الثلاثاء، أغسطس 7

نزار لايعرف الثورة وبلعيد عبد السلام كان ضدّها



القيادي والتاريخي أحمد محساس لـ''الجزائر نيوز'':
نزار لايعرف الثورة وبلعيد عبد السلام كان ضدّها
-- خذوا تاريخ الثورة من أحمد بن بلة
-- أحداث التسعينات كانت بموجب صفقة وتواطؤ مع ا لخارج
-- الثورة فشلت في إنتاج تفكير سياسي استراتيجي سليم
يرى أحمد محساس الوجه التاريخي المعروف أن الكلام الدائر حاليا بين الجنرالين السابقين محمد تواتي وخالد نزار لايعدو أن يكون تصفية للحسابات، وقال أن مايعرفه عن الطرفين هو أن بلعيد عبد السلام كان ضد الثورة في وجه فرنسا، في حين اعتبر أنه ''ليس من حق خالد نزار الحديث عنها لأنه ببساطة لايعرف تاريخها''·
حاوره: عبد اللطيف بلقايم
هل اطلع السيد محساس على منشورات بلعيد عبد السلام ومذكراته على شبكة الأنترنيت، وإذا كان كذلك، ماتعليقك؟
نعم قرأتها، وبالنسبة إليّ ماقاله ليس حدثا لأنه لايهمني ماذا حدث لبعليد عبد السلام من أحداث عندما كان على رأس الحكومة، كما أنني أعرف الأحداث جيدا طوال مشواري السياسي، وحاليا أظن أن من يهتم بهذا الكلام في نظري غرضه محاولة خلق تنوع في الأحداث والأخبار ليس إلا، مقارنة بالوضع الذي توجد فيه الجزائر التي تحتاج لأشياء أكبر تحقق مصلحة أرفع .
لكن إذا كان هذا هو القصد، فإن مذكرات بلعيد عبد السلام فتحت النقاش لما فيها من ''حقائق تاريخية'' بعيدا عن صحتها أو ضعفها. وجود مذكرات بلعيد عبد السلام على الأنترنيت ليست مبرراً لفتح النقاش، ففي الأنترنيت يوجد ما لا يعد ولايحصى من المعلومات التاريخية الأكثر أهمية مما قاله بلعيد عبد السلام، ثم أنني قلت سالفاً الكثير عن مثل هذه الحقائق، لكنها لم تثر الاهتمام ولم ترد عنها أية تعاليق. أظن أن النقاش كان مجانباً للصواب ويدخل ذلك في محاولة جر الرأي العام إلى مرحلة من السبات·
يظن المتتبعون للنقاش أن بعض ما أثير من حقائق خطير كقول بلعيد عبد السلام'' أن موت الرئيس هواري بومدين يجب أن يعاد حوله الحديث''، و''أنه مشكوك في حقيقته''، ألا يحرك فيك هذا الكلام شيئاً وأنت الذي تحرص على حق الأجيال في معرفة تاريخهم؟
أنا لاأعلق على الثورة المزيفة بل على الثورة الحقيقية، مثلما هو جارٍ، هناك مؤرخون مزيفون، إذ من يحدد الثوري الآن في الجزائر؟، من باستطاعته بعث الرسالة الثورية في الرأي العام؟ من باستطاعته الحكم عن هذا أو ذاك بأنه كان في الثورة؟ أريد القول من تتوفر فيه شروط التصنيف ومن هو قادر على ذلك؟
هذا يدخل في مجال آخر لاأريد الدخول فيه، لأنني لا أهتم بذلك في الوقت الراهن·
لكنك قلت لي في الهاتف أنك تريد قول حقائق مثيرة وتدلي بشهادتك التاريخية لإثراء النقاش، نريد وضع ماقاله بلعيد عبد السلام وخالد نزار وتواتي على ميزان شهاداتك للأمانة التاريخية؟
أنا لدي عدة تحفظات على الذين يتحدثون في هذا المجال، سواءً من أبناء الحركة الوطنية أو من التيار الثوري، ولهذا أقول بأن التاريخ الذي يوضع حالياً مزوّر، وهذه حقيقة مؤسفة· لأننا نشهّر بأحداث وشخصيات لاعلاقة لها بالثورة، بل كانوا ضدها، وهم يستغلون هذه الفرص للتغليط، وأنا أطعن في هذا وأحمل النظام مسؤولية ذلك، كما أن الثورة مؤسسة على الخطأ من الناحية التاريخية·
ألا تعتقد مثل كثيرين أن هذا صراع معلومات تاريخية أو أنك تعتقد أنه صراع بين من عرفوا بقدماء ضباط الجيش الفرنسي وأبناء الحركة الوطنية؟
أولا أبناء الحركة الوطنية والحركة الثورية اليوم قلة ويعدّون على رؤوس الأصابع، وليس لهؤلاء أن يتحدثوا عن الثورة ومعظمهم كانوا ضد الثورة
بلعيد عبد السلام وخالد نزار؟
بلعيد عبد السلام معروف أنه كان ضمن التيارالذي عارض ورفض ثورة ,54 أما نزار فلا حديث عنه .
ومارأيك في الكلام الذي قاله نزار، مؤكداً فيه بأن لا اللجنة المركزية ولا الـ "MTLD" ولا المصاليين شاركوا في تفجير الثورة· هل هذا صحيح؟
خالد نزار لا شأن له في الثورة، قام بالخدمة الوطنية وخرج منها ضابطاً صغير الحجم، عكس ماقمت به أنا لأنني رفضت التجنيد بالرغم من الفرصة التي أتيحت لي كي أكون قيادياً، في 1949 كنت أدنت بـ 6 أشهر حبسا للعصيان·
إن المكسب الذي حققه المصاليون وحزب الشعب وبعد اندثارهما من المشهد السياسي هو الذي جعل الجزائر تجد نفسها أمام متاهات الأعداد الكبرى من المجاهدين والمسؤولين القدماء والحاليين الذين يقولون بأن لهم علاقة بالثورة·
تجرني إلى سؤالك عن الأسماء الحقيقية التي في نظرك ساهمت فعلياً في التحضير وتفجير الثورة؟
من بينهم بن بلة، بوضياف، بن بولعيد، بن مهيدي وديدوش مراد، كنت شاهداً على ذلك، وقمنا بالدعوة لأول اجتماع عام للمناضلين عبر الوطن، وفي انتظار رد فعل منهم كانوا يسموننا بالمحايدين، وأنا من دعوتهم للإجتماع كما كلفت به.
من كان ضد الثورة من المسؤولين الحاليين··أريد أسماءهم؟
التيار الوحيد الذي كان مع التفجير هو حزب الشعب، وماهو غير معروف كيف ظهر تيار من قلب حزب الشعب وهو تيار يقوده شباب آنذاك رفضوا انصهار حزبهم وتحطيمه وأرادوا الاستمرار في تطبيق قرارات مؤتمر 1947 الذي وضع كل الإمكانيات لتفجير الثورة وخلق المنظمة السرية، بعد إفلاس قيادة حزب الشعب وتضييع زمام الأمور، وصلنا إلى أمر واقع هو أن الثورة لم تعد بحاجة إلى زعيم يقودها، وقررنا عدم خلق حزب آخر، وكانت شروط المشاركة في الثورة بقرار انفرادي وهناك من تخلوا عن أحزابهم حتى سنة 56 وهناك من انخرطوا في الثورة عاما بعد تفجيرها·
إذن هذا ليس صراع معلومات تاريخية؟
هذه تصفية حسابات، وأنا أعرض الحقائق التي كتبتها على المحللين التاريخيين، والصراع الآن هو بين من تراجعوا عن الثورة وبين من انخرطوا فيها بلا رجعة، هناك من تخلوا عن مبادئ الثورة وتيارها لأسباب مقنعة.
الأسماء؟
الأمر أكبر من حصره في أسماء مهما كانت، فهناك تيارات سياسية قررت الهروب والتخلي عن الاتجاه الثوري·
إذا كان محساس يهاب من ذكر الأسماء والحقائق من له الجرأة على ذلك؟ من أين يأخذ الشباب تاريخ الثورة وعن من إذن· مادمت ترفض ذكر الأسماء؟
صدّقني إن ذكر الأسماء لايعني بالنسبة للتاريخ شيئاً بقدر ماتعني التيارات الأخرى التي كان لها مواقف أثرت على مجرى الأحداث، ولو كانت تلك المواقف من صنع الأشخاص، لكنها أخذت بشكل جماعي.
أما القول بأنه يجب أن نخرج ملف موت بومدين وما إلى ذلك من أمور، فأرى أنه إذا أردنا الحديث عن بومدين فلنتحدث عنه من الناحية السياسية، والحديث عنه كذلك يجب أن يكون من منطلق ما نحققه من منفعة عامة، وما يقدمه لنا البحث من تفكير وعمل لحل مشاكل بلادنا، فهذا الملف لا يقدم لنا شيئا، فبومدين.. كان بإمكان القدر أن يوافيه الموت قبل الثورة، ثم أين العظماء الذين قدموا أرواحهم ليس لبلدانهم فقط بل للبشرية جمعاء، أين عبد الحفيظ بوصوف الذي مات وهو أكبر وأعلى مكانة من هواري بومدين، هذه هوامش فقط، فالفائدة العامة ليست على هذا الصعيد، مشكلتنا المعرفة السياسية والطبقات الاجتماعية· وحيرتنا الكبرى هي تحكم الشركات الأجنبية في ثرواتنا·· هذا هو النقاش الحقيقي، وهنا يكمن الرهان الحقيقي أيضا. مهمتي أن أكون في الذرع الواقي للدولة تاريخياً، مهمتي توضيح الحقائق من منطلق المقارنة ويجب المكافحة ضد هذه الوضعيات التي تتطلب جرعات من تأنيب الضمير، كان باستطاعتنا تجنب سيناريو التسعينيات·
كيف؟
الكيف موجود لكن لايسع الوقت للحديث عن ذلك، وأقول أن الوضع كان عبارة عن صفقة وتواطؤ بين جزائريين وأطراف خارجية، وللأسف فإن الثورة فشلت في إنتاج تفكير سياسي واستراتيجي سليم، لأنها نجحت فقط في تحقيق قفزة اجتماعية سطحية ومظهرية·

ليست هناك تعليقات: