الأربعاء، أغسطس 22

مع خالد نزار كنت أتصور أنني أتعامل مع صحيفة الخبر



الحلقة الخامسة
مع خالد نزار كنت أتصور أنني أتعامل مع الجيش
إيطاليا، وهو الموضوع الذي يعتقد بلعيد عبد السلام أنه ساهم في ''ترحيله'' من رئاسة الحكومة. في الحلقة الخامسة من رده على الجنرال خالد نزار، يؤكد بلعيد عبد السلام رئيس الحكومة الأسبق أنه كان يضع نصب عينيه أنه يتعامل مع المؤسسة العسكرية... كما يشير إلى رفضه منح عمولة لوسيط ليبي في صفقة لبيع الغاز الطبيعي إلى
ترجمة : القاضي· ب
13 / الجنرال نزار يكتب أن قرار المجلس الأعلى للدولة تمت صياغته، مناقشته واتخاذه جماعيا من طرف أعضائه، أنا لا أجادل في هذه الطريقة لتقديم الأشياء· بنما أعتقد أني أمتلك الخبرة الكافية لتقدير كيف جرت الأمور في الحقيقة· القرارات الحقيقية تتخذ أين توجد السلطة الحقيقية ـ نكتفي بالأساسي بين أولئك الذين بحوزتهم كل جزء من هذه السلطة· ثم نتقدم إلى الهيئة التي من المفروض كونها السلطة المخول لها سن القوانين رسميا، بمعنى في نظر الجميع القرار المرتقب اتخاذه· هذا الأخير يقدم على أنه فتح حوله نقاشا، وكل واحد يعلم جيدا أن النتيجة محسومة مسبقا، خاصة إذا ما تعلق الأمر بقضايا جوهرية في النهاية تنتهي المناقشات بتبني الاتفاق حول القرار المنتظر، أحيانا بعد إدخال بعض التعديلات عليه والتي لا تمس بجوهره· داخل المجلس الأعلى للدولة الأمور لم تكن تجري بشكل مخالف· والأمور تسير على هذه الشاكلة في كل بلدان العالم بما فيها تلك التي تدعي الاحتكام التام إلى القواعد الديمقراطية·
14 / لم أنس ولو للحظة واحدة موقف محمد بوضياف كأول رئيس للمجلس الأعلى للدولة وأحمد الله أنني لن أحسب من بين الناس الذين عرقلت عمله الإنقاذي في صالح البلاد والذي أعطاه الكثير بما في ذلك حياته· وبنفس الصفة التي أعتز فيها بصداقة الأخ علي كافي قبل مجيء المجلس الأعلى للدولة، وهذا لا يعني أن رئاسة هذا الأخير، حيث لم يكن علي كافي بمفرده شنت حملة معادية ضد حكومتي·
15 / بالنسبة لإعادة الجدولة لا أرى على الإطلاق أي داعٍ لإضافة أي شيء على ما قلته في كتابي، بينما فيما يخص جوهر هذه المسألة أكتفي بتدوين بعض الملاحظات:
ـ بما أن الجنرال نزار يعتبر أن إعادة الجدولة كانت مفيدة جدا للجزائر، لماذا قرر أو سمح باتخاذ القرار بتغيير الحكومة في جويلية ,1992 بما أنه كان يعلم بأنه في هذا الظرف كان نص الاتفاق جاهزا مع صندوق النقد الدولي لإعادة جدولة الديون الخارجية للجزائر؟ بالنسبة للقضية الأساسية المتعلقة بخفض قيمة الدينار، كان هناك فارق بسيط بين الموقف المدافع عنه من قبل الحكومة السابقة، حكومتي وممثلي صندوق النقد الدولي· الجنرال نزار كان سيكسب ما يقرب سنتين لحله المعجزة إذا رجعنا إلى توضيحه لتفادي ''الانهيار الشامل للبلاد'' بالتوجه إلى اإلى المؤسسات المالية الأجنبية الأفامي والبنك الدولي''·
ـ من جانب آخر الجنرال نزار الذي من المفترض أنه تردد على مدارس هيئة الأركان خلال مسيرته المهنية العسكرية، يعلم جيدا ما يسمى ''ورقة طريق''· لماذا لم يمنحني ورقة طريق عند تشكيل الحكومة ليحدد لي طبيعة مهمتي وما كان علي القيام به؟ بما أنه لم يفعل ذلك، لماذا وافق أو سمح بالموافقة من طرف المجلس الأعلى للدولة على برنامج العمل الذي قدمته لحكومتي؟ في النهاية ''ورقة الطريق'' لم تكن سوى برنامج حكومتي التي قدمتها وحظيت بتزكية المجلس الأعلى للدولة، حيث كان خالد نزار عضوا فيه· قبل أن يسأل لماذا لم أقدم استقالتي على هذا الأخير، قبل ذلك عليه أن يجيب على تلك الأسئلة بشكل علني أو في قرارة نفسه مع ضميره·
طوال وجودي على رأس الحكومة وفي كل مرة كانت تتاح لي الفرصة، لم أتوقف على اطلاع أعضاء المجلس الأعلى للدولة، الرئيس علي كافي والجنرال نزار على وجه الخصوص حول الجهود التي كنت أبذلها لتجاوز المتاعب المالية بالعملة الصعبة· وأركز دائما أننا كنا نتدخل في ميدان متعلق بالعالم النقدي الدولي حيث تسير الأمور ببطء خاصة وأن الأمر كان يتعلق بالنسبة لمسؤولين على هذا العالم بالتفاوض مع بلد وطوال عشر سنوات بدد موارده، وعلاوة على ذلك وجد نفسه في قبضة تمرد داخلي خطير· خلال الندوة الصحفية التي نشطها غداة تنصيبي بقصر الحكومة، قلت إنه ليس بحوزتي عصا سحرية لمحو كل الخراب الناتج عن العشرية السوداء والمتميزة بالأضرار التي لحقت بالاقتصاد الوطني بحركة واحدة· لا أحد اليوم يقول ويبدو أن كل المراقبين نسوا أن الجزائر في نهاية الثمانينيات فقدت أكثر من ثلاثين مليار دولار بعد إلغاء عقد بيع الغاز الطبيعي للولايات المتحدة الأمريكية والمسمى عقد
''EL PASO'' والتراجع عن عقد مماثل مع الجمهورية الفدرالية الألمانية· بالإضافة إلى فقدان هذين العقدين كانت الجزائر تخسر كل سنة في نهاية الثمانينيات وخلال العشرية التالية ما يقارب الملياري دولار من عائداتها من العملة الصعبة مقابل بيع المحروقات بفعل تراجع سعر البترول· وكانت هذه القيمة تمثل تقريبا بالضبط المبلغ اللازم للجزائر سنويا للوفاء بالتزاماتها المالية الخارجية في الوقت الذي دفعت فيه إلى مخالب الأفامي من خلال اللجوء إلى إعادة الجدولة، ولا يتكلم اليوم أحد عنها ولن يتكلمون أبدا عن هذا الأمر· بومدين ترك للذين خلفوه ما يكفي لتسديد الديون التي تم اقتراضها خلال فترة حكمه وكذلك ما يكفي لدفع كل الديون المتراكمة خلال عهدة من تلوه، ولكن هؤلاء ظلوا يحتقرونه ويهدمون ما بناه ·
16 / حول موضوع قانون الاستثمار، أترك للقارئ تقدير الحجج التي تناولها الجنرال نزار لصالح رفض النقاط التي أدرجتها في هذا المشروع لمراقبة مصدر رؤوس الأموال· إنها حجج يقدمها كل أنصار تبييض رؤوس الأموال مشبوهة المصدر· هو الذي أعطى أوامر لقواتنا الأمنية: الجيش، الدرك الوطني والشرطة لمواجهة مليشيات الإرهابيين بالسلاح في المدن والجبال للدفاع عن سلطة الدولة وإعادة مصداقيتها، كيف بمقدوره أن يبرر في نظر كل الذين كانوا سيسقطون من الجانبين في هذا القتال، لأنه كان الأمر يتعلق بقتال بين الجزائريين، والدولة كانت تكتفي بإنذار أولئك الذين سرقوا وأولئك الذين نهبوا ثروات شعبهم أنه سيتم العفو عنهم إذا أعادوا الأموال التي رحلت لجعلها في مأمن بسويسرا، اللوكسومبورغ والباهاماس لاستثمارها في الجزائر؟
من جهتي عندما عندما كان قانون الاستثمار جاهزا أرسلته إلى المجلس الأعلى للدولة، وخلال جلسة لهذا الأخير التي دعيت لحضورها بتاريخ 18 جويلية ,1993 أشرت إلى أنه يعود إلى المجلس الأعلى للدولة أمر اعتماد أو إلغاء البند المتعلق بمراقبة مصدر رؤوس الأموال للاستثمار تحت غطاء القانون الذي تمت صياغته من قبل حكومتي· المجلس الأعلى للدولة فضّل رحيلي للمصادقة ونشر القانون وبطبيعة الحال مع شطب البند المتعلق بمراقبة مصدر رؤوس الأموال·
بما أن الجنرال نزار يتناول مشكل الرشوة بخصوص قانون الاستثمار، هل بإمكانه أن يتذكر يوم انعقاد جلسة للمجلس الأعلى للدولة وجهت لي الدعوة للمشاركة فيها، أعلنت رفضي تنفيذ القرض البالغ بين 5 أو 7 ملايير دولار أمريكي المتفق عليه مع إيطاليا تحت قيادة رئيس مجلسها ''أندرييوتي'' عن طريق الوسيط الليبي الذي لم يعد من هذا العالم والمعروف عندنا ولدى غيرنا بعمولة الثلاثين مليون دولار التي استفاد منها في صفقة بيع الغاز الطبيعي بين الجزائر وإيطاليا؟ وقد أخبرت قبل تنصيبي على رأس الحكومة أن الذي سبقني في المنصب كان يتعرض كل صباح لضغوطات قصد التعجيل لتجسيد الاتفاق الذي كان مرتبطا بسوناطراك التي كانت في نفس الوقت الضامن لدفع القرض وأحد مستعملي التمويل الذي يقدمه· أستدعي لهذا الغرض المدير العام لسوناطراك آنذاك عبد الحق بوحفص والذي أكد أنه سيستقيل من منصبه إذا تم تنفيذ هذا الاتفاق· وزير الطاقة والمناجم الذي كان معه نور الدين آيت الحسين أضاف أنه سيستقيل هو أيضا من مهامه، هل بالإمكان أن يؤكد لي بأن عدم تجسيد هذا الاتفاق الذي قررته وأخطرت به الحكومة الإيطالية لم يكن لها ضلع في مسار الادعاء الذي انطلق لإقناع مسؤولينا سيما بالجيش الشعبي الوطني بأن حكومتي لم تقدم أي شيء للبلاد غير اللجوء إلى إعادة الجدولة كان سيصبح لا مناص منه، وللوصول إليه كان من الضروري التخلص مني ومن حكومتي؟
17 / لماذا قبلت بمهمة ''العاجزين'' والتي كلفت بها ولم ''أستقيل عندما لاحظت عدم القدرة، الوقاحة والتفاهة ''لهؤلاء'' العاجزين''، ببساطة بالحديث مع الجنرال نزار كنت أعتقد أني كنت أتعامل مع الجيش الشعبي الوطني وبأن تدخل الجيش كان ضروريا لتخليص البلاد من الأزمة التي كانت غارقة فيها· اليوم الذي تم فيه اللقاء نحن الثلاثة بدار العافية وفي اللحظة التي كنا سنفترق بعد قبولي قيادة الجهاز التنفيذي، ألا يتذكر الجنرال نزار حقا أنه قال لي: ''الكثير من الضباط سيكونون مسرورين الليلة!'' معناه: ''عندما سيعلمون بقبولك تحمل قيادة الجكومة؟''·

ليست هناك تعليقات: