السبت، أغسطس 18

أب الصناعة الجزائرية يرفض الصمت:

جدل
الحلقة الأولى
أب الصناعة الجزائرية يرفض الصمت:
''الجزائر نيوز'' تنشر رد عبد السلام على الجنرال نزار
''نزار استقبلني وهو يرتدى بذلة عسكرية في مقر تابع للجيش وكان حينها وزيرا للدفاع، ولم يقل لي بأنه يتكلم باسم المجلس الأعلى للدولة، أليس من حقي أن أعتقد بأن الجيش هو الذي عينني؟''، هكذا كتب رئيس الحكومة الأسبق بلعيد عبد السلام في رده على الجنرال نزار الذي تنشر الجزائر نيوز الحلقة الأولى منه·
في البداية، لابد أن أقول وأنا أحمل قلمي لأرد على الجنرال نزار بكل انزعاج، إن كل الفترة التي مكنتي من الالتقاء به والعمل معه، كرئيس للحكومة كان ذلك بكل حفاوة، لم تكن أية كلمة زائدة أثناء تبادل وجهات النظر بل كان هناك انسجام بادٍ بيننا وفي القرارات المتخذة في إطار النشاط الحكومي الذي جمعنا من أجل قضية مشتركة. كما أنني جد آسف، اليوم، وأنا أكشف وأنفي الادعاءات التي جاءت في نصه الذي وزعه على بعض العناوين الصحفية تحت عنوان ''نقطة نظام'' الموجهة إليّ، ردا على الكتاب ''من أجل توضيح بعض الحقائق حول ثلاثة عشرة شهرا على رأس الحكومة'' الذي نشرته·
إن اختياري لهذا العنوان لم يكن صدفة، بل استجابة لضرورة فُرضت عليّ، لأن الجنرال نزار، الذي يعرف انعكاسات الاتهامات غير المؤسسة والتي لا مبرر لها، لا يمكن له أن يجهل كل الحملات الموجهة ضدي والتي تسعى إلى التقليل من نشاط حكومتي والقذف الذي أتعرض إليه والتقليل من مصداقيتي كمناضل ومسؤول. وأمام هذا الوابل من الاتهامات والتجريح، حاولت صرف النظر عنها وتفادي النزول إلى المستوى الدنيء للمحتقرين المتوالين. لكن، في اليوم الذي حاول ذلك الشخص الذي حمل صفة الناطق الرسمي للجيش الوطني الشعبي ومستشار بوزارة الدفاع الوطني والذي وصفته الإشاعة القريبة من دوائر السلطة بـ ''مخ'' القيادة السياسية الوطنية، حاول في مقال القول بأن حكومتي أقيلت لسبب فشل سياستها الاقتصادية، توجب عليّ الرد عليه بالأدلة والحجج المقنعة، وذلك بالارتكاز على الوثائق العمومية التي لا تحميها أي سر دولة، التي يحاول البعض إخفاءها عن الرأي العام الوطني (الجزائريين والجزائريات) وبالتالي الكذب عليه.
هذا هو الدافع لنشر الكتاب والملاحق باللجوء إلى الوسيلة التي تمكن أغلب الجزائريين الراغبين في معرفة الحقيقة بكل موضوعية حول الطريقة التي سيرت بها شؤونهم وبلدهم.
كنت على يقين بأن اختيار هذه الطريقة قصد الإعلان عن رأيي، أعرّض نفسي إلى انتقادات، خاصة تلك المتعلقة باللجوء إلى الكتابة في بلد ذي تقاليد لفظية والتي -كما يعلم الجميع- تفسح المجال أمام الإشاعة. لكن ونظرا لافتقادي إلى وسائل أخرى للتحرك قصد إعطاء الأهمية لحقيقة المعلومة وقوة شهادات الوقائع، اخترت الكتابة وهجوم مضاد بالنصوص.
أفهم جيدا الجنرال خالد نزار الذي عبّر عن تضامنه مع الذي كان أحد أقرب مساعديه، ولن أنزعج من الانتقادات وحتى التوبيخ من الشخص الذي كان مسؤولا عليّ والذي منحني الثقة في تقلد المسؤولية. لكن من المؤسف جدا أن أجد في هذه الانتقادات الموجهة إليّ أفعال لا أساس منها من الصحة والتي تصنف في خانة الهذيان. وبالنظر إلى بعد الوقت بالمقارنة مع الفترة التي كنت فيها على رأس المسؤولية تحت سلطة الجنرال نزار، من غير المستبعد أن تظهر اختلالات في ذاكرته، وأن يستغل ذلك أصحاب سوء النية قصد الخلط على ذاكرة الجنرال نزار بعناصر خيالية ومصطنعة بغرض دفعه إلى الالتحاق بالجدل الدائر ودعم قضيتهم، ورد فعلي لم يكن إلا لتبيان الحقيقة والإتيان بنفي قاطع للاتهامات قصد زعزعته بالاختفاء وراء قامة الجنرال نزار.
إن الجنرال نزار ذهب على طول رسالته المسماة ''نقطة نظام'' في مرافعة لصالح الكيفية التي مارس مسؤوليته بالمجلس الأعلى للدولة واتهامي بالتقليل من ذلك. ليس لديّ ما أقوله بخصوص دوره في المجلس الأعلى للدولة، دون أن أسحب أية شيء مما جاء في كتابي في هذا الشأن. أما فيما يخصني، لابد من استرجاع بعض الحقائق التي تخصني شخصيا والتي تتعلق بالمسؤوليات التي شاركت فيها أو انتقاد المواقف والمزاعم الموجهة إليّ عن غلط من طرف نزار أو من طرف الذين سمع إليهم.
- 1 لم أحمّل مسؤولية تنحيتي على رأس الحكومة إلى نزار وزملائه أصحاب القرار. أتحدى الجميع الإتيان بالدليل أو تصريح حملت فيه الجنرال تواتي المسؤولية المباشرة من عزلي. في حين كتبت وسأواصل التفكير بأن هذا الأخير حاول التضليل بخصوص هذه القضية. وبالعودة إلى الحوار الذي أجراه مع جريدة الوطن في 17 سبتمبر ,2001 الجنرال تواتي، نفهم أنه هو الذي يقول بأنه كان وراء عزلي· وأنا لست المسؤول عن التصريحات التي ينقلها الصحفيون وينسبها إليّ عن خطأ بنفس الطريقة للجنرال نزار الذي يتضح أنه يجهل الإشاعات التي تغذي نوادي العاصمة حول الذي كان المدبر الفعلي لقرار عزلي من على رأس الحكومة.
- 2 بالكتابة ''إن اقتصادنا كان في حالة احتظار بسبب الجراثيم الفتاكة التي زرعتها اختيارات الستينيات والسبعينياتا، يكون الجنرال نزار قد كشف عن أنها كانت خياراته وأن على طول نصه لم يذكر مفهوم الثورة، إلا عندما تعلق الأمر بوضعه في سياق الأفكار التي يحاول إنسابها لي عن خطأ أو يأخذ مقتطفات من كتابي.
لكنه يكشف عن حقده تجاه بومدين وأريد أن أوضح لهذا الأخير عند موته- التي تبقى غامضة- قد ترك بلدا واقفا، وكانت غلطته أنه ترك وراءه نظاما سياسيا يسمح ببروز الذين تشددوا في هدم كل إنجازاته والتقليل من مصداقيته. ومن جهة أخرى، لم يترك الجيش الوطني الشعبي من منأى أشكال التنظيم والقيادة التي خلصت إلى أن يكون لها الجهاز الذي يصور لها الاستراتيجية السياسية ''مخ'' الجنرال تواتي. إن الجيش الوطني الشعبي وريث جيش التحرير الوطني يستحق أحسن من ذلك.
أفضل أن لا أعلق كثيرا على هذه المسألة وأترك المجال للجزائريين للحكم عليهم، الكل حسب رأيه. والسؤال الذي أطرحه: هل الجنرال نزار يعتبر نفسه مؤهلا لانتقاد بومدين؟
- 3 الجنرال نزار يتبنى رفقة زملائه في المجلس الأعلى للدولة خيار طريق إعادة الجدولة.
هذا التبني كان عليه أن يوجهه إلى الجزائريين الذين يعرفون جيدا نتائجه، وللذين وعدناهم بأن إعادة الجدولة ستأتي ببحبوحة مالية تمكن من فتح المئات من الورشات عبر كامل التراب الوطني، والتي تساهم في التنمية الاقتصادية والتقليص بالتالي من ظاهرة البطالة وخلق الآلاف من مناصب الشغل وفي الأخير تجنب الشباب الالتحاق بالجبل المدمر.
والجميع يعلم الآن بأنه بفضل قانون الرحمة والوئام المدني الذي جاء بعد المجلس الأعلى للدولة لرؤية بداية عودة الشباب الذين التحقوا بالجبال قصد تدمير دولتنا.
بالنسبة لي، لا يمكن أن لا أعبّر عن أسفي وأنا أسمع الذي يعترف إنه لعب دور الرجل المحوري في تسيير البلاد بصفته الرجل الأول في الجيش الوطني الشعبي، الجنرال نزار، الذي تبنى فكرة إعادة الجدولة في الوقت الذي يعرف فيه بنك النقد الدولي انحطاطا عبر العالم وحتى في الدول الغربية.
أتأسف لعدم سماع الجنرال نزار لتلك الأصوات التي نددت بسلبية السياسة التي انتهجها صندوق النقد الدولي خاصة عبر إعادة الهيكلة التي كانت الجزائر من بين ضحاياها بعد رحيل حكومتي.
بالتمعن فيما قاله نزار، بأن قرار إعادة الجدولة يتحمّله وحده رفقة أعضاء المجلس الأعلى للدولة تحت ذريعة ''ملتقى الخبراء'' الذي جمعهم قصد إضفاء المصداقية على خياره بنفس طريقة ''بونس بيلات'' في الماضي حسب العادة المسيحية التي جاءته بالماء لغسل أيديه من دم المسيح.
- 4 لقائي مع الرئيس علي كافي والجنرال نزار بدار العافية يوم السبت 4 جويلية 1992 على الساعة الخامسة مساء·
اللقاء الأول، كما جاء في اعترافه، حدث بالفعل بدار العافية، وهي دار تابعة لوزارة الدفاع الوطني والتي لا تبعد عن مقر سكني كثيرا·
ومثلما أشرت إليه في كتابي، ذلك اللقاء يوم السبت 4 جويلية على الخامسة مساء جاءني في منتصف النهار موظف سامي من طرف علي كافي يعلمني أن هذا الأخير والجنرال نزار حددا موعدا معي بالفيلا في الوقت المذكور أعلاه، وأبلغته أنني سأذهب إلى هناك راجلا، فأجابني بأن له أوامر بأن أنقلك إلى هناك بسيارتي·
قبل دقائق عن الموعد المحدد جاءني الموظف السامي المبعوث من قبل الرئيس علي كافي ونقلني بالفعل لفيلا دار العافية، حيث وصلت في نفس الوقت الذي وصل فيه علي كافي وخالد نزار، وبذلك اجتمعنا نحن الثلاثة في دار العافية·
لماذا إذن يخفي الجنرال خالد نزار حضور رئيس المجلس الأعلى للدولة في اجتماعنا الثلاثي؟ هل يتعلق الأمر بمجرد نسيان حدث في عقل نزار؟ هذا ما يبدو لي مع الأخذ بعين الاعتبار المدة التي تفصل بين تاريخ 4 جويلية 1992 إلى يومنا هذا منذ اللقاء بفعل الأحداث المختلفة والمسؤوليات والنشاطات التي كان يشرف عليها الجنرال نزار منذ ذلك التاريخ أو بالنسبة للجنرال نزار، لم يعد له الآن، علي كافي، سوى شخصية افتراضية لا معنى لها في ذلك الاجتماع وأنها الآن لا تعني له شيئا·
على أية حال، مهما كانت السلطة التي صرح باسمها خالد نزار في خضم الكلام، فإن الأهم هو أن خالد نزار نفسه، الذي وبعد تبادل التحيات وتقديم بعضنا لبعض بما أنها كانت المرة الأولى التي أتعرف فيها عليه، أخذ على عاتقه مبادرة الكلام، بعرضه للجو العام الذي كان يسود البلاد، خاصة على الصعيد الأمني·
وأذكر أن موضوع الاجتماع الذي أطلعني عليه مبعوث الرئاسة كان بخصوص استشارتي فيما يتعلق بالوضع في الجزائر·
وبدوري قمت بإعطاء لمحة عن نظرتي للأشياء في إطار محادثاتنا·
الرئيس علي كافي بدون شك كان يدرك أنه كان يقوم بدوره كرئيس، اكتفى بمتابعة الحديث دون تدخل، إلا ببعض الملاحظات القصيرة من حين لآخر في معرض حديثي مع خالد نزار·
في عرضي كنت أعدت نظرتي وموقفي الذي كنت اتخذته قبل ستة أشهر، حيث ذكرت به خالد نزار عندما تعلق الأمر بوقف المسار الانتخابي، وهو نفس الموقف الذي عرضته على أحد الأشخاص الذي جاء إليّ ليخبرني بأن شيئا سيحدث في هذا الإطار، ويتم التحضير له وأعدت في عرضي، لنزار، فكرة الحالة الاستثنائية·
عقب انتهاء المحادثات، مثلما جاء في اليوم الذي أبلغوني فيه نهاية مهمتي عن طريق الرئيس علي كافي الذي أخذ الكلمة لإعلامي بذلك، جاءني نزار ليطلب مني أن أترك الحكومة، أما لما تبقى فذلك موجود في كتابي·
أضيف فقط أن الرئيس علي كافي أشار لي بأن التغيير الحكومي قرره الرئيس بوضياف، هذا الأخير كان من المفترض أن يقوم به في شهر جوان الماضي، لكنه قرر كذلك تأجيله إلى غاية الدخول الاجتماعي من أجل أن تنصب جهوده طوال شهور الصيف على إطلاق الحركة التي قرر خلقها RPN، بعد وفاته، علي كافي قال بأن بوضياف كان قرر التغيير فوريا·
لماذا إذن يقول الجنرال نزار اليوم، بأنه في ذلك التاريخ قابلني لوحدي دون علي كافي·
هذا بالنسبة لي لغر لا أفكه، وبدون شك فإن الباب الكبير لدار العافية وأبوابها الأخرى التي دخلنا عبرها نحن الثلاثة، وكذا القاعة التي جلسنا فيها وأثاثها لا يستطيعون الكلام ولا يتذكرون ما جرى· الحراس الشخصيون لعلي كافي ونزار وكذا عمال الفيلا يتذكرون حضورنا الثلاثي، لأنهم قدموا لنا المشروبات، كل هؤلاء سيتفاجأون عندما يقرأون بأن نزار غيب علي كافي من الاجتماع·
عند انتهاء الاجتماع كل واحد منا ذهب بمفرده، وكنت أبقي على اتصالي فقط بعلي كافي إلى غاية 8 جويلية ,1992 حيث كنا حول جلسة عمل خاصة بالمجلس الأعلى للدولة من أجل الإعلان الرسمي لتعييني رئيسا للحكومة·
وكنت لاحقا قد علمت بأن الرئيس علي كافي وخالد نزار هما من اقترحا اسمي للحكومة، وهو ما علمته من زملائهما الدكتور تيجاني هدام كان موافقا، أما علي هارون فقد رفض وقال إن عبد السلام بلعيد سترجع الحكومة معه إلى الماضي بمعنى إلى فترة هواري بومدين الذي يبرز تجاهه نوعا من الاختلاف، رغم أنه كان يُظهر رضى وفرحة عندما كان على رأس السلطة وهو يخدمه·
رضا مالك انتهى كذلك بمنح الموافقة ويوم الأحد الموالي 5 جويلية 1992 أبلغني علي كافي موافقة المجلس الأعلى للدولة على تعييني·
هاهي مجريات الأحداث، فما الذي يدفع بنزار إخفاء الحقيقية؟
لكن رغم أنف نزار يؤكد من حيث لا يدري بأن الجيش هو الذي اختارني، وهو ما قلته سنة بعد ذلك التعيين أمام إطارات ولاية الجزائر العاصمة الذين أرادوا تحريف كلامي·
وإذا كان نزار يقول بأنني كنت معه فقط ذلك اليوم في دار العافية، كان سيكون لديّ أسباب كي أظن بأن الجيش هو الذي يعينني، بما أن نزار كان حينها ببدلته العسكرية لا يستطيع أن يظهر لي أنه رجل سوى ذلك الذي يرأس وزارة الدفاع الوطني·
وحتى إذا كان نزار يدعي بأنه تحدث باسم المجلس الأعلى للدولة، من كان يعتقد بأن جنرالا ببذلته العسكرية وفي مقر تابع لوزارة الدفاع لا يعني بتاتا أنه تعيين من الجيش·
أنا أجد صعوبة في تصور قول نزار بأنه يقول:
''حذاري! أنا أتحدث باسم المجلس الأعلى للدولة وليس باسم الجيش''· هذا الكلام كان سيكون الأسلوب المناسب للتأكيد بأنه كان يتحدث باسم الجيش· لكن كفانا لعبا، هاته الترهات ما هي إلا انعكاس لمحاولة نزار إخفاء الحقيقة، حقيقة اللقاء الثلاثي الذي سبق إعلام المجلس الأعلى للدولة كي يصادق على تعييني على رأس الحكومة·
ترجمة: ع· بلقايم/ حسان· و
PH/ DjazairNews

ليست هناك تعليقات: