المصادر تقدره بـ 30000 من مجموع 100 ألف جندي شاركوا في صد الهجوم .
أما بشأن مساعيه الرامية لتامين حدود البايليك الشرقية، فتتمثل في موقفه الجازم من باي تونس حموده باشا السنتبي 1783 و 1787 الذي جعل الشيخ مبارك يصف صالح باي ( بأن له اليد العليا على صاحب تونس )، ويتلخص هذا الموقف الذي وقفه صالح باي من باي تونس والذي هو خير شاهد على حنكته السياسية وحسن تصرفه في مثل هذه القضايا، وفي أن صالح باي أصر على تقديم تعويضات ملائمة عن الخسائر التي كان قد أحدثها حسن الكبير قائد علي باي تونس عند ملاحقته لقبائل تونسية استقرت بجنوب تبسة هربا من تعسف علي باي تونس .
وتحت تهديد صالح باي باستعمال القوة اضطر حموده باشا الذي خلف أباه علي باي في حكم تونس ( 2 ماي 1782 ) إلى الرضوخ لمطالب صالح باي وتقديم تعويضات ملائمة بعد أن لم ير فائدة في الاستعداد للحرب والتصدي لصالح باي بالحدود التونسية، لاسيما وأن وضع تونس كان حرجا آنذاك لتورطها في خلاف حاد مع البنادقة، وبذلك حصل صالح باي سنة 1784 على تعويض يقدر بخمسة وعشرين ألف سكة لفائدة القبيلة التونسية المقيمة داخل البايليك .
على أن مثل هذا النزاع ما لبث أن استجد بين صالح باي وحموده باشا نتيجة متابعة صالح باي لبعض العشائر الجزائرية الخاضعة لحكمه والتي التجأت بدورها إلى الأراضي التونسية هروبا من المطالب المالية التي فرضها عليها عمال صالح باي، وعندما تهيأ صالح باي لمهاجمة تونس على رأس جيش ناهز الستة آلاف محارب،ورغم استعداد حموده باشا لصد هذا الهجوم بقوة قدر عددها بألفي تركي وثلاثة آلاف من الكراغلة وكثير من فرسان العرب، إلا أنه ركن أخيرا إلى مهادنة صالح باي ودفع ما توجب عليه من التعويضات في هذا الشأن، وقد وصف هذه الأحداث أحد المؤرخين القسنطينيين المتأخرين بقوله : ( ولما انتهى إلى باي تونس بأن صالح باي نزل حيدره مريدا استرجاع من فر من وطنه إلى تونس عظم عليه الأمر وخشي على نفسه فوجه إليه كاتبه ابن عبد العزيز في حملة من الجوانب ... ثم بعد ذلك اجتمع صالح باي وتحدث معه ووعده بمال جزيل وأمره صالح باي بأن يبلغ مكتوبه إلى باي تونس بأن يكون معينا لمن يرسله ليرجع من الفارين من وطنهم فأنعم له بذلك ثم أن صالح باي بعد انفصال عبد العزيز من عنده وجه قريبه محمد خوجة العجمي لاسترجاع الفارين من بلد تونس وتوجه هو وكافة من كبراء الفرسان إلى بلد تونس ... فمكث هناك أياما واستحضر من أراد استرجاعه ) .
ب ــ أما من الجانب الآخر الذي تبرز من خلاله آثار صالح باي، فهو يتعلق بمآثره العمرانية التي أعادت لقسنطينة ازدهارها العمراني الذي عرفته في ماضيها السحيق عندما كانت عاصمة للنوميديين ومقرا مفضلا للحفصيين، فقد عمل صالح باي جاهدا على تجميل قسنطينة وتنظيم بناياتها وإشادة بعض المعالم العمرانية بها، ففي هذا الصدد نذكر إنشاءه لحي سيدي الكتاني وتعميره لناحية الشارة، وتشييده لجسر القنطرة .
فقد بادر بتجميل حي سيدي الكتاني الذي أنشأ به مسجدا ومدرسة سنة 1775 وأقام بالقرب منها منازله الخاصة التي امتازت بالسعة والضخامة، وبجانبها شيد بيوتا لتقيم بها حاشيته ومنها خدمه الإيطاليون وجراحه الخاص الذي هو من أصل نابوليتاني، ويتصل بهذه المجموعة من المباني بساتينه واصطبلاته وحمامه الخاص به، وقد أكمل هذه المجموعة من البنايات بإقامة العديد من الدكاكين التي تحيط بسوق الجمعة ( سوق العصر ) وألحق بها مجموعة أخرى من الدكاكين والفنادق خارج الباب الجديد قبالة كدية عاتي .
كما ينسب إلى صالح باي من الأعمال العمرانية تعميره ناحية الشارة التي أقطعها لليهود ليبنوا فيها منازلهم ودكاكينهم، وقد كانت هذه الناحية التي تقع ما بين باب القنطرة وحافية الهاوية المتصلة بها، شبه مهجور، وبذلك أمكن لصالح باي أن يحد من مضايقة اليهود التي نتجت عن اختلاطهم بالمسلمين بحومة باب الجابية وحي سيدي الكتاني خاصة، فضلا على أن تجمع اليهود في حي خاص بهم يسهل على إدارة البايليك مراقبتهم والتحكم في نشاطهم، وبهذا الإجراء أعاد صالح باي النشاط إلى أجزاء من المدينة ظل شبه مهجور وأصبحت هذه الجهة من المدينة التي تعرف برحبة الصوف مركزا تجاريا مهما بعد أن سارع اليهود إلى فتح دكاكينهم وإقامة حوانيتهم بالشارع الرئيسي الذي يصل باب الوادي بباب القنطرة مباشرة مما ساعد على تركيز النشاط التجاري به فيما بعد .
ويضاف إلى هذه الأعمال العمرانية، ما قام به صالح باي من ترميم وإصلاح لجسر القنطرة، فبعد أن تعطل الجسر الروماني منذ ما يزيد عن خمسة قرون ولم يبق منه سوى بعض الأسس المتداعية عزم صالح باي على بنائه من جديد، وجلب لهذا الغرض مائة عامل من البلاد الأوروبية ليعملوا في تشييد الجسر تحت إشراف المهندس الماهوني الإسباني الدون بارتو ليمو Don Barto Lomeo وقد اضطر صالح باي إلى أن يرف على هذا المشروع مبالغ مالية طائلة، مع أنه عدل عن المخطط الأول الذي عزم على تنفيذه والقاضي بجلب مواد البناء من الخارج كالحجارة المعالجة والمتوفرة بجزر الباليار، عندما اكتفى باستخدام أحجار الخرائب الرومانية الموجودة بكثرة بالقرب من حصن المنصورة .
والجدير بالذكر أن صالح باي كان يهدف من تشييد هذا الجسر تسهيل المواصلات في النواحي الشرقية للبايليك وذلك بربط قسنطينة مباشرة بالطرق الشرقية والجنوبية الشرقية التي كانت تسلكها الحملات العسكرية والقوافل التجارية كما كان يهدف من عمله هذا جلب المياه الصالحة للشرب من عين العرب الغزيرة الواقعة بأعالي سوق الغزل، والتي كانت تزود الحوض الواقع خارج باب القنطرة، داخل المدينة حتى لا يضطر السكان إلى حمل الماء من أسفل الوادي عبر باب الجابية ( الصهريج ) .
على أن هذا المشروع العمراني النافع لم يتمكن صالح باي من إتمامه و تنفيذه حسب الخطة التي وضعها له، فالعمل بالجسر لم يشرع فيه سوى سنة 1792 وهي السنة الأخيرة من حكمه، وهذا ما تثبته إحدى الوثائق التي عثر عليها ضمن أوراق عائلة القاضي سيدي مصطفى بن جلول الذي شغل منصب قاضي في عهد صالح باي، والتي أشارت إلى ذلك بهذه العبارة ( الحمد لله ذكر لنا جدر الولاة ومنبع الفضل والخيرات سدنا صالح باي أبقى الله تعالى وجوده أن النصراني الذي جاء مع جماعة منهم لأجل بناء القنطرة المعروفة قديمة بالمشبكة عند باب القنطرة، أخبره أن تاريخ بنيان القنطرة في السابق كان هو مكتوب بالسرياني بعد .. سيدنا عيسى .. بثلاثمائة سنة وخمسة وثلاثين سنة وسنة إلى سنة أوائل جمادي الثانية 1206 هـ / فيفري 1792 م ) .
وقد أدى تمرد صالح باي وانتهاء أمره بالقتل إلى وقوف العمل في الجسر، فبقى الجسر عندما أمر الباي حسن الذي خلف صالح باي بعدم الاشتغال فيه، عبارة عن متريس من الحواجز Parapet منتصبة فوق أرضية الجسر Tablier وبذلك لم يتم جلب الماء إلى قسنطينة من عين العرب، ولم يأخذ الجسر شكله الأخير الذي هو عبارة عن صف من الأقواس يكون بمثابة جسر للمرور وحنايا لحمل الماء .
وبقي الجسر ينتظر من يقوم بمهمة إتمامه حتى انتهى أمره بالهدم على يد الإدارة الفرنسية في 18 مارس 1857 .
ج ــ بعد هذا نتطرق إلى مجال آخر سجل فيه صالح باي أعمالا إصلاحية ارتبطت باسمه وتميز بها عهده، وهذا المجال يتعلق بالإصلاحات الاجتماعية والخدمات الثقافية التي عادت بالخير العميم والفائدة المرجوة على الوسط القسنطيني آنذاك .
فمن خدماته الثقافية إنشاؤه المدارس والمساجد، مثل مسجد ومدرسة سيدي الكتاني وقد سبقت الإشارة إليها في معرض كلامنا عن أعماله العمرانية كما شيد مدرسة أخرى ملحقة بالجامع الأخضر سنة 1789 ، وجامعا آخر بعنابة ( 1203 – 1792 ) وقد خصصت للإنفاق عليها أوقاف كثيرة، في وقت كان يولي عنايته ببقسة مساجد قسنطينة وزواياها، وقد بلغ عدد الجوامع الكبرى على عهده خمسة، أما المساجد الصغيرة فكان عددها يزيد على السبعين، في حين قدر عدد الزوايا بثلاثة عشر زاوية .
وحتى تؤدي هذه المساجد والمدارس دورها الثقافي استحدث صالح باي نظاما دقيقا يتقيد به المدرسون والطلبة ويخضع له العاملون بأماكن الدرس والعبادة، فبفضل هذا النظام وظف وكيلا يسهر على نظام الدراسة يساعده قيم في أداء مهمته، كما استحدث في كل مدرسة قاعة للصلاة وميضأة وخمس غرف إحداها مخصصة للمدرس، والأربع الأخرى يقيم بها الطلبة الذين كانوا يتوزعون بنسبة طالبين لكل غرفة، ولكل من المدرس والوكيل والطلبة والقيمين أجور سنوية قارة وبرنامج دراسي محدد، وقوانين دقيقة يخضعون لها . وفي حالة التغيب بدون عذر، وعدم التقدم في الدراسة التي حددت مدتها بعشر سنوات أو عند إظهار السلوك المنافي للآداب العامة، يتعرض الطالب للعقاب والطرد .
وقد أثارت هذه التنظيمات التربوية إعجاب بعض الكتاب الفرنسيين وعلى رأسهم فاينسيت Vaynssettes الذي علق عليها أنها تنم عن روح متفتحة وعقل واع، حتى أنها لا تقل في شيء عما كان جار به العمل بمدارس فرنسا آنذاك . التي عانت قبل صالح باي الاضطراب والفوضى والإهمال الذي تسبب في ضياع عوائدها وإتلاف أملاكها، وقد مهد صالح باي في تنظيمه للأوقاف بإجراء إحصاء شامل ودقيق لكل ما يتصل بالأوقاف، أشرف عليه القاضي الحنفي الشيخ عبد القادر الراشدي، وحتى نتبين مدى حرص صالح باي على تنظيم مصلحة الأوقاف بقسنطينة نثبت ما جاء في وثيقة ملحقة بدفتر الأملاك العائدة لمؤسسة الأوقاف، وقد جاء في هذه الوثيقة ما يلي : ( الحمد لله ولما وقع التقصير من وكلاء مساجد قسنطينة ولم يكن لهم اعتناء بشأن الأوقاف وفرطوا في ذلك غاية التفريط وضاع الكثير منها ... وبلغ أمر ذلك لحضرة المعظم الأسعد المنصور ... سيدنا صالح باي أيده الله تعالى ... فألهمه الله إلى إحياء ما اندرس من المساجد والأوقاف .. أمر حينئذ قضاته أو المفتيين أن يبحثوا على أوقاف المساجد وعلى المساجد التي دمرت ويثبتوا ذلك في ثلاث سجلات متماثلة، فامتثلوا أمره وبذلوا جهدهم في البحث عن أوقاف المساجد و عن المساجد التي اندثرت . وأثبتوا بعد الكشف عن لك أوقاف مساجد بلد قسنطينة بهذا السجل وبثلاث سجلات مماثلة له لفظا ومعنى، وضع أحد السجلات عند صاحب بيت المال والثاني عند شيخ البلد والثالث عند قاضي الحنفية والرابع عند قاضي المالكية ... وذلك أواسط شهر ربيع الأول المنور عام 1190 . إن المعارضة لا تقع في أوقاف المساجد أصلا وإن وكلاء المساجد يحاسبون على أوقاف المساجد أي من غلتها يثقف، العلماء المنعقد بهم المجلس العلمي وصاحب بيت المال في كل سنة، من كثرت غلة أوقافه من المساجد يشتروا له ما فضل من حاجة الأوقاف عقارا يصير من جملة الأوقاف . إمضاء محمد بن الموهوب، احمد بن بهلول عبده، صالح باي بن مصطفى سنة 1785 ) .
د ــ بقي لنا ميدان آخر كان لصالح باي فيه مآثر محمودة، وهو تلك التنظيمات الاقتصادية والإدارية التي ساعدت على ازدهار بايليك الشرق وجعلت من قسنطينة المدينة الثانية من حيث النشاط التجاري والصناعي في أيالة الجزائر كما جعلت من الشرق الجزائري المنطقة الأولى في الإنتاج الفلاحي حتى أن صالح العنتري وصف الأوضاع بهذه العبارة ( وملك الأملاك في كل البلاد وعم الخير كل العباد ) . فصالح باي عمل جاهدا على تحسين أوضاع الزراعة وتنمية الإنتاج الفلاحي، واستحداث مزروعات جديدة مثل الأرز الذي حاول زراعته بسهول الحامة مستعينا في ذلك بنظام ري دائم معتمد على تشغيل عدد من النوريات لرفع الماء إلى مستوى مشاتل الأرز . كما أنه شجع زراعة الزياتين بالنواحي القريبة من قسنطينة، وحتى يعطي مثلا يقتدي به فلاحو تلك النواحي بادر بزراعة أشجار الزيتون بمنزله الريفي المعروف اليوم بسيدي محمد الغراب . ولم يهمل في عمله هذا استصلاح السهول التي تغلب عليها المستنقعات والتي تقع على ضفاف نهر سيبوز بنواحي عنابة وقد أنشأ لهذا الغرض شبكة من القنوات لصرف المياه الراكدة إلى مجرى النهر .
ولعل أهم مشروع زراعي حققه صالح باي استغلال السهول الخصبة القريبة من عين مليلة، حيث اقطع فرسان المخزن المعروفين بالزمول، الأراضي الواسعة لاستغلالها لحسابه الخاص . كما أقر قبيلة السقينة بالأراضي الخصبة بنواحي الفزقية وعين كرشة، قصد استغلالها زراعيا وجعل جزء منها حظيرة لتهجين خيول البايليك ومكان ملائم تحفظ به تلك الخيول لوقت الحاجة .
وقد تطلب هذا الاستغلال الزراعي إقامة حصن عسكري ظل يعرف ببرج الفزقية، يراقب منه رجال البايليك الأعمال الزراعية التي تخصهم، ويستعملونه مقرا للحاميات العسكرية التي تجوب هذه الجهات لجمع الضرائب فضلا عن كونه مكانا ملائما لجمع محاصيل الحبوب ولهذا الغرض الأخير أوكل لقائد البرج مهمة مراقبة أعمال الحرث والحصاد وجمع المحصول الذي يخصص إنتاج الشعير منه لعلف الخيول، بينما يحفظ إنتاج القمح للاستهلاك بعد أن ينال قائد الزمالة وحارس البرج وأوقاف البايليك ما يخصهم من الإنتاج .
وعلى كل فإن اهتمام صالح باي بالزراعة يستدعي الإشارة إلى تنظيماته في مجال الضرائب، هذه التنظيمات التي امتازت بالدقة والملائمة لأوضاع البايليك بحيث ظل العمل جاريا بها في الفترة التي أعقبت حكم صالح باي نفسه إلى أن أدخل عليها أحمد باي تعديلات عند تعرض الجزائر للغزو الفرنسي، فبفضل هذه التنظيمات أخضعت جميع الأراضي الزراعية لضريبة الجبري وهي تساوي اثني عشر صاعا ونصف الصاع من القمح و ما يعادلها من الشعير مع عشر شبكات من التبن، بمقتضى هذه الضريبة قسم البايليك الشرق إلى قطاعين شرقي وغربي يفصل بينهما وادي الحمام، وكل قطاع يعود الأشراف عليه لقائد جبري الذي يخضع لقائد الدار . ويتقاضى قائدا جبري ضريبة خاصة بهما تعرف بحق إلزام مقابل قيامهما بجولتين في كل عام يجوبان خلالها أنحاء البايليك، إحداهما في فصل الخريف لتقييم أوضاع الحرث، والجولة الثانية بعد الحصاد لاستخلاص ضريبة الجبري التي تعود للبايليك بمعاضدة شيوخ الدواوير وقياد النواحي وفرسان المخزن وتعود صلاحية هذا النظام الحياتي الذي أدخله صالح باي على بايليك الشرق، لكونه لا يكلف الدولة إلا القليل من الموظفين، ويعطي لإدارة البايليك فكرة واقعية عن مردود الضرائب مسبقا، كما أنه يشجع الفلاح على الإنتاج حتى يغطي عجز السنوات العجاف، ويزيد من دخله في سنوات الرخاء .
أما فيما يخص الصناعة فإنها هي الأخرى نالت اهتمام صالح باي الذي عمل ما في وسعه لتنشيطها لتكون مردودا من موارد الخزينة، ولأخذ فكرة عن مدى انتعاش الصناعة على عهد صالح باي نورد الأرقام التالية، فهناك 28 سوقا وسويقة و 21 ساباطا و 7 تربيعات يتجمع بها صناع النسيج و 3 رحبات لعرض السلع . و 5 أفران للخبز و 27 مطحنة لطحن الحبوب منها خمسة داخل المدينة، تعالج يوميا 484 كيسا من الدقيق أي ما يعادل 605 هكتو ليتر .
ويضاف إلى ذلك النشاط التجاري الذي عرف ازدهارا على عهد صالح باي، بحث أصبحت قسنطينة ملتقى للقوافل التجارية التي تجوب أنحاء الشرق الجزائري وتربط قسنطينة بكل من الجزائر وتونس وغدامس، وقد ذكر أحد الكتاب المعاصرين لصلح باي أن القافلة المتوجهة إلى تونس في كل شهر كانت تتألف من 150 إلى 200 بغل كلها محملة بالمحاصيل الزراعية والسلع المصنوعة بقسنطينة، وأثناء ذلك عرفت الموانئ البحرية التي كان يتم تصدير الإنتاج عن طريقها مثل عنابة والقالة وسطورة توسعا ملحوظا في حجم المبادلات التجارية وهذا ما دفع صالح باي إلى توظيف وكيل في كل منها مكلف باستلام حقوق الديوان المفروضة على الصادرات والواردات والتي تعود إلى خزينة البايليك مباشرة، ولهذا الغرض أسس مرسى السكيكدة بجوار سطورة القديمة، وخصصه لتصدير القمح للخارج وقد ذكر ذلك صالح العنتري بهذه العبارة ( وهو الذي أسس مرسى السكيكدة وشهرها وصاروا كل الأجناس يأخذون الوسق منها وقد انجزت له من تلك المرسى فوائد عديدة وذخائر مثمنة مفيدة ) ولعل أهم الموانئ على عهد صالح باي ميناء عنابة الذي كان يزود خزينة البايليك بمداخيل محترمة جعلت نقيب الأشراف يخص مداخيل ميناء عنابة بهذه الكلمات : ( وكانوا ــ النصارى ــ يوسقون القمح والشعير من عنابة سنين عديدة حتى صار الباي لا يقبل الدورو من النصارى و لا الضلبون المعهود بيننا، عندما تعمرت خزائنه أمرهم بأن يجعلوا له الضلبون فيه مائة ضلبون فامتثلوا أمره وصنعوا له مثل ما أمرهم ) .
نهاية صالح باي
أصدر الداي بابا حسان أمرا بعزل صالح باي وعين مكانه إبراهيم باي الملقب ببوصبع، ورغم أن هذا الباي الجديد حاول تبديد مخاوف صالح باي وتهوين الأمر عليه، إلا أن صاح باي لم يسلم بهذه النهاية المتواضعة فتكلم سرا مع الأتراك والمماليك الذين بدار الإمارة، واتفقوا على قتل إبراهيم ليلا، انطلقوا بعدها إلى مقر الباي إبراهيم وقتلوه ... وقتلوا رجال عمراوة الذين جاءوا معه على آخرهم، وكان عددهم حسب رواية صالح العنتري يبلغ مائة نفس بالعدد .
وهناك تختلف الروايات فمنها ما تذكر أن صالح باي أخرج من السجن بعد تنفيذ عملية قتل الباي الجديد ومنها ما تؤكد على أن صالح باي شارك بنفسه في عملية تصفية منافسه، الذي لم يلبث في منصبه سوى ثلاثة أيام فقط، وقد أعقبت هذه العملية فتن بين مناصري صالح باي وأغلبهم من الأتراك وبين معارضيه الذين انحاز إليهم الأهالي بعد أن تيقنوا بخطورة هذا التمرد وعواقبه الوخيمة عليهم، وحتى يتنصلوا من مغبة هذا التمرد بادروا بمكاتبة الباشا بالجزائر وأخبروه بكل شيء وأعلنوا تنصلهم من قضية صالح باي، وبذلك سهل على الباي الجديد الذي بعث من الجزائر لوضع حد لتمرد صالح باي وأن يقمع هذا التمرد، وبالفعل تمكن الباي الجديد من ألقاء القبض على صالح باي بتواطؤ مع شيخ البلد ابن الفقون، وتم تنفيذ حكم الإعدام فيه خنقا بحصن القصبة ليلة الأحد 16 محرم سنة 1207 الموافقة لليلة 1 إلى 2 سبتمبر 1792 ثم سلمت جثته لعائلته لتقوم بمراسم الدفن .
وقد ترك صالح باي عشرة أبناء منهم سبع بنات وثلاثة أولاد، تولى أخوهم محمد منصب الخليفة بقسنطينة، ومكنت الظروف أحدهم كذلك من تولي منصب الباي وهو حسين بن صالح باي ( 1221 – 1223 هـ / 1802 – 1808 م ) كما ترك مجموعة من الخدم ظلوا مخلصين له وهم عائلة بن وطاف الذين اشتهروا بعد ذلك بخدمة أبنائه وحفدته .


أسباب نهاية صالح باي المأساوية
هذه الأسباب المتعددة التي منها ما يعود لتصرفات صالح باي الشخصية ومنها ما يرجع إلى طبيعة الظروف التي كانت تعيشها الجزائر أواخر القرن الثامن عشر وسوف نتعرض إلى كل واحد منها بالتفصيل .
أ ــ فأول هذه الأسباب ما يرجع إلى تصرفات شخصية وقضايا عائلية، وقد أجمعت المصادر المعاصرة لتلك الأحداث أو التي نقلت عنها، على اعتبار هذه التصرفات الشخصية هي السبب الحقيقي الذي أدى إلى نهاية صالح باي المأساوية، مثل محمد الشريف الزهار نقيب الأشراف وصالح العنتري والشيخ أحمد المبارك واللنبيري، وممن أخذ عنهم أمثال فايسات وقومون ومرسي وفيرو وبيشو، فنقيب الأشراف يذكر أن صالح باي ( ... كان سببا في مقتل خزناجي محمد باشا ... وبنت هذا الخزناجي كانت تحت حسن باشا قبل ولايته، ولما مات محمد باشا وولي حسن باشا طالبته زوجته إبنة الخزناجي ... بقتل صالح باي بثأر أبيها وألحت عليه في ذلك إلى أن رأى عزله وبعث إلى آغا النوبة بقسنطينة بأن يقبض على صالح باي ويسجنه ) .
والواقع أن هذا السبب ليس وجيها حتى ا، نقيب الأشراف عندما أورده رد عليه بقوله ( والعجب كيف يقتل رجل مثل هذا لأجل خاطر زوجته ما قيل والله أعلم) كما أن الأستاذ توفيق المدني عندما نشر جزءا من مذكرات نقيب الأشراف في كتابه محمد عثمان باشا، لم يأخذ بهذه الرواية ولم يركن إليها، ولهذا نحاول استعراض أسباب أخرى أعم وأشمل ربما تكون هي السبب الحقيقي في القضاء على صالح باي، ونجملها في النقاط التالية :
1 ــ كثرة أعداء ومنافسي صالح باي من الأتراك :
أدت تصرفات صالح باي المتميزة بالشدة والصرامة إلى اكتسابه أعداء ظلوا يتربصون به الدوائر وكانت لهم يد كبيرة في إصدار قرار عزله وتنحيته من منصبه وقد أشار إلى ذلك الشيخ مبارك بقوله : ( ثم كثرت الوشاية بصالح باي عند صاحب الجزائر فعزله وولى مكانه إبراهيم بوصبع ) .
وكان من أهم هؤلاء الأعداء إبراهيم المعروف ببوصبع الذي كان قائد زمالة بقسنطينة وأحد كبار رجال البايليك فيها وقد اضطر أن يلتجأ إلى الجزائر ويتولى قيادة سابا وبعدم عزله صلح باي وكاد أن يفتك به، وانتهى به الأمر أن يعين خلفا لصالح باي لكنه كما سبقت الإشارة إلى ذلك لقي حتفه عندما قام صالح باي بتمرده على قرار العزل الصادر في حقه .
ومن أعدائه أيضا حسين ولد عجشي المعروف بحسن بوحنك والذي اضطر هو الآخر أن يهرب إلى الجزائر فرارا من بطش صالح باي وأن يعيش بعيدا عن مسقط رأسه قسنطينة 20 سنة رغم أنه كان في السابق من خواص صالح باي ومقربيه. وقد وجد حسين هذا استقبالا حسنا لدى الباشا بالجزائر وانزله مليانة ليقيم بها . وعندما قتل إبراهيم باي بوصبع من طرف صالح باي كلفه الداي بابا حسن أن يقوم بمهمة القضاء على صالح باي وإعادة الهدوء إلى قسنطينة، فوجد في ذلك فرصة لينتقم لنفسه ولصهره إبراهيم باي الذي كان متزوجا مثله بإحدى بنات الحاج بن قانة شيخ العرب 6 .
2 ــ تحول طائفة الحضر عن تأييد صالح باي :
كانت قسنطينة طوال الحكم التركي تتميز بظهور طبقة من الحضر أو البلدية كان لها تأثير مباشر على الأوضاع الداخلية بالمدينة، ولهذا لم يجد الأتراك بدا من منحها كثيرا من الامتيازات وتخصيص أغلب المناصب الشرفية والوظائف الإدارية والثقافية والتجارية لها، وقد اشتهرت من هذه الطبقة عائلات احتكرت الوظائف الإدارية والثقافية والتجارية بالمدينة مثل أسر ابن الفقون وعبد المومن وابن باديس وابن جلول وابن عبد الجليل، وقد وجدت هذه العائلات التي اكتسبت مع الزمن ملامح بورجوازية محلية ناشئة فائدة ملموسة في استقرار الأوضاع بقسنطينة على عهد صالح باي ولهذا أبدت تأييدها له وقدمت له خدمات كثيرة بل ساندته في بعض مواقفه من بقية السكان لكنها بدأت تتخوف منه عندما تحول في آخر عهده إلى فرض الضرائب الثقيلة والمصادرات المتعددة . لاسيما وأن موقف صالح باي من باي تونس أثار قلقا على مصير تجارة القوافل المزدهرة مع أقاليم تونس، كما أن انتهاج صالح باي سياسة تصدير أكبر كمية من المحاصيل الزراعية عن طريق الشركة الملكية الإفريقية بعنابة والقالة والتي كانت هذه العائلات تنتفع من تصريف المحاصيل بعد معالجتها بالأفران العديدة والمطاحن الكثيرة المتوفرة بقسنطينة إذ كانت جماعة الحضر تشرف على أغلبية تلك الأفران التي كان عددها 18 فرنا طاقة كل فرن مائة خبزة كبيرة لليوم الواحد كما كانت جماعة الحضر مسيطرة على جل مطاحن الدقيق البالغ عددها 27 رحى تعالج يوميا 534 كيسا أي ما يعادل 667 هكتولتر .
وقد حاول صالح باي أن يسترضي جماعة الحضر ويلتمس النصرة منها عندما أعلن العصيان، ورغم أنه : ( أوصى عساكره أن لا يتحاملوا على أهل المدينة فلا يقربوهم بإذاية ولا مكروه ) وذهب به الأمر إلى أنه أمر المنادي أن يناشد أهل المدينة بفتح أسواقهم لبيعوا ويشتروا و لا خوف عليهم حسب تعبير الشيخ المبارك على أن جماعة الحضر لم تثق بمثل هذا الاسترضاء وفضلت تنصلها من صالح باي خوفا من مضايقاته ومطالبه المالية الثقيلة وقد عبر الشيخ سيدي عبد الحق الفقون شيخ البلد آنذاك عن هذا الموقف المعادي لصالح باي عندما أجاب صالح باي الذي اتهمه بالغدر لأنه استدرجه ليقبض عليه من طرف آغا حلة الجزائر إذ أجاب صالح باي بصريح العبارة ( الغدر سبق منك وفيك و لا في أهل البلد ) .
3 ــ عداء أهالي الأرياف لصالح باي :
دأب صالح باي في أول عهده على منح الامتيازات لشيوخ القبائل وزعماء العشائر، وقد مكنته هذه السياسة العملية من مد نفوذه على مناطق واسعة من بايليك الشرق، فبفضل تعامله مع رؤساء الأسر الكبيرة كأولاد مقران بمجانة وأولاد بوعكاز بالصحراء وأولاد عاشور بفرجيوة والأحرار وأولاد قاسم بالجهات الجنوبية والشرقية لقسنطينة وتمكن أن يقر سلطة البايليك على مناطق ظلت حتى عهده شبه مستقلة عن حكم البايات .
ولكن الشيء الملاحظ أن صالح باي لم يعد يعط وزنا لرؤساء العشائر القوية بعد أن أمن جانبهم ولم يعد يخش بأسهم، وهذا ما جعل هؤلاء الزعماء والشيوخ يحجمون عن تأييده، مثل شيخ الدوادة محمد الذباح الذي لم يعد يستطع صالح باي استدراجه للدخل تحت نفوذه ومحالفته بل انتهى الأمر بعضهم مثل أولاد مقران وشيخ العرب بالصحراء إلى الانضمام إلى جيش حسن باي وهو في طريقه للقضاء على تمرد صالح باي إثر مقتل إبراهيم باي بحجة علاقة المصاهرة التي كانت تربطهم بحسين باي .
4 ــ نفور رجال الدين من أسلوب صالح باي في الحكم :
حاول صالح باي اكتساب تأييد رجال الدين بمنحهم العطايا وإسقاط المطالب المخزنية عنهم وإعطائهم الإقطاعات الواسعة، شأنه في ذلك شأن البايات الذين سبقوه، ولأخذ فكرة عن المعاملة الحسنة التي كان يعامل بها رجال الدين نثبت نصا من إحدى وثائق المحاكم الشرعية جاء فيه ما يلي : ( ليعلم من يقف على أمرنا .. أننا أنعمنا على السيد بدر الدين وأخيه مسعود ولدي محي الدين أولاد الشيخ البركة سيدي الجنودي وجنودنا لهم مقتضى ما بيدهم من أوامر إخواننا الباي لا باي السابقين، لا قائد تركي و لا شيخ و لا متولي من عمال فلا ينتهك حرمتهم، إمضاء صالح باي أواسط رجب 1188 ) .
لكن رجال الدين ما لبثوا أن اتخذوا موقفا عدائيا اتجاه صالح باي وفضلوا مساندة أهالي الريف الذين عانوا في المدة الأخيرة لحكم صالح باي من الظلم والتعسف والاستبداد وتعرضوا للتغريم والمصادرة ولعل هذا الموقف ناتج عن سياسة صالح باي المالية الثقيلة التي حرمت رجال من عوائد الزيادة وبالتالي كانت السبب الرئيسي في شح مواردهم إذ كلما كثرت الضرائب كلما نقصت الهدايا المقدمة لهم المعروفة بالزيارة، هذا فضلا على أن تنظيمات صالح باي التي قصد منها النهوض بالمعارف الأدبية والعلوم الدينية لم يتقبلوها بطيب خاطر بل رأوا فيها ابتعادا عن روح الطرق الدينية التي يدعون إليها ويحاولون اكتساب الأنصار لها .
بفعل هذه العوامل كلها أصبحت أغلبية رجال الدين وشيوخ الزوايا ومرابطي الطرق الدينية تناصب صالح باي العداء، وتتآمر عليه، ونذكر بهذا الصدد أن الشيخ المرابطي سيدي محمد الذي أدى به موقفه العدائي من صالح باي إلى تحريض أتباعه ومؤيديه على الثورة وهذا ما دفع صالح باي بإلقاء القبض عليه وإعدامه، رغم توسل حاشيته ووجهاء البلد ليعفو عنه، وتذكر الروايات الشعبية عن هذا الولي أنه تحول إلى غراب واستقر ببستان البابي المعروف اليوم بسيدي محمد الغراب، وترى في ذلك طالع شؤم ينذر بالعاقبة الوخيمة لصالح باي .
وهناك مرابط آخر وهو الشيخ سيدي محمد الزواوي الذي انتهت صداقته لصالح باي بالعداء الشديد، وقد تعرض للمطاردة من طرف جنود صالح باي الذين أشاعوا النهب والتدمير في طريقهم إليه فاضطر أن يغادر مكان إقامته بجبل وزغار Ouazgar ويهرب مع طلابه وأتباعه قبل أن ينال العفو من صالح باي . وتذكر الرواية الشعبية أن الشيخ قد دعا على صالح باي وابنه وحاشيته وخص بالذكر منهم أولاد بن زكري بسوء العاقبة وكان ذلك قبل انتهاء حكم صالح باي بسنة واحدة .
ولا يفوتنا أن نذكر بهذا الصدد ذلك الموقف العدائي الذي اتخذه صالح باي من شيخ زاوية سيدي عبيد، عندما رفض صالح باي طلبه بتسليم قافلة الإبل التي استولى عليها أحد عمال الباي ( بن زكري ) بحجة أنها كانت تنقل الحبوب إلى عشائر النمامشة المعادين له، رغم أن تلك القافلة التي يقدر عدد جمالها بألفي جمل كانت لأولاد عبيد دون سواهم، بعدها لم يجد هذا الولي إلا أن يرفع قضيته إلى الداي بالجزائر الذي أصدر أمرا لصالح باي بأن يقتل عامله الذي لم يقم باي شيء سوى أنه نفذ أوامر سيده الباي .
كل هذه المواقف السلبية التي وقفها صالح باي من شيوخ ومرابطي الزوايا تسببت في تحويل تأييد العامة له وإظهار التبرم من حكمه، وقد أشار إلى ذلك صالح العنتري بقوله : ( وصار يظلم ناس الزوايا حتى أفضى به ذلك إلى الهلاك والهاوية ) .
5 ــ تآمر الاحتكارات اليهودية على صالح باي
لعل أهم سبب للنهاية المأساوية لصالح باي، تآمر الاحتكارات اليهودية ضده، بعد أن انتهج سياسة مراقبة الصادرات والتحكم في الواردات وعدم السماح بالصفقات التي كان يعقدها بعض الموظفين مع اليهود قصد تصدير الحبوب إلى أوروبا، وحتى نعرف موقف صالح باي هذا يحسن بنا أن نستشهد بهذه الفقرات التي أوردها نقيب الأشراف ( بعدما وقع الصلح بين محمد باشا والإصبنيول قدم البايات لتهنئته ... وفي فصل الصيف قدم صالح باي قسنطينة ودخل الجزائر وقابل الباشا وهنأه بالنصر وفي يوم من الأيام اختلى الباشا بالباي وسأله عن أمر وسق الزرع والبقر لأرض النصارى من مرسى عنابة، وكان الباشا قد أوصى البايات من قبل أن لا يبيعوا، وأجابه الباي بأن السوق قد وقع بالفعل فقال الباشا لم يصلك كتابي ؟ قال بل وصلني لكن بعد ذلك وصل لي كتاب من الخزناجي 7 يأمرني فيه بأن نترك الوسق حرا لمن بيده كتاب منه، فكل من يأتني بكتاب نسمح له بوسق العدد المذكور في الكتاب فهذه هي كتب الخزناجي، فغضب الأمير على الخزناجي واشتد غيضه عليه، وأمر الباي بأن لا يسمح لأحد منذ ذلك اليوم بالوسق إلا بكتاب منه وأمره أن يكتم هذا ... وأمر وكل الخرج حسن أن يقضي على صهره الخزناجي ) .
وبذلك أحبط صالح باي صفقة تصدير الحبوب إلى أوروبا عن طريق اليهود المتعاملين مع الخزناجي، وقد كان ابن زقوط بكري قد أسس شركة تقوم بالوساطة بين مصالح البايليك والشركة الفرنسية لتسهيل تصدير الحبوب والصوف إلى أوروبا ثم توسعت الشركة في نشاطها التجاري حتى أصبحت تساهم في القوافل التجارية بين تونس وقسنطينة ولولا مضايقة القسنطينيين لانتهى الأمر بها إلى الاستحواذ على تجارة تونس مع الشرق الجزائري وممال يلاحظ أن يعقوب بكري كانت له حضوة كبيرة لدى وكيل الخرج حسن، ولهذا عندما توفي الداي محمد عثمان باشا وتولى وكيل الخرج حسن مكانه، سهل الأمر على الاحتكارات اليهودية أن تستحوذ على النشاط التجاري الجزائري فاحتكر بكري وبوشناق عام 1794 حق شراء القمح وتصديره ومنافسين الشركة الفرنسية التي كانت تملك هذه الحقوق رغم مقاومة القنصل الفرنسي بالجزائر Valliére للأطماع اليهودية ثم أعقب ذلك تأسيس شركة يهودية عرفت بشركة بكري وبوشناق سنة 1798 التي احتكرت أغلب التجارة الجزائرية .
ولهذا لا نستبعد أن يكون أمر عزل صالح باي صدر من الداي تحت ضغط الاحتكارات اليهودية التي رأت في صالح باي عقبة أمام مطامحها للسيطرة على الثروات الطبيعية للشرق الجزائري، ونستدل من ذلك أن الداي حسن كتب في أول عهده للسلطات الفرنسية يخبرها بأن يعقوب بكري اليهودي هو الممثل المفوض لرعاية مصالحه، كما أن هذا الداي نفسه جعل مستشاره الخاص نغتاي اليهودي، الذي شفع لمصطفى الوزناجي باي التطري سنة 1792 لدى الداي حتى يحفظ حياته ثم قدم لمصطفى الوزناجي مبلغا من المال، بعدها سعى له لدى الداي ليعينه بايا على قسنطينة وبالفعل أصبح الوزناجي بايا على قسنطينة خلفا لحسن بوحنك سنة 1795
6 ــ تغير نظام الحكم التركي بالجزائر وما حمله من تحولات في مناصب الدولة :
ويضاف إلى العوامل السابقة التي أدت إلى انتهاء حكم صالح باي بقسنطينة التغيرات التي عرفها نظام الحكم بالجزائر إثر موت الداي عثمان على تنحية والي كل من بايات التطري وقسنطينة وكان مدفوعا إلى ذلك بعدة عوامل منها ضغط الاحتكارات اليهودية كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وخوفه من أن يقدم وإلى قسنطينة أو المدية على الانفصال، وقد صرح بذلك نقيب الأشراف بقوله : ( وحسن باشا ... كان خائفا من الباي أن يثور عليه لاسيما وأن هناك كثير من الإشاعات مفادها أن بناء جسر القنطرة وجلب الماء إلى المدينة عن طريق هذا الجسر كان يهدف من ورائه صالح باي إلى إعلان الانفصال عن الحكم المركزي بالجزائر و الواقع أن تصرفات صالح باي والثروات الطائلة التي جمعها والمدة الطويلة التي قضاها بايا بقسنطينة كل ذلك زاد من مخاوف الداي وحثه على التعجيل بعزله ومصادرة أمواله التي بادر وكيل الخرج بمصادرتها ورفعها إلى الجزائر، وهي تتالف من الأثاث الرفيع والسلاح الثمين والأموال الكثيرة بحيث ما وجد منها في داره وما كان منها في خزانة خاصة كاد أن يماثل ما في خزانة الجزائر نفسها وهي تقريبا بما يعادل اثني عشر مليونا من الفرنكات وهذا ما دفع الشيخ مبارك أن يذكر عن صالح باي ( أنه جمع من الأموال ما لم يجمعه غيره ) وقد مهد الداي حسن إلى ذلك إتباع تصرف غير لائق بصالح باي عندما استقبله بمدينة الجزائر واستضافه، فهو حسب رواية نقيب الأشراف ألبسه عمامة مبرقشة مثل الخواجة وجعل له بها ريشة ذهب ( تشانال ) وهو ليس لباس البايات التقليدي وأمر أن يضرب النوبة على نغمة لا حال يدوم عند توديعه .
وعلى كل فإن عهد الداي حسن عرف تغييرا جذريا في سياسة الدولة الجزائرية، فاليهود أصبحوا المستشارين المفضلين بينما عمال الدولة والموظفين القدماء تعرضوا للمصادرة والتغريم والقتل . فمحمد الذباح الذي كان بايا على التطري وقائد بإقليم سابا وصودو سنة 1791 ، ومصطفى الوزناجي عزل هو الآخر عن بايليك التطري بعد حكم دام عشرين سنة، كما أن صالح باي انتهى أمره إلى القتل كما عرفنا سابقا، وقد عقب على هذا الوضع الذي انتهى إليه رجال الحكم التركي بالجزائر نقيب الأشراف بقوله : ( نظر إليها ــ أي الأحداث ــ المعتبر في أمر هؤلاء ملوك الأتراك كيف يقت





















http://www.transactiondalgerie.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1089:constantine--le-rituel-de-qkahouat-el-asrq&Itemid=21
 http://insaniyat.revues.org/3731


 21 ألف عائلة بقسنطينة بيوتها مقابر•• حياتها جحيم•• وملفاتها في سجون البيروقراطية
إستفادت، ولاية قسنطينة، في السنوات الأخيرة، من عديد المشاريع التنموية التي كان لها دور بارز وبالغ في اعتلائها مرتبة الولاية المتحضرة، بعد أن مرت بمرحلة ركود عصفت بسمعتها العالمية·· إلا أن توفر، عاصمة الشرق، على أكثـر من 200 حي قصديري كان له الأثر البالغ في تشويه صورة المدينة
التي تستمر بها معاناة حوالي 20 ألف عائلة، يعيش أفرادها في جحيم، بعد أن قضوا أكثـر من 40 سنة في بيوت تشبه المقابر، والمعاناة مسمرة ولم تنته بعد···

قسنطينة التي استفادت من مشروعي مدينتين جديدتين، هما على التوالي، علي منجلي وماسينيسا، فعشرات الآلاف من البيوت التي شيدت بالمدينتين لم تكن كافية للقضاء على ما يسمى بـ ''مدن الصفيح'' حيث أنه، ورغم توزيع حوالي 30 ألف مسكن من مختلف الأنواع خلال الـ 10 سنوات الماضية، كانت حصة العائلات القاطنة بالبيوت القصديرية ضئيلة حيث استفادت حوالي 5000 عائلة فقط، على مستوى 12 بلدية، في حين لا يزال ينتشر بها ما يربو عن 200 حي قصديري، يتطلب إزالتها توفير أكثر من 21 ألف مسكن، قصد ترحيل سكانها المقدر عددهم بحوالي 350 ألف نسمة إلى سكنات جديدة تضع حدا لحياة الذل والمعاناة التي تجرعوا مرارتها لمدة قاربت الـ 50 سنة·
17 ألف عائلة كبر أفرادها في أحضان ''الترنيت''·· الحفرة والتهميش
بالرغم من أن ظاهرة البيوت القصديرية لا تقتصر على قسنطينة، المدينة التي تتوفر على أكثر من 20 ألف منها، تتوزع على 214 حيا، إلا أن الملفت للإنتباه بالولاية هو أنها استفادت من مدينتين جديدتين شيدت بهما حوالي 50 ألف وحدة سكنة يسكنها أزيد من 300 ألف نسمة فقط من مجموع 2,1 مليون نسمة وهو عدد هائل يمثل ثلث سكان المدينة التي أصبحت القديمة منها تحتضن 40 بالمئة فقط منهم يسكنون بيوتا هشة وغير صالحة للسكن، أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها ''مقابر'' حتى هنا كل شي 15% منهم أمر عادي لأن الظاهرة أكل الدهر عليها وشرب، لكن الغريب هو التهميش الذي يتعرض له سكان ''مدن الصفيح''، فالسلطات المحلية لا تذكرهم إلا في المناسبات، وبات همها الوحيد مشروع تحديث المدينة وإخلاء المناطق الاستراتيجية الصالحة لتشييد هو سؤال لم نجد له جواب مقنع عند المسؤولين، وحي باردو خير مثال لماذا كل هذا··؟ جميعهم يردد عبارة ''تحديث المدينة أولوية حتمية وتخليصها من أحياء كباردو، رومانيا وجنان التشينة يعد إنجاز لم يسبق له مثيل، أما الأحياء القصديرية فالأكيد،أنه سيحدد موعد مستقبلا للتخلص منها''، لكن متى··؟ أه·· الموعد يبقى مجرد وعود تخلف في كل مرة بينما معاناة 17 ألف عائلة، دائما، مستمرة، ومثلما صبروا لأكثر من 30 سنة، لا بأس أن ينتظروا لـ 5 أو 10 سنوات أخرى، هي إذا أكثر من 30 سنة قضتها أجيال من سكان ''مدن الصفيح'' في المعاناة وحياة الهوان، يضاف إليها الحفرة والتهميش، ناهيك عن الأمراض والأوبئة، وحتى مشروع المليون سكن الذي انتظروه بفارغ الصبر، وعلى أحر من الجمر، لم يكن لهم حظ فيه، وبالتالي، عليهم انتظار مشروع المليون الثاني·
مشروع تحضير المدينة·· كابوس آتى على حلم سكان الأحياء القصديرية في الحصول على مساكن
''ننتظر منذ سنوات دورنا في الترحيل والإلتحاق بمساكن جديدة لكن··'' هي عبارة استقبلتنا، على وقعها، كل العائلات التي زرناها بحي ''شعباني'' الذي يضم أكثر من 400 عائلة تسكن بيوتا قصديرية، وحي ''فج الريح'' أكبر تجمع سكاني قصديري بالولاية، كونه يحتوي على أكثر من 1000 بيت يسكنه أكثر من 6 آلاف نسمة منذ الإستقلال·· الحلم تبخر والوعود التي كانت تطلق بقيت مجرد حبر على ورق·· إنه مشروع تحديث المدينة الذي بات سكان الأحياء القصديرية يلعنونه، لأنه حرمهم من فرصة العيش الكريم والحصول على بيت بجداران من إسمنت بدل جدران الصفيح والقصدير وسقف حقيقي بدل سقف ''الترنيت''، كيف لا؟ وسكان باردو وجنان التشينة رُحِّلوا على الرغم من رفض الكثيرين منهم للعملية، ونحن الذين نطالب ونترجى، نوضع في خانة الإنتظار الذي سيطول لأن السلطات المحلية شرعت، الأسبوع الجاري، في تحضير العتاد والعدة لترحيل سكان أحياء الصنوبر وبن تليس في إطار مشروع تحضير المدينة ما يعني سنوات أخرى من الإنتظار··
وضع كارثي تعيشه العائلات في بيوت القصدير
لأن الوضعية الصحية والاجتماعية التي تعيشها العائلات القاطنة بالأحياء القصديرية، مزرية وتفتقر لأدنى الشروط، يتضح لزائرها، من النظرة الأولى، أن الوضع كارثي، وبغض النظر عن حر الصيف وقر الشتاء وغياب التهوية وانتشارالروائح الكريهة والإنتشار الواسع لكل أنواع الحشرات والفئران، ومن العائلات من يصل عدد أفرادها إلى أكثر من 10 يسكنون جميعهم في غرفة واحدة، ولنا أن نتصور الوضعية والحالة المزرية التي تعيشها عائلات، ''عمي جعفر'' البالغ من العمر 60 سنة، هو رب أسرة تتكون من 9 أفراد قال ''منذ الإستقلال وأنا أسكن في هذا البيت، مبني بصفائح القصدير، ويتكون من غرفتين، لقد زارت لجان الإحصاء الحي، أكثر من 15 مرة، وفي كل مرة يحدد الولاة الذين يتداولون على هرم السلطة بالولاية، موعدا لترحيلنا، وإلى غاية اليوم، وعلى مدار 45 سنة، وأنا وعائلتي نعيش في ما تشاهدون، حاليا، ـ قطعنا لِياس ـ في الحصول على سكن لأنه ما دام من مجموع مليون سكن ما طَارلنا والو، يعني أن معاناتنا ستبقى مستمرة وبما أنه لا سلطة لنا، نوكلوا ربي''·
60% من مجموع المرضى بالولاية من سكان القصدير
60% من مجموع المرضى بالولاية ينحدرون من الأحياء القصديرية وغير الصالحة للسكن، هو رقم مخيف ومهول، حيث أنه، وبينما لا يمثل سكان مدن الصفيح والبنايات غير الصالحة للسكن سوى 15 % من سكان قسنطينة، هم يحدثون الإستثناء لكون حوالي 11 ألف منهم مرضى ومصابون بأمراض مختلفة، يأتي على رأسها الربو والجرب، وذلك، حسب ما ذكرته مصادر طبية بالمستشفى الجامعي ابن باديس لـ ''الجزائر نيوز'' استنادا لدراسة قامت بها مجموعة من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسانيين، والتي أضافت بأنه بينما تسجل حالات الجرب على مدار السنة، بالاضافة إلى ظهور حالات يومية لمرضى الربو، يعاني السكان كذلك من التسممات الغذائية الناتجة عن انعدام أدنى شروط النظافة والحفظ الصحي في ظل الانتشار الواسع والكبير للفئران التي أصبحت جزءً من أفراد العائلات، خاصة في فصل الصيف··
أضعف نسب التحصيل الدراسي·· وأكبر معدلات الإجرام ينفرد بها أطفال مدن الصفيح
بالرغم من أن سكان مدن الصفائح يعدون الفئة الأكثر تهميشا في المجتمع، إلا أنهم يحدثون الاستثناء في كثير من المجالات، وإذا كانت الصحية منها تأتي في المقدمة، فأطفال الأحياء القصديرية يأتون، كذلك، في مجالي الإنحراف وضعف التحصيل العلمي، ولأنه توجد إحصاءات دقيقة يستند إليها في تبيان المنحى الخطير للظاهرتين، فقد وقفنا، خلال الجولة الميدانية التي قامت بها ''الجزائر نيوز'' ببعض الأحياء القصديرية بقسنطينة، على أنه يوجد، على الأقل، في كل عائلة طفل أو إثنين توقفا عن الدراسة في سن مبكرة، وأن الكثير من الشباب، في هذه الأحياء، دخلوا السجن وهم من مسبوقين قضائيا·· ''الحاجة عائشة''، وفي حديثها عن الظاهرة قالت: ''كيف يمكن لأطفال يعيشون في ظروف كالتي تشاهدونها أن يدرسوا ويتحصلوا على الشهادات؟ من المستحيل!! فلا بد أن يكون سلوك الأطفال والشباب، كذلك، وحتى الصالح منهم يتحول إلى مجرم، لأن كل الظروف المنتشرة تساعد على ذلك''···
136 بناية آيلة للسقوط بالمدينة القديمة
أحصى، مكتب دراسات دولي مختص، حوالي 140 بناية مهددة بالانهيار على رؤوس ساكنيها، بالمدينة القديمة، بقسنطينة، في حين، تضمن التقرير الذي رفعه خبراء دوليون من إسبانيا للسلطات المحلية، وجوب الإخلاء الفوري للبنايات القديمة المتواجدة بكل من أحياء ''السويقة'' و''القصبة'' و''ملاح سليمان'' من السكان·
كشف، المتحدث باسم مكتب الدراسات المكلف بمخطط ترميم المدينة القديمة بقسنطينة، أنه أحصى في مرحلة التشخيص أزيد من 575 بناية تتطلب إعادة الترميم، بينما قدر عدد البنايات التي رفض أصحابها تقديم معلومات بـ 90 بناية، هذا وجاء في الدراسة التي أعدها مكتب الدراسات الدولي بأن 90 % من البنايات المهددة بالسقوط والمصنفة في خانة التراث القديم بقسنطينة، هي ملك لخواص يستغلونها في الكراء، في حين لا يسكن البنايات سوى 10% من ملاكها، الشيء الذي تسبب في تعرضها إلى التدهور، وقد جاء في الدراسة التي أنجزت بمشاركة مكتب دراسات محلي أنه، في الوقت الذي يعمد بعض السكان إلى هدم الجدران لاكتساب صفة المنكوب بهدف الحصول على سكن، يقوم آخرون بتشويه الواجهات من خلال إدخال بعض التعديلات عليها بغرض التوسع، وهو أمر مرفوض وغير قانوني، لأنه يمس بمعالم أثرية محفوظة ومصنفة عالميا·
يضاف ذلك الإنفجار الديموغرافي والتمركز الكبير للنشاط الإقتصادي غير القانوني بالمدينة القديمة، الشيء الذي تسبب في تغيير طابعها التراثي، وتحولها إلى سوق تجاري· وقد جاء على لسان ''سارجيو بلانكو'' المكلف بالعلاقات على مستوى سفارة إسبانيا بالجزائر ومدير مكتب الدراسات المختص على هامش اليوم الدراسي حول ترميم القطاع المحفوظ بالجزائر عامة، وقسنطينة خاصة، أن مشروع ترميم المدينة القديمة ''سيرتا'' الذي تجاوز عمره الخمسين سنة دون أن يجسد على أرض الواقع، سيدخل مرحلته العملية في إطار مخطط استعجالي، موضحا بأن مشكل الإمكانيات وضعف الميزانيات ونقص المختصين المحليين سيكون من بين أهم العوائق التي من شأنها أن تعطل العملية، وعليه قررت السلطات المحلية لولاية قسنطينة إقحام خبراء دوليين يشرفون على العملية، يقودهم مكتب الدراسات الإسباني ''ريابيماد'' المختص في ترميم وإعادة تأهيل المدن القديمة وله مشاريع على مستوى 15 دولة يؤطرها 100 خبير دولي وفق عقود استشارة وخبرة مع اليونيسكو والإتحاد الأوروبي·
21 ألف عائلة يا بوضياف··!
مسؤولية كبيرة، ومشروع ضخم، ذلك الذي يجب أن يسطر للتخلص من 21 ألف قبر، تسكنه 16 عائلة، ومسؤولية أكبر، تلك التي يجب تحملها لرفع الغبن والعناء وحياة الذل عن أفراد همهم الوحيد التخلص من القصدير، فما أنتم فاعلون؟! والوعود مجرد حبر على ورق· وأن نتحدث عن 30 ألف مسكن جديد بقسنطينة وزعت، وحصة عائلات القصدير 5000 فقط، فهذا أمر مرفوض، لأنها الأولى وصاحبة الحق· وأن نصنف مشروع تحديث المدينة كأولوية حتمية ونضع سكان ذاقوا من المرارة وتجرعوا من الذل ما يكفي على مدار 50 سنة، في قائمة الإنتظار، أمر مرفوض، كذلك، لأنهم يبقون الأولى دائما·· وأين هو المعنى الحقيقي لـ ''سيرتا'' المتحضرة ببروج عالية تطل على منازل من قصدير مهترئ، يشوه صورتها، فهذا أمر مرفوض، كذلك·· وأن ننجز سكنات، ولا يكون لسكان ''مدن الصفيح'' حظ فيها، أمر غير منطقي لأنها في بادئ الأمر كانت موجهة لهم·· وأن نملك من الإحتياطي الملايير وآلاف الجزائريين يدفنون أحياء، هو أمر مرفوض·· وأن ننجز مدينتين جديدتين بقسنطينة لم تعد لهما القدرة على استيعاب المزيد من البنايات، والولاية تتوفر على 214 حيا قصديريا أمر يدعو للإستغراب···! هي إذا، مفارقات يعرفها كل الجزائريين لكن الساكنين في البيوت القصديرية يعيشونها ويعانون منها وينتظرون من يخلصهم من عنائها، فهل من مجيب···؟

تحقيق: عبد الكريم لونيس
التعليقات (3)
...
أرسلت بواسطة نورالدين بوكعباش , 25 يونيو 2009
ان مدينة قسنطينة اختصرا في حي باردو فهل اخطا بوتفليقة في تعين الوالي ام ام ان ولاية قسنطينة لاتتجاوز حدود المنظر الجميل
نورالدين بوكعباش
قسنطينة

...
أرسلت بواسطة الفنان التشكيلي أحمد بن يحي , 26 يونيو 2009
''يريدون أن يجعلوا كل المدن متشابهة بالعمارات والأبراج.... لا ياسيدي قسنطينة يجب أن تبقى مشابهة لقسنطينة وليس لأي مدينة أخرى''.
''أرجو من الرئيس أن ينتقي بدقة من يعينه لتسيير قسنطينة''
...
أرسلت بواسطة نورالدين بوكعباش مثقف جزائري , 26 يونيو 2009
سحب الثقة من والي قسنطينة عبد المالك بوضياف
سحب الثقة
قسنطينة في 23جوان2009

بناءا على المأساة الاجتماعية لسكان قسنطينة ونظرا للدمار العمراني في مدينتي قسنطينة وتبعا لمأساة الإقصاء الحقيقي لمواطني قسنطينة من التسيير الفعال في تحديد مسار مدينتهم قسنطينة
وبناءا على الكوارث الإنسانية التي تتخبط فيها مدينة قسنطينة من الانفراد بالقرار الأحادي والارتجالية العصبية في تهديم التراث العمراني لمناطق باردو وجنان التشينة
ونظرا للاستهزاء الإنساني من طرف والي قسنطينة الذي أصبح يفكر في الهدم المعماري والترحيل العشوائي إلى مدينة الأشباح وبناءا على الإقصاء الثقافي لكل الأصوات الإنسانية المعارضة لمشاريع الوالي الخرافية
فإنني أنا المواطن الجزائري نورالدين بوكعباش الساكن بقسنطينة أعلن رسميا سحب ثقتي من والي قسنطينة وكما أعلن أن مدينتي تعيش مأساة تدميرها منذ مجئ الوالي بوضياف وان اعتبر أن سياسة بوضياف في مدينتي جعلتني افقد ثقتي في مسيري مدينتي الفاضلة
وشكرا
نورالدين بوكعباش
مثقف جزائري
 http://benbadis.org/vb//archive/index.php/t-5416.html
 http://www.milev-news.com/?p=1606
 http://www.alukah.net/culture/0/9290/#Comments


المجلس البلدي لمدينة قسنطينة من 1947 إلى 1962

La municipalité de Constantine de 1947 à 1962
Constantine town,council from1947 to 1962
La municipalidad de Constantina desde 1947 a 1962
وناسة سياري طنقور
Traduction de
أسماء هند طنقور
p. 19-37

Résumés

تحاول هذه المساهمة استعراض مراحل تاريخية من خلال إبراز تجربة للتسيير البلدي لمدينة من الجزائر و من خلال إقامة مقاربة سوسيو, تاريخية للسياسي في ظل السياق الكولونيالي .
و هكذا، تبرز ثلاث مراحل في تاريخ بلدية قسنطينة: المرحلة الأولى بصدور قانون سنة 1947، و الثانية باندلاع حرب التحرير الوطني في نوفمبر 1954 أما المرحلة الثالثة مع بداية عهد الجمهورية الخامسة في سنة 1958.
تسمح لنا هذه المراحل الثلاث من تاريخ بلدية قسنطينة بطرح عدة قضايا حول الوضع القانوني الذي يميز أعضاء المجلس البلدي و يخلق علاقة مستحدثة بل ظاهرية التناقض بين مصطلحي " الجنسية" و "المواطنة".
و في ضوء هذا السياق الذي يغلب عليه طابع التمييز، أصبح من الواجب على منتخبي الهيئة الثانية تعلم كيفيات التصويت، معرفة أسرار البناء السياسي، و التمييز بين الممارسات الزبائنية و التسيير الحديث للمدينة.
Haut de page

Texte intégral

  • 1 لا تعني سوى نوعا من البلديّات: تلك التي سٌمّّيت بالبلديّات ذات الصلاحيّات التامّة على خلاف البلديّا (...)
1مَرّت تجربة النظام البلدي1 بين فترتيْ صــدور قـانــون الــجــزائـر (1947) و الإستقلال (1962) بثلاثة مَراحل متتالية. و شملت المرحلة الأولى البلديّتين المنتخَبتين في سنتي 1947 و 1953 و هِيَ لم تختلف عن المراحل السابقة، ذلك أنّها كرّست نظاما تمثيليّا قائمًا على وجود هيئتين منفصلتين و عدد غير متساو من مستشاري البلديّّات ممّا جعل إبقاء الهيئتين أمراً متناقضا مع الأحكام التي أدخلها قانون لامين قاي Loi Lamine Gueye لسنة 1946، الذي يعترف بالمواطنة لكافة سكان المستعمرات الفرنسية. وهذا يعني نظريّا أنّّ الرعايا الأهالي، اِبتداءًا من هذا التاريخ، أصبحوا يتمتعون بجميع الحقوق التي تمنحها الجنسية الفرنسية.
  • 2 تأسس القطاع الإداري الحضري في 1 أفريل 1957 و يوجد على مستوى أرشيف ما وراء البحار عدّة ملفات تحت الر (...)
2أمّا المرحلة الثانية، فقد كانت نتيجة للتطور السياسي الناشئ عن اِندلاع حرب التحرير الوطني منذ أول نوفمبر 1954 و ترتب عنها تعطل السير العادي للمداولات البلديّة بسبب اِنسحاب أغلبيّة المستشارين المسلمين، كما أدى تصويت "الأحكام الخاصة"، فضلا عن حالة انعدام الأمن العامة، إلى اِستحالة إجراء اِنتخابات لتجديد المجلس البلدي، فكان من ذلك ظهور مرسوم 11 ديسمبر 1956 الذي أعلن عن حلّ جميع المجالس البلديّة المنتخَبة أمّا في مدينة قسنطينة فقد نصبت في شهر مارس 1958 مندوبيّة خاصّة تخضع إلى مراقبة مشدّدة من قبل السلطات العسكريّة و لأول مرّة في تاريخ الجزائر الإستعماري، ألغى الهيكل الجديد، الذي أسنِدَت إدارته إلى "فرنسي مسلم" هو حسين علواش، التمييز بين الهيئتين بالإضافة إلى إشراك النساء بشكل ملحوظ. و في الواقع كانت هذه المندوبيّة الخاصّة مجرّد جهاز أفرغ من صلاحيّاته و وقع تحويلها لصالح القطاع الإداري الحضري2 section adminisstrative urbaine.
  • 3 قرار 3 جويلية 1958 رقم 58-568 الذي أثبت ما قُرِّر في 2 جوان 1958 فيما يتعلق بممارسة النساء الأهالي (...)
3أما المرحلة الثالثة فقد تمثّلت في عودة الوضع العادي و ذلك مع بدايات عهد الجمهوريّة الخامسة، حيث تم تنظيم اِنتخابات بلديّة في شهر أفريل 1959 تميزت بمشاركة النساء المسلمات لأول مرة، وفقا لقرار جويلية 19583.
4تسمح لنا هذه المراحل الثلاث من تاريخ بلديّة قسنطينة، والتي يمكن تعميمها على أهم المدن الجزائرية، بطرح عدّة قضايا ترتبط بسيْر المؤسّسة البلديّة في سياقها الإستعماري و يتعلق أهم سؤال بالوضع القانوني الذي ميّز بين أعضاء المجلس البلدي و خلق علاقة مستحدثة، بل ظاهريّة التناقض، بين مصطلحي "الجنسيّة" و "المواطنة" و هكذا أدت هذه الضغوط التأسيسيّة إلى سيْر غير متواز لمجلس بلدي دُعي فيه المنتخَبون الأهالي إلى التآلف مع التسيير الحديث للمدينة
  • 4 هذا التفكير ناتج عن دراسة قِيدَت ضمن مخبر:Construction, analyse critique et usages des sources : l’ (...)
5أمّا الهيمنة الإستعمارية التي مارسها منتخَبو الهيئة الأولى إلى غاية سنة 1959 و كرستها تدخلات الإدارة المتعددة، فقد رهنت بشكل فظيع الممارسات السياسيّة، مُحافظة على رعاية العلاقات الزبائنيّة (les rapports clientélistes)، هذا ما يتجلى من خلال تدخّلات أعيان المدينة الذين كانوا يعقدون و يفصلون المناصب السياسيّة حسب أهوائهم و خدمةً لمصالحهم المباشرة. و في الواقع، أضفت هذه التصرفات الشائعة و المتداولة في الجزائر المستعمَرة، صبغة غريبة على التطور التاريخي للتقدم السياسي، سواء عند النّخب الفرنسية أو الأهليّة، في حين، تسمح لنا بتسليط الضوء على العلاقات و المبادلات التي لم تتم بين الطرفين من خلال التعارض الذي نقلته الإسطوغرافيات الوطنية4.

هيئتان لمجلس بلديّ واحد / حدود المدينة

  • 5 Léon, Blum, cité par Charles-André Julien, L’Afrique du Nord en marche, Paris, Julliard, 1952, p. 2 (...)
6سمح قانون الجزائر الذي أقر بتاريخ 20 سبتمبر 1947 ب" دحض ذلك الوهم الأزلي الذي كانت تبديه صيغة "سياسة الإدماج" دحضاً نهائيّّا"5 و بالتالي لم يستطع قانون الجزائر تحاشي معارضة مزدوجة:صدرت الأولى عن المُعمّرين و الثانية عن الوطنيين. و رغم ذلك فإنْ ألقينا نظرة فاحصة على هذا الملف، نجد أنّ التغييرات المنتظَرة و المتمثلة في المساواة السياسيّة و المدَنيّة بين الـفـرنـسـيـين و الرعايا، قد بقيت حبرا على ورق. ففي جميع المجالس (الـمـجـلس الجزائري و المجلس العام و المجلس البلدي) لم يناقش القانون و لو مبدأ الهيئتين المنفصلتين باِعتبار أنّّ الأولى تمثل الناخبين الفرنسيين و أنّ الثانية تمثل الناخبين الرعايا/ المسلمين. و لم يثبت التكافؤ التمثيلي إلا في المجلس الجزائري أمّا في المجالس المحليّة (المجلس البلدي و المجلس العام) فلم يكن عدد المرشحين "الرعايا" ليتجاوز خمْسي العدد الإجمالي.
7لقد حجب هذا التباين التمثيلي، الذي كرّسه النواب البرلمانيون لصالح الهيئة الأولى، اِلتباسًا خطيرًا لم يجرؤ أحد على التنديد به. و تمثل هذا الإلتباس في عدم وجود فرق في الحالة القانونية بين المجموعتين السكنيتين الموجودتين في الجزائر، و هذا حسب الأحكام التي أدخلها قانون لامين قاي (17 ماي 1946)، الذي كان يفترض اِرتقاء سكان الجزائر، باِعتبارهم رعايا فرنسيين -غير مواطنين- إلى مستوى المواطنة الفرنسية و يعني هذا منطقيّا أنّ تمثيل السكان في قلب المجالس المحليّة لم يصبح قائمًا على التفرقة التي ظلت تميّز بين منتخَبي الهيئة الأولى المُتمتعين بحقوق الجنسيّة الفرنسية و منتخَبي الهيئة الثانية اللامواطنين، لاِنتسابهم إلى قانون شخصيّ مختلف. و قد أدّى هذا التناقض إلى اِختلاق مواطنة خاصّة سُـمِّـيـت "فـرنــسي مـسـلـم" و بالتالي أرادت الجمهورية الفرنسية، بحفاظها على تمييز كهذا، أنْ تدخِل إلى جانب المواطنين الفرنسيين – الواضح إنتماؤهم إلى التشكيلة الوطنيّة (la configuration nationale) – تعريفا ثانيا للمواطنة، مُقيّدا بالإنـتماء الـدّيــنــي و رغم ذلك يعود له الفضل في كسر وهم الإدماج.
  • 6 Jean, Leca, « La citoyenneté entre la nation et la société civile », in Dominique Colas, Claude Eme (...)
8لكنْ من الغريب أنّ "إغلاق أبواب المواطنة"6، لم يستوقف الضمائر المعاصرة رغم ما يكتسيه هذا النزوح المعنوي (glissement de sens) من أهمية في دراسة عرقلة التجربة البلديّة في وضعها الإستعماري. و من هنا يستوقفنا هذا التشويه للقواعد الديموقراطية أكثر من مرة أمام طبيعة الدولة و الأمة التي تشملها هذه القواعد و إنْ كان التمثيل المبهم لأمثال الجمهورية العليا يعني الهيئتين على حد سواء، فقد تأقلمتا مع هذه الإنحرافات القانونية لأسباب تحتاج إلى مزيد من البحث و الدراسة.
9و هو الأمر الذي نلاحظه في سلوك حزب الشعب الجزائري و حركة انتصار الحريّات الديموقراطيّة (PPA-MTLD) الذي شارك في الإنتخابات التشريعيّة للدستور الثاني (1947) ثم اِنسحب من المناقشات حول قانون الجزائر، قبل أنْ يلتحق من جديد بالسّباق الإنتخابي، ممّا زرع الشك في صفوف مناضليه.

الإنتخابات البلديّة لسنة 1947

10نقلت صحيفة La Dépêche de Constantine أنّ من ضمن 16234 ناخبا مسجلا، لم ينتخب منهم سوى 5327. وهنا يظهر الفارق جليّا بين عدد المسجلين و عدد المنتخِبين، رغم أنّ قائمة حزب الشعب الجزائري PPA-MTLD لم تفز فقط في قسنطينة، بل تقريبا في جميع المدن الجزائرية الكبرى...
  • 7 ولد جمال، دردور سنة 1917 و هو جرّاح أسنان و مناضل في حزب الشعب الجزائري PPA، قد سيّر خزينته سنة 194 (...)
  • 8 Claude, Collot, Les Institutions de l’Algérie durant la période coloniale, 1830-1962, Paris, Alger, (...)
11و بالفعل، فازت في دورة الإنتخابات الثانية التي جرت يوم الأحد 26 أكتوبر 1947 القائمة التي قدمتها حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD التي حلّّّّّّت محلّ حزب الشعب الجزائري PPA فوزا مُعلنا. وكان جمال دردور7 على رأس القائمة التي شملت 22 مستشارًا للبلديّة، جميعهم منضمون إلى حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD. أمّا قائمة الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري UDMA لفرحات عباس، فلم تفز إلا ب 1731 صوتا. مما أدى إلى اِستدعاء منتخَبي حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLDإلى تسيير شؤون المدينة صحبة 34 عضوا من الهيئة الأولى اِنتخِبُوا ضمن قائمة إتــحـاد الـيـمـيـن و التجمع الشعبي الفرنسي RPFالذي كان يقودهEugène Valle . و تمّ خلال الجلسة الأولى للمجلس البلدي التي اِنعقدت يوم 30 أكتوبر 1947 تعيين Eugène Valle رئيسا لبلديّة قسنطينة ب 34 صوتا ضمن ال 35 التي كان يحويها صندوق التصويت. و اِحتجاجًا على ذلك، اِمتنع منتخَبو الهيئة الثانية عن المشاركة في الإنتخاب على أساس أنّ "كلّ عضو من الهيئة الثانية قد اِنتخِب مستشارًا، يمكنه نظريّا أن يُنتخَب رئيسًا للبلديّة"8.
  • 9 سجل المداولات البلديّة، رقم 113، جلسة 30 أكتوبر 1947.
12وقد شرح جمال دردور اِمتناع فريقه عن التصويت بقوله : "ما دمنا منتخَبين وفقا لبرنامج محدّد، فمن واجبنا أن نكون مُمثلين لرأي الناخبين الذين وثقوا بنا. وفقا لهذا، إنّنا نندد بالطابع اللاديموقراطي الذي اِتصف به تكوين المجالس البلديّة، حيث نجد الأقلية الأوربية متغلبة عدديّا، بينما تمثل الأغلبية المسلمة أقلية. إنّ هذا خلل فرضه النظام الإستعماري، نظام موجّه نظريّا لتفوق المصالح الفرنسية و هو يدوس على السيادة الشعبيّة. و إننا على اِستعداد للمشاركة في المؤسسة البلديّة و الدفاع بكل ما نملكه من طاقة عن مصالح مواطنينا. هذا و وفقا لقناعاتنا السياسيّة، سنمتنع عن المشاركة في اِنتخاب رئيس البلديّة. و ليُنظر إلى هذا الموقف كاِحتجاج ضد التعسف الذي يطغى على المصائر في بلادنا9."
  • 10 جريدة المغرب العربي El Maghreb El arabi، 15 أكتوبر 1947.
13يبقى الأسلوب معتدلا مقارنة بالشعارات التي وُزِّعَت خلال الحملة الإنتخابية:"مع النظام الإستعماري أو ضده، مع الأمة الجزائريّة أو ضدها، مع قانون الجزائر أو ضده، مع اِنتخاب جمعيّة تأسيسيّة جزائريّة مستقلة أو ضده"10.
  • 11 نفس المرجع، السجل رقم 113.
14أمّا بقيّة الجلسة فخُصّّّصت لاِنتخاب مساعدي رئيس البلديّة السّبعة الذين كانوا ينتمون جميعا إلى الهيئة الأولى وهم: Manuel Troussel، Charles Cimino، Etna Luciani، Louis Bize، Albert Joly، Albert Bonici و André Berthier. و عبثاً، جرّب الهاشمي بغريش (من الهيئة الثانية) حظه للفوز بمنصب المساعد الثاني و الثالث و الرابع. و في كل مرة، لم يتحصل إلا على 23 صوتا، أي أصوات هيئته زائد صوت واحد. و في عقب هذه التعيينات، اِحتجّ مستشاران أولهما Drai Henri (من الهيئة الأولى) الذي أشار إلى " قلة التمثيل اليهودي" رغم ثقته في"الوحدة في دار الشعب الحقيقية"11 أي في المجلس البلدي. أمّا الإحتجاج الثاني، فقد صدر عن جمال دردور الذي دعا زملاءه إلى اِحترام مقررات قانون 12 سبتمبر 1945 الذي حدّد عدد مناصب المساعدين إلى خُمسيْ عدد أعضاء الهيئة الأولى الإجمالي. و هو ما أكده منشور 17 أكتوبر 1947 كما أعرب جمال دردور عن تمنيه بأن يحترم المجلس البلدي هذه القاعدة.
15و قد أشار محضر هذه الجلسة إلى حوادث عديدة و منها تعرّض منتخَبي الهيئتين لنزاعات عنيفة. و هو ما جعل رئيس البلديّة Eugène Valle يذعن ويعلن عن تجديد الإنتخابات لتعيين مساعدي رئيس البلديّة خلال الجلسة التي اِنعقدت بتاريخ 4 نوفمبر 1947. بينما اِِضطر كل من Louis Bize، Albert Joly، Albert Bonici و André Berhier و هم على التوالي المساعدون الرابع و الخامس و السادس و السابع إلى تقديم اِستقالتهم. في حين طلب الرئيس من المجلس البلدي تعيين مساعدي رئيس البلديّة في إطار اِحترام القانون ممّا اِنجر عنه اِرتفاع عدد المساعدين إلى 11 مساعدا وفقا للنصوص. و هكذا اِكتسبت الهيئة الثانية 4 مناصب، فاز بها كل من الهاشمي بغريش (المساعد 4) و إبراهيم عوطي (المساعد 5) و حسان بوجنانة (المساعد 8) و عبد المجيد بن وطاف (المساعد 11). و هو ما مكن المجلس البلدي من الشروع في تعيين اللّجان المختلفة و المتمثلة في الشؤون المالية و النظافة و الأعمال الخاصة بالبلديّة و السكن و الرياضة و التربية.
  • 12 In le journal Égalité du 22 novembre 1947, Archives d’outre-mer, FM 81F/691 (élections municipales (...)
  • 13 السّجل رقم 117، جلسة 17 أفريل 1953.
16كانت النتيجة أن اِنتقد أحمد بن محمد بشدة في مقال كتبه هذا التوزيع المتفاوت للنفقات كما ندّد بتورط الوالي Petitbon و اِعتبره "حكَما غير عادِل"12. و بالفعل قد تفاقم الإختلاف من جلسة لأخرى و اِشتد الصراع، ممّا تسبب في اِستقالة ثلاثة منتخَبين مسلمين قبل نهاية ولايتهم و هم ابراهيم عوطي و زوبير دقسي و عبد السلام زرطيط. و تمحورت أغلب الخلافات حول ممارسة السياسة داخل الساحة البلديّة، الأمر الذي اِضطر حسان بوجنانة إلى التذكير بأن حضورهم في المجلس هو بصفتهم "منتخَبين للدفاع عن مصالح سكان قسنطينة [...]. فنحن هنا لم نرفع صوتنا و لو مرّة للدفاع عن أفكار سياسيّّّة، لدينا ساحات أخرى لذلك [...]. أودّ أنْ أضيف أنّ حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD قابلة كل التحديات السياسيّة إذا ما تمّ إدخالها إلى هذه الساحة"13 .
  • 14 Cité par Jean, Mélia in le journal Démocratie du 22 novembre 1947, FM 81F/691.
17بينما تمثل خط الدّفاع الذي اِتخذه آنذاك (1947) معظم منتخَبي الهيئة الأولى (من اليمين) في إعلان أنّ المجلس البلدي لا سياسي، تبعا لشعار Casagne Renéرئيس بلديّة الجزائر العاصمة14 و بوسعنا أنْ نضيف أنّه نظرا لتعصب مواقف الهيئتين المفرط فيه، لم يكن لأيّّة مبادرة إلا نظرة سياسية واحدة.
  • 15 نفس المرجع، السّجل رقم 117.
18و هو ما يتجلى من خلال ما عرضه صالح بعزيز إثر الدورة الأخيرة للبلديّة في قوله: "تصوروا... عهد منتخَبي الهيئة الثانية منذ 6 سنوات، العوائق التي لاقيناها، المسؤوليات التي لم تعط لنا. أحيانا كانت الـمـنـاقـشـات صـريـحـة و خالصة... و أحيانا كنّا نغادر جلسات المؤتمرات إننا نشاهد متألمين و العصر عصر الذرّة و التلفزيون، أننا رجال أذلاء، فعلا، إننا نُمثل خمس السكان عوض ثلاثة أخماس... طبعاً هذا يتجاوز الإطار البلدي. لكنني أؤكد لكم أنه لمؤسف ملاحظة أنّنا أذلّة على هذا المستوى.15"

الإنتخابات البلديّة لسنة 1953

19لم تنجح حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD خلال الإنتخابات البلديّة لشهر أفريل 1953 في تجديد الفوز الباهر الذي حققته سنة 1947 في قسنطينة، و هذا خلافاً لما حصل في الجزائر العاصمة. و بالفعل هزمتها قائمة الحركة الديموقراطية للدفاع عن مصالح المسلمين التي كان على رأسها شريف بن الحاج سعيد و هو محامي و مُناصر الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري UDMA الذي اِلتحق به عدّة زعماء من الحزب الشيوعي الجزائري PCA. أمّا بالنسبة للهيئة الأولى، فقد تم نقل أكثر من نصف منتخَبي سنة 1947 إلى القائمة التي كان يُسيّرها رئيس البلديّة الخارج .Eugène Valle
  • 16 المرجع السابق.
20ما إن اِفتتِحت الجلسة الأولى للمجلس البلدي الجديد في 8 ماي 1953 و بن الحاج سعيد "يُندّد بحالة الظلم المفروضة على المسلمين : إننا ندخل البلديّة بإرادة العمل من أجل تحقيق مطالبات مفوضينا و من أجل المساهمة في كل عمل مفيد و بنّاء. و رغم التصويت النسبي المطبَّق في فرنسا على مستوى جميع البلديّات التي يتجاوز عدد سكانها 9000 نسمة، لم يُتح القانون الإستعماري لأغلبية السكان إلا تمثيلا أقليًّا. مما جعل المجلس البلدي لقسنطينة يتكون من 31 مستشارا من الهيئة الأولى و 21 مستشارا من الهيئة الثانية أي ثلاثة أخماس لهؤلاء و خُمسيْن لأولائك إنّ زملاءنا من الهيئة الأولى لمّا قرّروا الإستبداد بمنصب رئيس البلديّة و 8 مناصب مساعدين، هم يتحملون مسؤولية التأزم و هذا من دون سبب بيّن حالة هي أصلا حالة ظلم."16
  • 17 السجل رقم 117، جلسة 8 ماي 1953.
21و في الحال تبعه أرزقي بـراهـيـمـي (مـن الحزب الشيوعي الجزائري PCA) و اِقترحه لمنصب رئيس البلديّة مقابل Eugène Valle الذي هزم في النهاية شريف بن الحاج سعيد ب 31 صوتا ضد 21 صوتا. بعدها، اِنتخَب المجلس مساعدي رئيس البلديّة التسعة و كانوا ينتمون كافة إلى الهيئة الأولى و هم: Troussel، Dérommaigné، Cimino، Rousseau، Cazeaux،Ghozlan Bonici ،Berthier و Luciani. و تقدم علاوة عباس و عز الدين مزري، كلاهما من الحزب الشيوعي الجزائري PCA، دون نتيجة، لمنصبي المساعد الأول و الثاني باِِسم الهيئة الثانية. و اِختتِمت الجلسة بخطاب ل Eugène Valle الذي ذكّر لشريف بن الحاج سعيد أنّه كان مستعدًّا "لتقديم ثلاثة مناصب مساعدين لمرشحي الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري UDMA [...] لكن الشيوعيين فلا أريد السماع بهم".17
22و رغم تعقد المعارضة التقليديّة بين الهيئتين بسبب خلافات مذهبية، إلا أنه ابتداء من نوفمبر 1954 تم وضع هذه التوترات التي طالما أرقت المداولات جانباً
  • 18 السّجل رقم 119، جلسة 18 جويلية 1955.
  • 19 حسب اِبن عبد العزيز، لمداوي، مستشار للبلديّة اِنتخِب سنة 1953، اِِِِِِستقال منتخَبي الهيئة الثانية (...)
23في شهر جويلية 1955، وُضِع كل من عز الـديـن مــزري و إبراهيم أرزقي و حسين مساد تحت الإقامة المحروسة في الجنوب القسنطيني و قد ندّد شريف بن الحاج سعيد بإجراء الإبعاد هذا خلال الجلسة الأخيرة للمجلس البلدي التي جمعت الهيئتين18 و بالفعل، بدأت مقتضيات الحرب تؤثر على مجرى الأحداث وهو ما دفع منتخَبي الهيئة الثانية إلى الإنسحاب من المداولات، هذا إنْ لم يقدِّموا اِستقالتهم19 كالسّي حسان علي، خوفا من ردود فعل جبهة التحرير الوطني. و قد تبعهم حتى بعض منتخَبي الهيئة الأولى من بينهم Blanc،de Binisti و Alessandri .
  • 20 علاوة، عباس، كان صيدليا بقسنطينة و اِبن أخ فرحات عباس. و في نفس اليوم نجا الشريف بن الحاج سعيد من ع (...)
  • 21 حُلت في هذا التاريخ جميع المجالس المنتخَبة في الجزائر.
24و بعد اِغتيال علاوة عباس 20، منتخَب الحزب الشيوعي الجزائري PCA، بتاريخ 20 أوت 1955، لم يعد المجلس البلدي يضم سوى منتخَبي الهيئة الأولى و رغم فصله من مُمثلي الهيئة الثانية، فقد واصل المجلس نشاطاته حتى بعد تاريخ 11 ديسمبر 195621 إلى أنْ عوّض بالمندوبيّة الخاصة التي عيّنت السلطات العسكرية أعضاءها في 19 مارس1958.

الجنسيّة و إنكار المواطنة

25بدا المجلس البلدي خلال الفترة الممتدة بين 1947-1956 كمجلس مزدوج، كان يحتك فيه مواطنون فرنسيون و مواطنون مسلمون غير فرنسيين. و قد شكلت هذه التجربة المتناقضة ميزة للجمهورية الفرنسية داخل المستعمرة حيث كان رفض تطبيق مبدأ المساواة سبب فشل النموذج السياسي للمواطنة. الحاصل أنّ الجمهورية الفرنسية أعدّت و حافظت على أشكال الإقصاء من الميدان السياسي. و لعلّ أهم دليل على ذلك يكمن في وجود قانون ذاتي مختلف (يخصّ المسلمين) اِعتُبِر متناقضًا مع القانون المَدَني الفرنسي و كافّة الحقوق المَدَنية و السياسيّة. هذا و إنْ كان من المفروض أنْ ينتهي قانون لامين قاي إلى إلغاء الحاجز الذي كان يفصل بين الهيئتين حتى الآن.
26إنّ الرفض الذي عبّر عنه مُمثّلو الإستعمار و التّأييد الذي حظِيُوا به من طرف مجلس النواب إثر المداولات حول قانون الجزائر ينطقان بالكثير عن تفضيل "المواطنة الجزئيّة". و بالتالي جاءت سياسة الإدماج التي خصّت الأوروبيين وحدهم متبوعة باِستبعاد البقيّة المستعمَرة إلى غاية صدور قانون 1946 و هو ما يشرح لماذا ظل الإنفساخ قائما بين رعايا الأمس الذين اِرتقوا بقوة القانون إلى مرتبة المواطنين و بين المواطنين "الحقيقيين". إلا أنّ حرمان جزء من السكان من التّمتع بحقوقهم المدَنيّّّّة و السياسيّّة يُعيد وضع مبدأ المساواة ذاته موضع تساؤل كما يخالف روح العقد الإجتماعي الذي يساهم في بناء المؤسسة البلديّة (l'organisation communale).
27إنّنا أمام تطبيق منفرد للمواطنة في وضعيّة إستعمارية؛ تطبيق أبقى على هامش حدود المدينة رعايا هم قانونيًّا فرنسيين و من ثمّ مالكين جميع خاصيّات الجنسية الفرنسية و قد ثبت على المدى البعيد أنّ هذه البنية ضعيفة و مآلها الفشل: و ما دام طريق الإدماج موصداً، فإنّه طريق القطيعة سيفرض نفسه. لقد برّر أنصار هذه الوضعيّة الراهنة موقفهم بخوفهم أمام اِرتفاع العدد. علاوة على ذلك، سيتبنى هذه الحُجّة الوطنيون الذين دخلوا المنافسة و هذا مع اِستبطانهم في غير وعي طرح معادلة العلاقات بين المواطنين و اللا مواطنين.
  • 22 Pierre, Rosanvallon, Le Sacre du citoyen, histoire du suffrage universel en France, Paris, Gallimar (...)
  • 23 « Les contradictions de l’universalisme jacobin appliqué au fait colonial » Id. , p. 432.
28كما عبّر جميع منتخَبي الهيئة الثانية، بغض النظر إلى اِنتمائهم السياسي، عن عدم المساواة بلفظي "الأقلية" و "الأغلبية". غير أنّ الأمر يتعدّى بكثير الحساب التمثيلي لطرف أو لآخر داخل المجلس البلدي. ففكرة "المواطنة دون حقوق مدنيّة"22 تعني الرّفض مادام الأهالي المسلمون، و لو أنهم أصبحوا رسميّا فرنسيّين-مسلمين، غرباء عن المدينة و من هذا الجانب، تبدو "تناقضات الشمولية الصارمة المطبّقة على الواقع الإستعماري"23 صارخة.
  • 24 Benedict Andersen, L’Imaginaire national, réflexions sur l’origine et l’essor du nationalisme, Pari (...)
  • 25 Simona, Cerruti, « Processus et expérience : individus, groupes et identités à Turin », in Jacques (...)
  • 26 Hannah, Arendt, Les Origines du totalitarisme, Paris, Gallimard, 2002.
29إنّ الثنائية مواطنة-جنسية تحدّد نموذجَ رابطٍ سياسيٍّ يـجمع بـيــن الـفــرد و الدولة من جهة و يشارك في بناء الهويّة الوطنية من جهة أخرى. بالنسبة للحالة الجزائريّة، ألغت الجماعات المختلفة بعضها بعضاً من هذه الأمّّة المتخيَّّلة24 و التي لا تدرَك إلا من خلال التقسيم و إعادة التوزيع. و من ثم أدى هذا الإختلاف الذي يُثبّت المعيار العرقي أو الثقافي لصياغة المواطنة إلى إفشال أقوى الإرادات الراغبة في "بناء المدينة جماعيّاً"25 و هكذا نجحت السياسة الإستعماريّة في إفراغ المواطنة من معناها كنمط سديد لتقسيم العمل السياسي. إنّ إنكار المواطنة الذي ترجمته صيغة "فرنسي مسلم" هو حقّاً منبع إضطهاد حسب المعنى الذي اِستعملته 26Hannah Arendt.
  • 27 Journal L’Entente, 23 février 1936.
30و من الواضح أنّ التعامل المختلف الذي خصّ الفرنسيين المسلمين كان يسعى إلى إبقاء ممارسات تعسّفية تؤدّّّّي لا محال إلى الحرمان الفعلي من حقوقهم المَدَنيّة و كأنهم أجانب. في هذا الصدد، إنّ الجمهورية الفرنسية فشلت في مهمتها في مَدّ نموذجها لتنظيم و إدماج المجتمع المَدَني و إلى حدٍّ ما، "الفرنسيون المسلمون" هم دون وطن (apatrides) لا أحد عبّر أفضل من فرحات عباس عن هذه الحيْرة أمام إغلاق أبواب المدينة و عن هذا الفصل بين الجنسية و مـمــارســة الـمـواطـنــة27 و تلقائيّا، وُجدَت التجربة البلديّة عكس التصور الذي يفترضها "ساحة مقبولة لإعادة التوزيع". غنيّا عن هذه الحدود و علاوة عن العلاقات شبه الدائمة، جرّب مستشاري البلديّة التّابعين للهيئة الثانية قلب العلاقة التغلبيّة هذه لصالح تركيبة اِجتماعية و سياسيّة جديدة تستجيب لمبدأ المساواة في الأدوار و المهام الواجبة على الجميع على حدّ سواء، إنّ ما يتجلى من نشاط المشاركة (l'action participative) للمنتخَبين المسلمين، هو دخول المجتمع المحلّي بدوره في سباق التشييد السياسي. كما ساهم التأييد الذي حظِي به المرشحون و برنامجهم في إعادة بناء السّاحة السياسيّة فخلق دينامكيّة جديدة كمُقدّمة لتغيير اِجتماعي.
31و لعل ما صادفه هذا النمط من التنظيم من نجاح يعود نسبياً إلى رفع التحديدات التي كانت تمارس الضغط على جماعة الناخبين. فاِبتداءًا من سنة 1946، اِِِِِتسعت جماعة ناخبي الهيئة الثانية إلى جميع المسلمين البالغين أكثر من 21 سنة، بينما ظلت النساء مُهمّشات.

مُمارسة الإنتخاب

  • 28 Alain, Garrigou, Histoire sociale du suffrage universel en France, 1848-2000, Paris, Seuil, 2002.
32اِنحرفت فكرة الإقتراع العام في الجزائر بسبب وجود هيئتين اِنتخابيتين مفترقتين و لم تعرف الإنتخابات العامّة تعبئة مُتزايدة إلا بتطور الحركة الوطنية. فمُجرّد تحديد جماعة الناخبين كان قد أعاق إمكانيّة تدرب المواطنين على ممارسة الإنتخاب28 (l'apprentissage citoyen) و بالفعل، كان التسجيل على القوائم الإنتخابية مقيّدا بشروط عِدّة ؛ حيث جاء فتح الهيئة الإنتخابية لجميع المسلمين البالغين 21 عاماً، سنة 1946، في سياق عسير و منطبع بتدابير القمع التي تبعت مظاهرات 8 ماي 1945 كما يجب لفت الإنتباه إلى التباطؤ الذي أبدته الإدارة المحلية في تطبيق القرارات الجديدة.
33و أعلمت صحيفة La Dépêche de Constantine في 21 جانفي 1946 أنّ "المواطنين الفرنسيين المسلمين [...] الذين لم يشاركوا في اِنتخابات سنة 1946، بأنّ اللّجنة الإدارية قد ألغتهم تلقائياً خلال جلسة 3 جانفي 1947 على أساس أنهم تركوا البلديّة نهائياً. لكنّهم و وفقا للقانون، لديْهم الحق في الإحتجاج ضدّ هذا القرار بتقديم طلب لرئيس البلديّة (مكتب المصلحة الإنتخابية) قبل تاريخ 4 فيفري 1947."
  • 29 La Dépêche de Constantine 26-27 octobre 1947.
34لا بأس! كتب الناخبون للجريدة و تمرّدوا ضدّ هذا القرار مُتذرّعين بأنّ "القانون لا يُشير إلى طرد من لم ينتخبوا" و جاء الجواب سريعاً و تلخص في ردّ الحُجّة التي قدِّر بأنّها غير مقبولة؛ و اِستنادًا إلى قرار تنظيمي ل 2 فيفري 1852 و إلى قانون 7 جويلية 1874، رأت اللجنة الإدارية المكلّفة بمراجعة القوائم الإنتخابيّة أنّهم تركوا البلديّة نهائيّا29.
  • 30 نودِيَ حسين علواش في شهر مارس 1958 لترؤّس المندوبيّة الخاصّة و اِنتخِب رئيسا لبلديّة قسنطينة في شهر (...)
35و هكذا أصبحت الهيئة الإنتخابيّة، بعدما كانت تضم حوالي 20587 مسجّلا في اِنتخابات سنة 1946 للدستور الثاني، لا تضم سوى 16234 مسجّلا في الإنتخابات البلديّة لأكتوبر 1947، إنّ إجراءاً كهذا يُعطينا فكرة مسبقة عن الحملات الإنتخابية و عن أسلوب تكوين قوائم المرشحين و عن المواجهة العنيفة بين المرشحين المتنافسين داخل نفس الهيئة و بين الهيئتين. و أما الجرائد المحلية، فقد نسخت مدى المُجادلات و التنديدات و الضغوط بشكل نسبي. أخيرًا، إنّ التدخّل المُتعمَّد للإدارة الفرنسية في تنظيم الإنتخابات أصبح مُمارسة متداوَلَة و على العموم، فهي سابقة لتوسّع جماعة الناخبين مع فرق واحد يكمن في أنّ الإدارة لم تعد تخفي ممارساتها و هذا اِبتداءًا من تنظيم اِنتخابات شهر أفريل 1948 لتعيين مُمَثلي المجلس الجزائري. حيث صار اِنشغالها الرئيسي هو صناعة قائمة بشخصيّات طيّعة. و هكذا لتحاشي عودة حركة اِنتصار الحريّات الديموقراطيّة MTLD، تدبّرت الإدارة الفرنسية بحيث أيّدت قائمتين خلال اِنتخابات أفريل 1953: الأولى قائمة مستقلة على رأسها صالح بن جلول و الثانية قائمة عمل محليّة مع حسين علواش30، لمواجهة قائمة الإتحاد الديموقراطي للدفاع عن المصالح القسنطينية (الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري و الحزب الشيوعي الجزائري UDMA & PCA) و قائمة الإتحاد للدفاع عن الحريات الديموقراطيّة و النشاط البلدي (حركة اِنتصار الحريّات الديموقراطيّة MTLD).
36في الدور الأول، أخفقت قوائم الهيئة الثانية الأربعة مما تسبّب في اِزدياد التوتر بين مختلف المُرشحين ما بين الدورين. و هوجم حسان بوجنانة، نائب رئيس البلديّة 1947-1953 ( من حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD) في شجار أثاره أنصار الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري UDMA يوم السبت 3 ماي 1953 أي صبيحة الدور الثاني، حيث تلقى ضربة قويّّة على الرأس و ما كان لينجوَ لولا تدخّل الشرطة التي نقلته على عجل إلى المستشفى. و عاد الفوز في النهاية إلى قائمة الإتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري و الحزب الشيوعي الجزائري UDMA & PCA.
37و لكن هل القائمة مدينة بنجاحها للمساومات التي صرّح بها رئيس البلديّة الذي خرج إثر الجلسة الأولى للبلديّة الجديدة (مشيراٌ إلى المحادثات بين بن الحاج سعيد و Eugène Valle)؟
  • 31 Rapport SLNA, 12 décembre 1951, Archives d’outre-mer, Fonds des Réformes 93.
  • 32 ثمّة رخصتان كانتا موضع مراودة إدارة مقهى و فتح خط نقل
38مرّة أخرى، فإنّ نموذج اِنتخابات 1953 يُعطي فكرة عن ظاهرة الزبائنيّة التي كانت تطبع العلاقات بين المؤسسة (الإدارة) و مختلف الممثلين الــسـيـاسـيّــين و فعلا، يصعب علينا فهم التكوين المختلط للقائمتين "المحليّة" و "الحرّة" (أعيان و مُرَشَّحون مُتسترون) بطريقة أخرى. حيث لم تتردد الإدارة، أمام الأحزاب المنظِمة، للجوء إلى "سماسرة إنتخابيين [...] بهدف حمل الناس31" لِمنح أصواتهم لهذا أو ذاك من المرشحين. و قد كان هؤلاء السماسرة ينظمون الوفود الإنتخابية و يُثيرون الشجارات و يمدحون فلان و طبعاً يَعِدون بمكافاءات عديدة32 في نهاية المطاف.
39إنّ اِنتشار هذه العلاقات الزبائنيّة قد حرّف الفعل الإنتخابي الذي أصبح عبارة عن علاقة تبعيّة شخصيّة متوجة بإعادة توزيع موارد ماديّة. بل نلمح وراء هذه المبادلات الخفيّة تعدد التلقيّات الإجتماعية (la diversité des réceptions sociales) للنشاط السياسي في سياق إستعماري، و من دون شك إرادة ســيــطرة و مراقبة مجموعة على كل المجتمع. و لقد جاءت جسامة أساليب التزوير بقدر الإمتيازات التي كان يجب حمايتها، الأمر الذي ندد به، على حدّ سواء، الوطنيون (جريدة المغرب العربي) و شخصيّات سياسيّّة صُدِمت عميقاً بهذا السلوك. كما شكا الكثير من المرشحين من المصاعب التي واجهتهم إبّان الحملة الإنتخابيّة من قاعات مرفوضة أو مغلقة و مناشير غير مطبوعة.
40و في الواقع، إنّّ "فبركة" الإنتخابات هذه، التي وُضعت كَحاجز أمام تقدّم الوطنيين الحتميّ، قد شكلت دافعاً قوياً لإفشال النظام الإنتخابي و التنديد به، حيث جاء إجراء الإحجام صارخًا: إثر إنتخابات 1947 قاطع الناخبون صناديق التصويت وهذا في جميع المدن الكبرى: كانوا 75% في قسنطينة و 60% في وهران و 55% في الجزائر العاصمة. أمّا القاعدة الإجتماعية التي تبنّت شعارات حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD فلم تتوهّم كثيرًا و لو أنّ هذا السّباق كان سيُبدي التجذر الحقيقي للحزب.
41و تمّ شرح مدى هذا الإحجام بتأثير سلسلة متتالية من الأسباب على المشهد السياسي لما بعد الحرب، كقمع مظاهرات ماي 1945 و الملل الناشئ عن مضاعفة الإنتخابات العامّة و التزوير و ليس بالمُؤكّد إطلاقاً أنّ أهميّة السباق الإنتخابي كانت حقيقيّة و متبادلة لدى الجميع. فنظراً لضعف مستوى التعليم في المجتمع الذي كان منشغلاً أكثر بمصاعب الحياة اليومية، لم تكن المشاركة الإنتخابيّة من ضمن أولوياته. و من جهة أخرى، لعب تضخم المجتمع المدني بسبب النزوح الريفي الهامّ لسنوات 1940 دوراً في إيقاف المشاركة الإنتخابيّة، بدلاً من أن يشكل مصدر تعبئة سياسيّة. هذا لا يعني أنّ السيْر السياسي (le processus politique) كان غائبا تماماً، و لكن كان لابدّ من الأخذ بعيْن الإعتبار توابعه المعقدة في بناء المواقف السياسيّة. و بصيغة أخرى، يظهر أنّ الإمتناع و المشاركة في الإنتخابات لا يعكسان حتميّاً اِهتماماً سياسيّاً، بل تبدو درجة الوعي السياسي تأخذ أهميّة أكبر عند سكان أكثر حُريّة و من ثمّ أكثر إحساسا بمُراودات زُعماء مُختلف التيّارات السياسيّة.
42إنّ هذا الإحتكاك المباشر مع سكان غير مُدرّبين على سريّة الإنتخاب و على ما يكتسيه من معنى، لا يكفي لتأسيس خيار اِنتخابي مُحَرّر من الإرغامات المرتبطة بالإنتماء الجماعي.

البروز البطيء و الصعب للرأي العام

  • 33 حول مسألة معنى المصطلحات، راجع إلى:
    Gérard, Noirel, « Socio-Histoire d’un concept, les usages du mo
    (...)
  • 34 Mahfoud, Kaddache, Histoire du nationalisme algérien, question nationale et politique, 1919-1951, A (...)
43تجنّدت الجماعات السياسيّة المختلفة عَشيَّة الإنتخابات العامّة و قد سمحت الجغرافية الضيّقة للمدِينة بتحقيق إشهارًا مؤكداً لِمُعظم مظاهراتهم؛ حيث تركزت جميع النشاطات في مساحة توافق منطقة الصّخر (Le Rocher) و تمّ إدخال بعض التعديلات على خطابات الزعماء السياسيّة لتكون أكثر اِنسجاماً مع الحضور فلم يُضايق الخطباء لغتهم بحذاقات البرامج السياسيّة التي أعدّتها مُديريّة الأحزاب بل اِستعملوا لغة بسيطة رغم أنّها كانت تأخذ نبرة راديكالية حال تطرّقها إلى مواضيع الحملة الانتخابية و يبقى المجال مفتوحاً لدراسة خطابات الحملات لمن يريد إبراز التّحرّي التاريخي (l'investigation historique) للرؤى النابعة من المؤسسات الرسميّة و التعرّض لتاريخ المصطلحات السياسية في سياق إستعماري33. و لِجلب اِستفتاء الجماهير الشعبيّة، لم يتردد مُرشحو حركة اِنتصار الحريات الديموقراطيةMTLD أمام اِستعمال و بكثرة "العبارات المُجنِّدة الأكثر نجوعًا [...] و المشبّعة بالحماس الديني"34 كـالوطن و الدين و الديموقراطية التي اِختلطت في دفعة واحدة و اِستعمِلت كمؤشرات لسيْر الفكرة الوطنية.
44أمّا بالنسبة للسياسة البلديّة، فلم يكن بوسع منتخَبي الهيئة الثانية إلاّ أن يقترحوا وعودًا غامضة لصالح الدفاع عن مصالح ناخبيهم. و لكن أيّ أثر سيُحدِثه، لدى ناخبي المستقبل، تشابك كهذا للشعارات مع كثافة المراجع المنقولة ؟ بل ليس لنا سوى أن نلاحظ الفجوة الموجودة بين الدّعوات التي كانت تطرح القضيّة الوطنيّة و بين غرض التعبئة الفورية الذي كان يسعى إلى الإنسجام في التشكيلة البلديّة (la configuration municipale). و رغم ذلك يُحسن أنْ نشير إلى أنّ فضل هذه الحملات الإنتخابيّة هو أنّها اِسترجعت التوترات المستتِرة التي كانت تشمل العلاقة بين المواطنة و الجنسيّة و التي أرادت الهيمنة الإستعماريّة حجبَها. أمّا الرأي العام الذي كان يسعى إلى الظهور، فقد وجد نفسَه رهيناً بين قطبيْ الثنائيّة مواطنة/ جنسيّة و من ثمّ موجهّا نحو حلّ القضيّة الوطنيّة. و لأنّه كان منشغلا بالتعبير عن رغبات الجماهير "المسلمة"، أهمل مختلف الأشكال المرتبطة بالمواطنة و هو ما أدّى إلى تقوية الإحساس بالإنتماء إلى نفس الأمّة الوطنيّة. ولم تترك هذه الحركة لبناء الهويّة السياسيّّة إلا مجالا ضيّقاُ لممارسة فرديّة مستقلّة. في حين، نلاحظ أنّ التنافس الإنتخابي أو الإحجام قد شاركا في تمتين هذا الإحساس بالإنتماء إلى نفس الأمّة الوطنيّة خاصّة أنّهما اِستوليا على السّاحة العامّة.

هيئة واحدة 1958-1962

  • 35 كانت منطقة شمال الجزائر مجزءة بين بلديّّّّّّّات ذات الصلاحيّات التامّة (التي تفترض وجود أغلبيّة سكا (...)
45لقد جاء الإصلاح البلدي الذي طالما كان منتظرًا في رائعة الحرب. وهكذا بعد أن انتخبت "الأحكام الخاصة"، إلتزمت حكومة Guy Mollet عبْر قرار 28 جوان 1956 ب "تغيير بلديّات الجزائر المختلطة إلى بلديّات خاضعة لقانون 5 أفريل 1884 "35. في الجزائر، وضع Robert Lacoste، الوزير المقيم، جميع آماله في تحقيق هذا الإصلاح الذي كان يهدف إلى تشجيع عودة السّلام. و بالفعل اِعتُبِر أنّ تأسيس هيئة واحدة و اِنتخاب المجالس بالإستفتاء العام كان ضروريّا ل : "ممارسة المسؤوليّات [...] و للتكوين التدريجي و السريع لنخب حقة". إلا أنّ الإصلاح اِصطدم بضخامة عمليّات تحديد المساحة العقارية للبلديّات الجديدة التي كان يجب إنجازها في المناطق الموجودة تحت حراسة عسكريّة عالية. وقد نتج عن ذلك تأسيس 1468 بلديّة في نهاية سنة 1957 ليرتفع عددها إلى 1525 سنة 1959 لكنّ الإنتخابات المنصوص عليها ستتأخر و لن تجري قبل شهر أفريل 1959 مما كانت نتائجه حلاّ مؤقتّا تمثل في المندوبيّة الخاصّة طيلة الوقت الضروري.
46و تمّ في قسنطينةّّ حلّ المجلس البلدي فعلا في شهر ديسمبر 1956 و في الواقع اِستمر المجلس البلدي في التفرّغ لمهامّه مع مستشاري الهيئة الأولى فقط إلى غاية 19 مارس 1958 و هو التاريخ الذي أقام فيه Jacques Aubert، الكاتب العام لعمالة قسنطينة، المندوبيّة الخاصّة لقسنطينة. و لقد كرّم هذا الأخير رئيس البلديّة Eugène Valle و الوالي Maurice Papon تكريمًا مزدوجًا و لم يُشِر أحد إلى الحرب... لكنّ مفاوضات المندوبيّة الخاصّة الواردة في السِّجل العادي لمداولات المجلس البلدي (السّجل رقم 120) تتضمّن الإمضاء المضادّ للعميد قائد منطقة الشمال القسنطيني  و لأول مرّة حدث التحام بين المندوبين الأوربيين ال 25 الجالسين إلى جانب المندوبين المسلمين ال 31 (56 عضو في الإجمال) تحت رئاسة حسين علواش. و كان يساعده 11 نائب رئيس و هم:Eugène Valle (رئيس بلديّة قسنطينة 1947-1956) و حميدة بن شيكو و Marcel Bort، Michel Bousquet، Maurice Dessens،Jacqueline Febvre، Elie Stora و محمد الشريف بن مصطفى و حاج عبد الكريم خطابي و صالح مبارك و مصطفى رودسلي.
  • 36 السّجل رقم 120.
47و أخيرًا، حققت عدّة مكاتب وحدتها (كالمكتب الخيري للأوربيين و المكتب الخيري للمسلمين). و يندرج خطاب حسين علواش في نطاق "القالب القانوني الذي ينبغي في نظرنا أن يُطبَّق بطريقة مخلصة و سريعة و تامّة و حُرّة، و وفقا لنفس الكلمات التي اِستعملها السيد رئيس المجلس [...] ليس هنا من مسلمين أو نصارى أو يهود، إنّما هناك فقط جزائريون عازمون على العمل لصالح السكان في إطار فرنسي"، و أنهى بأن وجّه "اِعترافا حارّا للسيّد Papon الذي عرف كيف يجمع شمل الطاقات في الشرق الجزائري"36. و هكذا تركت المندوبيّة الخاصّة مكانها لبلديّة اِنتخِبَت بالإستفتاء العام ؛ إستفتاء مفتوح للرجال و للنساء على حدّ سواء، بهيئة موحّدة في 27 أفريل 1959. و مرّة أخرى، كانت القوائم الإنتخابيّة الثلاثة من صناعة الإدارة و الجيش. و ينقل Collot أنّ بعض مرشحي منطقة قسنطينة تقدّموا بأمر من جبهة التحرير الوطني.
  • 37 نفس المرجع.
48اِنتخِب حسين علواش رئيساً للبلديّة ب 34 صوتاً من ضمن 36 و جاء تكوين البلديّة الجديدة كالتالي : 36 مستشاراً من ضمنهم اِمرأة : الأرملة ربيحة شابي و 9 أعضاء أوربيِّين. حيث تمّ تطبيق التمثيل النسبي لأول مرة. إلا أنّ تعيين النواب أثار غضب رئيس البلديّة Edgard Guyon و العبارات التي اِستعملها هي تقريبا تلك التي كان يردّدها منتخَبو الهيئة الثانية : "ما دمنا تحت نظام التمثيل النسبي، أرى أنّه من واجبنا أن نحترمه إلى آخر نقطة، أي تقدير التمثيل النسبي لمناصب المساعدين" 37. في النهاية، Baptistin Lapica هو الذي اِنتخِب أوّل نائب، مـتـبـوعًـا ب Paul Bernard، Guy Auclair و لـحـسـن عـلام و عبد الحميد درويش و مصطفى رودسلي و ربيحة شابي و ناصر بودراع.
49في خريف سنة 1960، قتلت جبهة التحرير الوطني ثلاثة أعضاء من هذا المجلس البلدي و هم: محمد أوعمر و محمد الشريف بن عاشور و مولود نوي. وجُرح ثلاثة آخرون هم: مصطفى بن جلول و حاج عبد القادر خطابي و حمو بن لبجاوي.
50و اِنعقدت آخر جلسة لهذا المجلس بتاريخ 4 جوان 1962، في مدينة هجرها سكانها الأوربيون و في 14 جويلية 1962، تزودت الجزائر المستقلة حديثا هي الأخرى بمندوبيّات خاصّة. و أعادت مندوبيّة قسنطينة تنصيب منتخَبي بلديّة سنة 1947 كحسان بوجنانة رئيسًا و عبد المجيد بن وطاف و عبد السلام راشي. و وفقا لاِتفاقيات إيفيان، مثّل الفرنسيّّين الباقين في المدينة: Emile Bianco، Jean Lebail و Jean Pierre Murey .
51ختامًا لبحثنا هذا، يُمكننا القول بأنّ دراسة التجربة البلديّة تشكل مقاربة ممتازة للتاريخ الإجتماعي للسياسة في وضعية إستعماريّة، تلم على حدٍّ سواء بقضيّة العلاقات بالمجتمع المزدوج و بالمؤسسة ذاتها، أي تنظيمها و الممارسات التي نجمت عنها. فمن بلديّة إلى أخرى، شهدت مشاركة المنتخَبين في مجملهم، تطورا حاسما و خلقت ديناميّة إجتماعيّة على الصعيد المحلّي بدأنا نقيس أهميتها.
  • 38 إعداد قاموس يشمل جميع مستشاري البلديّة لمدينة قسنطينة (1854-1962) هو حالياً في صدد الإنجاز.
52و بالفعل، وراء الحدود المفروضة و قساوة شركاء الهيئة الأولى، ساهمت التجربة البلديّة في إعطاء شكل لِحدود الرابط السياسي و بعث الإحساس الوطني. إنّ تسييس النخب و الإنتخاب و المهن السياسيّة و المواطنة و الجنسية و ضغط الإدارة و الزبائنيّة... كلها قضايا تستدعي اِهتمام الباحثين لأنها تسمح لنا بالتعرض اليوم للتاريخ الإجتماعي للدولة الإستعماريّة في الجزائر. طبعاً تبقى هذه المهمّة مقيّدة بوجود وثائق أصليّة. و هي الآن مُتوفرة في الجزائر على مستوى جميع البلديّات الجزائرية التي اِحتفظت بسجلات المداولات، و كذلك في فرنسا على مستوى أرشيف ما وراء البحار التي قامت حديثا بترتيب Le Fonds des Réformes 38.
Haut de page

Notes

1 لا تعني سوى نوعا من البلديّات: تلك التي سٌمّّيت بالبلديّات ذات الصلاحيّات التامّة على خلاف البلديّات المختلطة.
2 تأسس القطاع الإداري الحضري في 1 أفريل 1957 و يوجد على مستوى أرشيف ما وراء البحار عدّة ملفات تحت الرقم 8 SAS.
3 قرار 3 جويلية 1958 رقم 58-568 الذي أثبت ما قُرِّر في 2 جوان 1958 فيما يتعلق بممارسة النساء الأهالي لحق الإنتخاب.
4 هذا التفكير ناتج عن دراسة قِيدَت ضمن مخبر:Construction, analyse critique et usages des sources : l’histoire à l’épreuve de l’identité. CRASC, Oran
اِستنادًا إلى سجلات مداولات المجلس البلدي لمدينة  قسنطينة.
5 Léon, Blum, cité par Charles-André Julien, L’Afrique du Nord en marche, Paris, Julliard, 1952, p. 278.
6 Jean, Leca, « La citoyenneté entre la nation et la société civile », in Dominique Colas, Claude Emeri, Jacques Zylberberg (dir.), Citoyenneté et nationalité, Perspectives en France et au Québec, Paris, PUF, 1991, p. 479-505.
7 ولد جمال، دردور سنة 1917 و هو جرّاح أسنان و مناضل في حزب الشعب الجزائري PPA، قد سيّر خزينته سنة 1944 و اِنتخِب بعد أن رشح نفسه في الإنتخابات التشريعية لنوفمبر 1946 على قائمة حركة اِنتصار الحريات الديموقراطية MTLD  ex PPA . لمزيد من المعلومات، راجع إلى:Dictionnaire des parlementaires français, tome 3, 1940-1958, Paris, La Documentation française, 1994 ; Le Fonds des réformes, 93/127, Archives d’outre-mer, et les mémoires de l’auteur : De l’Étoile nord-africaine à l’indépendance, Alger, éd. Hammouda, 2001
8 Claude, Collot, Les Institutions de l’Algérie durant la période coloniale, 1830-1962, Paris, Alger, CNRS-OPU, 1987.
9 سجل المداولات البلديّة، رقم 113، جلسة 30 أكتوبر 1947.
10 جريدة المغرب العربي El Maghreb El arabi، 15 أكتوبر 1947.
11 نفس المرجع، السجل رقم 113.
12 In le journal Égalité du 22 novembre 1947, Archives d’outre-mer, FM 81F/691 (élections municipales 1947).
13 السّجل رقم 117، جلسة 17 أفريل 1953.
14 Cité par Jean, Mélia in le journal Démocratie du 22 novembre 1947, FM 81F/691.
15 نفس المرجع، السّجل رقم 117.
16 المرجع السابق.
17 السجل رقم 117، جلسة 8 ماي 1953.
18 السّجل رقم 119، جلسة 18 جويلية 1955.
19 حسب اِبن عبد العزيز، لمداوي، مستشار للبلديّة اِنتخِب سنة 1953، اِِِِِِستقال منتخَبي الهيئة الثانية الذين كانوا مازالوا متردّدين بعد اِغتيال علاوة عباس.
20 علاوة، عباس، كان صيدليا بقسنطينة و اِبن أخ فرحات عباس. و في نفس اليوم نجا الشريف بن الحاج سعيد من عمليّة اِغتيال. راجعْ إلى صحيفة La Dépêche de Constantine، 22 أوت 1955.
21 حُلت في هذا التاريخ جميع المجالس المنتخَبة في الجزائر.
22 Pierre, Rosanvallon, Le Sacre du citoyen, histoire du suffrage universel en France, Paris, Gallimard, 1992, p. 427 et suiv.
23 « Les contradictions de l’universalisme jacobin appliqué au fait colonial » Id. , p. 432.
24 Benedict Andersen, L’Imaginaire national, réflexions sur l’origine et l’essor du nationalisme, Paris, La Découverte, 1996.
25 Simona, Cerruti, « Processus et expérience : individus, groupes et identités à Turin », in Jacques Revel (dir.), Jeux d’échelles, la micro-analyse à l’expérience, Paris, Gallimard-Seuil, 1996.
26 Hannah, Arendt, Les Origines du totalitarisme, Paris, Gallimard, 2002.
27 Journal L’Entente, 23 février 1936.
28 Alain, Garrigou, Histoire sociale du suffrage universel en France, 1848-2000, Paris, Seuil, 2002.
29 La Dépêche de Constantine 26-27 octobre 1947.
30 نودِيَ حسين علواش في شهر مارس 1958 لترؤّس المندوبيّة الخاصّة و اِنتخِب رئيسا لبلديّة قسنطينة في شهر أفريل 1959.
31 Rapport SLNA, 12 décembre 1951, Archives d’outre-mer, Fonds des Réformes 93.
32 ثمّة رخصتان كانتا موضع مراودة إدارة مقهى و فتح خط نقل
33 حول مسألة معنى المصطلحات، راجع إلى:
Gérard, Noirel, « Socio-Histoire d’un concept, les usages du mot ‘nationalité’ au XIXe siècle », Genèses, n°20, septembre 1995, p.4-23
34 Mahfoud, Kaddache, Histoire du nationalisme algérien, question nationale et politique, 1919-1951, Alger, SNED, 1980, p. 13 et suiv. 
35 كانت منطقة شمال الجزائر مجزءة بين بلديّّّّّّّات ذات الصلاحيّات التامّة (التي تفترض وجود أغلبيّة سكانيّة أوربيّة) خاضعة لقانون 1884 و بلديّات مختلطة (مُتضمّنة أغلبيّة سكانيّة أهليّة). و كان قانون الجزائر لسنة 1947 قد نصّّ على إلغائها. لكن في سنة 1956، كنا لا نزال نحصي 78 بلديّة مختلطة و 333 بلديّة ذات الصلاحيّات التامّة.
36 السّجل رقم 120.
37 نفس المرجع.
38 إعداد قاموس يشمل جميع مستشاري البلديّة لمدينة قسنطينة (1854-1962) هو حالياً في صدد الإنجاز.
Haut de page

Pour citer cet article

Référence papier

وناسة سياري طنقور, « المجلس البلدي لمدينة قسنطينة من 1947 إلى 1962 », Insaniyat / إنسانيات, 35-36 | 2007, 19-37.

Référence électronique

وناسة سياري طنقور, « المجلس البلدي لمدينة قسنطينة من 1947 إلى 1962 », Insaniyat / إنسانيات [En ligne], 35-36 | 2007, mis en ligne le 12 août 2012, consulté le 10 juin 2014. URL : http://insaniyat.revues.org/3731
Haut de page

Auteur

وناسة سياري طنقور

وناسة سياري-طنقور، أستاذة محاضِرة في التاريخ بجامعة قسنطينة، باحثة بالمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجية الإجتماعية و الثقافية – وهران.

Articles du même auteur

Haut de page

Droits d’auteur





http://www.entv.dz/tvar/video/index.php?t=JT20H_09-06-2014


انهيار المحل السابق لـ”إيناديتكس” بـ”ميسونيي” يخلف مقتل عجوز في الـ78.. البنايات القديمة تهدد أرواح العاصميين PDF طباعة إرسال إلى صديق
الاثنين, 09 يونيو 2014 18:44
انهار، أمس، محل إيناديتكس -سابقا- بنهج ابن النفيس بميسونيي، وسط العاصمة، حيث أسفر الانهيار عن وفاة امرأة عجوز، في الثامنة والسبعين من العمر، كانت مارة بقربه، وذلك في حدود الساعة التاسعة إلى التاسعة والنصف صباحا. 

انهيار “يشبه الزلزال”

اهتزت المنطقة التي يتواجد فيها المحل على وقع دوي الانهيار، الذي “يشبه الزلزال”، حسب ما أفادنا به بقال على بعد عشرين مترا من المكان، “حيث ذهبت لشراء الخبز بالقرب من هنا، فسمعت دويا يشبه الزلزال”، يقول محدثنا، الذي أكد أنه “كان متوقعا في أي لحظة أن يحدث الانهيار بسبب تقادمه وتآكله إن لم يتم تهيئته وترميمه من طرف المسؤولين”، مؤكدا “سبق وأن تقرر ترميمه من طرف رئيس البلدية السابق، ولكن ذلك لم يتم”.
وتسبب الانهيار في تضرر المحل الذي بجانب “إيناديتكس” بنسبة كبيرة، وكذلك تضرر سيارة من نوع “هيلوكس”، كانت رابضة بمحاذاته، وتعاون رجال الحماية المدنية والشرطة والمواطنون في إبعادها، بعد تمزق عجلاتها، بينما تم تسجيل إصابة واحدة لعجوز في الثامنة والسبعين من العمر، “بجروح في رأسها وكسر في ساقيها”، حسب ما أفادنا به شهود عيان، “تم نقلها من قبل رجال الحماية إلى مستشفى مصطفى باشا” حيث لفظت أنفاسها الأخيرة. وقد استمر رجال الحماية المدنية، بالتعاون مع السكان ورجال الأمن، إلى غاية ما بعد الحادية عشرة صباحا، في نزع آثار الانهيار، كما قامت الشرطة بتطويق المكان وإبعاد المواطنين ومنعهم من الاقتراب من مكان الحادثة.

سخط من “إهمال” البلدية

هذا وأعرب سكان حي ميسونيي عن سخطهم مما اعتبروه “إهمال السلطات المحلية”، حيث أكد لنا إسلام، الشاب الذي انتشل العجوز ، أنه رفقة بعض من شباب الحي، ذهبوا، أول أمس، لملاقاة رئيس بلدية سيدي أمحمد، زيناسني، “لطلب ترميم المحل، غير أن المير رفض استقبالنا”، وأظهر لنا بلال، أحد شباب الحي، ممن رفض “المير” استقبالهم، مقطع فيديو صوره بهاتفه النقال بمقر البلدية، وقال “عدنا أدراجنا، وجمعنا شباب الحي، ثم رجعنا إلى مقر البلدية، حيث أذعن المير للضغوط واستقبلنا، ووعدنا بتسوية الأمر في غضون ثمانية أيام، ولكن العدالة الإلهية -يقول المتحدث- كشفتهم، حيث انهار المحل بعد يوم واحد فقط من لقائنا برئيس البلدية”. ونفى نائب رئيس البلدية بلال برقوق، خلال حديثه معنا، أن يكون طلب شباب الحي لترميم المحل، “وإنما أرادوا الترخيص لاستغلاله كبازار”، في حين أعرب جلول، أحد سكان ميسونيي، قائلا “أنا شخصيا قدمت طلبا لاستغلاله، بدل أن يبقى شاغرا، ويبقى أولادي بلا عمل، أو ينصبوا الطاولات، ثم يضطرون لنزعها عند رؤيتهم للشرطة”، مضيفا “كان يتوجب أن يقوموا بترميمه، منذ التسعينات، ولكنهم تركوه على حاله حتى ازدادت حالته سوءا، فحدث ما حدث اليوم”. كما تسبب تذمر شباب الحي في صبهم جام غضبهم على الوالي المنتدب لدى دائرة سيدي أمحمد، الذي تنقل إلى عين المكان، قبل أن يضطر للمغادرة بعدما أحاط به الشباب الغاضب، حيث دعاهم للتنقل إلى مقر الدائرة، وتعيين ممثلين عنهم للحديث باسمهم، بينما رفض مدير ديوان رئيس الدائرة السيد فريد الحديث إلى الصحافة.

عمارة محاذية أسقف شرفاتها متشققة

وبالموازاة مع تغطيتنا للحادثة، وحديثنا مع سكان الحي الذين كانوا حاضرين في المكان، أشار لنا حسين، صاحب محل لبيع الأقمشة في الرصيف الموازي، إلى العمارة المتواجدة بمحاذاة محله، إلى الأسفل من محل “إيناديتكس” السابق، ذات الخمسة طوابق، حيث أشار إلى أسقف الشرفات، وكيف أنها متشققة، وفعلا لمحنا أن سقف شرفة كل طابق متشقق، حيث أكد لنا توفيق، أحد سكان الحي، أنه “كلما تتشقق قطعة من سقف، فإنها، غالبا، تسقط إلى أسفل العمارة كحجرة، ومن الممكن أن تصيب أي شخص يمر بقربها”، وذكر لنا حسين حادثة مماثلة، “عندما سقطت ذات مرة قطعة كبيرة من الطابق الثالث، كما ترى آثاره، ومن حسن الحظ أن ذلك حدث يوم جمعة، وفي حدود الثالثة مساء، حيث كما تعلم يكون الحي شبه فارغ، وإلا كان يمكن أن تكون الكارثة أكبر”.
وليد غرايبية



http://www.djazairnews.info/images/stories/10-06-2014/img_7744.jpg



http://eso-gregum.univ-lemans.fr/spip.php?article118








منتدى السياحة والسفر
e22 قسنطينه ( مدينة الجسور المعلقه )





السلام عليكم


مراااحب بالاعضاء الغالييين
في هذا الموضوع سوف نأخذ جولة سياحيه في مدينة قسنطينيه ثالث كبريات مدن الجزائر تعداداً في السكان التي ابهرتني بروعة جمالها الخلاب بالاضافه الى تاريخها الحضاري
خارطه توضح موقعها الجغرافي



قسنطينة هي عاصمة الشرق ، و من كبريات مدن من حيث المساحة وتعداد السكان. تتميز المدينة القديمة بكونها مبنية على صخرة القاسي، مما أعطاها منظرا فريدا يستحيل أن يوجد مثله عبر العالم في أي مدينة. للعبور من ضفة إلى أخرى شيد عبر العصور عدة. ، فأصبح قسنطينة تضم اكثر من 8 جسور بعضها تحطم لإنعدام الترميم، و بعضها مازال يصارع الزمن ، و أسميت قسنطينة مدينة الجسور المعلقة. . على مدينة قسنطينة القديمة و تعلوه الجسور على ارتفاعات تفوق 200 متر.







مدينة الجسور:


نظراً لتضاريس المدينة الوعرة وأخدود وادي الرمال العميق الذي يشقها، أقيمت عليها سبعة جسور لتسهيل حركة التنقل، واشتهرت بعد ذلك قسنطينة باسم مدينة الجسور المعلقة، وهي:
جسر باب القنطرة: وهو أقدم الجسور بناه الأتراك عام 1792 وهدمه الفرنسيون ليبنوا على أنقاضه الجسر القائم حاليا وذلك سنة 1863.


جسر سيدي راشد: ويحمله 27 قوسا، يبلغ قطر أكبرها 70م، ويقدر علوه بـ105م، طوله 447م وعرضه 12م، بدأت حركة المرور به سنة 1912



جسر سيدي مسيد: بناه الفرنسيون عام 1912 ويسمى أيضا بالجسر المعلق، يقدر ارتفاعه بـ175م وطوله 168، وهو أعلى جسور المدينة



جسر صلا ح سليمان: هو ممر حديدي خصص للراجلين فقط ويبلغ طوله 125م وعرضه مترين ونصف، وهو يربط بين شارع محطة السكك الحديدية ووسط المدينة.


جسر مجازن الغنم: هو امتداد لشارع رحماني عاشور، ونظرا لضيقه فهو أحادي الأتجاه.
جسر الشيطان: جسر صغير يربط بين ضفتي وادي الرمال ويقع في أسفل الأخدود.



جسر الشلالات: يوجد على الطريق المؤدي إلى المسبح ويعلو الجسر مياه وادي الرمال التي تمر تحته مكونة شلالات، وبني عام 1928









هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 610x410.


منظر لكلية العلوم وكلية الحقوق



ضريح ماسينيسا


يعتبر ماسينيسا المازيليمن أهم ملوك دولة نوميديا الأمازيغية و من أبطال المقاومة الأمازيغية الذين عملوا على توحيد الممالك الأمازيغية تمهيدا لمقاومة الإحتلال الروماني القادم الى افريقيا الشمالية
توفي ماسينيسا حوالي 148 قبل الميلاد حولي و يوجد قبره الى يومنا هذا في مدينة الخروب بضواحي قسنطينة .



























CONSTANTINE : Le rituel de "Kahouat el Asr" PDF Imprimer Envoyer
Rien n’est plus symbolique dans l’art de vivre en famille, dans la Medina de Constantine, depuis bien longtemps déjà, que "Kahouat el Asr", le café servi en milieu d’après-midi dans les foyers de l’antique Cirta.

Ce rituel séculaire du café servi avec de petits gâteaux-maison sur une "snioua" (plateau de cuivre ciselé), autour de laquelle se rassemblent les familles constantinoises après la prière d’el Asr, est toujours ancré dans la cité du Rocher malgré l’évolution des moeurs et le changement de certaines habitudes de vie. Certains citadins, fiers de leurs coutumes, affirment que s’ils peuvent rater le déjeuner ou le dîner, il ne saurait être question pour eux de faire l’impasse sur ce fameux "café du Asr", à l’image de Ryma, une étudiante de 24 ans qui affirme éprouver un "indicible plaisir" à se plier à cette tradition adoptée à Constantine depuis plus d’un siècle. "Kahouat el Asr", appréciée par toute la famille, grands et petits, est surtout une occasion pour les mères de famille de s’offrir quelques instants de répit après une dure journée de labeur", souligne encore cette future pharmacienne, prenant l’exemple de sa mère, "la seule à se lever aux aurores". Elle ira plus loin en affirmant que "Kahouat el Asr" préparée automatiquement chaque après-midi dans sa maison familiale, fait "partie de (sa) personnalité". "Je ne peux imaginer ma vie sans cette tasse de café préparée par ma mère, pour moi et pour ma famille", dit-elle. Mohamed Salah, un autre étudiant de 21 ans, considère cette tradition comme une véritable hygiène de vie. "Dès mon jeune âge, dit-il, je me suis attaché à ce rituel qui permet aux membres de la famille d’avoir des relations affectives plus intenses, dans un monde qui a complètement changé".   Vivant aujourd’hui au 6e étage dans une cité de la périphérie de la ville, il évoque avec un plaisir mêlé de nostalgie la petite maison familiale où il résidait, enfant, du côté de Ain Smara. "Le plus beau moment de la journée, c’était lorsque nous nous regroupions en famille au milieu de notre petite cour, à l’ombre d’une "dalia" (vigne) pour siroter un café, grignoter un petit gâteau et, surtout nous retrouver", raconte Mohamed Salah.   D’autres citadins de la ville des ponts se trouvent, en raison de leurs obligations professionnelles, contraints d’apprécier assez tard leur café d’el Asr "en solo", mais pas question de le rater. Il n’est pas exagéré d’affirmer, aujourd’hui, que ce style de vie purement citadin est devenu l’image de marque d’une grande partie de la société constantinoise qui continue "d’obéir au rituel de "Kahouat el Asr" car il s’agit bien d’un comportement social qui encourage la convivialité et les bons rapports entre les membres d’une même famille, malgré les aléas de la vie. En plus de la gandoura (robe passementée) constantinoise, du Malouf et de la fameuse "Djaouzia", friandise préparée à base de noix et de miel, ce rituel du café du milieu de l’après-midi reste incontournable pour de nombreuses familles. Il était jadis préparé par les femmes au foyer, lesquelles profitaient de cette partie de la journée pour se reposer des tâches ménagères et de l’absence des hommes, se réunir et échanger les derniers commérages et autres confidences sur divers sujets. Ce rituel éminemment citadin a fini par atteindre les campagnes où l’on n’est pas obligé de suivre le rythme "infernal" de la vie en ville. Les hommes travaillant dans les champs ont tout le loisir de poser pour quelques moments leur râteaux et leurs bêches pour prendre leur "Kahouat el Asr" qui leur est servie à la maison ou dans un lieu ombragé sur leur lieu de travail.   Un sociologue, Abderrahmane Bouziane, estime que cette tradition repose avant tout sur une "culture matérielle". Autrement dit, la meïda de "Kahouat el Asr"qui comprend, en plus de la snioua finement ciselée, toute une panoplie d’objets, expose une partie essentielle de l’artisanat traditionnel et du savoir-faire constantinois. Il s’agit de la table basse qui supporte la snioua, en bois sculpté, du plateau de cuivre ouvragé par de grands dinandiers de la ville, de l’aspersoir en cuivre pour parfumer le café avec de l’eau de rose, le plus souvent distillée à domicile, les serviettes immaculées brodée ou décorées au crochet, des tasses en céramique, du sucrier en cuivre et enfin des coupes de confiture et de l’assiette de pâtisserie constantinoises qui permet à chaque ménagère de faire valoir ses talents. Certaines expressions du langage d’autrefois sont liées au rituel de "Kahouet el Asr". C’est ainsi qu’il est pratiquement "sacrilège" de servir une meïda de "Kahouat el Asr", sans gâteaux ni friandises. On dit alors : "kahoua hafiana" (café déchaussé). Lorsque le café est trop dosé, il devient objet de plaisanteries comme celle qui consiste à dire qu’un cafard pourrait marcher dessus avec des sabots sans couler ! (grellou yemchi fouk’ha bel kabkab). L’on dit également, pour un café, trop léger "de l’eau chaude et des youyous" (ma ouzgharid). Mais au-delà de tout cela, si "Kahouat el Asr" continue encore d’être de mise, vainquant sans rémission les "agressions" de la vie moderne et ses diversions, c’est surtout parce que cela reste l’un des rares moments de la journée où tous les membres de la famille, grands parents, parents, enfants, petits-enfants et cousins peuvent se retrouver pour faire un "break", débattre de sujets sérieux ou plaisanter et, surtout, savourer cet incommensurable plaisir que procure le fait de se sentir parmi les siens.
APS


راشدي تقاطع جائزة ”بوتفليقة”
الثلاثاء 10 جوان 2014 elkhabar



Enlarge font Decrease font

 قاطعت الممثلة، بهية راشدي، جائزة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة للشباب المبدعين، فقبل انطلاق الحفل الذي أقيم، مساء أول أمس، لتكريم شعراء وروائيين بمناسبة عيد الفنان، تدخل وفد عن وزارة الثقافة لمنع الفنانات بهية راشدي وسلوى ونرجس ووهيبة زكال من الجلوس في الصفوف الأمامية، كما زادت عبارة تلفظ بها ممثل الوزارة من تأزم الوضع، حيث قال لراشدي إنها لا تمثل الفن، ما أدى إلى خروج الممثلة من القاعة غاضبة، وقاطعت الحفل رغم تدخل الحاضرين لثنيها عن القرار.
-
1 -
2014-06-10م على 3:35
هذا ثمن و جزاء الشّيتة لي ضربتيها لبوتفليقة قبل 17 افريل و قد ردّو لك الجميل ... إذن صحّ شيتتُك و كل عهدة و أنت بخير
-

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
 

مدينة قسنطينة:
تتميز المدينة القديمة بكونها مبنية على صخرة من الكلس القاسي، مما أعطاها منظراً فريداً يستحيل أن يوجد مثله عبر العالم في أي مدينة.

عرفت استقرار البشر منذ ثلاث آلاف سنة قبل الميلاد، حيث سكن أهلها الكهوف والمغارات المتواجد على سفوحها، وسكنوا الأدغال المتواجدة حول الوادي والبحيرة القديمة، وزاد الإستيطان بها بعد جفاف بحيرة "المنصورة"، فقد وجدت بقايا لرسوم منقوشة على الصخور بالوادي، وعثر على أدوات حجرية قديمة، وعظام بشرية ترجع لعهد الحضارة الميجاليكتيكية في منطقة "تيديس" و قرية"بو نوارة" و"عين بومرزوق"، وكذلك ما تبقى من القبور والمسلات التي اكتشفت في المدينة وضواحيها[1].

وتشير بعض الدراسات إلى أنها كانت عاصمة لقبائل "الماسيل" المنتشرة في الإقليم الشرقي لبلاد الجزائر والإقليم الغربي للديار التونسية، اشتهرت هذه القبائل بتربية المواشي وخدمة الأرض.

والمؤرخون اليونان والرومان هم أقدم من كتب عن تاريخ قسنطينة، وعلى رأسهم المؤرخ بونييوس الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد.
وأهميتها تكمن في موقعها الذي يتوسط إقليم الشرق الجزائري، فهي تقع على خط التل الذي يشكل المحور الذي تتلاقى فيه شبكة الطرق الممتدة عبر المدن الجزائرية، فلكيا على خط طول 7/35 شرقا، ودائرة عرض 13/36 شمالا.

و تبعد بمسافة 245 كلم عن الحدود الشرقية الجزائرية التونسية، وحوالي 431 كلم عن الجزائر العاصمة غرباً، و235 كلم عن  مدينة بسكرة الصحراوية جنوبا، و89 كلم عن  مدينة سكيكدة الساحلية، ارتفاعها عن سطح البحر ينحصر بين خطي 400م و800م في الشمال، و800م و1200م في الجنوب.

تتربع المدينة على كتلة صخرية بالعدوة الغربية لوادي الرمال، ويحيط بها أخدود الوادي العميق، وذلك زاد من حصانتها، وجعلها قلعة شامخة في علو محفوفة بالعوائق والمنحدرات الشديدة من أغلب جهاتها، فاختيرت عاصمة للمملكة النوميدية، زيادة على الحصانة وفرة المياه والأراضي الصالحة للزراعة.

مدينة قسنطينة على المربع الصخري قبل أن تتوسع.

وبحكم قربها من قرطاج كانت مقرا هادئا مفضلا للفينيقيين خلال القرن الثالث قبل الميلاد، خاصة في حكم الملك النوميدي ماسينيسا، حتى أصبحت التقاليد والعادات والمعبودات واللغة والكتابة الفينيقية هي المتعامل بها في المدينة، والسائدة في المملكة النوميدية، فأطلق الفينيقيون على المدينة اسم "كرطة" أو "كرتن" وهي لفطة سامية كنعانية معناها القلعة أو المدينة[2]، وهو ما أطلقه اللاتينيون فيما بعد باسم "سيرتا"[3].

في سنة 112م احتل الرومان قسنطينة، وصارت عاصمة لكنفدرالية المستعمرات الأربع التي تجتمع تحت لوائها وهي: ميلة وسكيكدة والقل.

ولكل مستعمرة نظامها الخاص بها، وتتولى قسنطينة الدفاع عنها كلها، وتعيين القضاة بها.

ثم وقعت ثورة على الرومان بقيادة "يوغرطة" ومن تلاه، أثناء العهد البيزنطي، وتمردت المدينة سنة 311 م على السلطة المركزية، فاجتاحتها القوات الرومانية من جديد، و أمر الإمبراطور ماكسينوس بتدمير منشآتها وتخريب عمرانها وثلم أسوارها عام 311م، وظلت على هذا الحال إلى أن أمر الإمبراطور الروماني قسطنطين الأكبر(271/337م) سنة 313م بترميمها و أعاد لها مكانتها كعاصمة لإقليم الشرق، وسماها باسمه فتدعى منذ 313م " Constantine" قسطنطين، ولما فتحها المسلمون زادوا تاء المؤنث المربوطة فصارت "قسنطينة"، غير أنها بعد الفتح الإسلامي فقدت مكانتها كعاصمة، حيث أصبحت مدينة ميلة عاصمة الولاية الغربية، تدار من القيروان، وتدير هي شؤون المغرب العربي بعد العصمة القيروان، ومنها تنطلق السرايا، و ميلة مدينة تقع غرب قسنطينة تبعدها أقل من 100كلم.

يقول عن قسنطينة المؤرخون:".. مدينة جاهلية.. قديمة وكبيرة، و بها عدد كبير من السكان، مسالكها وعرة، وهي كالقلعة تحيط بها المياه من ثلاث جهات.."[4]،".. ولها نهر يصب في خندقها العظيم الشرقي، يسمع له دوي هائل، دائر من أعلى المدينة في قعر الخندق مثل ذؤابة النجم لبعد المسافة، وهذه المدينة على آخر سلطنة بجاية.."[5]، وسلطنة بجاية هي دولة بني حماد؛ عاصمتها مدينة بجاية، شمال غرب مدينة قسنطينة على ساحل البحر المتوسط، وقد صارت تحت حكمهم سنة(454هـ /1062م)، بعد أن كانت تحت حكم دولة الزيريين الصنهاجية؛ وعاصمتها مدينة ميلة.

و يقول المؤرخ البكري عن قسنطينة:".. هي مدينة آهلة؛ ذات حصانة ومنعة، ليس يعرف أحسن منها، وهي على ثلاثة أنهار عظام تجري في خندق بعيد القعر متناهي البعد، قد عقد في أسفله قنطرة على أربع حنايا، ثم بني عليها قنطرة ثانية ثم على الثانية قنطرة ثالثة من ثلاث حنايا، ثم بني فوقهن بيت يساوي ضفتي الخندق يعبر عليه إلى المدينة، ويظهر الماء في قعر الوادي من هذا البيت كالكواكب الصغيرة، لعمقه وبعده، ويسمى هذا ببيت العبور، لأنه معلق في الهواء، ويسكن قسنطينة قبائل شتى من أهل ميلة ونفزاوة وقسطيلية، وهي قبائل كتامة، وبها أسواق جامعة ومتاجر رابحة.."[6].
والمدينة .. على قطعة جبل متقطع مربع؛ فيه بعض الإستدارة، لا يتوصل إليها من مكان؛ إلا من جهة باب في غربها ليس بكثير السعة، وهناك مقابر أهلها حيث يدفنون موتاهم، ومع المقابر بناء قائم من بناء الروم الأول، به قصر يشبه بملعب "ثرمة" من بلد صقيلية.."[7]، ويحيط الوادي بها من جميع جوانبها كالعقد المستدير..يأتي من جهة الجنوب فيحيط بها غربا، ثم يمر شرقا مع دائرة المدينة، ويستدير من جهة الشمال، ويمر غربا إلى أسفل الجبل ثم يسير شمالا إلى أن يصب في البحر غربي وادي سهر، و ليس  للمدينة من داخلها سور يعلو أكثر من قامة إلا من جهة باب ميلة، وللمدينة بابان؛ باب ميلة في الغرب، و باب القنطرة في الشرق، وهذا القنطرة من أعجب البناءات، لأن علوها يشف عن مائة ذراع، وهي من بناء الروم؛ بقوس عليا وقوس سفلى، وعددها في سعة الوادي خمس، والماء يدخل على ثلاث منها..والمدينة عامرة بأهلها، وهم ذوو مال وسعة حال، ولها مزارع الحنطة والشعير، ممتدة في جميع جهاتها، والحنطة تقيم في مطاميرها مائة سنة لا تفسد، وفي كل دار منها مطمورتان وثلاث أو حتى أربع مقصورات في الحجر، وتبقى فيها الحنطة لبرودتها واعتدال هوائها، و بها الكثير من العسل والسمن الذي يتجهز به من قسنطينة إلى سائر البلاد.."[8].

تتكونت المدينة من منازل "القَصْبَة" وهي المحور الذي يتطور حوله العمران، وبجوارها سلسلة من الأسوار، تركزت صناعة الدباغة والجلود والنسيج على مشارف الجرف بجنوب غرب المدينة على الحافة من الوادي لتصريف الفضلات من جهة؛ واستعمال الماء كقوة محركة، أما صناعة الأواني الفخارية والخزف، ومعاصر الزيت ومخازنه فتركزت بالضواحي[9].

وحي القصبة كان به المعبد الروماني ثم بنى على أنقاضه الموحدون قصر الإمارة.

ومن معالم المدينة الحي اليهودي، وبه الجاليات اليهودية التي استقرت بالمدينة مع العناصر الفينيقية التي سكنتها في القرون الثلاثة الأولى قبل الميلاد، ثم زاد عددهم أثناء الإضطهاد الروماني لهم، ففروا إلى شمال إفريقيا، كما هربت الجالية اليهودية فيما بعد من الإضطهاد النصراني الإسباني بالأندلس في القرن 15 و16م، فنزحوا نحو المدينة.

وكان اليهود يشتغلون بالتجارة والمال، ولهم علاقات حسنة مع أهل المدينة[10]، ولهم محلات كبيرة وكثيرة، ومخازن عديدة ومستودعات لتخزين محاصيل المزارعين.

بعد سقوط دولة الموحدين؛ نشأت ثلاث دول عنها: بالمغرب الأدنى الدولة الحفصية وحاضرتها مدينة تونس625هـ ، بالمغرب الأوسط الدولة الزيانية وحاضرتها تلمسان633هـ، بالمغرب الأقصى الدولة المرينية وحاضرتها فاس 688هـ.

أما مدينة قسنطينة فكانت تابعة للدولة الحفصية، الممتدة من إفريقية (لبييا) شرقا إلى الشرق الجزائري، حيث شملت إدارتها مدنا كعنابة وبجاية وبسكرة وتقرت.

وتعد قسنطينة القاعدة الثانية للحفصيين بعد العاصمة تونس، حيث كان يعين عليها ولي العهد الحفصي أو أمير مؤهل يتميز بالخبرة والحنكة السياسية والعسكرية[11].

أما في عهد العثمانيين فقسنطينة هي المدينة الثانية بعد العاصمة مدينة الجزائر، وهي عاصمة المقاطعة الشرقية؛ الممتدة من شواطئ البحر المتوسط شمالا إلى صحراء الزيبان (ولاية بسكرة) جنوبا، ومن الحدود التونسية شرقا إلى بلاد القبائل غربا، وكانت بتقسيم "بايليك"، ووصفها المؤرخون بالمملكة لكثرة سكانها وأموالها ومواردها، واتساعها الجغرافي.

سنة 1830 م، و مع احتلال الجزائر من طرف الفرنسيين رفض أهالي المدينة الإعتراف بسلطة الفرنسيين، فقاد أحمد باي الحملة، و استطاع أن يرد الفرنسيين مرتين في سنتين مختلفتين في معارك للاستيلاء على القنطرة، التي كانت تمثل بوابة الشرق.

عام 1837 م، استطاعت الحملة الفرنسية بقيادة دوموريير عن طريق خيانة من أحد سكان المدينة اليهود، حيث استطاع الفرنسيون التسلل إلى المدينة عبر معابر سرية توصل إلى وسط المدينة، و عن طريق المدفعية أيضاً من إحداث ثغرة في جدار المدينة، ثم حدث الإقتحام، و اصطدم الجنود الفرنسيون بالمقاومة الشرسة للأهالي و اضطروا لمواصلة القتال في الشوارع و البيوت، حتى انتهت المعركة أخيراً بمقتل العديد من الأهالي، واستقرار المحتلّين في المدينة بعد عدة سنوات من المحاولات الفاشلة.

المعالم والآثار:
مقابر عصر ما قبل التاريخ: كانت مقابر أهالي مدينة قسنطينة على قدر كبير من الفخامة، تقع بقمة جبل، سيدي مسيد، في المكان المسمى "نصب الأموات".

كما اكتشفت قبور أخرى تقع تحت "كهف الدببة" وأخرى ناحية "بكيرة"، كما توجد مقابر أخرى بمنطقة "الخروب" بالمواقع المسماة "خلوة سيدي بو حجر" أو "قشقاش"، وكهف"تاسنغة" ببنوارة، وكلها من مرحلة ما قبل التاريخ.

المقبرة الميغاليتية لبونوارة: على بعد 32 كلم عن قسنطينة، وعلى الطريق الوطني رقم 20 المؤدي باتجاه مدينة قالمة، تقع المقبرة الميغاليتية لقرية بونوارة على المنحدرات الجنوبية الغربية لجبل "مزالة" على بعد 2 كلم شمال قرية بونوارة.

وتتكون هذه الدولمانات"dolments" من طبقات كلسية متماسكة تعود إلى عصر ما قبل التاريخ، ويبدو أن عدداً كبيراً منها قد تعرض للتلف والاندثار.

يشار إلى أن النموذج العام لهذه المعالم التاريخية يكون على شكل منضدة متكونة من أربع كتل صخرية عمودية وطاولة، مشكلين بدورهم غرفة مثلثة الشكل، وعادة ما يكون الدولمان محاطا بدائرة من حجارة واحدة، وفي بعض الأحيان من دائرتين أو ثلاث أو أربع، وقد كان سكان المنطقة القدامى يستعملونها لدفن موتاهم بهذه الطريقة المحصنة، التي يبدو أنها قد استمرت إلى القرن الثالث ق.م.

كهف الدببة: يبلغ طوله 60 م ويوجد بالصخرة الشمالية لقسنطينة.

كهف الأروي: يوجد قرب كهف الدببة،   ويبلغ طوله 6 م ويعتبر كلا الكهفين محطتين لصناعات أثرية تعود إلى فترة ما قبل التاريخ.

ماسينيسا وضريح بالخروب: على بعد 16 كلم جنوب شرق قسنطينة؛ يقع ضريح ماسينيسا وهو عبارة عن برج مربع، تم بناؤه على شكل مدرجات، به ثلاثة صفوف من الحجارة وهي منحوتة بطريقة مستوحاة من الأسلوب الإغريقي- البونيقي- وقد نسب هذا الضريح لماسينيسا الذي ولد سنة 238 ق.م وتوفي سنة 148 ق.م، حمى هذه المنطقة لمدة 60 سنة، ويعود له الفضل في تأسيس الدولة النوميدية، كما أسهم في ترقية العمران وتطوير الزراعة بالمنطقة، وأسس جيشاً قوياً.

ضريح لوليوس: يقع ضريح لوليوس في جبل شواية بالمكان المسمى "الهري"، على بعد حوالي 25 كلم شمال غرب قسنطينة، غير بعيد عن "تيدس" له شكل أسطواني، بني من حجارة منحوتة وشيدّ من طرف "ك لوليوس إبريكيس" حاكم روما آنذاك تخليدا لعائلته.

تيديس: تقع على بعد 30كلم إلى الشمال الغربي من قسنطينة، وتختفي في جبل مهجور، كانت لها قديماً أسماء عدة مثل: "قسنطينة العتيقة"، "رأس الدار" كما سميت أيضا "مدينة الأقداس" نظراً لكثرة الكهوف التي كان الأهالي يتعبدون بها، ويبدو أن اسمها الحالي "تيديس" هو اسم محلي نوميدي، أما الرومان  فأعطوها اسم castelli respublica tidditanorum.

ومعنى "كاستيلي" هو المكان المحصن، ومعنى "روسبيبليكا" أي التمتع بتنظيمات بلدية، وقد كان دور هذه المدينة هو القيام بوظيفة القلعة المتقدمة لحماية مدينة سيرتا من الهجمات الأجنبية.

ولا تزال آثار الحضارات التي تعاقبت على "تيديس" شاهدة إلى اليوم بدءا بعصور التاريخ الأولى، من الحضارة البونيقية، الحضارة الرومانية، الحضارة البيزنطية إلى الحضارة الإسلامية.

ويتجلى عصر ما قبل التاريخ في مجموعة من القبور تسمى "دولمن" ومعناها  "المناضد الصخرية وكذا مقبرة قديمة تقع على منحدر الجانب الشمالي وتجمع عدداً من المباني الأثرية الدائرية المتأثرة بطريقة الدفن الجماعي والتي تسمى "بازناس"، وتدل النصب والشواهد الموجودة على العصر البونيقي، فيما يتجلى الطابع الروماني في المناهج المتعلقة بنظام تخطيط المدن.

باب سيرتا: هو معلم أثري يوجد بمركز سوق بومزو، و يرجح أنه كان معبداً، ويعود تاريخ اكتشافه إلى شهر حزيران من عام 1935، وحسب بعض الدراسات فإن هذا المعبد قد بني حوالي سنة  363م.

الأقواس الرومانية: توجد بالطريق المؤدي لشعاب الرصاص، وكان الماء المتدفق بهذه الأقواس يمر من منبع بومرزوق، ومن الفسقية (جبل غريون)، إلى الخزانات والصهاريج الموجودة في كدية عاتي بالمدينة، وهذا المعلم هو من شواهد الحضارة الرومانية.

حمامات القيصر: ما زالت أثارها قائمة إلى اليوم، وتوجد في المنحدر بوادي الرمال، وتقع في الجهة المقابلة لمحطة القطار، غير أن الفيضانات قد أتلفتها عام 1957، وقد كانت هذه الحمامات الرومانية تستقطب العائلات والأسر، للاستحمام بمياها الدافئة والاستمتاع بالمناظر المحيطة بها، خاصة في فصل الربيع.

إقامة صالح باي: هي منتجع للراحة، يقع على بعد 8 كلم شمال غرب قسنطينة، وقد كان من قبل منزلاً ريفياً خاصاً، قام صالح باي   ببنائه لأسرته في القرن 18، لينتصب بناية أنيقة وسط الحدائق الغناء التي كانت تزين المنحدر حتى وادي الرمال، وتتوفر الإقامة على قبة قديمة هي محجّ تقصده النساء لممارسة بعض الطقوس – الشركية- التي تعرف باسم "النشرة".

قصر أحمد الباي: يعد قصر الباي إحدى التحف المعمارية الهامة بقسنطينة، وتعود فكرة إنشائه إلى "أحمد باي"؛ الذي تأثر أثناء زيارته للبقاع المقدسة بفن العمارة الإسلامية، وأراد أن يترجم افتتانه بهذا المعمار ببناء قصر، وبالفعل انطلقت الأشغال سنة 1827 لتنتهي سنة 1835.

يمتد هذا القصر على مساحة 5600م مربع، يمتاز باتساعه ودقة تنظيمه وتوزيع أجنحته، التي تنبع  عن عبقرية في المعمار والذوق معا.

تعرض طيلة تاريخه إلى عدة محاولات تغيير وتعديل، خاصة أثناء المرحلة الاحتلالية، حيث حاولت الإدارة الفرنسية إضفاء الطابع الأوروبي على القصر بطمس معالم الزخرفة الإسلامية والقشاني (سيراميك).

أما الحالة المعمارية للقصر فقد تحولت كثيراً عن أصلها الإسلامي بعد الاحتلال الفرنسي للمدينة وأصبحت عبارة عن خليط من الزينات المعمارية، ومع ذلك فإن الهوية الأصلية للقصر ظلت هي السائدة والمهيمنة على كل أجزائه وفضاءاته الرائعة، وإن الزائر له يستمتع بنقوشه وزخرفته وألوان مواده، التي تحيل إلى مرجعية معمارية ضاربة في الأصالة والقدم.

المدينة القديمة:
تضفي المدينة القديمة بدروبها الضيقة وخصوصية بناياتها طابعا مميزاً، وتجتهد ببيوتها المسقوفة وهندستها المعمارية الإسلامية في الصمود مدة أطول، ملمحة إلى حضارة وطابع معماري يرفض الزوال.

وتعتبر المدينة القديمة إرثا معنوياً وجمالياً يشكل ذاكرة المدينة بكل مكوناتها الثقافية والاجتماعية والحضارية.

وقد عرفت قسنطينة كغيرها من المدن والعواصم الإسلامية الأسواق المتخصصة، فكل سوق خص بتجارة أو حرفة معينة، وما زالت أسواق المدينة تحتفظ بهذه التسميات مثل  : الجزارين، الحدادين، سوق الغزل، وغيرها.

هذا إلى جانب المساحات التي تحوط بها المنازل والتي تسمى الرحبة، مثل رحبة الصوف ورحبة الجمال.

أما الأسواق الخاصة بكل حي من أحياء المدينة، فإنها كانت تسمى السويقة، وهي السوق الصغير، وما يزال حيا للمدينة القديمة إلى اليوم يسمى "السويقة".

المساجد:
طغت على قسنطينة صبغتها الثقافية والدينية منذ القدم، وتكرس هذا المظهر بعد استقرار الإسلام بها، فعرفت عملية بناء المساجد بها سيرورة دائمة.

وسنسرد أسماء أهم هذه المساجد كما يلي:
الجامع الكبير: بني في عهد الدولة الزيرية سنة 503هـ، 1136م، وقد أقيم على أنقاض المعبد الروماني الكائن بنهج العربي بن مهيدي حاليا، تغيرت هندسته الخارجية من جراء الترميم، ويتميز بالكتابات العربية المنقوشة على جدرانه.

جامع سوق الغزل: أمر ببنائه الباي حسن وكان ذلك عام   1143هـ-1730م، حولته القيادة العسكرية الفرنسية إلى كاتدرائية، وظل كذلك إلى أن عاد إلى أصله بعد.

جامع سيدي الأخضر: أمر ببنائه الباي حسن بن حسين الملقب أبو حنك في عام 1157-1743م، كما يدل عليه النقش الكتابي المثبت على لوح من الرخام فوق باب المدخل، وتوجد بجانب المسجد مقبرة تضم عدة قبور من بينها قبر الباي حسن.

جامع سيدي الكتاني: يوجد بساحة "سوق العصر" حاليا، أمر صالح باي بن مصطفى ببنائه في عام (1190هـ-1776)، وإلى جانبه توجد مقبرة عائلة صالح باي.

مسجد الأمير عبد القادر:
وضع حجر أساسه الرئيس هواري بومدين، و دشن من طرف الرئيس الشاذلي بن جديد، يعتبر من أكبر المساجد في شمال إفريقيا، يتميز بعلو مئذنتيه اللتين يبلغ ارتفاع كل واحدة 107م، وارتفاع قبته 64 م، يبهرك منظره بهندسته المعمارية الرائعة ويعدّ إحدى التحف التي أبدعتها يد الإنسان في العصر الحاضر، وإن إنجازه بهذا التصميم على النمط المشرقي الأندلسي، كان ثمرة تعاون بين بعض المهندسين والتقنيين من مصريين ومغاربة، إضافة إلى المساهمة الكبيرة للمهندسين والفنيين والعمال الجزائريين، ويتسع المسجد لنحو 15 ألف مصل، ونشير إلى أن المهندس المصري "مصطفى موسى" - الذي يعدّ من كبار المهندسين العرب- هو الذي قام بتصاميم المسجد والجامعة.
كما تزخر المدينة بعدد آخر من المساجد من بينها: جامع سيدي فعان   – جامع سيدي محمد بن يمون- جامع سيدي بوعنابة- جامعة السيدة حفصة- جامع سيدي راشد- جامع سيدي نمديل- جامع سيدي عبد المؤمن- جامع سيدي بومعزة  - جامعة سيدي قموش- جامعة الأربعين شريفاً، الخ  ... وبعد المصالحة الوطنية التي أعلنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، شهدت عملية بناء المساجد قفزة نوعية حتى أصبح في كل حي مسجد، وهذا عام في كل الجزائر منذ تولي الرئيس السلطة، بعد أن كانت عملية بناء المساجد بطيئة لظروف أمنية، وعراقيل إدارية.

 

أبواب قسنطينة
كانت المدينة محصنة بسور تتخله سبعة أبواب، وبعضهم يقول ستة، تغلق جميعها في المساء وهي:
باب الحنانشة: الذي يسمح بالخروج من شمال المدينة عبر وادي الرمال، ويؤدي إلى الينابيع التي تصب في أحواض مسبح سيدي مسيد.
باب الرواح: يمتد عبر سلم مثير للدوار، ويؤدي إلى الناحية الشمالية من وادي الرمال، ويوصل هذا الباب إلى منابع سيدي ميمون التي تصب في المغسل.
باب القنطرة: يصل المدينة بالضفة الجنوبية لوادي الرمال.
باب الجابية: ينفتح على الطريق الممتد إلى سيدي راشد ويقع على ارتفاع 510م .
باب الجديد: يقع شمال ساحة أول نوفمبر، هدم سنة 1925.
باب الواد"أو باب ميلة": يسمح بالوصول إلى روابي كدية عاتي، وقد كان يوجد بمكان قصر العدالة حاليا.

كانت هذه الأبواب تقوم بوظيفة التحصين للمدينة ضد الغرباء، وبدأت تختفي بالتدريج إلى أن أزال الاحتلال الفرنسي أثارها كلية.

نصب الأموات:
نصب الأموات يعود بناؤه إلى سنة 1934م, وقد شيد تخليدا لموتى فرنسا الذين سقطوا في الحرب العالمية الأولى، ومن سطحه يستطيع الزائر أن يمتع ناظريه ببانوراما عجيبة لمدينة قسنطينة.

جسر مدينة الجسور:
نظراً لتضاريس المدينة الوعرة وأخدود وادي الرمال العميق الذي يشقها، أقيمت عليها سبعة جسور لتسهيل حركة التنقل.

واشتهرت بعد ذلك قسنطينة باسم مدينة الجسور المعلقة، وهي:
جسر باب القنطرة: وهو أقدم الجسور بناه الأتراك عام 1792 وهدمه الفرنسيون ليبنوا على أنقاضه الجسر القائم حاليا وذلك سنة 1863.
جسر باب القنطرة.
جسر سيدي راشد: ويحمله 27 قوسا، يبلغ قطر أكبرها 70م، ويقدر علوه بـ105م، طوله 447م وعرضه 12م، بدأت حركة المرور به سنة 1912،و هو أعلى و أضخم جسر حجري في العالم.


جسر سيدي مسيد: بناه الفرنسيون عام 1912 ويسمى أيضا بالجسر المعلق، يقدر ارتفاعه بـ175م وطوله 168، وهو أعلى جسور المدينة.


جسر ملاح سليمان: هو ممر حديدي خصص للراجلين فقط، ويبلغ طوله 15م وعرضه مترين ونصف، وهو يربط بين شارع محطة السكك الحديدية ووسط المدينة.
جسر مجازن الغنم: هو امتداد لشارع رحماني عاشور، ونظرا لضيقه فهو أحادي الاتجاه.
جسر الشيطان: جسر صغير يربط بين ضفتي وادي الرمال ويقع في أسفل الأخدود.
جسر الشلالات: يوجد على الطريق المؤدي إلى المسبح وتعلو الجسر مياه وادي الرمال التي تمر تحته مكونة شلالات، وبني عام 1928.
مشروع جسر الرمال العملاق: نسبة إلى وادي الرمال وسيكون بطول 1150م، وبعرض 25م طريقين ذهابا وطريقين إيابا بالإضافة إلى سكتى "ترامواي" في وسط الجسر وعلى ارتفاع أكثر من 100م وسيمتد من مرتفعات "حي المنصورة" وصولا إلى "حي جنان الزيتون" ومن المفروض أن يكتمل بناءه سنة 2009 وقد خصص له غلاف مالي 250 مليون دينار جزائري.

البساتين والحدائق:
يطلق الشعراء على قسنطينة اسم مدينة "الهوى والهواء" وهذا نظرا للطافة جوها، ورقة طباع أهلها، وانتشار البساتين والأشجار في كل أرجائها، وبذلك تتوفر المدينة على عدة حدائق عمومية تعمل على تلطيف الجو داخلها، ولعل أهم هذه الحدائق والتي ما زالت تحافظ على رونقها وجمالها، حديقة بن ناصر أو كما يطلق عليها "جنان الأغنياء" وتتوسط شارع باب الواد، وبحي سيدي مبروك توجد حديقتان إحداهما تقع بالمنطقة العليا والأخرى تقع بالمنطقة السفلى، كما توجد حديقة بحي المنظر الجميل تحمل اسم "فرفي عبد الحميد"، و قصر "أحمد باي" يتوفر على حديقة رائعة الجمال، تذكر بعض الروايات أن الباي نفسه كان يشرف عليها، ومن بين حدائق قسنطينة التي كتب عنها بعض المؤرخين، والرحالة قسوم محمد، حديقة تدعى "سكورا قامبيطة"، الكائنة خلف شارع بلوزداد، التي ما فتئت تستقطب الكثير من الناس لجمالها وكثافة أشجارها، وتحت جسر باب القنطرة توجد حديقة رائعة الجمال، ونظرا لموقعها في المنحدر، فهي تفتن الأنظار من بعيد.

الرحبات والأسواق:
تعتبر الرحبة ذلك المكان الواسع الذي يستعمل لأغراض تجارية، حيث تباع فيها مختلف السلع والبضائع كالملابس، الأقمشة وغيرها.

عرفت قسنطينة قديما عدة رحبات منها ما يزال قائما حتى اليوم، ومنها ما تحول إلى مباني وطرقات ك"رحبة الزرع" التي كانت تتوسط المدينة وتقام فيها عدة نشاطات تجارية كبيع الحبوب، التمور والزيوت، ومن الرحبات المعروفة في قسنطينة قديما نذكر "رحبة الشبرليين"، "سوق الخرازين"، "سوق العطارين"، "سوق الصاغة"، و"سوق الصباغين" وغيرها... وحاليا لا تزال بعض الرحبات موجودة مثل "رحبة الصوف" التي تحولت اليوم إلى سوق لبيع الخضر والفواكه والأواني وبعض الأغراض المنزلية، أما "رحبة الجمال" التي يذكر المؤرخون أنها كانت مبركا للقوافل التي تأتي من مختلف الانحاء محملة بالبضائع، فقد أصبحت اليوم سوقاً لبيع الملابس ومكاناً مفضلاً للمطاعم الشعبية الشهية بوجباتها، وهناك"سوق العصر" الذي كان قبلا يسمى "سوق الجمعة" ويشتهر بتنوع خضره وفواكهه وباللحوم والأقمشة وعادة ما تكون أسعار هذا السوق معتدلة مقارنة مع بقية الأسواق.
سوق العصر
ومن أهم أسواق المدينة أيضا في الوقت الحالي نذكر: سوق بومزو: يعد من أهم الأسواق ويعود تاريخ بنائه إلى عهد الوجود الفرنسي، يقع بمحاذاة ساحة أول نوفمبر ويعرف يوميا حركة نشيطة. سوق بن بطو: ويعتبر من أقدم الأسواق، ونظرا لموقعه المتميز بشارع بلوزداد، وجودة السلع والبضائع التي يعرضها فهو يستقطب الكثير من ربات البيوت.

الحمامات:
لا تزال حمامات مدينة قسنطينة التي يعود تاريخ بنائها إلى العهد العثماني محافظة على شكلها وهندستها ووظيفتها، ويبلغ عددها حوالي 20 حماماً، ما زال سكان المدينة يقصدونها ويفضلونها على الحمامات العصرية، ولعل أول حمام بناه الأتراك كان حمام "ثلاثة" الكائن بحي الشط، ويطلق عليه أيضا اسم حمام "لهوا" كونه بني فوق المنحدر، أما سبب تسميته بحمام "ثلاثا" فلأنه كان الوحيد الذي حدد سعره بثلاثة "صوردي"، بينما حدد في الحمامات الأخرى بخمسة.

التقسيمات الإدارية

تقع في الشمال الشرقي للبلاد وتحدها:
شرقا ولاية قالمة.
وغربا ولاية ميلة.
وشمالا ولاية سكيكدة.
وجنوبا ولاية أم البواقي.
التقسيمات الإدارية للولاية 25:
الدوائر
تشمل ولاية قسنطينة 6 دوائر وكل دائرة تحتوي على عدد معين من البلديات:
دائرة قسنطينة:تشمل بلدية قسنطينة.
دائرة الخروب: تشمل بلديات الخروب، عين اسمارة، أولاد رحمون.
دائرة عين أعبيد: تشمل بلديات عين أعبيد، ابن باديس.
دائرة زيغود يوسف: تشمل بلديات زيغود يوسف، بني حميدان.
دائرة حامة بوزيان: تشمل بلديات حامة بوزيان، ديدوش مراد.
دائرة ابن زياد: تشمل بلديات ابن زياد، مسعود بوجريو.

 

البلديات
تشمل ولاية قسنطينة على 12 بلدية وهي:
قائمة البلديات:بلدية قسنطينة.
بلدية الخروب.
بلدية عين اسمارة.
بلدية حامة بوزيان.
بلدية ديدوش مراد.
بلدية زيغود يوسف.
بلدية ابن زياد.
بلدية عين اعبيد.
بلدية أولاد رحمون.
بلدية ابن باديس.
بلدية مسعود بوجريو.
بلدية بني حميدان.

مراجع:
أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: المقدسي.
الجغرافيا: ابن سعد، تحقيق: اسماعيل العربي.
قسنطينة : محمد الهادي لعروق.
دراسات في الأدب المغربي القديم: عبد الله حمادي.
نوميديا من حكم الملك جايا حتى بداية الإحتلال الروماني: فتيحة فرجاتي.
المغرب: البكري.
القارة الإفريقية وجزيرة الأندلس: الإدريسي.
مدينة قسنطينة: عبد العزيز فيلالي.
موقع مسجد الأمير عبد القادر قسنطينة.
الموقع الرسمي لجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية. 
موقع قسنطينة الأمس و اليوم.
www.constantine.10.com
www.constantine.free.fr
ـــــــــــــــــــــــــ
[1] قسنطينة : محمد الهادي لعروق. ص 44.
[2] نوميديا من حكم الملك جايا حتى بداية الإحتلال الروماني: فتيحة فرجاتي. ص197.
[3] المرجع نفسه: ص271.
[4] أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: المقدسي. ص 230.
[5] الجغرافيا: ابن سعد، تحقيق: اسماعيل العربي. ص24.
[6] المغرب: البكري. ص62.
[7] القارة الإفريقية وجزيرة الأندلس: الإدريسي.ص 166-167.
[8] مدينة قسنطينة: عبد العزيز فيلالي. ص 150-164.
[9] قسنطينة: لعروق محمد الهادي. ص 56.
[10] وهذا ديدن أهل الإسلام مع اليهود، يعاملونهم بالحسنة، ويردون علينا إن قويت شوكتهم بالسيئة، فما لبثوا أن احتلت الجزائر كلها من الفرنسيين حتى انقلبوا على أهل الديار الذين آووهم يوم العسرة..وفي التاريخ عبر.
[11] دراسات في الأدب المغربي القديم: عبد الله حمادي. ص116.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات



تعليقات الزوار
ترتيب التعليقات
22- thanks
amina - constantine 22-04-2014 06:24 PM
I liked the definition of Constantine Thanks
But I wanted to define the mandate of Oran did I find PLEASE put all Alolaeatt with Thieatta and thank you very much
21- قسنطينة مفخرة الجزائر
هبة - الجزائر 26-01-2014 09:43 PM
ولله لو كتب تاريخك بمجلدات لما كفاك يا مدينة الحضارة مغرية أنت كعذراء في شموخك الصامد وتفردك زادك جمالا عن جمال تستحقين اسم مدينة التاريخ عن جدارة
20- قسنطينة مدينة العلم و مدينة الهوى
احمد - algerie 15-11-2013 09:03 PM
قسنطينة يا أجمل المدن و يا أعرق و أقدم المدائن على مر السنين أعشقك للنخاع أهواك وأفتخر بك للأبد ما اروعك يا رائعة و يا جميلة جمال الطبيعة و التاريخ يشهد لك يا حبيبتي يا قسنطينة .
19- حبيبتي قسنطينة
وهيبة - الجزائر 20-05-2013 12:01 PM
إن شاء الله يستطيعوا يرجعوا لك جمالك كي تقابلي به وجه الأحباب كي تصبحي عاصمة الثقافة العربية 2015
18- قسنطينة يا جوهرةا للعلم و الجمال
عاشق مدينة العلم - الجزائر 16-05-2013 06:27 PM
قسنطينة يا أرض الحضارات الغابرة يشهد لك والله الصخر العتيد
سيرتا أو قيرتا أو قسنطينة هو لغز عجيب لأجيال و أناس عاشوا في مودة و تحضر ر غم إختلاف دياناتهم و أطيافهم و ازدادت قسنطينة رونقا عند دخول الإسلام و الخلافة العثمانية... أه على تراثك الهائل من علم و علماء و لغة و فن و تقاليد و عمران و جسور معلقة كثيرة أنت ...أنت غرامي و الله و الله والله لأفدينك بروحي
17- قسنطينة الساحرة
kamlkaml93@yahoo.fr - الجزائر 29-12-2012 10:04 PM
من رواد الألوكة
قسنطينة الساحرة والله والله مظلومة من طرف المسؤولين
16- قسنطينة مدينة العلم والعلماء والدين
نزيم عبد الرحمان - الجزائر 22-07-2012 04:09 AM
قسنطينة مدينة العلم والعلماء والدين أشكر كل من ساهم في إنشاء هذا المقال الرائع
رائع جدا
15- قسنطينة المنسية
abouyacine djameledine - algerie 23-06-2012 07:44 PM
..لوكانت هده المدينة العريقة في إحدى الدول الأوربية أو إحدى الولايات الأمريكية لكانت محل عز وافتخار لها بين الأمم لما تحمله من روعة وجمال.ولكن أنظروا الى ما أوصلها اليه المسؤولون عليها...ياحسراه عليك ياقسنطينة
14- مدينة قسنطينة عاصمة الشرق
عثمان - قسنطينة الجزائر 17-10-2011 10:40 PM
قسنظينة يا جزءا من روحي
13- قسنطينة
علاوة - الجزائر 19-09-2011 03:40 PM
قسنطينة يا رائعة، و يا أجمل مكان أحببته، ومن أحبها ستحبه ومن عشقها ستعشقه.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/9290/#ixzz34EtNqh2O






لأن ذلك يحفزهم على العطاء أكثر

دعوات لتكريم الفنانين قيد حياتهم?

فتيحة عماد

دعت مساء أول أمس، الممثلة نسيمة بن ميهوب بمناسبة الوقفة التكريمــــية التي خصصها المسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، للفنانين سليمة لعبيدي وبــــوبكر مخوخ بمناسبة الـــــيوم الوطني للفنان المصادف للثامن جوان من الشهر الجاري، إلى تكريم ورد الاعتبار للفنان لما يكون على قيد الحـــــياة لأن ذلك سيشجعه على مواصلة الإنتاج السينمائي والفني، ويسمح له أن يعيش الأوقات الحميمية التي تصنعها هذه الوقفات التكريمية.
واعتبرت المتحدثة سليمة لعبيدي إحدى الوجوه التلفزيــــونية التي تركت بصمات من ذهب في كل أعمالها السينمائية، فقدأدت أدوارها بكل احترافية وبكل تفان وصدق ما جعلها ستبقى خالدة في سجل الأعمال السينمائية الجزائرية، مثمنة كل أعمال الفـــــنانات الجزائريات في جميع الميادين، كونهن استطعن اختراق جدار الصمت واقتحــــام مجال السينما والفن رغم كل الصعوبات التي صادفنها في مسارهن المهني أمثال شابحة، نوارة، الجيدة، سليمة لعبيدي وغيرهن.
وبدوره، مدير مسرح بجاية، المخرج عمر فطموش، أشاد بالإنجازات السينمائية لكل من الراحلين سليمة لعبيدي وبوبكر مخوخ، داعيا إلى إنشاء لجنة لحماية الإرث المسرحي الجزائري، وتدوين أهم الأسماء الساطعة والبــــارزة في الفن الرابع، وذلك للحفاظ عليه من الزوال والاندثار ولكي تكون الأعمال المسرحية والسينمائية لعمالقة السينما الجزائرية مرجعية للشباب الموهوبين والراغبين في الدخول في هذا المجال.?
الحدث الثقافي حضره عائلات الراحلين إلى جــــانب عدة ممثلين ومسرحيين جزائريين عايشــــوا كل من الفنانين سليمة لعبيدي والمخرج المسرحي بوبكــــر مخوخ، والذين اعتبروا هذان الشخصيتان عريقتين في الفن الجزائري ومــــدرسة لمن أراد تعلم الخطوط العريضة التي تؤدي إلى الشهرة في مجال السينما.
كــــما تم عرض فيلميـــــن وثائقيين حولهــــما تطرقا إلى أهم المحطات البارزة في حياتهما واللحــــظات الصــــعبة التي واجهــــها الممثلـــــون الراحلون.
واختتم الحدث بعرض مسرحية الأرض والدم للمخرج عمر فطموش.


Commerce et ville ou commerce sans la ville ?

Arnaud Gasnier



Alors que le commerce a toujours « fait » la ville, ce moteur d’urbanisation contribue également à la « défaire », à l’étaler et à la zoner. L’hypothèse d’un tournant urbanistique à l’œuvre depuis plus d’une décennie et de nouvelles approches environnementales, sociales et économiques de la fabrique urbaine dessinent de nouvelles perspectives de développement durable urbain et interrogent directement la mise en rapport entre urbanisme d’une part, et urbanisme commercial d’autre part. L’objectif principal de cet ouvrage consiste à approcher le jeu des acteurs producteurs d’espaces commerciaux (distributeurs, promoteurs, développeurs) au regard des transformations récentes des politiques d’urbanisme commercial et de questionner les conditions et les actions susceptibles de conduire à une meilleure intégration de l’activité commerciale dans les politiques urbaines. Les études de cas nombreuses abordées ici, aussi bien en France qu’à l’étranger (États-Unis, Italie, Grande-Bretagne, Belgique, Tunisie, Algérie, Togo) sont placées au croisement des stratégies économiques d’implantation, de conception des centres commerciaux et de l’aménagement du territoire.
Les stratégies d’implantation commerciale, de renouvellement urbain en centres anciens ou en entrées de ville, mais aussi d’accessibilité et de couturage urbain figurent au cœur des thématiques et des problématiques développées dans les différents chapitres de ce volume.
Arnaud Gasnier est maître de conférences de géographie et aménagement à l’université du Maine, Le Mans, depuis 1994. Enseignant-chercheur rattaché à l’UMR ESO (Espaces et Sociétés) du CNRS et vice-président de la commission de géographie des activités commerciales du Centre national français de géographie, ses principaux travaux portent sur la place et le rôle du commerce et des services dans les opérations de renouvellement urbain localisées dans les espaces centraux anciens et dans les zones périurbaines. Il participe actuellement à un programme européen Urban net - Retail Planning For Cities sustainability qui approche le rapport entre centralité commerciale et résilience urbaine.
Presses universitaires de Rennes, Collection : Espace et Territoires
ISBN : 978-2-7535-1209-2
300 p
Dans la même rubrique :











http://www.wakteldjazair.com/media/image_revue/image_jour/h290.jpg



على هامش تكريمها في فوروم ديكا نيوز ، سلوى غاضبة:

قـــــانـــــون الفنـــــان الـــذي تـتــشـدق بـــــه الــــــوزارة حـــقــــه ولـــيـــس صــــدقــــة

يزيد بابوش

كرمت يومية ديكا نيوز أول أمس، تزامنا مع احتفالات اليوم الوطني للفنان المصادف للثامن من شهر جوان لكل سنة مجموعة من عمالقة الفن الجزائري، على رأسهم الفنانة الجزائرية سلوى التي صبت جام غضبها على المسؤولين التي قالت إن الكثير منهم يحبون الأجانب ويقدمون كل الوسائل المادية من أجل استقبالهم، في المقابل تتعرض هي أمام باب التلفزيون الجزائر لمعاملة أقل ما يقال عنها إنها سيئة فقط لأن عون الاستقبال لم يعرفها.

وأضافت الفنانة الجزائرية بالقول إن عملها الفني لم يشفع لها اليوم بمعاملة حسنة تليق بالتضحيات التي قدمتها هي ورفقاء دربها في عالم الفن الجزائري الذي رفع العلم الجزائري عاليا وفي الكثير من المحافل الدولية، وتحدثت سلوى عن قانون الفنان الذي تتشدق به وزارة الثقافة بالقول إنه حق للفنان الجزائري، ليس صدقة من أي أحد، مشيرة أن قانون الضمان الاجتماعي هذا أقل ما يمكن أن نقدمه للفنان الجزائري (الفنان الحقيقي طبعا) .
من جانب آخر، لم تفوت الفنانة الترحم على نورة التي غادرت الحياة مؤخرا، أما زوجها كمال حمادي الذي حضر الجلسة فقد رفض الحديث عن نورة الفنانة مفضلا التكلم عن الزوجة والمرأة التي عاش معها 55 سنة مؤكدا أنها كانت تحب الكل وصنعت بطيبتها، جمهورا أحبها ووقف معها في الضراء .
أما الفنان ياسين بن جملين، فقد حمل الكثير من المسؤولية لعدد من المسؤولين الذين قال عنهم إنهم يكرسون الرداءة في عالم الفن، فإن كان هذا الذي نقول عنه شبيه فنان يلقى معاملة حسنة ويلقى التسهيلات والامتيازات، فهذا سيشجع الآخرين على المضي في دربه ، وتحدث هذا الأخير عن وزيرة الثقافة الجديدة نادية شرابي لعبيدي بالقول لا يحق لنا الحكم عليها اليوم، فسياسة بناءة ومثمرة لا تبني بين ليلة وضحاها، لكنهذه الوزيرة بالتحديد لا يحق لها الخطأ مع الفنان الجزائري، فهي فنانة وأكاديمية وخريجة عالم الفن والثقافة الجزائرية، وتعلم أكثر من أي واحد من مستشاريها خفايا العالم الذي عملت فيه ومشاكله ومعوقاته.
للتذكير، فقد كرمت بالإضافة إلى سلوى ونــــورة العديد من الأسماء الجـــزائرية أمثال نرجـــس، نورية، زكية قارة تركي، وكانت المبادرة من طرف الإتحاد الوطني للنساء الجزائريات.




http://www.akhbarelyoum.dz/ar/images/44609.JPG



بعد السجن·· نساء في مواجهة قهر المجتمع

  • PDF
تقييم المستخدمين: / 0
سيئجيد 
منبوذات ومرفوضات·· رغم توبتهن
دموع وتوبة وندم··· مفردات ثلاث تشكل مشاعر نساء قبعن خلف القضبان بعد جرائم جرفتها لحظة طيش وغضب إلى عالم الجريمة فدفعن الثمن غاليا··· سنوات شباب تضيع بين جدران زنزانة مظلمة اختزلت الآلام والمأساة وندم مدى الحياة ترويه في كل حين دموع تذرف من عيونهن كلما استوقفهن الزمن واستعدن وقائع الجريمة·· ورغم الجرم الفادح إلا أنهن يؤكدن أنهن ضحايا لا
مجرمات وأن الظروف فقط هي التي جعلتهن يحملن لقب (سجينات)·

حسيبة موزاوي
أسباب كثيرة تجعل المرأة ترتكب حماقات وأخطاء تجرها إلى أروقة المحاكم وتحجزها خلف القضبان لأشهر وسنين عديدة تنقص من حياتها، كما يمكن للمرأة أن تُظلم وتجد نفسها في دوامة من المشاكل تدفع ثمن أخطاء الآخرين ظلما، فقد يكون الإهمال الأسري السبب، وربما البطالة والجهل وربما أسباب أخرى لا نعرفها، ورغم اختلاف الأسباب إلا أن الحقيقة المرة هي بقاؤهن خلف القضبان لسنوات طويلة·
قصص محزنة ومؤثرة ويوميات جعلتنا لا نتمالك نفسنا ونحن نستمع إليها ونتطلع إلى وجوه راوياتها، أردنا نقلها علها تكون عبرة لكل شخص وكل امرأة قبل أن يقودها تهورها إلى ارتكاب حماقة تندم عليها ما تبقى من العمر، هي قصص واقعية لكن السؤال كيف وصل بهن الحال إلى هذا المصير المجهول···؟؟؟هذا ما سيجيب عليه تحقيق (أخبار اليوم) خلال السطورالتالية·                                                                                             
البداية كانت مع السجينة (فاطمة) التي تنحدر من أسرة متوسطة الدخل لم تكمل تعليمها وتوقفت عند الصف الأول ابتدائي وغير موظفة، تزوجت وهي في الـ 16 من العمر وعقب سنة من زواجها توفي والدها·

فطيمة··· قضية نصب واحتيال تدخلها السجن
السيدة فطيمة حاولت مع مجموعة من الأشخاص الذين شكلوا عصابة كما تقول وحاولوا الإيقاع بأحد رجال الأمن ومحاولة النصب عليه، ولكن وقعوا في كمين ومنه إلى غياهب السجن والهدف من وراء تلك العملية الحصول على المال فقط، لتواصل قائلة (عندما أصبحت سجينة أدركت فداحة الخطأ الذي ارتكبته في حق نفسي فهذه الكلمة جارحة) لتعترف أن هذه المرة ليست الأولى فقد سبق أن أودعت السجن بسبب قضية مخدرات)، وتضيف أنها ضحية أسرتها المفككة، فالوالد متوفى والزوج مهمل فهي الزوجة الرابعة وأن زواجها كان رغما عنها وليس برضاها لكن لظروفها المادية كان لا بد أن تتزوج رجلا يكبرها بالسن جاهلا غير متعلم فحاولت البحث عن صدر حنون، لتتحدث عن زيارة الأهل لها خلال فترة سجنها مشيرة أن أفراد أسرتها كانوا يأتون لزيارتها ما عدا زوجها فهو لم يحضر لزيارتها، وقبل دخولها السجن كان هذا الزوج لا يسأل زوجته أين تذهب وعند طلبها لإيصالها لمكان ما كان يقوم بتوصيلها دون السؤال عمن يقطن ذلك المكان وهذا ما سهل لها الانحراف·
وكانت (فاطمة) تسكن مع أهل الزوج، وبعد أن غلبتها دموعها سكتت قليلا ثم قالت (لا بد أن تحافظ الأسر على بناتها من الضياع وأيضا الفتيات يحاولن بقدر الإمكان الابتعاد عن الوقوع في الخطأ أو تصحيح الغلط بغلط أكبر منه)، وأشارت إلى أن السجن هذه المرة أثر فيها بشكل كبير، وأيضا هي الآن مدركة لحجم المشكلة، فكل ثانية تمر عليها بعيدا عن أسرتها كانت تحاسب نفسها وتقول (لو كان الزمن يعود للخلف لما ارتكبت تلك الأخطاء ولما استسلمت للظروف فأنا نادمة على كل خطوة أوصلتني إلى هذا المكان)·

قضية أخلاق تكلف حليمة خمس سنوات سجنا

ولعل (حليمة) تحمل حالة مؤلمة حاورناها لمعرفة سبب دخولها السجن وهي مقيمة عربية تقول إنها وصلت في دراستها إلى المرحلة المتوسطة ثم توقفت، متزوجة وأم لستة أبناء (بنتان وأربعة أولاد) من زوج سابق من جنسيتها ثم طلقها ولها نحو 28 سنة بالجزائر·
ومنذ ست سنوات تزوجت من رجل جزائري زواجًا عرفيًا فكانت قضيتها قضية أخلاقية وسرقة وأخذت حكم 5 سنوات وتقول هذه السجينة إنها كانت تعتقد أنه زواج مسيار وعند القبض عليهما هي وزوجها ادعت أنها زوجته الجزائرية الموجود اسمها بدفتر العائلة ولكن لم تنطل تلك الحيلة على رجال الأمن فأرفقت قضية تزوير للقضية الأخلاقية، وأودعت السجن وهي لم تكن المرة الأولى لها فقد سبق لها أن دخلت السجن بتهمة ترويج المخدرات وسقط الحكم عنها بسبب عدم وجود اثبات واعتراف أخرى بأنها  المروجة وليست هي لذلك خرجت بعد 8 أشهر من المدة المقررة وهي 4 سنوات كما تقول·
وتشير إلى أن السبب الحقيقي وراء لجوئها للزواج العرفي هو تخلي زوجها السابق عنها وعن أبنائه رغم أنه متواجد بالجزائر، فكانت تعاني من مصاريفهم وتعجز عن توفيرها لأن أربعة من الأبناء مصابون بمرض في الغدد جعلهم قصار القامة (أقزام) وهذا مرض وراثي من والدهم، فهو يعاني من نفس المرض وهم يحتاجون لعلاج مدى الحياة· وحاولت العمل بإحدى الحضانات وكان لها ذلك وبعد فترة فصلت وبعد بحث مضن عن عمل يكفل لها العيش بكرامة وجدت وظيفة متواضعة في مشغل نسائي وأيضا تم فصلها منه من ثم تحولت إلى بيع الملابس من المنزل· وتضيف أنها كانت بدأت تعمل بمشروع صغير من المنزل، خاصة أنها تجيد الطبخ وعمل الحلويات والمعجنات وهذا سيساعدها بعد الخروج من السجن لعمل أكلات من المنزل وبيعها في محيط الجيران والمعارف، فقد جربت هذه المهنة قبل مجيئها إلى هنا ولقيت إقبالًا من بعض المحيطين بها· وتقول: نصيحتي للنساء عامة أن يحذروا من الزيجات المريبة وكل خطوة قبل أن نقدم عليها نفكر في عواقبها بشكل جدي لنتفادى الوقوع في مثل هذه الحالة التي جعلتني متهمة بقضية أخلاقية وأنا لم أكن أعلم مدى خطورتها، كنت فقط أبحث عن الستر والاهتمام بأولادي وتوفير متطلباتهن بشكل يحفظ لهم كرامتهم ولم أكن أعلم أن الزواج المسيار موثق في المحاكم لأن زوجي كان يقول إن زواجنا مسيار وليس عرفيًا والمسيار مسموح به شرعًا، ولكن زواجنا لم يوثق في المحكمة·
وعند زواجها العرفي من شخص جزائري وفر لها ولأبنائها مسكنا مريحا ومصروفا شهريا، ولم تشعر بالتقصير من أي ناحية تقول إن أهلها في فلسطين لا يعرفون عنها شيئًا منذ سنتين لأن مسمى سجينة، يعتبر عارًا في مجتمعها وبين أقاربها وتقول إنها ندمانة أشد الندم أنها وضعت نفسها وأسرتها في هذا الموقف وتتمنى من أولادها أن يغفروا لها هذا الخطأ، الذي وضعهم في هذا الموقف·

تقتل زوجها بعد خيانته لها
ثم توجهنا بالحوار إلى (مليكة) تلك السيدة التي تبدو امرأة متزنة في حديثها من أسرة متوسطة الدخل وغير متعلمة فهي لا تقرأ ولا تكتب وغير موظفة لديها أربعة أبناء، اثنان ذكور ومثلهما إناث أحدهم توفي بعد دخولها السجن وهو أكبر أبنائها·
قضيتها قتل قامت في لحظة غضب بقتل زوجها، وتبرر ذلك بأنها تعاني من اضطرابات نفسية، وكانت تتردد على بعض المشايخ للرقية، ولكن عقب ذلك تغيرت معاملة الزوج وكثرت المشاكل بين الزوجين وتحول من زوج طيب القلب إلى زوج قاسٍ وأب غليظ في تعامله مع أبنائه، تقول (مليكة) حاولت الحصول على الطلاق من زوجي بعد استمرار المشاكل فكان رافضا، وأشارت إلى أنها لجأت لوساطة بعض أفراد العائلة لإقناعه بالطلاق ولكنه كان متمسكا برفضه· فازداد الضغط النفسي على هذه الزوجة المجبرة على العيش مع زوج متسلط ومهمل كما تقول، فلجأت إلى أهله للشكوى لهم من معاملة ابنهم القاسية فأخبروها أنه سيتزوج بأخرى وأنه تم عقد قرانه، فقامت (مليكة) في لحظة غضب بإحراق المنزل وكان الزوج في تلك الأثناء نائمًا بداخله فلم تترك النار شيئًا ومات الزوج وأودعت سجن النساء وتشرد الأبناء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم سيحرمون من والديهم مدى الحياة، فالأب توفي والأم هي القاتلة فيصبحون أيتامًا بلا والدين وبلا مأوى وبلا صدر حنون يستمع لشكواهم ويهتم لأمرهم ويحتويهم من الضياع·

باعت شرفها مقابل المال فوقعت في قبضة الأمن

والحالة الاخيرة كانت للسيدة (جميلة) تبلغ الأربعين من العمر غير موظفة متزوجة للمرة الثانية أكبر أبنائها يبلغ 23 سنة تزوجت وأنجبت منه أربعة أبناء، وانفصلت وتزوجت بآخر وأنجبت منه ثلاثة أبناء تقول (جميلة) إنها كانت تحتاج للمال، خاصة بعد إهمال الزوج لواجبه وتهميش احتياجاتها المالية· اتهمت بأنها تمتهن الدعارة لأكثر من 14 سنة، فبدأ الأمر بالتنازل عن شرفها مقابل الحصول على ما تريده من تسهيلات في بعض الدوائروعندما تقدمت بالعمر لجأت إلى المتاجرة بغيرها من الفتيات فكانت تسهل اللقاءات المحرمة في منزلها أحيانا وأغلب اللقاءات كانت خارج منزلها وتكون وسيطة فقط بين الشاب والفتاة بمقابل مادي تشترطه هي لتوفير الفتيات لمن يبحثون عن المتعة الحرام، ولم تكن هذه هي المرة الأولى بل سبق لها دخول السجن في قضيتين الأولى عندما كانت في الثلاثين من العمر وجميع القضايا أخلاقيه مابين دعارة واختلاء·

رأي الشارع في السجينات

من خلال هذا الاستطلاع حاولنا معرفة رأي الشارع الجزائري حول نظرة المجتمع للمرأة السجينة، رغم الآراء المتضاربة إلا أن هناك شبه إجماع من المواطنين برفض الزواج من السجينة بعد خروجها·
يقول (خالد) لا أقبل الزواج بسجينة وإن قبلت أنا فلن يرحمني المجتمع المحيط بي خاصة أنني من بيئة قبلية ترفض ذلك، كما أنها لا تصلح أن تكون أما ومربية لأولادي ولن أسمح لأخواتي وبناتي الجلوس معها خاصة لو كانت صاحبة قضية أخلاقية ولو كنت رب عمل لن أقبل بتوظيفها فسمعة المكان مهمة ووجود سجينة قد يضر بالمكان، وأنا أراها مجرمة وضحية في نفس الوقت مهما كانت الظروف المؤدية للخطأ·
أما العم حمزة فقال لا أسمح لأبنائي بالزواج من سجينات ولن أقبل بمخالطتها لبناتي وقريباتي ولا أقبل بتوظيفها حتى وإن كانت ضحية·
وتقول (سميرة) وهي فتاة جامعية في العقد الثاني من العمر (لا أقبل أن يتزوج أحد محارمي بسجينة ولن أقبل بجلوس أخواتي الصغار أو التحدث معها باستثناء أخواتي الكبيرات والمدركات فلا مانع من ذلك وعن توظيفها شيء عادي فهي كعاملة لا تختلف عن غيرها وأنا أرى أنها ضحية وليست مجرمة·
أما (سيف الدين) فقال مسألة ارتباطي بفتاة سجينة تحدده الجريمة، التي ارتكبتها وعادي أن تخالط قريباتي بشرط ألا تكون قضية شرف، وعن توظيفها قال لا أجد مانعا من ذلك، وهناك مجرمات وضحايا فمنهن من تكون ضحية لظروف إما أن تكون ظروفا معيشية أو بسبب أشخاص استغلوا عاطفة الأنثى·

مجرد رأي···
ليبقى الخير والشر ابتلاء والمهم الاستفادة من الخطأ، فالبشر كلهم معرضون لأقدار الله تعالى التي لا تفلت منها نفس بوعد صادق من خالق الكون وبارئ الأنفس ومبتليها بالخير والشر ليختبر صبرها، قال تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)، وبغض النظر عن سبب دخول السجن للمرأة أو الرجل فإن العاقل هو من يتعظ ويندم على خطئه إن كان قد أخطأ ويحتسب الأجر من الله تعالى إن كان مظلوما، ولا يفقد الثقة في نفسه وقدرته على تجاوز هذه المحنة ويقوي علاقته بربه جل وعلا ولا يسمح للشيطان أن يتلاعب به فيفقده توازنه ويجره إلى المزيد من الخطأ بحجة تغير نظرة المجتمع له بعد خروجه من السجن، وليثبت لنفسه أولا ثم للمجتمع أنه بعد مروره بهذه التجربة أصبح خيرًا مما كان·






http://www.wakteldjazair.com/media/image/tr20140609214226.jpg




الحادث أدى إلى إصابة امرأة بجروح

انهيــــار بنـــايـــة قــديــــمـــة بـ سيدي أمحمد بالعاصمة

اسمة عميرات

أدى انهيار بناية قديمة، بحي بوسعد فرحات ببلدية سيدي أمحمد بالعاصمة، صبيحة أمس، إلى إصابة امرأة بجروح مختلفة وتم نقلها على جناح السرعة للمستشفى الجامعي مصطفى باشا بالعاصمة، فيما لم تسجل أية خسائر في البنايات أو المركبات جراء هذا الانهيار.
وحسب المكلف بالإعلام، بمديرية الحماية المدنية لولاية الجزائر، الملازم، نسيم برناوي، فإن الانهيار وقع في حدود الساعة العاشرة إلا عشرون دقيقة، بحي بوسعد فرحات التابع لبلدية سيدي أمحمد بالعاصمة.
وأوضح ذات المتحدث في حديثه لـ وقت الجزائر ، أن الانهيار حدث نتيجة سقوط الجدار الخارجي لبناية قديمة، مما أدى إلى انهيار كامل البناية فيما بعد، ولدى تدخل مصالح الحماية المدنية، تم إنقاذ امرأة أصيبت بجروح مختلفة في الجسم، نقلت على جناح السرعة إلى المستشفى الجامعي مصطفى باشا بالعاصمة، لتلقي الإسعافات الأولية.
وقد خلق الحادث، هلعا وذعرا وسط سكان الحي، جراء الضجيج الذي صاحب الانهيار.

ليست هناك تعليقات: