الثلاثاء، أغسطس 14

إقرأوا وأستمتعوا



ضريبة الأبواب العالية

عبد الرزاق بوكبة
> الاسم عالي، والمربط خالي< / واحدٌ من الأمثال الشعبية التي تعلّمتها صغيرا في القرية، وقد تذكّرته بعد أن قرأت ما كتبه صديقي الأستاذ سليمان بخليلي في العدد الماضي، مقدِّما تصريحا شرفيا بممتلكاته بعد الإيمايل الذي ورد إليه
من القارئ الوناس· م، الذي يقول فيه إنه أثرى من عمله في التلفزيون، بحيث أصبحت فيلاته وعقاراته وسياراته، لا تُعدّ ولا تُحصى في مختلف الولايات، ما استفزَّ سليمانَ وجعله ـ وهو البدوي المتخلِّق ـ يلجأ إلى القسم بالله العظيم إن يديه لم تقبضا مبلغا أكبر من عشرين ألف دينار جزائري دفعة واحدة!، [في هذه أنا أتفوق على صديقي، بحيث قبضت الأسابيع الفارطة 150 ألف دينار في إطار جائزة رئيس الجمهورية لأدب الشباب]· والغريب أن هذا القارئ الفاضل وضعني مع صديقي سليمان بخليلي في المقام نفسه من التهمة، رغم أن الفارق واضح بيننا من حيث السنّ والتجربة وحتى المال، حيث أعترفُ بأنه يتفوق عليّ في هذه الثلاثية بجدارة لا أحسده عليها لأنني أحبّه وأحترم إنسانيته وعملَه· والسؤال الذي كان من المفروض أن يطرحه الوناس· م على نفسه حتى لا يخسر موضوعيتَه: هل كثير على شابَّيْن جزائريين مثل بخليلي وبوكبة، ـ بعد الذي قدّماه والذي هما مؤهلان لأن يقدّماه للثقافة في هذا البلد إذا طالت الأعمار [مع إثبات الفارق دائما في تجربتيهما] ـ، أن يكونا ثريين كما ذهب إليه، خاصة إذا راعى معطىً جزائريا بامتياز مفاده أن الآلاف من الأثرياء الجدد كانوا قبل العشرية السوداء لا يملكون إلا ما يقبضونه من آبائهم وأمهاتهم من مصروف، ولعلّ عبد المؤمن خليفة وعبد الرحمن عاشور، أحسن نموذجين على ذلك، هذا إذا كانت التهمة صحيحة، أما إذا كانت باطلة كما هي فعلا، فإن وقعها مؤلم على النفس الأبية، تماما مثل رجل يخرج متخفيا في الليل حاملا صدقاته إلى البيوت الفقيرة، فيقالَ عنه إنه خرج ليباشر غزواتٍ جنسيةً في بيوت الناس · والواقع أنها ليست المرةَ الأولى التي أسمع أو أقرأ فيها مثل هذا الكلام منذ أصبحتُ >أنفا تليفزيونيا< دون وساطة من أحد طبعا، ذلك أن الكثير من أبناء قريتي والأصدقاء العاديين، يعتقدون أنني أصبحت ثريا فعلا، وأنني إنما لا أزور القرية أو أتنقل في المدينة بدون سيارة خاصةٍ تواضعا مني أو تهربا من العين، غير أنيَ لا ألومهم ـ بحكم أن اعتقادهم هذا مُتأتٍ من عدم إلمامهم بالمعطيات، مستندين إلى المظاهر من قبيل أنهم يشاهدونني في الأسبوع الواحد مرتين في التلفزة، ويسمعونني في الراديو ثلاث مرات ويقرؤونني في الجرائد أكثر من مرة ـ بالقدر الذي ألوم فيه الأصدقاء الذين يعرفون الحقيقة جيدا، حيث قال عني أحدهم قبل شهور في >الشروق اليومي< إنني أصبحت ـ بعد أن دخلتُ مرحلة الثراء ـ أتنكر لأصدقائي القدامى، وإنني بتّ أتكبّر على المطاعم والحافلات البسيطة!!، بل إن بعض الأصدقاء من الكتّاب والفنانين ـ خاصة من المدن الداخلية ـ يعتقدون أنني واحد من الذين أضافوا إلى أرصدتهم المالية مبالغَ ضخمةً في إطار عاصمة الثقافة العربية، بحكم طبيعة نشاطي ونفوذي وعلاقاتي، بما في ذلك نفوذي مع السيدة الوزيرة، وقد قالها لي أحدهم صراحة قبل شهرين، فقلت له: سمعت بأنك ستتزوج قريبا، وأنا مستعد لأن أدفع لك تكاليف المهر والعرس وشهر العسل في إسبانيا، غير أني في الواقع لم أُدْعَ حتى لحضور النشاطات التي تدخل في مجال اهتمامي المباشر!، فكيف بالاستفادة من المال وباقي الامتيازات؟!، بل إنني صرفت من جيبي ـ وأنا هنا أملك شهودا عدولا دون الاضطرار إلى القسَم ـ ملايين الدينارات على الأصدقاء من الضيوف العرب، فقط حتى لا يأخذوا انطباعا سيئا عن وطني، وقد تُركوا ـ في إطار ثقافة الإهمال أحيانا، أو في إطار الصراعات الشللية أحيانا أخرى ـ بلا دليل مثقف يسيحون معه في البلاد، وقد تمكنت بفضل تلك المرافقات، أن أجهض كثيرا من الحرائق الإعلامية التي كان بإمكانها أن تشوّه بلدي· لكن هل أنا نادم أو قلق أو حزين على هذا الوضع الذي أنا فيه: الاسم عالي والمربط خالي؟/ عاشت الأسماء··· عاشت الجزائر، والشكوى لغير اللّه مذل


قصة الولاية السادسة وإعدام العقيد محمد شعباني
الولاية المغيبة: المؤامرات ·· الدسائس والاتهامات
'' العقيد بن شريف خدم تحت راية الاحتلال وتحصل على الجنسية الفرنسية !''
أرسل إلينا السيد عبد الرحمان شعباني شقيق العقيد محمد شعباني مقالا مطولا وهو عبارة شبه دراسة جمع فيها ما بين الشهادة الذاتية والبحث التاريخي حول موضوعين مترابطين ومتلازمين هما الولاية السادسة ودورها في الثورة وترأس العقيد محمد شعباني لها وكيف سارت الأمور بعد الاستقلال وكيف تطورت إلى أن وصلت إلى تلك النهاية المفجعة·· من جهتنا حاولنا تخليص ما أرسل به لنا السيد عبد الرحمان من بعض منا نعتقد أحكام ذاتية جدا >لا تفيد لا الوطن ولا التاريخ ولا الحقيقة <· بقلم عبد الرحمان شعباني نظرا للتصريحات التي يدلي بها العقيد أحمد بن شريف هنا وهناك فيما يخص قضية العقيد المرحوم محمد شعباني والولاية السادسة التاريخية، يطيب لي -بصفتي شقيق المرحوم العقيد شعباني- أن أورد بعض الملاحظات، مع تقديم بعض التوضيحات، وتصحيح بعض المغالطات، وفي ذات الوقت عرض المسار الثوري لهذا الرجل، ومعرفة مدى أهليته لتفسير بعض الوقائع أو إدانة بعض الأشخاص · الولاية السادسة : '' ضرورة استراتيجية '' أول ما يمكن تسجيله هو استخفاف العقيد بن شريف بأهمية الولاية السادسة، وعدم تقدير لدورها الإستراتيجي، مما جعله تعتبروها قد حلّت، فضلا عن تطوّعه باتهام قادة هذه الولاية بالسيطرة على القيادة وبالانتهازية وغير ذلك من الاتهامات لرموز هذه الثورة، الذين تخرجوا من أكاديميات الجبال · في البداية يجدر التأكيد أن الولاية السادسة لم تُحل أبدا، ولكنها كانت عرضة للمؤامرات والدسائس وللاتهامات كما هو معلوم·· وبالطبع كان العدو الاستعماري أبرز المناوئين لهذه الولاية، فقد قضي على قيادتها يوم 29 مارس 1959 أثناء معركة (جبل ثامر) الذي يقع على مسافة تقدر بحوالي 30 كلم شرق بوسعادة (1) وهو المكان الذي أضحى شبه مقدس لأنه شهد مقتل اثنين من أشهر وأنبل أبناء الجزائر المقاتلة، كما شهد إلقاء القبض على الرائد إدريس عمر الذي ألقى عليه العدو القبض جريحا، وحوّل إلى ثكنة الجلفة وأعدم فيها دون محاكمة، وكما تعلم، العقيد ابن شريف، فإن الجيش الفرنسي لا يقبل المساجين من >الفلاقة<، وربما لعبت >الأقدار العقيد الحميدة< دورها في تجنيب العقيد هذا المصير أو ربما هذا الشرف كما سنبين للقارىء فيما بعد · وبالرغم من نجاح العدو في القضاء على مجلس الولاية السادسة في ,1959 لكن ذلك لم يمنع الثورة من أن تستمر في هذه الربوع، بل كان دافعا لإعادة تنظيم الصفوف من جديد وهو ما تحقق بفضل رؤساء المناطق الذين كانوا على قدر كبير من الوعي والمسؤولية، وعلى دراية تامة بأن للضرورة أحكام، ولذلك قرروا في اجتماع جوان 1959 سد الفراغ الناجم عن استشهاد أعضاء مجلس الولاية السادسة، فعينوا مجلس ولائي جديد ومؤقت، يتكون من شعباني محمد رئيسا لمجلس الولاية، وكل من روينة محمد، الشريف خير الدين، عمر صخري وسليمان سليماني نوابا له مكلفون بمهمة محددة · وهكذا، اختار رؤساء المناطق شعباني محمد، لا لشيء سوى لكونه رجل الظروف الصعبة· وإن المؤرخين المنصفين يقدرون حقيقة هؤلاء المجاهدين الذين كانوا وراء هذا الخيار، فهم فقط من يحسن تقدير مثل هذه الظروف، ويحرص على تجنيب الثورة الفراغ الذي قد تنجر عنه الفوضى، أما هؤلاء الذي كانوا بعيدون عن ساحة الوغى، فلا يمكنهم فهم أو تقدير ذلك · والأجدر بهم أي البعيدون عن ساحة المعركة أن لا يكيلوا التهم دون دليل، فشعباني لم ينتهز هذه الفرصة مثلما قال العقيد، لتقلد منصب قيادة الولاية، فهذا المنصب القيادي كان ثمرة مسار ثوري، ولم يكن أبدا نتيجة لعمل انتهازي، لأن الثورة عمل ديناميكي · وللعلم فإن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وافقت على اختيار قادة المناطق، وعينت أعضاء هذا المجلس بناء على اقتراح من وزير الدفاع المرحوم كريم بلقاسم (أحد الرموز الخالدة للجزائر المقاتلة) وذلك وفق المادة 22 من قوانين المؤسسات المؤقتة للدولة الجزائرية، التي تخول للحكومة المؤقتة تعيين الضباط السامين وأعضاء قيادة الأركان ورؤساء البعثات الخارجية، كما تعين المرشحين لمناصب المسؤولية · وهذا يتناقض أيضا مع تصريحات العقيد التي تذهب فيها إلى أن العقيد بومدين هو الذي عين العقيد شعباني، فالتعيين كان بموجب المادة الأنفة الذكر، وليس من قبل شخص أنهى مهامه المرحوم بن خدة بصفته رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، كما أنهى مهام أعضاء قيادة الأركان ((EMG و على رأسها بومدين، والوثائق موجودة على مستوى الأرشيف الوطني · أما فيما يخص منطقة الجنوب الكبير، والتي كانت، أحد رهانات الاستقلال، فنظرا لأهميتها أرسلت قيادة الولاية الخامسة، التي كانت قد استقرت بالمغرب (وجدة)، وبالاتفاق مع قيادة الأركان والحكومة المؤقتة، مجموعة من الضباط لتنظيم المقاومة فيها، وفك الخناق عن الولاية السادسة، التي عانت من أهوال بلونيس واللفيف الأجـــنبي، خـــاصة من تلك المجـــموعة المسمــــــاة >سرب كــــــلاب الأب الأســـــــود
ْ Meute de Papa Noizèa ، التي حاربت >الشلوح< بالمغرب، وكانت هذه الفرقة تتكون من الضباط التالية أسماؤهم:(2 ) 1 - عبد العزيز بوتفليقة: قائدا سياسيا وعسكريا 2 - عبد الله بلهوشات: مساعدا عسكريا 3 - دراية أحمد: مساعدا مكلفا بالاتصالات 4 - عيساني: مساعدا مكلفا بالتمويل 5 - مساعدية: مساعدا ومحافظا سياسيا 6 - موفق بودية نور الدين: مساعدا مكلفا بمراكز التدريب ولمزيد من التفاصيل وما دام العقيد يملك الخط الهاتفي المباشر لعبدقة (Abdeka) كما ناداه مؤخرا، فهذا الأخير يمكن أن ينير المؤرخين عن هذه الصفحة من تاريخ الجزائر، لأنه كان أحد الفاعلين في هذه الحقبة، حين كان العقيد في السجن · '' رهـان الصحـراء '' ويجرنا الحديث عن الولاية السادسة لتوضيح أهمية قضية الصحراء في حد ذاتها، وتبيان خطورة إخماد المقاومة فيها، لأن ذلك كان من أهم أغراض الاستعمار ليتسنى له الاستحواذ عليها، والمتفحص للمرجع الخاص بفصل الصحراء سوف تكتشف بأن تصريح ديغول ليوم 16/12/1959 الذي اقترح فيه على جبهة التحرير الوطني إجراء استفتاء بعد وقف دائم لإطلاق النار من أجل تقرير المصير، يستثني فيه أقاليم الصحراء، التي ستحتفظ بها فرنسا إذا ما اختار الجزائريون الاستقلال · كما أن الحكومة الفرنسية عبّرت عن هذه النوايا، وكشفت عن أهدافها من وراء ذلك، في جريدة البرلمان الفرنسي التي جاء فيها: >إن الصحراء هي الضامن لإستقلالنا الطاقوي· فهذه الأرض غنية بالغاز الطبيعي والبترول وهي كفيلة بضمان الاستقلال الطاقوي للأمم الغربية لقارتنا، وإذا مـــا تخلّت فرنسا عن الصحراء لصالح جبهة التحرير، فهذا يساوي الحكم بالإعدام على فرنسا مثلما خلصت إليه هذه الجريدة <· وهذا ما يفسر، لماذا جرت العديد من المحاولات لعزل الولاية السادسة من أجل منحها صفة الشريك الممتاز، كما تؤكد وثيقة فصل هذا الإقليم الكبير عن باقي الجزائر، ولكن مجلس الولاية السادسة الذي كان يرأسه محمد شعباني تفطن لهذا المخطط الخبيث، وندد بكافة محاولات الحكومة الفرنسية، بما في ذلك تلك التي كانت تهدف إلى جعل بني ميزاب شبه تجمع صغير مستقل ذاتيا على رأسه الشيخ بيوض، أي أنها كانت أيضا تسعى لإيجاد طائفة ذات امتيازات ! وإمعانا في هذا المخطط الاستعماري قررت فرنسا إنشاء وزارة صحراوية تحت إمّرة >ماكس لو جين )Max le Jeune < ، بميزانية خاصة، وذات شخصية معنوية، وغير تابعة للحاكم العام · وهذا ما بينه الجنرال ديغول من قوله: >يجب القول بأن استغلال البترول يجب أن يكون خاضعا لصلاحيات فرنسا، وأن مصالح الغرب مرتبطة بقوة باستغلال البترول، ولذلك يجب أن نبعدها عن أي تنازل سياسي، حتى ولو تحملنا من أجل ذلك أكبر عدد من الصعوبات < فهذا التصريح يكشف عن أهمية هذا الرهان، وعليه، فإن المنطق يقتضي من القيادة السياسية لجبهة التحرير تدعيم المقاومة في الجنوب، وهذا ما تم فيما بين 1959 و.1961 ولذلك طرح كل من جبهة التحرير وجيش التحرير مشروع الولاية السابعة بهدف إفشال المخطط الفرنسي الرامي إلى إنشاء دولة صحراوية تشمل كافة البلدان الواقعة تحت الاحتلال الفرنسي مثل المالي · ومن هنا، يعتبر حل الولاية السادسة، كما أشار العقيد، يصبّ في مصلحة الاستعمار، وهو ما لا يمكن أن توافق عليه الثورة، ولو من باب المقتضيات التكتيكية للمرحلة · '' المســار المشبوه '' إذا كان لا بد من ذكر المسار >الثوري<، فلا بد أن نذكّر القارىء أولا بانتماء العقيد للعائلة التي تعرف بعائلة جواد، وهي التي أمدت فرنسا، على الدوام، برجال ارتدوا بدلاتها العسكرية، ويعتبر والد العقيد مثالا صارخا لهؤلاء الذين قدّموا خدمات جليلة لفرنسا · النقطة الثانية التي يجب التأكيد عليها، ليعلم القارىء مدى أهلية العقيد لإصدار الأحكام على رجالات الثورة الجزائرية، هو محدودية مساره >الجهادي< في الزمان (12 شهرا) وفي المكان (تنس، مليانة بالولاية الرابعة) وهو مسار كما يخوله لمعرفة ما جرى فعلا بالولاية السادسة، حتى يؤكد خبر حلّها · نحن نعلم أنّ العقيد قد خدم تحت راية الاحتلال بصفته عسكري متطوع في الجيش الفرنسي منذ سنة 1948 وأنه تحصل على الجنسية الفرنسية، وحارب إلى جانبها ضد الفيتنام فيما بين 1949 ـ ,1952 وعاد بعد ذلك إلى الجزائر برتبة رقيب (سرجان )· وبعد فترة تكوين بمدرسة الضباط بسان مكسنت >Saint Maixent< بفرنسا رقي إلى رتبة ملازم، وفي عام 1957 عين قائدا لمركز أولاد مريم بسور الغزلان، ثم التحقتم بالثورة، والله وحده يعلم هل كان الغيض هو الدافع لإقدامه على ذلك أم كان إستراتيجية ما؟!· (3 ) غداة فراره من الجيش الفرنسي أسند له جيش التحرير منطقة تنس ـ مليانة بالولاية الرابعة مثلما يروي لنا التاريخ، وبعد إثنى عشرة شهرا التحق بجيش الحدود (1958) ليعود إلى ذات الولاية خلال صائفة 1960 لإنجاز مهمة بعينها (اعتبرها شخصيا غير مشرفة) غير أن توقيفه في 23 أكتوبر1960 برفقة المجاهد فلاح قد وضع حدا لمساره كـ: >متآمر< في أوساط جيش التحرير الوطني · ومن الصعب على المتتبع أن يفهم لماذا اغتيل الشهيد والبطل فلاح، رميا بالرصاص من مسافة قريبة، وقبل ذلك بسنة (1959) حظي الرائد الشهيد عمر ادريس بنفس الشرف الذي ناله البطل المحظوظ فلاح، أما العقيد فقد محاكمة من محاكمة أبقته على >قيد الحياة< داخل السجن إلى غاية الاستقلال؟ ! ولم يصبح خافيا على أحد أن المسافة الزمنية بين المحاكمة بالمدية والسجن في فرنسا لم تكن من دون مهام، فقد تم تحويله مباشرة إلى فرنسا بقرار من وزير العدل >إدموند ميشليه Edmond Michelet< بطلب من الإليزيه · والسؤال الذي يتبادر للذهن هو هل يمكن أن يكون انتماء العقيد لعائلة مقربة من فرنسا منذ عقود من الزمن مبررا كافيا لمثل هذا >الإجراء رحيم<؟· أم أن الأمر يخفي أشياء أخرى؟· فبعد يوم من إلقاء القبض عليه دق >24 أكتوبر< ناقوس الخطر من خلال توجيهكم للبرقية التالية إلى رئيس الحكومة المؤقتة فرحات عباس تقولون فيها: >إن جيش التحرير أصبح معزولا، ومحروما من التموين والعتاد، وأن الشعب يطالب بإلحاح بالسلم<؟ ! كما أنتقد العقيد زيارته (بن خدة) الأخيرة إلى بيكين وموسكو بقوله: نحن نقف بكل قوة ضد الغزو الشيوعي··· قف·· وأطلب منكم للمرة الأخيرة وباسم جيش التحرير الوطني والشعب أن تستأ نفوا فورا المفاوضات مع الحكومة الفرنسية من أجل إيجاد حل سريع للمأساة الجزائرية··· قف·· وبوصفها ولاية نموذجية، فإن الولاية الرابعة ستتكفل بتأسيس هيئة عليا داخل التراب الوطني تتولى المفاوضات مع الجنرال ديغول حول مستقبل الجزائر···قف·· وأكرر للمرة الثانية أن ضميري هو الذي دفعني لتبني هذه اللهجة، وأخشى أنكم تجهلون تماما ما يجري داخل الجزائر؛ فعليكم إذن باتخاذ القرار قبل فوات الأوان، وفي حالة العكس فأنني لن أتحمل أية مسؤولية عما قد ينجر عن ذلك <· فهذا الاقتراح الصادر عن أحد المقربين من بومدين يذكرنا بمحاولة سي صالح (العقيد زعموم) التي سبقت هذا التصريح بأربعة شهور، ورفضتها حينها قيادة جبهة التحرير · و لن نجد مثل الرائد بورقعة الثوري الأصيل بالولاية الرابعة ومساعد قائد الولاية منْ يفسر لنا مثل هذه التصريحات، وذلك من خلال تقديمه تعريفا دقيقا عن شخص العقيد، فهو يرسم في كتابه >شاهد على اغتيال ثورة< في الصفحة 126 صورة مثيرة لشخصيته كمبعوث لقيادة الأركان العامة إلى الولاية الرابعة في شهر جوان 1962 رفقة قايد أحمد فيقول: >القدر الذي كان فيه قايد أحمد صريحا وشجاعا ويعرف ماذا يريد، بالقدر نفسه كان ابن الشريف ماكرا وكذابا ومخادعا ومتاجرا، فضلا عن صفة الحماقة الممزوجة بانعدام الشجاعة لديه >········< فقدا كان الفار الوحيد من الجيش الفرنسي (AF) الذي تقلد منصب عضو المجلس الوطني للثورة الجزائرية ·(NRA) ولإلقاء الضوء على شخصية العقيد مرة أخرى يمكن الرجوع إلى كتاب الجنرال >موريس فافر Faivre مكيْفح< المعنون >الأرشيف غير المنشور للسياسة الجزائرية 1962/1958 <>

5 - أنظر إلى المسار كما تظهره الخريطة المرفقة

ليست هناك تعليقات: